الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[خطبة في التعرف إلى الله بالأعمال الصالحة]
4 -
خطبة في التعرف إلى الله بالأعمال الصالحة الحمد لله الذي جعل الأعمال الصالحة سببا لحصول الخيرات، ومنقذة من الهلكات والشدات.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الأسماء والصفات.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أفضل المخلوقات. اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه أولى الفضائل والكرامات.
أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله تعالى وتعرفوا إليه بالأعمال الصالحة في حال الرخاء يعرفكم في الشدة، وقوموا بحقوق ربكم في كل حال ينقذكم من كل مشقة، فقد قال الله تعالى في ذكر السبب الذي أنقذ به يونس عليه السلام من بطن الحوت إذ نادى وهو مكظوم:{فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ - لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الصافات: 143 - 144] وقال صلى الله عليه وسلم: «دعوة أخي ذي النون ما دعا بها مكروب إلا فرج الله كربته: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87] » ،
قال تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 88] وقد قال يوسف عليه السلام، حيث أزال الله عنه المكاره والمشقات، وأوصله إلى الخير العاجل والعز والتمكين، وجمع له بين خير الدنيا وخير الدين:{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 90] وقال موسى عليه السلام لقومه: {اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128] فلما امتثلوا أمره واستعانوا بالله وصبروا قال الله مخبرا عما إليه وصلوا: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا} [الأعراف: 137] وقال تعالى مذكرا للمؤمنين حالهم مع نبيهم عليه الصلاة والسلام بعد الشدائد والاضطهاد وإبدالها بالخير والسكون: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الأنفال: 26] وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أصحاب الغار الذين انطبقت عليهم الصخرة العظيمة فسدت عليهم باب الغار، فتوسلوا بأعمالهم الصالحة إلى الملك الغفار، فأحدهم توسل ببره الكامل لأبويه، والثاني بعفته العظيمة حين ترك محبوبه مع القدرة عليه، والثالث بالوفاء بالمعاملة الذي لا نظير له فيقاس عليه، ففرج الله
عنهم بهذه المقدمات الطيبة حين لجؤا إليه. وقال صلى الله عليه وسلم: «تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة» . فمن حفظ الله في حال الصحة والقوة والشباب حفظه الله في كبره وأحسن له الخاتمة والمآب. فكم لله على المحسنين من فضل عظيم، وكم له على المطيعين من ألطاف وخير جسيم.