الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[خطبة في أن الجزاء من جنس العمل وأسباب شرح الصدر]
5 -
خطبة في أن الجزاء من جنس العمل وأسباب شرح الصدر الحمد لله الذي شرح صدور الموفقين بألطاف بره وآلائه، ونور بصائرهم بمشاهدة حكم شرعه وبديع صنعه ومحكم آياته، وألهمهم كلمة التقوى، وكانوا أحق بها وأهلها، فسبحانه من إله عظيم، وتبارك من رب واسع كريم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، في أسمائه، وصفاته، وأفعاله، وخيراته، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أشرف رسله وخير برياته، اللهم صل وسلم وبارك على محمد وعلى آله وأصحابه في غدوات الدهر وروحاته.
أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن سعادة الدنيا والآخرة بصلاح القلوب وانشراحها، وزوال همومها وغمومها وأتراحها، فألزموا طاعة الله، وطاعة رسوله، تدركوا هذا المطلوب، واذكروا الله كثيرا، ألا بذكر الله تطمئن القلوب. أما علمتم أن الإقبال على الله - رغبة ورهبة وإنابة - في جميع النوائب والحالات أعظم الأسباب لانشراح الصدور وطمأنينة النفوس وإدراك الغايات؟ وأن الإعراض عن الله والانكباب على
الشهوات نار تلظى في القلوب، وخسران وحسرات؟ وأن السعي في طلب العلم النافع مع النية الصادقة من أكبر الطاعات، وبه تزول التبعات والجهالات، والأمور المعضلات؟ وأن تنوع العبد في السعي في نفع المخلوقين في قوله وفعله وماله وجاهه يصلح الله به أموره في الدنيا والدين؟ ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن تواضع لله رفعه، ومن تكبر عليه أو على الخلق وضعه، ومن عفى وسامح سامحه الله، ومن استقضى استقضى الله عليه، ومن تتبع عورات المسلمين تتبع الله عورته وفضحه، ومن تورع عن عيوب الخلق كف الله عن عرضه، ومن تقرب إلى الله، تقرب الله منه، ومن أعرض عن الله، أعرض الله عنه، والجزاء من جنس العمل، وما ربك بظلام للعبيد. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] إلى قوله: {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: 11]