الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[خطبة حين حل الجراد على الناس واجتاح كثير من أثمارهم]
16 -
خطبة حين حل الجراد على الناس واجتاح كثير من أثمارهم الحمد لله الذي يبتلى عباده بالسراء والضراء، ويختبرهم في المنع والعطاء، وله الحكمة والرحمة فيما قدر وقضى.
وأشهد أن لا إله إلا الله الذي لا ترفع الشكوى إلا إليه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى، وخليله المرتضى. اللهم صل وسلم على محمد، وعلى آله وأصحابه الأتقياء.
أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله تعالى وكونوا لنعمائه شاكرين، ولابتلائه واختباره صابرين محتسبين، فإن الله قضى أن يبتلي عباده فيما يحبون ويكرهون، لينظر كيف يعملون، هل يصبرون أو يجزعون. قال تعالى:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ - الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ - أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 155 - 157]
فأخبر أنه لا بد أن يبتلي عباده بشيء من هذه المذكورات، ووعد الصابرين بالرحمة والهدى والصلوات، فله الحكمة التامة والرحمة السابغة في تقديره المصيبات.
انظروا إلى هذا الجند الضعيف، كيف يستبد بأرزاق الآدميين والبهائم؟ ليعرف العباد فقرهم إلى ربهم، وضعفهم عن هذا الجند الغاشم، فليس له سوى لطف الكريم بدافع ومقاوم، ومع ذلك على كثرته لو سلط لضرهم ضررا كبيرا، ولكن الله لطف وخفف، فكان الضرر يسيرا، فلئن أتلف كثيرا من الخضر والثمار، فلقد بقى للعباد خير كثير ونعم غزار، ومع ذلك فليبشر الصابرون المحتسبون بالثواب الآجل والخلف العاجل، وبالبر والإحسان والخير المتواصل، وليتضرعوا إلى ربهم في دفع المكاره والنوازل، وليتوبوا إليه من جميع الذنوب، ويلجأوا في أمورهم كلها إلى علام الغيوب. قال تعالى:{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: 41] وقال: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30]
اللهم يا ذا الجلال والإكرام، يا بديع السماوات والأرض، يا حي يا قيوم، خذ بأفواه هذا الجند عن معائشنا، ولا تكلنا إلى
حولنا وقوتنا، فإنا فقراء عاجزون، محتاجون إلى دفعه ومضطرون.
اللهم ادفع عنا من البلاء ما لا يدفعه سواك، فإنا لا نستعين بغيرك ولا نرجو إلا إياك.
اللهم اجبر مصيبة من أصيب بشيء من الخضر والثمار، وتفضل عليه بالخلف العاجل والخير المدرار.
اللهم بارك لنا في أموالنا، وحروثنا وثمارنا، وبارك لنا في أعمالنا وأولادنا وأعمارنا.
اللهم أغدق علينا من كرمك العميم، وأسبغ علينا من فضلك العظيم، يا جواد يا كريم.