الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[خطبة في كل معروف صدقة]
28 -
خطبة في كل معروف صدقة الحمد لله المعروف بالخير والكرم، والامتنان المجازي البر بالبر، وعلى الإحسان بالإحسان، وأشهد أن لا إله إلا الله الرحيم الرحمن، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد الرسل وخلاصة الإنسان، اللهم صل وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان.
أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن مدار التقوى على فعل الخير واجتناب الشر والفساد، وعلى إخلاص الدين للمولى والإحسان إلى العباد، فلقد قال من أعطى جوامع الكلام:«كل معروف صدقة» فيالها من كلمة عظيمة جامعة للخيرات، وياله من كلام بليغ محيط بأصناف البر والبركات، فكما دخل في هذا الإحسان الديني يدخل فيه الإحسان الدنيوي، وكما يدخل فيه المعروف بالجاه والمقال، يدخل فيه المعاونات البدنية والإحسان بالمال، ويتناول المعروف إلى الصاحب والقريب، والمعروف إلى العدو والبعيد، فمن علم غيره علما أو أهدى له نصحا فقد تصدق عليه، ومن نبهه على
مصلحة دينية أو دنيوية أو حذره من مضرة فقد أحسن إليه.
أيها العبد لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق، وتباشر جليسك بالبشاشة وحسن الخلق، ولو أن تفرغ الدلو للمستقي والمتوضي، ولو أن تعطي صلة الحبل وتعير الإناء للمستجدي، وكلما كانت العارية أنفع كان أجرها أفضل، ومن المعروف إماطة الأذى عن الطريق، وعزل العظم والشوكة وجميع ما يؤذي، ومن المعروف هداية الأعمى في المساجد والطرق وهداية الحيران، وأن تسمع الأصم وتطعم الجائع وتسقي الظمآن، وتغيث المكروب واللهفان، ومن المعروف إعانة أصحاب الحوائج من الأقارب والأباعد والجيران، والعفو عمن ظلمك ومقابلة الإساءة بالإحسان، ومن المعروف الدعوة إلى طعام أو قهوة أو شراب، للأغنياء والفقراء والبعداء والأقراب، وسماحك لمن ينتفع بشيء من ملكك من ماشية ونخل وأشجار، بلبن أو خوص أو حطب أو ثمار، وإعانة المسلم بكتابة وعمل صنعة ونقل متاع، ومن المعروف بذل الفضل في المعاملات والمحاباة فيها فما شيء يترك ثوابه ولا يضاع، ومن المعروف الإحسان إلى المماليك من الآدميين وسائر الحيوانات، ففي كل كبد حراء أجر واكتساب للخيرات، ومن المعروف أن
تبذل لغيرك دواء نافعا أو تباشره بطب أو تصف له حمية أو دواء ناجعا، فكلما أوصلته إلى الخلق من البر والإحسان والتكريم، فأنه داخل في خطاب النبي الكريم، {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} [المزمل: 20] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.