الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[خطبة في فضيلة الذكر]
19 -
خطبة في فضيلة الذكر الحمد لله الذي أعطى الذاكرين ما لم يعط أحدا من العالمين، ورفع لهم المنازل العالية، وجعلهم صفوة المؤمنين، وأشهد أن لا إله إلا هو ولا ضد ولا معين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل الذاكرين، اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعهم إلى يوم الدين.
أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واستعينوا على ذلك بذكر الملك العظيم، فإن ذكره يوصل العبد إلى كل خير جسيم، وينجيه من العذاب الأليم، فبذكر الله تطمئن القلوب، وتزول المكاره والكروب، أما علمتم أن من ذكر الله في نفسه ذكره الله في نفسه؟ ومن ذكره في ملأ ذكره في ملأ خير منهم، في حضرة قدسه، وأن الذاكرين الله كثيرا والذاكرات هم المفردون، وأنهم إلى كل خير وكرامة ونعمة سابقون، فذكر الله مجلبة للغنى وأنواع الفوائد مطردة للهم والغم والأنكاد والشدائد، أما سمعتم أن الإكثار من ذكر الله خير لكم من إنفاق الذهب والفضة والجهاد، وما شرعت العبادات كلها إلا لإقامة ذكر رب العباد، وأن الجنة
طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان، وغراسها العمل الصالح والإكثار من ذكر الملك الديان، فمن قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، غرس له بكل واحدة شجرة في رياض الجنان، ومن أكثر من ذكر الله غفرت له الذنوب وجبر ما فيه من نقصان، فيا فوز الذاكرين بمحبة الله في الدنيا وذوق حلاوة الإيمان، ويا سعادتهم يوم لقائه حين يحل عليهم الكرامة والرضوان، ويا غبطتهم في قبورهم حين يفترشون الروح والريحان، ويا فرحهم حين تتلقاهم الملائكة مهنئين لهم بالخير والكرامات والإحسان، ويا خسارة الغافلين ماذا فاتهم من النعم والسرور؟ وماذا حصل لهم من العقوبات والشرور؟ لقد حرموا خير الدنيا والآخرة، وباءوا بالخيبة والحسرة والصفقة الخاسرة. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون: 9] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.