الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[خطبة في معنى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا]
7 -
خطبة
في معنى
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] الحمد لله الولي الحميد، الواسع المجيد، المطلع على خفايا الأمور وأسرار العبيد.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا نديد، وأشهد أن محمدا عبده المصطفى، ورسوله المقتفى، ونبيه المجتبى. اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله الشرفاء، وأصحابه البررة النجبا، وعلى من بهديه اقتدى.
أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله تعالى، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا - يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70 - 71] لقد أمركم الله في هذه الآية بتقواه وبالقول السديد، ووعدكم على ذلك المغفرة وإصلاح الأحوال والتوفيق والتسديد. فمن اتقاه بفعل الأوامر واجتناب النواهي فقد فاز فوزا عظيما، ومن ضيع تقواه واتبع هواه بغير هدى من الله أعد له عذابا أليما، ومن استقام على التقوى ولزم في منطقه القول السديد هدي إلى الطيب من القول وإلى صراط الحميد. لقد رتب الله على هذين الأمرين خير الدنيا
والآخرة، وأنعم على من قام بهما بالنعم الباطنة والظاهرة. من اتقى الله وأعمل " لسانه بذكر الله، واستعمل الخلق الجميل مع عباد الله جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب. ومن اتقى الله ولزم القول السديد يسره الله لليسرى، وجنبه السوء والعسرى، وغفر له في الآخرة والأولى. {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} [الطلاق: 5] من اتقى الله زاده الله علما وفرقانا، وملأ قلبه طمأنينة إليه وثقة به وأمنا وإيمانا، وأسبغ عليه آلاءه فضلا منه وإحسانا. كيف يكون متقيا لله من أهمل فرائض الله وضيعها، وتجرأ على محارمه وانتهكها؟ كيف يكون متقيا من تجرأ على الربا والغش والبخس وأكل الحرام، وأطلق لسانه في الغيبة والنميمة والكذب والآثام؟ كيف يكون متقيا من لا يخفى له طمع إلا خانه، ومن لا يراعي العهود ويؤدى الأمانة؟ لقد عرضت الأمانة التي هي القيام بحقوق الله وحقوق خلقه على السماوات والأرض والجبال، فأبين أن يحملنها وأشفقن من هذه الحال، وطلبن العافية وتضرعن إلى ذي العظمة والجلال، وحملها الإنسان على ظلمه وجهله، وتلقى ما فيها من الأوامر والأثقال. فمنهم من سعد بحملها وبلغ بالقيام بها الآمال، ومنهم من ضيعها فباء بالخسران والنكال.
أعانني الله وإياكم على القيام بالواجبات والسنن، وهدانا إلى أقوم طريق وأوضح سنن، وأعاذنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن. قال الله تعالى:{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72] إلى آخر السورة.