الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[خطبة في الحث علي إكرام البهائم والنهي عن أذيتها]
14 -
خطبة في الحث علي إكرام البهائم والنهي عن أذيتها الحمد لله الرحيم الرحمن، الملك الكريم الديان.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الملك والربوبية والسلطان، ولا ند له في الألوهية، ولا في الكرم والإحسان، ولا مثل له في كمال العدل، والقسط والميزان، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، المبعوث إلى الإنس والجان. اللهم صل وسلم على محمد، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان.
أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله بالإحسان في عبادته، واحنوا على المخلوقات، واتقوا الظلم فإن الظلم يوم القيامة ظلمات، وارحموا هذه المخلوقات التي سخرها لكم المولى، فمن رحمها وأحسن إليها جوزي بالحسنى، ومن أساء إليها أو عذبها فله عاقبة الشر والسوأى. فقد «أخبر صلى الله عليه وسلم أن امرأة عذبت في هرة حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض» . كما أخبر أن بغيا غفر الله لها جرمها بكلب رحمته فسقته وأنقذته. وقال صلى الله عليه وسلم:«في كل كبد رطبة أجر» .
وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا آجرك الله عليها. فهذه حال من رحم، أو أهان البهائم التي لا ملك له عليها، فكيف ببهائمه التي يجب عليه القيام لها، فخير الناس أحسنهم ملكة وقياما بالواجب، وشرهم سيئ الملكة الذي لا يخشى العواقب.
واشتكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم جمل بأن صاحبه يجيعه ويتعبه، فقال صلى الله عليه وسلم:«ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكى إلي أنك تجيعه وتدئبه» . فكل من أجاع بهائمه وآذاها. فإنها تشتكي إلى ربها وناصرها ومولاها.
وقال صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة، ومن لا يرحم لا يرحم» .
فالسعيد من حنى على هذه البهائم المسخرات، وقام عليها بما عليه من واجب النفقات، والشقي من نزعت الرحمة من قلبه فآذاها وشتمها، وأجاعها وأتعبها بغير حق وظلمها. فمن لعن شيئا من البهائم عادت لعنته عليه، ومن أجاعها أو شق عليها شق الله عليه، ومن رحمها فأكرمها أكرمه ربه وأنعم عليه. فسبحان من أكرم هذا الآدمي وسخر له الأنعام، يتمتع بمنافعها وألبانها ولحومها وظهورها على الدوام. فمن شكر الله على هذه
النعم بارك له فيها وزاده من الخير والإنعام، ومن لم يعترف بنعمة الله فيها سلبها وخلت عليه الآلام.
أوزعنا الله وإياكم شكر أياديه، ومن علينا بالاعتراف بها بالقلب واللسان، واستعمالها في مراضيه، وعافانا من حال من كفر بنعم الله وجحد آلاء الله فحل به البوار، ووقع في الخيبة والخسار، إنه كريم رحيم غفار.