الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[خطبة في الحث علي الإحسان]
بمناسبة الجدب الذي ضر البوادي وتلفت به أموالهم الحمد لله الذي وعد المنفقين أجرا عظيما وخلفا، وأوعد الممسكين لأموالهم عن الخير عطبا وتلفا. وأشهد أن لا إله إلا هو الملك الجواد، الرءوف بالعباد. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أفضل الرسل وخلاصة العباد، اللهم صل وسلم وبارك على محمد، وعلى آله وأصحابه، أولي الفضل والعلم والانقياد.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله حق تقواه، وارحموا عباده تفوزوا بثوابه ورضاه، قال تعالى:{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39]{وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} [المزمل: 20] وقال صلى الله عليه وسلم: «ينزل كل صباح يوم ملكان يقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا» .
أيها الغني الذي عنده فضل من رزقه وماله: عد على أخيك
المعدم وترفق لحاله، فالراحمون يرحمهم الرحمن. «ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» ارحموا إخوانكم الذين تلفت مواشيهم وقلت أموالهم، ارحموا عبادا اختلت أمورهم وتضعضعت أحوالهم، ارحموا أناسا كانوا بالأمس أغنياء واجدين، فأصبحوا من كل ما يملكونه معدمين، ارحموا أناسا أصابهم الجهد والفقر والضراء يرحمكم الرحمن في حالة السراء والضراء. أيها المؤمنون: ألا تثقون بوعد من لا يخلف الميعاد، ومن ليس لخيره وفضله نقص ولا نفاد، فإن الله وعد على الإنفاق الأجر ومضاعفة الثواب، ومدافعة البلايا والنقم والعذاب والخلف العاجل في المال والبركة في الأعمال، ووعد بفتح أبواب الرزق وصلاح الأحوال، فكونوا بوعده واثقين، وببره ومعروفه طامعين، فالقليل من الإنفاق مع النية الصالحة يكون كثيرا، وينيل الله لصاحبه مغفرة وأجرا كبيرا، قال صلى الله عليه وسلم:«من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب - ولا يقبل الله إلا الطيب - فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لأحدكم، كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل العظيم، واتقوا النار ولو بشق تمرة» . ليتصدق أحدكم من درهمه من ديناره من صاع بره من صاع شعيره. كيف يشبع أحدنا وأخوه المسلم جائع؟! كيف يتقلب أحدنا في نعيم
الدنيا وأخوه معدم فاقد؟! أين أهل الرحمة والشفقة؟ وأين من يقتحم العقبة؟ {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ - فَكُّ رَقَبَةٍ - أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ - يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ - أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 12 - 16] لقد قست قلوبنا فما ينفع فيها وعظ ولا تذكير، ولقد قلت رغبتنا في الخير فما يؤثر فيها تشويق ولا تحذير، أين نحن من أهل الصدقة والإحسان؟! الذين حنوا بما في قلوبهم من الرحمة على نوع الإنسان! يسارعون إلى الخيرات وإخراج المخبوءات! ويفرحون بالمال الذي يدفعون به الحاجات والضرورات، ويتقربون بذلك إلى رب السماوات، أولئك الذين يظلهم الله في ظله الظليل، وأولئك الذين حازوا الأجر والثواب الجزيل، وسلموا من العقاب والعذاب الوبيل، فليبشروا بالخلف العاجل من المولى الجليل، وبالبركة في أعمالهم، وأعمارهم وأرزاقهم، والخير الجميل، {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ - لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: 29 - 30] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.