الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[خطبة في التوحيد]
62 -
خطبة في التوحيد الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهار، العزيز الغفار، مكور النهار على الليل والليل على النهار، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، سيد الرسل وإمام الأبرار، اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه الأطهار.
أما بعد: أيها الناس، {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ - الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 21 - 22] من الذي أوجدكم من العدم؟ وغمركم بسوابغ النعم؟ من الذي صرف عنكم المكاره والمضار والنقم؟ من الذي أعطاكم العقول والأسماع والأبصار؟ من الذي سخر لكم الليل والنهار؟ من الذي فلق الحب عن الزروع وعن الأشجار وعن النوى؟ من الذي أحيا الأرض بعد موتها بما أنزل عليها من غيث السماء؟ من الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء؟ من الذي أمسك السماوات
والأرض عن الزوال؟ من الذي أحكم خلقها وأحسن نظامهما فلا يرى فيها خلل ولا إخلال؟ من الذي فجر الأرض بالأنهار والعيون. وأخرج الثمار اللذيذة والفواكه الشهية من يابس الغصون؟ أما ذلك إبداع من يقول للشيء: كن فيكون؟ من الذي خلق المخلوقات فعدلها وأحسنها وسوى، وقدر أقدارا وإليها وجه أهلها وهدى؟ من الذي خلق السماء وبناها؟ ورفع سمكها فسواها؟ وأغطش ليلها وأخرج ضحاها؟ والأرض بذلك دحاها؟ أخرج منها ماءها ومرعاها؟ والجبال أرساها متاع لكم ولإنعامكم؟ فجعل ملكا عظيما، وربا وإلها، إله قامت البراهين القاطعة على وحدانيته، وشهدت الموجودات ببديع حكمته، وسعة علمه ورحمته، وخلق المكلفين لعبادته ومعرفته، فقوموا رحمكم الله، بما خلقتم له، فإنكم عن ذلك مسئولون، واستعدوا للقاء ربكم فإنكم إليه راجعون، وخذوا ما استطعتم من الباقيات الصالحات. وتوبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم السيئات، ويدخلكم جنات تجري من تحتط الأنهار فيها المساكن الطيبات. أما ترون الله يتابع عليكم نعه لتشكروه؟ ويذكركم بآلائه لتعرفوه وتذكروه!! ألا بذكر الله تطمئن القلوب، وبذكره تغفر الخطايا ويحصل كل مطلوب، من
أقبل على ربه وتقرب إليه تلقاه، ومن استعان به وتوكل عليه كفاه، ومن رجع إليه في أموره كلها لطف به وتولاه مولاه، ومن تعرف إليه في الرخاء عرفه في الشدة، ومن قام بتقواه جعل له فرجا ومخرجا من كل مشقة. فسبحان من فتح لعباده من رحمته كل باب. ويسر لهم الوسائل إلى الخيرات والأسباب. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.