الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[خطبة فيها آداب الشرع في السلام والتحية وغيرها]
41 -
خطبة فيها آداب الشرع في السلام والتحية وغيرها الحمد لله الذي جعل الأدب الشرعي عنوان التوفيق، وهدى من شاء من خلقه لأقوم طريق، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة مبنية على الإخلاص والمحبة والتحقيق، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الذي أخرج الله به المؤمنين من الكربات والظلمات والضيق، اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه أولي الفضائل والسوابق والتوفيق.
أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن الآداب الشرعية أفضل الآداب، فاسلكوا سبلها لتحظوا من ربكم بجزيل الثواب، ألا وإن أصل الأدب مراقبة الله في السر والعلانية، والقيام بحقوقه وحقوق خلقه بنية وهمة عالية، فقد قال صلى الله عليه وسلم:«حق المسلم على المسلم ست بالمعروف: يسلم عليه إذا لقيه، ويجيبه إذا دعاه، ويشمته إذا عطس، ويعوده إذا مرض، ويشهد جنازته إذا مات، ويحب له ما يحب لنفسه» «إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام» «إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه
فليسلم عليه» «والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا دلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم» واعلموا أن السلام الشرعي بالمشافهة والمكاتبة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فاستبدل به الجهال الذين لا يعرفون قدر الآداب الشرعية ألفاظا استحسنوها وهي غير مرضية، فأين هذه الألفاظ التي لا فائدة فيها أصلا من تحية المسلمين التي تجمع أكمل الدعاء وأنفع الخير والثناء، وليسلم الراكب على الماشي، والقليل على الكثير، والصغير على الكبير، والماشي على الجالس، وإذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله، وليقل سامعه: يرحمك الله، فإذا قال ذلك فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم، فإن حمد الله فشمتوه، وإن لم يحمد الله فلا تشمتوه، وقال صلى الله عليه وسلم:«لا خير في الجلوس في الطرقات» أي التي لا بيع فيها ولا شراء إلا لمن هدى السبيل، ورد التحية، وغض البصر، وأعان على الحمولة، ولم يؤذ الناس ولم يتتبع عوراتهم ويشتغل بالتفتيش عن أحوالهم، فإن من تتبع عورات المسلمين تتبع الله عورته وفضحه بين العباد وأظهر للناس عيوبه التي كان يخفيها، ومن تغافل عن عيوب الناس وأمسك لسانه عن تتبع أحوالهم التي لا يحبون
إظهارها سلم دينه وعرضه، وألقى الله محبته في قلوب العباد وستر الله عورته، فإن الجزاء من جنس العمل، وما ربك بظلام للعبيد. {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.