الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[خطبة في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم]
23 -
خطبة في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى والعلم واليقين، وأيده بالأدلة القواطع والبراهين، وجعله هدى ورحمة للعالمين.
وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، إمام المتقين وأشرف المرسلين. اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله بمعرفة الحق واتباعه، ومعرفة الباطل واجتنابه. فإن الله أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة لجميع العالمين، وهدى لجميع المتقين. أرسله بكل علم نافع، ودليل صادق، وهدى نافع. علم به الجهالة، وهدى به من الضلالة. ما بقى علم من أصول الدين وفروعه إلا بينه، ولا قاعدة وأصلا من علوم الكون إلا أسسه وأصله. فالعلم الصحيح ما قام عليه الدليل، والنافع من العلوم والمعارف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. شريعته الكاملة هيمنت على جميع الشرائع السابقة وتممتها، وسنته وضحت أمور الدين والدنيا وبينتها. فهي في غاية العدل والحسن لقوم يعقلون. {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50]
فأحكامه في العبادات والمعاملات أحسن الأحكام، حكم بأن كل طيب حلال نافع، وكل خبيث فهو مضر حرام. وقد احتضنت علومه وشريعته كل علم وعمل نافع صحيح، وأتت بما يوافق العقول الصحيحة والفطر المستقيمة. فلم يأت ولن يأت علم صحيح ينافي ما جاء به الرسول، بل جميعها تشهد له بالحق والصدق. وكلها تعترف له بالكمال والفضل والسبق.
فالعقول تهتدي وتقتدي بأقواله وأفعاله، وتعترف بافتقارها إليه في كل أحواله. فهو صلى الله عليه وسلم أعظم الخلق حلما وصبرا. وأكثرهم عفوا عن الخلق وصفحا، وأجمعهم لجميع المحاسن والكمالات، وأكرمهم في الخير والمعروف وبذل الهبات. وهو الذي جمع الكرم والإحسان بعلمه وعمله وحاله ومآله، وهو الذي أرشد العباد للحق في جميع أحواله، وبذلك ملأ قلوب أمته رحمة وبرا وإحسانا، وأوصلهم إلى الفلاح والسعادة سرا وإعلانا. لم يبق شيء من الخير إلا علمهم به ودلهم عليه، ولا من الشر إلا حذرهم منه. دلهم على مكارم الأخلاق وحذرهم من الكريهات، وأحب لهم البصيرة النافذة عند حلول الشبهات، واستعمال العقل الكامل عند ورود الشهوات. والشجاعة في كل شيء، ولو على قتل المؤذيات، والسماحة ولو بكف من تمرات.