الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[خطبة في عمل اليوم والليلة]
37 -
خطبة في عمل اليوم والليلة الحمد لله الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فما أعظمه ربا وملكا قديرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أرسله إلى جميع الثقلين بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، اللهم صل على محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن الله تعالى جعل الأوقات والشهور تتكرر على العباد لتقوم وظائف الطاعات، وتنشط النفوس على الخيرات، لما مضت الأشهر الثلاثة الكرام، أولها رجب وآخرها شهر الصيام، أعقبها بالشهور الثلاثة شهور الحج إلى بيته الحرام، فكما أن من صام رمضان وقام غفرت له جميع الذنوب والآثام فمن حج البيت أو اعتمر غفرت ذنوبه فضلا من الملك العلام، فما يمضي على المؤمن وقت من الأوقات، إلا ولله عليه وظيفة من وظائف الطاعات، فإذا قام بها ووفاها كان من الذاكرين الله كثيرا
والذاكرات، المعد لهم المنازل العالية الطيبات، أليس من أجل نعمه على العباد أن جعل الليل والنهار يتناوبان كلما ذهب أحدهما خلفه الآخر؟ لإنهاض همم العاملين إلى الخيرات، فمن فاته الورد بالليل استدركه بالنهار، ومن فاته بالنهار استدركه بالليل على مدى الأوقات، ألا وإن شجرة الإيمان قد غرسها الله في قلوب المؤمنين، ورتب العبادات على اختلافها لتنميتها وتكميلها في كل وقت وحين، فلولا أعمال اليوم والليلة لذوى غرس الإيمان، فإليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفع ذلك إلى الملك الديان، فلقد سبق المفردون الذين لا تزال ألسنتهم تلهج بذكر الله إلى جنات النعيم، ولقد فاز المسارعون إلى الخيرات برفعة الدرجات والقرب من الرب الكريم، فيا ويح المعرضين عن ربهم ما أشد خسارهم وأشقاهم، ويا ندامة الغافلين لقد انفرطت أمور دينهم ودنياهم، فوالله إن ذكر الله لحياة الأرواح والقلوب، وإن القيام بخدمته ليوصل العبد إلى أجل مطلوب. أعانني الله وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته، ووقانا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا بلطفه ورعايته. {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} [الحشر: 19] الآية. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.