الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[خطبة في معرفة الله]
61 -
خطبة في معرفة الله الحمد لله الولي الحميد، المبدىء المعيد، الفعال لما يريد، الذي تفرد بكل كمال وجلال وجمال، فهو الغني المجيد، وتوحد بالألوهية والربوبية، فلا ضد له في ذلك ولا نديد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ذو الجلال في عظمته وكبريائه، وأوصاف التمجيد، وذو الإكرام الذي ملأت مهابته ومحبته قلوب صفوة العبيد، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي هدى أمته إلى كل فعل جميل وقول سديد، اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعهم في الهدى الرشيد.
أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله وراقبوه، واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه. لقد تعرف لكم بأسمائه الحسنى وصفاته، وتحبب إليكم بنعمه المتواترة وآلائه. أخبركم أنه أحاط بكل شيء رحمة وعلما، وحكمة واقتدارا، وأنه غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، إعذارا لكم وإنذارا، وأنه يحب المحسنين والمتقين، كي نسارع إلى تحقيق التقوى ونتسابق إلى الإحسان. ويحب الصابرين ترغيبا لنا في الصبر على المكاره وعلى الطاعات
وعن العصيان، وأنه المتفرد بسوابغ النعم ليجذب العباد إلى محبته وشكره والثناء عليه، وصارف المكاره والنقم ليعلموا أنه لا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه. وأنه الله الذي لا إله إلا هو، ولا يستحق العبادة سواه، ليعبدوه ويستعينوا به، فإنه من توكل على الله كفاه، ويسر له أمور دينه ودنياه. أخبرهم أنه المانع المعطي، والنافع الضار، وأنه الغفور الرحيم، الحليم الستار، كي يستدفعوا به المكاره ويستجلبوا منه المنافع والمسار، ويرغبوا إليه في كل ما نابهم في الإعلان والإسرار. وأخبرهم أنه العزيز المقتدر الملك الجبار، ليخضعوا لعظمته ويستولي عليهم الذل والانكسار. وتعرف إليهم باسمه الباسط الفتاح الرزاق، ليتعلقوا بخزائن جوده الواسع الذي لا ينقص على تنوع الإنفاق. سبحانه وتعالى، وتقدس عن كل نقص وعن ند وضد ومثال، وتبارك من عظمت صفاته، وكثرت خيراته، وتوالت آلاؤه الجزال، ولا إله إلا الله الذي لا شريك له في ربوبيته، ولا نديد له في ألوهيته، ولا سمي له في أسمائه، ولا مثيل له في صفاته، ولا نظير له في حكمته، ولا عديل له في سعة علمه ورحمته، ولا سبيل للعباد للإحاطة ببعض أوصافه، ولا يحصي أحد ثناء عليه من أهل أرضه وسمائه. بسم الله الرحمن الرحيم.
{طه - مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى - إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى - تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا - الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى - لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى - وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى - اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [طه: 1 - 8] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.