الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
170 - باب هَلْ يَسْتَأْسِرُ الرَّجُلُ وَمَنْ لَمْ يَسْتَأْسِرْ، وَمَنْ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْقَتْلِ
3045 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ أَبِى سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِىُّ - وَهْوَ حَلِيفٌ لِبَنِى زُهْرَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِى هُرَيْرَةَ - أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىَّ
ــ
يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت له قينتان تغنيان بهجاء المسلمين، فهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه، وفيه دليل على أن مكة فتحت عنوة، وأن المستحق للقتل يجوز قتله في الحرم، كما قاله الشافعي.
فإن قلت: لم يذكر للقتل صبرًا ما يدل عليه؟ قلت: الصبر هو الحبس، وقتل الأسير دلَّ عليه إذ لا يفرق بين أن يقتل الأسير في الحال أو بعد الحبس، فأشار إليه في الترجمة.
باب هل يستأسر الرجل ومن لم يستأسر ومن صلى ركعتين عند القتل يقال: استأسر الرّجل إذا صار أسيرًا باختياره.
3045 -
(عمرو بن أبي سفيان بن أَسيد بن جارية) عمرو: بفتح العين آخره واو، وقد يوجد عمر بضم العين، قال البخاري في "تاريخه": الصّواب الفتح، وأسيد: بفتح الهمزة على وزن فعيل، والجارية: ضد الغلام.
(بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة رهط) أي: عشرة أشخاص، قال ابن الأثير: الرهط ما دون العشرة من الرجال، وقيل: إلى الأربعين، وهؤلاء العشرة: عاصم بن ثابت، ومرثد، بن أبي مرثد وعبد الله بن طارق، وخبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة، وخالد بن البكير، ومعقب بن عبيد، هؤلاء سبعة ولم أظفر بالثلاثة (سرية عبنًا) صفة سرية، والعين الجاموس يطلق على الجمع، وهذه من تسمية الكل باسم الجزء الذي به قوامه، فإن العمدة في الجاسوس العين، وقال ابن سعد: هذه تسمى سرية الرجيع، وقال ابن الأثير: والرجيع اسم ماء لهذيل، وكانت هذه الغزوة على رأس ستة وثلاثين شهرًا في شهر صفر، وقال ابن إسحاق: كانت بعد أحد سنة أربع.
(فأمَّر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري) هو عاصم بن ثابت بن قيس بن عصمة
جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَأَةِ وَهْوَ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لِحَىٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لِحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَىْ رَجُلٍ، كُلُّهُمْ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمْ تَمْرًا تَزَوَّدُوهُ مِنَ الْمَدِينَةِ فَقَالُوا هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ. فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ، وَأَحَاطَ بِهِمُ الْقَوْمُ فَقَالُوا لَهُمُ انْزِلُوا وَأَعْطُونَا بِأَيْدِيكُمْ، وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ، وَلَا نَقْتُلُ مِنْكُمْ أَحَدًا. قَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ أَمَّا أَنَا فَوَاللَّهِ لَا أَنْزِلُ الْيَوْمَ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ. فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ، فَقَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةٍ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الأَنْصَارِىُّ وَابْنُ دَثِنَةَ وَرَجُلٌ آخَرُ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَأَوْثَقُوهُمْ فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ، وَاللَّهِ لَا أَصْحَبُكُمْ، إِنَّ فِي هَؤُلَاءِ لأُسْوَةً. يُرِيدُ الْقَتْلَى، فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَأَبَى فَقَتَلُوهُ، فَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ وَابْنِ دَثِنَةَ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَابْتَاعَ خُبَيْبًا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا، فَأَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضٍ أَنَّ بِنْتَ الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمْ حِينَ
ــ
الأوسي، وأما قوله:(جد عاصم بن عمر) بالجيم، قال ابن عبد البر وغيره: الصواب خال عاصم بن عمر؛ لأن أم عاصم بن عمر جميلة بنت ثابت أخت عاصم، كان اسمها عاصية، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جميلة (فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدأة) بفتح الهاء ودال ساكنة بعدها همزة، ويروى بإسقاط الهمزة (ذكروا لحي من هذيل، يقال لهم: بنو لحيان) هذيل بضم الهاء وذال معجمة مصغر، قال الجوهري: هي من مضر، أولاد هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر، لحيان: بكسر اللام، ابن هذيل (فلما رأوهم لجؤوا) بفتح اللام والجيم (إلى فدفد) بالفاء على وزن جعفر المكان المرتفع (انزلوا فأعطونا بأيديكم) أي: أنفسكم من غير قتال (فقتلوا عاصمًا في سبعة) أي: واحدًا من جملة السبعة (فنزل إليهم ثلاثة رهط بالعهد والميثاق، منهم خبيب الأنصاري) بضم المعجمة مصغر، هو ابن عدي الأوسي من أصحاب بدر ذكره ابن عبد البرّ وغيره، وقال الدّمياطي: خبيب [بن] يساق الخزرجي وابن عدي لم يشهدا بدرًا، والعمدة على ما قاله ابن عبد البر.
(فانطلقوا بخبيب وابن الدثنة) بفتح الدال وكسر الثاء المثلثة، اسمه زيد (فلبث خبيب عندهم أسيرًا) لأن ذلك الشهر كان من أشهر الحرم، ما كانوا يقتلون فيه أسيرًا
اجْتَمَعُوا اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ، فَأَخَذَ ابْنًا لِى وَأَنَا غَافِلَةٌ حِينَ أَتَاهُ قَالَتْ فَوَجَدْتُهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالْمُوسَى بِيَدِهِ، فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ فِي وَجْهِى فَقَالَ تَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَلِكَ. وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ فِي يَدِهِ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ، وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرٍ وَكَانَتْ تَقُولُ إِنَّهُ لَرِزْقٌ مِنَ اللَّهِ رَزَقَهُ خُبَيْبًا، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ، قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ ذَرُونِى أَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ. فَتَرَكُوهُ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ لَوْلَا أَنْ تَظُنُّوا أَنَّ مَا بِى جَزَعٌ لَطَوَّلْتُهَا اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا:
وَلَسْتُ أُبَالِى حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا
…
عَلَى أَىِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِى
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ
…
يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ
فَقَتَلَهُ ابْنُ الْحَارِثِ، فَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ
ــ
(فلما خرجوا من الحرم ليقتلوه) فإنهم كانوا يعظمون الحرم في الحل، كان ذلك في التنعيم، وهو أقرب أماكن الحل (اللهم أحصهم عددًا) كناية عن إهلاك الكل (واقتلهم بددًا) أي: متفرقين من التبديد، قال ابن الأثير: ويروى بكسر الباء من البدة وهي الحصة، أي: اجعل لكل واحد نصيبًا منه.
(ولست أبالي حين أقتل مسلمًا) هذا الشعر من الطويل، قال بعض الشارحين: ويروى: وما أبالي، والظاهر سقوط أنا والذي قاله فاسد؛ لأنه يخرج البحر به من الظويل والصواب سقوط إن، إن صحت الرواية (على أي شق كان لله مصرعي) على أي شتق كان متعلق بأقتل، والشق: بكسر الشين الجانب، وقوله: الله مصرعي، كلام مستأنف، والمصرع: موضع سقوط الميت (وذلك في ذات الإله) أي: القتل والمصرع، وذات الإله كنايته عن إخلاصه في الجهاد (وإن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع) الأوصال: جمع وصل، وهي العضو والشلو: بكسر الشين المعجمة بقية الجسم، والممزع: بالزاي المعجمة اسم مفعول من التمزيع، وهو التفريق (فقتله ابن الحارث) قتله صلبًا، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنزله [عن] الخشبة فقال: الرجل الذي أنزله -هو عمرو بن أمية الضمري، أنزله لما وقع على الأرض- سمعت دحية خلفي فالتفت فلم أر شيئًا، والظاهر أن الملائكة كانوا يزورونه