المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌199 - (11) باب القراءة في الصلاة وأنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٧

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الصلاة

- ‌190 - (1) باب بدء الأذان

- ‌191 - (2) -باب: الأمر بشفع الأذان وإيتار الإقامة

- ‌192 - (3) باب: صفة الأذان أي كيفيته وصيغته

- ‌193 - (4) باب: استحباب اتخاذ مؤذنَين للمسجد الواحد

- ‌194 - (5) باب جواز أَذان الأَعمى إذا كان معه بصير

- ‌195 - (6) باب: الأذان أمان من الإِغارة

- ‌196 - (7) باب فضل حكاية الأذان ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعدها وسؤال الوسيلة له صلى الله عليه وسلم

- ‌197 - (8) - باب: فضل الأذان وهرب الشيطان عند سماعه

- ‌197 - (9) باب رفع اليدين في الصلاة ومتى يرفعهما وإلى أين يرفع ومتى يترك الرفع

- ‌198 - (10) - باب: التكبير في كل خفض ورفع إلا الرفع من الركوع

- ‌199 - (11) باب القراءة في الصلاة وأنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب

- ‌200 - (12) باب الجهر والإسرار في الصلاة

- ‌201 - (13) باب تعليم الصلاة وكيفيتها لمن لا يحسنها

- ‌202 - (14) باب: نهي المأموم عن جهره بالقراءة خلف إمامه

- ‌203 - (15) باب: حجة من قال لا يجهر بالبسملة

- ‌204 - (16) باب: حجة من قال: إن البسملة آية من أول كل سورة، سوى براءة

- ‌205 - (17) باب: وضع يده اليمنى على اليسرى بعد تكبيرة الإحرام على صدره ووضعهما في السجود على الأرض حذو منكبيه

- ‌206 - (18) باب: التشهد في الصلاة

- ‌207 - (19) باب بيان كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد

- ‌208 - (20) باب: التسميع والتحميد والتأمين

- ‌209 - (21) باب: ائتمام المأموم بالإمام

- ‌210 - (22) باب: النهي عن مبادرة الإمام بالتكبير وغيره

- ‌211 - (23) باب إنما الإمام جنة

- ‌212 - (24) باب: استخلاف الإمام إذا مرض وجواز ائتمام القائم بالقاعد

- ‌213 - (25) باب مراجعة عائشة رضي الله تعالى عنها النبي صلى الله عليه وسلم في استخلافه أباها في الصلاة

- ‌214 - (26) بابٌ العملُ القليلُ في الصلاة لا يضرُّها

- ‌215 - (27) باب من نابه شيء في الصلاة فليسبح

- ‌216 - (28) باب تقديم الجماعة من أرادوا ليصلي بهم إذا تأخر الإمام الراتب

- ‌217 - (29) باب الأمر بتحسين الصلاة وإتمام الركوع والسجود

- ‌218 - (30) باب النهي عن سبق الإمام بركوع أو سجود أو غيرهما وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة

- ‌219 - (31) باب الأمر بالسكون في الصلاة والنهي عن الإشارة فيها والأمر بإتمام الصُّفُوف الأُول والتراصّ فيها

- ‌220 - (32) باب الأمرِ بِتَسْويَةِ الصفوف وتعديلها وإتمامها وبيان من يلي الإمام من القوم

- ‌221 - (33) باب فضل الصف الأول والاستهام عليه وخيريته للرجال

- ‌222 - (34) باب نهي النساء المصليات خلف الرجال عن رفع رؤوسهن حتى يرفع الرجال

- ‌223 - (35) باب النهي عن منع المرأة من الخروج إلى المساجد إذا استأذنت ولم تترتب عليه مفسدة

- ‌224 - (36) باب نهي النساء عن الطيب عند الخروج إلى المساجد

- ‌225 - (37) باب التوسط بين الجهر والأسرار في قراءة صلاة الجهر إذا خاف مفسدة من الجهر

- ‌226 - (38) باب استماع القراءة من المعلم وكذا من الإمام

- ‌227 - (39) باب الجهر بالقراءة في الصبح واستماع الجن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌228 - (40) باب: القراءة في الظهر والعصر

- ‌229 - (41) باب: القراءة في الصبح والظهر والعصر

- ‌230 - (42) باب القراءة في المغرب

- ‌231 - (43) باب: القراءة في العشاء

- ‌232 - (44) باب: أمر الأئمّة بالتخفيف في تمام

- ‌233 - (45) باب: اعتدال أفعال الصلاة وتقارب أركانها

- ‌234 - (46) باب: متابعة الإمام والعمل بعده

- ‌235 - (47) باب: ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌236 - (48) باب: النهي عن القراءة في الركوع والسجود

- ‌237 - (49) باب: ما يقال في الركوع والسجود والأمر بإكثار الدعاء فيه

- ‌238 - (50) باب: فضل السجود والحث عليه

- ‌239 - (51) بَابُ عَلَى كَمْ يَسْجُدُ، وَالنَّهْيُ عَنْ كَفِّ الثَّوْبِ والشَّعْر وَعَقْصِهِ فِي الصلاة

- ‌240 - (52) باب بيان كيفية السجود وصفته

- ‌241 - (53) باب بيان صفة صلاته صلى الله عليه وسلم وبيان ما يفتتح به وما يختم به فيها

الفصل: ‌199 - (11) باب القراءة في الصلاة وأنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب

‌199 - (11) باب القراءة في الصلاة وأنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب

768 -

(356)(19) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وإسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ. قَال أبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنِ الزهْرِي، عَنْ مَحْمُودِ بنِ الربِيع، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصامِتِ. يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم:"لا صَلاةَ لِمَنْ لَم يَقْرَأ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ"

ــ

199 -

(11) باب القراءة في الصلاة وأنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب

768 -

(356)(9 1)(حدثنا أبو بكر) عبد الله بن محمد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي (وعمرو) بن محمد بن بكير بن شابور (الناقد) أبو عثمان البغدادي ثقة حافظ وَهِمَ في حديث، من (10)(وإسحاق بن إبراهيم) بن راهويه الحنظلي أبو يعقوب المروزي، حالة كونهم (جميعًا) أي مجتمعين في الرواية (عن سفيان) بن عيينة الهلالي أبي محمد الأعور الكوفي، وأتى بقوله (قال أبو بكر: حدثنا سفيان بن عبينة) تورعًا من الكذب عليه (عن) محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب (الزهري) أبي بكر المدني (عن محمود بن الربيع) بفتح الراء وكسر الموحدة بن سراقة بن عمرو الأنصاري الخزرجي أبي محمد المدني صحابي صغير جل روايته عن الصحابة عقل عن النبي صلى الله عليه وسلم مجة مجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه من دلو في دارهم وهو ابن خمس سنين، مات سنة (99) وهو ابن (93)(عن عبادة بن الصامت) بن قيس بن أصرم بن فهر الأنصاري الخزرجي أبي الوليد الشامي، شهد العقبتين وبدرًا وهو أحد النقباء، مات في الشام بالرملة سنة (34) وهو يومئذ ابن (92) سنة، له (181) حديثًا اتفقا على (6) وانفرد (خ) بـ (2) وكذا (م) روى عنه في (5) أبواب. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان كوفيان وواحد شامي أو مدنيان وشامي وكوفي وبغدادي أو كوفي ومروزي، ومن لطائفه أن فيه رواية صحابي عن صحابي، حالة كون عبادة بن الصامت (يبلغ به) أي بهذا الحديث (النبي صلى الله عليه وسلم أي يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وينسبه إليه يعني لم يقفه عليه إلا صلاة لمن لم يقرأ) فيها (بفاتحة الكتاب) أي في كل ركعة منفردًا أو إمامًا أو مأمومًا أسر

ص: 71

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الإمام أو جهر؛ والمعنى لا صلاة صحيحة كما هو مذهب الشافعي أو كاملة كما هو مذهب الأحناف قالوا: لأن فرضية القراءة إنما ثبتت بقوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} كما هو الرواية في حديث المسيء صلاته الآتي، وهذا الحديث لكونه من أخبار الآحاد إنما يصلح لإفادة الوجوب لا الفرضية فنقول بوجوبها عملًا بالدليلين فيكون المنفي كمال الصلاة اهـ من الهامش.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [756] وأبو داود [823] والترمذي [247] والنسائي [21/ 137 - 138] وكذا ابن ماجه اتفق عليه أصحاب الأمهات الست كما في القسطلاني.

قال القرطبي: (قوله لا صلاة) ظاهره نفي الإجزاء في كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن وهو مذهب مالك والشافعي والجمهور، ورأى أبو حنيفة أنها لا تتعين وأن غيرها من آي القرآن وسوره يجزئ فيتعين عليه حمل لا صلاة على نفي الكمال أو على الإجمال بينهما أي بين الكمال والإجزاء كما صار القاضي إليه ومذهب الجمهور هو الصحيح لأن نفي الإجزاء هو السابق للفهم كما تقول العرب: لا رجل في الدار فإنه يقتضي نفي أصل الجنس الكامل والناقص، ولا يصار لنفي الوصف إلا بدليل من خارج.

واختلف العلماء في القراءة في الصلاة فذهب جمهورهم إلى وجوب قراءة أم القرآن للإمام والمنفرد في كل ركعة وهو مشهور قول مالك، وعنه أيضًا أنها واجبة في جل الصلاة وهو قول إسحاق، وعنه أنها تجب في ركعة واحدة وقاله المغيرة والحسن، وعنه أن القراءة لا تجب في شيء من الصلاة وهو أشذ الروايات، وحكي عنه أنها تجب في نصف الصلاة وإليه ذهب الأوزاعي، وذهب الأوزاعي أيضًا وأبو أيوب وغيرهما إلى أنها تجب على الإمام والمنفرد والمأموم على كل حال وهو أحد قولي الشافعي رحمه الله تعالى اهـ من المفهم.

وعبارة النواوي: قوله (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) فيه دليل لمذهب الشافعي ومن وافقه أن قراءة الفاتحة واجبة على الإمام والمأموم والمنفرد ومما يؤيد وجوبها على المأموم قول أبي هريرة: "اقرأ بها في نفسك" فمعناه اقرأها سرًا بحيث تُسمع نفسك، وأما ما حمله عليه بعض المالكية وغيرهم أن المراد تدبر ذلك وتذكره فلا

ص: 72

769 -

(00)(00)(00) حدثني أبُو الطَّاهِرِ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْب عَنْ يُونُسَ. ح وَحَدثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب. أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب. أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الربِيعِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصامِتِ؛ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا صَلاةَ لِمَن لَمْ يَقتَرِئ بِأم الْقُرآنِ"

ــ

يقبل لأن القراءة لا تطلق إلا على حركة اللسان بحيث يُسمع نفسه ولهذا اتفقوا على أن الجنب لو تدبر القرآن بقلبه من غير حركة لسانه لا يكون قارئًا مرتكبًا لقراءة الجنب المحرمة، وحكى القاضي عياض: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وربيعة ومحمد بن أبي صفرة من أصحاب مالك أنه لا تجب القراءة أصلًا وهي رواية شاذة عن مالك، وقال الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة رحمهم الله تعالى لا تجب القراءة في الركعتين الأخيرتين بل هو بالخيار إن شاء قرأ وإن شاء سبح وإن شاء سكت، والصحيح الذي عليه جمهور العلماء من السلف والخلف وجوب القراءة في كل ركعة لقوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي:"ثم افعل ذلك في صلاتك كلها".

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه فقال:

769 -

(00)(00)(00)(حدثني أبو الطاهر) أحمد بن عمرو بن عبد الله بن السرح الأموي المصري، من (10) قال (حدثنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي أبو محمد المصري، من (9)(عن يونس) بن يزيد الأيلي أبي يزيد الأموي، من (7)(ح وحدثني حرملة بن يحيى) التجيبي أبو حفص المصري صدوق، من (11)(أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس) أتى بحاء التحويل لبيان اختلاف كيفية سماع شيخيه (عن ابن شهاب أخبرني محمود بن الربيع) بفتح الراء وكسر الباء مكبرًا (عن عبادة بن الصامت).

وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم شاميان واثنان مدنيان واثنان مصريان، وغرضه بسوقه بيان متابعة يونس بن يزيد لسفيان بن عيينة، وفائدتها بيان كثرة طرقه، وكرر متن الحديث لما بين الروايتين من المخالفة في لفظ القراءة وفي اسم الفاتحة.

(قال) عبادة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة) صحيحة أو كاملة (لمن لم يقترئ) أي لمن لم يقرأ (بأم القرآن) لأن باب افتعل يأتي بمعنى الثلاثي وبناؤه حينئذ للمبالغة يقال قرأت أم القرآن وبأم القرآن واقترأته واقترأت به يتعدى بنفسه وبالباء،

ص: 73

770 -

(00)(00)(00) حدثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِي الْحُلْوَانِي. حَدَّثنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ. حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ مَحْمُودَ بْنَ الربِيعِ، الذِي مَجَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَجْهِهِ مِنْ بِئرِهِمْ، أَخبَرَهُ؛ أَنْ عُبَادَةَ بْنَ الصامِتِ أَخْبَرَهُ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقرَأْ بِأم الْقُرآن".

771 -

(00)(00)(00) وحدثناه إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

ــ

وسميت الفاتحة بأم القرآن وبأم الكتاب لاشتمالها على مقاصده إجمالًا وأم كل شيء أصله وعماده كما سميت مكة أم القرى لأنها أصلها ووسط الأرض المعمورة.

770 -

(00)(00)(00)(حدثنا الحسن بن علي) بن محمد بن علي الهذلي أبو علي الخلال (الحلواني) المكي ثقة، من (11) مات سنة (242) روى عنه في (8) أبواب، قال (حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد) الزهري أبو يوسف المدني ثقة، من (9) مات سنة (208) روى عنه في (4) أبواب، قال (حدثنا أبي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري أبو إسحاق المدني ثقة حجة، من (8) مات سنة (183) روى عنه في (14) بابا (عن صالح) بن كيسان الغفاري مولاهم أبي محمد المدني ثقة ثبت فقيه، من (4) مات سنة (140) روى عنه في (5) أبواب (عن) محمد (بن شهاب) الزهري المدني (أن محمود بن الربيع) الأنصاري المدني (الذي مج رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه من بئرهم) أي من بئر في دارهم، والمج رمي الماء من بين الشفتين (أخبره) أي أخبر للزهري (أن عبادة بن الصامت أخبره) أي أخبر لمحمود (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا صلاة) صحيحة أو كاملة (لمن لم يقرأ بأم القرآن).

وهذا السند من سباعياته رجاله خمسة منهم مدنيون وواحد شامي وواحد مكي، وغرضه بسوقه بيان متابعة صالح بن كيسان لسفيان بن عيينة في رواية هذا الحديث عن ابن شهاب، وكرر متن الحديث لما بين الروايتين من المخالفة في اسم الفاتحة وبذكر المج في هذه الرواية.

ثم ذكر المؤلف المتابعة ثالثًا في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه فقال:

771 -

(00)(00)(00)(وحدثناه إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي أبو يعقوب

ص: 74

وَعَبْدُ بْنُ حُمَيد. قَالا: أخْبَرَنَا عَندُ الرزاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنِ الزهْرِي، بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَه. وَزَاد: فَصَاعِدًا.

772 -

(357)(20) وحدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِي

ــ

المروزي ثقة، من (10)(وعبد بن حميد) الكسي ثقة، من (11)(قالا أخبرنا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني ثقة، من (9) قال (أخبرنا معمر) بن راشد الأزدي أبو عروة البصري ثقة، من (7)(عن الزهري) محمد بن مسلم المدني، من (4) وقوله (بهذا الإسناد) متعلق بأخبرنا معمر لأنه العامل في المتابع، واسم الإشارة راجع إلى ما بعد شيخ المتابع وهو صالح بن كيسان، وكذا قوله (مثله) منصوب بما عمل في المتابع، والضمير فيه عائد إلى المتابع؛ والتقدير: أخبرنا معمر عن الزهري بهذا الإسناد يعني عن محمود عن عبادة مثله أي مثل ما روى صالح بن كيسان عن الزهري.

وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم مدنيان وواحد شامي وواحد بصري وواحد صنعاني وواحد إما مروزي أو كسي، وغرضه بسوقه بيان متابعة معمر لصالح بن كيسان في رواية هذا الحديث عن الزهري.

(و) لكن (زاد) معمر لفظة (فصاعدًا) أي زاد هذا الراوي على قوله بأم القرآن قوله فصاعدًا يعني لمن لم يقرأ، حالة كون قراءته زائدة على أم القرآن، وعبارة الأبي هنا: قوله وزاد فصاعدًا أي قال لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن فصاعدًا أي فما زاد عليها كقولهم اشتريته بدرهم فصاعدًا، وهو منصوب على الحال بعامل محذوف أي فزاد الثمن صاعدا، وتَقْدِيرُهَا هُنا أي فزادت القراءةُ صاعدةً.

وعبارة المفهم هنا: قوله (فصاعدًا) معناه فزائدًا ويلزم من ظاهر هذا اللفظ أن تكون الزيادة على أم القرآن التي هي السورة واجبة، ولا قائل أعلمه يقول بوجوب قراءة السورة زيادة على أم القرآن، وإنما الخلاف في وجوب أم القرآن خاصة، وقد أجمعوا على أن لا صلاة إلا بقراءة في الركعتين الأوليين إلا ما قاله الشافعي فيمن نسي القراءة في الصلاة كلها أنها تجزئه لعذر النسيان وهذا شاذ، وقد رجع عنه وإلا ما شذ من قول مالك اهـ منه.

ثم استشهد المؤلف لحديث عبادة بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما فقال:

772 -

(357)(20)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) بن راهويه (الحنظلي) أبو يعقوب

ص: 75

أَخبَرَنَا سُفيَانُ بْنُ عُيَينَةَ عَنِ العَلاءِ، عَن أَبِيهِ، عَن أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَال:"مَن صلى صَلاة لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُم الْقُرْانِ فَهِيَ خِدَاج" ثَلاثًا، غَيرُ تَمَامٍ

ــ

المروزي ثقة، من (10) قال (أخبرنا سفيان بن عيينة) الهلالي أبو محمد الأعور الكوفي ثم المكي ثقة، من (8)(عن العلاء) بن عبد الرحمن بن يعقوب الجهني الحرقي مولاهم أبي شبل المدني صدوق ربما وهم، من (5)(عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني مولاهم أبي العلاء المدني ثقة، من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.

وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وواحد كوفي وواحد مروزي.

(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن) أي في كل ركعة من ركعاتها إمامًا كان أو مأمومًا غير مسبوق أو منفردًا (فهي) أي فتلك الصلاة التي لم يقرأ فيها الفاتحة (خداج) أي ذات خداج أي نقص أي غير تامة، قال الهروي: الخداج النقصان، يقال خدجت الناقة إذا ألقت ولدها قبل أوان النتاج وإن كان تام الخلق، وأخدجته إذا ولدته ناقصًا وإن كان لتمام الولادة، فقوله (خداج) أي ذات خداج فحَذَف ذات وأقام الخداج مقامه وهذا مذهب الخليل في الخداج وأبي حاتم والأصمعي، وأما الأخفش فعكسى فجعل الإخداج قبل الوقت وإن كان تام الخلق، قال الأحناف: والحديث حجة لنا في أن الصلاة تجوز بدون الفاتحة مع النقصان وهم لا يجوزونها بدونها، وسميت الفاتحة أم القرآن وأم الكتاب لأنها أصله أي محيطة بجميع علومه فهي منها وراجعة إليها ومنها سميت الأم أما لأنها أصل النسل، والأرض أما في قوله:

فالأرض مَعْقِلُنا وكانَتْ أُمنا

فيها مقَابرُنا وفيها نُولد

ومنه قوله تعالى: {فَأُمُّهُ هَاويَةٌ (9)} وقوله: {هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} ولا معنى لكراهية من كره تسميتها بأم القرآن مع وجود ذلك في الحديث اهـ من المفهم. فكرر قوله هي خداج (ثلاثًا) أي ثلاث مرات كما هو مذكور في رواية النسائي فمعنى خداج بكسر الخاء المعجمة غير تامة، وقوله (غير تمام) تفسير له، قال السندي في شرح النسائي: وهذا ليس بنص في افتراض الفاتحة بل يحتمل الافتراض وعدمه وكأنه لذلك عدل عنه أبو هريرة إلى حديث قسمت الصلاة في الاستدلال على الافتراض اهـ.

ص: 76

فَقِيلَ لأَبِي هُرَيرَةَ: إِنا نَكُونُ وَرَاءَ الإِمَامِ. فَقَال: اقرَأْ بِهَا فِي نَفسِكَ. فَإِني سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "قَال اللهُ تَعَالى: قَسَمتُ الصلاةَ بَينِي وَبَينَ عَبْدِي نِصْفَينِ،

ــ

(فقيل لأبي هريرة إنا نكون) ونصلي (وراء الإمام) أي خلفه فهل نقرأها (نقال) أبو هريرة للسائل (اقرأ بها في نفسك) أي اقرأها سرًّا لا جهرًا ولا تتركها لأن قراءتها واجبة على كل مصل إمامًا أو مأمومًا أو منفردًا.

وفي المفهم: قوله (اقرأ بها في نفسك) اختلف العلماء في قراءة المأموم خلف الإمام فذهب جماعة من الصحابة والتابعين إلى أن المأموم لا يترك قراءة أم القرآن على كل حال وإليه ذهب الشافعي تمسكًا بقول أبي هريرة وبعموم قوله (لا صلاة) وذهب مالك وابن المسيب في جماعة من التابعين وغيرهم وفقهاء أهل الحجاز والشام إلى أنه لا يقرأ معه فيما جهر به وإن لم يسمعه ويقرأ معه ما أسر فيه الإمام تمسكًا بقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} وبقول أبي هريرة فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا قرأ الإمام فأنصتوا" وذهب أكثر هؤلاء إلى أن القراءة فيما يسر فيه الإمام غير واجبة إلا داود وأحمد بن حنبل وأصحاب الحديث فإنهم أوجبوا قراءة الفاتحة إذا أسر الإمام وذهب الكوفيون إلى ترك قراءة المأموم خلف الإمام على كل حال اهـ منه.

(فإني) أي لأني (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول) فيما يرويه عن ربه يعني الحديث القدسي (قال الله) سبحانه و (تعالى قسمت الصلاة) أي الفاتحة؛ والمراد بالصلاة هنا الفاتحة لأنها لا تصح إلا بها، قال ابن الملك: أراد بالصلاة القراءة لأنها جزؤها، ويطلق كل منهما على الآخر مجازًا قال الله تعالى:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ أي بقراءتك، وقال تعالى: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} يعني صلاة الفجر؛ والمراد من الصلاة هنا قراءة الفاتحة بقرينة تتمة الحديث.

وقوله (بيني وبين عبدي نصفين) قرينة قوية للمجاز المذكور فإن الصلاة خالصة لله تعالى لا تكون مقسومة.

قال السندي: ووجه الاستدلال بهذا التقسيم على وجوبها هو أن قسمة الفاتحة جعلت قسمة للصلاة واعتبرت الصلاة مقسومة باعتبارها ولا يظهر ذلك إلا عند لزوم

ص: 77

وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَال الْعَبْدُ: الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالمِينَ. قَال اللهُ تَعَالي: حَمِدَنِي عَبْدِي. وَإِذَا قَال: الرحْمَنِ الرحِيمِ. قَال اللهُ تَعَالى: أَثْنَى عَلَيَّ عَندِي. وَإِذَا قَال: مَالِكِ يَوْمِ الدينِ. قَال: مَجَّدَنِي عَبْدِي. (وَقَال مَرةً: فَوَّضَ إلي عَبْدِي). فَإِذَا قَال: إِياكَ نَعْبُدُ وَإياكَ نَسْتَعِينُ. قَال: هَذا

ــ

الفاتحة فيها ثم لا يخفى ما في الحديث من الدلالة على خروج البسملة من الفاتحة وأخذ منه المصنف (النسائي) أنها لا تقرأ وهو بعيد لجواز أن لا تكون جزءًا من الفاتحة ويرده الشروع بالقراءة بها مع الفاتحة تبركًا فمن أين جاء أنها لا تقرأ فالحق أن مقتضى الأدلة أنها تقرأ سرًّا لا جهرًا كما هو مذهب علمائنا الحنفية، وكونها لا تقرأ أصلًا كمذهب مالك أو تقرأ جهرًا كمذهب الشافعي لا تساعده الأدلة ولعل مراد المصنف الاستدلال على عدم لزوم قراءتها، والله أعلم اهـ من السندي على النسائي.

قال ابن الملك: قوله (نصفين) اعلم أن تقسيم الفاتحة نصفين بمعنى أن بعضها ثناء إلى قوله إياك نعبد، وبعضها دعاء وهو من قوله إياك نستعين إلى آخر السورة، والنصف هنا بمعنى البعض لا أنها منصفة حقيقة لأن طَرفَ الدعاء أكثرُ، وقيل إنها منصفة حقيقة لأنها سبع آيات ثلاث ثناء من قوله الحمد لله إلى يوم الدين وثلاث دعاء من قوله اهدنا إلى آخرها، والآية المتوسطة نصفها ثناء ونصفها دعاء اهـ ابن الملك.

وعلى هذا الحساب لا تدخل البسملة في الفاتحة وهو مطلوب لنا، قال ملا علي: وتمسك أصحابنا بهذا الحديث على أن البسملة ليست من الفاتحة، وبوجه آخر وهو أنه صلى الله عليه وسلم لم يذكر التسمية فيما حكاه عن الله سبحانه وتعالى اهـ من بعض الهوامش.

(ولعبدي ما سألـ) ـنيه (فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالى: حمدني عبدي) أي أثنى علي بربوبيتي (وإذا قال) العبد (الرحمن الرحيم، قال الله تعالى: أثنى علي عبدي) بصفاتي وإنعامي (وإذا قال: مالك يوم الدين، قال) سبحانه وتعالى: (مجدني عبدي) أي عظمني بجلالي وسلطاني (وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أبو هريرة (مرة) أي تارة بدل مجدني (فوض) وأسند (إلي عبدي) جميع أمور مخلوقاتي (فإذا قال) العبد (إياك نعبد واياك نستعين قال) الله سبحانه (هذا) المقول الذي قاله العبد

ص: 78

بَينِي وَبَينَ عَبْدِي وَلعَبْدِي مَا سَأَلَ. فَإِذَا قَال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيهِمْ غَيرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} . قَال: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأل".

قَال سُفْيَانُ: حَدثَنِي بِهِ الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الرحْمنِ بْنِ يَعْقُوبَ. دَخَلْتُ عَلَيهِ وَهُوَ مَرِيضٌ فِي بَيتِهِ، فَسَألْتُهُ أَنَا عَنْهُ

ــ

في هذه المرة مقسوم (بيني) يعني قوله إياك نعبد (وبين عبدي) يعني قوله وإياك نستعين (ولعبدي ما سأل) من الإعانة، وفي هذا بشارة عظيمة للعبد (فإذا قال:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيهِمْ غَيرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} قال) الله سبحانه (هذا) المقول خاص العبدي ولعبدي ما سأل) من الهداية (قال سفيان) بن عيينة بالسند السابق (حدثني به) أي بهذا الحديث (العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب) حين (دخلت عليه) أي على العلاء لعيادته (وهو مريض) وقوله (في بيته) أي في بيت العلاء إما متعلق بدخلت لأنه الأقرب أو بحدثني لأنه الأسبق، وقوله (فسألته أنا عنه) معطوف على دخلت أي حين دخلْتُ علَيهِ فسأَلْتهُ أنا عنه أي عن حاله هل هو صالح أم لا أو حين دخلت عليه للعيادة فسألته عنه أي عن هذا الحديث، وقوله أنا تأكيد لضمير الفاعل، ومراد سفيان بذكر هذا الكلام التصريح بسماعه منه دفعا لما يُتوهم من العنعنة السابقة من الانقطاع والتدليس، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 0 25 و 285] وأبو داود [819 و 820] والترمذي [2954 و 2955] والنسائي [2/ 135 - 136].

وفي المفهم: قوله (قسمت الصلاة) يعني أم القرآن سماها صلاة لأن الصلاة لا تتم أو لا تصح إلا بها، ومعنى القسمة هنا من جهة المعاني لأن نصفها الأول في حمد الله وتمجيده والثناء عليه وتوحيده، والنصف الثاني في اعتراف العبد بعجزه وحاجته وسؤاله في تثبيته لهدايته ومعونته على ذلك، وهذا التَقْسِيمُ حجةٌ على أن بسم الله الرحمن الرحيم ليست من الفاتحة خلافًا للشافعي وسيأتي قوله، وقوله (حمدني عبدي) أي أثنى علي بصفات كمالي وجلالي (ومجدني) شرفني أي اعتقد شرفي ونطق به، والمجد نهاية الشرف وهو الكثيرُ صفات الكمال والمجدُ الكثرة ومنه قوله: في كل شجر نار وَاسْتَمْجَدَ المَرْخ والعَفَارَ؛ أي كَثُر نارهما والمرخ شجر سريع الاشتعال، والعفار شجر يتخذ منه

ص: 79

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الزناد، واستمجد استكثر، وهذا المثل يُضرب في تفضيل بعض الشيء على بعض، قوله (وربما قال فوض إلي عبدي) أي يقول هذا ويقول هذا غير أن فوض أقل ما يقوله وليس شكًّا وهو مطابق لقوله مالك يوم الدين لأنه تعالى هو المنفرد في ذلك اليوم بالمُلك إذ لا تبقى دعوى لِمُدع (والدين) الجزاء والحساب والطاعة والعبادة والمُلك، وقوله (نعبد) أي نخضع ونتذلل (ونستعين) نسألك العون (اهدنا) أرشدنا وثبتنا على الهداية (والصراط المستقيم) الذي لا اعوجاج فيه (والمنعم عليهم) هم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون (والمغضوب عليهم) اليهود (والضلالُ) النصارى، كذا رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عدي رضي الله عنه رواه أحمد [4/ 378] والترمذي [2953].

وإنما قال الله تعالى هنا "هذا بيني وبين عبدي" لأنها تضمنت تذلل العبد لله وطلبه الاستعانة منه وذلك يتضمن تعظيم الله تعالى وقدرته على ما طلب منه، وقوله فيما بقي من السورة "هذا لعبدي ولعبدي ما سأل" لأن العبد دعا لنفسه، وقال مالك بن أنس في قوله (فهؤلاء لعبدي) هي إشارة إلى أنها ثلاث آيات لا آيتان، وفي المنهاج قوله (قسمت الصلاة قسمين) قال العلماء: والمراد قسمتها من جهة المعنى لأن نصفها الأول تحميد لله تعالى وتمجيد وثناء عليه وتفويض إليه، والنصف الثاني سؤال وطلب وتضرع وافتقار، واحتج القائلون بأن البسملة ليست من الفاتحة بهذا الحديث وهو من أوضح ما احتجوا به، قالوا: لأنها سبع آيات بالإجماع فثلاث في أولها ثناء أولها الحمد لله وثلاث دعاء أولها اهدنا الصراط المستقيم والسابعة متوسطة وهي إياك نعبد وإياك نستعين، قالوا: ولأنه سبحانه وتعالى قال: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين الخ فلم يذكر البسملة ولو كانت منها لذكرها، وأجاب أصحابنا وغيرهم ممن يقول إن البسملة آية من الفاتحة بأجوبة: أحدها أن التنصيف عائد إلى جملة الصلاة لا إلى الفاتحة هذا باعتبار حقيقة اللفظ، والثاني أن التنصيف عائد إلى ما يختص بالفاتحة من الآيات الكاملة، والثالث معناه فإذا انتهى العبد في قراءته إلى الحمد لله رب العالمين، وقال العلماء أيضًا: قوله تعالى: (حمدني عبدي وأثنى علي ومجدني) إنما قاله لأن التحميد الثناء بجميل الفعال، والتمجيد الثناء بصفات الجلال، ويقال أثنى عليه في ذلك كله ولهذا جاء جوابًا للرحمن الرحيم لاشتمال اللفظين على الصفات الذاتية

ص: 80

773 -

(00)(00)(00) حدثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَس، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرحْمَنِ؛ أنهُ سَمِعَ أبَا السائِبِ، مَوْلَي هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

ــ

والفعلية، وقوله وربما قال فوض إلي عبدي وجه مطابقة هذا لقوله مالك يوم الدين أن الله تعالى هو المنفرد بالمُلك في ذلك اليوم وبجزاء العباد وحسابهم، والدين الحساب وقيل الجزاء، ولا دعوى لأحد في ذلك اليوم ولا مجاز، وأما في الدنيا فلبعض العباد ملك مجازي ويدَّعِي بعضهم دعوة باطلة وهذا كله ينقطع في ذلك اليوم هذا معناه فالله سبحانه وتعالى هو المالك والملك على الحقيقة للدارين وما فيهما ومن فيهما وكل من سواه مربوب له عبد مسخر ثم في هذا الاعتراف من التعظيم والتمجيد وتفويض الأمر ما لا يخفى، وقوله تعالى:(فإذا قال العبد اهدنا الصراط المستقيم) إلى آخر السورة (فهذا لعبدي) هكذا هو في صحيح مسلم وفي غيره فهؤلاء لعبدي، وفي هذه الرواية دليل على أن اهدنا وما بعده إلى آخر السورة ثلاث آيات لا آيتان، وفي المسألة خلاف مبني على أن البسملة من الفاتحة أم لا؟ فمذهبنا ومذهب الأكثرين أنها من الفاتحة وأنها آية واهدنا وما بعده آيتان، ومذهب مالك وغيره ممن يقول إنها ليست من الفاتحة يقول اهدنا وما بعده ثلاث آيات وللأكثرين أن يقولوا قوله هؤلاء المراد به الكلمات لا الآيات بدليل رواية مسلم فهذا لعبدي وهذا أحسن من الجواب بأن الجمع محمول على الاثنين لأن هذا مجاز عند الأكثرين فيحتاج إلى دليل على صرفه من الحقيقة إلى المجاز، والله أعلم.

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

773 -

(00)(00)(00)(حدثنا قتيبة بن سعيد) البغلاني (عن مالك بن أنس) الإمام المدني (عن العلاء بن عبد الرحمن) الجهني المدني (أنه سمع أبا السالب) الأنصاري مولاهم (مولى هشام بن زهرة) عبد الله بن السائب المدني (يقول سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث الآتي، روى عن أبي هريرة في الصلاة وأبي سعيد الخدري في ذكر الجان، والمغيرة بن شعبة، ويروي عنه (م عم) والعلاء بن عبد الرحمن، وبكير بن الأشج، وصيفي مولى ابن أفْلحَ، وأسماءُ بن عُبيد، قال في التقريب: ثقة من الثالثة.

وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلا قتيبة فإنه بغلاني، وغرضه بسوقه

ص: 81

774 -

(00)(00)(00) ح وَحَدثَنِي مُحَمدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الرحْمنِ بْنِ يَعْقُوبَ؛ أَنَّ أَبَا السَّائِبِ، مَوْلَى بَنِي عَبْدِ اللهِ بْنِ هِشَام بْنِ زُهْرَةَ، أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صلى صَلاة فَلَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأم القُرْآنِ". بِمِثْلِ حَدِيثِ سُفْيَانَ. وَفِي حَدِيثِهما:

ــ

بيان متابعة مالك بن أنس لسفيان بن عيينة في رواية هذا الحديث عن أبي هريرة ولكنها متابعة ناقصة، وفائدتها بيان كثرة طرقه.

ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

774 -

(00)(00)(00)(ح) أي حول المؤلف السند (و) قال (حدثني محمد بن رافع) بن أبي كثير القشيري النيسابوري وهو معطوف على قوله حدثنا قتيبة بن سعيد، قال (حدثنا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني، قال (أخبرنا) عبد الملك بن عبد العزيز (بن جريج) الأموي المكي، قال (أخبرني العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب) الجهني المدني (أن أبا السائب) عبد الله بن السائب المدني الأنصاري مولاهم (مولى بني عبد الله بن هشام بن زهرة) وعبد الله بن هشام هذا أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وذهبت به أمه زينب بنت حميد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله بايعه، فقال: هو صغير فمسح برأسه ودعا له اهـ من الإصابة وليس من رجال مسلم (أخبره) أي أخبر للعلاء بن عبد الرحمن (أنه) أي أن أبا السائب (سمع أبا هريرة يقول).

وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وواحد مكي وواحد صنعاني وواحد نيسابوري، وغرضه بسوقه بيان متابعة ابن جريج لسفيان بن عيينة في رواية هذا الحديث عن أبي هريرة ولكنها متابعة ناقصة كالسند الذي قبله لأن مالك بن أنس وابن جريج رويا عن أبي هريرة بواسطة العلاء عن أبي السائب عن أبي هريرة، وسفيان روى عن أبي هريرة بواسطة العلاء عن أبيه عن أبي هريرة.

(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاة) فرضًا كانت أو نفلًا إمامًا كان أو غيره (فلم يقرأ فيها بأم القرآن") وساقا أي وساق مالك بن أنس وابن جريج (بمثل حديث سفيان) بن عيينة (و) لكن (في حديثهما) أي في حديث مالك بن أنس

ص: 82

"قَال اللهُ تَعَالى: قَسَمْتُ الصلاةَ بَينِي وَبَينَ عَبْدِي نِصْفَينِ. فَنِصفُهَا لِي وَنصْفُهَا لِعَبْدِي".

775 -

(00)(00)(00) حدثني أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَر الْمَعْقِرِي. حَدَّثَنَا النضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُويس. أَخْبَرَنِي الْعَلاءُ. قَال: سَمِعْتُ مِنْ أَبِي وَمِنْ أَبِي السائِبِ، وَكَانَا جَلِيسَي أَبِي هُرَيرَةَ؛ قَالا: قَال أَبُو هُرَيرَةَ:

ــ

وحديث ابن جريج (قال الله تعالى قسمت الصلاة) أي الفاتحة (بيني وبين عبدي نصفين) فزادا على سفيان (فنصفها لي ونصفها لعبدي) وهذا استثناء من المماثلة.

ثم ذكر المؤلف المتابعة ثالثًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

775 -

(00)(00)(00)(حدثني أحمد بن جعفر المعقري) بفتح الميم وكسر القاف بينهما عين ساكنة نسبة إلى معقر ناحية باليمن اليمنى ثم المكي، روى عن النضر بن محمد في الصلاة وغيرها وإسماعيل بن عبد الكريم بن معقل، ويروي عنه (م) وابن أبي داود وأبو عروبة، قال في التقريب: مقبول من الحادية عشرة، مات سنة (255) خمس وخمسين ومائتين (حدثنا النضر بن محمد) بن موسى الجرشي بالجيم المضمومة والشين المعجمة الأموي مولاهم أبو محمد اليمامي وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ربما تفرد، وقال في التقريب: ثقة له أفراد، من (9)(حدثنا أبو أويس) عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني ووالد إسماعيل بن أبي أويس، قال أبو داود: صالح الحديث، وقال يعقوب بن شيبة: صدوق صالح الحديث، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به وليس بالقوي، وقال في التقريب: صدوق يَهِمُ، من السابعة، مات سنة (167) روى عنه في (2) الإيمان والصلاة، قال (أخبرني العلاء) بن عبد الرحمن الجهني المدني (قال) العلاء (سمعت من أبي) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني المدني (ومن أبي السائب) عبد الله بن السائب الأنصاري المدني (وكانا) أي وكان أبي وأبو السائب (جليسَي أبي هريرة قالا) أي قال كل منهما (قال أبو هريرة) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون وواحد يمامي وواحد مكي، وغرضه بسوقه بيان متابعة أبي أويس لسفيان بن عيينة ومالك بن أنس وابن جريج في رواية هذا الحديث عن العلاء بن عبد الرحمن، وفائدتها بيان كثرة طرقه.

ص: 83

قَال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلى صَلاةَ لَم يَقرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَهِيَ خِدَاج" يَقُولُهَا ثَلاثًا. بِمِثْلِ حَدِيثِهِم

ــ

(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي) أي فتلك الصلاة (خداج) أي ناقصة غير مجزئة (يقولها) أي يقول الرسول صلى الله عليه وسلم أو أبو هريرة رضي الله عنه كلمة خداج (ثلاثًا) أي يكررها ثلاث مرات، وقوله (بمثل حديثهم) متعلق بحدثنا أبو أويس، وضمير الجمع عائد إلى سفيان ومالك وابن جريج أي وساق أبو أويس عن العلاء بن عبد الرحمن بمثل ما روى هؤلاء الثلاثة عن العلاء.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب حديثان الأول حديث عبادة ذكره للاستدلال وذكر فيه ثلاث متابعات، والثاني حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد وذكر فيه ثلاث متابعات أيضًا.

***

ص: 84