الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
226 - (38) باب استماع القراءة من المعلم وكذا من الإمام
898 -
(411)(71) وحدثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وإسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. كُلهُمْ عَنْ جَرِيرٍ. قَال أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ، عَنِ ابْنِ عَباسٍ، فِي قَوْلِهِ عز وجل:{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} [القيامة: 16] قَال: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذَا نَزَلَ عَلَيهِ جِبْرِيلُ بِالْوَحْي، كَانَ مِما يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ وَشَفَتَيهِ. فَيَشْتَدُّ عَلَيهِ. {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيكَ قَوْلًا ثَقِيلًا}
ــ
226 -
(38) باب استماع القراءة من المعلم وكذا من الإمام
898 -
(411)(71)(وحدثنا قتيبة بن سعيد) بن طريف البغلاني (وأبو بكر) عبد الله بن محمد (بن أبي شيبة) الكوفي (وإسحاق بن إبراهيم) بن راهويه الحنظلي المروزي (كلهم) أي كل من هؤلاء الثلاثة رووا (عن جرير، قال أبو بكر: حدثنا جرير بن عبد الحميد) بن قرط الضبي الكوفي (عن موسى بن أبي عائشة) الهمداني مولاهم أبي الحسن الكوفي، وأبو عائشة لا يعرف اسمه قاله القسطلاني، ثقة عابد، من الخامسة، روى عنه في موضعين من باب الصلاة (عن سعيد بن جبير) الوالبي الكوفي (عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من خماسياته رجاله أربعة منهم كوفيون وواحد طائفي أو ثلاثة كوفيون وواحد طائفي وواحد إما بغلاني أو مروزي، ومن لطائفه أن فيه رواية تابعي عن تابعي وهما موسى بن أبي عائشة عن سعيد (في) بيان سبب نزول (قوله) تعالى عز وجل:{لَا تُحَرِّكْ بِهِ} أي بالقرآن {لِسَانَكَ} قال) بن عباس كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل) الأمين عليه السلام (بالوحي) من القرآن (كان) صلى الله عليه وسلم كرر لفظة كان لطول الكلام قاله النواوي (مما) أي ربما كما قاله في المصابيح (يحرك به) أي بالوحي (لسانه وشفتيه) بالتثنية أي كثيرا ما كان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك التحريك قاله القاضي عياض كالسرقسطي وكان يكثر من ذلك حتى لا ينسى أو لحلاوة الوحي في لسانه، وقوله (فيشتد عليه) الوحي معطوف على يحرك، وسبب الشدة هيبة الملك وما جاء به وثقل الوحي كما قال الله تعالى:{إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} وتعقب بأن الشدة حاصلة قبل التحريك، وأجيب بأن الشدة وإن كانت حاصلة له قبل التحريك إلا أنها لم تظهر إلا بتحريك الشفتين إذ هي أمر باطني لا يدركه الرائي إلا به اهـ قسطلاني.
فَكَانَ ذلِكَ يُعْرَفُ مِنْهُ. فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16)} أَخْذَهُ. {إِنَّ عَلَينَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)} . إِنَّ عَلَينَا أَنْ نَجْمَعَهُ فِي صَدْرِكَ. وَقُرْآنهُ فَتَقْرَأهُ. {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18)} . قَال: أَنْزَلْنَاهُ فَاسْتَمِعْ لَهُ {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} . {إِنَّ عَلَينَا بَيَانَهُ (19)} . أَنْ نُبَيِّنهُ بِلِسَانِكَ. فَكَانَ
ــ
أو يقال في الكلام تقديم وتأخير والتقدير كان مما يشتد عليه فيحرك به لسانه، وفي الرواية الأخرى:"كان يعالج من التنزيل شدة، وكان مما يحرك شفتيه" وهي واضحة، والمعالجة المحاولة للشيء والمشقة في تحصيله، قال (ع): قوله (كان مما يحرك به لسانه) الأصل في هذه الكلمة كان من شأنه ودأبه، فجعلت ما كناية عن ذلك، ثم أدغمت نون من في ميم ما فجاء مما، وقيل هي بمعنى ربما وهو قريب من الأول لأن رب ترد للتكثير، ومعنى يعالج يلاقي شدة، قال السنوسي: قوله كان مما يحرك هو عبارة عن كثرة التحريك منه حتى كان ذاته من التحريك، فما مصدرية، وقال الكرماني: أي كان العلاج ناشئًا من تحريك الشفتين أي مبدأ العلاج منه أو ما بمعنى من الموصولة وأطلقت على من يعقل مجازًا أي وكان ممن يحرك به لسانه وشفتيه (فكان ذلك) أي اشتداد الوحي عليه (يعرق منه) صلى الله عليه وسلم يعني يعرفه من رآه لما يظهر على وجهه وبدنه من أثره كما قالت عائشة: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقًا اهـ نووي.
(فأنزل الله تعالى {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} قبل أن يتم وحيه {لِتَعْجَلَ بِهِ} أي لتأخذه على عجلة مخافة أن يتفلت منك، حالة كونك تريد (أخذه) ونقله من جبريل بسرعة، ومعنى قوله {إِنَّ عَلَينَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} أي (إن علينا أن نجمعه في صدرك) وقال ابن عباس أيضًا: ومعنى (وقرآنه) فهو مصدر مضاف للمفعول، والفاعل محذوف، والأصل قراءتك إياه؛ أي (فتقرأه {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} أي قرأناه نحن -يريد سبحانه نفسه- عليك {فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} أي: فاتبع قراءتنا إياه (قال) ابن عباس في تفسيره فإذا (أنزلناه فاستمع له) وأنصت، والاستماع الإصغاء، والإنصات السكوت، فقد يستمع ولا ينصت فلهذا جمع بينهما في قوله تعالى:{فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} فلا يلزم من السكوت الإصغاء؛ أي لا تكن قراءتك مع قراءته بل تابعة لها متأخرة عنها، وقال في تفسير ثم {إِنَّ عَلَينَا بَيَانَهُ} أي إن علينا (أن نبينه بلسانك) أي أن نبين ما أشكل عليك من معانيه (فكان) رسول الله صلى الله عليه
إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ أَطْرَقَ. فَإِذَا ذَهَبَ قَرَأَهُ كَمَا وَعَدَهُ الله.
899 -
(00)(00) حدثنا قُتَيبَةُ بن سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ سعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ، عَنِ ابْنِ عَباس، فِي قَوْلِهِ:{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} . قَال: كَانَ النبِي صلى الله عليه وسلم يُعَالِجُ مِنَ التنْزِيلِ شِدة. كَانَ يُحَرِّكُ شَفَتَيهِ. فَقَال لِي ابْنُ عَباس: أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحَرِّكُهُمَا
ــ
وسلم بعد ذلك (إذا أتاه جبريل أطرق) رأسه وخفض واستمع (فإذا ذهب) جبريل عليه السلام وانطلق (قرأه) أي قرأ القرآن (كما وعده الله) سبحانه وتعالى، والحاصل أن الحالة الأولى جمعه في صدره، والثانية تلاوته، والثالثة تفسيره وإيضاحه.
وهذا الحديث شارك المؤلف رحمه الله تعالى في روايته البخاري في مواضع، والترمذي والنسائي كما في تحفة الأشراف.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:
899 -
(00)(00)(00)(حدثنا قتيبة بن سعيد) بن جميل البغلاني (حدثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، ثقة، من (7)(عن موسى بن أبي عائشة) الهمداني مولاهم أبي الحسن الكوفي، ثقة تابعي، من (5) الخامسة (عن سعيد بن جبير) الوالبي الكوفي (عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة أبي عوانة لجرير بن عبد الحميد في رواية هذا الحديث عن موسى بن أبي عائشة، وكرر متن الحديث لما فيها من المخالفة للرواية الأولى (في) بيان سبب نزول (قوله) تعالى {لَا تُحَرِّكْ بِهِ} أي بالقرآن {لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} (2) أي لتأخذه على عجلة وسرعة (قال) ابن عباس كان النبي صلى الله عليه وسلم يعالج) أي يقاسي ويجد (من التنزيل) القرآني لثقله عليه (شدة) بالنصب مفعول يعالج، والجملة في محل نصب خبر كان فـ (كان) صلى الله عليه وسلم (يحرك شفتيه) عند قراءة جبريل عليه لئلا يتفلت عنه عند ذهاب جبريل عليه السلام، قال سعيد بن جبير (فقال لي ابن عباس) فـ (أنا أحركهما) أي شفتي لك (كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركهما) لم يقل كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركهما لأن ابن عباس لم يدرك ذلك
فَقَال سَعِيدٌ: أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا كَانَ ابْنُ عَباسٍ يُحَرِّكُهُمَا. فَحَركَ شَفَتَيهِ. فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَينَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)} [القيامة: 16 - 17]. قَال: جَمْعَهُ فِي صَدْرِكَ، ثُمَّ تَقْرَؤهُ {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: 18] قَال: فَاسْتَمِعْ وَأَنْصِتْ. ثُمَّ إنَّ عَلَينَا أَنْ تَقْرَأهُ. قَال: فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ. فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ، قَرَأَهُ النبِي صلى الله عليه وسلم كَمَا أَقْرَأَهُ
ــ
(فقال سعيد) بن جبير (أنا أحركهما) أي شفتي لكم (كما كان ابن عباس بحركهما) أي شفتيه لنا (فحرك) سعيد (شفتيه) فهذا الحديث من مسلسلات مسلم رحمه الله تعالى (فأنزل الله تعالى) معطوف على كان يحرك شفتيه {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَينَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} قال) ابن عباس في تفسيره أي (جمعه في صدرك ثم تقرؤه) بلسانك، وقوله {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} ، قال) ابن عباس في تفسيره (فاستمع) أي فأصغ له بأذنك (وأنصت) بهمزة قطع مفتوحة من أنصت الرباعي ينصت إنصاتا وقد تكسر همزته، من نصت ينصت من باب ضرب، نصتا إذا سكت واستمع للحديث، قال الأزهري: يقال أنصت ونصت وانتصت ثلاث لغات أفصحها أنصت وبها جاء القرآن العزيز اهـ؛ أي فكن حال قراءته ساكتا، والاستماع أخص من الإنصات لأن الاستماع الإصغاء، والإنصات السكوت ولا يلزم من السكوت الإصغاء، وقوله:{ثُمَّ إِنَّ عَلَينَا بَيَانَهُ} فسره ابن عباس بقوله (ثم إن علينا أن تقرأه) وفسره غيره ببيان ما أشكل عليك من معانيه، قال: وهو دليل على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب أي لكن لا عن وقت الحاجة اهـ، وهو الصحيح عند الأصوليين ونص عليه الشافعي اهـ قسطلاني.
(قال) ابن عباس (فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية (إذا أتاه جبريل استمع) قراءته (فإذا انطلق جبريل) وذهب (قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما أقرأه) جبريل عليه السلام.
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وذكر فيه متابعة واحدة والله أعلم.
***