الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
192 - (3) باب: صفة الأذان أي كيفيته وصيغته
736 (341) - (3) حدّثني أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ مَالِكُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. قَال أَبُو غَسَّانَ: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ. وَقَال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ صَاحِبِ الدَّسْتَوَائِيِّ. وَحَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَامِر ٍالأَحْوَلِ، عَنْ مَكْحُولٍ،
ــ
192 -
(3) باب صفة الأذان أي كيفيته وصيغته
736 -
(341)(3)(حدثني أبو غسان المسمعي) بكسر الميم الأولى بعدها مهملة ساكنة وفتح الثانية نسبة إلى أحد أجداده مسمع بن ربيعة (مالك بن عبد الواحد) البصري، قال ابن حبان في الثقات: يغرب، وقال في التقريب: ثقة، من (10) مات سنة (230) روى عنه في (9) أبواب (وإسحاق بن إبراهيم) بن راهويه الحنظلي أبو يعقوب المروزي ثقة، من (10) وفائدة هذه المقارنة تقوية السند لأن المسمعي قيل فيه إنه يغرب، وأتى بجملة قوله (قال أبو غسان حدثنا معاذ، وقال إسحاق أخبرنا معاذ) لبيان اختلاف كيفية سماع شيخيه أي قال كل منهما روى لنا معاذ (بن هشام) بن أبي عبد الله سنبر أبو عبد الله البصري، قال ابن معين: صدوق وليس بحجة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: ليس بذاك القوي، وقال ابن قانع: ثقة مأمون، وقال في التقريب: صدوق ربما وهم، من (9) مات بالبصرة سنة (200) روى عنه في (4) أبواب.
وقوله: (صاحب الدستوائي) مجرور على أنه صفة لهشام ولا يصح رفعه على أنه صفة لمعاذ لأن الدستوائي ليس نسبة لمعاذ بل لهشام كما صرح به الإمام مسلم في حديث الشفاعة، وقد بسطنا الكلام عليه هناك فراجعه، وقوله (وحدثني أبي) معطوف على محذوف تقديره: قال معاذ بن هشام حدثني أبي حديث كذا كذا وحدثني أبي أيضًا عن عامر الأحول هذا الحديث الآتي؛ أي حدثني أبي هشام بن أبي عبد الله الدستوائي أبو بكر البصري، قال العجلي: ثقة ثبت، وقال في التقريب: ثقة ثبت وقد رمي بالقدر، من كبار (7) مات سنة (154) روى عنه في (7) أبواب.
(عن عامر) بن عبد الواحد (الأحول) البصري، روى عن مكحول في الصلاة وشهر بن حوشب، ويروي عنه (م عم) وهشام الدستوائي وابن أبي عروبة، وثقه أبو حاتم، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن معين: ليس به بأس، وقال في التقريب: صدوق يخطئ، من السادسة (عن مكحول) الهذلي مولاهم مولى امرأة منهم أبي عبد الله
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَيرِيزٍ، عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ؛ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَهُ هَذَا الأذانَ "اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ
ــ
الدمشقي قيل: كان عبدًا لسعيد بن العاص فوهبه لامرأة من هذيل فأعتقته بمصر، وكان نوبيًّا ثم تحول إلى دمشق فسكنها، وكان من فقهاء أهل الشام، روى عن عبد الله بن محيريز في الصلاة، وسليمان بن يسار في الزكاة، وشرحبيل بن السمط في الجهاد، وأبي ثعلبة الخشني في الصيد، ويروي عنه (م عم) وعامر الأحول وأيوب بن موسى والعلاء بن الحارث، كان سليمان بن يسار يقول: إذا جيء بالعلم من الشام عن مكحول قبلناه، وقال ابن إسحاق: سمعت مكحولًا يقول: طفت الأرض كلها لطلب العلم، وقال العجلي: تابعي ثقة، وقال في التقريب: ثقة فقيه كثير الإرسال مشهور، من الخامسة مات سنة (113) ثلاث عشرة ومائة.
(عن عبد الله بن محيريز) بضم الميم ثم حاء مهملة وراء مكسورة آخره زاي مصغرًا بن جنادة بن وهب القرشي الجمحي بضم الجيم وفتح الميم بعدها مهملة أبي محيريز المكي ثم الشامي، كان يتيمًا في حجر أبي محذورة بمكة ثم نزل بيت المقدس، قال ابن خراش: كان من خيار الناس وثقات المسلمين، وقال النسائي: ثقة، وقال في التقريب: ثقة عابد، من الثالثة، مات سنة (99) روى عنه في (3) أبواب.
(عن أبي محذورة) القرشي الجمحي المكي مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة اسمه مِعْيَرٌ بكسر الميم وسكون المهملة وفتح التحتانية، وفي اسمه واسم أبيه أقوال؛ بن مَعِين بن مُحيريز وقيل أوسُ بن مِعْيَر بن لُوذَان أبي ربيعة بن عُوَيجٍ بن سَعْد بن جُمَح وقيل سُلَيمان بن سَخْبرة وقيل سَلَمة بن مِعْيَر، أسلَم بعد حنين وتُوفي بمكة وتوارثَتْ ذريتُه الأذانَ منه، روى عنه عبدُ الله بن مُحيريز في الصلاة له أحاديث انفرد (م) بحديثٍ، ويروي عنه (م عم) وابنهُ عبدُ الملك، قال الطبريّ: مات سنة (59) تسع وخمسين، وكان أحسن الناس أذانًا وأنداهم صوتًا.
وهذا السند من سباعياته رجاله اثنان منهم شاميان وواحد مكي وأربعة بصريون أو ثلاثة بصريون وواحد مروزي، ومن لطائفه أن فيه ثلاثة من التابعين روى بعضهم عن بعض عامر عن مكحول عن ابن محيريز.
(أن نبي الله صلى الله عليه وسلم علمه) أي علم أبا محذورة (هذا الأذان) المذكور بقوله (الله كبر الله كبر) أي قُلْ يا أبا محذورة إذا أردت الأذان (الله أكبر الله أكبر) قال
أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ. أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ أَشْهَدُ أن مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ". ثُمَّ يَعُودُ فَيَقُولُ: أَشهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، أَشْهَدُ أَن مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ أَشْهَدُ أن مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ
ــ
النواوي: هكذا وقع هذا الحديث في صحيح مسلم في أكثر الأصول في أوله (الله أكبر الله أكبر) مرتين فقط، ووقع في غير مسلم الله أكبر أربع مرات، قال (ع) ووقع في بعض طرف الفارسي في صحيح مسلم أربع مرات، وكذلك اختلف في حديث عبد الله بن زيد في التثنية والتربيع، والمشهورُ فيه، التَّرْبِيعُ وبالتربيع قال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد وجمهور العلماء، وبالتثنية قال مالك واحتج بهذا الحديث وبأنه عملُ أهل المدينة وهم أعرفُ بالسنن المتواترة عن أذان بلال وهو آخر أذانه والذي توفي عليه النبي صلى الله عليه وسلم، واحتج الجمهور بأن الزيادة من الثقة مقبولة، وبالتربيع عمِل أهلُ مكة وهي مَجْمَعُ المسلمين في المواسم وغيرها ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة وغيرهم والله أعلم. اهـ نووي.
وقُلْ بصوت منخفض مسموع للناس (أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله) مرتين و (أشهد أن محمدًا رسول الله أشهد أن محمدًا رسول الله) مرتين (ثم يعود) المؤذن إلى الشهادتين بصوت مرتفع (فيقول أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله) مرتين ويقول (أشهد أن محمدًا رسول الله أشهد أن محمدًا رسول الله) مرتين، والسنة عند المالكية والشافعية أن يزيد المؤذن النطق بالشهادتين بصوت منخفض مسموع للناس قبل الإتيان بهما بصوت مرتفع إلا أن المالكية يسمون النطق بهما بصوت مرتفع ترجيعًا، والشافعية يسمون النطق بهما بصوت منخفض ترجيعًا.
قال القرطبي: (قوله ثم يعود فيقول
…
) الخ فهذا هو الترجيع الذي قال به مالك والشافعي وجمهور العلماء على مقتضى حديث أبي محذورة واستمرار أهل المدينة وتواتر نقلهم (عن أذان بلال) وذهب الكوفيون إلى ترك الترجيع على ما جاء في حديث عبد الله بن زيد أوَّلَ الأذان وما استقر عليه العمل وهو آخر الفعلين أولى، وذهب أهل الحديث أحمد وإسحاق والطبري وداود إلى التخيير في الأحاديث على أصلهم إذا صحت، ولم يعرف المتقدم من المتأخر أنها للتوسعة والتخيير وقد ذُكر نحو هذا عن مالك اهـ من المفهم.
حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، (مَرَّتَينِ)، حَيَّ عَلَى الْفَلاحَ، (مَرَّتَينِ)
ــ
قال النواوي: وفي هذا الحديث حجة بينة ودلالة واضحة لمذهب مالك والشافعي وأحمد وجمهور العلماء أن الترجيع في الأذان ثابت مشروع وهو العود إلى الشهادتين مرتين برفع الصوت بعد قولهما مرتين بخفض الصوت، وقال أبو حنيفة والكوفيون: لا يشرع الترجيع عملًا بحديث عبد الله بن زيد فإنه ليس فيه ترجيع، وحجة الجمهور هذا الحديث الصحيح، والزيادة مقدمة مع أن حديث أبي محذورة هذا متأخر عن حديث عبد الله بن زيد فإن حديث أبي محذورة سنة ثمان من الهجرة بعد حنين وحديث عبد الله بن زيد في أول الأمر وانضم إلى هذا كله عمل أهل مكة والمدينة وسائر الأمصار وبالله التوفيق. واختلف أصحابنا في الترجيع هل هو ركن لا يصح الأذان إلا به أم هو سنة ليس ركنًا حتى لو تركه صح الأذان مع فوات كمال الفضيلة؟ على وجهين: والأصح عندهم أنه سنة، وقد ذهب جماعة من المحدثين وغيرهم إلى التخيير بين فعل الترجيع وتركه، والصواب إثباته، والله أعلم اهـ منه.
ويقول (حي على الصلاة) أي تعالوا إلى الصلاة وأقبلوا إليها، وحي اسم فعل أمر بمعنى أقبل مبني على الفتح فرارًا من التقاء الساكنين لسكون الياء الأولى المدغمة؛ أي يقوله (مرتين) ويقول (حي على الفلاح مرتين) أي هلموا إلى الفوز والنجاة، وقيل إلى البقاء أي أقبلوا على سبب البقاء في الجنة وهو الصلاة ويقال لحي على كذا الحيعلة، قال الأزهري: قال الخليل بن أحمد: الحاء والعين لا يأتلفان في كلمة أصلية الحروف لقرب مخرجيهما إلا أن يؤلف فعل من كلمتين مثل حي على فيقال منه حيعل، قال القاضي عياض: قوله (حي) هي اسم فعل بمعنى هلم وأقبل، ومنه قول ابن مسعود: إذا ذكر الصالحون فحيهل بعمر أي أقبل وهلم بذكره، قال ابن الأنباري: وفتحت فيه الياء لسكونها مع الياء التي قبلها كليث، والفلاح الفوز، ومنه حديث "استفلحي برأيك" أي فوزي، وقيل البقاء، ومنه قوله:
لكل هم من الهموم سعه
…
والمسا والصبح لا فلاح معه
أي لا بقاء، فالمعنى على الأول هلموا إلى الفوز، وعلى الثاني إلى البقاء في الجنة أي إلى سببه، قال الأبي: وعدي بعلى لأن أقبل يتعدى بها ومنه قوله تعالى: {قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيهِمْ} وقيل في حي إن معناه أسرع وهلا اسْكُت؛ فالمعنى في أثر عمر إذا ذكر
زَادَ إِسْحَاقُ "اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلا اللهُ"
ــ
الصالحون فأسرع بذكره واسكت عن غيره حتى تنقضي فضائله، وحي هلا منون وغير منون، وفيه لغات كثيرة قال القاضي: ولم يذكر مسلم (الصلاة خير من النوم) وفي أبي داود وغيره حين علَّمه الأذان قال له فإذا كنت في نداء الصبح فقل: الصلاة خير من النوم مرتين، ومحلها قبل التكبير الأخير، وبمشروعيتها قال مالك والجمهور، واختلف فيها قول الشافعي وأبي حنيفة محتجين للسقوط بأنها لم ترد في الحديث إلا في خبر واحد والتواترُ أصحُّ حجة مع صحةِ الرواية، ومالك يُثنِّيها وابن وهب يُفردها وهو بمعنى التثويب المذكور في الحديث الآخر عند كثير (زاد إسحاق) بن إبراهيم الحنظلي على أبي غسان في آخر الأذان (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله).
وشارك المؤلفَ في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 401] وأبو داود [501 - 505] والترمذي [191] والنسائي [2/ 4] ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثَ أبي محذورة رضي الله عنه.
* * *