المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌218 - (30) باب النهي عن سبق الإمام بركوع أو سجود أو غيرهما وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٧

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الصلاة

- ‌190 - (1) باب بدء الأذان

- ‌191 - (2) -باب: الأمر بشفع الأذان وإيتار الإقامة

- ‌192 - (3) باب: صفة الأذان أي كيفيته وصيغته

- ‌193 - (4) باب: استحباب اتخاذ مؤذنَين للمسجد الواحد

- ‌194 - (5) باب جواز أَذان الأَعمى إذا كان معه بصير

- ‌195 - (6) باب: الأذان أمان من الإِغارة

- ‌196 - (7) باب فضل حكاية الأذان ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعدها وسؤال الوسيلة له صلى الله عليه وسلم

- ‌197 - (8) - باب: فضل الأذان وهرب الشيطان عند سماعه

- ‌197 - (9) باب رفع اليدين في الصلاة ومتى يرفعهما وإلى أين يرفع ومتى يترك الرفع

- ‌198 - (10) - باب: التكبير في كل خفض ورفع إلا الرفع من الركوع

- ‌199 - (11) باب القراءة في الصلاة وأنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب

- ‌200 - (12) باب الجهر والإسرار في الصلاة

- ‌201 - (13) باب تعليم الصلاة وكيفيتها لمن لا يحسنها

- ‌202 - (14) باب: نهي المأموم عن جهره بالقراءة خلف إمامه

- ‌203 - (15) باب: حجة من قال لا يجهر بالبسملة

- ‌204 - (16) باب: حجة من قال: إن البسملة آية من أول كل سورة، سوى براءة

- ‌205 - (17) باب: وضع يده اليمنى على اليسرى بعد تكبيرة الإحرام على صدره ووضعهما في السجود على الأرض حذو منكبيه

- ‌206 - (18) باب: التشهد في الصلاة

- ‌207 - (19) باب بيان كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد

- ‌208 - (20) باب: التسميع والتحميد والتأمين

- ‌209 - (21) باب: ائتمام المأموم بالإمام

- ‌210 - (22) باب: النهي عن مبادرة الإمام بالتكبير وغيره

- ‌211 - (23) باب إنما الإمام جنة

- ‌212 - (24) باب: استخلاف الإمام إذا مرض وجواز ائتمام القائم بالقاعد

- ‌213 - (25) باب مراجعة عائشة رضي الله تعالى عنها النبي صلى الله عليه وسلم في استخلافه أباها في الصلاة

- ‌214 - (26) بابٌ العملُ القليلُ في الصلاة لا يضرُّها

- ‌215 - (27) باب من نابه شيء في الصلاة فليسبح

- ‌216 - (28) باب تقديم الجماعة من أرادوا ليصلي بهم إذا تأخر الإمام الراتب

- ‌217 - (29) باب الأمر بتحسين الصلاة وإتمام الركوع والسجود

- ‌218 - (30) باب النهي عن سبق الإمام بركوع أو سجود أو غيرهما وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة

- ‌219 - (31) باب الأمر بالسكون في الصلاة والنهي عن الإشارة فيها والأمر بإتمام الصُّفُوف الأُول والتراصّ فيها

- ‌220 - (32) باب الأمرِ بِتَسْويَةِ الصفوف وتعديلها وإتمامها وبيان من يلي الإمام من القوم

- ‌221 - (33) باب فضل الصف الأول والاستهام عليه وخيريته للرجال

- ‌222 - (34) باب نهي النساء المصليات خلف الرجال عن رفع رؤوسهن حتى يرفع الرجال

- ‌223 - (35) باب النهي عن منع المرأة من الخروج إلى المساجد إذا استأذنت ولم تترتب عليه مفسدة

- ‌224 - (36) باب نهي النساء عن الطيب عند الخروج إلى المساجد

- ‌225 - (37) باب التوسط بين الجهر والأسرار في قراءة صلاة الجهر إذا خاف مفسدة من الجهر

- ‌226 - (38) باب استماع القراءة من المعلم وكذا من الإمام

- ‌227 - (39) باب الجهر بالقراءة في الصبح واستماع الجن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌228 - (40) باب: القراءة في الظهر والعصر

- ‌229 - (41) باب: القراءة في الصبح والظهر والعصر

- ‌230 - (42) باب القراءة في المغرب

- ‌231 - (43) باب: القراءة في العشاء

- ‌232 - (44) باب: أمر الأئمّة بالتخفيف في تمام

- ‌233 - (45) باب: اعتدال أفعال الصلاة وتقارب أركانها

- ‌234 - (46) باب: متابعة الإمام والعمل بعده

- ‌235 - (47) باب: ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌236 - (48) باب: النهي عن القراءة في الركوع والسجود

- ‌237 - (49) باب: ما يقال في الركوع والسجود والأمر بإكثار الدعاء فيه

- ‌238 - (50) باب: فضل السجود والحث عليه

- ‌239 - (51) بَابُ عَلَى كَمْ يَسْجُدُ، وَالنَّهْيُ عَنْ كَفِّ الثَّوْبِ والشَّعْر وَعَقْصِهِ فِي الصلاة

- ‌240 - (52) باب بيان كيفية السجود وصفته

- ‌241 - (53) باب بيان صفة صلاته صلى الله عليه وسلم وبيان ما يفتتح به وما يختم به فيها

الفصل: ‌218 - (30) باب النهي عن سبق الإمام بركوع أو سجود أو غيرهما وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة

‌218 - (30) باب النهي عن سبق الإمام بركوع أو سجود أو غيرهما وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة

855 -

(390)(51) حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ (وَاللَّفْظُ لأَبِي بَكْرٍ) - قَال ابْنُ حُجْرٍ: أَخْبَرَنَا. وَقَال أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ قَال: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ أَقْبَلَ عَلَينَا بِوَجْهِهِ، فَقَال:"أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي إِمَامُكُم، فَلَا تَسْبقُونِي بِالرُّكُوعِ وَلا بِالسُّجُودِ. وَلا بِالْقِيَامِ وَلا بِالانْصِرَافِ. فَإِنِّي أَرَاكُمْ أَمَامِي وَمِنْ خَلْفِي"

ــ

218 -

(30) باب النهي عن سبق الإمام بركوع أو سجود أو غيرهما وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة

855 -

(390)(51)(حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة) الكوفي (وعلي بن حجر) السعدي المروزي (واللفظ لأبي بكر قال ابن حجر: أخبرنا، وقال أبو بكر: حَدَّثَنَا علي بن مسهر) القرشي الكوفي (عن المختار بن فلفل) الكوفي (عن أنس) بن مالك الأنصاري البصري رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد بصري (قال) أنس (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم) أي يومًا من الأيام فلفظة ذات مقحمة (فلما قضى الصلاة) وأتمها (أقبل علينا بوجهه) الشريف (فقال أيها الناس) المصلون معي (إني إمامكم) أي متبوعكم (فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود) أي بالهوي إليهما ولا بالرفع منهما (ولا بالقيام) من الجلوس في الصلاة إلى الركعة الثانية أو الثالثة مثلًا (ولا بالانصراف) والفراغ من الصلاة والمراد بالانصراف السلام من الصلاة، ويحتمل أنَّه الرجوع من المساجد إلى المنازل، قال السندي في شرح النسائي: قوله فإنِّي إمامكُم فيه أن امتناع السبق لكونه إمامًا فيعم الحكم كل إمام لا لكونه نبيًّا ليختص به اهـ.

(فإني أراكم أمامي ومن خلفي) أي أراكم من خلفي كما أراكم لو كنتم أمامي، ففي الكلام تقديم وتأخير، قال ابن الملك: إنما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الإمام مع الخلف إشارة إلى أن رؤيته من خلفه كرؤيته من قدامه، ولعل هذه الحالة تكون حاصلة له في بعض الأوقات حين غلب عليه صفة ملكيته دون بشريته لأنه صلى الله عليه

ص: 216

ثُمَّ قَال: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ رَأَيتُمْ مَا رَأْيتُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيتُمْ كَثِيرًا" قَالُوا: وَمَا رَأَيتَ يَا رَسُولَ اللهِ؛ قَال: "رَأَيتُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ".

856 -

(00)(00)(00) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حدَّثنَا جَرِيرٌ

ــ

وسلم قال: إنما أنا بشر أنسى كما تنسون اهـ.

(ثم) بعد هذا النهي (قال والذي نفس محمد بيده) المقدسة (لو رأيتم ما رأيت) من شدة عقوبة الله تعالى وسعة رحمته (لضحكتم) في الدنيا ضحكًا (قليلًا) لتنجوا من عذاب الله الَّذي حُفَّ بالشهوات (ولبكيتم) فيها بكاء (كثيرًا) لتدخلوا الجنّة التي حفت بالمكاره (قالوا) أي قال الحاضرون عنده صلى الله عليه وسلم (وما رأيت يا رسول الله) استفهام استخبار (قال) لهم (رأيت الجنَّة والنار) في مقامي هذا بالمكاشفة لي عنهما كرامة لي من الله سبحانه وتعالى، قال السندي في شرح النسائي: فالجنّة تكثر البكاء شوقًا وخوفًا من الحرمان، والنار خوفًا منها اهـ وقال الأبي: كثرة البكاء مع رؤية الجنّة يحتمل أنَّه رقة على مَنْ حُرِمَها أو على قلة العمل الموصل إليها (ح) وفيه أن الجنّة والنار مخلوقتان الآن.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد أخرجه [3/ 102 و 126] والنسائي [3/ 83].

قال القرطبي: قوله (فلا تسبقوني) الخ اختلف إذا سبق المأموم إمامه هل تفسد صلاته أم لا؟ فذهب الجمهور إلى أنها لا تفسد، وذهب ابن عمر وأهل الظاهر إلى أنها تفسد، ومذهب مالك فيه تفصيل يطول ذكره في هذا الكتاب، وهو مذكور في كتب الفقه، وأما نهيه صلى الله عليه وسلم عن سبقهم إياه بالانصراف فقد ذهب الحسن والزهري إلى أن حق المأموم أن لا ينصرف حتَّى ينصرف الإمام أخذًا بظاهر هذا الحديث، والجمهور على خلافهما لأن الاقتداء بالإمام قد تم بالسلام من الصلاة ورأوا أن ذلك كان خاصًّا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأن ذلك من باب قوله تعالى:{وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: 62] فإنه قد كان يحتاج إلى مكالمتهم في أمور الدين ومراعاة المصالح والآراء، والله أعلم. ويحتمل أن يريد بالإنصراف المذكور التسليم فإنه يقال انصرف من الصلاة أي سلم منها.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

856 -

(00)(00)(00)(حَدَّثَنَا قتيبة بن سعيد) البغلاني (حَدَّثَنَا جرير) بن

ص: 217

ح وَحدَّثَنَا ابْنُ نُمَيرٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ فُضَيلٍ، جَمِيعًا عَنِ الْمُخْتَارِ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلَيسَ في حَدِيثِ جَرِيرٍ:"وَلا بِالانْصِرَافِ".

857 -

(391) - (52) حدَّثنا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. كُلُّهُمْ عَنْ حَمَّادٍ. قَال خَلَفٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ

ــ

عبد الحميد الضبي الكوفي (ح وحدثنا) محمد بن عبد الله (بن نمير) الهمداني الكوفي (وإسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (عن) محمد (بن فضيل) بن غزوان الضبي الكوفي، حالة كون جرير وابن فضيل (جميعًا) أي مجتمعين في الرواية (عن المختار) بن فلفل الكوفي (عن أنس) بن مالك البصري، وهذان السندان من رباعياته رجال الأول منهما اثنان كوفيان وواحد بصري وواحد بلخي، ورجال الثاني منهما ثلاثة منهم كوفيون وواحد بصري أو اثنان منهم كوفيان وواحد بصري وواحد مروزي، وغرضه بسوقهما بيان متابعة جرير وابن فضيل لعلي بن مسهر في رواية هذا الحديث عن المختار (عن النبي صلى الله عليه وسلم وقوله (بهذا الحديث) متعلق بما عمل في المتابع تقديره كلاهما رويا عن المختار بهذا الحديث الَّذي رواه علي بن مسهر عن المختار (و) لكن (ليس في حديث جرير) بن عبد الحميد وروايته لفظة (ولا) تسبقوني (بالانصراف) وهذا بيان لمحل مخالفة جرير لعلي بن مسهر، وقوله بهذا الحديث أي بمثل هذا الحديث لفظًا ومعنى بدليل هذا الاستثناء، والله أعلم.

ثم استشهد المؤلف لحديث أنس بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما فقال:

857 -

(391)(52)(حَدَّثَنَا خلف بن هشام) بن ثعلب بالمثلثة والمهملة البزار أبو محمد البغدادي المقرئ، ثقة، من (10) مات سنة (227)(وأبو الربيع) سليمان بن داود العتكي (الزهراني) البصري، ثقة، من (10) مات سنة (234)(وقتيبة بن سعيد) بن طريف البغلاني، ثقة، من (10)(كلهم) أي كل من الثلاثة رووا (عن حماد) بن زيد بن درهم الأزدي البصري، ثقة، من (8) وأتى بقوله (قال خلف) بن هشام (حَدَّثَنَا حماد بن زيد) بصيغة السماع مع التصريح بنسبه تورعًا من الكذب على خلف بالعنعنة (عن محمد بن زياد) الجمحي مولاهم أبي الحارث المدني ثم البصري، ثقة ثبت ربما أرسل،

ص: 218

حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيرَةَ؛ قَال: قَال مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم: "أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ؟ ".

858 -

(00)(00)(00) حدَّثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ،

ــ

من الثالثة، قال (حَدَّثَنَا أبو هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته رجاله اثنان منهم بصريان وواحد مدني وواحد منهم إما بغدادي أو بصري أو بغلاني (قال) أبو هريرة (قال) نبينا (محمد صلى الله عليه وسلم أما يخشى) ويخاف المصلي (الَّذي يرفع رأسه) من الركوع أو السجود (قبل) رفع (الإمام) منهما (أن يحول الله) سبحانه وتعالى (رأسه) ويجعلها (رأس حمار) أي يمسخها برأس حمار، قال القرطبي: ومقصود هذا الحديث الوعيد بمسخ الصورة الظاهرة على مسابقة الإمام بالرفع وتحميق منه صلى الله عليه وسلم من يفعل ذلك فإن صلاته لما كانت مرتبطة بصلاة إمامه لا ينفعه استعجاله، وهذا يدل على أن الرفع من الركوع أو السجود مقصود لنفسه، وأنه ركن مستقل كالركوع والسجود اهـ.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 456] والبخاري [691] وأبو داود [623] والترمذي [582] والنسائي [2/ 96].

قال القاضي: رافع رأسه قبل الإمام عكس معنى الإمامة فاقتدى بنفسه بعد أن كان مقتديًا بغيره، وذلك غاية الجهل فأشبه الحمار المضروب به المثل في البلادة والجهالة فخوفه بأنه يخشى أن تقلب صورته إلى الصورة التي اتصف بمعناها اهـ والله أعلم.

وعبارة السنوسي هنا: ووجه تخصيص التشبيه بالحمار لأنه يضرب به المثل في البلادة، ولما كان ذلك الفعل لا يقع إلَّا من بليد خوَّفه بأن تقلب صورته حسًّا إلى صورة حمار كما انقلب إليها معنى اهـ.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

858 -

(00)(00)(00)(حَدَّثَنَا عمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) أبو عثمان البغدادي ثقة حافظ، من (10)(وزهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي (قالا حَدَّثَنَا إسماعيل بن إبراهيم) بن مقسم القرشي الأسدي أبو بشر البصري المعروف بابن علية،

ص: 219

عَنْ يُونُسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيادٍ، عَن أَبِي هُرَيرَةَ؛ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا يَأْمَنُ الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ في صَلَاتِهِ قَبْلَ الإِمَامِ، أَنْ يُحَوِّلَ اللهُ صورَتَهُ في صورَةِ حِمَارٍ".

859 -

(00)(00)(00) حدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلَّامٍ الْجُمَحِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بن الرَّبِيعِ بْنِ مُسْلِمٍ. جَمِيعًا عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ مُسْلِمٍ

ــ

ثقة، من الثامنة (عن يونس) بن عبيد بن دينار العبدي مولاهم أبي عبيد البصري، ثقة ثبت فاضل، من الخامسة (عن محمد بن زياد) الجمحي البصري ثقة، من الثَّالثة (عن أبي هريرة) المدني رضي الله عنه، وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون وواحد مدني وواحد بغدادي أو نسائي، وغرضه بسوقه بيان متابعة يونس بن عبيد لحماد بن زيد في رواية هذا الحديث عن محمد بن زياد، وفائدتها بيان كثرة طرقه، وكرر متن الحديث لما فيها من المخالفة للرواية الأولى (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يأمن) أي لا يأمن وهو خبر بمعنى النهي (الَّذي يرفع رأسه) من الركوع أو السجود (في حلاته قبل الإمام أن يحول الله صورته) أي أن يمسخ الله صورة جسمه (في صورة حمار) عقوبة له على ما فعل، ولفظة في زائدة في المفعول الثاني لأن أفعال التصيير تتعدى بنفسها إلى مفعولين.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

859 -

(00)(00)(00)(حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن سلام) بتشديد اللام بن عبيد الله بن سالم (الجمحي) مولاهم أبو حرب البصري، صدوق، من (10) مات سنة (231)(وعبد الرحمن) بن بكر (بن الربيع بن مسلم) نسب إلى جده لشهرته به الجمحي البصري، روى عن جده الربيع بن مسلم في الصلاة، ويروي عنه (م) فرد حديث وهو هذا الحديث، قال أبو حاتم: محله الصدق، يحدث عن جده أحاديثَ صحاحٍ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: صدوق، من العاشرة، مات سنة (230) ثلاثين ومائتين، وفائدة هذه المقارنة تقوية السند، حالة كونهما (جميعًا) أي مجتمعين في الرواية (عن الربيع بن مسلم) الجمحي أبي بكر المصري، ثقة، من السابعة، مات سنة (167)

ص: 220

ح وَحدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. ح وَحدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بن أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ. كُلُّهُمُ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِهَذَا، غَيرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ الرَّبِيعِ بْنِ مُسْلِمٍ:"أنْ يَجْعَلَ اللهُ وَجْهَهُ وَجْهَ حِمَارٍ".

860 -

(392)(53) حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ عَنِ الأَعْمَشِ،

ــ

سبع وستين ومائة، روى عنه في (4) أبواب (ح) أي حول المؤلف السند (و) قال (حَدَّثَنَا عبيد الله بن معاذ) بن معاذ العنبري أبو عمرو البصري، ثقة، من العاشرة (حَدَّثَنَا أبي) معاذ بن معاذ العنبري أبو المثنى البصري، ثقة، متقن من (9)(حَدَّثَنَا شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي البصري، ثقة، متقن، إمام الأئمة من (7)(ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (حَدَّثَنَا وكيع) بن الجراح الكوفي (عن حماد بن سلمة) بن دينار التميمي البصري، ثقة، من (8) كلهم) أي كل من الربيع بن مسلم وشعبة وحماد بن سلمة رووا (عن محمد بن زياد) الجمحي البصري (عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذه الأسانيدُ الثلاثةُ الأَوَّلُ منها رباعي رجاله اثنان بصريان وواحد مدني وواحد مصري، والثاني منها خماسي رجاله كلهم بصريون إلَّا أبا هريرة، والثالث منها خماسي أيضًا رجاله اثنان منهم كوفيان واثنان بصريان وواحد مدني، وغرضه بسوقها بيان متابعة الثلاثة المذكورة آنفًا ليونس بن عبيد في رواية هذا الحديث عن محمد بن زياد، وقوله (بهذا) الحديث متعلق بما عمل في المتابعين المذكورين أي روى كل من هؤلاء الثلاثة بهذا الحديث الَّذي رواه يونس بن عبيد عن محمد بن زياد (غير أن في حديث الربيع بن مسلم) لفظة (أن يجعل الله وجهه وجه حمار) بدل ما في رواية يونس بن عبيد من قوله (أن يحول الله صورته في صورة حمار).

ثم استدل المؤلف على الجزء الأخير من الترجمة بحديث جابر بن سمرة رضي الله عنهما فقال:

860 -

(392)(53)(حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة) الكوفي (وأبو كريب) محمد بن العلاء الكوفي (قالا حَدَّثَنَا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير الكوفي (عن الأعمش)

ص: 221

عَنِ المُسَيِّبِ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ؛ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ لا تَرْجِعُ إِلَيهِمْ"

ــ

سليمان بن مهران الكوفي (عن المسيب) بن رافع الأسدي الكاهلي أبي العلاء الكوفي الأعمى روى عن تميم بن طرفة في الصلاة، وورّاد مولى المغيرة بن شعبة والبراء بن عازب وحارثة بن وهب وجابر بن سمرة مرسلًا، ويروي عنه (ع) والأعمش ومنصور وابنه العلاء وأبو إسحاق السبيعي، وغيرهم، قال العوام بن حوشب: كان يختم في ثلاث ثم يُصبح صائمًا، قال العجلي: كوفي تابعي ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الرابعة (عن تميم بن طرفة) بفتح المهملتين الطائي المسليّ بضم الميم وسكون المهملة نسبة إلى مُسْلِيَةَ بضم الميم وسكون السين ابنِ عامر قبيلةٌ من مُذْحجٍ الكوفي، روى عن جابر بن سمرة في الصلاة، وعدي بن حاتم في الصلاة والأيمان، ويروي عنه (م د س ق) والمسيب بن رافع وعبد العزيز بن رفيع وسماك بن حرب، وثقه النسائي وابن سعد وأبو داود والعجلي، وقال الشافعي: مجهول، وقال في التقريب: ثقة، من الثالثة، مات سنة (95) خمس أو أربع أو ثلاث وتسعين، روى عنه في (2) بابين كما بينا (عن جابر بن سمرة) بن جنادة السوائي الكوفي الصحابي بن الصحابي رضي الله عنهما له (146) حديثًا، مات سنة (73) وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون (قال) جابر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله (لينتهين) أي لَيَنْزَجِرَنَّ (أقوام) مضارع مؤكد بالنون من الانتهاء وهو الانزجار عما نهى عنه أي لينزجرن أقوام (يرفعون أبصارهم إلى السماء) عند الدعاء (في الصلاة) كما هو المروي في حديث أبي هريرة الآتي (أو لا ترجع إليهم) أبصارهم فيبقون بلا أبصار أي فليختاروا بين الانتهاء عن رفعها إلى السماء أو بين عدم رجوع أبصارهم إليهم بعد نظرها إلى السماء فيبقون بلا أبصار. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث ابن ماجة، وفي الحديث الآتي عند الدعاء في الصلاة فيرد هذا إليه لأن المطلق يرد إلى المقيد ووجه النهي أن في الصلاة شغلًا. قال القرطبي: وهذا الحديث أيضًا وعيد بإعماء من رفع رأسه إلى السماء في الصلاة ولا فرق بين أن يكون عند الدعاء أو عند غيره لأن الوعيد إنما تعلق به من حيث إنه إذا رفع بصره إلى السماء أعرض عن القبلة وخرج عن

ص: 222

861 -

(393)(54) حدَّثني أَبُو الطَّاهِرِ وَعَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ. قَالا: أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. حَدَّثَنِي اللَّيثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَيَنْتَهِيَنَّ اقْوَامٌ عَنْ رَفْعِهِمْ أَبْصَارَهُمْ، عِنْدَ الدُّعَاءِ في الصَّلَاةِ إِلى السَّمَاءِ، أوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ"

ــ

سمتها وعن هيئة الصلاة، وقد نقل بعض العلماء الإجماع على النهي عن ذلك في الصلاة، وحكى الطبراني كراهة رفع البصر في الدعاء إلى السماء في غير الصلاة، وحكي عن شريح أنَّه قال لمن رآه يفعله اكفف يديك واخفض بصرك فإنك لن تراه ولن تناله، وأجازهما الأكثر لأن السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة، وقد رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه ويديه إلى السماء عند الدعاء فلا ينكر ذلك اهـ.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث جابر بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما فقال:

861 -

(393)(54)(حدثني أبو الطاهر) أحمد بن عمرو بن سرح المصري (وعمرو بن سواد) بتشديد الواو بن الأسود بن عمرو القرشي العامري السرحي أبو محمد المصري، روى عن ابن وهب في الإيمان والصلاة وغيرهما (قالا أخبرنا) عبد الله (بن وهب) القرشي المصري (حدثني الليث بن سعد) المصري (عن جعفر بن ربيعة) بن شرحبيل الكندي المصري (عن عبد الرحمن) بن هرمز (الأعرج) المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه، وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مصريون واثنان مدنيان (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء أو لتخطفن أبصارهم) من الخطف وهو السلب والأخذ بسرعة، قال تعالى:{يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} وفي الحديث النهي الأكيد عن رفع البصر إلى السماء عند الدعاء في داخل الصلاة بتهديد شديد.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 367] والنسائي [3/ 39].

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب أربعة أحاديث الأول حديث أنس ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني حديث أبي هريرة ذكره استشهادًا لحديث أنس وذكر فيه متابعتين، والثالث حديث جابر بن سمرة ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة، والرابع حديث أبي هريرة ذكره استشهادًا لحديث جابر بن سمرة والله سبحانه وتعالى أعلم.

ص: 223