الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
212 - (24) باب: استخلاف الإمام إذا مرض وجواز ائتمام القائم بالقاعد
830 -
(381)(42) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. حَدَّثَنَا زَائِدَةُ. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ عُبَيدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؛ قَال: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ لَهَا: أَلا تُحَدِّثِينِي عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ
ــ
212 -
(24) باب استخلاف الإمام إذا مرض وجواز ائتمام القائم بالقاعد
830 -
(381)(42)(حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس) بن عبد الله بن قيس التميمي اليربوعي -نسبة إلى يربوع بن مالك بطن كبير من تميم- أبو عبد الله الكوفي، روى عن زائدة بن قدامة في الصلاة ودلائل النبوة، وزهير بن معاوية في الصلاة والنكاح، وعاصم بن محمد بن زيد في الجهاد، والليث بن سعد في الفضائل، وفضيل بن عياض في ذكر النفاق، والثوري وإسرائيل وغيرهم، ويروي عنه (خ م د) وأبو زرعة وعبد بن حميد وغيرهم، وثقه النسائي وأبو حاتم وابن سعد والعجلي وعثمان بن أبي شيبة، وقال في التقريب: ثقة حافظ من كبار العاشرة، مات سنة (227) سبع وعشرين ومائتين، وله (94) سنة، روى عنه في (6) أبواب (حدثنا زائدة) بن قدامة الثقفي أبو الصلت الكوفي، ثقة ثبت، من (7) روى عنه في (10) أبواب (حدثنا موسى بن أبي عائشة) الهمداني مولاهم أبو الحسن الكوفي، روى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة في الصلاة، وسعيد بن جبير وعمرو بن شعيب وغيلان بن جرير وغيرهم، ويروي عنه (ع) وزائدة وشعبة والسفيانان وأبو عوانة وغيرهم كان الثوري يحسن الثناء عليه، وقال ابن عيينة: كان من الثقات، وقال ابن معين: كان ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال يعقوب بن سفيان: كوفي ثقة، وقال في التقريب: ثقة عابد، من الثالثة، وكان يرسل، مات سنة (123) ثلاث وعشرين ومائة (عن عبيد الله بن عبد الله) بن عتبة بن مسعود الهذلي أَبِي عَبْدِ الله المدني أحد الفقهاء السبعة، قال أبو زرعة: ثقة مَأمُونٌ إمامٌ، وقال في التقريب: ثقة فقيه ثبت، من الثالثة مات سنة (94)(قال) عبيد الله (دخلت على عائشة) الصديقة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون واثنان مدنيان (فقلت لها) ولفظة ألا في قوله (ألا تحدثيني) حرف عرض وهو الطلب برفق ولين، والجملة سؤال عَمَّا يُعْن مِنْ طلبِ العلم (عن مرض رسول الله
صلى الله عليه وسلم؟ قَالتْ: بَلَى. ثَقُلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. فَقَال: "أَصَلَّى النَّاسُ؟ ". قُلْنَا: لَا. وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ. يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَال " ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ". فَفَعَلْنَا. فَاغْتَسَلَ. ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيهِ. ثُمَّ أَفَاقَ فَقَال: "أَصَلَّى النَّاسُ؟ ". قُلْنَا: لَا. وَهُمْ
ــ
صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه (قالت) عائشة (بلى) أحدثك يا عبيد الله عن مرضه صلى الله عليه وسلم إنه (ثقل النبي صلى الله عليه وسلم وضعف عن الخروج إلى المسجد (فقال) لمن عنده (أصلى الناس) أي هل صلوا أم لا؟ وفي هذا تأكيد أمر الصلاة وإشعار بأنها أهم ما يسئل عنه، وفيه فضل المبادرة بالصلاة أول الوقت وإنما لم يبادر الصحابة رضي الله تعالى عنهم بالصلاة هنا كما بادروا بها في خروجه إلى بني عمرو بن عوف، وفي حديث تقديمهم عبد الرحمن بن عوف في غزوة تبوك لأنهم هنا رجوا خروجه إليهم عن قرب وفي ذينك علموا بُعْدَهُ أو ظَنُّوا أنه قد صَلَّى، وفيه أن الإمام إذا تأخر ورُجي مجيئه عن قرب انتظر فـ (قلنا) له (لا) أي لم يصلوا (وهم ينتظرونك) أي يَنْتَظِرُونَ خُرُوجَك إليهم (يا رسول الله) وفيه تعريض لأنْ يَخْرج فيُصلِّي بهم (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ضعوا لي) أي اجعلوا لي (ماء) أغتسل به (في المخضب) بكسر الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الضاد المعجمة، فالمخضب وكذا الإجانة والمركن إناء تُغسل فيه الثياب وهي المسماة بالقصرية (أرميته صحفًا) فطَلَبهُ ماءَ الاغتسال طلبًا لخفةِ المرض، قالت عائشة (ففعلنا) ذلك الذي أمرنا به من جعل الماء في المخضب (فاغتسل) ليخف عنه المرض لأن الماء البارد يخفف السخونة (ثم) بعد اغْتِسَالِهِ (ذَهَبَ) أي قَصَد (لينوء) أي ليقوم وينهض (فاُغمي عليه) أي أصابه الإغماء وهو الغَشْيُ لشدةِ المرض، وفيه دلالة على جواز الإغماء على الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، ولا شك في جوازه عليهم لأنه مرض من الأمراض وشبيه بالنوم، والمرض يجوز عليهم بخلاف الجنون فإنه لا يجوز عليهم لأنه نقص وقد كملهم الله تعالى بالكمال التام، قال بعضهم: العقل في الإغماء يكون مغلوبًا وفي الجنون مسلوبًا وفي النوم مستورًا، والحكمة في جواز المرض عليهم ومصائب الدنيا تكثير أجرهم وتسلية الناس بهم ولئلا يفتتن الناس بهم ويعبدوهم لما يظهر عليهم من المعجزات والآيات البينات (ثم أفاق) وصحا من إغمائه (فقال: أصَلَّى الناس) أم لا؟ (قلنا) له (لا) أي لم يصلوا (وهم
يَنْتَظِرُونَكَ. يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَال:"ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ". فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ. ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيهِ. ثُمَّ أَفَاقَ فَقَال: "أَصَلَّى النَّاسُ؟ ". قُلْنَا: لَا. وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَال:"ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ" فَفَعَلْنَا، فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَال:"أَصَلَّى النَّاسُ؟ ". فَقُلْنَا: لَا، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالتْ: وَالنَّاسُ عُكُوفٌ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِصَلاةِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ
ــ
ينتظرونك) أي ينتظرون خروجك إليهم (يا رسول الله) لتُصلي بهم، ففيه دليل على أن الإمام إذا تأخر عن أول الوقت ورُجي مجيئه على قرب يُنتظر ولا يتقدم غيره كما مر (فقال: ضعوا لي ماء في المخضب) مرة ثانية (ففعلنا فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأُغمي عليه، ثم أفاق، فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا، وهم ينتظرونك يا رسول الله، فقال: ضعوا لي ماء في المخضب) مرة ثالثة (ففعلنا فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأُغمي عليه، ثم أفاق فقال: أصلى الناس؟ فقلنا: لا، وهم ينتظرونك يا رسول الله) قال النواوي: وفي قوله (فاغتسل) دلالة على استحباب الغسل من الإغماء، وإذا تكرر الإغماء استحب تكرر الغسل لكل مرة فإن لم يغتسل إلا بعد الإغماء مرات كفى غسل واحد، وقد حمل القاضي عياض الغسل هنا على الوضوء من حيث إن الإغماء ينقض الوضوء، ولكن الصواب أن المراد بالغسل هنا غسل جميع البدن فإنه ظاهر اللفظ ولا مانع يمنع منه فإن الغسل مستحب من الإغماء بل قال بعض أصحابنا واجب وهذا شاذ ضعيف اهـ. وقال بعضهم: والإغماء من الأمراض الحسية التي تجوز على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بخلاف الجنون فإنه لا يجوز عليهم لأنه نقص كما مر. قال (ب): قد استعاذ صلى الله عليه وسلم من البرص والجنون فيحمل على أنه تعليم للخلق اهـ:
(قالت) عائشة (والناس عكوف) أي جلوس (في المسجد) مجتمعون فيه ملتزمون له، وأصل الاعتكاف اللزوم والحبس، والعكوف كالقعود يستعمل مصدرًا وجمعًا وهو هنا جمع العاكف، حالة كونهم (ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم أي خروجه إليهم (لـ) يصلي بهم (صلاة العشاء الآخرة) هي صلاة العشاء المعلومة التي كانوا يسمونها العتمة، ومن المغرب إلى العتمة يسمى عشاء ويقال العشاءان المغرب والعتمة، وفي هذا دليل على صحة قول الإنسان العشاء الآخرة، وقد أنكره الأصمعي والصواب
قَالتْ: فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَبِي بَكْرٍ، أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ. فَأَتَاهُ الرَّسُولُ فَقَال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكَ أَنْ تُصَلِّيَ بِالنَّاسِ. فَقَال أَبُو بَكْرٍ، وَكَانَ رَجُلًا رَقِيقًا: يَا عُمَرُ صَلِّ بِالنَّاسِ. قَال: فَقَال عُمَرُ: أَنْتَ أَحَقُّ بِذَلِكَ
ــ
جوازه فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة وأنس والبراء وجماعة آخرين إطلاق العشاء الآخرة على العشاء (قالت) عائشة (فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر) يأمره (أن يصلي بالناس) ففي هذا دلالة على فضيلة أبي بكر رضي الله عنه وتفضيله على جميع الصحابة رضي الله تعالى عنهم وتنبيه على أنه أحق بخلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم من غيره، وفيه أن الإمام إذا عرض له عذر يمنعه عن حضور الجماعة استخلف من يصلي بهم، وأنه لا يستخلف إلا أفضلهم (فأتاه) أي فأتى أبا بكر (الرسول) الذي أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر بالخلافة وهو بلال المؤذن كما في الحديث الآخر (فقال) الرسول (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصلي) إمامًا (بالناس) قال القاضي عياض: وهذا أدل دليل على فضيلة أبي بكر رضي الله عنه على غيره، وتنبيه على أنه الأحق بالخلافة لأن الصلاة للخليفة، ولذا قال الصحابة رضوان الله تعالى عليهم: رضينا لدنيانا من رضيه صلى الله عليه وسلم لديننا، وقال عمر: من كانت تطيب نفسه منكم أن يؤخره عن مقام أقدمه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقال أبو بكر وكان رجلًا رقيقًا) أي رقيقَ القلبِ ولَيِّنهُ وخاشِعَه كثيرَ الخشية والبكاء، قد فسره في الطريق الثاني بأنه لا يملك دمعه إذا قرأ القرآن (يا عمر صل بالناس) قال القاضي: فيه للمستخلف أن يستخلف غيره، وفيه دفع الفضلاء هذه الأشياء الخطيرة عن أنفسهم (قال) الرسول يعني بلالًا المؤذن (فقال عمر) لأبي بكر (أنت أحق بذلك) أي بالائتمام بالناس لأنك المأمور به، قال القاضي: فيه شهادة الصحابة رضي الله تعالى عنهم له بالتقديم، قال الأبي: وفيه الرد على ما تزعمه الشيعة من أن عمر لم يكن راضيًا بإمامته، وذكر الآمدي من طريق عبد الله بن أبي أوفى أن بلالًا قال: "فخرجت حين أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر ليصلي بالناس فلم أجد بحضرة الباب إلا عمر في أناس ليس فيهم أبو بكر قلت قم يا عمر فصل بالناس فقام عمر وكان صيتًا، فلما قال: الله أكبر سمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أين أبو بكر
قَالتْ: فَصَلَّى بِهِمْ أَبُو بَكْرٍ تِلْكَ الأَيَّامَ. ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ بَينَ رَجُلَينِ. أَحَدُهُمَا الْعَبَّاسُ؛ لِصَلاةِ الظُّهْرِ. وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ. فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ لِيَتَأَخَّرَ. فَأَوْمَأَ إِلَيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ. وَقَال لَهُمَا: "أَجْلِسَانِي إِلَى جَنْبِهِ" فَأَجْلَسَاهُ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ. وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي وَهُوَ قَائِمٌ بِصَلاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاةِ أَبِي بَكْرٍ. وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ
ــ
يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر قالها ثلاثًا- مروا أبا بكر ليُصلي بالناس، فقالت عائشة: إنه رجل رقيق" الحديث، (قالت) عائشة رضي الله تعالى عنها (فصلى بهم) أي بالناس (أبو بكر) الصديق (تلك الأيام) التي مرض فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال القاضي: وهذا يدل على أنها لم تكن صلاة واحدة قيل كانت اثنتي عشرة، قال النواوي: وفي الحديث دلالة على فضيلة عمر بعد أبي بكر لأن أبا بكر لم يعدل به غيره، وعلى أن المفضول إذا عرض عليه الفاضل مرتبة لا يقبلها بل يدعها للفاضل إذا لم يمنع مانع، وعلى جواز الثناء في الوجه لمن أُمن عليه الإعجاب والفتنة لقوله: أنت أحق بذلك، وأما قول أبي بكر لعمر صل بالناس فقاله للعذر المذكور؛ وهو أنه رجل رقيق القلب كثير الحزن والبكاء لا يملك عينيه وقد تأوله بعضهم على أنه قاله تواضعًا، والمختار ما ذكرناه اهـ.
(ثم) بعد أمره أبا بكر بإمامة الناس (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد من نفسه) وعرف (خفة) أي خفة مرض وقِلّتَهُ وانكشافه عنه (فخرج) إلى المسجد حالة كونه يُهادى ويمشى (بين رجلين) من أهل بيته (أحدهما العباس) بن عبد المطلب عمُّه الشقيقُ، وقوله (لصلاة الظهر) متعلق بخرج (وأبو بكر) أي والحال أن أبا بكر (يصلي) إمامًا (بالناس فلما رآه) صلى الله عليه وسلم (أبو بكر ذهب) ومشى إلى ورائه (ليتأخر) عن موضعه موضع الإمام (فأومأ إليه) أي أشار إلى أبي بكر (النبي صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة بـ (أن لا يتأخر) عن مكانه مكان الإمام (وقال) النبي صلى الله عليه وسلم (لهما) أي للرجلين (أجلساني إلى جنبه) أي اجعلاني جالسًا إلى جانبه (فأجلساه) صلى الله عليه وسلم (إلى جنب أبي بكر وكان أبو بكر يصلي وهو قائم) مبلغ التكبير إلى الناس مقتد (بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم والناس يصلون) أي يأتمون (بصلاة أبي بكر) ويتبعونها (والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد) لعجزه عن القيام، وفي هذا جواز وقوف مأموم واحد
قَال عُبَيدُ اللَّهِ: فَدَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ لَهُ: أَلا أَعْرِضُ عَلَيكَ مَا حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَال: هَاتِ. فَعَرَضْتُ حَدِيثَهَا عَلَيهِ فَمَا أَنْكَرَ مِنْهُ شِيئًا. غَيرَ أَنَّهُ قَال: أَسَمَّتْ لَكَ الرَّجُلَ
ــ
بجنب الإمام لحاجة أو مصلحة كإسماع المأمومين وضيق المكان ونحو ذلك، قال السنوسي: ويجمع بين الإمامتين بأن أبا بكر كان في بعضها إمامًا وفي بعضها مأمومًا، قال النواوي: قوله (أحدهما العباس) وفسر ابن عباس الرجل الآخر بعلي بن أبي طالب، وفي الطريق الآخر (فخرج ويد له على الفضل بن عباس ويد له على رجل آخر) وجاء في غير مسلم (بين رجلين أحدهما أسامة بن زيد) وطريق الجمع بين هذا كله أنهم كانوا يتناوبون الأخذ بيده الكريمة صلى الله عليه وسلم تارة هذا وتارة ذاك وذاك ويتنافسون في ذلك وهؤلاء هم خواص أهل بيته الرجال الكبار، وكان العباس رضي الله عنه أكثرهم ملازمة للأخذ بيده الكريمة باختصاصه بيده الكريمة المباركة صلى الله عليه وسلم أو أنه أدام الأخذ وإنما يتناوب الباقون في اليد الأخرى وأكرموا العباس باختصاصه بيدٍ استمرارًا لما له من السن والعمومة وغيرهما ولهذا ذكرته عائشة رضي الله تعالى عنها مسمى باسمه وأبهمت الرجل الآخر إذ لم يكن أحد الثلاثة الباقين ملازمًا في جميع الطريق ولا معظمه بخلاف العباس، والله سبحانه وتعالى أعلم، وقيل الخروج خروجان خروج إلى بيت عائشة وخروج إلى المسجد.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [6/ 250] والبخاري [664] والترمذي [3678] والنسائي [2/ 98 - 100] وابن ماجه [1232].
(قال عبيد الله) بن عبد الله بن عتبة بالسند السابق (فدخلت على عبد الله بن عباس) رضي الله تعالى عنهما (فقلت له) أي لابن عباس (ألا أَعْرِضُ) من باب ضرب أي أُطْلِع وأُظهر (عليك) وأُحدث لك، والهمزة للاستفهام التقريري ولا نافية (ما حدثتني) وأخبرتني (عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها (عن) حال (مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه (فقال) لي ابن عباس (هات) اسم فعل أمر بمعنى أعط وأخبر (فعرضت حديثها) أي أظهرت حديثها (عليه) على ابن عباس وأخبرته إياه (فما أنكر) ابن عباس (منه) أي من حديثها (شيئًا) أي لا قليلًا ولا كثيرًا بل أقره (غير أنه) أي أن ابن عباس (قال) لي (أسمت لك الرجل) أي هل ذكرت لك عائشة اسم
الَّذِي كَانَ مَعَ الْعَبَّاسِ؟ قُلْتُ: لَا. قَال هُوَ عَلِيٌّ.
831 -
(00)(00)(00) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ (وَاللَّفْظُ لابْنِ رَافِعٍ) قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. قَال: قَال الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي عُبَيدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ؛ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ قَالتْ: أَوَّلُ مَا اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيتِ مَيمُونَةَ
ــ
الرجل (الذي كان) يهاديه صلى الله عليه وسلم (مع العباس) عمه (قلت) له (لا) أي ما ذكرته لي (قال) ابن عباس (هو) أي ذاك الرجل (علي) بن أبي طالب، وكانت رضي الله تعالى عنها واجدة عليه لما بلغها من قوله حين استشاره النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الإفك "النساء سواها كثير".
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
831 -
(00)(00)(00)(حدثنا محمد بن رافع) القشيري مولاهم أبو عبد الله النيسابوري، ثقة عابد، من (11)(وعبد بن حميد) بن نصر الكسي أبو محمد، ثقة حافظ، من (11) وأتى بقوله (واللفظ) أي لفظ الحديث الآتي (لابن رافع) تورعًا من الكذب على ابن حميد كلاهما (قالا حدثنا عبد الرزاق) بن همام بن نافع الحميري أبو بكر الصنعاني، ثقة حافظ، من (9) قال (أخبرنا معمر) بن راشد الأزدي مولاهم أبو عروة البصري، ثقة ثبت فاضل، من (7)(قال) معمر (قال) لنا (الزهري) محمد بن مسلم بن عبيد الله المدني، ثقة متفق على جلالته، من (4)(وأخبرني عبيد الله) معطوف على محذوف تقديره أخبرنيه غير عبيد الله وأخبرني أيضًا عبيد الله (بن عبد الله بن عتبة) بن مسعود الهذلي المدني (أن عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها (أخبرته) أي أخبرت لعبيد الله بن عبد الله وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وواحد بصري وواحد صنعاني وواحد نيسابوري أو كسي، وغرضه بسوقه بيان متابعة الزهري لموسى بن أبي عائشة في رواية هذا الحديث عن عبيد الله بن عبد الله (قالت) له عائشة (أول ما اشتكى) ومرض (رسول الله صلى الله عليه وسلم وما مصدرية وأول مبتدأ، وقوله (في بيت ميمونة) بنت الحارث الهلالية زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنها خبر المبتدأ؛ أي أول اشتكائه ومرضه حاصل في بيت ميمونة وسكنها وإضافة بيت إلى
فَاسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيتِهَا. وَأَذِنَّ لَهُ. قَالتْ فَخَرَجَ وَيَدٌ لَهُ عَلَى الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ. وَيَدٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ. وَهُوَ يَخُطُّ بِرِجْلَيهِ فِي الأَرْضِ. فَقَال عُبَيدُ اللَّهِ: فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ. فَقَال: أَتَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ؟ هُوَ عَلِيٌّ.
832 -
(00)(00)(00) حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيبِ بْنِ اللَّيثِ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي. قَال حَدَّثَنِي عُقَيلُ بْنُ خَالِدٍ
ــ
ميمونة للاختصاص لأنه مملوك للنبي صلى الله عليه وسلم (فاستأذن) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أزواجه) أي طلب منهن الإذن له في (أن يمرض) بالبناء للمجهول من التمريض أي في أن يُخدم في مرضه (في بيتها) أي في بيت عائشة فالتمريض هو حسن القيام على المريض بتعهده وإحضار ما يحتاج إليه له (وأذنَّ) أزواجه (له) صلى الله عليه وسلم في أن يمرض في بيتها بإدغام نون لام الكلمة في نون الإناث، قال القاضي عياض: لم يكن القسم واجبًا عليه صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} الآية، ولكن لحسن عشرته التزمه تطييبًا لنفوسهن، قال النواوي: وأوجبه بعض أصحابنا لهذا الحديث وحديث "اللهم هذا قسمي فيما أملك" وأجاب الآخر عنه بأنه على الاستحباب، وفيه دلالة على فضل عائشة على زوجاته الموجودات، قال النواوي: وكن تسعًا رضي الله تعالى عنهن، وإنما اختلف فيما بينها وبين خديجة رضي الله تعالى عنهما، قال (ع) واختلف في ذي الزوجات يمرض ولا يقدر أن يدور فقيل يختار وقيل يقرع اهـ.
(قالت: فخرج ويد له على الفضل بن عباس ويد له على رجل آخر وهو يخط برجليه في الأرض، فقال عبيد الله فحدثت به ابن عباس فقال: أتدري من الرجل الذي لم تسم عائشة؟ هو علي).
ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
832 -
(00)(00)(00)(حدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث) بن سعد الفهمي مولاهم أبو عبيد الله المصري، ثقة، من (11) قال (حدثني أبي) شعيب بن الليث بن سعد الفهمي أبو عبد الملك المصري، ثقة، من (10)(عن جدي) ليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي مولاهم أبي الحارث المصري، ثقة ثبت إمام فقيه مشهور، من (7)(قال) الليث (حدثني عقيل بن خالد) مصغرًا بن عقيل مكبرًا الأموي مولاهم أبو خالد
قال: قَال ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عُبَيدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ؛ أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيتِي. فَأَذِنَّ لَهُ فَخَرَجَ بَينَ رَجُلَينِ. تَخُطُّ رِجْلاهُ فِي الأَرْضِ. بَينَ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَبَينَ رَجُلٍ آخَرَ. قَال عُبَيدُ اللَّهِ: فَأَخْبَرْتُ عَبْدَ اللَّهِ بِالَّذِي قَالتْ عَائِشَةُ. فَقَال لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: هَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ؟ قَال: قُلْتُ: لَا
ــ
المصري، ثقة ثبت، من (6)(قال) عقيل بن خالد (قال) لنا (ابن شهاب) الزهري المدني (أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود) الهذلي المدني (أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت) وهذا السند من سباعياته رجاله أربعة منهم مصريون وثلاثة مدنيون، وغرضه بسوقه بيان متابعة عقيل بن خالد لمعمر بن راشد في رواية هذا الحديث عن الزهري، وفائدتها بيان كثرة طرقه (لما ثقل) وضعف (رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتد به وجعه) أي مرضه قال (ع) والعرب تسمي كل مرض وجعًا، قال (ب) قال السهيلي الوجع الذي كان به صلى الله عليه وسلم هو المسمى بالخاصرة، وفي كتاب النذور من الموطأ (فأصابتني خاصرة) قالت عائشة: وكثيرًا ما كانت تصيبه الخاصرة ولكنا لا نعرف اسم الخاصرة وإنما نقول أخذه عرق الكلية، وفي مسند الحارث حديث يرفعه قال: الخاصرة عرق في الكلية إذا تحرك وجع صاحبه اهـ.
(استأذن أزواجه) أي طلب منهم الإذن له في (أن يمرض) أي أن يُخدم ويتعاهد في مرضه (في بيتي) لأنه موضع تربته (فأَذنَّ) ماض مسند إلى ضمير الإناث أي رخصن (له) في أن يمرض في بيت عائشة (فخرج) من بيت ميمونة أو من بيت عائشة إلى المسجد يمشي (بين رجلين) متكئًا عليهما يتمايل إليهما حالة كونه (تخط رجلاه في الأرض) أي يجرهما في الأرض حتى يجعلان فيها خطًا ولا يعتمد عليهما، وقوله (بين عباس بن عبد المطلب وبين رجل آخر) بدل من قوله بين رجلين أو عطف بيان له (قال عبيد الله) بن عبد الله بن عتبة (فأخبرت عبد الله) بن عباس (بالذي) أَي بِالحديثِ الذي (قالت) ـه (عائشة فقال لي عبد الله بن عباس هل تدري) أي هل تعلم يا عبيد الله (من الرجل الآخر الذي لم تسم عائشة؟ ) أي لم تذكر عائشة اسمه (قال) عبيد الله (قلت: لا) أدري ولا
قَال: ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ عَلِيٍّ
ــ
أعلم من هو؟ (قال ابن عباس هو) أي ذاك الرجل الذي لم تسمه عائشة (علي) بن أبي طالب، وكرر متن الحديث لما في هذه الرواية من المخالفة للرواية التي قبلها في سوق الحديث، والله أعلم.
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديث عائشة رضي الله عنها وذكر فيه متابعتين.
***