الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
238 - (50) باب: فضل السجود والحث عليه
987 -
(448)(108) حدَّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. قَال: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ قَال: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ الْمُعَيطِيُّ. حَدَّثَنِي مَعْدَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمَرِيُّ. قَال: لَقِيتُ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ أَعْمَلُهُ يُدْخِلُنِي اللهُ بِهِ الْجَنَّةَ. أَوْ قَال: قُلْتُ: بِأَحَبِّ الأعْمَالِ إِلَى اللهِ
ــ
238 -
(50) باب فضل السجود والحث عليه
987 -
(448)(108)(حدثني زهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي (حدثنا الوليد بن مسلم) القرشي الأموي مولاهم أبو العباس الدمشقي، ثقة، من (8)(قال) الوليد (سمعت الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو أبا عمرو الشامي، ثقة مأمون، من (7)(قال) الأوزاعي (حدثني الوليد بن هشام) بن معاوية بن هشام بن عتبة بن أبي معيط مصغرًا الأموي أبو يعيش أوله تحتانية (المعيطي) نسبة إلى جده المذكور الشامي، روى عن معدان بن أبي طلحة في الصلاة، وعمر بن عبد العزيز وعبد الله بن محيريز وأم الدرداء وغيرهم، ويروي عنه (م عم) والأوزاعي وابنه يعيش وابن عيينة وآخرون، وثقه ابن معين والعجلي والأوزاعي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من السادسة، قال (حدثني معدان بن أبي طلحة) ويقال ابن طلحة الكناني (اليعمري) بفتح التحتانية والميم بينهما مهملة ساكنة نسبة إلى يعمر بطن من كنانة كما في اللباب الشامي، روى عن ثوبان في الصلاة والجنائز والمرضى، وأبي الدرداء في الصلاة، وعمر بن الخطاب في الصلاة والفرائض، ويروي عنه (م عم) والوليد بن هشام المعيطي وسالم بن أبي الجعد والسائب بن حبيش، وثقه العجلي وابن سعد، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الثانية (قال) معدان (لقيت ثوبان) بن بُجْدَد الهاشمي مولاهم (مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبد الله الشامي رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم شاميون إلا زهير بن حرب فإنه نسائي، قال معدان (فقلت) لثوبان (أخبرني بعمل) صالح (أعمله) بالرفع صفة لعمل وكذلك يدخلني الجنة، ويجوز جزمه على أنه جواب الطلب السابق ويدخلني بدل منه اهـ من مرقاة المفاتيح (يدخلني الله به) أي بسبب ذلك العمل (الجنة) دار الكرامة (أو قال) معدان، والشك من الوليد بن هشام (قلت) لثوبان أخبرني (بأحب الأعمال إلى الله) أي عند الله سبحانه
فَسَكَتَ ثم سَأَلْتُهُ فَسَكَتَ. ثُمَّ سَأَلْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقَال: سَألْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَال: "عَلَيكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ للهِ. فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلهِ سَجْدَةً إلا رَفَعَكَ اللهُ بِهَا دَرَجَةً. وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً".
قَال مَعْدَانُ: ثُمَّ لَقِيتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَسَأَلْتُهُ. فَقَال لِي مِثْلَ مَا قَال لِي ثَوْبَانُ.
988 -
(449)(109) حدَّثنا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى أَبُو صَالِحٍ
ــ
وتعالى يدخلني الله به الجنة (فسكت) ثوبان عني ولم يجبني سؤالي (ثم سألته) أي سألت ثوبان الثانية (فسكت) عني، قال الأبي: يحتمل أن سكوته تفكر أو تنشيط أو تغبيط لسماع ما يلقى (ثم سألته) المرة (الثالثة فقال) ثوبان بعد الثالثة (سألت عن ذلك) الذي سألتني عنه (رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (عليك) أي الْزَمْ (بكثرةِ السجود لله) تعالى يعني الأعداد لا الإطالة أي بكثرة الصلاة من النوافل من إطلاق الجزء وارادة الكل والمراد به السجود في الصلاة، وفيه دليل لمن يقول تكثير السجود أفضل من إطالة القيام وسبب الحث عليه ما سبق في الحديث الماضي:"أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" وهو موافق لقول الله تعالى: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} ولأن السجود غاية التواضع والعبودية دئه، وفيه تمكين أعز أعضاء الإنسان وأعلاها وهو وجهه من التراب الذي يداس ويمتهن، والله أعلم.
(فإنك لا تسجد) خالصًا مخلصًا (لله سجدة إلا رفعك الله) أي زادك الله سبحانه (بها) أي بتلك السجدة (درجة) أي منزلة وقربًا عنده تعالى (وحط) أي أقال (عنك بها خطيئة) أي معصية (قال معدان) بن أبي طلحة (ثم) بعد ما أخبرني ثوبان بهذا الحديث (لقيت) أي رأيت (أبا الدرداء) عويمر بن زيد الأنصاري (فسألته) أي فسألت أبا الدرداء عن أحب الأعمال إلى الله تعالى (فقال لي) أبو الدرداء (مثل ما قال لي ثوبان) يعني عليك بكثرة السجود.
وشارك المؤلف رحمه الله تعالى في رواية هذا الحديث أحمد [5/ 276] والترمذي [388] والنسائي [2/ 228].
ثم استشهد المؤلف لحديث ثوبان بحديث ربيعة بن كعب رضي الله تعالى عنهما فقال:
988 -
(449)(109)(حدثنا الحكم بن موسى) بن زهير البغدادي (أبو صالح)
حَدَّثَنَا هِقْلُ بْنُ زَيادٍ. قَال: سَمِعْتُ الأوزَاعِيَّ. قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ. حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ. حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الأسلَمِيُّ؛ قَال: كُنْتُ أَبِيتُ مع رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَتَيتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ
ــ
القنطري نسبة إلى القنطرة موضع ببغداد، وثقه ابن معين وابن سعد وصالح جزرة وابن قانع، وقال في التقريب: صدوق، من (10) مات سنة (232) روى عنه في (7) أبواب، قال (حدثنا هقل بن زياد) بن عبيد السكسكي بمهملتين مفتوحتين بينهما كاف ساكنة، مولاهم أبو عبد الله الدمشقي، وقال في التهذيب: هقل لقب غلب عليه واسمه محمد، روى عن الأوزاعي في الصلاة والبيوع وشرف النبي صلى الله عليه وسلم، وحريز بن عثمان وهشام بن حسان وغيرهم، ويروي عنه (م عم) والحكم بن موسى وابنه محمد والليث بن سعد وأبو مسهر وجماعة، وثقه ابن معين وأبو زرعة والعجلي والنسائي، وقال في التقريب: ثقة، من التاسعة، مات سنة (179) تسع وسبعين ومائة، روى عنه في ثلاثة أبواب (قال) هقل بن زياد (سمعت) عبد الرحمن بن عمرو (الأوزاعي) أبا عمرو الدمشقي (قال) الأوزاعي (حدثني يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطائي مولاهم أبو نصر اليمامي، ثقة ثبت، من (5) مات سنة (132) روى عنه في (16) بابا، قال (حدثني أبو سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة فقيه، من (3) مات سنة (94) روى عنه في (14) بابا، قال (حدثني ربيعة بن كعب) بن مالك (الأسلمي) نسبة إلى أسلم بن قصي بن حارثة بن عمرو بن عامر أبو فراس المدني الصحابي الجليل، كان من أهل الصفة، له اثنا عشر حديثًا انفرد له (م) بحديث وليس له في (عم) سواه، روى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن في الصلاة و (م عم) ونعيم المجمر وحنظلة بن علي، ويقال كان خادمًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه قديمًا، ونزل بعده صلى الله عليه وسلم على بريد من المدينة إلى أن مضى لسبيله رضي الله عنه سنة (63) ثلاث وستين وقيل ثلاث وسبعين. وهذا السند من سداسياته، رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان شاميان وواحد يمامي وواحد بغدادي (قال) ربيعة بن كعب كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أي أكون معه صلى الله عليه وسلم في الليل، والمراد بالمعية القرب منه، قال ملا علي: ولعل هذا وقع له في سفر (فأتيته) صلى الله عليه وسلم (بوضوئه) أي بماء وضوئه وطهارته (وحاجته) أي بسائر ما يحتاج إليه من نحو
فَقَال لِي: "سَلْ". فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ. قَال: "أَوْ غَيرَ ذَلِكَ؟ " قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ. قَال: "فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ"
ــ
سواك وسجادة (فقال لي) رسول الله صلى الله عليه وسلم (سل) إياي يا ربيعة أي اطلب مني حاجة في مقابلة خدمتك لي (فقلت) له (أسألك مرافقتك) أي مصاحبتك (في الجنة قال أو غير ذلك) أي تسأل ذلك أو غير ذلك، وأجاز ملا علي فتح الواو في أو على أن تكون الهمزة للاستفهام فالمعنى أثابت أنت في طلبك أم لا؟ وتسأل غيره، وهذا ابتلاء وامتحان لينظر هل يثبت على ذلك المطلوب العظيم الذي لا يقابله شيء فإن الثبات على طلب أعلى المقامات من أتم الكمالات اهـ قال ربيعة بن كعب (قلت) له صلى الله عليه وسلم (هو ذاك) أي سؤالي مرافقتك على تقدير كونِ أَوْ عاطفةً وعلى تقديرِ الاستفهام مسؤولي ذلك لا أَتجاوزُ عنه قاله ملا علي (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لربيعة (فأعني على) تحصيل نيل مراد (نفسك) الذي هو مرافقتي في الجنة (بكثرة السجود) التي يستلزمها كثرة الصلاة من النوافل.
قال القرطبي: الحديث دليل على أن كثرة السجود أفضل من طول القيام وهي مسألة اختلف العلماء فيها فذهبت طائفة إلى ظاهر هذا الحديث، وذهبت طائفة أخرى إلى أن طول القيام أفضل متمسكين بقوله صلى الله عليه وسلم:"أفضلُ الصلاةِ طُولُ القُنوتِ" رواه مسلم والترمذي من حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، وفسروا القنوت بالقيام كما قال تعالى:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} ذكر هذه المسألة والخلاف فيها الترمذي. والصحيح من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يطول في قيام صلاة الليل وداوم على ذلك إلى حين موته فدل على أن طول القيام أفضل.
ويحتمل أن يقال إن ذلك يرجع إلى حال المصلي فرب مصل يحصل له في حال القيام من الحضور والتدبر والخشوع ما لا يحصل له في السجود، ورب مصل يحصل له في السجود من ذلك ما لا يحصل له في القيام فيكون الأفضل له هذه الحال التي حصل له فيها ذلك المعنى الذي هو روح الصلاة والله تعالى أعلم اهـ.
وقال أيضًا: قوله (أو غير ذلك) رويناه بإسكان الواو من أو ونصب غير أي أو سل غير ذلك كأنه حضه على سؤال شيء آخر غير مرافقته لأنه فهم منه أن يطلب المساواة معه في درجته وذلك مما لا ينبغي لغيره، فلما قال الرجل: هو ذلك، قال له: فأعني
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على نفسك بكثرة السجود؛ أي الصلاة ليزداد من القرب ورفعة الدرجات حتى يقرب من منزلته وإن لم يساوه فيها، ولا يعترض هذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه حذيفة ليلة الأحزاب:"ألا رجل يأتيني بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة" رواه مسلم من حديث حذيفة لأن هذا مثل قوله تعالى: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمْ
…
} الآية [النساء: 69] لأن هذه المعية هي النجاة من النار والفوز بالجنة إلا أن أهل الجنة على مراتبهم ومنازلهم بحسب أعمالهم وأحوالهم، وقد دل على هذا أيضًا قوله صلى الله عليه وسلم:"المرء مع من أحب وله ما اكتسب" رواه الترمذي من حديث أنس.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [4/ 57، 58] وأبو داود [1320] والنسائي [2/ 227 - 228].
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب حديثان الأول حديث ثوبان ذكره للاستدلال، والثاني حديث ربيعة الأسلمي ذكره للاستشهاد، والله سبحانه تعالى أعلم.
***