الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
196 - (7) باب فضل حكاية الأذان ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعدها وسؤال الوسيلة له صلى الله عليه وسلم
742 -
(346)(8) حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءٍ بْنِ يَزِيدَ اللَّيثِيِّ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"إِذَا سَمِعْتُمُ الندَاءَ فَقُولُوا مِثلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذنُ"
ــ
196 -
(7) باب فضل حكاية الأذان ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعدها وسؤال الوسيلة له صلى الله عليه وسلم
742 -
(346)(8)(حدثني يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (قال) يحيى (قرأت على مالك) بن أنس بن أبي عامر الأصبحي المدني فهو بمعنى أخبرني مالك (عن) محمد بن مسلم (بن شهاب) الزهري المدني (عن عطاء بن يزيد الليثي) من أنفسهم أبي يزيد المدني، وثقه النسائي وابن المديني وقال النسائي: شامي ثقة، وقال ابن سعد: كان كثير الحديث، وقال في التقريب: ثقة، من (3) مات سنة (107)(عن أبي سعيد الخدري) سعد بن مالك بن سنان، له ولأبيه صحبة رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلا يحيى بن يحيى فإنه نيسابوري.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا سمعتم النداء) أي الأذان (فقولوا) أي وجوبًا أو ندبًا على الخلاف الآتي قولًا (مثل ما يقول المؤذن) أي مثل قول المؤذن، فما مصدرية، قال ابن الملك: المراد بالمماثلة هنا المشابهة في مجرد القول لا في صفته كرفع الصوت اهـ. وكذا مثل قولِ المقيم أي إلا في الحيعلتين فيقول بدل كل منهما لا حول ولا قوة إلا بالله كما سيأتي قريبًا تقييده في الحديث الآتي إن شاء الله تعالى، وإلا في التثويب في الصبح فيقول بدل كل من كلمتيه صدقت وبررت، قال في الكفاية لخبر ورد فيه، وإلا في قوله قد قامت الصلاة فيقول أقامها الله وأدامها، وإلا إن كان في الخلاء أو يجامع فلا يجيب في الأذان، ويكره في الصلاة فيجيب بعدها، والأمر في قولوا ليس للوجوب خلافًا لصاحب المحيط من الحنفية وابن وهب من المالكية فيما حكي عنهما.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعبارة المفهم هنا: قال الطحاوي: واختلف في حكمه فقيل واجب وقيل مندوب إليه، والصحيح أنه مندوب وهو الذي عليه الجمهور ثم هل يقوله عند سماع كل مؤذن أم لأول مؤذن فقط؟ واختلف في الحد الذي يحاكى فيه المؤذن هل إلى التشهدين الأخيرين أم لآخر الأذان؟ فنقل القولان عن مالك ولكنه في القول الآخر إذا حيعل المؤذن يقول السامع: لا حول ولا قوة إلا بالله كما جاء في الأم (أي في أصل صحيح مسلم) وكما رواه أبو داود [527] من حديث عمر، والبخاري [613] من حديث معاوية، واختلف في المصلي هل يحاكي المؤذن وهو في الصلاة؟ فقيل يحاكيه في الفريضة والنافلة، وقيل لا يحاكيه فيهما وهو مذهب أصحاب أبي حنيفة وقيل يحاكيه في النافلة خاصة وبه قال الشافعي، والثلاثة الأقوال في مذهبنا، قال المطرزي (هو محمد بن عبد الواحد غلام ثعلب أحد أئمة اللغة توفي (345) له تصانيف كثيرة) في كتاب اليواقيت وفي غيره: إن الأفعال التي أخذت من أسمائها أي نحتت سبعة وهي بسمل إذا قال: بسم الله الرحمن الرحيم، وسبحل إذا قال: سبحان الله، وحوقل إذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، وحيعل إذا قال: حي على الفلاح، ويجيء على القياس الحيصلة إذا قال حي على الصلاة، ولم يذكر غيره، وحمدل إذا قال: الحمد لله، وهلل إذا قال: لا إله إلا الله، وجعفل إذا قال: جُعِلْتُ فداك، وزاد الثعالبي: الطَبْقَلَة إذا قال: أطال بقاءَك، والدَّمْعَزةَ إذا قال: أدام الله عِزَّك، وقيل: قِيَاسُ المطرزيِّ: الحَيصلةَ على الحيعلةِ غَيرُ صحيح بل الحيعلةُ تُطلق على حي الفلاح، وحي على الصلاة. وإنما هي مِنْ قوله حي على كذا فقط، ولو كان على قياسه في الحيعلة لكان الذي يقال في حي على الفلاح الحيفلة وهذا لم يُقَلْ، والبابُ مسموع لأنه نَحْتٌ "قلْتُ" إلا إِن قلنا إنه نَحْتٌ موَّلد فيصح اهـ مفهم.
وعبَّر بالمضارع في قولِه ما يقول دون الماضي إشارة إلى أن قول السامع يكون عقب كل كلمة مثلها لا الكل عند فراغ الكل ويؤيده حديث النسائي عن أم حبيبة أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا كان عندها فسمع المؤذن يقول مثل ما يقول حتى يسكت فلو لم يجبه حتى فرغ استحب له التدارك إن لم يطل الفصل قاله في المجموع بحثًا، وهل إذا أذن مؤذن آخر يجيبه بعد إجابة الأول أم لا؟ قال النووي: لم أر فيه شيئًا لأصحابنا، وقال في المجموع: المختار أن أصل الفضيلة في الإجابة شامل للجميع إلا أن الأول
743 -
(346)(9) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ حَيوَةَ وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ وَغَيرِهِمَا، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ،
ــ
متأكد، ويكره تركه، وقال ابن عبد السلام: يجيب كل واحد بإجابة لتعدد السبب، وإجابة الأول أفضل إلا في الصبح والجمعة فهما سواء لأنهما مشروعان اهـ قسط.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أصحاب الأمهات كلهم الخمس كما في تحفة الأشراف.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي سعيد الخدري بحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما فقال:
743 -
(346)(9)(حدثنا محمد بن سلمة المرادي) الجملي أبو الحارث المصري، ثقة، من (11) قال (حدثنا عبد الله بن وهب) بن مسلم القرشي المصري ثقة، من (9)(عن حيوة) بن شريح بن صفوان التجيبي أبي زرعة المصري، وثقه أحمد وابن معين، وقال في التقريب: ثقة ثبت فقيه زاهد، من (7) مات سنة (159) روى عنه في (7) أبواب (وسعيد بن أبي أيوب) مِقْلاص بكسر الميم وسكون القاف الخزاعي مولاهم أبي يحيى المصري، روى عن كعب بن علقمة في الصلاة وأبي الأسود ومحمد بن عبد الرحمن وشرحبيل بن شريك في الزكاة والجهاد ويزيد بن أبي حبيب في النذور وعبيد الله بن أبي جعفر في الجهاد والوليد بن أبي الوليد في البر، ويروي عنه (ع) وابن وهب وعبد الله بن يزيد المقرئ وابن جريج وابن المبارك، قال أحمد: لا بأس به، وثَّقه ابنُ معين والنسائي وابن سعد وابن حبان، وقال الساجي: صدوق، وقال في التقريب: ثقة ثبت، من (7) مات سنة (161) إحدى وستين ومائة، روى عنه في (5) أبواب، وقوله (وغيرهما) معطوف على حيوة لأن ابن وهب روى عن ثلاثة والثالث الذي كنى عنه مسلمٌ هو عبدُ الله بن لَهِيعة كما هو مصرح به في رواية أبي داود وعَمْرُو بن الحارث كما في الأصبهاني، كُلٌّ من الثلاثةِ رَوَوْا (عن كعب بن علقمة) بن كعب بن عدي التَنُّوخي أبي عبد الحميد المصري، روى عن عبد الرحمن بن جبير في الصلاة، وبلال بن عبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن شماسة في النذور، ويروي عنه (م د ت س) وحيوة بن شريح وسعيد بن أبي أيوب وعمرو بن الحارث والليث، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: صدوق، من (5) الخامسة، مات سنة (127) سبع وعشرين ومائة وقيل بعدها،
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ جُبَيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ الْعَاصِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ بِهَا عَشْرًا. ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِي الْوَسِيلَةَ، فَإنَّهَا مَنْزِلَةٌ في الْجَنَّةِ لا تَنْبَغِي إِلا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ. وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ. فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ"
ــ
روى عنه في (2) بابين (عن عبد الرحمن بن جبير) القرشي مولاهم الفقيه المؤذن الفرضي المصري، روى عن عبد الله بن عمرو في الصلاة، ويروي عنه (م د ت س) وبكر بن سوادة ودراج أبو السمح، قال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة عارف بالفرائض، من (3) الثالثة مات سنة (97) سبع وتسعين وقيل بعدها (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) بن وائل بن سهم القرشي السهمي أبي محمد المصري الصحابي الجليل رضي الله عنه.
وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم مصريون.
(أنه) أي أن عبد الله بن عمرو (سمع النبي صلى الله عليه وسلم حالة كونه (يقول: إذا سمعتم المؤذن) أي صوته بالأذان (فقولوا مثل ما يقول ثم) بعد إجابته (صلوا علي) فيه إفراد الصلاة عن السلام، وذكر النواوي في الأذكار أنه يكره (فإنه) أي فإن الشأن والحال (من صلى علي صلاة) أي واحدة (صلى الله عليه بها) أي بثواب الصلاة التي صلى (عشرًا) أي عشر مرات فإن الحسنة بعشر أمثالها (ثم) بعد الصلاة علي (سلوا الله) أي اسألوا الله سبحانه وتعالى (لي الوسيلة فإنها) أي فإن الوسيلة (منزلة في الجنة) أي مرتبة رفيعة من منازلها (لا تنبغي) أي لا تليق (إلا لعبد) أي واحد خاص من بين العباد (من عباد الله) أي من جملتهم، قال أهل اللغة: الوسيلة المنزلة وهي مشتقة من توسل الرجل إذا تقرب (وأرجو) أي أطمع (أن أكون أنا هو) وفيه من التواضع ما لا يخفى، ولفظ أنا تأكيد للضمير المستكن في أكون ولفظ هو خبره واقع موقع إياه أو موقع اسم الإشارة أي أن أكون أنا إياه أو ذلك العبد، ويحتمل أن يكون أنا مبتدأ لا تأكيدًا، وهو خبره، والجملة خبر أكون (فمن سأل) الله سبحانه وتعالى، ولفظ الجلالة مذكور في رواية أبي داود (لي الوسيلة) أي تلك المنزلة الرفيعة (حلت له) أي صارت (الشفاعة) حلالًا له غير حرام، وفي رواية:"حلت عليه الشفاعة" وقيل من الحلول بمعنى النزول
744 -
(347)(10) حدّثني إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ الثَّقَفِيُّ. حَدَّثنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ،
ــ
أي تقع له شفاعتي وتنزل عليه مجازاة لدعائه لي وفسره ابن الملك بالوجوب ثم قال: وقيل إنه من الحلول بمعنى النزول لا من الحل لأنها لم تكن محرمة قبل ذلك يعني استحق شفاعتي مجازاة لدعائه اهـ.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [523] والترمذي [3619] والنسائي [2/ 25].
قال القرطبي: قوله (وأرجو أن أكون أنا هو) قال هذا قبل أن يبين له صاحبها إذ قد أخبر أنه يقوم مقامًا لا يقومه أحد غيره، ويحمد الله بمحامد لم يلهمها أحد غيره ولكن مع ذلك فلا بد من الدعاء فإن الله تعالى يزيده بكثرة دعاء أمته رفعة كما زاده بصلاتهم ثم إنه يرجع ذلك عليهم بنيل الأجور ووجوب شفاعته صلى الله عليه وسلم.
"تنبيه": واعلم أن الأذان مع قلة ألفاظه مشتمل على مسائل العقيدة وذلك أنه صلى الله عليه وسلم بدأ بالأكبرية وهي تتضمن وجود الله تعالى ووجوبه وكماله ثم ثنى بالتوحيد ثم ثلث برسالة رسوله ثم ناداهم لِما أرادَ من طاعته ثم ضَمِنَ ذلك بالفلاح وهو البقاء الدائم فأشعر بأن ثم جزاء ثم أعاد ما أعاد توكيدًا اهـ مُفْهِم.
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي سعيد الخدري بحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال:
744 -
(347)(10)(حدثنا إسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج التميمي أبو يعقوب المروزي ثم النيسابوري، وثقه مسلم والنسائي، وقال الحاكم: أحد الأئمة من أصحاب الحديث، وقال الخطيب: كان فقيهًا عالمًا، وقال في التقريب: ثقة ثبت، من (11) مات سنة (251) روى عنه في (17) بابا، قال (أخبرنا أبو جعفر محمد بن جهضم) بوزن جعفر بن عبد الله (الثقفي) مولاهم البصري، روى عن إسماعيل بن جعفر في الصلاة والجنائز وذكر الجن، وأبي معشر وجماعة، ويروي عنه (خ م د س) وإسحاق الكوسج ومحمد بن المثنى وطائفة، قال أبو زرعة: صدوق لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: صدوق من العاشرة، قال (حدثنا إسماعيل بن جعفر) بن
عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ خُبَيبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ إِسَافٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ؛
ــ
أبي كثير الزرقي أبو إسحاق المدني ثقة ثبت، من (8) مات سنة (180) روى عنه في (12) بابا (عن عمارة بن غزية) بفتح المعجمة وكسر الزاي بعدها ياء مشددة بن الحارث بن عمرو الأنصاري المازني المدني، وثقه أحمد وأبو زرعة وابن سعد، وقال في التقريب: لا بأس به، من (6) مات سنة (140) روى عنه في (8) أبواب (عن حُبيب) مصغرًا (ابن عبد الرحمن بن إساف) بكسر الهمزة ويقال فيه يساف بالياء المفتوحة والسين المخففة. وفي البذل (قوله ابن إساف) بكسر الهمزة هكذا هو في رواية مسلم بالهمزة، وفي نسخة يساف بتحتانية مفتوحة وسين مهملة، وقال الحافظ في الإصابة: إساف بهمزة مكسورة وقد تبدل تحتانية انتهى، وكتابته في أكثر كتب الرجال يساف بِاليَاءِ، الأنصارِي المازيي أبي الحارثِ المدني خالِ عُبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم، وثقه ابن معين والنسائي، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من (4) مات سنة (132) روى عنه في (6) أبواب.
(عن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب) العدوي المدني، وثقه أبو زرعة والعجلي والنسائي، وقال في التقريب: ثقة، من (3) روى عنه في (4) أبواب (عن أبيه) عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي أبي عُمر أو أَبي عَمْرِو المدني، وُلد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرو عنه شيئًا، وكان حسن الصورة جميلًا طويلًا، وأمه جميلة بنت ثابت بن أبي الأفلح، كان عمر طلَّق أمه فتزوَّجها يزيد بن جارية فولدت له ابنه عبد الرحمن فركب عمر إلى قباء فوجد ابنه عاصمًا يلعب مع الصبيان فحمله بين يديه فأدركته جدته الشُّموس بنتُ أبي عامر فنازعته إياه حتى انتهى إلى أبي بكر فقال له أبو بكر: خلِّ بينها وبينه فما راجعه وأسلمه لها، وفي تاريخ البخاري خاصمَتْ أمّهُ أباه إلى أبي بكر وله ثمانُ سنين انتهى من البذل، روى عن أبيه في الصلاة والصوم، ويروي عنه (خ م د ت س) وابناه حفص وعبيد الله وعروة بن الزبير، له عندهم حديثان، وذكره جماعة ممن ألف في الصحابة، قال الواقدي: مات سنة (70) سبعين، وقال العسكري وغيره: ولد في السنة السادسة من الهجرة.
(عن جده) أي عن جد حفص (عمر بن الخطاب) القرشي العدوي أحد الخلفاء
قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قَال الْمُؤَذِّنُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ. فَقَال أَحَدُكُمْ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ قَال: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ. قَال: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ. ثُمَّ قَال: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ. قَال: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ. ثُمَّ قَال: حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ. قَال: لا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ. ثُمَّ قَال: حَيَّ عَلَى الْفَلاحَ. قَال: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ. ثُمَّ قَال: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ. قَال: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ قَال: لا إِلَهَ إِلا اللهُ. قَال: لا إِلَهَ إِلا اللهُ - مِنْ قَلْبِهِ - دَخَلَ الْجَنَّةَ"
ــ
الراشدين والعشرة المبشرة أمير المؤمنين رضي الله عنه أبي حفص المدني.
وهذا السند من ثمانياته رجاله ستة منهم مدنيون وواحد بصري وواحد مروزي، ومن لطائفه أن فيه رواية الأبناء عن الآباء وصحابي عن صحابي، قال الدارقطني في كتاب الاستدراك: هذا الحديث رواه الدراوردي وغيره مرسلًا، وقال الدارقطني أيضًا في كتاب العلل: هو حديث متصل وصله إسماعيل بن جعفر وهو ثقة حافظ وزيادته مقبولة، وقد رواه البخاري ومسلم في الصحيحين وهذا الذي قاله الدارقطني في كتاب العلل هو الصواب فالحديث صحيح وزيادة الثقة مقبولة اهـ نواوي (قال) عمر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر) اكتفى على ذكر التكبير مرتين إشارة إلى أنهما في حكم كلمة واحدة، ولم يذكر الأربع اكتفاء بذكر اثنين، ومن ثم ذكر واحدًا من الاثنين في سائر كلمات الأذان (فقال) أي أجاب (أحدكم) بقوله (الله أكبر الله أكبر ثم قال) المؤذن (أشهد أن لا إله إلا الله) فـ (قال) المجيب (أشهد أن لا إله إلا الله ثم قال) المؤذن (أشهد أن محمدًا رسول الله) فـ (قال) المجيب (أشهد أن محمدًا رسول الله ثم قال) المؤذن (حي على الصلاة) فـ (قال) المجيب (لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال) المؤذن (حي على الفلاح) فـ (قال) المجيب (لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال) المؤذن (الله أكبر الله كبر) فـ (قال) المجيب (الله أكبر الله أكبر ثم قال) المؤذن (لا إله إلا الله) فـ (قال) المجيب (لا إله إلا الله) خالصة (من قلبه) متعلق بلفظ قال المتقدم على جميع كلمات الأذان من المجيب (دخل الجنة) جواب وجزاء لقوله إذا قال المؤذن مع ما عطف عليه، قال الطيبي: وإنما وضع الماضي موضع المستقبل إشارة إلى تحقق الموعود على طريقة قوله تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} .
745 -
(348)(11) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ. أَخْبَرَنَا اللَّيثُ عَنِ الْحُكَيمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيسٍ الْقُرَشِيِّ. ح وَحَدَّثَنَا
ــ
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [527].
ومعنى الحديث قال المجيب كل نوع من هذه الكلمات مثنى كما هو المشروع فاختصر صلى الله عليه وسلم من كل نوع شطره تنبيهًا على باقيه، ومعنى حي على كذا؛ أي تعالوا إليه، والفلاح الفوز والنجاة وإصابة الخير، قالوا: وليس في كلام العرب كلمة أجمع للخير من لفظة الفَلاح ويقرب منها النصيحة فمعنى حي على الفلاح أي تعالوا إلى سبب الفوز والبقاء في الجنة والخلود في النعيم، والفلاح والفلح تطلقهما العرب أيضًا على البقاء، وقوله لا حول ولا قوة يجوز فيه خمسة أوجه من الإعراب كما هي مقررة في كتب النحو مع عللها فَتْحُ الجزأين بلا تنوين ورفعهما مع التنوين فتحُ الأول ونصبُ الثاني منونًا كما بسطنا الكلام فيها في شروحنا على متن الأجرومية فراجعها، وإنما عوض الحوقلة عن الحيعلة لأن القصد من الحكاية حصول ثواب الأذان، ولما كانت الحيعلة دعاء يختص ثوابه بالمؤذن لأنه الذي يسمع دعاؤه أرشد الشارع إلى تعويضه بالحوقلة تتميمًا للثواب لأن الحوقلة ذكر، وأيضًا فلأن حي على الصلاة دعاء فإجابتها لا يكون بلفظها بل بما يطابقها من التسليم والتفويض اهـ أبي.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله ثالثًا لحديث أبي سعيد الخدري بحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنهما فقال:
745 -
(348)(11)(حدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي مولاهم أبو عبد الله المصري، وثقه أبو داود، وقال النسائي: ما أخطأ في حديث قط، وقال في التقريب: ثقة ثبت، من (10) مات سنة (242) روى عنه في (5) أبواب، قال (أخبرنا الليث) بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي مولاهم أبو الحارث المصري، قال ابن بكير: هو أفقه من مالك، وقال في التقريب: ثقة ثبت فقيه إمام مشهور، من (7) مات في شعبان سنة (175) روى عنه في (15) بابا (عن الحكيم) بضم الحاء المهملة مصغرًا (بن عبد الله بن قيس) بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف (القرشي) المطلبي المصري، قال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: صدوق، من (4) مات سنة (118) روى عنه في (2) بابين، وليس حكيم في مسلم إلا هذا (ح وحدثنا
قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيثٌ عَنِ الْحُكَيمِ ننِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ قَال:"مَنْ قَال حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِ اللهِ رَبَّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، وَبِالإِسْلامِ دِينًا، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ"
ــ
قتيبة بن سعيد) بن جميل الثقفي أبو رجاء البلخي (حدثنا ليث عن الحُكيم بن عبد الله) بن قيس القرشي، وأتى بحاء التحويل لبيان اختلاف كيفية سماع شيخيه (عن عامر بن سعد بن أبي وقاص) الزهري المدني، قال ابن سعد: ثقة كثير الحديث، وقال في التقريب: ثقة، من (3) مات سنة (104) روى عنه في (9) أبواب (عن سعد بن أبي وقاص) مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة الزهري أبي عامر المدني الصحابي الجليل الذي له فضائل جمة ومناقب كثيرة، مات بالعقيق؛ موضع على عشرة أميال من المدينة ثم حمل إلى البقيع ودفن فيه سنة (55) على المشهور.
وهذان السندان من خماسياته رجال الأول منهما ثلاثة منهم مصريون واثنان مدنيان، والثاني منهما رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان مصريان وواحد بلخي.
(عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من قال) منكم (حين يسمع المؤذنَ) أي أذانه أو صوته أو قوله في الأذن أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، والأخير أظهر، ويحتمل أن يكون المراد به حين يسمع تشهده الأول أو الأخير وهو قوله آخر الأذان لا إله إلا الله وهو أنسب، ويمكن أن يكون معنى يسمع يجيب فيكون صريحًا في المقصود وأن الثواب المذكور مرتب على الإجابة بكمالها مع هذه الزيادة ولأن قوله بهذه الشهادة في أثناء الأذان ربما يفوته الإجابة في بعض الكلمات الآتية كذا في المرقاة أي قال حين سماع قول المؤذن (أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله رضيت بالله ربًا) قال السندي تمييز أي بربوبيته وبجميع قضائه وقدره فإن الرضا بالقضاء باب الله الأعظم، وقيل حال أي مربيًا ومالكًا وسيدًا ومصلحًا (وبمحمد رسولًا) أي بجميع ما أرسل به وبلغه إلينا من الأمور الاعتقادية وغيرها (وبالإسلام) أي بجميع أحكام الإسلام من الأوامر والنواهي (دينًا) أي اعتقادًا أو انقيادًا قاله القاري (غفر له ذنبه) أي غفر الله له ذنوبه الصغائر، والجملة جواب لمن الشرطية في قوله من قال
قَال ابْنُ رُمْحٍ في رِوَايَتِهِ: "مَنْ قَال، حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذنَ: وَأَنَا أَشْهَدُ" وَلَمْ يَذْكُرْ قُتَيبَةُ قَوْلَهُ: وَأَنَا
ــ
حين يسمع المؤذن، قال القاضي عياض: كان قول ذلك موجبًا للمغفرة لأن الرضا بالله تعالى يستلزم المعرفة بوجوده، وبما يجب له، وما يستحيل عليه، ويجوز في فعله، والرضا بمحمد صلى الله عليه وسلم رسولًا يستلزم العلم برسالته وهذه الفصول علم التوحيد، والرضا بالإسلام التزام لجميع تكاليفه اهـ.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أبو داود [525] والترمذي [210] والنسائي [2/ 26] وابن ماجه [721].
(قال ابن رمح في روايته) هذا الحديث (من قال حين يسمع المؤذن وأنا أشهد) بزيادة لفظة وأنا (ولم يذكر قتيبة) في روايته (قوله) أي قول المجيب (وأنا) بل اقتصر على أشهد، وهذا بيان لمحل المخالفة بين الراويين والله أعلم، وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب أربعة أحاديث الأول حديث أبي سعيد الخدري ذكره للاستدلال والثلاثة الباقية ذكرها للاستشهاد وللاستدلال بها على بعض أجزاء الترجمة والله أعلم.
***