المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌209 - (21) باب: ائتمام المأموم بالإمام - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٧

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الصلاة

- ‌190 - (1) باب بدء الأذان

- ‌191 - (2) -باب: الأمر بشفع الأذان وإيتار الإقامة

- ‌192 - (3) باب: صفة الأذان أي كيفيته وصيغته

- ‌193 - (4) باب: استحباب اتخاذ مؤذنَين للمسجد الواحد

- ‌194 - (5) باب جواز أَذان الأَعمى إذا كان معه بصير

- ‌195 - (6) باب: الأذان أمان من الإِغارة

- ‌196 - (7) باب فضل حكاية الأذان ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعدها وسؤال الوسيلة له صلى الله عليه وسلم

- ‌197 - (8) - باب: فضل الأذان وهرب الشيطان عند سماعه

- ‌197 - (9) باب رفع اليدين في الصلاة ومتى يرفعهما وإلى أين يرفع ومتى يترك الرفع

- ‌198 - (10) - باب: التكبير في كل خفض ورفع إلا الرفع من الركوع

- ‌199 - (11) باب القراءة في الصلاة وأنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب

- ‌200 - (12) باب الجهر والإسرار في الصلاة

- ‌201 - (13) باب تعليم الصلاة وكيفيتها لمن لا يحسنها

- ‌202 - (14) باب: نهي المأموم عن جهره بالقراءة خلف إمامه

- ‌203 - (15) باب: حجة من قال لا يجهر بالبسملة

- ‌204 - (16) باب: حجة من قال: إن البسملة آية من أول كل سورة، سوى براءة

- ‌205 - (17) باب: وضع يده اليمنى على اليسرى بعد تكبيرة الإحرام على صدره ووضعهما في السجود على الأرض حذو منكبيه

- ‌206 - (18) باب: التشهد في الصلاة

- ‌207 - (19) باب بيان كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد

- ‌208 - (20) باب: التسميع والتحميد والتأمين

- ‌209 - (21) باب: ائتمام المأموم بالإمام

- ‌210 - (22) باب: النهي عن مبادرة الإمام بالتكبير وغيره

- ‌211 - (23) باب إنما الإمام جنة

- ‌212 - (24) باب: استخلاف الإمام إذا مرض وجواز ائتمام القائم بالقاعد

- ‌213 - (25) باب مراجعة عائشة رضي الله تعالى عنها النبي صلى الله عليه وسلم في استخلافه أباها في الصلاة

- ‌214 - (26) بابٌ العملُ القليلُ في الصلاة لا يضرُّها

- ‌215 - (27) باب من نابه شيء في الصلاة فليسبح

- ‌216 - (28) باب تقديم الجماعة من أرادوا ليصلي بهم إذا تأخر الإمام الراتب

- ‌217 - (29) باب الأمر بتحسين الصلاة وإتمام الركوع والسجود

- ‌218 - (30) باب النهي عن سبق الإمام بركوع أو سجود أو غيرهما وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة

- ‌219 - (31) باب الأمر بالسكون في الصلاة والنهي عن الإشارة فيها والأمر بإتمام الصُّفُوف الأُول والتراصّ فيها

- ‌220 - (32) باب الأمرِ بِتَسْويَةِ الصفوف وتعديلها وإتمامها وبيان من يلي الإمام من القوم

- ‌221 - (33) باب فضل الصف الأول والاستهام عليه وخيريته للرجال

- ‌222 - (34) باب نهي النساء المصليات خلف الرجال عن رفع رؤوسهن حتى يرفع الرجال

- ‌223 - (35) باب النهي عن منع المرأة من الخروج إلى المساجد إذا استأذنت ولم تترتب عليه مفسدة

- ‌224 - (36) باب نهي النساء عن الطيب عند الخروج إلى المساجد

- ‌225 - (37) باب التوسط بين الجهر والأسرار في قراءة صلاة الجهر إذا خاف مفسدة من الجهر

- ‌226 - (38) باب استماع القراءة من المعلم وكذا من الإمام

- ‌227 - (39) باب الجهر بالقراءة في الصبح واستماع الجن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌228 - (40) باب: القراءة في الظهر والعصر

- ‌229 - (41) باب: القراءة في الصبح والظهر والعصر

- ‌230 - (42) باب القراءة في المغرب

- ‌231 - (43) باب: القراءة في العشاء

- ‌232 - (44) باب: أمر الأئمّة بالتخفيف في تمام

- ‌233 - (45) باب: اعتدال أفعال الصلاة وتقارب أركانها

- ‌234 - (46) باب: متابعة الإمام والعمل بعده

- ‌235 - (47) باب: ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌236 - (48) باب: النهي عن القراءة في الركوع والسجود

- ‌237 - (49) باب: ما يقال في الركوع والسجود والأمر بإكثار الدعاء فيه

- ‌238 - (50) باب: فضل السجود والحث عليه

- ‌239 - (51) بَابُ عَلَى كَمْ يَسْجُدُ، وَالنَّهْيُ عَنْ كَفِّ الثَّوْبِ والشَّعْر وَعَقْصِهِ فِي الصلاة

- ‌240 - (52) باب بيان كيفية السجود وصفته

- ‌241 - (53) باب بيان صفة صلاته صلى الله عليه وسلم وبيان ما يفتتح به وما يختم به فيها

الفصل: ‌209 - (21) باب: ائتمام المأموم بالإمام

‌209 - (21) باب: ائتمام المأموم بالإمام

815 -

(373)(35) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو كُرَيبٍ. جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ. قَال أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: سَقَطَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ فَرَسٍ. فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيمَنُ

ــ

209 -

(21) باب ائتمام المأموم بالإمام

أي اقتدائه به ومتابعته في أفعال الصلاة.

815 -

(373)(35)(حدثنا يحيى بن يحيى) بن بكير التميمي النيسابوري (وقتيبة بن سعيد) بن جميل الثقفي البغلاني (وأبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (وعمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) أبو عثمان البغدادي (وزهير بن حرب) بن شداد الحرشي أبو خيثمة النسائي (وأبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي حالة كونهم (جميعًا) أي مجتمعين في الرواية (عن سفيان) بن عيينة الهلالي أبي محمد الأعور الكوفي، وأتى بقوله (قال أبو بكر حدثنا سفيان بن عيينة) تورعًا من الكذب على أبي بكر (عن) محمد بن مسلم (الزهري) المدني (قال) الزهري (سمعت أنس بن مالك) بن النضر الأنصاري الخزرجي خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من رباعياته رجاله واحد منهم بصري وواحد مدني واثنان كوفيان أو كوفي ونيسابوري أو كوفي ونسائي أو كوفي وبغلاني أو كوفي وبغدادي.

حالة كونه (يقول سقط النبي صلى الله عليه وسلم عن فرس) له يقال هذا مسقطة له من أعين الناس كذا في بعض الهوامش (فجحش) بجيم مضمومة ثم حاء مهملة مكسورة أي خدش (شقه الأيمن) بأن قشر جلده، وفي النهاية قوله (فجحش) أي انخدش جلد شقه الأيمن وانسحج، فالجحش مثل الخدش فمنعه القيام يحتمل أنه لمرض لحقه في بعض الأعضاء، قال القرطبي: الجحش الخدش وقيل فوقه، والشق الجانب، قال الأبي: الأمراض الحسية الأنبياء عليهم السلام فيها كغيرهم تعظيمًا لأجرهم، ولا يقدح في منزلتهم العلية بل هو تثبيت لأمرهم وأنهم بشر إذا لم يصبهم ما أصاب البشر مع ما ظهر على أيديهم من خارق العادة لقيل فيهم ما قالت النصارى في عيسى بن مريم عليه

ص: 155

فَدَخَلْنَا عَلَيهِ نَعُودُهُ. فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ. فَصَلَّى بِنَا قَاعِدًا. فَصَلَّينَا وَرَاءَهُ قُعُودًا. فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ قَال: "إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ. فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا. وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا. وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا. وَإِذَا قَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعُونَ"

ــ

السلام ويستثنى من ذلك ما هو نقص كالجنون اهـ منه (فدخلنا عليه) حالة كوننا (نعوده) من مرضه (فحضرت الصلاة) أي وقت الصلاة المكتوبة، قال القاضي: أشار ابن القاسم إلى أنه كان في نافلة، والأظهر أنه فرض لقوله (حضرت الصلاة) أي المعهودة (فصلى بنا) تلك الصلاة الحاضرة، حال كونه (قاعدًا) أي جالسًا لعجزه عن القيام (فصلينا وراءه) أي خلفه (قعودًا) أي قاعدين في جميع الصلاة أي بعد أن كانوا قيامًا وأومأ لهم عليه الصلاة والسلام بالقعود (فلما قضى الصلاة) وفرغ منها (قال إنما جعل الإمام ليؤتم) أي ليقتدى (به) في الأفعال الظاهرة، ولذا يصلى الفرض خلف النفل، والنفل خلف الفرض حتى الظهر خلف الصبح والمغرب، والصبح خلف الظهر في الأظهر، نعم إن اختلف فعل الصلاتين كمكتوبة وكسوف أو جنازة فلا على الصحيح لتعذر المتابعة هذا مذهب الشافعي، وقال غيره: يتابعه في الأفعال والنيات مطلقًا (فإذا كبر) للإحرام أو للانتقال (فكبروا) عقبه فلا تسابقوه ولا تقارنوه (وإذا سجد فاسجدوا) عقبه (وإذا رفع) رأسه من الركوع أو السجود (فارفعوا) رؤوسكم (وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد) بإثبات واو العطف وبحذفها، احتج بهذا أبو حنيفة رحمه الله تعالى على أن الإمام لا يقول ربنا لك الحمد لأن النبي صلى الله عليه وسلم قسم الأقوال بين الإمام والمؤتم، والشركة فيها تنافي القسمة كما في قوله صلى الله عليه وسلم:"البينة على المدعي واليمين على من أنكر" وقال صاحباه أبو يوسف ومحمد بن الحسن والشافعي وأحمد: إنه يقولها واستدلوا بما روي عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم كان يجمع بينهما أي بين الذكرين، والسكوت عنه لا يقتضي ترك فعله، وأما المأموم فيجمع بينهما أيضًا خلافًا للحنفية، والجواب عنه أن جمعه صلى الله عليه وسلم بين الذكرين محمول على حالة الانفراد اهـ ابن الملك (وإذا صلى) الإمام (قاعدًا) أي جالسًا في جميع الصلاة وليس المراد منه جلوس التشهد وبين السجدتين إذ لو كان ذلك مرادًا لقال وإذا جلس فاجلسوا ليناسب قوله فإذا سجد فاسجدوا (فصلوا قعودًا أجمعون)

ص: 156

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بالرفع على أنه تأكيد لضمير الفاعل في قوله صلوا.

وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [3/ 162] والبخاري [389] وأبو داود [603 و 604] والنسائي [2/ 141 - 142].

قال القرطبي: قوله (فصلى جالسًا وصلينا وراءه جلوسًا) يعارضه حديث عائشة الآتي وفيه إنهم صلوا قيامًا فأشار إليهم أن اجلسوا، وجه الجمع بينهما أنه كان منهم من صلى جالسًا فأخبر عنه أنس، وكان فيهم من صلى قائمًا فأخبرت عنه عائشة. واختلف هل كان ذلك في صلاة الفرض أو النفل؟ والظاهر أنه كان في صلاة الفرض لقوله فحضرت الصلاة وهي للعهد ظاهرًا، ولما تقرر من عادتهم أنهم ما كانوا يجتمعون للنوافل، وقد أشار ابن القاسم إلى أن ذلك كان في النافلة وليس بظاهر لما ذكر.

ثم اختلف العلماء في الاقتداء بالإمام الجالس على ثلاثة أقوال: أولها قول أحمد بن حنبل ومن تابعه وهو أنه يجوز صلاة الصحيح جالسًا خلف المريض جالسًا متمسكًا بهذا الحديث. وثانيها: قول الشافعي وأبي حنيفة وأبي يوسف وزفر والأوزاعي وأبي ثور وداود وهو أنه يجوز أن يقتدي القائم بالقاعد في الفريضة وغيرها، وقد رواها الوليد بن مسلم عن مالك متمسكين بحديث عائشة الآتي، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم كان الإمام، وأن حديث أنس متقدم وهو منسوخ بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه وبأن كل واحد عليه أن يصلي كما يقدر عليه. وثالثها: قول مالك في المشهور عنه وعن أصحابه أنه لا يجوز أن يؤم أحد جالسًا وإن كان مريضًا بقوم أصحاء قيام ولا قعود وإليه ذهب محمد بن الحسن متمسكين بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يَؤُمّنَّ أحدٌ بعدي قاعدًا" رواه الدارقطني [1/ 398] وهذا الحديث ذكره الدارقطني من حديث جابر بن يزيد الجعفي وهو متروك عن الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك وهو مرسل، وقد رواه مجالد عن الشعبي، ومجالد ضعيف، وفي حديث أنس دليل لمالك وعامة الفقهاء على ارتباط صلاة المأموم بصلاة الإمام وترك مخالفته له في نية أو غيرها اهـ مفهم.

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

ص: 157

816 -

(00)(00)(00) حَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيثٌ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ. أَخْبَرَنَا اللَّيثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَال: خَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ فَرَسٍ، فَجُحِشَ فَصَلَّى لَنَا قَاعِدًا ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ.

817 -

(00)(00)(00) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ؛

ــ

816 -

(00)(00)(00)(حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث) بن سعد المصري (ح وحدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر المصري، وأتى بحاء التحويل لبيان اختلاف كيفية سماع شيخيه من ليث، قال (أخبرنا الليث عن ابن شهاب عن أنس بن مالك).

وهذا السند أيضًا من رباعياته رجاله اثنان منهم مصريان أو مصري وبغلاني وواحد بصري وواحد مدني، وغرضه بسوقه بيان متابعة ليث بن سعد لسفيان بن عيينة في رواية هذا الحديث عن الزهري.

(قال) أنس (خر) أي سقط (رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرس فجحش) أي قشر جلد جسده الشريف فعجز عن القيام لعلة في بعض أعضائه (فصلى) إمامًا (لنا) حالة كونه (قاعدًا ثم ذكر) الليث (نحوه) أي نحو حديث سفيان بن عيينة، وذكر بعض الحديث لبيان محل المخالفة والله أعلم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أنس رضي الله تعالى عنه فقال:

817 -

(00)(00)(00)(حدثني حرملة بن يحيى) التجيبي المصري (أخبرنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي المصري، قال (أخبرني يونس) بن يزيد بن أبي النجاد الأيلي الأموي مولاهم (عن ابن شهاب) الزهري المدني، قال (أخبرني أنس بن مالك) رضي الله عنه.

وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مصريان وواحد بصري وواحد مدني وواحد أيلي، وغرضه بسوقه بيان متابعة يونس لسفيان بن عيينة وليث بن سعد في رواية هذا الحديث عن ابن شهاب، وفائدتها بيان كثرة طرقه.

ص: 158

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صُرِعَ عَنْ فَرَسٍ. فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيمَنُ بِنَحْو حَدِيثِهِمَا. وَزَادَ: "فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا، فَصَلُّوا قِيَامًا".

818 -

(00)(00)(00) حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكِبَ فَرَسًا فَصُرِعَ عَنْهُ. فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيمَنُ بِنَحْو حَدِيثِهِمْ

ــ

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صرع) أي سقط (عن فرس فجحش) أي قشر (شقه) أي جانبه (الأيمن) وقوله (بنحو حديثهما) متعلق بأخبرني يونس لأنه العامل في المتابع، والضمير عائد إلى سفيان وليث (و) لكن (زاد) يونس عليهما (فإذا صلى) الإمام (قائمًا فصلوا قيامًا) وهذا بيان لمحل المخالفة.

ثم ذكر المؤلف المتابعة ثالثًا في حديث أنس رضي الله تعالى عنه فقال:

818 -

(00)(00)(00)(حدثنا) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني أبو عبد الله المكي صدوق، من (10) قال (حدثنا معن بن عيسى) بن يحيى بن دينار الأشجعي مولاهم القزاز أبو يحيى المدني، قال أبو حاتم: أثبت أصحاب مالك وأتقنهم وهو أحب إِليَّ من ابن وهب، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث ثبتا مأمونًا، وقال ابن معين: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة ثبت، من كبار العاشرة، مات سنة (198)(عن مالك بن أنس) بن مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني، من (7)(عن) محمد بن مسلم بن عبيد الله (الزهري) المدني، من (4)(عن أنس) بن مالك الأنصاري الخزرجي خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وواحد بصري وواحد مكي، وغرضه بسوقه بيان متابعة مالك بن أنس لسفيان بن عيينة وليث بن سعد ويونس بن يزيد في رواية هذا الحديث عن الزهري كما سيذكره قريبًا.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب فرسًا فصرع) وهو من الأفعال المجهولة اللفظ المعلومة المعنى (عنه فجحش شقه الأيمن) أي قشر جلده، وقوله (بنحو حديثهم) متعلق بما عمل في المتابع وهو مالك بن أنس، والضمير راجع إلى المتابعين الثلاثة المذكورة في الأسانيد السابقة؛ أي روى مالك عن الزهري بنحو حديث هؤلاء الثلاثة عن الزهري، وقد عرفت معنى النحو فجدد به عهدًا لتكون من أهل التمييز لا من أهل

ص: 159

وَفِيهِ: "إِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا".

819 -

(00)(00)(00) حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ. أَخْبَرَنِي أَنَسٌ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَقَطَ مِنْ فَرَسِهِ. فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيمَنُ وَسَاقَ الْحَدِيثَ. وَلَيسَ فِيهِ زِيَادَةُ يُونُسَ وَمَالِكٍ.

820 -

(374)(36) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيمَانَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ،

ــ

التلفيق (وفيه) أي وفي ذلك النحو الذي رواه مالك زيادة (إذا صلى) الإمام (قائمًا فصلوا قيامًا) كما زاده يونس بن يزيد.

ثم ذكر المؤلف المتابعة رابعًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

819 -

(00)(00)(00)(حدثنا عبد بن حميد) الكسي أبو محمد الحافظ، ثقة، من (11) قال (أخبرنا عبد الرزاق) بن همام بن نافع الحميري مولاهم أبو بكر الصنعاني، ثقة وتغير في آخره وتشيع، من (9) قال (أخبرنا معمر) بن راشد الأزدي البصري، ثقة، من (7)(عن الزهري أخبرني أنس) بن مالك.

وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم بصريان وواحد مدني وواحد صنعاني وواحد كسي، وغرضه بيان متابعة معمر لمن روى عن الزهري.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم سقط من فرسه) بالإضافة إلى الضمير في هذه الرواية (فجحش شفه الأيمن وساق) معمر (الحديث) السابق (وليس فيه) أي في حديث معمر (زيادة يونس ومالك) يعني قوله (إذا صلى قائمًا فصلوا قيامًا).

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أنس بحديث عائشة رضي الله تعالى عنهما فقال:

820 -

(374)(36)) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي، ثقة، من (10) قال (حدثنا عبدة بن سليمان) الكلابي أبو محمد الكوفي يقال اسمه عبد الرحمن بن سليمان، ثقة ثبت، من صغار الثامنة، مات سنة (187) روى عنه في (12) بابا (عن هشام) بن عروة بن الزبير الأسدى أبي المنذر المدني، ثقة فقيه ربما دلس، من (5) مات سنة (145) وله (87) سنة، وتكلم مالك وغيره فيه، روى عنه في (16) بابا (عن أبيه)

ص: 160

عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالتِ: اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَدَخَلَ عَلَيهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَعُودُونَهُ. فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا. فَصَلَّوْا بِصَلاتِهِ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيهِمْ: أَنِ اجْلِسُوا. فَجَلَسُوا. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَال: "إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ. فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا. وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا. وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا"

ــ

عروة بن الزبير بن العوام الأسدي أبي عبد الله المدني أحد الفقهاء السبعة وأحد علماء التابعين، ثقة، من (2) روى عنه في (25) بابا (عن عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان كوفيان.

(قالت) عائشة رضي الله تعالى عنها (اشتكى) أي مرض (رسول الله صلى الله عليه وسلم من فك قدمه بسبب سقوطه عن فرسه (فدخل عليه) صلى الله عليه وسلم "في بيته" كما في رواية البخاري أي في مشربته التي في حجرة عائشة (ناس) أي قوم (من أصحابه) حالة كونهم (يعودونه) صلى الله عليه وسلم من مرضه فحضرت الصلاة وهم عنده (فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم حالة كونه (جالسًا فصلوا) مقتدين (بصلاته) حالة كونهم (قيامًا) أي قائمين (فأشار إليهم) رسول الله صلى الله عليه وسلم بـ (أن اجلسوا) في صلاتكم، فأن مصدرية أو مفسرة (فجلسوا) فيها مع قدرتهم على القيام امتثالًا لأمره صلى الله عليه وسلم، وفيه جواز الإشارة والعمل القليل في الصلاة للحاجة (فلما انصرف) رسول الله صلى الله عليه وسلم وفرغ من صلاته (قال إنما جعل) وشرع (الإمام ليؤتم به) أي ليقتدى به ويُتبع، ومن شأن التابع أن يأتي بمثل فعل متبوعه ولا يسبقه ولا يساويه (فإذا ركع) الإمام أي فرغ من هويه للركوع (فاركعوا وإذا رفع) رأسه من الركوع أو السجود (فارفعوا) رؤوسكم منه (وإذا صلى) الإمام (جالسًا فصلوا) حالة كونكم (جلوسًا) أي جالسين.

وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [6/ 51 / 148] والبخاري [688] وأبو داود [605] وابن ماجه [1237].

وفي الحديث دلالة على أنه لا يجوز للقائمين أن يصلوا خلف القاعد وبه قال

ص: 161

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أحمد ومالك، وذهب أبو حنيفة والشافعي إلى جوازه وقالا: هذا الحديث منسوخ بما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مرض موته قاعدًا وأبو بكر والناس خلفه قائمين ولم يأمرهم بالقعود اهـ ابن الملك.

قال النواوي: وفي أحاديث الباب وجوب متابعة المأموم لإمامه في التكبير والقيام والركوع والسجود وأنه يفعلها بعد الإمام فيكبر تكبيرة الإحرام بعد فراغ الإمام منها فإن شرع فيها قبل فراغ الإمام منها لم تنعقد صلاته، ويركع بعد شروع الإمام في الركوع وقبل رفعه منه فإن قارنه أو سبقه فقد أساء ولكن لا تبطل صلاته، وكذا السجود، ويسلم بعد فراغ الإمام من السلام فإن سلم قبله بطلت صلاته إلا أن ينوي المفارقة ففيه خلاف مشهور، وإن سلم معه لا له ولا بعده فقد أساء ولا تبطل صلاته على الصحيح، وقيل تبطل.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى قاعدًا فصلوا قعودًا" فاختلف العلماء فيه كما مر عن القرطبي فقالت طائفة بظاهره وممن قال به أحمد والأوزاعي، وقال مالك في رواية: لا تجوز صلاة القادر على القيام خلف القاعد لا قائمًا ولا قاعدًا، وقال أبو حنيفة والشافعي وجمهور السلف: لا يجوز للقادر على القيام أن يصلي خلف القاعد إلا قائمًا، واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مرض موته بعد هذا قاعدًا وأبو بكر والناس خلفه قياما، وإن كان بعض العلماء زعم أن أبا بكر كان هو الإمام وقد ذكره مسلم بعد هذا الباب صريحًا أو كالصريح فقال في روايته عن أبي بكر بن أبي شيبة بإسناده عن عائشة قالت: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبي بكر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس جالسًا، وأبو بكر قائمًا، يقتدي أبو بكر بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم، ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم فإنما جعل الإمام ليؤتم به فمعناه عند الشافعي وطائفة في الأفعال الظاهرة وإلا فيجوز أن يصلي الفرض خلف النفل وعكسه والظهر خلف العصر وعكسه، وقال مالك وأبو حنيفة وآخرون: لا يجوز ذلك، وقالوا: معنى الحديث ليؤتم به في الأفعال والنيات، ودليل الشافعي وموافقيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه ببطن نخل صلاة الخوف مرتين بكل فرقة مرة فصلاته بالثانية وقعت

ص: 162

821 -

(00)(00)(00) حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ (يَعْنِي ابْنَ زَيدٍ) ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيرٍ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيرٍ قَال: حَدَّثَنَا أَبِي. جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ.

822 -

(375)(37) حَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ

ــ

له نفلًا وللمقتدين فرضًا، وأيضًا حديث معاذ كان يصلي العشاء مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يأتي قومه فيصليها بهم، هي له تطوع ولهم فريضة مما يدل على أن الائتمام إنما يجب في الأفعال الظاهرة.

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:

821 -

(00)(00)(00)(حدثنا أبو الربيع) سليمان بن داود (الزهرانى) البصري، ثقة، من (10) مات سنة (234) روى عنه في (7) أبواب، قال (حدثنا حماد يعني ابن زيد) بن درهم الأزدي أبو إسماعيل البصري، ثقة ثبت فقيه، من كبار (8) مات سنة (179) روى عنه في (14) بابا (ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (وأبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي، ثقة، من (10)(قالا) أي قال كل من أبي بكر وأبي كريب (حدثنا) عبد الله (بن نمير) الهمداني الكوفي (ح وحدثنا) محمد بن عبد الله (بن نمير قال) محمد بن نمير (حدثنا أبي) عبد الله بن نمير، وقوله (جميعًا) حال من حماد وعبد الله بن نمير أي حالة كون كل منهما مجتمعين في الرواية (عن هشام بن عروة) بن الزبير بن العوام الأسدي المدني، وقوله (بهذا الإسناد) متعلق بما عمل في المتابع وهما حماد وعبد الله بن نمير، واسم الإشارة راجع إلى ما بعد شيخ المتابع وهو عبدة بن سليمان، وكذا قوله (نحوه) أي مثله لأن الموضع موضع المماثلة، مفعول به لما عمل في المتابع، والضمير عائد إلى المتابع المذكور في السند السابق وهو عبدة، والتقدير: روى كل من حماد وعبد الله بن نمير عن هشام بهذا الإسناد يعني عن عروة عن عائشة نحو ما حدث عبدة بن سليمان عن هشام عن عروة عن عائشة.

وهذان السندان أيضًا من خماسياته، وغرضه بسوقهما بيان متابعة حماد وعبد الله بن نمير لعبدة بن سليمان في رواية هذا الحديث عن هشام، وفائدتها بيان كثرة طرقه.

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أنس بحديث جابر رضي الله تعالى عنهما فقال:

822 -

(375)(37)(حدثنا قتيبة بن سعيد) بن طريف الثقفي أبو رجاء البلخي،

ص: 163

حَدَّثَنَا لَيثٌ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ. أَخْبَرَنَا اللَّيثُ عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ؛ قَال: اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَصَلَّينَا وَرَاءَهُ. وَهُوَ قَاعِدٌ. وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ تَكْبِيرَهُ. فَالْتَفَتَ إِلَينَا

ــ

ثقة، من (10) قال (حدثنا ليث) بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي مولاهم أبو الحارث المصري، ثقة ثبت فقيه إمام مشهور، من (7) وأتى بحاء التحويل في قوله (ح وحدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي المصري لبيان اختلاف كيفية سماع شيخيه قال (أخبرنا الليث) بن سعد (عن أبي الزبير) المكي محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي مولاهم صدوق مدلس، من (4)(عن جابر) بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري السلمي بفتحتين أبي عبد الله المدني الصحابي المشهور.

وهذا السند من رباعياته رجاله واحد منهم مدني وواحد مكي واثنان مصريان أو مصري وبلخي.

(قال) جابر رضي الله عنه (اشتكى) أي مرض (رسول الله صلى الله عليه وسلم والظاهر أن هذه الشكاية حدثت لسقوطه عن الفرص (فصلينا وراءه) أي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم (وهو) أي والحال أنه صلى الله عليه وسلم (قاعد) في صلاته بعذر المرض (وأبو بكر) رضي الله عنه (يسمع الناس تكبيره) صلى الله عليه وسلم أي يجهر التكبير ليسمع الناس تكبيره صلى الله عليه وسلم قال ابن حبان: هذا لم يكن إلا في مرض موته صلى الله عليه وسلم لأن صلاته في مرضه الأول كان في مشربة عائشة رضي الله عنها والمشربة بفتح الراء وضمها هي الغرفة والعلية يخزن فيها الطعام وغيره - ومعه نفر من الصحابة لا يَحْتَاجُون إلى من يسمعهم تكبيره بخلاف صلاته في مرض موته بأنها كانت في المسجد بجمع كثير من الصحابة فاحتاج أبو بكر أن يسمعهم التكبير لكن إسماع التكبير لم يتابع عليه أبو الزبير قاله ابن رسلان. وأجاب عنه الحافظ بأنه صلى الله عليه وسلم لشدة ضعفه لا يجهر إلا قليلًا فأسمعهم أبو بكر، وحكي عن عياض أنه لم يستخلف في المسجد أحدًا فلعله صلى به صلى الله عليه وسلم من في المشربة ومن في المسجدِ فلا بد إذًا من الإسماع لهم (فالتفت إلينا) رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته لبيان جواز الالتفات وليطلع على حالهم فيرشدهم إلى الصواب مع دوام توجه قلبه إلى الله تعالى بخلاف غيره صلى الله عليه وسلم لكن هذا يقتضي أن رؤيته من

ص: 164

فَرَآنَا قِيَامًا. فَأَشَارَ إِلَينَا فَقَعَدْنَا. فَصَلَّينَا بِصَلاتِهِ قُعُودًا. فَلَمَّا سَلَّمَ قَال: "إِنْ كِدْتُمْ آنِفًا لَتَفْعَلُونَ فِعْلَ فَارِسَ وَالرُّومِ. يَقُومُونَ عَلَى مُلُوكِهِمْ وَهُمْ قُعُودٌ. فَلَا تَفْعَلُوا.

ائْتَمُّوا بِأَئِمَّتِكُمْ. إِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا. وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا"

ــ

وَرَائِهِ ما كانت على الدوام والله أعلم اهـ سندي.

(فرآنا) أي فأبصرنا حالة كوننا (قيامًا) أي قائمين (فأشار إلينا) رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقعود (فقعدنا) خلفه (فصلينا) مقتدين (بصلاته) صلى الله عليه وسلم حالة كوننا (قعودًا) أي قاعدين (فلما سلم) صلى الله عليه وسلم من صلاته (قال) لنا (إن كدتم) إن مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن ولهذا دخلت اللام في خبرِها، وهو جملةُ كاد وخبرِها فرقًا بينها وبين إن النافية، وقوله (آنفًا) بالمد ظرف زمان بمعنى قريبًا أي قارَبْتُمْ في الزمن القريب يعني في الصلاة ورائي قيامًا (لتفعلون) بي (فِعْلَ فارس والروم) بملوكهم كانوا (يقومون على ملوكهم وهم) أي والحال أن ملوكهم (قعود) أي قاعدون (فلا تفعلوا) ذلك القيامَ عليَّ، قال القرطبي: فيه تنبيه على أن تعليل منعِ القيامِ لِمَا يؤدي إليه من التشبُّه بأفعال المتكبرين، فمُنِعَ لهذا التعليل أن يقوم الرجالُ أو المماليكُ على رؤوسِ الملوك أو الأمراء أو الرؤساء أو العلماء لما يؤدي إليه اهـ مفهم.

قال النواوي: فيه النهي عن قيام الغلمان والتُّبَّاع على رأس متبوعهم الجالس لغير الحاجة، وأما القيام للداخل إذا كان من أهل الفضل والخير فليس من هذا، بل هو جائز قد جاءت له أحاديث فقد قام صلى الله عليه وسلم لجعفر وعكرمة وأسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهم، وقال للأنصار رضي الله عنهم: قوموا إلى سيدكم وأطبق عليه السلف والخلف وعمم بعضهم النهي في الجميع إذا كان للتعظيم وهو ظاهر مذهب مالك رحمه الله تعالى (ائتموا) أي اقتدوا (بأئمتكم) في أفعال الصلاة (إن صلى) الإمام (قائمًا فصلوا قيامًا) أي قائمين (وإن صلى قاعدًا فصلوا قعودًا) فتابعوهم في القيام والقعود فلا تفعلوا فعل فارس والروم مع أئمتكم فإنهم يقومون لعظمائهم وهم جلوس يعني أن القيام مع قعود الإمام يشبه تعظيم الإمام فيما شرع لتعظيم الله وحده فلا يجوز ولا يخفى دوام هذه العلة فينبغي أن يدوم هذا الحكم، فالقول بنسخه كما عليه الجمهور خفي جدًّا والله تعالى أعلم اهـ سندي على النسائي.

ص: 165

823 -

(00)(00)(00) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا حُمَيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ عَنْ جَابِرٍ؛ قَال: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَأَبُو بَكْرٍ خَلْفَهُ. فَإِذَا كَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَبَّرَ أَبُو بَكْرٍ. لِيُسْمِعَنَا. ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ اللَّيثِ

ــ

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 334] وأبو داود [602] والنسائي [3/ 9].

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث جابر رضي الله تعالى عنه فقال:

823 -

(00)(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (أخبرنا حميد بن عبد الرحمن) بن حميد (الرؤاسي) بضم الراء وفتح الهمزة نسبة إلى رؤاس بن كلاب أبي بطن من بطون كلاب أبو علي الكوفي، روى عن أبيه في الصلاة، وهشام بن عروة في الحج والديات، والحسن بن صالح في الطب وصفة النار، والأعمش، ويروي عنه (ع) ويحيى بن يحيى وسريج بن يونس وابنا أبي شيبة وزهير بن حرب، قال ابن معين: ثقة، وقال ابن أبي شيبة: قل من رأيت مثله، وقال في التقريب: ثقة، من الثامنة، مات سنة (192) اثنتين وتسعين ومائة (عن أبيه) عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي نسبة إلى رؤاس بن كلاب كما في المغني أبي حميد الكوفي، روى عن أبي الزبير في الصلاة، وثقه ابن معين والنسائي وابن سعد، قال: وكان له أحاديث، وقال في التقريب: ثقة، من (7)(عن أبي الزبير) المكي الأسدي (عن جابر) بن عبد الله الأنصاري.

وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم كوفيان وواحد مدني وواحد مكي وواحد نيسابوري، وغرضه بسوقه بيان متابعة عبد الرحمن بن حميد لليث بن سعد في رواية هذا الحديث عن أبي الزبير، وفائدتها بيان كثرة طرقه.

(قال) جابر (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا لعذر المرض (وأبو بكر) الصديق؛ أي والحال أن أبا بكر الصديق قائم (خلفه) صلى الله عليه وسلم يبلغ الناس تكبيراته (فإذا كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم للانتقالات (كبر أبو بكر ليسمعنا) تكبيره صلى الله عليه وسلم (ثم ذكر) عبد الرحمن بن حميد (نحو حديث الليث) بن سعد أي مشابهه في بعض الألفاظ والمعاني.

ص: 166

824 -

(376)(38) حَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ (يَعْنِي الْحِزَامِيَّ) عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ. عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"إِنَّمَا الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ. فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيهِ. فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا. وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا. وَإِذَا قَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا. وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ".

825 -

(00)(00)(00) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ

ــ

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث أنس بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما فقال:

824 -

(376)(38)(حدثنا قتيبة بن سعيد) بن جميل البغلاني الثقفي، قال (حدثنا المغيرة) بن عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن حزام القرشي الأسدي الحزامي بكسر المهملة المدني، ثقة له غرائب، من السابعة، روى عنه في (5) أبواب، وأتى بالعناية في قوله (يعني الحزامي) إشعارًا بأن هذه النسبة من زيادته لا مما سمعه من شيخه (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان المدني أبي عبد الرحمن الأموي مولاهم، ثقة ثبت فقيه، من (5) روى عنه في (9) أبواب (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز المدني أبي داود الهاشمي مولاهم، ثقة ثبت، من (3) روى عنه في (7) أبواب (عن أبي هريرة) الدوسي المدني رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلا قتيبة بن سعيد فإنه بغلاني (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما) جعل كما صرح به في بعض النسخ (الإمام ليؤتم به) أي ليقتدى به ويتبع في أفعال الصلاة (فلا تختلفوا عليه) أي لا تخالفوه في أفعاله ولا في أقواله بالسبق والتأخر (فإذا كبر) الإمام وفرغ من تكبيره (فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال) الإمام (سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون) تأكيد لضمير صلوا، وهذا الحديث من أفراد مسلم رحمه الله تعالى.

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه فقال:

825 -

(00)(00)(00)(حدثنا محمد بن رافع) القشيري أبو عبد الله النيسابوري، ثقة، من (11)(حدثنا عبد الرزاق) بن همام بن نافع الحميري الصنعاني،

ص: 167

حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ

ــ

ثقة، من (9)(حدثنا معمر) بن راشد الأزدي أبو عروة البصري، ثقة، من (7)(عن همام بن منبه) بن كامل بن سيج اليماني أبي عقبة الصنعاني (عن أبي هريرة) الدوسي المدني (عن النبي صلى الله عليه وسلم وقوله (بمثله) متعلق بما عمل في المتابع، والضمير عائد على المتابع المذكور في السند السابق وهو الأعرج أي حدثنا همام عن أبي هريرة بمثل ما حدث الأعرج عن أبي هريرة. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم صنعانيان وواحد مدني وواحد بصري وواحد نيسابوري، غرضه بسوقه بيان متابعة همام للأعرج في رواية هذا الحديث عن أبي هريرة، وفائدتها بيان كثرة طرقه.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب أربعة أحاديث:

الأول حديث أنس ذكره للاستدلال به على الترجمة وذكر فيه أربع متابعات.

والثاني حديث عائشة ذكره للاستشهاد به للحديث الأول وذكر فيه متابعة واحدة.

والثالث حديث جابر ذكره للاستشهاد به أيضًا وذكر فيه متابعة واحدة.

والرابع حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد أيضًا وذكر فيه متابعة واحدة والله سبحانه وتعالى أعلم.

ص: 168