الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
287 - (2) باب: ما جاء في الصلاة الوسطى
1314 -
(591)(2) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحْزَابِ قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَلأَ اللهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا. كَمَا حَبَسُونَا وَشَغَلُونَا عَنِ الصَّلاةِ الْوُسْطَى. حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ"
ــ
287 -
(2) باب ما جاء في الصلاة الوسطى
1314 -
(2)(وحدثنا أبو بكر) عبد الله بن محمد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي بموحدة مولاهم الحافظ الكوفي، ثقة، من (10) روى عنه في (16) بابًا تقريبًا (حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي مولاهم الحافظ الكوفي، ثقة، من (9) روى عنه في (17) بابا (عن هشام) بن عروة بن الزبير الأسدي أبي المنذر المدني، ثقة، من (5) روى عنه في (16) بابا (عن محمد) بن سيرين الأنصاري مولاهم أبي بكر بن أبي عمرة البصري، إمام وقته، ثقة، من (3) روى عنه في (16) بابا (عن عبيدة) بفتح أوله، ابن عمرو السلماني -بفتح السين وسكون اللام، ويقال بفتحها- قبيلة من مراد أبي عمرو الكوفي، مات النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الطريق، روى عن علي، وعنه ابن سيرين، ثقة ثبت مخضرم (عن علي) بن أبي طالب الهاشمي المدني ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون واثنان مدنيان وواحد بصري (قال) علي بن أبي طالب (لما كان) ووجد (يوم) غزوة (الأحزاب) وهي غزوة الخندق، وكانت سنة أربع من الهجرة، وقيل سنة خمس (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارًا) والضمير هنا بمعنى الكل لا بمعنى الكلية لأنه قد آمن منهم كثير، وهذا دعاء عليهم بعذاب الدارين من خراب بيوتهم في الدنيا فتكون النار استعارة للفتنة ومن اشتعال النار في قبورهم ذكره ابن الملك عن شارح المشكاة. والكاف في قوله (كما حبسونا وشغلونا عن الصلاة الوسطى) للتعليل كما هي في قوله تعالى:{وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيكَ} أي لمنعهم إيانا عن أداء الصلاة الوسطى وشغلهم إيانا بمحاربتهم (حتى غابت الشمس) وغربت قبل صلاتنا إياها، قال القاضي عياض: ولفظ شغلونا ظاهر في أنه نسيها لشغله بالعدو أو يكون أخرها قصدًا لشغله بذلك ولم تكن صلاة الخوف شرعت حينئذ لأنها إنما أنزلت في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
غزوة ذات الرقاع فهي ناسخة لهذا، وقال الشاميون ومكحول: إذا لم يمكن أداء صلاة الخوف على سننها أخرت لوقت الأمن، والصحيح والذي عليه الجمهور أنها إذا لم يمكن ذلك فيها تصلى بحسب الطاقة ولا تؤخر وستأتي المسألة إن شاء الله تعالى في صلاة الخوف، وقيل يحتمل في وجه آخر أن يكون على غير وضوء فشغلهم ما هم فيه عن الوضوء والتيمم، وقد تقدمت هذه المسألة في الطهارة، قال الأبي: يعني مسألة فاقد الماء والتراب اهـ من الأبي. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [1/ 82 و 113 و 122] والبخاري [2931] وأبو داود [409] والترمذي [2987] والنسائي [1/ 236] وابن ماجه [684].
قال القرطبي: اختلفوا في الصلاة الوسطى فقيل هي مبهمة ليحافظ على الصلوات كلها، وقيل الجمعة، وقيل الصلوات الخمس لأنها أوسط الدين، وقال ابن عباس: هي الصبح، ووافقه مالك والشافعي، وقال زيد بن ثابت وعائشة وأبو سعيد الخدري: هي الظهر، وقال علي بن أبي طالب: هي العصر ووافقه أبو حنيفة، وقال قبيصة بن ذؤيب: هي المغرب، وقال غيره: هي العتمة، وأضعف الأقوال من قال هي الصلوات كلها لأن ذلك يؤدي إلى خلاف عادة الفصحاء من أوجه: أحدها أن الفصحاء لا يذكرون شيئًا مفصلًا مبينًا، ثم يذكرونه مجملًا، وإنما عادتهم أن يشيروا إلى مجمل أو كل، ثم يفصلوه كقوله تعالى:{فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن: 68] وقد قال الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 238] والصلوات مبين والصلاة الوسطى مجمل.
وثانيها أن الفصحاء لا يطلقون لفظ الجمع ويعطفون عليه أحد مفرداته ويريدون بذلك المفرد ذلك الجمع فإن ذلك في غاية العي والإلباس.
وثالثهما أنه لو أراد بالصلاة الوسطى الصلوات لكان كأنه قال حافظوا على الصلوات والصلوات، ويريد بالثاني الأول، ولو كان كذلك لما كان فصيحًا في لفظه، ولا صحيحًا في معناه إذ لا يحصل باللفظ الثاني تأكيد للأول لأنه معطوف، ولا يفسد معنى آخر فيكون حشوًا وحمل كلام الله تعالى على شيء من هذه الثلاثة غير مسوغ ولا جائز، وسبب اختلاف العلماء القائلين بالتعيين صلاحية الوسطى لأن يراد بها التوسط في العدد أو في الزمان فإن راعينا عدد الركعات أدى إلى أنها المغرب لأن أكثر أعداد
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الصلوات أربع ركعات وأقلها ركعتان وأوسطها ثلاث وهي المغرب، وإن راعينا أعداد الصلوات أنفسها فما من صلاة إلا وهي متوسطة بين شفعين إذ الصلوات خمس، وإن راعينا الأوسط من الزمان كان الأبين أنها الصبح لأنها بين صلاتي نهار محقق وهما الظهر والعصر وبين صلاتي ليل محقق وهما المغرب والعشاء، فأما وقت الصبح فوقت متردد بين النهار والليل. (قلت) والله أعلم لا يصلح هذا الذي ذكر أن يكون سببًا في الخلاف فيها إذ لا مناسبة لما ذكر لكون هذه الصلاة أفضل أو أوكد من غيرها.
أما أعداد الركعات فالمناسب هو أن تكون الرباعية أفضل لأنها أَكْثَرُ ركعاتٍ وأكثر عملا والقاعدة أن ما كثر عمله كثر ثوابه، وأما مراعاة أعداد الصلوات فيلزم منه أن تكون كل صلاة هي الوسطى وهو الذي أبطلناه وأيضًا فلا مناسبة بين ذلك وبين أكثرية الثواب، وأما اعتبارها من حيث الأزمان فغير مناسب أيضًا لأن نسبة الصلوات إلى الأزمان كلها من حيث الزمانية واحدة فإن فرض شيء يكون في بعض الأزمان فذلك لأمر خارج عن الزمان، والذي يظهر لي أن السبب في اختلافهم فيها اختلافهم في مفهوم الكتاب والسنة الواردة في ذلك المعنى، ونحن نتكلم على ما ورد في ذلك بحسب ما يقتضيه مساق الكلام وصحيح الأحاديث إن شاء الله تعالى فنقول: إن قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] هو من باب قوله تعالى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن: 68] وقوله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَال} [البقرة: 98] فخص الرمان والنخل وجبريل وميكال بالذكر هان كانوا قد دخلوا فيما قبل بحكم العموم تشريفًا وتكريمًا، وإذا كان ذلك كذلك فلهذه الصلاة المعبر عنها بالوسطى شرفية وفضيلة ليست لغيرها غير أن هذه الشرفية لم يعينها الله تعالى في القرآن فوجب أن يبحث عن تعيينها في السنة فبحثنا عن ذلك فوجدنا ما يعينها، وأصح ما في ذلك أنها العصر على ما في حديث علي، وأنص من ذلك ما ذكره الترمذي وصححه وهو قوله صلى الله عليه وسلم "الصلاة الوسطى صلاة العصر" رواه الترمذي [2986 و 2988] من حديث سمرة بن جندب وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما وهذا نص في الغرض غير أنه قد جاء ما يشعث التعويل عليه وهو ما ذكره البراء بن عازب وذلك أنه قال نزلت هذه الآية:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} فلزم من هذا أنها بعد أن عينت نسخ تعيينها وأبهمت فارتفع التعيين
1315 -
(00)(00) وحدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. ح وَحَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيمَانَ. جَمِيعًا عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ
ــ
ولم يمكنا أن نتمسك بالأحاديث المتقدمة فلما أبهم أمر تعيينها أخذ العلماء يستدلون على تعيينها بما ظهر لكل واحد منهم بما يناسب الأفضلية فذهب مالك وأهل المدينة إلى أن الصبح أولى بذلك لكونها تأتي في وقت نوم وركون إلى الراحة واستصعاب الطهارة فتكثر المشقة في المحافظة عليها أكثر من غيرها فتكون هي الأحق بكونها أفضل، وأيضًا فإنه وقت يتمكن الإنسان فيه من إحضار فهمه وتفرغه للصلاة لأن علاقات الليل قد انقطعت بالنوم وأشغال النهار بعد لم تأت ولذلك قال تعالى:{إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] أي يحضره القارئ بفراغ ذهنه على أحد التأويلات وهو أحسنها وبنحو من هذا يستدل لسائرها من الصلوات إلا أن الصبح أدخل في هذا المعنى. وعلى الجملة فهذا النحو هو الذي يمكن أن يكون باعثًا لكل من المختلفين على تعيين ماعينه من الصلوات بحسب ما غلب على ظنه من أرجحية ما عين، والذي يظهر لي بعد أن ثبت نسخ التعيين أن القول قول من قال إن الله أخفاها في جملة الصلوات ليحافظ على الكل كما فعل في ليلة القدر وساعة الجمعة والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ، المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث علي رضي الله عنه فقال:
1315 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن أبي بكر) بن علي بن عطاء بن مقدم (المقدمي) على صيغة اسم المفعول نسبة إلى جده مقدم، ثقة، من (10) روى عنه في (5) أبواب (حدثنا يحيى بن سعيد) بن فروخ القطان التميمي البصري (ح وحدثناه إسحاق بن إبراهيم) بن مخلد الحنظلي المروزي (أخبرنا المعتمر بن سليمان) بن طرخان التيمي البصري، حالة كون كل من يحيى والمعتمر (جميعا) أي مجتمعين على الرواية (عن هشام) بن عروة (بهذا الإسناد) يعني عن محمد عن عبيدة عن علي رضي الله تعالى عنه مثله، غرضه بسوق هذين السندين بيان متابعة يحيى ومعتمر لأبي أسامة في رواية هذا الحديث عن هشام.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث علي رضي الله عنه فقال:
1316 -
(00)(00) وحدَّثنا مُحَمدُ بن الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قَال ابْن الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي حَسَّانَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ؛ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَوْمَ الأَحْزَابِ:"شَغَلُونَا عَنْ صَلاةِ الْوُسْطى حَتَّى آبَتِ الشمْسُ. مَلأَ اللهُ قُبُورَهُم نَارًا. أَوْ بُيُوتَهُمْ أَوْ بُطُونَهُمْ" - شَك شُعْبَةُ في الْبُيُوتِ وَالْبُطُونِ. وحدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ
ــ
1316 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن المثنى) العنزى البصري (ومحمد بن بشار) العبدي البصري (قال ابن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري (حدثنا شعبة) بن الحجاج العتكي البصري (قال سمعت قتادة) بن دعامة السدوسى البصري (يحدث عن أبي حسان) مسلم بن عبد الله الأعرج الأجرد البصري، روى عن عبيدة السلماني في الصلاة وابن عباس في الحج وأبي هريرة وعائشة وغيرهم، ويروي عنه (م عم) وقتادة وعاصم الأحول، قال ابن معين: ثقة، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال العجلي: بصري تابعي ثقة، وقال في التقريب: صدوق، رمي برأي الخوارج، من الرابعة، قتل سنة (130) ثلاثين ومائة (عن عبيدة) بن عمرو السلماني أبي عمرو الكوفي، ثقة مخضرم (عن علي) بن أبي طالب رضي الله عنه. وهذا السند من سباعياته رجاله خمسة منهم بصريون وواحد مدني وواحد كوفي، غرضه بسوقه بيان متابعة أبي حسان لمحمد بن سيرين في رواية هذا الحديث عن عبيدة، وكرر متن الحديث لما بين الروايتين من المخالفة في مساق الحديث (قال) علي رضي الله عنه (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم) غزوة (الأحزاب) والخندق سنة أربع (شغلونا) أي شغلنا الأحزاب والكفار المتحزبون (عن) أداء (صلاة الوسطى) في وقتها (حتى آبت الشمس) أي رجعت إلى مكانها في الليل؟ أي غربت، من قولهم آب إلى منزله إذا رجع قاله الحربي، وقال غيره: معناه سارت للغروب والتأويب سير النهار (ملأ الله) سبحانه وتعالى (قبورهم نارًا) قال شعبة (أو) قال لي قتادة: ملأ الله قبورهم و (بيوتهم أو) قال قتادة: ملأ الله قبورهم و (بطونهم، شك شعبة في) ما قال له قتادة من (البيوت والبطون) هل ذكر مع القبور البيوت أو ذكر معه البطون (وحدثنا محمد بن المثنى) أيضًا قال (حدثنا) محمد (بن) إبراهيم (أبي عدى) السلمي مولاهم أبو عمرو البصري، ثقة، من (9) (عن
سَعِيدٍ، عَن قَتَادَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَال: بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ - وَلَمْ يَشُكَّ -.
1317 -
(00)(00) وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَن شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، عَنْ عَلِيٍّ. ح وَحَدَّثَنَاهُ عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ (وَاللَّفظُ لَهُ)، قَال: حَدَّثَنَا أبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَحْيي، سَمع عَلِيًّا
ــ
-
سعيد) بن أبي عروبة مهران اليشكري مولاهم أبي النضر البصري، ثقة، من (6)(عن قتادة بهذا الإسناد) يعني عن أبي حسان عن عبيدة عن علي رضي الله عنه، غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة سعيد بن أبي عروبة لشعبة في رواية هذا الحديث عن قتادة (وقال) سعيد في روايته؛ ملأ الله (بيوتهم وقبورهم ولم يشك) سعيد في لفظ البيوت والبطون كما شك شعبة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث علي رضي الله عنه فقال:
1317 -
(00)(00) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب قالا: حدثنا وكيع عن شعبة عن الحكم) بن عتيبة مصغرًا الكندي الكوفي، ثقة، من (5)(عن يحيى بن الجزار) -بفتح الجيم والزاي المشددة آخره راء مهملة - العرني -بضم العين المهملة وفتح الراء ثم نون- مولى نخيلة، قيل اسمه زبان - بزاي وموحدة - الكوفي، روى عن علي في الصلاة وعبد الرحمن بن أبي ليلى في الإيمان وأبي بن كعب وابن عباس وعائشة وغيرهم، ويروي عنه (م عم) والحكم بن عتيبة والحسن العرني وعمرو بن مرة وحبيب بن أبي ثابت وآخرون، وثقه أبو زرعة والنسائي وأبو حاتم، وقال العجلي: كوفي ثقة، وكان يتشيع، وقال في التقريب: صدوق رمي بالغلوفي التشيع، من الثالثة (عن علي) بن أبي طالب رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم كوفيون وواحد مدنى وواحد بصري (ح وحدثناه عبيد الله بن معاذ) العنبري البصري (واللفظ) الآتي (له) أي لعبيد الله لا لأبي بكر ولا لزهير (قال) عبيد الله (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ العنبرى البصري (حدثنا شعبة عن الحكم عن يحيى) بن الجزار العرني الكوفي (سمع عليا) رضي الله عنه وأعاد مسلم هذا الطريق للاختلاف بينها وبين التي قبلها في عن وسمع لأنه قال في الأول يحيى بن الجزار عن علي، وفي هذه عن يحيى سمع عليا ذكره النواوي. وهذا السند أيضًا من سداسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون واثنان كوفيان
يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَوْمَ الأحزَابِ، وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى فُرْضَةٍ منْ فُرَضِ الْخَنْدَقِ:"شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاةِ الْوُسْطَى. حَتى غَرَبَتِ الشَّمْسُ. مَلأَ اللهُ قُبُورَهُمْ وبُيُوتَهُمْ، (أَوْ قَال: قُبُورَهُمْ وَبُطُونَهُمْ)، نَارًا".
1318 -
(00)(00) وحدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعاويَةَ عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ بْنِ صُبَيحٍ، عَنْ شُتَيرِ بْنِ شَكَل، عَنْ
ــ
وواحد مدني، غرضه بسوق هذين السندين بيان متابعة يحيى بن الجزار لعبيدة السلماني في رواية هذا الحديث عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرر متن. الحديث لما بين الروايتين من المخالفة (يقول) علي رضي الله عنه (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم، الأحزاب وهو قاعد على فرضة) بضم الفاء وسكون الراء وبالضاد المعجمة وهي المدخل من مداخله والمنفذ إليه وأصله المشارع إلى الماء يجمع على فرض أي على حفرة (من فرض الخندق) أي من حفر الخندق (شغلونا عن الصلاة الوسطى) وكانت الرواية فيما قيل عن صلاة الوسطى بالإضافة المعلومة (حتى غربت الشمس ملأ الله قبورهم) أمواتا (وبيوتهم) أحياء، قال شعبة (أو قال) لنا الحكم (قبورهم وبطونهم) بدل موتهم (نارًا) والشك من شعبة فيما قاله الحكم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث علي رضي الله عنه فقال:
1318 -
(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) الكوفي (وزهير بن حرب) بن شداد النسائي (وأبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي (قالوا حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي (عن مسلم بن صبيح) مصغرًا الهمداني الكوفي (عن شتير) مصغرًا (بن شكل) بالتحريك ويقال بإسكان الكاف، ابن حميد العبسي الكوفي أدرك الجاهلية. روى عن علي في الصلاة، وحفصة في البيوع، وعن أبيه شكل بن حميد وابن مسعود، ويروي عنه (م عم) ومسلم بن صبيج والشعبي وبلال بن يحيى، وثقة النسائي وابن سعد، وقال العجلي: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الثالثة (عن
عَلِيٍّ؛ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَوْمَ الأَحْزَابِ:"شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاةِ الْوُسْطَى صَلاةِ الْعَصْرِ. مَلأَ اللهُ بُيُوتَهُم وَقُبُورَهُمْ نَارًا" ثُم صَلَّاهَا بَينَ الْعِشَاءَينِ، بَينَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ
ــ
علي) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله كلهم كوفيون إلا عليًّا وزهير بن حرب، غرضه بسوقه بيان متابعة شتير بن شكل لعبيدة السلماني ويحيى بن الجزار في رواية هذا الحديث عن علي، وكرر متن الحديث لما فيها من المخالفة (قال) علي رضي الله عنه (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: شغلونا عن الصلاة الوسطى) أي الفضلى (صلاة العصر) بدل أو عطف بيان، وفيه حجة على من قال: الصلاة الوسطى غير العصر، وعلى من قال إنها مبهمة أبهمها الله تعالى تحريضا للخلق على محافظتها كساعة الإجابة يوم الجمعة، فإن قيل ما روت عائشة رضي الله تعالى عنها إنه صلى الله عليه وسلم قال (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر) يدل على أن الوسطى غير العصر (قلت) يحتمل أن يكون الوسطى لقبًا والعصر اسمًا فذكرها النبي صلى الله عليه وسلم باسميها كذا في المبارق فتأمله. فالوسطى ثأنيث الأوسط وهو الأعدل من كل شيء، قال أعرابي يمدح النبي صلى الله عليه وسلم:
يا أوسط الناس طُرًّا في مفاخرهم
…
وأكرم الناس أُمًا بَرّةً وأبا
(ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارًا) أي فتنة وخرابًا (ثم صلاها) أي صلى العصر التي فاتته (بين) الغروب وبين صلاتي (العشاءين) يعني بين الغروب و (بين المغرب والعشاء) يعني صلاها بعد الغروب، وقيل المغرب والعشاء مراعاة للترتيب بين القضاء والأداء.
قال القرطبي: وقوله (بين العشاءين بين المغرب والعشاء) ظاهر هذا أنه صلى العصر المتروكة بعد أن صلى المغرب وقبل العشاء، وليس بصحيح بدليل ما جاء في حديث جابر قال:"فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بعدما غربت الشمس ثم صلى بعدها المغرب" رواه أحمد [3/ 129] والبخاري [598] والترمذي [180]، والنسائي [3/ 84] وهذا نص وإنما أراد بقوله بين العشاءين بين وقتي العشاءين فإن التأخير كان منه إلى أن غربت الشمس، ثم توضأ، ثم أوقعها بعد الغروب قبل أن يصلي المغرب، وقد روى الترمذي عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه "أن المشركين شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب
1319 -
(592)(3) وَحَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ سَلَّامٍ الْكُوفِي. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ الْيَامِيُّ عَنْ زُبَيدٍ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ
ــ
من الليل ما شاء الله فأمر بلالًا فأذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء" رواه الترمذي [179]. قال النواوي: واعلم أنه وقع في هذا الحديث هنا وفي البخاري أن الصلاة الفائتة كانت صلاة العصر، وظاهره أنه لم يفته غيرها، وفي الموطإ أنها الظهر والعصر، وفي غيره أنه أخر أربع صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء حتى ذهب بعض من الليل، وطريق الجمع بين هذه الروايات أن وقعة الخندق بقيت أيامًا فكان هذا في بعض الأيام وهذا في بعضها اهـ منه. وبهذه الأحاديث استدل جميع العلماء على أن من فاتته صلوات قضاها مرتبة كما فاتته إذا ذكرها في وقت واحد، واختلفوا إذا ذكر صلاة فائتة في ضيق وقت حاضرة هل يبدأ بالفائتة وإن خرج وقت الحاضرة، أو يبدأ بالحاضرة، أو يتخير فيقدم أيتهما شاء؟ ثلاثة أقوال: وبالأول قال مالك والليث والزهري، وبالثاني قال الحسن وابن المسيب وفقهاء أصحاب الحديث وأصحاب الرأي والشافعي وابن وهب من أصحابنا، وبالثالث قال أشهب من أصحابنا. وهذا ما لم تكثر الصلوات فلا خلاف عند جمعيهم على ما حكاه القاضي عياض أنه يبدأ بالحاضرة مع الكثرة، واختلفوا في مقدار اليسير فعن مالك قال: إن الخمس فدون من اليسير، وقيل الأربع فدون، ولم يختلف المذهب أن الست كثير اهـ، من المفهم.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث علي بحديث ابن مسعود رضي الله عنهما فقال:
1319 -
(592)(3)(وحدثنا عون بن سلام) بتشديد اللام الهاشمي مولاهم أبو جعفر (الكوفي) ثقة، من (10) روى عنه في (3) أبواب (أخبرنا محمد بن طلحة) بن مصرف بن عمرو الهمداني (اليامي) نسبة إلى يام بن رافع بن مالك أبي قبيلة باليمن من همدان، أبو عبد الله الكوفي، صدوق، من (7) روى عنه في (3) أبواب (عن زبيد) مصغرًا بن الحارث بن عبد الكريم اليامي نسبة إلى يام بن رافع المذكور أبي عبد الرحمن الكوفي، ثقة، من (6) روى عنه في (7) أبواب (عن مرة) بن شراحيل الهمداني أبي إسماعيل الكوفي، ثقة، من (2) روى عنه في (3) أبواب (عن عبد الله) بن مسعود الهذلي
قَال: حَبَسَ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَلاةِ الْعَصْرِ. حَتَّى احْمَرَّتِ الشَّمْسُ أَو اصْفَرَّتْ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاةِ الْوُسْطَى صَلاةِ الْعَصْرِ. مَلأ اللهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا" أَوْ قَال: "حَشَا اللهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا".
1320 -
(593)(4) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ. قَال: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ زَيدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ؛ أَنَّهُ قَال: أَمَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنْ أكْتُبَ لَهَا مُصْحَفًا
ــ
الكوفي رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون (قال) عبد الله (حبس المشركون) يوم الخندق أي منعوا (رسول الله صلى الله عليه وسلم وشغلوه (عن) أداء (صلاة العصر) في وقتها فصار كأنه ممنوع منها، والحبس المنع (حتى احمرت الشمس أو) قال عبد الله حتى (اصفرت) الشمس للغروب، والشك من مرة فيما قال عبد الله أو ممن دونه أي حتى تغيرت باحمرارها أو باصفرارها (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله) سبحانه (أجوافهم) أي بطونهم (وقبورهم نارًا) دعاء عليهم بخسران الدارين (أو قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عبد الله، والشك من الراوي أو ممن دونه (حشا الله) بدل ملأ الله فهما بمعنى واحد (أجوافهم وقبورهم نارًا) وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [1/ 403 - 404] وابن ماجه [686].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث علي بحديث عائشة رضي الله عنهما فقال:
1320 -
(593)(4) وحدثنا يحيى بن يحيى التميمي) النيسابورى (قال) يحيى (قرأت على مالك) بن أنس (عن زيد بن أسلم) العدوي مولاهم أبي عبد الله المدني (عن القعقاع بن حكيم) الكناني المدني، ثقة، من (4)(عن أبي يونس مولى عائشة) المدني، اسمه كنيته، روى عن عائشة، ويروي عنه (م د ت س) والقعقاع بن حكيم وزيد بن أسلم وغيرهم، ذكره ابن سعد في الطبقة الثانية، وذكره ابن حبان في الثقات، له في صحيح مسلم وفي السنن حديثان وذكره مسلم في الطبقة الأولى من المدفيين (أنه قال أمرتني عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها (أن أكتب لها مصحفًا) أي قرآنًا سيجعل
وَقَالتْ: إِذَا بَلَغْتَ هَذِهِ الآيَةَ فَآذِنِّي: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] فَلَمَّا بَلَغْتُهَا آذَنْتُهَا. فَأمْلَتْ عَلَيَّ: حَافِظُوا عَلى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَصَلاةِ الْعَصرِ. وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ. قَالتْ عَائِشَةُ: لسَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
ــ
مصحفًا. وهذا السند من سداسياته رجاله كلهم مدنيون إلا يحيى بن يحيى (وقالت) لي (إذا بلغت) في الكتابة (هذه الآية فآذني) - بمد الهمزة وكسر الذال المعجمة وتشديد النون - أي أعلمنى تريد بقولها هذه الآية قوله تعالى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} فلما بلغتها) أي بلغت هذه الآية في الكتابة (آذنتها) أي أعلمتها (فأملت علي) - بفتح الهمزة وسكون الميم وفتح اللام الخفيفة - من أملى - وبفتح الميم واللام مشددة - من أملل يملل أي ألقت علي فالأول لغة الحجاز، والثانية لغة بني تميم وقيس، والأولى من الإملاء وهو حكاية القول لمن يكتبه، والثانية من الإملال وهي بمعنى الأول أي قرأت علي بلفظ (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) بزيادة (وصلاة العصر) على القراءة المشهورة بالواو الفاصلة وهي تدل على أن الوسطى غير العصر لأن العطف يقتضي المغايرة، وأجيب بوجوه أحدها أن هذه القراءة شاذة ليست بحجة ولا يكون لها حكم الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن ناقلها لم ينقلها إلا على أنها قرآن، والقرآن لا يثبت إلا بالتواتر بالإجماع وإذا لم يثبت قرآنًا لا يثبت خبرًا قاله النواوي. وثانيها أن يجعل العطف تفسيريًا فيكون الجمع بين الروايات. وثالثها أن تكون الواوفيه زائدة كما زيدت في قول امرئ القيس:
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى
…
بنا بطن خبت ذي قفاف عقنقل
أي فلما أجزنا ساحة الحي انتحى فإذا قدرنا زيادتها كانت صلاة العصر هي الصلاة الوسطى ويؤيده ما رواه أبو عبيد بإسناد صحيح عن أبي بن كعب أنه كان يقرؤها "والصلاة الوسطى صلاة العصر" بغير واو (وقوموا لله) في الصلاة (قانتين) أي مطيعين، وقيل ساكتين أي عن كلام الناس لا مطلق الصمت ثم (قالت عائشة) هكذا (سمعتها) أي سمعت هذه الآية (من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الباجي: يحتمل أنها سمعتها على أنها قرآن ثم نسخت كما في حديث البراء الآتي، فلعل عائشة لم تعلم بنسخها أو اعتقدت أنها مما نسخ حكمه وبقي رسمه، ويحتمل أنه ذكرها صلى الله عليه وسلم على
1321 -
(594)(5) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ. حَدَّثَنَا الْفُضَيلُ بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ شَقِيقِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ؛ قَال: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} . فَقَرَأناهَا مَا شَاءَ اللهُ
ــ
أنها من غير القرآن لتأكيد فضيلتها فظنتها قرآنًا فأرادت إثباتها في المصحف لذلك قاله الزرقاني في شرح الموطإ، قال القرطبي: وقد اتفق المسلمون كافة على أن قولها وصلاة العصر ليس قرآنًا اليوم يتلى، وإنما هي رواية شاذة انفردت بها وبرفعها إلى النبي صلى الله عليه وسلم غايتها أن تكون خبرًا إلا أنها قد رفعتها وأسندتها، والله تعالى أعلم اهـ من المفهم. وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أبو داود [410] والترمذي [2986] والنسائي [1/ 236].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث علي بحديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما فقال:
1321 -
(594)(5)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي) أبو يعقوب المروزي المعروف بابن راهويه (أخبرنا يحيى بن آدم) بن سليمان الأموي أبو زكريا الكوفي، ثقة، من (9)(حدثنا الفضيل بن مرزوق) الأغر بالمعجمة والراء الرقاشي أبو عبد الرحمن الكوفي، روى عن شقيق بن عقبة في الصلاة، وعدي بن ثابت في الزكاة وأبي حازم، ويروي عنه (م عم) ويحيى بن آدم في الصلاة، وأبو أسامة في الزكاة، قال ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث صدوق يهم كثيرًا يكتب حديثه، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وقال العجلي: جائز الحديث صدوق، وكان فيه تشيع، وقال في التقريب: صدوق يهم، من السابعة، مات في حدود سنة (160) ستين ومائة (عن شقيق بن عقبة) العبدي الكوفي، روى عن البراء بن عازب في الصلاة، ويروي عنه (م) وفضيل ابن مرزوق والأسود بن قيس، وثقه أبو داود، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، ومن الرابعة (عن البراء بن عازب) بن الحارث بن عدي الأنصاري الأوسي أبي عمارة الكوفي الصحابي المشهور رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون إلا إسحاق بن إبراهيم فإنه مروزي (قال) البراء (نزلت هذه الآية) هكذا، يعني قوله تعالى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} فقرأناها) هكذا بزيادة (وصلاة العصر)(ما شاء الله) تعالى قراءتنا إياها من الزمن
ثُمَّ نَسَخَهَا اللهُ. فَنَزَلَتْ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} . فَقَال رَجُلٌ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ شَقِيقٍ لَهُ: هِيَ إِذَنْ صَلاةُ الْعَصْرِ. فَقَال الْبَرَاءُ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ كَيفَ نَزَلَتْ. وَكَيفَ نَسَخَهَا اللهُ. وَاللهُ أَعْلَمُ. قَال مُسْلِمٌ: وَرَوَاهُ الأشْجَعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّورِيِّ، عَنِ الأسْوَدِ بْنِ قَيسٍ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ
ــ
(ثم نسخها الله) تعالى؛ أي نسخ تلاوتها (فنزلت) في نسخها آية ({حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} قال الفضيل بن مرزوق (فقال رجل) ممن (كان جالسًا عند شقيق) بن عقبة (له) أي للبراء بن عازب فهو متعلق بقال لا صفة لشقيق لأن شقيقًا هنا علم للراوي لا بمعنى الأخ (هي) أي الصلاة الوسطى (إذن) أي إذا كان نزولها لنسخ صلاة العصر هي (صلاة العصر، فقال البراء) للرجل السائل (قد أخبرتك كيف نزلت) أولًا (وكيف نسخها الله) تعالى ثانيًا فعن أبي شيء سألتني بعد ذلك، قال القرطبي: وقول البراء للسائل قد أخبرتك كيف نزلت؟ وكيف نسخها الله؟ يظهر منه تردد، لكن فيماذا هل نسخ تعيينها فقط وبقيت هي الوسطى أو كونها وسطى في هذا تردد، والله تعالى أعلم اهـ من المفهم. فهذا الحديث مما انفرد به المؤلف عن أصحاب الأمهات، ولكن شاركه أحمد [4/ 301] وقوله (والله أعلم) فيه مراعاة الأدب مع الله تعالى، قوله و (قال مسلم: ورواه الأشجعي) هذا من كلام مسلم على سبيل التجريد أو من كلام بعض رواته. وهذا السند معلق حذف شيخه لأن مسلمًا إنما يروي عن الأشجعي بواسطة بعض مشايخه لأنه إنما يروي عنه بواسطة أبي النضر هاشم بن القاسم أو أبي كريب أو عثمان بن أبي شيبة كأنه قال: (ورواه) أي وروى لنا هذا الحديث أبو النضر هاشم بن القاسم أو أبو كريب مثلًا، قال أبو النضر (حدثنا الأشجعي) عبيد الله بن عبيد الرحمن الكوفي، ثقة ثبت مأمون، من (9) روى عنه في (6) أبواب (عن سفيان) بن سعيد بن مسروق (الثوري) الكوفي، ثقة، من (7) روى عنه في (24) بابا (عن الأسود بن قيس) النخعي أبي قيس الكوفي، روى عن شقيق بن عقبة في الصلاة، وسعيد بن عمرو بن سعيد في الصوم، وجندب بن عبد الله في الجهاد والأضاحي، ويروي عنه (ع) والثوري وشعبة وأبو عوانة وابن عيينة وزهير بن معاوية وأبو الأحوص سلام بن سليم، وثقه ابن معين والنسائي والعجلي وأبو حاتم، وقال في التقريب: ثقة، من (4)(عن شقيق بن عقبة) العبدي الكوفي (عن البراء بن عازب) الأنصاري الأوسي الكوفي رضي الله عنه، غرضه بسوق
قَال: قَرَأْنَاهَا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم زَمَانًا بِمِثْلِ حَدِيثِ فُضَيلِ بْنِ مَرْزُوقٍ
ــ
هذا التعليق بيان متابعة الأسود بن قيس لفضيل بن مرزوق في رواية هذا الحديث عن شقيق بن عقبة (قال) البراء (قرأناها مع النبي صلى الله عليه وسلم زمانا) طويلًا، وساق الأسود بن قيس عن شقيق عن البراء (بمثل حديث فضيل بن مرزوق) عن شقيق.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب أربعة أحاديث الأول حديث علي بن أبي طالب ذكره للاستدلال وذكر فيه أربع متابعات، والثاني حديث عبد الله بن مسعود ذكره للاستشهاد، والثالث حديث عائشة ذكره للاستشهاد، والرابع حديث البراء بن عازب ذكره للاستشهاد.
***