الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
318 - (30) باب: ما يقول عند دخول المسجد والأمر بتحيته واستحباب ركعتين فيه أول قدومه من سفر
1543 -
(679)(88) حَدَّثَنَا يحيى بْنُ يَحيَى. أَخْبَرَنَا سُلَيمَانُ بْنُ بِلال عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرحمَنِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيد، عَنْ أَبِي حُمَيد أوْ عَنْ أَبِي أُسَيد،
ــ
318 -
(30) باب ما يقول عند دخول المسجد والأمر بتحيته واستحباب ركعتين فيه أول قدومه من سفر
1543 -
(679)(88)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (أخبرنا سليمان بن بلال) التيمي مولاهم أبو محمد المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (13) بابا (عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن) واسم أبي عبد الرحمن فروخ -بفتح وضم مع تشديد غير منصرف للعلمية والعجمة- التيمي مولاهم أبي عثمان المدني المعروف بربيعة الرأي، روى عن عبد الملك بن سعيد بن سويد في الصلاة، والقاسم بن محمد في الصلاة والزكاة والعتق، ومحمد بن يحيى بن حبان في النكاح، وحنظلة بن قيس الزرقي في البيوع، ويزيد مولى المنبعث في الأحكام، وأنس بن مالك في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، ويروي عنه (ع) وسليمان بن بلال وعمارة بن غزية ومالك بن أنس وإسماعيل بن جعفر والأوزاعي والثوري وعمرو بن الحارث وحماد بن سلمة وخلق، وثقه أحمد وابن سعد، وقال يحيى بن سعيد: ما رأيت أفطن منه، وقال في التقريب: ثقة فقيه مشهور، من الخامسة، مات سنة (136) ست وثلاثين ومائة على الصحيح (عن عبد الملك بن سعيد) بن سويد الأنصاري المدني، روى عن أبي حميد وأبي أسيد الساعديين وجابر، ويروي عنه (م د س ق) وربيعة بن أبي عبد الرحمن، قال العجلي: تابعي مدني ثقة، وقال في التقريب: ثقة، من الثالثة (عن أبي حميد) عبد الرحمن بن سعد بن المنذر الأنصاري الخزرجي الساعدي المدني الصحابي المشهور رضي الله عنه (أو) قال لنا عبد الملك بن سعيد (عن أبي أسيد) بضم الهمزة مالك بن ربيعة بن البدن بفتح الموحدة والمهملة بعدها نون الأنصاري الخزرجي الساعدي الصحابي المشهور المدني، شهد بدرًا مع النبي صلى الله عليه وسلم، كفّ بصره في آخر عمره، له (28) ثمانية وعشرون حديثًا، اتفقا على حديث، وانفرد (خ) بحديثين و (م) بآخر، يروي عنه (ع) وعبد الملك
قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ .. فَلْيَقُلِ: اللهم! افْتَح لِي أَبْوَابَ رَحمَتِكَ. وإذَا خَرَجَ .. فَلْيَقُلِ: اللهم! إِني أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ".
(قَال مُسْلِمٌ): سَمِعْتُ يحيى بْنَ يحيى يَقُولُ: كَتَبْتُ هذَا الْحَدِيثَ مِنْ كِتَابِ سُلَيمَانَ بْنِ بِلالٍ. قَال: بَلَغَنِي أَن
ــ
ابن سعيد بالشك في الصلاة، وأنس بن مالك في الفضائل، وإبراهيم بن محمد بن طلحة في الفضائل، وأبو سلمة بن عبد الرحمن في الفضائل، مات سنة ثلاثين، وله يوم مات ثمان وسبعون سنة (78) وله عقب بالمدينة.
وأو في كلام المصنف للشك، والشك من ربيعة فيما قاله عبد الملك أو من عبد الملك فيمن سمع منه هذا الحديث، وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلا يحيى بن يحيى فإنه نيسابوري (قال) أبو حميد أو أبو أسيد (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد) أي أراد دخوله عند وصول بابه، وقال الأبي: الأظهر أنه على ظاهره أنه يقوله بعد الدخول لا أن معناه إذا أراد أن يدخل إذ لا محوج إلى هذا التقدير اهـ منه (فليقل اللهم افتح في أبواب رحمتك وإذا خرج) منه (فليقل اللهم إني أسألك من فضلك) وعطائك، قال الطيبي: ولعل السر في تخصيص الرحمة بالدخول، والفضل بالخروج، أن من دخل اشتغل بما يزلفه إلى ثوابه وجنته فيناسب ذكر الرحمة، وإذا خرج اشتغل بابتغاء الرزق الحلال فناسب ذكر الفضل كما قال تعالى {فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} انتهى، وعبارة المبارق: إنما أمر بسؤال الرحمة عند الدخول لأنه كان يريد الاشتغال بما يقربها من الطاعات التي هي كالأبواب لها، وبسؤال الفضل وهو الرزق الحلال عند الخروج لأنه هو المناسب بحاله قال الله تعالى {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} اهـ منه. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [5/ 435] وأبو داود [465]، والنسائي [2/ 53] وابن ماجه [772].
(قال) الإمام (مسلم) رحمه الله تعالى: وهذا من كلام بعض رواته (سمعت يحيى بن يحيى) التميمي (يقول كتبت هذا الحديث من كتاب) شيخي (سليمان بن بلال) التيمي بلفظ الشك في قوله (عن أبي حميد أو أبي أسيد)(قال) الإمام مسلم ثم (بلغني أن
يحيى الْحِمَّانِي يَقُولُ: وَأَبِي أُسَيدٍ.
1544 -
(00)(00) وَحَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ الْبَكْرَاويُّ. حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ. حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرحمَنِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سُوَيد الأَنْصَاري، عَنْ أَبِي حُمَيدٍ أَوْ عَنْ أبِي أسَيدٍ، عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ
ــ
يحيى) بن عبد الحميد بن عبد الله بن ميمون بن عبد الرحمن بن بشمين -بفتح الموحدة وسكون المعجمة- (الحماني) بكسر المهملة وتشديد الميم، قال السمعاني: نسبة إلى بني حمان قبيلة نزلت الكوفة الكوفي، روى عن سليمان بن بلال وعبد الله بن المبارك وحماد بن زيد وجماعة، ويروي عنه (م) وأبو حاتم ومطين والبغوي وابن أبي الدنيا وغيرهم، تكلم فيه أحمد وابن المديني، وضعفه النسائي، وقال في التقريب: حافظ إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث، من صغار التاسعة، مات سنة (228) ثمان وعشرين ومائتين (يقول وأبي أسيد) بالجمع بين الصحابيين بلا شك.
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي حميد أو أبي أسيد رضي الله تعالى عنهما فقال:
1544 -
(00)(00)(وحدثنا حامد بن عمر) بن حفص بن أبي بكرة الثقفي (البكراوي) نسبة إلى جده الأعلى أبي بكرة الصحابي المشهور، أبو عبد الرحمن البصري، ثقة، من (10)(حدثنا بشر بن المفضل) بن لاحق الرقاشي بالقاف مولاهم أبو إسماعيل البصري، ثقة، من (8)(حدثنا عمارة بن غزية) بن الحارث بن عمرو الأنصاري المازني المدني، وثقه أحمد وأبو زرعة، وقال في التقريب: لا بأس به، من (6) روى عنه في (8) أبواب (عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن) التيمي مولاهم أبي عثمان المدني (عن عبد الملك بن سعيد بن سويد الأنصاري) المدني (عن أبي حميد أو عن أبي أسيد) الساعديين المدنيين (عن النبي صلى الله عليه وسلم وقوله (بمثله) متعلق بحدثنا عمارة لأنه المتابع، والضمير عائد إلى سليمان بن بلال لأنه المتابع، والتقدير حدثنا عمارة بن غزية عن ربيعة بمثل ما حدّث سليمان بن بلال عن ربيعة، وغرضه بيان متابعة عمارة لسليمان في الرواية عن ربيعة، وفائدتها بيان كثرة طرقه.
1545 -
(680)(89) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قعنَب وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مَالِكٌ. ح وَحَدَّثَنَا يَحيَى بْنُ يَحيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عن عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزبَيرِ، عَنْ عَمرِو بْنِ سُلَيمِ الزرَقِي، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمسجِدَ، فَلْيركَع رَكعَتَينِ قَبلَ أن يَجْلِسَ"
ــ
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى للجزء الثاني من الترجمة بحديث أبي قتادة رضي الله عنه فقال:
1545 -
(680)(89)(حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب) بن عتاب بن الحارث ومعنى قعنب في الأصل القوي الشديد الصلب كما في القاموس، الحارثي القعنبي البصري، ثقة، من (9)(وقتيبة بن سعيد) بن طريف الثقفي البلخي (قالا حدثنا مالك) بن أنس الأصبحي المدني (ح وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (قال قرأت على مالك) بن أنس (عن عامر بن عبد الله بن الزبير) بن العوام الأسدي أبي الحارث المدني، ثقة، من (4)(عن عمرو بن سليم) بن خلدة بسكون اللام بن مخلدة بن عامر بن زريق الأنصاري (الزرقي) بضم الزاي وفتح الراء بعدها قاف المدني، ثقة، من الثانية، من كبار التابعين، وقيل له رؤية، مات سنة (104)(عن أبي قتادة) الأنصاري السلمي بفتح السين واللام الحارث بن ربعي المدني، وهذا السند من خماسياته رجاله أربعة منهم مدنيون وواحد إما بصري أو بلخي أو نيسابوري، وفيه التحديث والقراءة والمقارنة والعنعنة وفيه، رواية تابعي عن تابعي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخل أحدكم المسجد فليركع) ندبًا (ركعتين قبل أن يجلس) تحية المسجد وتعظيمًا لربه، قال الخطابي: فيه من الفقه أنه إذا دخل المسجد عليه أن يصلي ركعتين تحية المسجد قبل أن يجلس وسواء كان ذلك في جمعة أو غيرها كان الإمام على المنبر أو لم يكن لأن النبي صلى الله عليه وسلم عم ولم يخص، قلت: هذا القول هو الصحيح كما جاء مصرحًا في الرواية الآتية عن جابر (أن رجلًا جاء يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: أصليت يا فلان؟ قال: لا، قال: قم فاركع) قال الخطابي: وقد اختلف الناس في هذا، فقال بظاهر الحديث الشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، وإليه ذهب الحسن البصري ومكحول، وقالت طائفة: إذا كان الإمام على المنبر يجلس ولا يصلي،
1546 -
(00)(00) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حدَّثَنَا حُسَينُ بْنُ عَلي عَنْ زَائدَةَ. قَال: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحيَى الأَنْصَارِيُّ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يحيى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَمرِو بْنِ سُلَيمِ بْنِ خَلْدَةَ الأَنْصَارِي، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَال: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللهِ
ــ
وإليه ذهب ابن سيرين وعطاء بن أبي رباح والنخعي وقتادة وأصحاب الرأي وهو قول مالك والثوري، انتهى اهـ من العون.
وقال قوم: تحية المسجد بركعتين واجبة لظاهر الحديث، والجمهور على أنها مستحبة لكن عند الشافعي يصليهما في أي وقت كان، وعند أبي حنيفة في غير أوقات النهي اهـ مبارق، وأداء الفرض ينوب عنها، وكذا كل صلاة صلاها عند الدخول بلا نية التحية لأنها لتعظيمه وحرمته وقد حصلى ذلك بما صلاه، ولا تفوت بالجلوس عند الأحناف، ، وإن كان الأفضل فعلها قبله، وإذا تكرر دخوله يكفيه ركعتان في اليوم، ذكره الشرنبلالي في شرح نور الإيضاح، وهذا في غير المسجد الحرام فإن تحيته طواف القدوم، ويصلي بعده ركعتا الطواف. وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [5/ 305 و 311] والبخاري [444]، وأبو داود [467 و 468] والترمذي [316] والنسائي [2/ 53] وابن ماجه [1013].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي قتادة رضي الله عنه فقال:
1546 -
(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (حدثنا حسين بن علي) بن الوليد الجعفي مولاهم أبو محمد الكوفي، ثقة، من (9)(عن زائدة) ابن قدامة الثقفي أبي الصلت الكوفي، ثقة، من (7)(قال حدثني عمرو بن يحيى) بن عمارة بن أبي حسن (الأنصاري) المازني المدني، ثقة، من (6)(حدثني محمد بن يحيى بن حبان) بفتح الحاء المهملة وتشديد الموحدة بن منقذ بن عمرو الأنصاري المازني أبو عبد الله المدني الفقيه، كانت له حلقة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم (عن عمرو بن سليم بن خلدة الأنصاري) المدني (عن أبي قتادة) الأنصاري المدني (صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفارسه، وهذا السند من سباعياته رجاله أربعة منهم مدنيون وثلاثة كوفيون، غرضه بيان متابعة محمد بن يحيى بن حبان لعامر بن عبد الله بن الزبير في رواية هذا الحديث عن عمرو بن سليم (قال) أبو قتادة (دخلت المسجد) النبوي (ورسول الله
صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ جَالِس بَينَ ظَهْرَانَيِ الناسِ. قَال: فَجَلَسْتُ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مَنَعَكَ أَنْ تركَعَ رَكْعَتَينِ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسَ؟ " قَال: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! رَأيتُكَ جَالِسًا وَالناسُ جُلُوس. قَال: "فَإِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ، فَلَا يَجْلِسْ حَتى يَركَعَ رَكْعَتَين".
1547 -
(681)(90) حَدَّثَنَا أَحمَدُ بْنُ جَوَاسٍ الْحَنَفِي أَبُو عَاصِمٍ
ــ
صلى الله عليه وسلم جالس بين ظهراني الناس) أي بين وسطهم (قال) أبو قتادة (فجلست فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منعك) يا أبا قتادة (أن تركع ركعتين قبل أن تجلس، قال) أبو قتادة (فقلت: يا رسول الله رأيتك جالسًا والناس جلوس) حولك فاستحييت من القيام بين الجالسين (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فإذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين) تحية وتعظيمًا لرب المسجد.
قال القرطبي: قوله في الرواية الأولى "إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس" عامة العلماء على أن هذا الأمر محمول على الندب والترغيب، وقد ذهب داود وأصحابه إلى أن ذلك على الوجوب وهذا باطل، ولو كان الأمر على ما قالوه لحرم دخول المسجد على المحدث الحدث الأصغر حتى يتوضأ ولا قائل به وإنما الخلاف في دخول الجنب فإذا جاز دخول المسجد على غير وضوء لزم منه أنه لا يجب عليه تحيته عند دخوله إذ لو كان ذلك للزمه أن يتوضأ عند إرادة الدخول، فإن قيل: الخطاب بالتحية لمن كان متوضئًا قلنا: هذا تحكم وعدول عن الظاهر بغير دليل فإنه متوجد لداخل المسجد فيلزم ما ذكرناه، وقد عدها بعض أصحابنا في السنن، ثم هل يحيي المسجد في أي الأوقات دخله أو لا يحييه في الأوقات التي نُهي عن الصلاة فيها؟ قولان؛ الأول لبعض أهل الظاهر، والثاني للجمهور فلا يحيى المسجد عندهم بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس، غير أن الشافعي منع منها حالة الطلوع وحالة الغروب، وأجازها فيما قبل ذلك بناء منه على أصله أن كل صلاة يتعين فعلها بحسب سببها فجائز فعلها ما لم تطلع الشمس وما لم تغرب اهـ من المفهم.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي قتادة بحديث جابر رضي الله عنهما فقال:
1538 -
(681)(90)(حدثنا أحمد بن جواس الحنفي أبو عاصم) الكوفي، ثقة،
حدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ الأشجَعِي عن سُفْيَانَ، عن مُحَارِب بْنِ دِثَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله، قَال: كَانَ لِي عَلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دَينٌ. فَقَضَانِي وَزَادَنِي. وَدَخَلْتُ عَلَيهِ الْمَسْجِدَ. فَقَال لِي: "صلِّ رَكْعَتَينِ"
ــ
من (10)(حدثنا عبيد الله) بن عبيد الرحمن (الأشجعي) أبو عبد الرحمن الكوفي، ثقة، من (9)(عن سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي، ثقة، من (7)(عن محارب بن دثار) السدوسي أبي مطرف الكوفي، ثقة، من (4)(عن جابر بن عبد الله) بن عمرو بن حرام الأنصاري السلمي رضي الله عنهما أبي عبد الله المدني، وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم كوفيون إلا جابرًا (قال) جابر (كان في على النبي صلى الله عليه وسلم دين فقضاني) ذلك الدين (وزادني) على حقي نحو قيراط (ودخلت عليه المسجد فقال لي صل ركعتين) تحية المسجد، وهذا الدين هو ثمن البعير الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم اشتراه منه في رجوعه إلى المدينة من بعض أسفاره وشرط عليه رهوبه إلى المدينة فلما بلغها دفع له رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمل والثمن وزاده قيراطًا، وسيأتي في البيوع إن شاء الله تعالى. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 302 - 308] والبخاري [2394].
قال النواوي: وفي هذه الأحاديث من الأحكام الفقهية استحباب تحية المسجد بركعتين وهي سنة بإجماع المسلمين إلا ما حكاه القاضي عياض عن داود وأصحابه من وجوبهما، وفيها الثصريح بكراهة الجلوس بلا صلاة وهي كراهة تنْزيه، وفيها استحباب التحية في أي وقت دخل وهو مذهبنا وبه قال جماعة، وكرهها أبو حنيفة والأوزاعي والليث في وقت النهي، وأجاب أصحابنا بأن النهي إنما هو عفا لا سبب له لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد العصر ركعتين قضاء سنة الظهر فخص وقت النهي وصلى فيه ذات السبب ولم يترك التحية في حال من الأحوال بل إمر الذي الذي دخل الخطبة ممنوع الجمعة وهو يخطب فجلس أن يقوم فيركع ركعتين مع أن الصلاة في. حال الخطبة ممنوع منها إلا التحية فلو كانت التحية تترك في حال من الأحوال لتركت الآن لأنه قعد وهي مشروعة قبل القعود ولأنه كان يجهل حكمها ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قطع خطبته وكلمه وأمره أن يصلي التحية فلولا شدة الاهتمام بالتحية في جميع الأوقات لما اهتم عليه السلام هذا الاهتمام، ولا يشترط أن ينوي التحية بل تكفيه ركعتان من فرض أو سنة
1548 -
(00)(00) حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعبَةُ عَنْ مُحَارِبِ. سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: اشْتَرَى مِني رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعِيرًا. فَلَّمَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَمَرَنِي أَنْ آتِيَ الْمَسْجِدَ، فَأُصليَ رَكْعَتَينِ.
1549 -
(00)(00) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حدَّثنَا
ــ
راتبة أو غيرهما، ولو نوى بصلاته التحية والمكتوبة انعقدت صلاته وحصلتا له، ولو صلى على جنازة أو سجد شكرًا أو للتلاوة أو صلى ركعة بنية التحية لم تحصل التحية على الصحيح من مذهبنا، وقال بعض أصحابنا: تحصل وهو خلف ظاهر الحديث ودليله أن المراد إكرام المسجد ويحصل بذلك، والصواب أنه لا يحصل، وأما المسجد الحرام فأول ما يدخله الحاج بطواف القدوم فهو تحيته ويصلي بعده ركعتي الطواف اهـ.
قال القرطبي: واختلف قول مالك في تحية المسجد إذا صليت العيد فيه، ورأى في مسجد مكة تقديم الطواف على التحية، وفي مسجد المدينة تقديم التحية على السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وقد وسع في ذلك أيضًا، وقال بعض أصحاب مالك: إن من تكرر عليه الدخول في المسجد سقط عنه تحيته كمن أكثر تردده إلى مكة من الحطابين وغيرهم وكسقوط السجود عمن كثرت تلاوته من القرآن وسقوط الوضوء لمس المصحف للمتعلمين.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
1548 -
(00)(00)(حدثنا عبيد الله بن معاذ) العنبري البصري (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ التميمي البصري (حدثنا شعبة) بن الحجاج العتكي البصري (عن محارب) ابن دثار السدوسي الكوفي (سمع جابر بن عبد الله يقول) وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون وواحد كوفي وواحد مدني، غرضه بيان متابعة شعبة لسفيان الثوري (اشترى مني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرا) في بعض أسفاره (فلما قدم المدينة أمرني أن آتي المسجد فأصلي ركعتين) تحية.
ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
1549 -
(00)(00)(وحدثني محمد بن المثنى) العنَزي البصري (حدثنا
عَبْدُ الوَهَّابِ، يعنِي الثَّقَفِي، حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ؛ قَال: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ. فَأَبْطأ بِي جَمَلِي وَأَعيى. ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلِي. وَقَدِمتُ بِالْغَدَاةِ. فَجِئْتُ الْمَسْجِدَ فَوَجدتُهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ. قَال: "الآنَ حِينَ قَدمتَ"؟ قُلْتُ: نَعَم. قَال: "فَدع جَمَلَكَ. وادخُلْ فَصَل رَكْعَتَينِ" قَال: فَدَخَلْتُ فَصليتُ، ثُمَّ رَجَعتُ
ــ
عبد الوهاب) بن عبد المجيد (يعني الثقفي) أبو محمد البصري، ثقة من (8)(حدثنا عبيد الله) بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي أبو عثمان المدني، ثقة، من (5)(عن وهب بن كيسان) القرشي الأسدي مولاهم أبي نعيم المعلم المكي، ثقة، من (4)(عن جابر بن عبد الله) الأنصاري رضي الله عنهما أبي عبد الله المدني، وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان بصريان، غرضه بيان متابعة وهب بن كيسان لمحارب بن دثار (قال) جابر (خرجت) أي سافرت من المدينة (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة) أي في غزوة من غزواته (فأبطأ بي) أي تأخر بي (جملي) عن رفقتي (وأعيى) أي وعجز عن السير بي منهم، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم من ورائي ودعا عليه ونشط في السير حتى كان يتقدم على جمال الرفقة (ثم) بعدما دعا على جملي ونشط تقدم علينا إلى المدينة فـ (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة (قبلي) بيوم (وقدمتـ) ها أنا (بالغداة) أي بالغد من يوم قدومه (فجئت المسجد) النبوي (فوجدته) أي رأيته صلى الله عليه وسلم وصادفته قائما (على باب المسجد) فـ (قال) لي (الآن حين قدمت) من سفرك، لفظة حين زائدة بين الظرف وعامله، لا توصف بإعراب ولا بناء كما توهمه بعض شراح الكتاب والآن ظرف للزمن الحاضر متعلق بقدمت قدم عليه لإفادة الحصر أي في هذا الزمن الحاضر قدمت من سفرك، قال جابر (قلت) له صلى الله عليه وسلم (نعم) الآن جئت، ثم (قال) لي (فدع جملك) أي اتركه خارج المسجد (وادخل) لمسجد (فصل ركعتين) تحيته (قال) جابر (فدخلت) المسجد (فصليت) ركعتين كما أمرني (ثم رجعت) إليه صلى الله عليه وسلم عند الباب فنقدني ثمن الجمل.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى للجزء الأخير بحديث كعب بن مالك رضي الله عنه فقال:
1550 -
(682)(91) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا الضحَاكُ، يَعنِي أبَا عَاصِمٍ. ح وَحَدَّثَنِي محمُودُ بْنُ غَيلانَ. حَدَّثنَا عَبْدُ الرَّزَاقِ. قَالا جَمِيعًا: أخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهابٍ، أَنَّ عَبْدَ الرحمَنِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعب أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ، عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعبٍ، وَعَنْ عَمِّهِ عُبَيدِ اللهِ بْنِ كَعبٍ، عَنْ كَعبِ بْنِ مَالكٍ،
ــ
1550 -
(682)(91)(حدثنا محمد بن المثنى) البصري (حدثنا الضحاك) بن مخلد بن الضحاك بن مسلم الشيباني (يعني أبا عاصم) النبيل البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (12) بابا (ح وحدثني محمود بن كيلان) العدوي مولاهم أبو أحمد المروزي نزيل بغداد، ثقة، من (10) روى عنه في (5) أبواب (حدثنا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني، ثقة، من (9)(قالا جميعًا) أي قال كل من الضحاك وعبد الرزاق (أخبرنا) عبد الملك بن عبد العزيز (بن جريج) الأموي المكي، ثقة، من (6)(أخبرني) محمد بن مسلم (بن شهاب) الزهريّ المدني، ثقة، من (4)(أن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب) بن مالك الأنصاري السلمي أبا الخطاب المدني، وكان أعلم قومه وأوعاهم بأحاديث أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مات في ولاية هشام بن عبد الملك، روى عن كعب بن مالك وعن أبيه في الصلاة وتوبة كعب، وعمه عبيد الله بن كعب في توبة كعب، وسلمة بن الأكوع في الجهاد، ويروي عنه (خ م د س) والزهري ومحمد بن أبي أمامة وجماعة، وثقه النسائي، وقال في التقريب: ثقة عالم، من الثالثة (أخبره) أي أخبر للزهري (عن أبيه عبد الله بن كعب) بن مالك الأنصاري السلمي المدني، وثقه أبو زرعة، وقال في التقريب: ثقة، يقال له رؤية، مات سنة (97) سبع وتسعين، وقوله (وعن عمه عبيد الله بن كعب) معطوف على قوله عن أبيه يعني عبيد الله بن كعب بن مالك الأنصاري السلمي أبي فضالة المدني، روى عن أبيه كعب بن مالك في الصلاة وتوبة كعب، ويروي عنه (خ م دس) وعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب وأخوه معبد والزهري، وثقه أبو زرعة، وقال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث، وقال في التقريب: ثقة، من الثالثة كلاهما (عن كعب بن مالك) بن عمرو بن القين بن كعب بن سواد بن كعب الأنصاري السلمي بفتحتين، أبي عبد الله المدني الشاعر أحد الثلاثة الذين خُلفوا، شهد العقبة، له (80) ثمانون حديثًا، اتفقا على ثلاثة، وانفرد (خ) بحديث و (م) بحديثين، روى عنه بنوه عبد الله وعبيد الله في الصلاة والبيوع،
أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَقْدَمُ مِنْ سَفَرٍ إلَّا نهارًا، فِي الضحَى فَإِذَا قَدِمَ، بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ. فصلى فِيهِ رَكْعَتَينِ. ثُم جَلَسَ فِيهِ
ــ
وعبد الرحمن في الأطعمة، وقال في التقريب: صحابي مشهور، مات في أيام قتل علي بن أبي طالب، وقيل إنه مات سنة (50) خمسين، وكان له يوم مات (77) سبع وسبعون سنة، وهذان السندان من سباعياته رجال الأول منهما أربعة منهم مدنيون واثنان بصريان وواحد مكي، ورجال الثاني منهما أربعة مدنيون وواحد مكي وواحد صنعاني وواحد مروزي، وفيهما التحديث إفرادًا وجمعًا والإخبار إفرادًا وجمعًا والعنعنة والمقارنة، وفيه ثلاثة أتباع، روى بعضهم عن بعض، وفيه رواية ولد عن أبيه عن جده (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يقدم) المدينة (من سفر) ولا يدخلها (إلا نهارًا في) وقت (الضحى فإذا قدم) المدينة ودخلها (بدأ بـ) دخول (المسجد فصلى فيه ركعتين) تحيته (ثم جلس فيه) أي في المسجد ليسلم عليه الناس الذين لم يسافروا معه من المعذورين، وقوله (لا يقدم من سفر إلا نهارًا) إنما فعل ذلك لأنه نُهي أن يأتي الرجل أهله طروقًا، وقد نبه على تعليله في حديث جابر فقال:"يتخونهم ويطلب عثراتهم" وفي حديث غيره "كي تستحد المغيبة وتمتشط الشعثة، واقتصر كعب هنا على ذكر وقت الضحى، وقد رواه أنس فقال: كان لا يطرق وكان يأتيهم غدوة وعشية وكأنه كان أكثر قدومه في أول النهار ليبدأ بالصلاة في المسجد فكان يتأخر حتى يخرج وقت النهي والله أعلم اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 455] والبخاري [4677]، وأبو داود [2202] والترمذي [3101] والنسائي [6/ 152].
قال النواوي: وفي هذه الأحاديث استحباب ركعتين للقادم من سفره في المسجد أول قدومه، وهذه الصلاة مقصودة للقدوم من السفر لا أنها تحية المسجد وفيه استحباب القدوم أوائل النهار وأنه يستحب للكبير في المرتبة ومن يقصده الناس إذا قدم من سفر أن يجلس بقرب داره في مسجد أو غيره ليسهل على زائره والمسلم عليه اهـ، قال الأبي: ويأتي تعليل استحباب القدوم نهارا، وأنه لتستحد المغيبة وتمتشط الشعثة حرصًا على دوام العشرة خوف أن يطلع القادم ليلًا على ما يكره اهـ.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث أربعة؛ الأول حديث أبي حميد أو أبي أسيد ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واحدة، والثاني حديث أبي قتادة ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث حديث جابر ذكره للاستشهاد به لحديث أبي قتادة وذكر فيه متابعتين، والرابع حديث كعب بن مالك ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة، والله أعلم.
***