الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
292 - (7) باب: التغليس بصلاة الصبح وبيان قدر القراءة فيها
1349 -
(609)(20) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْب. كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَينَةَ، قَال عَمْرٌو: حَدَّثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ نِسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ كُنَّ يُصَلِّينَ الصُّبْحَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. ثُمَّ يَرْجِعْنَ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ. لا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ
ــ
292 -
(7) باب التغليس بصلاة الصبح وبيان قدر القراءة فيها
1349 -
(609)(20)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) الكوفي (وعمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) أبو عثمان البغدادي (وزهير بن حرب) بن شداد النسائي (كلهم) أي كل من الثلاثة (عن سفيان بن عيينة) الكوفي (قال عمرو: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري عن عروة) بن الزبير (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان كوفيان أو كوفي وبغدادي (أن نساء المؤمنات) أي أن نساءً من المؤمنات كما هو المصرح به في الطريق الثاني عن الزهري فلا حاجة إلى التقديرات والتأويلات التي تكلف بها شراح الصحيحين، وقيل من إضافة الموصوف إلى صفته أي أن النساء المؤمنات كمسجد الجامع (كن يصلين الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجعن) إلى بيوتهن (متلفعات) بالعين بعد الفاء المشددة المكسورة؛ أي متلحفات بالحاء أي متجللات متغطيات (بمروطهن) أي بأكسيتهن، جمع مرط -بكسر مر الميم وسكون الراء- كساء من صوف أو خز يؤتزر به (لا يعرفهن أحد) أهن نساء أم رجال من الغلس كما في رواية البخاري لأنه لا يظهر للرائي إلا أشخاصهن فقط، فإن (قلت) هذا يعارضه حديث أبي برزة الآتي أنه كان ينصرف من الصلاة حين يعرف الرجل جليسه (أجيب) بأن هذا إخبار عن المتلفعة من بعد وذلك إخبار عن الجليس القريب فافترق والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
قوله (متلفعات بمروطهن) قال القرطبي: كذا الرواية الصحيحة بالفاء والعين المهملة من التلفع وهو تغطية الرأس والجسد، وقد وقع لبعض رواة الموطإ: متلففات أي متغطيات، والمروط جمع مرط -بكسر الميم- وهو الكساء اهـ. قال النواوي: وفي هذه الأحاديث استحباب التبكير بالصبح وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد والجمهور، وقال أبو حنيفة: الإسفار أفضل، وفيها جواز حضور النساء الجماعة في المسجد وهو
1350 -
(00)(00) وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ؛ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ؛ قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيرِ؛ أن عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالتْ: لَقَدْ كَانَ نِسَاءٌ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ يَشْهَدْنَ الْفَجْرَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ. ثُمَّ يَنْقَلِبْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ وَمَا يُعْرَفْنَ. مِنْ تَغْلِيسِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالصَّلاةِ.
1351 -
(00)(00) وَحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ
ــ
إذا لم يخش فتنة عليهم أو بهن. وشارك المؤلف رحمه الله تعالى في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 33] والبخاري [578] وأبو داود [423] والترمذي [153] والنسائي [1/ 271] وابن ماجه [669].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله عنها فقال:
1350 -
(00)(00)(وحدثني حرملة بن يحيى) التجيبي المصري (أخبرنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي المصري (أخبرني يونس) بن يزيد الأموي الأيلي (أن) محمد بن مسلم (بن شهاب) الزهري المدني (أخبره) أي أخبر ليونس (قال) ابن شهاب (أخبرني عروة بن الزبير) الأسدي المدني (أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان مصريان وواحد أيلي، غرضه بيان متابعة يونس لابن عيينة، وكرر المتن لما بين الروايتين من المخالفة (قالت) عائشة: والله (لقد كان نساء من المؤمنات يشهدن) أي يحضرن (الفجر) أي جماعة صلاة الفجر، فهو كما قال العيني: إما مفعول به أو مفعول فيه وكلاهما جائزان لأنها مشهودة ومشهود فيها اهـ (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كونهن (متلفعات) أي متغطيات (بمروطهن) أي بأكسيتهن (ثم ينقلبن) أي يرجعن من المسجد (إلى بيوتهن و) الحال أنهن (ما يعرفن) لأحد أهن رجال أم نساء (من) شدة (تغليس) وتعجيل (رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة) أي بصلاة الفجر وإقامتها في غلس؛ وهو ظلمة آخر الليل بعد طلوع الفجر.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
1351 -
(00)(00)(وحدثنا نصر بن علي) بن نصر بن علي بن صهبان الأزدي
الْجَهْضَمِي وإسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الأنصَارِيِّ. قَالا: حَدَّثَنَا مَعْنٌ عَنْ مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بن سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالتْ: إِن كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيُصَلِّي الصُّبْحَ. فَيَنْصَرِف النِّسَاءُ مُتَلَفعَات بِمُرُوطِهِن. مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ. وَقَال الأَنْصارِيُّ فِي رِوَايَتِهِ: مُتَلَفِّفَاتٍ
ــ
أبو عمر البصري (الجهضمي) نسبة إلى الجهاضمة محلة بالبصرة، ثقة ثبت، من (10)(وإسحاق بن موسى) بن عبد الله بن موسى (الأنصاري) الخطمي، نسبة إلى بني خطمة بطن من الأوس، أبو موسى المدني، وثقه النَّسائيّ والخطيب، وقال في التقريب: ثقة متقن، من (10) روى عنه في (5) أبواب (قالا حدَّثنا معن) -بسكون العين- بن عيسى الأشجعي، أبو يَحْيَى المدني، ثقة ثبت، من كبار العاشرة، روى عنه في (10) أبواب (عن مالك) بن أنس الأصبحي أبي عبد الله المدني، ثقة إمام حجة، من (7) روى عنه في (17) بابا (عن يَحْيَى بن سعيد) الأنصاري النجاري أبي سعيد المدني، ثقة حجة ثبت، من (5) روى عنه في (16) بابا (عن عمرة) بنت عبد الرحمن الأنصارية المدنية الفقيهة ثقة، من (3) ماتت قبل المائة، روى عنها في (6) أبواب (عن عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم مدنيون إلَّا نصر بن علي فإنَّه بصري، غرضه بسوقه بيان متابعة عمرة لعروة في رواية هذا الحديث عن عائشة، وفائدتها بيان كثرة طرقه. (قالت) عائشة رضي الله عنها (إن) مخففة من الثقيلة بدليل اللام الفارقة المذكورة بعدها؛ أي إن الشأن والحال (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح) في أول وقتها (فينصرف النساء) أي يرجعن إلى بيوتهن حالة كونهن (متلفعات) أي متغطيات متلففات (بمروطهن) أي بأكسيتهن حالة كونهن (مَّا يعرفن) لأحد من النَّاس أهن رجال أم نساء، وقيل لا تعرف أعيانهن، وإن عرف أنهن نساء وإن كن متكشفات الوجوه (من) أجل (الغلس) وهو بقايا ظلمة الليل يخالطها بياض الفجر قاله الأزهري، وقال الخطابي: الغبش بالباء الموحدة والشين المعجمة قبل الغبس بالسين المهملة وبعده الغلس باللام وكلها في آخر الليل ويكون الغبش أيضًا في أول الليل (وقال) إسحاق بن موسى (الأنصاري في روايته متلففات) بفاءين أولاهما مشددة مكسورة من اللف بمعنى الطي والتجلل وهو اختلاف لفظي وهذا يدل على أن الغالب من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح إنَّما كان في أول الوقت، وكذا قال ابن عباس ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتَّى مات لم يعد إلى أن يسفر، ويفيد هذا أن صلاة
1352 -
(610)(21) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ. ح قَال: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّار. قَالا: حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِي؛ قَال: لَمَّا قَدِمَ الْحَجَّاجُ الْمَدِينَةَ فَسَألْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ. فَقَال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ
ــ
الصبح في أول وقتها أفضل وهو مذهب مالك والشَّافعيّ وعامة العلماء خلافًا للكوفيين فإن آخر وقتها عندهم أفضل اهـ من المفهم.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عائشة بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهم فقال:
1352 -
(610)(21)(حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفيّ (حدَّثنا غندر) محمَّد بن جعفر الهذلي أبو عبد الله البصري، سماه بذلك ابن جريج لأنَّه كان يكثر عليه التشغب وأهل الشَّام يسمون المشغب غندرًا (عن شعبة) بن الحجاج العتكي البصري (ح قال وحدثنا محمَّد بن المثني) العنزي البصري (و) محمَّد (بن بشار) العبدي البصري (قالا حدَّثنا محمَّد بن جعفر) الهذلي البصري (حدَّثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم) بن عبد الرحمن بن عوف الزُّهريّ المدني، ثقة، من (5)(عن محمَّد بن عمرو بن الحسن بن علي) بن أبي طالب رضي الله عنه الهاشمي المدني، روى عن جابر بن عبد الله في الصَّلاة والصوم، وابن عباس وجماعة، ويروي عنه (خ م د س) وسعد بن إبراهيم ومحمد بن عبد الرحمن بن سعد بن أبي وقاص في الصوم، وطائفة، وثقه أبو زرعة والنَّسائيُّ وابن معين وأبو حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الرابعة (قال) محمَّد بن عمرو (لما قدم الحجاج) بن يوسف الثَّقفيُّ الشَّامي التَّابعي الجائر المشهور (المدينة) المنورة، وجواب لما محذوف جوازًا لغرض الاستقباح، تقديره كان يؤخر الصلوات من أوقاتها المختارة لها (فسألنا جابر بن عبد الله) الأنصاري الخزرجي الصحابي المشهور رضي الله عنهما من أوقات الصلوات. وهذا السند من سداسياته، رجاله ثلاثة منهم مدنيون وثلاثة بصريون أو بصريان وكوفيٌّ؛ أي سألنا جابرًا عن الأوقات التي يصلِّي فيها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس حين خالف الحجاج عادة الخلفاء في صلواتهم (فقال) جابر في جواب سؤالنا (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائمًا (يصلِّي الظهر بالهاجرة) أي في وقت الهاجرة؛ وهو وقت شدة
وَالْعَصْرَ، وَالشَّمْسُ نَقِيَّةٌ. وَالْمَغْرِبَ، إِذَا وَجَبَتْ. وَالْعِشَاءَ، أَحْيَانَا يُؤَخرُهَا وَأَحْيَانًا يُعَجِّلُ. كَانَ إِذَا رَآهُمْ قَدِ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ. وَإِذَا رَآهُمْ قَدْ أَبْطَؤُوا أَخَّرَ. وَالصُّبْحَ، كَانُوا أَوْ (قَال): كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّيهَا بِغَلَسٍ
ــ
الحر نصف النهار عقب الزَّوال من الهجر وهو الترك، سمي ذلك الوقت بالهاجرة لترك النَّاس أشغالهم فيه في بلاد العرب لأجل شدة الحر ويقيلون، فهي فاعلة بمعنى مفعولة، قال الحافظ: ظاهره يعارض حديث الإبراد لأنَّ قوله كان يفعله يشعر بالكثرة والدوام عرفًا إلَّا أن يجمع بينهما بأنه أطلق هنا الهاجرة على الوقت بعد الزَّوال مطلقًا وحديث الإبراد مقيد بحال شدة الحر، فإن وجدت شروط الإبراد أبرد، وإلا عجل؛ فالمعنى كان يصلِّي الظهر بالهاجرة إلَّا إن احتاج إلى الإبراد اهـ عون.
(و) كان يصلِّي (العصر والشمس) أي الحال أن الشَّمس (نقية) أي صافية بيضاء لم تخالطها صفرة (و) يصلِّي (المغرب إذا وجبت) الشَّمس أي غابت، وحذف الشمس للعلم بها كقوله تعالى:{حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} وأصل الوجوب السقوط، ولا يخفى أن محل دخول وقتها بسقوط قرص الشَّمس حيث لا يحول بين رؤيتها وبين الرائي حائل (و) يصلِّي (العشاء أحيانًا) ظرف متعلق بما بعده؛ أي ويصلي العشاء حالة كونه (يؤخرها) أحيانًا أي في بعض الأزمان من أول وقتها إلى الوقت المختار (وأحيانا) أي أزمانًا (يعجلـ) ها أي يصليها في أول وقتها، وفسر بأن التأخير والتعجيل بقوله (كان) صلى الله عليه وسلم (إذا رآهم) أي إذا رأى الأصحاب (قد اجتمعوا) كلهم في المسجد (عجل) أي قدم بهم العشاء في أول وقتها لأن في تأخيرها حينئذ تنفيرهم (وإذا رآهم قد أبطؤوا) وتأخروا عن الحضور (أخر) ها لإحراز الفضيلة في الجماعة (والصبح كانوا) أي كان الأصحاب رضي الله عنهم يصلونها بغلس فخبر كانوا محذوف يدل عليه خبر كان (أو قال) الراوي وهو جابر والصبح (كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يصليها بغلس) أي مع بقاء غلس؛ وهو ظلمة آخر الليل، والشك كما في شروح البُخاريّ من الراوي عن جابر ومعناهما متلازمان لأنَّ أيهما كان يدخل فيه الآخر لأنهم يصلون معه فهم تبع له، والمعنى أنَّه لا يصنع في الصبح مثل ما يصنع في العشاء من تعجيلها إذا اجتمعوا وتأخيرها إذا أبطأوا. وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [3/ 369] والبخاري [560]، وأبو داود [397] والنَّسائيُّ [1/ 764].
1353 -
(00)(00) وَحَدَّثَنَاهُ عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ. سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَال: كَانَ الحجَّاجُ يُؤَخِّرُ الصَّلَوَاتِ. فَسَأَلنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ. بِمِثْلِ حَدِيثِ غُنْدَرٍ.
1354 -
(611)(22) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بن حَبِيبٍ الْحَارِثيُّ. حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. أَخْبَرَنِي سَيَّارُ بْنُ سَلامَةَ. قَال: سَمِعْتُ أَبِي يَسألُ أبَا بَرْزَةَ
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
1353 -
(00)(00)(وحدثناه) أي وحدثنا الحديث المذكور (عبيد الله بن معاذ) بن معاذ التميمي العنبري البصري، ثقة، من (10)(حدَّثنا أبي) معاذ بن معاذ التميمي أبو المثنى البصري، ثقة، من (9)(حدَّثنا شعبة) بن الحجاج البصري (عن سعد) ابن إبراهيم الزُّهريّ المدني (سمع محمَّد بن عمرو بن الحسن بن علي) بن أبي طالب الهاشمي المدني (قال) محمَّد بن عمرو (كان الحجاج) بن يوسف الثَّقفيُّ (يؤخر الصلوات) الخمس عن أوقاتها المختارة (فسألنا جابر بن عبد الله) الأنصاري عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وساق معاذ بن معاذ عن شعبة (بمثل حديث غندر) عن شعبة، غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة معاذ بن معاذ لغندر في رواية هذا الحديث عن شعبة، وفائدة هذه المتابعة تقوية السند الأوَّل لأنَّ غندرًا وإن كان ثقة ففيه غفلة.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث عائشة بحديث أبي برزة رضي الله عنهما فقال:
1354 -
(611)(22)(وحدثنا يَحْيَى بن حبيب) بن عربي (الحارثي) أبو زكريا البصري، ثقة، من (10)(حدَّثنا خالد بن الحارث) بن عبيد الهجيمي أبو عثمان البصري، ثقة، من (8)(حدَّثنا شعبة) بن الحجاج البصري، ثقة، من (7)(أخبرني سيار) بتشديد الياء التحتانية (بن سلامة) الرياحي -بالياء التحتانية- أبو المنهال البصري، ثقة، من (4)(قال) سيار (سمعت أبي) سلامة، قال الحافظ ابن حجر: وسلامة والد سيار، حكى عنه ولده هنا، ولم أجد من ترجمه، وقد وقعت لابنه عنه رواية في الطّبرانيّ الكبير في ذكر الحوض، لم يرو عنه ابنه هنا، بل روى عن أبي برزة وليس من رجال أصحاب الأمهات اهـ بزيادة، حالة كونه (يسأل أبا برزة) الأسلمي نضلة بن عبيد بن الحارث البصري الصحابي المشهور رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن
عَنْ صَلاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَال: قُلتُ: آنتَ سَمِعْتَهُ؟ قَال: فَقَال: كَأَنَّمَا أَسْمَعُكَ السَّاعَةَ. قَال: سَمِعْتُ أَبِي يَسألُهُ عَنْ صَلاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَال: كَانَ لا يُبَالِي بَعْضَ تَأْخِيرِهَا. (قَال: يَعْنِي العِشَاءَ). إِلَى نِصْفِ اللَّيلِ. وَلا يُحِبُّ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَلا الحَدِيثَ بَعْدَهَا. قَال شُعْبَةُ: ثُمَّ لَقِيتُهُ، بَعْدُ، فَسَألتُهُ فَقَال: وَكَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ. وَالعَصرَ، يَذهَبُ الرَّجُلُ إِلَى أَقصَى المَدِينَةِ، وَالشَّمْسُ حَيَّة. قَال: وَالمَغْرِبَ، لا أَدْرِي أَي حِينِ ذَكَرَ. قَال: ثُمَّ لَقِيتُهُ، بَعدُ، فَسَألتُهُ
ــ
رجاله كلهم بصريون (عن) أوقات (صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) شعبة (قلت) لسيار بن سلامة (آنت) أي هل أنت (سمعته) أي سمعت أبا برزة يجيب لأبيك (قال) شعبة (فقال) سيار بن سلامة: سمعت أبا برزة (كأنما أسمعك) يا شعبة أي سمعت أبا برزة سماعًا كسماعي كلامك يا شعبة هذه (الساعة قال) سيار (سمعت أبي) سلامة (يسأله) أي يسأل أبا برزة، والجملة توكيد لفظي لما قبلها (عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) أبو برزة (كان) رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يبالي) ولا يكترث (بعض تأخيرها) أي لا يبالي تأخير العشاء في بعض الليالي إلى نصف الليل أو تأخيرها شيئًا من التأخير، قال شعبة (قال) سيار (يعني) أبو برزة بضمير تأخيرها (العشاء) وقوله (إلى نصف الليل) متعلق بتأخيرها كما قدرناه أولًا (و) كان صلى الله عليه وسلم (لا يحب النوم قبلها) أي قبل العشاء (ولا) يحب (الحديث) أي التحدث في الأمر الدنيوي (بعدها) أي بعد العشاء لا الديني (قال شعبة: ثم لقيته) أي لقيت سيار بن سلامة (بعد) أي بعد ما حدثني المرة الأولى (فسألته) أي سألت سيارًا عما قال أبو برزة في أوقات باقي الصلوات قال سيار (فقال) أبو برزة (وكان) النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم (يصلِّي الظهر حين تزول الشَّمس) عن كبد السماء (و) كان يصلِّي (العصر) بنا ثم (يذهب الرجل) ممن صَلَّى معنا (إلي أقصى المدينة) أي إلى أبعد أطراف المدينة كالعوالي ويصل إلى ذلك الأقصى (والشمس) أي الحال أن الشَّمس (حية) أي قوية الضوء لم يدخلها تغير ولا اصفرار، وقيل لم تذهب حرارتها (قال) سيار (والمغرب لا أدري) ولا أعلم (أي حين) وأي وقت (ذكر) أبو برزة فيه (قال) شعبة (ثم لقيته) أي لقيت سيارًا (بعد) أي بعد ما
حدثني المرة الثَّانية (فسألته) أي فسألت سيارًا عما قال أبو برزة في وقت الصبح قال
فَقَال: وَكَانَ يُصَلِّي الصُّبْحَ فَيَنْصَرِف الرَّجُلُ فَيَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ جَلِيسِهِ الَّذِي يَعْرِفُ فَيَعْرِفُهُ. قَال: وَكَانَ يَقْرَأُ فِيهَا بِالستينَ إِلَى الْمِائَةِ.
1355 -
(00)(00) حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَيارِ بْنِ سَلامَةَ؛ قَال: سَمِعْتُ أَبَا بَرْزَةَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لا يُبَالِي بَعْضَ تَأْخِيرِ صَلاةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيلِ. وَكَانَ لا يُحِبُّ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَلا الْحَدِيثَ بَعْدَهَا. قَال شُعْبَةُ: ثُمَّ لَقِيتُهُ مَرة أُخْرَى فَقَال:
ــ
سيار (فقال) أبو برزة (وكان) النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم (يصلِّي الصبح فينصرف) أي فيفرغ (الرجل) ممن صَلَّى معه من صلاته (فينظر) ذلك الرجل (إلى وجه جليسه) أي إلى وجه من يجلس جنبه (الذي يعرفـ) ـه أولًا (فيعرفه) أي فيعرف جليسه لانتشار الضوء (قال) أبو برزة (وكان) النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم (يقرأ فيها) أي في صلاة الصبح (بالستين) آية وما فوقها (إلى) تمام (المائة) لتطويلها، وقدرها الطّبرانيّ بالحاقة اهـ قسطلاني، وهذا موضع الجزء الأخير من الترجمة. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخاريّ [547] وأبو داود [398] والنَّسائيُّ [1/ 246].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي برزة رضي الله عنه فقال:
1355 -
(00)(00)(حدَّثنا عبيد الله بن معاذ) العنبري البصري (حدَّثنا أبي) معاذ بن معاذ التميمي البصري (حدَّثنا شعبة) العتكي البصري (عن سيار بن سلامة) الرياحي البصري (قال) سيار (سمعت أبا برزة) نضلة بن عبيد الأسلمي البصري. وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون، غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة معاذ بن معاذ لخالد بن الحارث في رواية هذا الحديث عن شعبة وكرر المتن لما في هذه الرِّواية من المخالفة في الاختصار وسوق الحديث (يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبالي) ولا يكترث أن يؤخر (بعض تأخير صلاة العشاء) أي أن يؤخرها بعض تأخير أي شيئًا من التأخير (إلى نصف الليل وكان لا يحب النوم قبلها) أي قبل العشاء لما يخاف من غلبة النوم سيفوت وقتها أو وقتها المختار (ولا) يحب (الحديث بعدها) أي بعد العشاء لما يؤدي إليه من السهر ومخافة غلبة النوم آخر الليل فينام عن قيام آخر الليل وربما ينام عن صلاة الصبح (قال شعبة ثم لقيته) أي لقيت سيارًا (مرَّة أخرى) فسألته عما قال أبو برزة في العشاء قال سيار (فقال) أبو برزة وكان النَّبيُّ صَلَّى الله عليه
أَوْ ثُلُثِ اللَّيلِ.
1356 -
(00)(00) وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا سُوَيدُ بْنُ عَمْرٍو الْكَلْبِي عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ سَيارِ بْنِ سَلامَةَ أَبِي الْمِنْهَالِ؛ قَال: سَمِعْتُ أَبَا بَرْزَةَ الأَسْلَمِيَّ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيلِ. وَيَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا، وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا. وَكَانَ يَقْرَأ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ مِنَ الْمَائَةِ إِلَى الستينَ. وَكَانَ يَنْصَرِفُ حِينَ يَعْرِفُ بَعْضُنَا
ــ
وسلم لا يبالي بعض تأخير صلاة العشاء إلى نصف الليل (أو) إلى (ثلث الليل) بزيادة أو التفصيلية ولفظة ثلث الليل.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه فقال:
1356 -
(00)(00)(وحدثناه) أي حدَّثنا الحديث المذكور يعني حديث أبي برزة (أبو كريب) محمَّد بن العلاء الهمداني الكوفيّ (حدَّثنا سويد) مصغرًا (بن عمرو الكلبي) أبو الوليد الكوفيّ العابد، روى عن حماد بن سلمة في الصَّلاة، وداود الطَّائي وعبد العزيز بن الماجشون، ويروي عنه (م ت س ق) وأبو كريب وأحمد بن حنبل، وثقه ابن معين والنَّسائيُّ، وقال العجلي: كوفي ثقة ثبت في الحديث، وكان رجلًا صالحًا متعبدًا، وقال في التقريب: أفحش ابن حبان القول فيه ولم يأت بدليل، مات سنة أربع أو ثلاث ومائتين، من كبار العاشرة (عن حماد بن سلمة) بن دينار التميمي البصري (عن سيار بن سلامة) الرياحي (أبي المنهال) البصري (قال) سيار (سمعت أبا برزة) نضلة بن عبيد (الأسلمي) البصري رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، رجاله ثلاثة منهم بصريون واثنان كوفيان، غرضه بيان متابعة حماد بن سلمة لشعبة بن الحجاج في رواية هذا الحديث عن سيار بن سلامة، وكرر المتن لما بين الروايتين من بعض المخالفة (يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخر العشاء إلى ثلث الليل ويكره النّوم قبلها والحديث بعدها وكان) صلى الله عليه وسلم (يقرأ في صلاة الفجر) آيًا من القرآن (من المائة إلى الستين) في العبارة قلب أي تقديم وتأخير أصله من الستين إلى المائة كما في الرّواية السابقة أي مبدؤها من الستين ونهايتها إلى المائة (وكان) صلى الله عليه وسلم (ينصرف) أي يفرغ من صلاة الصبح (حين يعرف بعضنا) أي بعض المصلين معه صَلَّى
وَجهَ بَعضٍ
ــ
الله عليه وسلم (وجه بعض) آخر منهم أي وجه جليسه لحصول الإسفار.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثلاثة أحاديث الأوَّل حديث عائشة ذكره للاستدلال به على الجزء الأوَّل من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثَّاني حديث جابر بن عبد الله ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث حديث أبي برزة ذكره للاستشهاد وللاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعتين والله سبحانه وتعالى أعلم.
قال النواوي: قوله (ويكره النوم قبلها والحديث بعدها) قال العلماء: وسبب كراهة النوم قبلها أنَّه يعرضها لفوات وقتها باستغراق النوم أو لفوات المختار والأفضل، ولئلا يتساهل النَّاس في ذلك فيناموا عن صلاتها جماعة، وسبب كراهة الحديث بعدها أنَّه يؤدي إلى السهر، ويخاف منه غلبة النوم عن قيام الليل أو الذكر فيه أو عن صلاة الصبح في وقتها الجائز أو في وقتها المختار أو الأفضل، ولأن السهر في الليل سبب للكسل في النهار عما يتوجه من حقوق الدين أو الطاعات ومصالح الدُّنيا، قال العلماء: والمكروه من الحديث بعد العشاء هو ما كان في الأمور التي لا مصلحة فيها.
أما ما فيه مصلحة وخير فلا كراهة فيه وذلك كمدارسة العلم وكتابته وتصنيفه، وحكايات الصَّالحين، ومحادثة الضيف والعروس للتأنيس، ومحادثة الرجل أهله وأولاده للملاطفة والحاجة، ومحادثة المسافرين لحفظ متاعهم أو أنفسهم، وكالحديث في الإصلاح بين النَّاس والشفاعة إليهم في خير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإرشاد إلى مصلحة ونحو ذلك، فكل هذا لا كراهة فيه، وقد جاءت أحاديث صحيحة ببعضه والباقي في معناه، وقد تقدم كثير منها في هذه الأبواب والباقي مشهور، ثم كراهة الحديث بعد العشاء المراد بها بعد صلاة العشاء لا بعد دخول وقتها، واتفق العلماء على كراهة الحديث بعدها إلَّا ما كان في خير كما ذكرناه، وأمَّا النوم قبلها فكرهه عمر وابنه وابن عباس وغيرهم من السلف ومالك وأصحابنا رضي الله عنهم أجمعين ورخص فيه علي وابن مسعود والكوفيون رضي الله عنهم أجمعين، وقال الطحاوي: يرخص فيه بشرط أن يكون معه من يوقظه، وروي عن ابن عمر مثله والله أعلم اهـ منه.
وقال القرطبي: ويظهر لي أن كراهة الحديث بعدها إنَّما هولما أن الله تعالى جعل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الليل سكنًا أي يسكن فيه فإذا تحدث الإنسان فيه فقد جعله كالنهار الذي هو متصرف المعايش فكأنه قصد إلى مخالفة حكمة الله تعالى التي أجرى عليها وجوده، وقيل يكره ذلك لئلا نلغوفي كلامنا أو نخطئ فيه فيختم عملنا بعمل سيئ أو بقول سيئ، والنوم أخو الموت أو لعله يكون فيه الموت والله أعلم، وقيل كره ذلك لِتُراحَ الكتبة الكرام، وقد كان بعض السلف يقول لمن أراد أن يتحدث بعد العشاء: أريحوا الكتبة، وهذه الكراهة تختص بما لا يكون من قبيل القرب والأذكار وتعلم العلم ومسامرة أهل العلم وتعلم المصالح وما شابه ذلك، فقد ورد عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وعن السلف ما يدل على جواز ذلك بل على ندبيته والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ من المفهم.
* * *