الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
289 - (4) باب: فضل صلاتي الصبح والعصر
1324 -
(596)(7) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ باللَّيلِ. وَمَلائكَةٌ بِالنَّهَارِ. وَيجْتَمِعُونَ في صَلاة الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ. ثُم يَعْرُجُ الذِينَ بَاتُوا فِيكُم
ــ
289 -
(4) باب فضل صلاتي الصبح والعصر
1324 -
(596)(7)(حدثنا يحيى بن يحيى) النيسابوري (قال قرأت على مالك) ابن أنس المدني (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان المدني (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز المدني (عن أبي هريرة) المدني رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلا يحيى بن يحيى فإنه نيسابوري (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يتعاقبون) أي يتناوبون (فيكم ملائكة) حفظة (بالليل وملائكة) حفظة (بالنهار) ومعنى يعاقبون تأتي طائفة بعد طائفة ومنه تعقب الجيوش وهو أن يذهب قوم منهم إلى ثغر ويجيء آخرون، ويتعاقبون جاء على لغة أكلوني البراغيث وهي لغة بلحرث، قالوا وعلامة الفاعل المذكور المجموع وهي لغة فاشية، والتعاقب أن تأتي جماعة عقب الأخرى ثم تعود الأولى عقب الثانية، وتنكير ملائكة في الموضعين ليفيد أن الثانية غير الأولى والمراد بالملائكة الحفظة عند الأكثرين وتعقب بأنه لم ينقل أن الحفظة يفارقون العبد ولا أن حفظة الليل غير حفظة النهار اهـ من القسطلاني.
(ويجتمعون في) وقت (صلاة الفجر و) في وقت (صلاة العصر) فإن قلت التعاقب يغاير الاجتماع، أجيب بأن تعاقب الصنفين لا يمنع اجتماعهما لأن التعاقب أعم من أن يكون معه اجتماع كهذا أو لا يكون معه اجتماع كتعاقب الضدين، أو المراد حضورهم معهم الصلاة في الجماعة فينزل على حالين، وتخصيص اجتماعهم في الورود والصدور بأوقات العبادة تكرمة بالمؤمنين ولطفًا بهم لتكون شهادتهم بأحسن الثناء وأطيب الذكر، ولم يجعل اجتماعهم معهم في حال خلواتهم بلذاتهم وانهماكهم على شهواتهم، ولأن العبادة في هذين الوقتين مع كونهما وقت اشتغال وغفلة أدل على خلوصهم (ثم يعرج) أي يصعد إلى السماء الملائكة (الذين باتوا فيكم) أيها المصلون أي كانوا فيكم طول الليل، وذكر الذين باتوا دون الذين ظلوا إما للاكتفاء بذكر أحد المثلين عن الآخر نحو
فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِم: كَيفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّون وَأَتَينَاهُم وَهُمْ يُصَلُّونَ".
1325 -
(00)(00) وحدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَاقِ. حَدَّثَنَا معمرٌ
ــ
{سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} أي البرد، وإما لأن طرفي النهار يعلم من طرفي الليل، وإما لأنه استعمل بات في أقام مجازًا فلا يختص ذلك بليل دون نهار ولا نهار دون ليل فكل طائفة منهم إذا صعدت سئلت، ويؤيد هذا ما رواه النسائي عن موسى بن عقبة عن أبي الزناد "ثم يعرج الذين كانوا فيكم، (فيسألهم ربهم) إما تعبدًا لهم كما تعبدهم بكتب أعمالهم، وإما لأن يتباهى بعبيده العاملين مع كونهم للشهوات حاملين، وإما للتوبيخ على القائلين أتجعل فيها من يفسد فيها اهـ مبارق (وهو) سبحانه وتعالى (أعلم بهم) أي بالمصلين من الملائكة، فحذف صلة أفعل التفضيل، فيقول لهم في سؤالهم (كيف تركتم عبادي) أهل الأرض، أي على أي حال تركتموهم عند عروجكم من عندهم، هل تركتموهم مطيعين أم عاصين؟ أي على أي حال فارقتموهم (فيقولون) أي تقول الملائكة في جواب سؤال ربهم (تركناهم) أي فارقناهم يا رب (وهم) أي والحال أنهم (يصلون) صلاة الفجر أو العصر، والواو في قوله وهم للحال لكنه استشكل لأنه يلزم منه مفارقتهم قبل أن يشهدوها معهم، والحديث صرح بأنهم شهدوها معهم، وأجيب بالحمل على شهودهم لها مع المصلي لها أول وقتها وشهدوا من دخل فيها ومن شرع في أسبابها بعد ذلك والمنتظر لها في حكم مصليها وهذا آخر الجواب عن سؤالهم كيف تركتم ثم زادوا في الجواب لإظهار فضيلة المصلين والحرص على ذكر ما يوجب مغفرة ذنوبهم فقالوا:(وأتيناهم) أي جئناهم (وهم) أي والحال أنهم (يصلون) صلاة العصر أو الفجر، ولما كان المراد الإخبار عن صلاتهم والأعمال بخواتيمها حسن أن يخبروا عن آخر أعمالهم قبل أولها اهـ قسط. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 486] والبخاري [7429]، والنسائي [1/ 240 - 241].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
1325 -
(00)(00) وحدثنا محمد بن رافع) القشيري النيسابوري (حدثنا عبد الرزاق) بن همام بن نافع الحميري الصنعاني (حدثنا معمر) بن راشد الأزدي
عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَال:"وَالْمَلائِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ" بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ.
1326 -
(597)(8) وحدَّثنا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاويَةَ الْفَزَارِيُّ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ. حَدَّثَنَا قَيسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ. قَال: سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ وَهُوَ يَقُولُ: كُنَّا جُلُوسا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. إِذْ نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيلَةَ الْبَدْرِ فَقَال: "أَمَا
ــ
البصري (عن همام بن منبه) بن كامل اليماني الصنعاني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة معمر لأبي الزناد في رواية هذا الحديث عن أبي هريرة ولكنها متابعة ناقصة كما يعلم من كلامه الآتي قريبًا (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والملائكة يتعاقبون) أي يتناوبون (فيكم) أيها الناس، وساق معمر عن همام عن أبي هريرة (بمثل حديث أبي الزناد) عن الأعرج عن أبي هريرة فالمتابعة ناقصة كما عرفت، والحديث دليل على فضيلة الصلاتين لشهود الملائكة إياهما عند التعاقب.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث جرير بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما فقال:
1326 -
(597)(8)(وحدثنا زهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي (حدثنا مروان بن معاوية) بن الحارث بن أسماء (الفزاري) أبو عبد الله الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (13) بابا (أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد) سعيد البجلي الأحمسي أبو عبد الله الكوفي، ثقة، من (4) روى عنه في (8) أبواب (حدثنا قيس بن أبي حازم) عوف ابن عبد الحارث البجلي الأحمسي أبو عبد الله الكوفي، ثقة مخضرم، من (2) روى عنه في (10) أبواب (قال سمعت جربر بن عبد الله) بن جابر البجلي اليماني الصحابي المشهور رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد يماني وواحد نسائي (وهو) أي والحال أن جريرًا (يقول كنا جلوسًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة مقمرة، والظرف في قوله (إذ نظر) رسول الله صلى الله عليه وسلم بدل من عند المذكور قبله أي كنا جلوسًا إذ نظر أو واقعة في جواب بينما المقدر تقديره بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نظر (إلى القمر ليلة البدر) أي ليلة أربع عشرة (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أما) حرف استفتاح وتنبيه أي
إِنكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ. لا تُضَامُّونَ في رُؤْيَتِهِ. فَإِنِ استَطَعتُمْ أَنْ لا تُغْلَبُوا عَلَى صَلاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا" يَعْنِي الْعَصرَ وَالْفَجْرَ. ثُم قَرَأَ جَرِيرٌ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: 130]
ــ
انتبهوا واستمعوا ما أقول لكم (إنكم) أيها المؤمنون (سترون ربكم) عز وجل يوم القيامة (كما ترون هذا القمر) رؤية محققة لا تشكون فيها و (لا تضامون) -بضم أوله وفتحه مع تشديد الميم فيهما من الضم- أي لا ينضم بعضكم إلى بعض (في) حال (رؤيته) عز وجل، ولا يقول أرنيه لإشكاله وخفائه كما تفعلون عند النظر إلى الهلال بل كل ينفرد برؤيته، وروي بضم المثناة الفوقية وتخفيف الميم أي لا ينالكم ضيم في رؤيته أي تعب أو ظلم فيراه بعضكم دون بعض بأن يدفعه عن الرؤية ويستأثر بها بل تشتركون كلكم في الرؤية فهو تشبيه للرؤية بالرؤية لا المرئي بالمرئي (فإن استطعتم) جزاء هذا الشرط ساقط هنا كما هو مصرح في رواية البخاري تقديره فإن استطعتم (أن لا تغلبوا) -بضم أوله وفتح ثالثه- مبنيًّا للمفعول بأن تستعدوا لقطع أسبابها أي الغلبة المنافية للاستطاعة كنوم وشغل مانع (على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها يعني) النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاتين (العصر والفجر) فافعلوا عدم المغلوبية التي لازمها الصلاة أي فإن استطعتم المواظبة عليهما فافعلوا تلك المواظبة كأنه قال صلوا في هذين الوقتين جماعة أو فردًا (ثم قرأ جرير) بن عبد الله راوي الحديث استشهادًا لهذا الحديث قوله تعالى:(وسبح) يا محمد (بحمد ربك) أي نزهه عن العجز عما يمكن والوصف بما لا يليق به حامدًا له على ما أنعم عليك (قبل طلوع الشمس وقبل غروبها) يعني الفجر والعصر، وقد عرفت فضيلة الوقتين على غيرهما مما مر من ذكر اجتماع الملائكة فيهما ورفع الأعمال إلى غير ذلك، وقد ورد أن الرزق يقسم بعد صلاة الصبح، وأن الأعمال ترفع آخر النهار فمن كان حينئذ في طاعة ربه بورك له في رزقه وعمله، وأعظم من ذلك بل من كل شيء وهو مجازاة المحافظة عليهما بأفضل العطايا وهو النظر إلى وجه الله تعالى كما يشعر به سياق الحديث. وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [4/ 362] والبخاري [573].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه فقال:
1327 -
(00)(00) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بن نُمَيرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَوَكِيعٌ، بِهذَا الإِسنَادِ. وَقَال:"أَمَا إِنَّكُم سَتُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّكُمْ فَتَرَوْنَهُ كَمَا تَرَوْنَ هذَا الْقَمَرَ" وَقَال: ثُم قَرَأ. وَلَمْ يَقُلْ: جَرِيرٌ.
1328 -
(598)(9) وحدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. جَمِيعًا عَنْ وَكِيعٍ. قَال أَبُو كرَيبٍ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ ابْنِ أبِي خَالِدٍ وَمِسْعَرٍ وَالْبَخْترِيِّ بْنِ الْمُخْتَارِ
ــ
1327 -
(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شببة، حدثنا عبد الله بن نمير وأبو أسامة ووكيع بهذا الإسناد) يعني عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله، فالجار والمجرور متعلق بحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة أبي بكر بن أبي شيبة لزهير بن حرب في رواية هذا الحديث عن إسماعيل بن أبي خالد، ولكنها متابعة ناقصة لأن أبا بكر روى عن إسماعيل بواسطة عبد الله بن نمير ومن معه، وأما زهير بن حرب فروى عنه بواسطة مروان بن معاوية فالمتابعة في مشايخ المؤلف (و) لكن (قال) أبو بكر بن أبي شيبة في روايته (أما إنكم ستعرضون على ربكم) يوم القيامة (فترونه) عز وجل، رؤيةً محققةً لائقةً بجنابه سبحانه (كما ترون هذا القمر) رؤيةً واضحةً لا خفاء فيها ولا إشكال (وقال) أبو بكر (ثم قرأ) بلا إسناد إلى فاعل ظاهر (ولم يقل) أبو بكر لفظة (جرير) كما قاله زهير، وهذه الرواية موافقة لرواية البخاري والله أعلم.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث عمارة بن
رؤيبة رضي الله تعالى عنهما فقال:
1328 -
(598)(9)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وإسحاق بن إبراهيم جميعًا عن وكيع، قال أبو كريب: حدثنا وكيع) بصيغة السماع (عن) إسماعيل (بن أبي خالد) الأحمسي الكوفي (ومسعر) بن كدام بن ظهير الهلالي الكوفي، ثقة، من (7)(والبختري بن المختار) -بفتح الموحدة وسكون الخاء المعجمة وفتح المثناة وكسر الراء- بن رويح مصغرًا، العبدي نسبة إلى عبد القيس من ربيعة الكوفي، روى عن أبي بكر بن عمارة بن رؤيبة في الصلاة، وأبي بردة وأبي بكر بن أبي موسى وجماعة، ويروي عنه (م س) ووكيع وشعبة والثوري، وثقه وكيع وابن المديني، وقال في التقريب: صدوق، من
سَمِعُوهُ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيبَةَ عَنْ أَبِيهِ. قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا" يَعْنِي الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ. فَقَال لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ آنتَ سَمِعْتَ هذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَال:
ــ
السادسة، مات سنة (148) ثمان وأربعين ومائة، ومعنى البختري كما في القاموس الحسن المشي نسبة إلى البخترة بمعنى التبختر، وأما البحتري الشاعر فهو نسبة إلى بحتر بالضم والحاء أبي حي من طيء، واسمه الوليد يكنى أبا عبادة، وأبو البحتري بالحاء من وضعة الحديث كما في تاج العروس اهـ. كلهم (سمعوه) أي سمعوا هذا الحديث الآتي (من أبي بكر بن عُمارة) بضم العين (بن رؤببة) مصغرًا الثقفي الكوفي، روى عن أبيه في الصلاة، ويروي عنه (م د س) وإسماعيل بن أبي خالد ومسعر والبختري بن المختار وعبد الملك بن عمير، وثقه ابن حبان، وقال في التقريب: مقبول، من الثالثة (عن أبيه) عمارة - بالضم والتخفيف وزيادة هاء - بن رؤيبة - مصغرًا - الثقفي أبي زهير الكوفي الصحابي المشهور رضي الله عنه، له تسعة أحاديث، انفرد له (م) بحديثين، يروي عنه (م د ت س) وابنه أبو بكر في الصلاة، وحصين بن عبد الرحمن في الصلاة، وأبو إسحاق السبيعي، مات بعد السبعين (70) سنة. وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم كوفيون إلا إسحاق بن إبراهيم (قال) عمارة (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لن يلج) أي لن يدخل (النار أحد) أي لا يدخلها أصلًا أو على سبيل التأبيد أحد (صلى) صلاة (قبل طلوع الشمس و) صلاة (قبل غروبها) قال الراوي (يعني) النبي صلى الله عليه وسلم بصلاة قبل طلوع الشمس (الفجر) أي صلاته (و) بصلاة قبل غروبها (العصر) يعني داوم على أدائهما، وخص الصلاتين بالذكر لأن الصبح وقت النوم، والعصر وقت الاشتغال بالتجارة، فمن حافظ عليهما مع المشاغل كان الظاهر من حاله المحافظة على غيرهما والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وأيضًا هذان الوقتان مشهودان يشهدهما ملائكة الليل وملائكة النهار، ويرفعون فيهما أعمال العباد، فبالحري أن يقع مكفرًا فيغفر له ويدخل الجنة اهـ من العون. والمعنى لن يدخل النار من عاهد وحافظ على هاتين الصلاتين ببركة المداومة عليهما والله أعلم، قال أبو بكر بن عمارة (فقال له) أي لأبي عمارة بن رؤيبة (رجل من أهل البصرة، آنت) بهمزة الاستفهام الاستثباتي المقلوبة مدة أي هل أنت يا عمارة (سمعت هذا) الحديث (من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال)
نَعَمْ. قَال الرَّجُلُ: وَأنا أَشْهَدُ أَنِي سَمِعْتُهُ مِن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي.
1329 -
(00)(00) وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيرٍ، حَدَّثَنَا شَيبَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَارَةَ بْنِ رُؤيبَةَ، عَنْ أَبِيهِ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يَلِجُ النَّارَ مَنْ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشمْس وَقَبْلَ غُرُوبِهَا" وَعِنْدَهُ رَجُل مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَقَال: آنتَ سَمِعتَ هَذَا
ــ
أبي عمارة للرجل السائل (نعم) سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال الرجل) السائل (وأنا) أيضًا (أشهد) أي أخبر (أني سمعته) أي سمعت هذا الحديث (من رسول الله صلى الله عليه وسلم وجملة قوله (سمعته أذناي ووعاه) أي حفظه (قلبي) توكيد لفظي لرفع توهم سماعه بواسطة. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [4/ 136] وأبو داود [427]، والنسائي [1/ 241] ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عمارة بن رؤيبة رضي الله عنه فقال:
1329 -
(00)(00)(وحدثني يعقوب بن إبراهيم) بن كثير العبدي (الدورقي) أبو يوسف البغدادي، ثقة، من (10)(حدثنا يحيى بن أبي بكير) نسر العبدي أبو زكريا البغدادي، ثقة، من (9)(حدثنا شيبان) بن عبد الرحمن التميمي أبو معاوية البغدادي، ثقة، من (7)(عن عبد الملك بن عمير) اللخمي أبي عمر الكوفي، ثقة، من (3)(عن) أبي بكر (بن عمارة بن رؤبة) الثقفي الكوفي (عن أبيه) عمارة بن رؤيبة الثقفي الكوفي رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم بغداديون وثلاثة كوفيون، غرضه بيان متابعة عبد الملك بن عمير لإسماعيل بن أبي خالد ومسعر والبختري في رواية هذا الحديث عن أبي بكر بن عمارة، وكرر متن الحديث لما في هذه الرواية من المخالفة للرواية الأولى في مساق الحديث (قال) عمارة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يلج النار) أي لا يدخلها أصلًا أو دخولًا أبديًا (من صلى) أي من أدى بشروطها وفروضها صلاة (قبل طلوع الشمس) يعني الصبح (و) صلاة (قبل غروبها) وهي العصر، قال أبو بكر بن عمارة (وعنده) أي عند والدي عمارة عندما يحدث هذا الحديث (رجل من أهل البصرة) أي من سكانها وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقال) ذلك الرجل لوالدي عمارة (آنت سمعت) أي هل أنت سمعت يا عمارة (هذا) الحديث
مِنَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم؟ قَال: نَعَمْ. أَشْهَدُ بِهِ عَلَيهِ. قَال: وَأَنَا أَشْهَدُ. لَقَدْ سَمِعْتُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُولُهُ، بِالْمَكَانِ الَّذِي سَمِعْتَهُ مِنْهُ.
1330 -
(599)(10) وحدَّثنا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ الأَزْدِيُّ. حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى. حَدَّثَنِي أَبُو جَمْرَةَ الضُّبَعِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "مَنْ صَلَّى الْبَرْدَينِ
ــ
(من النبي صلى الله عليه وسلم قال) عمارة (نعم) سمعته منه صلى الله عليه وسلم (أشهد به) أي بهذا الحديث (عليه) أي على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قاله (قال) ذلك الرجل البصري (وأنا أشهد) أيضًا، وأقسم أني والله القد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقوله) أي يقول هذا الحديث، وقوله (بالمكان) متعلق بـ (سمعت) أو (يقول) أي: سمعته قائلًا في المكان (الذي سمعته) بفتح التاء؛ أي: في المكان الذي سمعت هذا الحديث (منه) صلى الله عليه وسلم.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث أبي هريرة بحديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهما فقال:
1330 -
(599)(10) وحدثنا هداب بن خالد) بفتح الهاء وتشديد الدال المهملة (الأزدي) وفي صحيح البخاري "هدبة بن خالد" بضم الهاء وسكون الدال - والمسمى واحد يظهر ذلك بمراجعة القاموس، والخلاصة لكن ذكروا أنه القيسي الثوباني أبو خالد البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (4) أبواب (حدثنا همام بن يحيى) بن دينار الأزدي العوذي البصري، ثقة، من (7) روى عنه في (12) بابا (حدثني أبو جمرة) -بفتح الجيم وسكون الميم- نصر بن عمران بن عصام (الضبعي) البصري، ثقة، من (3)(عن أبي بكر) بن أبي موسى الأشعري على الصواب، وقد وهم القرطبي هنا فجعله أبا بكر بن عمارة المذكور في السند السابق كما صرح به المؤلف في السند المذكور بعده، الكوفي اسمه عمرو أو عامر، ثقة، من (3) روى عنه في (4) أبواب (عن أبيه) أبي موسى الأشعري عبد الله بن قيس الكوفي رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون واثنان كوفيان (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من صلى البردين) - بفتح الموحدة وسكون الراء -أي من صلى صلاة الفجر والعصر، لأنهما في بردي النهار أي في طرفيه حين يطيب الهواء وتذهب سورة الحر اهـ مناوي، وإنما حث عليهما
دَخَلَ الْجَنَّةَ".
1331 -
(00)(00) حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ. ح قال: وَحدثنا ابن خراشٍ، حدَّثنا عمرُو بن عاصِمٍ. قالا جَمِيعًا: حدَّثَنَا همَّامٌ، بِهَذَا الإِسْنَادِ وَنَسَبَا أَبَا بَكْرٍ فَقَالا: ابْنُ أبِي مُوسَى
ــ
لكونهما وقت التشاغل والتثاقل، ومن راعاهما راعى غيرهما غالبًا اهـ مبارق (دخل الجنة) بغير عذاب أو بعده اهـ من المناوي. وعبر بالماضي عن المضارع ليعلم أن الموعود به بمنزلة الآتي المحقق الوقوع، وامتازت الفجر والعصر بذلك لزيادة شرفهما وترغيبًا في المحافظة عليهما لشهود الملائكة فيهما كما مر، ومفهوم اللقب ليس بحجة فافهم اهـ قسطلاني. قال القرطبي: قال كثير من العلماء: هما الفجر والعصر، وسميا بذلك لأنهما يفعلان في وقت البرد اهـ مفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [4/ 80] والبخاري [574].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فقال:
1331 -
(00)(00)(حدثنا) محمد بن يحيى (ابن أبي عمر) العدني أبو عبد الله المكي (حدثنا بشر بن السري) إلأفوه، صاحب مواعظ يتكلم فلقب بالأفوه، أبو عمرو البصري ثم المكي، ثقة متقن، من (9) روى عنه في (5) أبواب (ح قال) المؤلف (وحدثنا) أحمد بن الحسن (بن خراش) -بكسر المعجمة- الخراساني أبو جعفر البغدادي، صدوق، من (11) روى عنه في (8) أبواب (حدثنا عمرو بن عاصم) بن عبيد الله بن الوازع القيسي الكلابي أبو عثمان البصري، صدوق، من (9) روى عنه في (4) أبواب (قالا) أي قال كل من بشر وعمرو، حالة كونهما (جميعا) أي مجتمعين في الرواية عن همام (حدثنا همام) بن يحيى بن دينار الأزدي البصري (بهذا الإسناد) يعني عن أبي جمرة عن أبي بكر عن أبي موسى بمثله، غرضه بيان متابعة بشر بن السري وعمرو بن عاصم لهداب بن خالد في رواية هذا الحديث عن همام بن يحيى (و) لكن (نسبا أبا بكر) أي ذكر بشر وعمرو نسب أبي بكر بن أبي موسى (فقالا) أي قال بشر وعمرو في ذكر نسبه أبو بكر (بن أبي موسى) الأشعري الكوفي، وفي القسطلاني: غرضه بذكر هذه المتابعة بيان أن أبا بكر السابق في السند قبله هو ابن أبي موسى الأشعري فإنه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اختلف فيه، فقيل إن الحديث محفوظ عن أبي بكر بن عمارة بن رؤيبة الثقفي فانتبه واعلم اهـ.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب أربعة أحاديث الأول حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال وذكر فيه متابعة واحد، والثاني حديث جرير ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث حديث عمارة بن رؤيبة ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والرابع حديث أبي موسى ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة.
* * *