الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
309 - (23) باب: قصر الصلاة في السفر
1461 -
(651)(62) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيسَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزبَيرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم؛ أَنهَا قَالتْ: فُرِضَتِ الصلاةَ رَكعَتَينِ رَكْعَتَينِ، فِي الْحَضَرِ وَالسفَرِ. فَأقِرت صَلاة السفَرِ وَزِيدَ فِي صَلاةِ الْحَضَرِ
ــ
309 -
(23) باب قصر الصلاة في السفر
1461 -
(651)(62)(حدثنا يحيى بن يحيى) بن بكير التميمي النيسابوري (قال: قرأت على مالك) بن أنس الأصبحي المدني (عن صالح بن كيسان) الغفاري مولاهم أبي محمد المدني، ثقة، من (4) (عن عروة بن الزبير) الأسدي المدني (عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته رجاله أربعة منهم مدنيون وواحد نيسابوري (أنها قالت: فرضت الصلاة) حالة كونها (ركعتين ركعتين في الحضر والسفر) متعلق بفرضت أي لمن أراد الاقتصار عليهما (فأقرت صلاة السفر) على ركعتين مع جواز الإتمام (وزيد في صلاة الحضر) على سبيل التحتم. قال النواوي: معنى هذا الحديث فرضت ركعتين لمن أراد الاقتصار عليهما فزيد في صلاة الحضر ركعتان على سبيل التحتم، وأقرت صلاة السفر على جواز الاقتصار، وثبتت دلائل جواز الإتمام فوجب المصير إليها والجمع بين دلائل الشرع اهـ. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 234 و 241] والبخاري [350] وأبو داود [1198] والنسائي [1/ 225].
وتعقب بعضهم هذا الحديث بأنه من قولها غير مرفوع فلا يستدل به كما أنها لم تشهد زمان فرض الصلاة، وأجيب بأنه مما لا مجال للرأي فيه فله حكم الرفع، ولئن سلمنا أنها لم تشهد فرض الصلاة لكنه مرسل صحابي وهو حجة لاحتمال أخذها له عنه عليه الصلاة والسلام أو عن أحد من أصحابه ممن أدرك ذلك، وأجاب في الفتح بأن الصلوات فرضت ليلة الإسراء ركعتين ركعتين إلا المغرب، ثم زيدت بعد الهجرة عقب الهجرة إلا الصبح كما روي من طريق الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت:(فرضت صلاة الحضر والسفر ركعتين ركعتين فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة واطمأن زيد في صلاة الحضر ركعتان ركعتان، وتركت صلاة الفجر لطول القراءة فيها، وصلاة المغرب لأنها وتر النهار) رواه ابنا خزيمة وحبان وغيرهما، ثم بعد أن استقر
1462 -
(00)(00) وَحَدثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيى. قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. قَال: حَدثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزبَيرِ؛ أَنَّ عَائِشَةَ. زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالتْ: فَرَضَ اللهُ الصلاةَ، حِينَ فَرَضَهَا، رَكْعَتَينِ، ثُم أَتَمَّهَا فِي الْحَضَرِ. فَأُقِرَّتْ صَلاةُ السفَرِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الأُولَى.
1463 -
(00)(00) وَحَدثَنِي عَلِي بْنُ خَشْرَمٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَينَةَ عَنِ الزهْرِي، عَنْ عُرْوَةَ،
ــ
فرض الرباعية خفف منها في السفر عند نزول قوله تعالى: {فَلَيسَ عَلَيكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} وبهذا تجتمع الأدلة، ويؤيده أن في شرح المسند أن قصر الصلاة كان في السنة الرابعة من الهجرة اهـ قسطلاني.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله عنها فقال:
1462 -
(00)(00)(وحدثني أبو الطاهر) أحمد بن عمرو بن سرح المصري (وحرملة بن يحيى) التجيبي المصري (قالا حدثنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي المصري (عن يونس) بن يزيد الأموي الأيلي (عن) محمد بن مسلم (بن شهاب) الزهري المدني (قال حدثني عروة بن الزبير) الأسدي المدني (أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت) وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان مصريان وواحد أيلي، وفيه التحديث إفرادًا وجمعا والعنعنة والأننة والقول والمقارنة، وفيه رواية تابعي عن تابعي عن صحابية، غرضه بيان متابعة ابن شهاب لصالح بن كيسان في رواية هذا الحديث عن عروة، وفائدتها تقوية السند الأول، وكرر المتن لما بين الروايتين من المخالفة (فرض الله الصلاة) أرادت بها جنس المكتوبة إلا المغرب فإنها وتر النهار (حين فرضها) ليلة الإسراء (ركعتين ثم أتمها في الحضر) بعد الهجرة (فأقرت) أي أثبتت (صلاة السفر على الفريضة الأولى) أي ركعتين ركعتين.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث عائشة رضي الله عنها فقال:
1463 -
(00)(00)(وحدثني علي بن خشرم) -بزنة جعفر- ابن عبد الرحمن المروزي، ثقة، من (10)(أخبرنا) سفيان (بن عيينة) الكوفي (عن الزهري عن عروة
عَنْ عَائِشَةَ؛ أَن الصلاةَ أولَ مَا فُرِضَت رَكْعَتَينِ. فَأُقِرتْ صَلاة السفَرِ وَأُتِمتْ صَلاةُ الْحَضَرِ.
قَال الزُّهْرِي: فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ: مَا بَالُ عَائِشَةَ تُتِم فِي السفَرِ؟ قَال: إِنهَا تَأَولَت كَمَا تَأَولَ عُثْمَانُ.
1464 -
(652)(63) وَحَدثَنَا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ
ــ
عن عائشة أن الصلاة) الرباعية (أول ما فرضت) بالنصب على الظرفية، والخبر محذوف تقديره كانت (ركعتين فأقرت صلاة السفر) على فرضيتها الأولى (وأتمت صلاة الحضر) أي زيد فيها بعد الهجرة (قلت) قولها (أن الصلاة) ناصب، واسمه (أول ما فرضت) بنصب أول على أنه ظرف للخبر المحذوف، وما مصدرية والمضاف محذوف (ركعتين) بالياء نصب على الحال الساد مسد الخبر، والتقدير أن الصلاة في أول أزمنة فرضها فرضت حالة كونها ركعتين ركعتين اهـ وشراحنا راقدون هنا، وفي رواية البخاري قالت (الصلاة أول ما فرضت ركعتان) والصلاة مبتدأ أول، وأول بدل منه أو مبتدأ ثان خبره ركعتان، والجملة خبر المبتدإ الأول، ويجوز نصب لفظ أول على الظرفية، والصلاة مبتدأ والخبر محذوف أي فرضت ركعتين في أول فرضها اهـ قسطلاني.
(قال الزهري) بالسند السابق (فقلت لعروة: ما بال عالشة) وشأنها (تتم) الصلاة بضم أوله (في السفر) فهو مخالف لقولها (قال) عروة (أنها تأولت) واجتهدت (كما تأول عثمان) بن عفان رضي الله عنهما، أي اجتهدت في أمر صلاتها اجتهادًا كاجتهاد عثمان بن عفان رضي الله عنه من جواز القصر والإتمام فأخذا بأحد الجائزين وهو الإتمام، يقال أول الكلام تأويلا وتأوله كما في القاموس، والمراد هنا تجويز القصر والإتمام. قال القرطبي: وأولى ما قيل في إتمام عائشة وعثمان رضي الله عنهما أنهما تأولا أي اجتهدا أن القصر رخصة غير واجبة وأخذا بالأكمل الذي هو الإتمام، وما عدا هذا القول مما أطالوا به الكلام إما فاسد وإما بعيد اهـ من المفهم. وقد ذكر بعضه القرطبي وأما نحن فلا نطيل به الكلام لأنه لا طائل تحته.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عائشة بحديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما فقال:
1464 -
(652)(63)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب) محمد بن العلاء
وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبِ وإسْحَاقُ بْنُ إِبرَاهِيمَ -قَال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيس- عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ، عَنِ ابْنِ أبِي عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَابَيهِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيةَ؛ قَال: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطاب: {فَلَيسَ عَلَيكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] فقد أمِنَ الناسُ!
ــ
الكوفيان (وزهير بن حرب) الحرشي النسائي (وإسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (قال إسحاق أخبرنا وقال الأخرون حدثنا عبد الله بن إدريس) بن يزيد الأودي الكوفي، ثقة ثقة، من (8) روى عنه في (17) بابا (عن) عبد الملك بن عبد العزيز (بن جريج) الأموي المكي، ثقة، من (6)(عن) عبد الرحمن بن عبد الله (بن أبي عمار) القرشي المكي المعروف بالقس -بفتح القاف وتشديد السين المهملة- لعبادته، روى عن عبد الله بن بابيه في الصلاة، وابن عمر وأبي هريرة، ويروي عنه (م عم) وابن جريج وعكرمة بن خالد وعمرو بن دينار، وثقه النسائي وأبو زرعة وابن سعد وابن المديني، وقال في التقريب: ثقة عابد، من الثالثة (عن عبد الله بن بابيه) بفتح الباء الثانية وسكون الياء وكسر الهاء، ويقال ابن باباه بموحدتين بينهما ألف، ويقال ابن بابي بحذف الهاء المكي مولى آل حجير بن أبي إهاب، روى عن يعلى ابن أمية في الصلاة، وجبير بن مطعم وأبي هريرة، ويروي عنه (م عم) وعبد الرحمن بن أبي عمار وأبو الزبير وعمرو بن دينار، وثقه النسائي والعجلي وابن المديني، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الرابعة (عن يعلى بن أمية) بن أبي عبيدة عبيد بن همام بن الحارث التميمي حليف قريش، ويقال يعلى بن منية، أمية أبوه، ومنية أمه وهي بنت غزوان امرأة من بني تميم مولاة لقريش، المكي صحابي مشهور من مسلمة الفتح شهد حنينًا والطائف، له ثمانية وأربعون (48) حديثًا اتفقا على ثلاثة، سمع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة والحج، وروى عن عمر رضي الله عنه في الصلاة، وعنبسة بن أبي سفيان، ويروي عنه (ع) وعبد الله بن بابيه وابنه صفوان بن يعلى ومجاهد وعطاء وغيرهم (قال) يعلى (قلت لعمر بن الخطاب) العدوي المدني: ما تفسير قوله تعالى {فَلَيسَ عَلَيكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] حيث قيد جواز القصر بالخوف (فقد أمن الناس) أي المسلمون الآن من خوف الكفار فهل يجوز القصر لهم أم لا؟ لأنه زال سببه الذي هو الخوف من الكفار وهذا السند من سباعياته رجاله أربعة منهم مكيون
فَقَال: عَجِبْتُ مِما عَجِبْتَ مِنْهُ. فَسَألْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ. فَقَال: "صَدَقَةٌ تَصَدقَ اللهُ بِهَا عَلَيكُمْ. فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ".
1465 -
(00) وَحَدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدميُّ. حَدَّثنَا يَحْيي
ــ
واثنان كوفيان وواحد مدني، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والقول والمقارنة، وفيه رواية صحابي عن صحابي (فقال) عمر بن الخطاب (عجبت مما عجبت منه) يا يعلى وأشكلني ما أشكلك، فموجب التعجب والإشكال هو أن القصر في العدد في الآية مشروط بالخوف، فإذا زال الخوف وجب الإتمام (فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك) الإشكال (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم القصر (صدقة) أي رخصة (تصدق الله) سبحانه وتعالى (بها عليكم) أي رخصة رخصها لكم مطلقًا (فاقبلوا) منه (صدقته) سبحانه أي رخصته، والتقييد بالخوف خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، قال القرطبي: قوله {فَلَيسَ عَلَيكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} يعني بالقصر القصر من عدد الركعات، والقصر بتغيير الهيئات بدليل قوله صلى الله عليه وسلم:"صدقة تصدق الله بها عليكم" عندما سئل عن قصرها مع الأمن فكان قوله ذلك تيسيرًا وتوفيقًا على أن الآية متضمنة لقصر الصلاة مع الخوف ومع غير الخوف فالقصر مع الخوف هو في الهيئات على ما يأتي ومع الأمس في الركعات، والمتصدق به إنما هو إلغاء شرط الخوف في قصر عدد الركعات مع الأمن، وعلى هذا فيبقى اعتبار الخوف في قصر الهيئات على ما يأتي، وقد أكثر الناس الكلام في هذه الآية وما ذكرناه أولى وأحسن لأنه جمع بين الآية والحديث، والجناح الحرج وهذا يشعر أن القصر ليس واجبًا لا في السفر ولا في الخوف لأنه لا يقال في الواجب لا جناح في فعله اهـ من المفهم. قال النواوي: وفيه جواز قول: تَصَدَّق الله علينا، واللهم تصدق علينا، وقد كرهه بعض السلف وهو غلط ظاهر، وفيه جواز القصر في غير الخوف، وفيه أن المفضول إذا رأى الفاضل يعمل شيئًا يشكل عليه يسأله عنه والله أعلم. وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [1/ 25] وأبو داود [1199] والترمذي [3037] والنسائي [3/ 116].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عمر رضي الله عنه فقال:
1465 -
(00)(00) وحدثنا محمد بن أبي بكر) بن علي بن عطاء بن مقدم الثقفي (المقدمي) البصري، ثقة، من (10)(حدثنا يحيى) بن سعيد القطان التميمي
عَنِ ابنِ جُرَيج. قَال: حَدثَنِي عَبدُ الرحْمنِ بْنُ عَبدِ اللهِ بْنِ أبِي عَمار عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ بَابَيهِ، عَنْ يَعْلَي بْنِ أميةَ؛ قَال: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطابِ
…
بِمِثلِ حَدِيثِ ابْنِ إِدْرِيس.
1466 -
(653)(64) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو الربِيعِ وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَال يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ بُكَيرِ بْنِ الأخْنَسِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛
ــ
البصري، ثقة، من (9)(عن) عبد الملك (بن جريج) الأموي المكي (قال حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار) المكي (عن عبد الله بن بابيه) المكي (عن يعلى بن أمية) المكي (قال) يعلى (قلت لعمر بن الخطاب) وساق يحيى بن سعيد عن ابن جريج (بمثل حديث) عبد الله (بن إدريس) الكوفي لفظًا ومعنى، غرضه بيان متابعة يحيى بن سعيد لعبد الله بن إدريس في رواية هذا الحديث عن ابن جريج، وفائدتها بيان كثرة طرقه.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث عائشة بحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهم فقال:
1466 -
(653)(64)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (وسعيد بن منصور) بن شعبة أبو عثمان الخراساني نزيل مكة، ثقة، من (10)(وأبو الربيع) العتكي الزهراني سليمان بن داود البصري، ثقة، من (10)(وقتيبة بن سعيد) الثقفي البلخي، ثقة، من (10)(قال يحيى) بن يحيى (أخبرنا، وقال الآخرون: حدثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، ثقة، من (7)(عن بكير بن الأخنس) الليثي السدوسي الكوفي، روى عن مجاهد في الصلاة، وأنس في الحج، وعطاء بن أبي رباح في البيوع، وابن عباس وابن عمر وعدة، ويروي عنه (م د س ق) وأبو عوانة ومسعر وأبو إسحاق الشيباني وأيوب بن عائذ والأعمش، وثقه ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الرابعة (عن مجاهد) ابن جبر المخزومي مولاهم أبي الحجاج المكي المقرئ المفسر، ثقة، من (3)(عن ابن عباس) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته رجاله واحد منهم طائفي وواحد مكي وواحد كوفي وواحد واسطي وواحد إما نيسابوري أو خراساني أو بصري أو بلخي، وفيه
قَال: فَرَض اللهُ الصلاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيكُمْ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السفَرِ رَكْعَتَينِ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً.
1467 -
(00)(00) وَحَدثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ. جَمِيعًا عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مَالِكٍ. قَال عَمْرٌو: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ. حَدَّثَنَا أيوبُ بْنُ
ــ
التحديث والإخبار والعنعنة والمقارنة (قال) ابن عباس رضي الله تعالى عنهما (فرض الله) سبحانه وتعالى (الصلاة) الرباعية (على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعا) من الركعات (وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة) يعني ركعة مع الإمام وركعة أخرى يأتي بها منفردًا كما جاءت الأحاديث الصحيحة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الخوف كما في النواوي قال: وهذا التأويل لا بد منه للجمع بين الأدلة.
قال القرطبي: ذهب جماعة من السلف إلى ظاهر هذا فقالوا: صلاة الخوف ركعة واحدة عند الشدة وهو قول إسحاق قال: أما عند شدة الخوف فركعة واحدة يومئ بها إيماء، فإن لم يقدر فسجدة فإن لم يقدر فتكبيرة، وقال الضحاك: إن لم يقدر على ركعة فتكبيرتان، وقال الأوزاعي: لا يجزئه التكبير، وقال قتادة والحسن: صلاة الخوف ركعة واحدة لكل طائفة من المأمومين وللإمام ركعتان، وسيأتي بسط الكلام عليه في صلاة الخوف إن شاء الله تعالى. وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [1/ 232] وأبو داود [1247] والنسائي [3/ 118 - 119] وابن ماجه [1072].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:
1467 -
(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) الكوفي (وعمرو) بن محمد بن بكير بن شابور (الناقد) أبو عثمان البغدادي (جميعًا عن القاسم بن مالك، قال عمرو: حدثنا قاسم بن مالك المزني) أبي جعفر الكوفي، روى عن أيوب بن عائذ في الصلاة، وعاصم بن كليب في العطاس، والمختار بن فلفل، ويروي عنه (خ م ت س ق) وأبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وابن نمير وزهير بن حرب وغيرهم، وثقه العجلي وابن معين، وقال أحمد: كان صدوقًا، وقال في التقريب: صدوق فيه لين، من صغار الثامنة، مات سنة نيف وتسعين ومائة، له في (خ) فرد حديث (حدثنا أيوب بن
عَائِذٍ الطائيُّ عَنْ بُكَيرِ بْنِ الأَخْنَسِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَال: إِن اللهَ فَرَضَ الصلاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيكُمْ صلى الله عليه وسلم. عَلَى المسَافِرِ رَكْعَتَينِ، وَعَلى الْمُقِيمِ أَرْبَعًا، وَفِي الْخَوفِ رَكْعَةً.
1468 -
(654)(65) حدثنا مُحَمدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدثُ عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ الْهُذَلي؛ قَال: سَألْتُ ابْنَ عَباسٍ: كَيفَ أُصَلي إِذَا كُنْتُ بِمَكَّةَ،
ــ
عائذ) بمعجمة بن مدلج (الطائي) الكوفي، روى عن بكير بن الأخنس في الصلاة، والشعبي وقيس بن مسلم وجماعة، ويروي عنه (خ م ت س) والقاسم بن مالك المزني والسفيانان وعبد الواحد بن زياد، وثقه يحيى وأبو حاتم والنسائي والعجلي وأبو داود، وقال في التقريب: ثقة رمي بالإرجاء، من السادسة (عن بكير بن الأخنس) الليثي الكوفي (عن مجاهد) بن جبر المكي (عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم كوفيون وواحد طائفي وواحد مكي، غرضه بسوقه بيان متابعة أيوب بن عائذ لأبي عوانة في رواية هذا الحديث عن بكير بن الأخنس، وكرر المتن لما بين الروايتين من المخالفة في سوق الحديث (قال) ابن عباس (إن الله فرض الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم على المسافر ركعتين، وعلى المقيم أربعًا، وفي الخوف ركعة).
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا بحديث آخر لابن عباس رضي الله عنهما فقال:
1468 -
(654)(65)(حدثنا محمد بن المثنى و) محمد (بن بشار) البصريان (قالا حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري المعروف بغندر (حدثنا شعبة) بن الحجاج البصري (قال سمعت قتادة) بن دعامة البصري (يحدث عن موسى بن سلمة) بن المحبق -بمهملة وموحدة مشددة مفتوحتين- بوزن محمد (الهذلي) البصري، روى عن ابن عباس في الصلاة والحج، ويروي عنه (م د س) وقتادة وأبوالتياح وابنه مثنى، وثقه أبو زرعة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الرابعة (قال سألت ابن عباس) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون إلا ابن عباس كيف أصلي) هل أتم الصلاة أم أقصرها (إذا كنت) مشريحًا (بمكة) قبل الخروج
إِذَا لَمْ أُصَلِّ مَعَ الإِمَامِ؛ فَقَال: رَكْعَتَينِ. سُنةَ أَبِي الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم.
1469 -
(00)(00) وَحَدثَنَاهُ مُحَمدُ بْنُ مِنْهَالٍ الضرِيرُ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُريعٍ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أبِي عَرُوبَةَ. ح وَحَدثَنَا مُحَمدُ بْنُ الْمُثَنى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. جَمِيعًا عَنْ قَتَادَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ
ــ
منها؟ وإذا في قوله (إذا) صليت وحدي و (لم أصل مع الإمام) بدل من إذا الأولى، قيد به لأن المسافر إذا اقتدى بمقيم أتم.
قال القاضي عياض: مفهومه أن الإمام إذا أتم يتم معه وهو مذهب كافة العلماء، واختلف بم يلزمه الإتمام معه؟ فقال مالك بعقد ركعة تامة، وقال الحنفية والشافعية بالدخول معه، وقال الأوزاعي بالقولين، وذكر أبو القاسم الطبري الشافعي عن مذهبهم أنه ينظر إلى نية الداخل فإن نوى الإتمام وراءه أتم وهذا كله يدل على أن القصر غير واجب إذ لو كان واجبًا لم يلزمه إتباع غير فرضه اهـ (فقال) لي ابن عباس صل (ركعتين) واتبع (سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم.
وشارك في رواية هذا الحديث النسائي رواه في كتاب الصلاة كما في التحفة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:
1469 -
(00)(00)(وحدثناه) أي وحدثنا الحديث المذكور يعني حديث ابن عباس (محمد بن منهال الضرير) التميمي أبو عبد الله البصري، ثقة، من (10)(حدثنا يزيد بن زريع) التيمي من بني تيم الله أبو معاوية البصري، ثقة ثبت، من (8)(حدثنا)(سعيد بن أبي عروبة) البصري (ح وحدثنا محمد بن المثنى) البصري (حدثنا معاذ بن هشام) بن سنبر الدستوائي (حدثنا أبي) هشام الدستوائي البصري (جميعا) أي كل من سعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي (عن قتادة) بن دعامة البصري؛ أي روى كل منهما عن قتادة (بهذا الإسناد) يعني عن موسى بن سلمة عن ابن عباس (نحوه) أي نحو ما روى شعبة عن قتادة. وهذان السندان من سداسياته، ومن لطائفهما أن رجالهما كلهم من البصريين.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
1470 -
(655)(66) وَحَدثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَب. حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَفْصِ بْنِ عَاصِم بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطابِ عَنْ أَبِيهِ؛ قَال: صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ. قَال: فَصلى لَنَا الطهْرَ رَكْعَتَينِ. ثُم أَقْبَلَ وَأَقْبَلْنَا مَعَهُ. حَتى جَاءَ رَحْلَهُ. وَجَلَسَ وَجَلَسْنَا مَعَهُ. فَحَانَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ نَحْوَ حَيثُ صلى. فَرَأَى نَاسًا قِيَامًا. فَقَال: مَا يَصْنَعُ هَؤُلاءِ؟ قُلْتُ: يُسَبِّحُونَ. قَال: لَوْ كُنْتُ مُسَبحا لأَتْمَمْتُ صلاتِي. يَا ابْنَ أَخِي، إِني صَحِبْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي السفَرِ. فَلَمْ يَزِدْ عَلَى
ــ
1470 -
(556)(66)(وحدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب) بن عتاب بن الحارث التميمي الحارثي القعنبي أبو عبد الرحمن البصري، ثقة، من (9)(حدثنا عيسى بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب) العدوي أبو زياد المدني، روى عن أبيه في الصلاة، ونافع في الحج وابن المسيب، ويروي عنه (خ م دس ق) وعبد الله بن مسلمة القنعبي وعثمان بن عُمر ويحيى القطان ووكيع، وثقه ابن معين له عندهم حديثان، وقال في التقريب: ثقة، من السادسة، مات سنة (157) سبع وخمسين ومائة (عن أبيه) حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي المدني، ثقة (قال) حفص بن عاصم (صحبت) عبد الله (بن عمر في طريق مكة) وهذا السند من رباعياته رجاله اثنان منهم مدنيان وواحد مكي وواحد بصري (قال) حفص (فصلى) إمامًا (لنا) ابن عمر (الظهر ركعتين ثم أقبل) ابن عمر وانصرف إلى منزله (وأقبلنا) أي وانصرفنا (معه حتى جاء رحله) أي منزله غاية لأقبل (وجلس) في منزله (وجلسنا معه فحانت) أي وقعت وحصلت (منه) أي من ابن عمر (التفاتة نحو حيث صلى) أي إلى جهة المكان الذي صلى فيه (فرأى) ابن عمر (ناسًا قياما) أي قائمين (فقال) ابن عمر (ما يصنع هولاء) القائمون؟ قال حفص (قلت) له (يسبحون) أي يصلون الرواتب قبل الظهر وبعدها (قال) ابن عمر (لو كنت مسبحا) أي مصليًا النوافل (لأتممت صلاتي) أي فريضتي أي لاخترت إتمام الفريضة، يعني أنه لو كان مخيرًا بين الإتمام وصلاة الراتبة، لكان الإتمام أحب إليه لأنه فهم من القصر التخفيف فلذلك كان لا يصلي الراتبة ولا يتم، بل السنة القصر وترك النفل ومراده بالنافلة الراتبة مع الفرائض كسنة الظهر والعصر والعشاء، ثم قال ابن عمر لحفص (يا ابن أخي) يريد عاصم بن عمر (إني صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فلم يزد على
رَكْعَتَينِ حَتى قَبَضَهُ اللهُ. وَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرِ فَلَم يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَينِ حَتى قَبَضَهُ اللهُ. وَصَحِبْتُ عُمَرَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَينِ حَتى قَبَضَهُ اللهُ. ثُم صَحِبتُ عُثْمَانَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَينِ حَتى قَبَضَهُ اللهُ. وَقَدْ قَال اللهُ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]
ــ
ركعتين) أي لا يزيد عليهما راتبةً (حتى قبضه الله) سبحانه وتعالى، أي توفاه (وصحبت أبا بكر) في السفر (فلم يزد على ركعتين) أي على ركعتي الفريضة المقصورة راتبةً (حتى قبضه الله) سبحانه (وصحبت عمر) في السفر (فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله) سبحانه (ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله) سبحانه، أي صحبت كلهم في السفر وكانوا لا يزيدون على ركعتين الصلاة المقصورة، أي أنهم ما كانوا يتنفلون رواتب الفرائض في السفر لا قبل الفرض ولا بعده، وأما في غير ذلك فقد روى جابر وعلي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفل في السفر ليلًا ونهارًا اهـ. واستشكل ذكر عثمان لأنه كان في آخر أمره يتم الصلاة كما مر، وأجيب بأنه جاء في حديث ابن عمر في رواية مسلم في الباب التالي (وصدرًا من خلافته) قال في المصابيح: وهو الصواب أو أنه كان يتم إذا كان نازلًا، وأما إذا كان سائرًا فيقصر، قال الزركشي: ولعل ابن عمر أراد في هذه الرواية أيام عثمان في سائر أسفاره في غير منى لأن إتمامه كان بمنى، وقد روى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري مرسلًا أن عثمان إنما أتم الصلاة لأنه نوى الإقامة بعد الحج، ورُد بأن الإقامة بمكة للمهاجرين أكثر من ثلاث لا تجوز كما سيأتي إن شاء الله تعالى في المغازي في الكلام على حديث العلاء بن الحضرمي، وقد سبق أنه إنما فعل ذلك متأولًا جوازهما فأخذ بأحد الجائزين اهـ إرشاد الساري.
(وقد قال الله) سبحانه وتعالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب: 21] أي قدوة حسنة وسنة صالحة فاقتدوا به. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [1101] وأبو داود [1223] والترمذي [544] والنسائي [3/ 122 و 124] وابن ماجه [1071].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
1471 -
(00)(00) حَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ، يَعْنِي ابْنَ زُريعٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ؛ قَال: مَرِضْتُ مَرَضًا. فَجَاءَ ابْنُ عُمَرَ يَعُودُنِي. قَال: وَسَأَلْتُهُ عَنِ السبْحَةِ فِي السَّفَرِ؟ فَقَال: صَحِبْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي السفَرِ. فَمَا رَأَيتُهُ يُسَبِّحُ. وَلَوْ كُنْتُ مُسَبِّحًا لأَتْمَمْتُ. وَقَدْ قَال اللهُ تَعَالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]
ــ
1471 -
(00)(00)(حدثنا قتيبة بن سعيد) الثقفي البلخي (حدثنا يزيد يعني ابن زريع) التيمي البصري (عن عمر بن محمد) بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي المدني (عن حفص بن عاصم) بن عمر بن الخطاب العدوي المدني. وهذا السند من خماسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة عمر بن محمد لعيسى بن حفص في رواية هذا الحديث عن حفص، وكرر المتن لما بينهما من المخالفة (قال) حفص (مرضت مرضًا) شديدًا (فجاء ابن عمر) حالة كونه (يعودني) عن مرضي (قال) حفص (وسألته عن السبحة) أي عن النفل (في السفر) يعني رواتب الفرائض (فقال) ابن عمر (صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فما رأيته يسبح) أي يصلي الرواتب (ولو كنت مسبحا) أي مصليًا الرواتب (لأتممت) صلاتي بدلها (وقد قال الله تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ} أي قدوة {حَسَنَةٌ} أي صالحة فاقتدوا به، واعلم أنه قد اختلف العلماء في استحباب النوافل الراتبة فكرهها ابن عمر وآخرون، واستحبها الشافعي وأصحابه والجمهور ودليله الأحاديث المطلقة في ندب الرواتب، وحديث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الضحى يوم الفتح بمكة وركعتي الصبح حين ناموا حتى طلعت الشمس وأحاديث أخر صحيحة ذكرها أصحاب السنن، والقياس على النوافل المطلقة، ولعل النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الرواتب في رحله ولا يراه ابن عمر، فإن النافلة في البيت أفضل أو لعله تركها في بعض الأحيان تنبيهًا على جواز تركها، وأما ما يحتج به القائلون بتركها من أنها لو شرعت لكان إتمام الفريضة أولى، فجوابه أن الفريضة متحتمة فلو شرعت تامة لتحتم إتمامها، وأما النافلة فهي إلى خير المكلف فالرفق أن تكون مشروعة ويتخير إن شاء فعلها وحصل ثوابها وإن شاء تركها ولا شيء عليه، واعلم أيضًا أن القصر مشروع بعرفات ومزدلفة ومنى للحاج من غير أهل مكة وما قرب منها، ولا يجوز لأهل مكة ومن كان دون مسافة القصر هذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة والأكثرين، وقال مالك يقصر أهل مكة ومنى ومزدلفة وعرفات فعلة القصر عنده في تلك المواضع
1472 -
(656)(67) حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَأَبُو الربِيعِ الزهْرَانِيُّ وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا حَماد، وَهوَ ابْنُ زيدٍ. ح وَحَدَّثنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَيعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. قَالا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ. كِلاهُمَا عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صلى الظهرَ بِالْمَدِينَةِ أرْبَعًا. وَصَلى الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيفَةِ رَكْعَتَينِ
ــ
النسك، وعند الجمهور علته السفر والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ نواوي.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى خامسًا لحديث عائشة بحديث أنس رضي الله عنهما فقال:
1472 -
(656)(67)(حدثنا خلف بن هشام) بن ثعلب بالمثلثة البزار -بالراء آخره- المقرئ أبو محمد البغدادي، ثقة، من (10)(وأبو الربيع الزهراني) سليمان بن داود البصري ثقة، من (10)(وقتيبة بن سعيد قالوا حدثنا حماد وهو ابن زيد) بن درهم الأزدي البصري ثقة، من (8)(ح وحدثني زهير بن حرب ويعقوب بن إبراهيم) بن كثير العبدي الدورقي أبو يوسف البغدادي، ثقة، من (10)(قالا حدثنا إسماعيل) بن إبراهيم بن مقسم الأسدي البصري المعروف بابن علية، ثقة، من (8)(كلاهما) أي كل من حماد بن زيد وإسماعيل بن إبراهيم رويا (عن أيوب) بن أبي تميمة كيسان السختياني العنزي البصري (عن أبي قلابة) عبد الله بن زيد الجرمي البصري (عن أنس) بن مالك الأنصاري البصري. وهذان السندان من خماسياته، رجال الأول منهما كلهم بصريون أو أربعة منهم بصريون وواحد إما بغدادي أو بلخي، ورجال الثاني منهما أربعة منهم بصريون وواحد إما نسائي أو بغدادي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بالمدينة) حالة كونها (أربعًا) من الركعات، أي تامة لأنه لم يبدأ السفر ثم سافر فأدركته العصر في ذي الحليفة (وصلى العصر بذي الحليفة) حالة كونها (ركعتين) ويحتمل أن يكون أربعًا وركعتين بدلًا من الظهر والعصر، وبين المدينة وذي الحليفة ستة أميال وقيل سبعة، وهذا الحديث مما احتج به أهل الظاهر في جواز القصر في طويل السفر وقصيره، وقال الجمهور لا يجوز القصر إلا في سفر يبلغ مرحلتين، وقال أبو حنيفة وطائفة شرطه ثلاث مراحل واعتمد في ذلك آثارًا عن الصحابة، وأما هذا الحديث فلا دلالة فيه لأهل الظاهر لأن المراد أنه حين سافر صلى الله عليه وسلم إلى مكة في حجة الوداع صلى الظهر بالمدينة أربعًا ثم سافر فأدركته العصر وهو مسافر بذي الحليفة فصلاها ركعتين
1473 -
(00)(00) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. حَدَّثَنَا مُحَمدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيسَرَةَ. سَمِعَا أَنَسَ بْنَ مَالِكِ يَقُولُ: صَليتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ بِالمدِينَةِ أَرْبَعا. وَصَليتُ مَعَهُ الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيفَةِ رَكْعَتَينِ
ــ
وليس المراد أن ذا الحليفة كان غاية سفره فلا دلالة فيه قطعا، وأما ابتداء القصر فيجوز من حين يفارق بنيان بلده أو خيام قومه إن كان من أهل الخيام، هذا جملة القول فيه، وتفصيله مشهور في كتب الفقه، هذا مذهبنا ومذهب كافة العلماء إلا رواية ضعيفة عن مالك أنه لا يقصر حتى يجاوز ثلاثة أميال، وحكي عن عطاء وجماعة من أصحاب ابن مسعود أنه إن أراد السفر قصر قبل خروجه، وعن مجاهد أنه لا يقصر في يوم خروجه حتى يدخل الليل، وهذه الروايات كلها منابذة للسنة واجماع السلف والخلف لأنه صلى الله عليه وسلم قصر بعد ما فارق وقبل الليل فكان ذلك ردًّا على عطاء وابن مجاهد ومن وافقهما، اهـ نواوي. وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [3/ 177 و 186] والبخاري [1089] وأبو داود [1202] والترمذي [546] والنسائي [11/ 234].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
1473 -
(00)(00)(حدثنا سعيد بن منصور) بن شعبة أبو عثمان الخراساني، ثقة، من (10)(حدثنا سفيان) بن عيينة الكوفي (حدثنا محمد بن المنكدر) بن عبد الله بن الهدير بالتصغير القرشي التيمي أبو عبد الله المدني، ثقة، من (3)(وإبراهيم بن ميسرة) الطائفي نزيل مكة، روى عن أنس بن مالك في الصلاة، وطاوس في الصلاة والطلاق والأشربة، وعمرو بن الشريد في ذكر الشعر، ويعقوب بن عاصم في ذكر الشعراء، ويروي عنه (ع) وسفيان بن عيينة وابن جريج وأيوب السختياني، وثقه أحمد والنسائي والعجلي ويحيى، وقال في التقريب: ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة (132) اثنتين وثلاثين ومائة، أنهما (سمعا أنس بن مالك) الأنصاري البصري رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته، غرضه بسوقه بيان متابعة ابن المنكدر وابن ميسرة لأبي قلابة في رواية هذا الحديث عن أنس، حالة كون أنس (يقول: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر بالمدينة أربعًا) لأنه مقيم (وصليت معه العصر بذي الحليفة ركعتين) لأنه مسافر لحجة الوداع.
1474 -
(657)(67) وَحَدثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَمُحَمدُ بْنُ بَشَّار. كِلاهُمَا عَنْ غُنْدَر. قَال أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَر عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَزِيدَ الْهُنَائِي؛ قَال: سَألْتُ أنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ قَصْرِ الصلاةِ؟ فَقَال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَرَجَ، مَسِيرَةَ ثَلاثةِ أَميَالٍ أَوْ ثَلاثةِ فَرَاسِخَ، (شُعْبَةُ الشَّاكُّ) صلى رَكعَتَينِ
ــ
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى سادسًا لحديث عائشة بحديث آخر لأنس رضي الله عنهما فقال:
1474 -
(657)(67)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) الكوفي، وفي بعض النسخ (وحدثناه) وهو تحريف من النساخ لأن الضمير لا مرجع له لأن الحديث غير الأول كما في سنن أبي داود (ومحمد بن بشار) البصري كلاهما) رويا (عن) محمد بن جعفر المعروف بـ (غندر) البصري (قال أبو بكر: حدثنا محمد بن جعفر غندر، عن شعبة) بن الحجاج البصري (عن يحيى بن يزيد الهنائي) -بضم الهاء ثم نون خفيفة ومد- نسبة إلى هناء بن مالك بن فهم قاله السمعاني اهـ نواوي، أبي يزيد البصري، روى عن أنس بن مالك في الصلاة، والفرزدق، ويروي عنه (م د) وشعبة ومحمد بن دينار وخلف بن خليفة وابن علية، قال أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: مقبول، من الخامسة (قال) يحيى بن يزيد (سألت أنس بن مالك) الأنصاري البصري (عن) حكم (قصر الصلاة) الرباعية ومتى يقصر المسافر، وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون أو أربعة منهم بصريون وواحد كوفي (فقال) أنس (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة) أي مسافة (ثلاثة أميال) قال شعبة (أو) قال لي يحيى مسيرة (ثلاثة فراسخ) بدل أميال (شعبة) هو (الشاك) فيما قاله يحيى هل قال ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ فجمع بين اللفظين (صلى ركعتين) جواب إذا وهو بمعنى حديث (وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين) لأن ذا الحليفة على ثلاثة أميال من المدينة. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 190] وأبو داود [1201]. والأميال جمع ميل، قال في الفتح: الميل هو من الأرض منتهى مد البصر لأن البصر يميل عنه على وجه الأرض حتى يفنى إدراكه، وبذلك جزم الجوهري وقيل أن ينظر إلى الشخص في أرضه مستوية فلا يدري أرجل هو أم امرأة أو ذاهب أو آت، قال النواوي: الميل ستة
1475 -
(658) 681) حَدَّثَنَا زُهَيرُ بْنُ حَرْب
ــ
الآف ذراع بذراع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذراع العمري المعمول عليه في صنعاء وبلادها قاله الصنعاني، والذراع أربعة وعشرون أصبعًا معترضةً معتدلةً، والأصبع ست شعيرات معترضة معتدلة، قال الحافظ: وهذ الذي قال هو الأشهر، وقيل هو أربعة آلاف ذراع، وقيل ثلاثة آلاف ذراع، ومنهم من عبر عن ذلك بألف خطوة للجمل، قال: ثم إن الذراع الذي ذكر النواوي تحريره قد حرره غيره بذراع الحديد المشهور في مصر والحجاز في هذه الأعصار فوجده ينقص عن ذراع الحديد بقدر الثمن فعلى هذا فالميل بذراع الحديد في القول المشهور خمسة آلاف ذراع ومائتان وخمسون ذراعًا، وقدر الميل بمساحة أعصارنا (كيلو متر ونصف) كذا قالوا، والفراسخ جمع فرسخ، والفرسخ في الأصل السكون ذكره ابن سيده، وقيل السعة، وقيل الشيء الطويل، وذكر الفراء أن الفرسخ فارسي معرب وهو ثلاثة أميال.
قوله (إذا خرج ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين) قال النواوي: هذا ليس على سبيل الاشتراط، وإنما وقع بحسب الحاجة لأن الظاهر من أسفاره صلى الله عليه وسلم أنه ما كان يسافر سفرًا طويلًا فيخرج عند حضور فريضة مقصورة ويترك قصرها بقرب المدينة ويتمها، وإنما كان يسافر بعيدًا من وقت المقصورة فتدركها على ثلاثة أميال أو أكثر أو نحو ذلك فيصليها حينئذ والأحاديث المطلقة مع ظاهر القرآن متعاضدات على جواز القصر من حين يخرج من البلد فإنه يسمى حينذ مسافرًا والله أعلم اهـ.
قال القرطبي: ربما تمسك بهذا الحديث بعض الظاهرية وبحديث ذي الحليفة على أن من نوى سفرًا قصيرًا ولم يبلغ يومًا تامًّا أنه قصر ولا حجة له فيه لأنه مشكوك فيه فلا يوثق لا بالثلاثة أميال ولا بالثلاثة فراسخ إذ كل واحد منهما مشكوك فيه، وعلى تقدير أحدهما فلعله حدد المسافة التي بدأ منها القصر وسفره بعد ذلك كان أزيد بالمقدار الذي حكيناه عن الجمهور اهـ من المفهم.
ثم استشهد المؤلف سابعًا بحديث عمر بن الخطاب لحديث عائشة رضي الله عنهما فقال:
1475 -
(658)(68)(حدثنا زهير بن حرب) بن شداد الحرشي أبو خيثمة النسائي
وَمُحَمدُ بْنُ بَشارٍ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ مَهْدِي. قَال زُهَير: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحْمنِ بْنُ مَهْدِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيرٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيدٍ، عَن جُبَيرِ بْنِ نُفَيرٍ؛ قَال: خَرَجْتُ مَعَ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ إِلَى قَرْيَةٍ، عَلَى رَأْسِ سَبْعَةَ عَشَرَ أَوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلا. فَصَلَّى رَكْعَتَينِ. فَقُلْتُ لَهُ. فَقَال: رَأَيتُ عُمَرَ صَلَّى
ــ
(ومحمد بن بشار) العبدي البصري (جميعًا عن) عبد الرحمن (بن مهدي) بن حسان الأزدي مولاهم أبي سعيد البصري، ثقة، من (9) (قال زهير: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي البصري، ثقة إمام الأئمة، من (7)(عن يزيد بن خمير) بمعجمة مصغرًا بن يزيد الرحبي أبي عمرو الحمصي، روى عن حبيب بن عبيد في الصلاة وعبد الرحمن بن جبير في النكاح، وعبد الله بن بسر في الأطعمة، وسليم بن عامر وغيرهم، ويروي عنه (م عم) وشعبة وصفوان بن عمرو وغيرهم، وثقه شعبة وابن معين، وقال في التقريب: صدوق، من الخامسة (عن حبيب بن عبيد) مصغرًا الرحبي بمهملتين مفتوحتين نسبة إلى رحبة بن زراعة أبي حفص الحمصي، روى عن جبير بن نفير في الصلاة والجنائز، والعرباض بن سارية وعوف بن مالك، ويروي عنه (م عم) ويزيد بن خمير ومعاوية بن صالح، وثقه النسائي وابن حبان وقال: قال حبيب بن عبيد: أدركت سبعين صحابيًا، وقال في التقريب: ثقة، من الثالثة (عن جبير بن نفير) بالتصغير فيهما ابن مالك بن عامر الحضرمي أبي عبد الرحمن الحمصي، ثقة، مخضرم، من (2)(قال) جبير بن نفير (خرجت مع شرحبيل) بضم أوله وفتح ثانيه وسكون المهملة (بن السمط) بكسر المهملة وسكون الميم، وقيل بفتح السين وكسر الميم، الكندي أبي السمط الشامي مختلف في صحبته، وقال ابن سعد والبخاري: له وفادة، كان على حمص، روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الصلاة، وسلمان الفارسي في الجهاد، ويروي عنه (م عم) وجبير بن نفير ومكحول وسالم بن أبي الجعد وغيرهم، وثقه النسائي، وقال في التقريب: جزم ابن سعد بأن له وفادة وصحبة، مات سنة (40) أربعين أو بعدها، أي خرجت معه من حمص (إلى قرية) يقال لها دومين (على رأس) أي على تمام (سبعة عشر) ميلًا (أو) قال جبير بن نفير: على تمام (ثمانية عشر ميلًا فصلى) شرحبيل الصلاة الرباعية (ركعتين) ركعتين، قال جبير بن نفير (فقلت له) أي لشرحبيل: لم قصرت الصلاة؟ (فقال) شرجيل (رأيت عمر) بن الخطاب (صلى) الصلاة الرباعية
بِذِي الْحُلَيفَةِ رَكْعَتَينِ. فَقُلتُ لَهُ. فَقَال: إِنمَا أَفْعَلُ كَمَا رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ.
1476 -
(00)(00) وَحَدثَنِيهِ مُحَمدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهذَا الإِسْنَادِ. وَقَال: عَنِ ابْنِ السمْطِ. وَلَمْ يُسَم شُرَحْبِيلَ. وَقَال: إِنَهُ أَتَى أَرْضًا يُقَالُ لَهَا دُوْمِينُ مِنْ حِمْصَ. عَلَى رَأسِ
ــ
(بذي الحليفة ركعتين) قال شرحبيل (فقلت له) أي لعمر بن الخطاب لم قصرت الصلاة (فقال) لي عمر (إنما أفعل كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل) فلست مبتدعًا بل متبعًا له صلى الله عليه وسلم. وهذا السند من ثمانياته رجاله أربعة منهم شاميون وثلاثة بصريون أو بصريان ونسائي وواحد مدني، قال النواوي: وهذا السند فيه أربعة تابعيون يروي بعضهم عن بعض يزيد بن خمير فمن بعده، وهذا الحديث مما قد يتوهم أنه دليل لأهل الظاهر ولا دلالة فيه بحال لأن الذي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعمر رضي الله عنه إنما هو القصر بذي الحليفة وليس فيه أنها غاية السفر، وأما قوله قصر شرحبيل على رأس سبعة عشر ميلًا أو ثمانية عشر ميلًا فلا حجة فيه لأنه تابعي فعل شيئًا يخالف الجمهور أو يتاول على أنها كانت في أثناء سفره لا أنها غايته وهذا التأويل ظاهر وبه يصح احتجاجه بفعل عمر ونقله ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم اهـ منه.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عمر رضي الله عنه فقال:
1476 -
(00)(00)(وحدثنيه) أي حدثني الحديث المذكور يعني حديث عمر بن الخطاب (محمد بن المثنى) العنزي البصري (حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري (حدثنا شعبة) بن الحجاج البصري، وقوله (بهذا الإسناد) متعلق بحدثنا محمد بن جعفر لأنه العامل في المتابع يعني يزيد بن خمير عن حبيب بن عبيد الخ، غرضه بيان متابعة محمد بن جعفر لعبد الرحمن بن مهدي في رواية هذا الحديث عن شعبة مع بيان محل المخالفة (وقال) محمد بن جعفر في روايته (عن ابن السمط ولم يسم) أي لم يذكر محمد بن جعفر اسم (شرحبيل) بل كنَى عنه بالابن (وقال) محمد بن جعفر لفظة (إنه) أي أن شرحبيل بن السمط (أتى أرضا) أي قرية (يقال لها دومين) بفتح الدال وضمها وجهان مشهوران مع سكون الواو وكسر الميم فيهما تلك القرية مسافتها (من حمص على رأس)
ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا.
1477 -
(659)(69) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِي. أَخْبَرَنَا هُشَيمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسَحْاقَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَال: خَرَجْنَا مَع رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكةَ. فَصَلى رَكْعَتَينِ رَكعَتَينِ. حَتى رَجَعَ. قُلْتُ: كم أَقَامَ بِمَكةَ؟ قَال: عَشْرًا
ــ
أي على تمام (ثمانية عشر ميلا) وحمص اسم لا ينصرف، وإن كانت اسمًا ثلاثيًّا ساكن الوسط لأنها عجمية اجتمع فيها العجمة والعلمية والتأنيث كماه وجور ونظائرهما.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثامنًا لحديث عائشة بحديث آخر لأنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما فقال:
1477 -
(659)(69)(حدثنا يحيى بن يحيى التميمي) النيسابوري (أخبرنا هشيم) مصغرًا ابن بشير بوزن عظيم، السلمي أبو معاوية الواسطي، ثقة، من (7)(عن يحيى بن أبي إسحاق) الحضرمي مولاهم البصري، روى عن أنس بن مالك في الصلاة والحج، وأبي سعيد مولى المهري في الحج، وعبد الرحمن بن أبي بكرة في البيوع، وسالم بن عبد الله في اللباس، وسعيد بن أبي الحسن في اللباس، ويروي عنه (ع) وهشيم وأبو عوانة وابن علية وشعبة والثوري وبشر بن المفضل وخلائق، وثقه ابن معين والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم: لا بأس به، وقال أحمد: في حديثه نكارة، وقال في التقريب: صدوق، ربما أخطا، من الخامسة، مات سنة (136) ست وثلاثين ومائة (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته رجاله اثنان منهم بصريان وواحد واسطي وواحد نيسابوري (قال) أنس (خرجنا) في حجة الوداع (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فصلى) رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة الرباعية (ركعتين ركعتين) قصرًا (حتى رجع) إلى المدينة، قال يحيى بن أبي إسحاق (قلت) لأنس (كم) أيامًا (أقام) النبي صلى الله عليه وسلم (بمكة قال) أنس أقام (عشرا) من الليالي، ثم خرج منها راجعًا إلى المدينة، وهذا الحديث معناه أنه أقام في مكة وما حواليها لا في نفس مكة فقط، والمراد في سفره صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقدم مكة في اليوم الرابع فأقام بها الخامس والسادس والسابع، وخرج منها في الثامن إلى منى وذهب إلى عرفات في التاسع وعاد إلى منى في العاشر، فأقام بها
1478 -
(00)(00) وَحَدثَنَا قُتَيبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ. ح وَحَدثَنَاهُ أَبُو كريب
ــ
الحادي عشر والثاني عشر ونفر في الثالث عشر إلى مكة وخرج منها على المدينة في الرابع عشر، فمدة إقامته صلى الله عليه وسلم في مكة وحواليها عشرة أيام وكان يقصر الصلاة فيها كلها، ففيه دليل على أن المسافر إذا نوى إقامة دون أربعة أيام سوى يومي الدخول والخروج يقصر، وأن الثلاثة ليست إقامة لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقام هو والمهاجرون ثلاثًا بمكة فدل على أن الثلاثة ليست إقامة شرعية، وأن يومي الدخول والخروج لا يحسبان منها، وبهذه الجملة قال الشافعي وجمهور العلماء وفيها خلاف منتشر للسلف اهـ نواوي. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 187 و 282] والبخاري [1081] وأبو داود [1233] والترمذي [548] والنسائي [3/ 121] وابن ماجه [1077].
قال القرطبي: تمسك بهذا الحديث بعض من قال إن المسافر إذا نوى إقامة عشرة أيام قصر فإن نوى زيادة عليها أتم وهو مروي عن علي وابن عباس في أحد قوليه، وقد كثر اختلاف الناس في هذه المسألة فقيل عن ربيعة إذا نوى إقامة يوم وليلة أتم، وروي عن سعيد بن المسيب: إذا نوى إقامة ثلاثة أيام أتم، وروي عن جمهور أئمة الفتوى إذا نوى إقامة أربعة أيام بلياليها أتم، وروي عن أحمد وداود إذا نوى زيادة على أربعةٍ ويقصر في الأربعة، وروي زيادة على عشرة عن من ذكرنا، وروي اثنا عشر عن ابن عمر في أحد قوليه، وعن عمر وابن عباس وسعيد بن المسيب، وروي عن الأوزاعي ثلاثة عشر وهو قول الكوفيين، وروي عن الليث أنه إذا زاد على خمسة عشر يومًا أتم، وروي عن ابن عباس يتم فيما زاد على سبعة عشر، وروي تسعة عشر، وروي عن أحمد يقصر إذا نوى إقامة أحد وعشرين، ويتم فيما زاد اعتمادًا على إقامة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة فإنه خرج صبيحة الثامن من يوم التروية، وقال داود: في عشرين صلاة، ويتم إذا زاد، ونحو هذا لابن الماجشون اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس هذا رضي الله عنه فقال:
1478 -
(00)(00)(وحدثنا قتيبة) بن سعيد البلخي (حدثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي (ح وحدثناه أبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي
حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيةَ. جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى بْنِ أبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ حَدِيثِ هُشَيمٍ.
1479 -
(00)(00) وَحَدثَنَا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَال: حَدثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ. قَال: سَمِعْتُ أنس بْنَ مَالِك يَقُولُ: خَرَجْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْحَج. ثُم ذَكَرَ مِثْلَهُ.
1480 -
(00)(00) وَحَدثَنَا ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح وَحَدثَنَا أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أسَامَةَ. جَمِيعا عَنِ الثوْرِي، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ. وَلَمْ يَذْكُرِ الْحَج
ــ
(حدثنا) إسماعيل (بن علية) ابن إبراهيم بن مقسم الأسدي البصري (جيمعا) أي كل من أبي عوانة وابن علية رويا (عن يحيى بن أبي إسحاق، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل حديث هشيم) بن بشير، غرضه بيان متابعتهما لهشيم في الرواية عن يحيى بن أبي إسحاق.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
1479 -
(00)(00)(وحدثنا عبيد الله بن معاذ) العنبري البصري (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ التميمي البصري (حدثنا شعبة قال حدثني يحيى بن أبو إسحاق قال سمعت أنس بن مالك يقول خرجنا من المدينة إلى الحج ثم ذكر) شعبة (مثله) أي مثل حديث هشيم، غرضه بيان متابعة شعبة لهشيم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
1480 -
(00)(00)(وحدثنا) محمد بن عبد الله (بن نمير) الهمداني الكوفي (حدثنا أبي) عبد الله بن نمير الكوفي (ح وحدثنا أبو كريب) الكوفي (حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الكوفي (جميعا) أي كل من عبد الله بن نمير وأبي أسامة (عن) سفيان بن سعيد (الثوري) الكوفي (عن يحيى بن أبي إسحاق عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله) أي بمثل حديث هشيم (و) لكن (لم يذكر) سفيان (الحج) أي لفظة الحج.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب تسعة أحاديث؛ الأول حديث عائشة رضي الله عنها ذكره للاستدلال وذكر فيه متابعتين، والثاني حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث حديث ابن عباس رضي الله عنهما ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والرابع حديث ابن عباس الثاني ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والخاص حديث ابن عمر ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والسادس حديث أنس الأول رضي الله عنه ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والسابع حديث أنس الثاني رضي الله عنه ذكره للاستشهاد، والثامن حديث عمر الثاني رضي الله عنه ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، التاسع حديث أنس الثالث رضي الله عنه ذكره للاستشهاد وذكر فيه ثلاث متابعات والله أعلم.
***