الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
297 - (11) باب: صلاة الجماعة من سنن الهدى
1379 -
(618)(29) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ. حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيرٍ عَنْ أبِي الأَحْوَصِ. قَال: قَال عَبْدُ اللهِ: لَقَدْ رَأَيتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنِ الصَّلاةِ إلا مُنَافِقٌ قَدْ عُلِمَ نِفَاقُهُ. أَوْ مَرِيضٌ. إِنْ كَانَ الْمَرِيضُ لَيَمْشِي بَينَ رَجُلَينِ حتَّى يَأتِيَ الصَّلاةَ. وَقَال:
ــ
297 -
(11) باب صلاة الجماعة من سنن الهدى
والسنن روي بفتح السِّين على أنَّه مفرد؛ بمعنى الطَّريق، وبضمها جمع سنة؛ وهي الطريقة نظير قرب وقربة.
1379 -
(618)(29)(حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفيّ (حدَّثنا محمَّد بن بشر العبدي) الكوفيّ (حدَّثنا زكرياء بن أبي زائدة) خالد بن ميمون الهمداني الكوفيّ، ثقة، من (6)(حدَّثنا عبد الملك بن عمير) اللخمي الكوفيّ، ثقة، من (3)(عن أبي الأحوص) عوف بن مالك بن نضلة الجشمي الكوفيّ، ثقة، من (3)(قال) أبو الأحوص (قال عبد الله) بن مسعود الهذلي الكوفيّ رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون، وفيه التحديث بالجمع والعنعنة والقول، والله (لقد رأيتنا) أي نحن معاشر الصّحابة أو جماعة المسلمين.
قال الطيبي: قد تقرر أن اتحاد الفاعل والمفعول إنَّما يسوغ في أفعال القلوب، وإنَّها من نواسخ المبتدإ والخبر، والمفعول الثَّاني الذي هو بمنزلة الخبر محذوف هنا، وسدَّ قوله (وما يتخلف عن) جماعة (الصَّلاة) في المسجد (إلَّا منافق قد علم) وظهر (نفاقه أو مريض) مرضًا يمنعه من حضور الجماعة وهو حال مسده؛ أي ولقد رأيت أنفسنا معاشر الصّحابة غير متخلفين عن جماعة المسجد، والحال أنه ما يتخلف عنها إلَّا منافق علم نفاقه أو مريض، وهذا يؤيد ما تقدم أن المهموم بإحراق بيوتهم كانوا منافقين، وإن في قوله (إن كان المريض) مخففة من الثقيلة بدليل ذكر اللام الفارقة في قوله (ليمشي بين رجلين حتَّى يأتي الصَّلاة) أي وإن الشأن والحال كان المريض منا ليمشي إلى المسجد بين رجلين معتمدًا عليهما بعضديه يمسكانه من جانبيه لضعفه، وفي هذا كله تأكيد أمر الجماعة، وتحمل المشقة في حضورها وأنَّه إذا أمكن المريض ونحوه التوصل إليها استحب له حضورها (وقال) عبد الله
إِن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَنَا سُنَنَ الْهُدَى. وإنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى الصَّلاةَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يُؤَذَّنُ فِيهِ.
1380 -
(00)(00) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيبَةَ. حَدَّثنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَينٍ عَنْ أَبِي الْعُمَيسِ، عَنْ عَلِي بْنِ الأَقْمَرِ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ؛
ــ
ابن مسعود رضي الله عنه (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا) معاشر الأمة (سنن الهدى) -بفتح السِّين- بمعنى طريق الهدى والرشاد، وبضمها جمع سنة نضير قرب وقربة أي طرائق الهدى والإسلام أي أحكامه وشرائعه.
وذكر أهل الأصول أن السنة نوعان: سنة الهدى أي مكمل الدين وتاركها مسيء يستحق اللوم كالجماعة والأذان والإقامة، وسنة الزوائد وتاركها لا يستحقه كَسِيَرِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في لباسه وقعوده وقيامه ونومه وأكله وشربه، قيل اختيار لفظ الجمع هنا، ولفظ الإفراد في الأوَّل إيماء إلى قلة سنة الهدى وكثرة الزوائد اهـ من بعض الهوامش (وإن من سنن الهدى الصَّلاة) جماعةَ (في المسجد الذي يؤذن فيه). وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [550] والنَّسائيُّ [2/ 107 و 109] وابن ماجة [777].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة على حديث عبد الله رضي الله عنه فقال:
1380 -
(00)(00)(حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدَّثنا الفضل بن دكين) التميمي مولاهم أبو نعيم الكوفيّ مشهور بكنيته، واسم دكين عمرو بن حماد بن زهير، ثقة، من (9)(عن أبي العميس) مصغرًا عتبة بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي المسعودي الكوفيّ، ثقة، من (7)(عن علي بن الأقمر) بن عمرو بن الحارث الهمداني الوادعي أبي الوازع الكوفيّ، روى عن أبي الأحوص في الصَّلاة والفتن، وأبي جحيفة وابن عمر وأسامة بن شريك، ويروي عنه (ع) وأبو عميس وشعبة ومنصور والأعمش ومسعر، وثقه ابن معين والعجليّ والنَّسائيُّ ويعقوب بن سفيان وابن خراش والدارقطني، وقال في التقريب: ثقة، من الرابعة (عن أبي الأحوص) عوف بن مالك بن نضلة الكوفيّ (عن عبد الله) بن مسعود الهذلي الكوفيّ. وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون، وغرضه بسوقه بيان متابعة علي بن الأقمر لعبد الملك بن عمير في
قَال: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللهَ غَدًا مُسْلِمًا .. فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاءِ الصَّلَوَاتِ حَيثُ يُنَادَى بهِنَّ، فَإِنَّ اللهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ. وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ. وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدِ مِنْ هَذهِ الْمَسَاجِدِ إلا كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُل خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً. ويرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً. وَيحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً. وَلَقَدْ رَأَيتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلا مُنَافِقٌ، مَعْلُومُ النِّفَاقِ. وَلَقْد كَانَ الرَّجُلُ
ــ
رواية هذا الحديث عن أبي الأحوص (قال) عبد الله (من سره) وبشره وأحبه (أن يلقى الله غدًا) أي يوم القيامة (مسلمًا) أي كاملًا (فليحافظ) أي فليواظب (على) أن يصلِّي (هؤلاء الصلوات) الخمس (حيث ينادى بهن) أي في المساجد والأماكن التي يؤذن لهن فيها كالمدارس والربط والمحافل (فإن الله) سبحانه وتعالى (شرع) وسن (لنبيكم) محمَّد صلى الله عليه وسلم سنن الهدى) شرائع الإسلام (وإنهن) أي وإن أداء تلك الصلوات في المحال التي يؤذن لهن فيها (من سنن الهدى) وشرائع الدين التي أمر الله تعالى بها نبيكم فاقتدوا به فيها (ولو أنكم) أيه المسلمون (صليتم) تلك الصلوات (في بيوتكم) ومنازلكم (كما يصلِّي هذا المتخلف) عن الجماعة (في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم) عن طريق الهدى، والضلال ضد الهدى، وأصله من ضل عن الطَّريق إذا أخطأ وعدل عنه، قال الخطابي: معناه أنَّه يؤديكم إلى الضلال بأن تتركوا عرى الإسلام شيئًا فشيئًا حتَّى تخرجوا عن الملة اهـ. قال القرطبي: وهذا يصلح أن يتمسك به من قال إن إقامة الجماعة للصلوات فرض على الكفاية، ويصلح لمن يقول أنَّها سنة، ويكون إطلاقُه الضلال على التاركين لها إذا تمالؤوا على تركها كما قدمناه اهـ (وما من رجل يتطهر) في بيته (فيحسن الطهور) بآدابها وشروطها (ثم يعمد) ويقصد (إلى مسجد من هذه المساجد) التي بنيت للصلاة فيها (إلا كتب الله له) أي لذلك الرجل (بكلِّ خطوة يخطوها) إلى المسجد (حسنة ويرفعه) أي يرفع لذلك الرجل (بها) أي بتلك الخطوة (درجة وبحط) أي يضع (عنه بها) بتلك الخطوة (سيئة) أي معصية من الصغائر (و) الله (لقد رأيتنا) أي رأيت أنفسنا معاشر الصّحابة مواظبين على الصَّلاة فيها (و) الحال أنه إمَّا يتخلف) أي ما يتأخر (عنها) أي عن الصَّلاة (إلَّا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل)
يُؤْتَى بهِ يُهَادَى بينَ الرَّجُلَينِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ
ــ
منا (يؤتى به) أي يجاء به إلى المساجد ليصلي فيها حالة كونه (يهادى) أي يمشي به (بين الرجلين) لمرضه بالبناء للمجهول؛ أي يمسكه رجلان من جانبيه بعضديه يعتمد عليهما قاله النواوي، وقال ابن الأثير في النهاية: معناه يمشي بينهما معتمدًا عليهما من ضعفه وتمايله، من تهادت المرأة في مشيتها إذا تمايلت اهـ. وقال الخطابي: أي يرفد من جانبيه ويؤخذ بعضديه يتمشى به إلى المسجد اهـ (حتَّى يقام) به (في الصف) ليصلي مع الجماعة، ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلَّا حديث عبد الله بن مسعود، وذكر فيه متابعة واحدة والله أعلم.
* * *