المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌291 - (6) باب: تأخير العشاء الآخرة - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٩

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌286 - (1) بابُ: التغليظ في تفويت صلاة العصر

- ‌287 - (2) باب: ما جاء في الصلاة الوسطى

- ‌288 - (3) باب: من فاتته صلوات كيف يقضيها

- ‌289 - (4) باب: فضل صلاتي الصبح والعصر

- ‌290 - (5) باب: تعجيل صلاة المغرب

- ‌291 - (6) باب: تأخير العشاء الآخرة

- ‌292 - (7) باب: التغليس بصلاة الصبح وبيان قدر القراءة فيها

- ‌293 - (8) باب: الأمر بأداء الصَّلاة في وقتها المختار إذا أخرها الإمام والصلاة معه إذا صَلَّى

- ‌294 - (8) بابٌ: صلاةُ الفَذِّ جائزةٌ والجماعةُ أفضلُ

- ‌295 - (9) باب: التغليظ في التخلف عن الجماعة والجمعة

- ‌296 - (10) باب: وجوب حضور الجمعة والجماعة على من سمع النداء

- ‌297 - (11) باب: صلاة الجماعة من سنن الهدى

- ‌298 - (12) باب: كراهية الخروج من المسجد إذا أذن المؤذِّن

- ‌299 - (13) باب: فضل صلاة العشاء والصبح في جماعة

- ‌300 - (14) باب: الرخصة في التخلف عن الجماعة للعذر

- ‌301 - (15) باب: جواز الجماعة في النافلة، والصلاة على حصير وخمرة وثوب وغيرها من الطاهرات

- ‌302 - (16) باب: فضل صلاة الجماعة وفضل انتظار الصلاة

- ‌303 - (17) باب: من كانت داره عن المسجد أبعد كان ثوابه في إتيانه أكثر

- ‌304 - (18) باب: المشي إلى الصلاة المكتوبة تُمْحَى به الخطايا وتُرْفَعُ به الدرجات وبيان مثل الصلوات الخمس

- ‌305 - (19) باب: الجلوس في المصلى بعد صلاة الصبح، وبيان أفضل بقاع البلدة

- ‌306 - (20) باب: في الأمامة ومن أحق بها

- ‌307 - (21) باب: ما جاء في القنوت والدعاء للمعين وعليه في الصلاة

- ‌308 - (22) باب: من عرس ونام عن صلاة أو نسيها يصليها إذا ذكرها واستحباب تعجيل قضائها والأذان والإقامة لها إذا صلاها جماعة واستحباب تقديم سنة الفجر إذا كانت الفائتة صبحًا

- ‌309 - (23) باب: قصر الصلاة في السفر

- ‌310 - (24) باب: قصر الصلاة بمنى

- ‌311 - (24) باب: جواز التخلف عن الجمعة والجماعة لعذر المطر وغيره

- ‌312 - (25) باب: جواز التنفل والوتر على الراحلة في السفر

- ‌313 - (26) باب: جواز الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌314 - (27) باب: الجمع بين الصلاتين في الحضر والغزو

- ‌315 - (28) باب: جواز الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال

- ‌316 - (29) باب: استحباب يمين الإمام

- ‌317 - (30) باب: كراهية الشروع في النافلة بعد شروع الموذن في الإقامة

- ‌318 - (30) باب: ما يقول عند دخول المسجد والأمر بتحيته واستحباب ركعتين فيه أول قدومه من سفر

- ‌319 - (31) باب: استحباب صلاة الضحى، وبيان أقلها وكملها وأوسطها والوصية بها

- ‌320 - (32) باب: ما جاء في ركعتي الفجر في استحبابهما ووقتهما وفضلهما وما يقرأ فيهما

- ‌321 - (33) باب: رواتب الفرائض وفضلها وعددها القبلية منها والبعدية وكيفية صلاة الليل

- ‌322 - (34) باب: جواز صلاة النفل قائمًا وقاعدًا مع القدرة على القيام وفعل بعض الركعة قائمًا وبعضها قاعدًا

- ‌323 - (35) باب: صلاة الليل وعدد ركعات صلاة النبيّ صلى الله عليه وسلم في الليل وأن الوتر ركعة واحدة

- ‌324 - (36) باب: في أي وقت يصلي النبي صلى الله عليه وسلم من الليل وكيف حاله مع أهله

- ‌324 - (36) باب: السوال عن خُلُقه صلى الله عليه وسلم وعن وتره ومن نام عن حزبه أو مرض

- ‌325 - (37) باب: وقت صلاة الأوّابين

- ‌326 - (38) باب: صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة في آخر الليل

- ‌327 - (39) باب: من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله

الفصل: ‌291 - (6) باب: تأخير العشاء الآخرة

‌291 - (6) باب: تأخير العشاء الآخرة

1335 -

(602)(13) وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ الْعَامِرِيُّ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ. قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزبَيرِ؛ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالتْ: أَعْتَمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لَيلَةَ مِنَ اللَّيَالِي بِصَلاةِ الْعِشَاءِ. وَهِيَ الَّتِي تُدْعَى الْعَتَمَةَ. فَلَمْ يَخْرُجْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَال عُمَرُ بن الْخَطَّابِ: نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَال لأَهْلِ الْمَسْجِدِ حِينَ

ــ

291 -

(6) باب تأخير العشاء الآخرة

1335 -

(602)(13)(وحدثنا عمرو بن سواد) بن الأسود (العامري) السرحي المصري (وحرملة بن يحيى) التجيبي المصري (قالا أخبرنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي المصري (أخبرني يونس) بن يزيد الأموي الأيلي (أن) محمد بن مسلم (بن شهاب) الزهري المدني (أخبره) أي أخبر ليونس بن يزيد (قال) ابن شهاب ليونس (أخبرني عروة بن الزبير) بن العوام الأسدي المدني (أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم) رضي الله عنها. وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان مصريان وواحد أيلي، وفيه التحديث والإخبار بالإفراد والجمع والأننة والمقارنة ورواية تابعي عن تابعي (قالت) عائشة (أعتم) أي أخر (رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي بصلاة العشاء) حتى اشتدت عتمة الليل أي ظلمته وقوله (ليلة من الليالي) يدل على أن غالب أحواله كان يقدمها رفقًا بهم ولئلا يشق عليهم كما قاله في آخر هذا الحديث، وقال الخطابي: إنما أخرهم ليقل حظ النوم وتطول مدة الصلاة فيكثر أجرهم لأنهم في صلاة ما داموا ينتظرون الصلاة، وقال بعض الحكماء: النوم المحمود مقدار ثمان ساعات من الليل والنهار اهـ من المفهم (وهي) أي صلاة العشاء (التي تدعى) أي تسمى عند الأعراب (العتمة فلم يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد (حتى قال عمر بن الخطاب) ونادى رضي الله عنه (نام النساء والصبيان) يا رسول الله أراد بهم الحاضرين في المسجد لا النائمين في بيوتهم، وإنما خص هؤلاء بالذكر لأنهم مظنة قلة الصبر على النوم ومحل الشفقة والرحمة اهـ عيني (فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد (فقال لأهل المسجد) الذين ينتظرونه للصلاة معه (حين

ص: 41

خَرَجَ عَلَيهِمْ: "مَا يَنْتَظِرُهَا أَحَدٌ مِن أَهلِ الأَرضِ غَيرُكُم" وَذَلِكَ قَبلَ أَن يَفشُوَ الإِسلامُ في النَّاسِ.

زَادَ حَرْمَلَةُ في رِوَايَتِهِ: قَال ابنُ شِهَاب: وَذُكِرَ لِي أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تَنْزُرُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الصَّلاةِ" وَذَاكَ حِينَ صَاحَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ

ــ

خرج عليهم) وقوله (ما ينتظرها) مقول لقال أي قال لهم ما ينتظرها أي الصلاة في هذه الساعة (أحد من أهل الأرض غيركم) صفة لأحد، ووقع صفة للنكرة مع إضافته إلى الضمير لأنه لا يتعرف بالإضافة إلى المعرفة، ويجوز نصبه على الاستثناء اهـ عيني، وفي إحدى روايات البخاري هذه الزيادة "ولا تصلي يومئذ إلا بالمدينة" قال ابن حجر: والمراد أن العشاء لا تصلَّى يومئذ بالهيئة المخصوصة وهي الجماعة إلا بالمدينة لأن من كان بمكة من المستضعفين لم يكونوا يصلون إلا سرًّا، وأما غير مكة والمدينة من البلاد لم يكن الإسلام دخلها وقتئذ (وذلك) المذكور من تأخير العشاء بهم، وقوله لهم ذلك الكلام (قبل أن يفشو) وينتشر (الإسلام في الناس) أي في غير المدينة، وإنما فشا الإسلام في غيرها بعد فتح مكة قاله ابن حجر، وزيادة في الناس غير موجودة في صحيح البخاري.

(زاد حرملة) بن يحيى (في روايته) لهذا الحديث (قال ابن شهاب) بالسند السابق (وذكر لي) أي ذكر لي بعض من حضر تلك الواقعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) لهم حين ناداه عمر بقوله "الصلاة نام النساء والصبيان"(وما كان لكم) أيها المؤمنون (أن تَنْزُروا) -بفتح المثناة الفوقية وإسكان النون ثم زاي مضمومة ثم راء -أي أن تكلفوا (رسول الله صلى الله عليه وسلم على) الخروج إلى (الصلاة) وتكثروا عليه الكلام ليخرج إليكم، وروي تبرزوا من الإبراز وهو الإخراج (وذاك) أي قوله ذلك الكلام (حين صاح) ونادى (عمر بن الخطاب) بقوله نام النساء والصبيان، وتذكير عمر لظنه أنه نسيها أو شغل عنها لعذر. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 150] والبخاري [569]، والنسائي [1/ 267].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:

ص: 42

1336 -

(00)(00) وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيبِ بْنِ اللَّيثِ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي، عَنْ عُقَيلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ الزهْرِيِّ: وَذُكِرَ لِي، وَمَا بَعْدَهُ.

1337 -

(00)(00) حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. كِلاهُمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ. ح قَال: وَحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ. حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ. ح قَال: وَحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِع. قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، (وَأَلْفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ)، قَالُوا

ــ

1336 -

(00)(00)(وحدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث) بن سعد الفهمي أبو عبد الله المصري، ثقة، من (11)(حدثني أبي) شعيب بن الليث بن سعد الفهمي أبو عبد الملك المصري، ثقة، من (10)(عن جدي) ليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي المصري، ثقة إمام، من (7) (عن عقيل) بن خالد بن عقيل -بفتح أوله- الأموي مولاهم أبي خالد المصري (عن ابن شهاب بهذا الإسناد) يعني عروة عن عائشة (مثله) أي مثل ما روى يونس عن ابن شهاب (و) لكن (لم يذكر) عقيل (قول الزهري: وذكر لي) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وما لكم (وما بعده) إلى قوله وذلك حين صاح عمر بن الخطاب. وهذا السند من سباعياته رجاله أربعة منهم مصريون وثلاثة مدنيون، غرضه بسوقه بيان متابعة عقيل بن خالد ليونس بن يزيد في رواية هذا الحديث عن الزهري.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث عائشة رضي الله عنها فقال:

1337 -

(00)(00) حدثني إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (ومحمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي، صدوق، من (10)(كلاهما عن محمد بن بكر) الأزدي البرساني أبو عثمان البصري، صدوق، من (9)(ح قال وحدثني هارون بن عبد الله) بن مروان البغدادي، ثقة، من (10)(حدثنا حجاج بن محمد) الأعور البغدادي ثم المصيصي، ثقة، من (9)(ح قال وحدثني حجاج) بن يوسف بن حجاج الثقفي أبو محمد البغدادي المعروف بـ (ابن الشاعر) ثقة، من (11)(ومحمد بن رافع) القشيري أبو عبد الله النيسابوري، ثقة، من (11)(قالا حدثنا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني (وألفاظهم متقاربة) أي وألفاظ هؤلاء الثلاثة المذكورين من محمد بن بكر وحجاج بن محمد وعبد الرزاق بن همام متقاربة (قالوا) أي قال كل من الثلاثة حالة

ص: 43

جَمِيعًا: عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ. قَال: أخبَرَنِي الْمُغِيرَةُ بن حَكِيمِ عَنْ أُمً كُلثُومِ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ؛ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالتْ: أَعْتَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيلَةٍ. حَتَّى ذَهَبَ عَامَّةُ اللَّيلِ. وَحَتَّى نَامَ أَهْلُ الْمَسجِدِ. ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى. فَقَال: "إِنَّهُ لَوَقْتُهَا

ــ

كونهم (جميعا) أي مجتمعين على الرواية (عن) عبد الملك بن عبد العزيز (بن جريج) الأموي المكي، ثقة، من (6)(قال أخبرني المغيرة بن حكيم) بفتح الحاء الأبناوي نسبة إلى أبناء فارس الصنعاني، روى عن أم كلثوم بنت أبي بكر وابن عمر وأبي هريرة وطاوس وغيرهم، ويروي عنه (م ت س) وابن جريج ومجاهد وهو أكبر منه ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، وثقه النسائي والعجلي وابن معين، وقال في التقريب: ثقة، من الرابعة (4)(عن أم كلثوم بنت أبي بكر) الصديق التيمية المدنية، توفي أبوها وهي حمل، وقال في التقريب: ثقة، من الثانية (أنها) أي أن أم كلثوم (أخبرته) أي أخبرت للمغيرة بن حكيم (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذه الأسانيد الثلاثة كلها من السداسيات، غرضه بسوقها بيان متابعة أم كلثوم لعروة بن الزبير في رواية هذا الحديث عن عائشة رضي الله تعالى عنها (قالت) عائشة (أعتم) أي أخر (النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة) أي ليلة من الليالي العشاء على وقت العتمة وهي ظلمة الليل (حتى ذهب) ومضى (عامة الليل) أي كثير منه وليس المراد أكثره، ولا بد من هذا التأويل لقوله صلى الله عليه وسلم:"إنه لوقتها" ولا يجوز أن يكون المراد بهذا القول ما بعد نصف الليل لأنه لم يقل أحد من العلماء أن تأخيرها إلى ما بعد نصف الليل أفضل اهـ من النواوي (وحتى نام أهل المسجد) قال النواوي: هذا محمول على نوم لا ينقض الوضوء وهو نوم الجالس ممكنًا مقعده من الأرض (ثم خرج) إلى المسجد (فصلى) بهم صلاة العشاء (فقال أنه) أي إن هذا الوقت (لوقتها) المختار أو الأفضل ففيه تفضيل تأخيرها، وأن الغالب كان تقديمها وإنما قدمها للمشقة في تأخيرها، ومن قال بتفضيل التقديم قال لو كان التأخير أفضل لواظب عليه ولو كان فيه مشقة، ومن قال بالتأخير قال قد نبه على تفضيل التأخير بهذا اللفظ، وصرح بأن ترك التأخير إنما هو للمشقة، ومعناه والله أعلم أنه خشي أن يواظبوا عليه فيفرض عليهم ويتوهموا إيجابه فلهذا تركه كما ترك صلاة التراويح، وعلل تركها بخشية افتراضها والعجز عنها، وأجمع العلماء على استحبابها لزوال العلة التي خيف منها وهذا المعنى موجود في العشاء اهـ من النواوي.

ص: 44

لَوْلا أَن أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي" وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزاقِ: "لَوْلَا أَن يَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي".

1338 -

(603)(14) وحدَّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: (قَال إِسْحَاقُ: أخْبَرَنَا. وَقَال زُهَيرٌ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ)، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ؛ قَال: مَكَثْنَا ذَاتَ لَيلَةِ نَنتَظِرُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِصَلاةِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ. فَخَرَجَ إِلَينَا حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيلِ أَوْ بَعْدَهُ. فَلا نَدْرِي أَشَيءٌ شَغَلَهُ في أهلِهِ

ــ

(لولا أن أشق على أمتي) أي لولا خوف إدخالي مشقة التأخير على أمتي لأخرتها إلى هذا الوقت، فجواب لولا محذوف لدلالة ما قبله عليه، ومذكور في رواية البخاري بقوله الأمرتهم أن يصلوها هكذا" أي في هذا الوقت (وفي حديث عبد الرزاق) وروايته (لولا) مخافة (أن يشق) التأخير (على أمتي) لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى هذا الوقت والفعل في هذه الرواية مسند إلى التأخير، وفي الرواية الأولى مسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عائشة بحديث ابن عمر رضي الله عنهم فقال:

1338 -

(603)(14)(وحدثني زهير بن حرب) النسائي (وإسحاق بن إبراهيم) المروزي (قال إسحاق: أخبرنا، وقال زهير: حدثنا جرير) بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي، ثقة، من (8)(عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي الكوفي، ثقة، من (5)(عن الحكم) بن عتيبة الكندي الكوفي، ثقة، من (5)(عن نافع) مولى ابن عمر أبي عبد الله المدني، ثقة، من (3)(عن عبد الله بن عمر) العدوي المكي رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد مكي وواحد مدني وواحد إما نسائي أو مروزي (قال) ابن عمر (مكثنا) بفتح الكاف وضمها؛ أي لبثنا في المسجد (ذات ليلة) أي ليلة من الليالي، حالة كوننا (فنتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم أي خروجه إلى المسجد الصلاة العشاء الآخرة) فيه دليل على جواز وصفها بالآخرة، وأنه لا كراهة فيه خلافًا لما حكي عن الأصمعي من الكراهة (فخرج إلينا حين ذهب) ومضى (ثلث الليل) وتم (أو) خرج (بعده) أي بعد تمام ثلث الليل بقليل، والشك من الراوي (فلا ندري) ولا نعلم (1) آخره (شيء شغله في أهله) عن تقديمها المعتاد

ص: 45

أَوْ غَيرُ ذلِكَ. فَقَال حِينَ خَرَجَ: "إِنَّكُمْ لَتَنْتَظِرُونَ صَلاةً مَا يَنْتَظِرُهَا أَهْلُ دِينٍ غَيرُكُمْ. وَلَوْلا أَنْ يَثْقُلَ عَلَى أُمَّتِي لَصَلَّيتُ بِهِمْ هَذِهِ السَّاعَةَ" ثُمَّ أَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَقَامَ الصَّلاةَ وَصَلَّى.

1339 -

(00)(00) وحدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيج. أَخْبَرَنِي نَافِعٌ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ؛ أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم شُغِلَ عَنْهَا لَيلَةً فَأَخرَهَا. حَتى رَقَدْنَا في الْمَسْجِدِ

ــ

كالمحادثة معهم (أو) آخره (غير ذلك) كتجهيز جيش أو تعليم جاهل أو قصد تأخيرها لإحياء طائفة كثيرة من أول الليل بالسهر في العبادة التي هي انتظار الصلاة، وغير بالرفع عطف على شيء، وبالجر عطف على أهله قاله علي القاري (فقال حين خرج) إلينا من الحجرة الشريفة (إنكم) أيها المؤمنون (لتنتظرون صلاة) أي جماعة صلاة (ما ينتظرها) في هذا الوقت (أهل دين) من الأديان (غيركم) فلكم خصوصية بثواب انتظارها (ولولا) خوف (أن يثقل) ويشق (على أمتي) فعلها في هذه الساعة الصليت بهم هذه الساعة) في كل ليلة على الدوام (ثم) بعدما قال هذا القول (أمر المؤذن) يعني بلالًا أن يقيم للصلاة (فأقام الصلاة) أي أقام المؤذن للصلاة (وصلى) بهم النبي صلى الله عليه وسلم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 88] والبخاري [570]، وأبو داود [420]، والنسائي [1/ 267 - 268].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

1339 -

(00)(00)(وحدثني محمد بن رافع) القشيري النيسابوري (حدثنا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني (أخبرنا ابن جريج) الأموي المكي (أخبرني نافع) العدوي مولاهم المدني (حدثنا عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة ابن جريج للحكم بن عتيبة في رواية هذ الحديث عن نافع (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شغل عنه) أي عن الخروج إلى صلاة العشاء أي شغله شاغل ومنعه عارض عن الخروج إلى المسجد لصلاة العشاء اليلة) من الليالي (فأخرها) أي فأخر الخروج إليها عن عادته (حتى رقدنا) ونمنا (في المسجد) أي قعودًا ممكنين المقعدة أو مضطجعين غير مستغرقين في النوم، أو مستغرقين ولكنهم توضئوا،

ص: 46

ثُمَّ اسْتَيقَظْنَا. ثُمَّ رَقَدْنَا. ثُمَّ اسْتَيقَظْنَا. ثُمَّ خَرَجَ عَلَينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَال:"لَيسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأرْضِ، اللَّيلَةَ، يَنْتَظِرُ الصَّلاةَ غَيرُكُمْ".

1340 -

(604)(15) وحدَّثني أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعِ الْعَبْدِيُّ. حَدَّثنَا بَهْزُ بْنُ أسَدٍ الْعَمِّيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ؛ أَنَّهُمْ سَألُوا أَنَسًا عَنْ خَاتَمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَال: أَخَّرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيلَةٍ الْعِشَاءَ إِلَى شَطرِ اللَّيلِ. أَوْ كَادَ يَذْهَبُ شَطرُ اللَّيلِ. ثُمَّ جَاءَ فَقَال: "إِن النَّاسَ قَد صَلَّوْا وَنَامُوا. وَإِنَّكُمْ

ــ

ولم ينقل اكتفاء بأنهم لا يصلون إلا متوضئين (ثم استيقظنا) من نومنا (ثم رقدنا) مرة ثانية لطول الانتظار (ثم استيقظنا) من النوم الخفيف كالنعاس مع الإشعار، يقال استيقظ من سنته وغفلته، أو هو على ظاهره من الاستغراق وعدم الشعور (ثم خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحجرة الشريفة (ثم قال ليس أحد من أهل الأرض) هذه (الليلة) أي هذه الساعة (ينتظر الصلاة) جماعة (غيركم) أيها المصلون معي فلكم خصوصية بثواب انتظارها.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها بحديث أنس رضي الله تعالى عنه فقال:

1340 -

(604)(15)(وحدثني أبو بكر) محمد بن أحمد (بن نافع العبدي) البصري، صدوق، من (10)(حدثنا بهز بن أسد العمي) -بفتح العين وتشديد الميم- نسبة إلى بني عم بن مرة بن وائل، أبو الأسود البصري، ثقة، من (9)(حدثنا حماد بن سلمة) بن دينار التميمي البصري، ثقة، من (8)(عن ثابت) بن أسلم البناني أبي محمد البصري، ثقة، من (4)(أنهم) أي أن ثابتًا ومن معه (سألوا أنسًا) ابن مالك الأنصاري البصري رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون (عن خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم أي صفته ونوعه وموضعه (فقال) أنس (أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة) أي ليلة من الليالي (العشاء التي) ذهاب (شطر الليل) ونصفه أي إلى تمام نصفه (أو كاد يذهب شطر الليل) أي أو إلى أن كاد الليل يذهب شطره ولكن لم يتم شطره، والشك من الراوي (ثم جاء) إلينا مما شغل به (فقال (إن الناس) المعهودين بالصلاة وهم المسلمون (قد صلوا وناموا وإنكم) أيها المنتظرون

ص: 47

لَمْ تَزَالُوا في صَلاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلاةَ". قَال أَنَسٌ: كَأني أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ مِنْ فِضةٍ. وَرَفَعَ إِصبَعَهُ الْيُسْرَى بِالْخِنْصِرِ.

1341 -

(00)(00) وحدَّثني حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. حَدَّثَنَا أبُو زيدٍ سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ. حَدَّثنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدِ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛

ــ

لي (لم تزالوا في) ثواب (صلاة ما انتظرتم الصلاة) أي مدة انتظاركم الصلاة جماعة (قال أنس) بالسند السابق (كأني أنظر) الآن (إلى وبيص خاتمه) صلى الله عليه وسلم أي إلى بريقه ولمعانه حالة كونه (من فضة) وجملة التشبيه مقول لقال أنس، وجملة (ورفع) أنس (إصبعه اليسرى) حال من أنس، وقوله (بالخنصر) متعلق بمحذوف حال من فاعل رفع، والتقدير قال أنس كاني انظر الآن .. إلخ، والحال أن أنسًا قد رفع إصبع يده اليسرى، حالة كونه مشيرًا بالخنصر إلى أن خاتمه صلى الله عليه وسلم كان في خنصر يده اليسرى، وهذا الذي رفع إصبعه هو أنس رضي الله عنه. قال القرطبي: وهذا دليل على جواز اتخاذ خاتم الفضة وعلى جعله في اليد اليسرى وهو الأفضل والأحسن عند مالك، وقال القاضي: وفيه تختم الرجال، قال النواوي: خاتم هو بكسر التاء وفتحها، ويقال خاتام وخيتام أربع لغات، وفيه جواز لبس خاتم الفضة للرجال وهو إجماع المسلمين اهـ. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [572] والنسائي [1/ 268] وابن ماجه [692].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

1341 -

(00)(00)(وحدثني حجاج) بن يوسف الثقفي المعروف بـ (ابن الشاعر) البغدادي الرحال، ثقة، من (11)(حدثنا أبو زيد سعيد بن الربيع) العامري الحرشي بفتح المهملتين البصري الهروي، وإنما قيل له الهروي لأنه كان يتجر في الثياب الهروية، روى عن قرة بن خالد في الصلاة، وشعبة في الزكاة، وسعيد بن أبي عروبة، ويروي عنه (خ م ت س) وحجاج بن الشاعر ومحمد بن بشار وغيرهم، وثقه أحمد، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من صغار التاسعة، مات سنة (211) إحدى عشرة ومائتين (حدثنا قرة بن خالد) السدوسي أبو خالد البصري، ثقة ضابط، من السادسة، روى عنه في (13) بابا (عن قتادة) بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، من (4)(عن أنس بن مالك) الأنصاري رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته

ص: 48

قَال: نَظَرْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيلَةً. حَتى كَانَ قَرِيبٌ مِن نِصْفِ اللَّيلِ. ثُمَّ جَاءَ فَصَلَّى. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَينَا بِوَجْهِهِ. فَكَأنَّمَا أَنظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ، في يَدِهِ، مِنْ فِضَّةٍ.

1342 -

(00)(00) وحدَّثني عَبْدُ اللهِ بن الصَّبَّاحِ العَطَّارُ. حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ بْنُ عَبدِ الْمَجِيدِ الحَنَفِيُّ

ــ

رجاله كلهم بصريون إلا حجاج بن الشاعر فإنه بغدادي، غرضه بيان متابعة قتادة لثابت البناني، وكرر المتن لبيان محل المخالفة (قال) أنس (نظرنا) أي انتظرنا يقال: أنظرته وانتظرته بمعنى (رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة) من الليالي (حتى كان) وحصل زمن (قريب من نصف الليل) برفع قريب على أن كان تامة، قال النواوي: هكذا هو في بعض الأصول قريبٌ، وفي بعضها "قريبًا" على أن كان ناقصة وكلاهما صحيح، وتقدير المنصوب حتى كان الزمان قريبًا من نصف الليل (ثم جاء) مما كان مشغولًا به (فصلى) بنا العشاء (ثم أقبل علينا بوجهه) الشريف، قال أنس (فكأنما أنظر) الآن (إلى وبيص خاتمه) أي بريقه ولمعانه، حالة كونه (في) خنصر (يده) اليسرى، وحالة كونه مصبوغًا (من فضة).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

1342 -

(00)(00)(وحدثني عبد الله بن الصباح) بن عبد الله الهاشمي مولاهم (العطار) البصري، روى عن عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي في الصلاة، وهشيم ومعتمر بن سليمان، ويروي عنه (خ م د ت س) وابن خزيمة وابن صاعد وغيرهم، وثقه النسائي، وقال أبو حاتم: صالح، وقال في التقريب: ثقة، من كبار العاشرة، مات سنة (250) خمسين ومائتين (حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي) أبو علي البصري، روى عن قرة بن خالد في الصلاة، وسلم بن زرير في الصلاة، ورباح بن أبي معروف في الحج، وإسماعيل بن مسلم في الحج، وسليم بن حيان في البيوع، وعكرمة بن عمار في الجهاد، ومالك بن أنس في دلائل النبوة، ويروي عنه (ع) وعبد الله ابن الصباح العطار وأحمد بن سعيد الدارمي وإسحاق بن منصور وحجاج بن الشاعر وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي وغيرهم، وثقه العجلي وابن قانع، وقال في التقريب:

ص: 49

حَدَّثَنَا قُرَّةُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَلَمْ يَذْكُر: ثُمَّ أَقبَلَ عَلَينَا بِوَجْهِهِ.

1343 -

(605)(16) وحدَّثنا أَبُو عَامِرٍ الأَشْعَرِيُّ وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى. قَال: كُنْتُ أَنَا وَأَصْحَابِي، الَّذِينَ قَدِمُوا مَعِي في السَّفِينَةِ، نُزُولًا في بَقِيعِ بُطْحَانَ. وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ. فَكَانَ يَتَنَاوَبُ

ــ

صدوق، من التاسعة، مات سنة (209) تسع ومائتين (حدثنا قرة) بن خالد السدوسي البصري (بهذا الإسناد) يعني عن قتادة عن أنس، غرضه بيان متابعة عبيد الله لأبي زيد في رواية هذا الحديث عن قرة (و) لكن (لم يذكر) عبيد الله جملة قوله (ثم أقبل علينا بوجهه).

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث عائشة بحديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهما فقال:

1343 -

(605)(16)(وحدثنا أبو عامر الأشعري) عبد الله بن براد -بفتح الموحدة والراء المشددة- بن يوسف بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري الكوفي، صدوق، من (10)(وأبو كريب) محمد بن العلاء بن كريب الهمداني الكوفي، ثقة، من (10)(قالا حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي، ثقة، من (9)(عن بريد) بن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري أبي بردة الكوفي، روى عن جده أبي بردة في مواضع كثيرة في الإيمان والصلاة وغيرهما، ويروي عنه (ع) وأبو أسامة وأبو معاوية وابن المبارك، ثقة، من (6)(عن أبي بردة) عامر بن عبد الله بن قيس أبي موسى الأشعري الكوفي، ثقة، من (2) روى عنه في (4) أبواب (عن أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري الصحابي المشهور رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون (قال) أبو موسى كنت أنا وأصحابي) معطوف على اسم كان لحصول الشرط أي كنت أنا ورفقتي (الذين قدموا معي) من الحبشة (في السفينة) بعدما هاجرنا إليها (نزولا) جمع نازل كشهود وشاهد، منصوب على أنه خبر كان أي كنا نازلين (في بقيع بطحان) واد بالمدينة، والبقيع من الأرض المكان المتسع، قال ابن الأثير: ولا يسمى بقيعًا إلا وفيه شجر أو أصولها، وبطحان -بضم الموحدة وسكون الطاء- اسم موضع بعينه (ورسول الله صلى الله عليه وسلم نازل (بالمدينة فكان يتناوب) ويأتي

ص: 50

رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ صَلاةِ الْعِشَاءِ، كُلَّ لَيلَةٍ، نَفَرْ مِنْهُمْ. قَال أبُو مُوسَى: فَوَافَقْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَأَصْحَابِي. وَلَهُ بَعْضُ الشُّغْلِ في أَمْرِهِ. حَتَّى أَعْتَمَ بِالصَّلاةِ. حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيلُ. ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِهِمْ. فَلَمَا قَضَى صَلاتَهُ قَال لِمَنْ حَضَرَهُ: "عَلَى رِسْلِكُمْ. أُعْلِمُكُمْ،

ــ

(رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده (عند صلاة العشاء كل ليلة نفرٌ منهم) أي جماعة من رفقتي، ويتناوب تفاعل من النوب، وأصل النوب البعد غير الكثير كفرسخين أو ثلاثة، وقيل يتناوب بمعنى يتداول أي يأتونه من بعد في أوقات متفرقة غير مجتمعين عند صلاة العشاء ليصلوا معه، والنفر قوم من ثلاثة إلى تسعة وهو فاعل يتناوب أي يأتيه كل ليلة عدة رجال متناوبين غير مجتمعين، قال أبو بردة (قال أبو موسى) الأشعري (فوافقنا رسول الله) بالنصب صلى الله عليه وسلم أنا) تأكيد لضمير الفاعل (وأصحابي) معطوف على فاعل وافقنا أي وافق حضورنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (وله) صلى الله عليه وسلم (بعض الشغل في أمره) أي بعض الاشتغال في حاجته أي وافقه حضورنا، والحال أنه مشغول في بعض مهماته كتجهيز الجيش كما في معجم الطبراني من وجه صحيح (حتى أعتم) أي فأعتم (بالصلاة) أي فاخر صلاة العشاء إلى عتمة الليل أي ظلمته، وحتى هنا بمعنى الفاء كما في رواية البخاري ليكون ما بعده غاية له أي فأعتم العشاء (حتى ابهارَّ الليل) أي أنصف الليل، وبُهْرة كل شيء بضم الباء وسكون الهاء وسطه، وقيل معنى (ابهار الليل) أي طلعت نجومه واستنارت، والأول أكثر كذا في النهاية، وقيل ابهار الليل ذهبت عامته وبقي نحو من ثلثه وهو سداسي من مزيد الثلاثي، وبناؤه للمبالغة في معنى الثلاثي، وفي القسطلاني (ابهار الليل) -بهمزة وصل ثم موحدة ساكنة فهاء فالف فراء مشددة- أي انتصف أو طلعت نجومه واشتبكت أو كثرت ظلمته، ويؤيد المعنى الأول رواية حتى إذا كان قريبًا من نصف الليل؛ والمعنى أخر الصلاة عن أول وقتها حتى انتصف الليل (ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحجرة الشريفة إلى المسجد (فصلى بهم فلما قضى صلاته) أي أتمها وفرغ منها (قال لمن حضره) أي لمن حضر الصلاة معه (على رسلكم) -بكسر الراء وفتحها مع سكون السين- فيهما لغتان، والكسر أفصح وأشهر، اسم فعل أمر بمعنى تأنوا وتمهلوا ولا تستعجلوا للخروج (أعلمكم) -بضم الهمزة- من أعلم الرباعي يتعدى إلى ثلاثة مفاعيل الأول منها

ص: 51

وَأَبشِرُوا، أن مِنْ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيكُم أَنَّهُ لَيسَ مِنَ النَّاسِ أحَدٌ، يُصَلَّي هَذِهِ السَّاعَةَ، غَيرُكُمْ" أوْ قَال:"مَا صَلَّى، هَذِهِ السَّاعَةَ، أحَدٌ غَيرُكُم"(لا نَدْرِي أيَّ الكَلِمَتَينِ قَال). قَال أبُو مُوسَى: فَرَجَعْنَا فَرِحِينَ بِمَا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

1344 -

(606)(17) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. قَال: قُلْتُ لِعَطَاء: أَيُّ حِينٍ أحَبُّ إِلَيكَ

ــ

ضمير المخاطبين، والثاني والثالث سدت مسدهما جملة أن، وجملة (وأبشروا) بقطع الهمزة من أبشر الرباعي أو بهمزة وصل من بشر الثلاثي اهـ قسط، جملة معترضة بين أعلم ومفعوليها، وحقها التقديم على أعلمكم أي أبشروا بالأجر الجزيل على صلاتكم، وأعلمكم أي أخبركم (أنه من نعمة الله) تعالى (عليكم) والجار والمجرور خبر مقدم لأن قدم للاختصاص، وجملة (أنه ليس من الناس) اسمها مؤخر أي أن الشأن والحال ليس من الناس (أحد يصلي) العشاء (هذه الساعة غيركم) والمعنى إن من نعمة الله عليكم انفرادكم بهذه العبادة في هذا الوقت، قال أبو موسى (أو قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من نعمة الله عليكم أنه (ما صلى هذه الساعة أحد غيركم) قال أبو موسى (لا ندري) وفي رواية لا أدري بهمزة المتكلم أي لا نعلم (أي الكلمتين) منهما (قال) النبي صلى الله عليه وسلم، والشك من أبي موسى (قال أبو موسى) الأشعري رضي الله عنه (فرجعنا) من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وادي بطحان (فرحين) أي مسرورين (بما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أي من اختصاصنا بهذه العبادة التي هي نعمة عظيمة مستلزمة للمثوبة الجسيمة مع ما انضم لذلك من صلاتهم لها خلف نبيهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث عائشة رضي الله عنها بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:

1344 -

(606)(17)(وحدثنا محمد بن رافع) القشيري النيسابوري (حدثنا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني (أخبرنا) عبد الملك بن عبد العزيز (بن جريج) الأموي المكي (قال) ابن جريج (قلت لعطاء) بن أبي رباح -بفتح الراء والموحدة- اسمه أسلم القرشي مولاهم المكي (أي حين) أي أي وقت (أحب إليك) أي وقت أكثر

ص: 52

أَنْ أُصَلِّيَ الْعِشَاءَ، الَّتِي يَقُولُهَا النَّاسُ الْعَتَمَةَ، إِمَامًا وَخِلوًا؟ قَال: سَمِعْتُ ابنَ عَبَّاسٍ

يَقُولُ: أَعْتَمَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيلَةِ الْعِشَاءَ قَال: حَتَّى رَقَدَ نَاسٌ وَاسْتَيقَظُوا. وَرَقَدُوا وَاسْتَيقَظُوا. فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطاب فَقَال: الصَّلاةَ. فَقَال عَطَاءٌ: قَال ابْنُ عَبَّاسِ: فَخَرَجَ نَبِي اللهِ صلى الله عليه وسلم كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيهِ الآنَ. يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً. وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى شِق رَأْسِهِ. قَال: "لَوْلا أَنْ يَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأمرْتُهُمْ أَنْ يُصلُّوهَا كَذلِكَ". قَال: فَاسْتَثْبَتُّ عَطَاء كَيفَ وَضَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ

ــ

محبوبية عندك لـ (أن أصلي العشاء) أي لأن أوقع صلاة العشاء (التي يقولها الناس) أي يسميها الناس (العتمة إماما) كنت (وخلوا) -بكسر الخاء وسكون اللام والواو بمعنى أو- أي منفردًا (قال) عطاء (سمعت ابن عباس) رضي الله عنهما، حالة كونه (يقول أعتم) أي أخر (نبي الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة) أي ليلة من الليالي (العشاء) أي صلاة العشاء إلى وقت العتمة أي ظلمة الليل (قال) ابن عباس أخرها إلى وقت العتمة (حتى رقد) ونام (ناس) حضروا المسجد للصلاة معه (واستيقظوا) بعد رقدتهم (ورقدوا) ثانيًا (واستيقظوا) كذلك أي ناموا وانتبهوا مرة بعد مرة في حال انتظارهم إياه (فقام عمر بن الخطاب فقال) احضر (الصلاة) يا رسول الله فإن الناس قد ناموا، فالصلاة منصوبة على الإغراء (فقال عطاء) بن أبي رباح (قال ابن عباس فخرج نبي الله صلى الله عليه وسلم من الحجرة الشريفة على المسجد حين سمع عمر، قال ابن عباس فلـ (كأني أنظر إليه) صلى الله عليه وسلم (الآن) وأراه اليوم، حالة كونه (يقطر) ويمطر (رأسه ماء) من غسلته، حالة كونه (واضعًا يده) أي كفه (على شق رأسه) أي على جانب رأسه وقرنه يعصر ماء الغسالة من شعره الشريف، ثم (قال) نبي الله صلى الله عليه وسلم (لولا) خوف (أن يشق) وثقل تأخير صلاة العشاء (على أمتي لأمرتهم أن) يؤخروها و (يصلوها) أي يصلوا العشاء (كذلك) أي مؤخرين تأخيرًا مثل تأخيري هذا، واستعار اسم إشارة البعيد للقريب تنْزيلًا للبعد الرتبي منزلة البعد الحسي، والأصل أن يصلوها هكذا كما هو في رواية البخاري، أي مؤخرين مثل تأخيري هذا والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ ما قاله العبد المهين (قال) ابن جريج (فاستثبت عطاء) أي طلبت من عطاء التثبت والتيقن في معرفة (كيف وضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على رأسه) حين خرج إليهم أي طلبت منه اليقين في معرفة كيفية وضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على رأسه وإخبارها لي

ص: 53

كَمَا أَنْبَأَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. فَبَدَّدَ لِي عَطَاءٌ بَينَ أصَابِعِهِ شَيئًا مِنْ تَبْدِيلًا. ثُمَّ وَضَعَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ عَلَى قَرْنِ الرَّأْسِ. ثُم صَبَّهَا. يُمِرُّهَا كَذلِكَ عَلَى الرَّأْسِ حَتَّى مَسَّتْ إِبْهَامُهُ طَرَفَ الأذُنِ مِمَّا يَلِي الْوَجْهَ. ثُمَّ عَلَى الصُّدْغِ وَنَاحِيَةِ اللِّحْيَةِ، لا يُقَصِّرُ وَلا يَبْطِشُ بِشَيءٍ. إِلا كَذلِكَ. قُلْتُ لِعَطَاءٍ: كَمْ ذُكِرَ لَكَ أَخَّرَهَا النبِي صلى الله عليه وسلم لَيلَتَئِذٍ؟ قَال: لَا أَدْرِي. قَال عَطَاء: أَحَبُّ إِليَّ أَنْ أُصَلِّيَهَا، إِمَامًا

ــ

(كما أنبأه) أي كما أنبأ عطاءً وأخبره (ابن عباس) وأراه كيفيته (فـ) أجابني عطاء إلى ما سألته و (بدد لي عطاء) - بالباء الموحدة والدال المكررة المشددة أولاهما -أي فرق عطاء لأجل بيان كيفية ذلك الوضع لي (بين أصابعه شيئًا) قليلًا (من تبديد) أي من تفريق (ثم وضع) عطاء (أطراف أصابعه على ترن الرأس) أي على جانب رأسه (ثم صبها) أي صب أصابعه وألصقها على رأسه، حالة كونه (يمرها) أي يمر أصابعه ويحركها ويجريها، حالة كونها (كذلك) أي مبددة مفرقة (على الرأس) متعلق بيمرها أي يمر على الرأس، حالة كونها كائنة كذلك أي مفرقة مبددة شيئًا من تبديد، وقوله (حتى) غاية لإمرارها أي يمرها على الرأس حتى نزلها من الرأس و (مست إبهامه طرف الأذن) حالة كون ذلك الطرف (مما يلي الوجه) وأقبله من الأذن، وقوله (ثم على الصدغ) معطوف على قوله الرأس؛ أي حالة كونه يمرها على الرأس، ثم يمرها على الصدغ (وناحية اللحية) أي وعلى جانب اللحية، والصدغ ما بين العذار والنزعة أي الموضع المنخفض فوق عظم العذار ودون النزعة، حالة كون عطاء (لا يقصِّر) بتشديد الصاد من التقصير أي لا يبطئ في إمرارها على الرأس بشيء من التقصير (ولا يبطش) بضم الياء وكسر الطاء من الإبطاش، وبفتح الياء وضم الطاء من البطش كلاهما بمعنىً واحد أي لا يبطش ولا يستعجل في إمرارها (بشيء) من البطش والاستعجال (إلا) أنه يمرها (كذلك) أي إمرارًا بين ذلك؛ أي إمرارًا وسطًا بين التقصير والبطش أي بين البطء والعجلة.

قال ابن جريج (قلت لعطاء: كم) ساعات (ذكر) وأخبر (لك) أنه (أخرها) أي أخر الصلاة (النبي صلى الله عليه وسلم إليها (ليلتئذ) أي ليلة إذ أعتم بهم العشاء أي كم ساعات ذكر لك أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر الصلاة إليها ليلة إذ أخر بهم الصلاة (قال) عطاء (لا أدري) أي لا أعلم إلى كم ساعات أخرها ولا سمعت (قال عطاء) ولكن (أحب الي) أي أكثر محبوبية عندي خبر مقدم لقوله (أن أصليها) أي العشاء (إمامًا

ص: 54

وَخِلْوًا، مُؤَخَّرَةً. كَمَا صَلَّاهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيلَتَئِذِ. فَإِنْ شَقَّ عَلَيكَ ذلِكَ خِلْوًا أَوْ عَلَى النَّاسِ في الْجَمَاعَةِ، وَأَنْتَ إِمَامُهُمْ. فَصَلْهَا وَسَطًا. لا مُعَجَّلَةً وَلا مُؤَخَّرَةً.

1345 -

(607)(18) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ، (قَال يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثنَا أبُو الأَحْوَصِ)، عَنْ سِمَاكٍ،

ــ

وخلوا) حالان من فاعل أصليها، و (مؤخرة) حال من مفعوله أي فعلها، حالة كونها مؤخرة عن أول وقتها، وحالة كوني إمامًا للناس أو منفردًا (كما صلاها النبي صلى الله عليه وسلم ليلتئذ) مؤخرة عن أول وقتها أحب إلي من فعلها مقدمة في أول وقتها، قال عطاء (فإن شق) وثقل (عليك ذلك) أي فعلها مؤخرة عن أول وقتها حالة كونك (خلوًا) أي منفردًا عن الجماعة (أو) شق ذلك التأخير (على الناس) المصلين معك (في) ما إذا صليت مع (الجماعة وأنت) أي والحال أنك (إمامهم فصلها) جواب إن الشرطية؛ أي فصل العشاء حالة كونها (وسطا) أي متوسطة بين التقديم والتأخير، وقوله (لا معجلة) في أول وقتها (ولا مؤخرة) عنه تأخيرًا بالغًا، تفسير لقوله وسطًا أي صلها حالة كونها غير معجلة ولا مؤخرة؛ أي صلها في الوقت المختار لها، وهو وسط الوقت. وسند هذا الحديث من خماسياته رجاله اثنان منهم مكيان وواحد طائفي وواحد صنعاني وواحد نيسابوري. وشارك المؤلف في روايته، البخاري رواه في الصلاة [571] وأبو داود رواه في الطهارة، والله أعلم. تأمل فإن المحل محل زلت فيه الأقدام وأخطأ الكرام.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى خامسًا لحديث عائشة بحديث جابر بن سمرة رضي الله عنهم فقال:

1345 -

(607)(18)(حدثنا يحيى بن يحيى) بن بكير التميمي أبو زكريا النيسابوري، ثقة، من (10) روى عنه في (19) بابا (وقتيبة بن سعيد) بن جميل بن طريف الثقفي أبو رجاء البغلاني، ثقة، من (10) روى عنه في (7) أبواب تقريبًا (وأبو بكر) عبد الله بن محمد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي بموحدة مولاهم الكوفي، ثقة، من (10) روى عنه في (16) بابا (قال يحيى: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا أبو الأحوص) سلام بن سليم الحنفي مولاهم الحافظ الكوفي، ثقة، من (7) روى عنه في (13) بابا (عن سماك) بن حرب بن أوس الذهلي أبي المغيرة الكوفي، صدوق، من (4)

ص: 55

عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ؛ قَال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُؤَخِّرُ صَلاةَ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ.

1346 -

(00)(00) وَحَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ. قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ؛ قَال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ نَحْوًا مِنْ صَلاتِكُمْ. وَكَانَ يُؤَخِّرُ الْعَتَمَةَ بَعْدَ صَلاتِكُمْ شَيئًا. وَكَانَ يُخِفُّ الصَّلاةَ. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ: يُخَفِّفُ

ــ

روى عنه في (14) بابا (عن جابر بن سمرة) رضي الله عنه بن جنادة السوائيّ -بضم المهملة وبالمد- الكوفي الصحابي المشهور، روى عنه في (5) أبواب. وهذا السند من رباعياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون إلا يحيى بن يحيى فإنه نيسابوري (قال) جابر بن سمرة (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخر صلاة العشاء الآخرة) عن أول وقتها إلى وقتها المختار، وهذا الحديث مما انفرد به المؤلف رحمه الله تعالى.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر بن سمرة رضي الله عنهما فقال:

1346 -

(00)(00)(وحدثنا قتيبة بن سعيد وأبو كامل) البصري فضيل بن حسين بن طلحة (الجحدري) ثقة، من (10) روى عنه في (6) أبواب (قالا حدثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي مشهور بكنيته، ثقة ثبت، من (7) روى عنه في (19) بابا (عن سماك) بن حرب الكوفي (عن جابر بن سمرة) الكوفي رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند أيضًا من رباعياته، غرضه بسوقه بيان متابعة أبي عوانة لأبي الأحوص في رواية هذا الحديث عن سماك بن حرب، وكرر متن الحديث لما في هذه الرواية من الزيادة الكثيرة ومن المخالفة في اللفظ (قال) جابر (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الصلوات) الخمس (نحوًا) أي قريبًا في الوقت والهيئات (من صلاتكم) التي صليتم بها الناس أيها الأئمة (وكان) صلى الله عليه وسلم (يؤخر العتمة) أي فعل صلاة العشاء (بعد) فعل (صلاتكم) الآن (شيئًا) من التأخير (وكان) صلى الله عليه وسلم (يخف الصلاة) بضم الياء وكسر الخاء؛ من الإخفاف مرادًا به التخفيف، ولكن لا يأتي الإخفاف بمعنى التخفيف لأن الإخفاف مصدر أخفَّه إذا ألبسه الخف (و) لكن (في رواية أبي كامل يخفف) بضم الياء وبفاءين أولاهما مشددة مكسورة؛ من التخفيف ضد التطويل

ص: 56

1347 -

(608)(19) وَحَدَّثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. قَال زُهَيرٌ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي لَبِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لا تَغْلِبَنَّكُمُ الأعرَابُ عَلَى اسْمِ صَلاتِكُمْ. أَلا إِنَّهَا الْعِشَاءُ

ــ

وهي أوضح؛ أي كان يخفف الصلاة ولا يطولها لأن صلاته صلى الله عليه وسلم كانت قصدًا.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى سادسًا لحديث عائشة بحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهم فقال:

1347 -

(608)(19)(وحدثني زهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي (و) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني أبو عبد الله المكي (قال زهير: حدثنا سفيان بن عيينة) الهلالي الكوفي (عن) عبد الله (بن أبي لبيد) -بفتح اللام- الثقفي الأخنسي مولاهم مولى الأخنس بن شريق من حلفاء بني زهرة أبي المغيرة المدني، وكان من عباد أهل المدينة، روى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن في الصلاة، والمطلب بن عبد الله، ويروي عنه (خ م د س ق) والسفيانان وابن إسحاق، وثقه العجلي وابن معين، وقال في التقريب: ثقة، رمي بالقدر، من السادسة، مات سنة (133) بضع وثلاثين ومائة بالمدينة، وكان من العباد المنقطعين قليل الحديث (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني (عن عبد الله بن عمر) العدوي المكي رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان مكيان وواحد كوفي أومكي ونسائي (قال) ابن عمر (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تغلبنكم الأعراب) يقال غلبه على كذا إذا غصبه منه، والأعراب -بفتح الهمزة - سكان البوادي، والأعرابي من كان من أهل البادية، والعربي منسوب إلى العرب وإن لم يكن بدويًا (على اسم صلاتكم ألا) أي انتبهوا واستمعوا ما أقول لكم (إنها) أي إن الصلاة التي غلبتكم الأعراب في اسمها (العشاء) الآخرة فالمعنى لا تغصب منكم الأعراب اسم العشاء وتعوض منه اسم العتمة، فالنهي في الظاهر للأعراب، وفي الحقيقة لهم فهو نهي لهم عن اتباع الأعراب في تسميتهم إياها عتمة لأن الله سبحانه وتعالى سماها عشاءً، وتسمية الله تعالى أولى من تسمية جهلة الأعراب اهـ من الأبي.

ص: 57

وَهُمْ يُعْتِمُونَ بِالإِبِلِ".

1348 -

(00)(00) وحدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛

ــ

قال القرطبي: والنهي عن اتباع الأعراب في تسميتهم العشاء عتمة إنما كان لئلا يعدل بها عما سماها الله تعالى به في كتابه إذ قال {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ} [النور: 58] فكان إرشادًا إلى ما هو أولى، وليس على جهة التحريم، ولا على أن تسميتها العتمة لا يجوز ألا ترى أنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أطلق عليها اسم العتمة إذ قال:"ولو يعلمون ما في العتمة والصبح" وقد أباح تسميتها بذلك أبو بكر وابن عباس رضي الله عنهم، وقيل إنما نهى عن ذلك تنزيهًا لهذه العبادة الشريفة الدينية عن أن يطلق عليها ما هو اسم لفعلة دنيوية وهي الحلبة التي كانوا يحلبونها في ذلك الوقت ويشهد لهذا قوله (وهم) الأعراب (يعتمون) أي يؤخرون صلاة العشاء إلى وقت العتمة؛ وهي ظلمة الليل (بالإبل) أي بسبب انشغالهم بالإبل وحلابها فيسمونها صلاة العتمة لدأب تأخيرهم إياها بسبب اشتغالهم بالإبل في أول وقتها فسموا أنتم العشاء باسمها الذي في كتاب الله تعالى وهو العشاء واعتادوا هذه التسمية حتى لا يغلب اصطلاحهم الجاهلي على اصطلاحكم الإسلامي، قال السندي في حواشي سنن ابن ماجه: المراد النهي عن إكثار اسم العتمة لا عن استعماله أصلًا فاندفع ما يتوهم من التنافي والتعارض بين أحاديث المنع والثبوت في استعمالاته صلى الله عليه وسلم كحديث "لو يعلمون ما في الصبح والعتمة لأتوهما ولو حبوًا" اهـ منه. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 10 و 19] وأبو داود [4984] والنسائي [1/ 270] وابن ماجه [704] ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

1348 -

(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي (حدثنا سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي (عن عبد الله ابن أبي لبيد) الكوفي (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) الزهري المدني (عن) عبد الله (بن عمر) العدوي المكي. وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم كوفيون وواحد مكي وواحد مدني، وغرضه بسوقه بيان متابعة سفيان الثوري لسفيان بن عيينة في رواية هذا

ص: 58

قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تَغْلِبَنَّكُمُ الأعرَابُ عَلَى اسْمِ صَلاتِكُمُ الْعِشَاءِ. فَإِنَّهَا، في كِتَابِ اللهِ، الْعِشَاءُ. وَإِنَّهَا تُعْتِمُ بِحِلابِ الإِبِلِ"

ــ

الحديث عن عبد الله بن أبي لبيد، وكرر متن الحديث لما في هذه الرواية من المخالفة للرواية الأولى (قال) ابن عمر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء) بالجر بدل من اسم صلاتكم أي لا تغصبنكم الأعراب اسم صلاتكم الذي هو العشاء وتعوض لكم عنه اسم العتمة فتتبعونهم في تسميتها عتمة (فإنها) أي فإن اسم صلاتكم فالكلام على حذف مضاف (في كتاب الله) العزيز (العشاء) حيث سماها بقوله سبحانه {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ} (وإنها تعتم) روي بالبناء للفاعل فالضميران حينئذ للأعراب؛ أي فإن الأعراب تعتم أي تؤخر صلاة العشاء إلى وقت العتمة وشدة الظلام بسبب اشتغالهم بحلاب الإبل، وروي بالبناء للمجهول، والضميران عليه للصلاة أي فإن صلاة العشاء تعتم أي تؤخر عندهم عن أول وقتها إلى وقت العتمة بسبب اشتغالهم (بحلاب الإبل) والحلاب وكذا الحلب والاحتلاب مصدر؛ وهو استخراج ما في الضرع من اللبن، وهذا أنسب هنا والمعنى أنهم يعتمون صلاة العشاء إلى وقت العتمة بسبب اشتغالهم بحلب النوق، ويأتي بمعنى المحلب كما مر في الطهارة، والمحلب -بكسر الميم - الإناء الذي يحلب فيه، ويفهم من عبارة ابن حجر إطلاق العتمة على الحلبة التي يحلبونها في ذلك الوقت، وعن بعضهم أن تلك الحلبة إنما كانوا يعتمدونها في زمان الجدب خوفًا من السؤال والصعاليك، فعلى هذا فهي فعلة دنيوية مكروهة ينبغي أن لا تطلق على فعلة دينية محبوبة اهـ من بعض الهوامش. قال الأبي: والفاء الأولى في الطريق الثاني علة للنهي، والفاء الثانية علة للتسمية أي لا تغلبنكم لأن الله سبحانه سماها عشاءً وهم سموها عتمة لأنهم يعتمون بحلاب الإبل فإنهم إنما يحلبونها بعد الشفق ومد الظلام، وهذا الوقت يسمى عتمة، وهو في اللغة مستفيض فأطلقته العرب على هذه الصلاة فجاء النهي عن اتباعهم في ذلك فهو موافق للآية ومعارض لحديث لو تعلمون وجوابه ما سبق اهـ منه.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب سبعة أحاديث الأول حديث عائشة ذكره للاستدلال وذكر فيه متابعتين، والثاني حديث ابن عمر الأول ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث حديث أنس ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين، والرابع حديث

ص: 59

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أبي موسى الأشعري ذكره للاستشهاد، والخامس حديث ابن عباس ذكره للاستشهاد، والسادس حديث جابر بن سمرة ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والسابع حديث ابن عمر الثاني ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة والله سبحانه وتعالى أعلم.

* * *

ص: 60