المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قال الوالد حياته - المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري (رحمه الله) - جـ ١

[عبد الأول بن حماد الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌ترجمة موجزة

- ‌ما جاء في صفحة مشكاة الرأي

- ‌كلمة المشرف على الصفحة

- ‌توجُّعٌ وعزاء

- ‌الأنصاري والحافظة العجيبة

- ‌عالمٌ فقدناه

- ‌شيخنا كلمات في ذكراك

- ‌بلغة القاصي والداني

- ‌كلية الشريعة تنعى فضيلة الشيخ حماد الأنصاري

- ‌نجم غاب عن سماء طيبة

- ‌رجال العلم في رثاء

- ‌الأنصاري.. علامة الحديث المعاصر

- ‌من هو حماد الأنصاري

- ‌حجة في الحديث وعلومه

- ‌من (تدا مكة) إلى بلاد الحرمين

- ‌أفنى حياته في سبيل العلم ونشره

- ‌كان محبًّا للسنة

- ‌ترك فراغًا:

- ‌رحابة ولين وتواضع

- ‌موسوعة علمية

- ‌مؤلفات الشيخ

- ‌أبناؤه

- ‌ماذا قالوا عنه؟ اشتهر بالعلم ومكتبته مفتوحة لطلبة العلم

- ‌الشيخ حماد الأنصاري محدث المدينة النبوية

- ‌ما جاء في مجلة (المجلة العربية)

- ‌نبذة عن حياته

- ‌نشأتُه وبداية طلبه العلم

- ‌هجرته إلى الحجاز ومواصلته طلب العلم

- ‌أهم أعماله ووظائفه

- ‌دروسه ومجالسُه

- ‌آثاره العلمية

- ‌الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله

- ‌ترجمة الشيخ

- ‌مميزات الشيخ حماد "رحمه الله

- ‌مؤلفات الشيخ

- ‌تلاميذه:

- ‌وفاته:

- ‌ترجمة الشيخ "رحمة الله عليه" بقلم: عبد العزيز آل حسين

- ‌ترجمة الشيخ "رحمة الله عليه" للوليد بن محمد العلي

- ‌ترجمة الشيخ للشيخ: محمد المجذوب رحمهما الله

- ‌دراسته

- ‌أثر البادية:

- ‌شيوخه المؤثرون:

- ‌علومه المفضلة:

- ‌نشاطه العلمي:

- ‌الحافظة العجيبة:

- ‌أهم الأحداث في حياة الشيخ:

- ‌نماذج من نظمه:

- ‌آراء تناقش:

- ‌العلامة المحدث الشيخ: أبو عبد اللطيف حماد بن محمد الأنصاري رحمه الله

- ‌نشأته وتلقيه للعلم وشيوخه

- ‌رحلته إلى المدينة:

- ‌عودة الشيخ إلى مكة:

- ‌شيوخه في الإجازة:

- ‌أسانيده إلى كتب الفهارس والإثبات:

- ‌إسناد حديث الرحمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌رحلاته وأسفارُه:

- ‌صلته بتدريس المتون:

- ‌مشاركته في المجالس العلمية

- ‌قوة الحافظة عند الشيخ "رحمه الله

- ‌عناية الشيخ بالعقيدة وأحوال العالم فيها:

- ‌رجوعه إلى أهل العلم فيما يُشكِل عليه:

- ‌مكتبته:

- ‌صلته بدور النشر والمكتبات وصلتها به:

- ‌مؤلفاته:

- ‌نماذج من نظمِه:

- ‌شهادة العلماء له:

- ‌تلاميذه:

- ‌منزله:

- ‌نصيحته لطلبة العلم والباحثين

- ‌نصحيته للشباب المسلم عمومًا:

- ‌رأيه في كيفية الوقوف أمام أعداء الإسلام:

- ‌نصيحة للمرأة:

- ‌نصيحته للمسلم الذي يسافر للخارج:

- ‌أهم ملامح التربية الإسلامية في شخصية المسلم عند الشيخ:

- ‌مرضه ووفاته:

- ‌أولاده:

- ‌ترجمة موجزة لفضيلة الشيخ: حماد الأنصاري رحمه الله

- ‌نسبه ومولده

- ‌نشأته وحياته العلمية ومشايخه:

- ‌أعمالُه ووظائفُه:

- ‌مؤلّفاتُه:

- ‌محدث المدينة المنورة الشيخ العلامة: حماد بن محمد الأنصاري رحمه الله

- ‌دراسته وشيوخه

- ‌تلاميذه:

- ‌عقيدته ومذهبه:

- ‌مؤلفاته:

- ‌العلامة حماد بن محمد الأنصاري ميراث وتراث

- ‌سياق النسب الشريف

- ‌وقفات مع سيرته:

- ‌لقاء أحد أجداد شيخنا الأعلى بالسيوطي "رحمهما الله

- ‌أدبه وشعرُه:

- ‌خصائص الأنصاري:

- ‌خدمته للتراث:

- ‌شيوخه وتلاميذه:

- ‌مكتبته:

- ‌رحلاته:

- ‌مرض الشيخ ووفاته:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مرثية تلميذٍ لشيخه:

- ‌اللقاء الذي أجرته جريدة المدينة مع الشيخ رحمه الله

- ‌الدراسات في الكتاتيب

- ‌الحلقات

- ‌كومندي والتنصير

- ‌السفرُ ليلاً

- ‌رؤية السيارات

- ‌إلى الخرطوم

- ‌بداية شراء الكتب

- ‌الوصول إلى المملكة

- ‌بدء التعليم والتدريس

- ‌البحث عن التراث

- ‌البرنامج بعد التقاعُد

- ‌دراسة ومراجعة القرآن

- ‌اللقاء الموسع الذي أجرته جريدة عكاظ مع الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله

- ‌عناوين عامة

- ‌نشأته

- ‌رفضت العلم (الكفر)

- ‌تيتمت مبكّرًا

- ‌الكتب والحفظ

- ‌أفارقة ومشارقة

- ‌مشكلات في طريق الحج

- ‌ما بين مكة والمدينة

- ‌رحلتي مع التدريس

- ‌صحوة علمية

- ‌مناهج اليوم وأمس

- ‌لستُ مع هذا الرأي

- ‌المنهج والتوجيه

- ‌الدعوة بالخير

- ‌خطرٌ تنصيري جامع

- ‌الجمعُ بين العلمين

- ‌مكتبة الشيخ

- ‌دراسة الحديث وفقه القرآن

- ‌محدث هذا العصر

- ‌مكتبة متجددة

- ‌في الرياض أكثر

- ‌خلافات لا بدّ منها

- ‌ابن باز محدّثا

- ‌لا تتبعوا السقطات

- ‌جهود علمية

- ‌مواعيد المكتبة

- ‌بين المدّ والجزر

- ‌أسلوب رخيص

- ‌لا طائل من الجدل

- ‌ملامح التربية

- ‌صمام الأمان

- ‌اللقاء الذي أجرته مجلة التوحيد مع الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله

- ‌عناوين عامة

- ‌الشيخ حامد الفقي وقصته مع الفلاّح

- ‌الأعداء يتربّصون بالإسلام

- ‌المصريون أساتذة الدنيا

- ‌مرحلتي الأخيرة في طلب العلم

- ‌مجلة التوحيد جيّدة ولا ينبغي أن تترك

- ‌لقاء مجلة المنهل مع الشيخ رحمه الله تعالى

- ‌الرحلات الأنصارية ونتائجها

- ‌رحلة سوريا

- ‌(الأربعاء)

- ‌استعداد للسفر:

- ‌رحلة المغرب العربي

- ‌الدين وأفريقيا الشمالية:

- ‌تنبيه:

- ‌خاتمة المطاف:

- ‌تقرير عن رحلة طلاّب الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية إلى المغرب وأسبانيا

- ‌المكتبة الملكية

- ‌مدريد:

- ‌الاسكوريال:

- ‌غرناطة:

- ‌المركز الإسلامي بمدريد:

- ‌مقترحات وطلبات:

- ‌محاضرة بعنوان لقاء مفتوح في مسجد اليحيوي بالمدينة النبوية

- ‌قال الوالد حياته

الفصل: ‌قال الوالد حياته

‌قال الوالد حياته

1-

قال الوالد:"حفظت كتاب اللغة للفيّومي (المصباح المنير) ؛ لأنّنا ملتزمون بحفظه في البلاد، وهو سهل.

وأصلُ هذا الكتاب: أن الفيّوميّ أخذ الكلمات الغريبة التي في كتب الفقه وضمّها في كتابه".

2-

سمعته يقول: "أنا مؤرّخ، لم أدخل بلدًا في الدنيا إلا كتبت تاريخَها، والله أعلم".

3-

سمعت الوالد يقول: "محمد بن تركي شيخي درستُ عليه". قلت: يعني: أول مرة.

4-

وسمعته يقول: "دخلتُ الرياض سنة 1374هـ".

5-

وسمعته يقول:"كنت أُدَرِّس (مقدمة ابن الصلاح) في الرياض في المعهد".

6-

سمعت الوالد يقول: "كنت كلما رأيتُ مخطوطة نسختُها".

7-

سمعت الوالد يقول: "كنتُ قبل مرض العيون أقرأ المخطوطات بجميع خطوطها".

8-

سمعت الوالد يقول: "العقيدة والتفسير وأصول الفقه والألفيّة كنت أُدرِّسها في الرياض، ويشاركني في التدريس منّاع القطّان".

9-

سمعت الوالد يقول: "دَرَّستُ العلومَ الخمسة في البلاغة".

10-

سمعت الوالد يقول: "كنا إذا اجتمعنا نحن طلبة العلم في البلاد لقراءة كتاب بصوت مرتفع للتدريب على القراءة الصحيحة بدون لحن نقول لمن أراد أن يقرأ: (إن الأرض مسبعة) أي: اعتبر نفسك غنمة بين سباع".

ص: 389

11-

سمعت الوالد يقول: "كنا نعطل في يوم الأربعاء والخميس والجمعة في البلاد، وكان الطالب يُضمُّ إلى المدرسة أي الحلقات وعمرُه سنتان".

12-

سمعته يقول: "تمنّيت لو حقّق مختصرا "الكامل" لابن عدي للدمياطي والمقريزي".

قلت: وقد تحققت واحدة من أمنياته، حيث حُقّق وطُبع "مختصر المقريزي" للكامل.

13-

سمعت الوالد يقول: "كنت أُدِرِّس التفسير في الرياض في المعهد، و"الطحاوية" كذلك".

14-

سمعت الوالد يقول: "وقفت على عشرين نسخة لكتاب "الكامل" لابن عدي ما منها واحدةٌ كاملة إلاّ النسخة التي عندي، وهي من تركيا، وهذه النسخة اشتريتُها من رجلٍ تركي أتى إلى المدينة وهو يحملها، فعرضها على الجامعة الإسلامية في أوّل افتتاحها، فاعتذرت عن شرائها لارتفاع ثمنها وثمنها ألف ريال، فعلِم الوالدُ بهذا الرجل فقال له: أنا إن شاء الله تعالى أشتريها منك، فذهب الوالد إلى أحد الناس ممن يعرف فاستدان منه ثمن هذه المخطوطة واشتراها من هذا الرجل، وعلمت الجامعة بهذا الفعل العجيب من هذا المحدِّث، فقال له الشيخ ابن باز: عجبًا فردٌ غلب جماعة، فقال الوالد: نعم، لأنّ المسألة مسألة رغبة، وأنا أعلم مدى أهميّة هذا الكتاب، والله أعلم".

15-

سمعته رحمه الله تعالى يقول: "رأيتُ حاجًّا وناسًا ملتفين حوله، وقد أخذوا عمامته وكانت بيضاء، مزّقوها، وبعضهم يأكلُها، فقلت لأحدهم: لماذا تأكل من هذه؟، فقال هذا الحاج نتبرّك بعمامته، فأردتّ أن أُفهمَه فأبى هو ومَن معه".

ص: 390

16-

سمعت الوالد يقول: "أيّ مخطوط صغير الحجم كنتُ أنسخه".

17-

وقال الوالد: "كتاب غير منظوم لا يُنظر فيه في أفريقيا".

18-

وقال الوالد: "سنة 1367هـ كنا نأتي المدينة على الجمال".

19-

قال الوالد: "قصة رفع اليدين في الدعاء كان عمري آنذاك 18 سنة وليس في يدي شعرة".

قلت: يعني قصة حصلت له وكانت سببًا في تأليفه لكتابٍ في أدلة رفع اليدين في الدعاء وهو مطبوع، والقصة مذكورة في مقدمة مؤلّفه هذا.

20-

قال الوالد: "تركتُ أفريقيا في سبيل طلب العلم".

21-

سمعت الوالد يقول: إنه حضر في مجلس فأراد منه أهل المجلس أن يُلقيَ كلمة فقال لهم: قبل الكلمة يقرأُ أحدكم شيئًا من القرآن.

22-

سمعت الوالد يقول: "أحفظ "عقود الجمان" و"الجوهر المكنون"".

23-

سمعت الوالد يقول: "بيني وبين البلاد 45 سنة أيّام الحرب العالمية الثانية".

24-

وسمعتُه يقول: "قال لي بعض الناس: ألا تسافر؟، فقلت: أنا الآن أقول كما قال ذاك الشّاعر:

ألقيت عصا التسيارِ من غير مرية".

قلت: وذلك عام 1412هـ.

25-

وقال: "قدمت إلى الحرمين وعمري تسعة عشر سنة ولا أحمل عندما خرجتُ إلا مصحَفًا، وكانت عندي مكتبةٌ في البلاد كلّها في الفقه المالكي، وهي مفيدة جدًّا، وهي لعمِّي".

ص: 391

26-

وقال: "كنت أيّام الشّباب نشيطًا في كتابة العلم والقراءة".

27-

وسمعتُه يقول: "صوّرت مخطوط "تاريخ دمشق" بسبعة آلاف ريال".

28-

وسمعتُه يقول: "أرسلت كتبي في تسعة صناديق محتوية على كتب العقيدة السلفية والحديث إلى البلاد (مالي) ".

29-

وسمعتُه يقول: "كنتُ إذا رأيت مخطوطًا فأعجبني جلست له حتى أنسخَه لنفسي، وقد نسختُ من ذلك كثيرًا".

30-

وسمعتُه يقول: "خطِّي مخضرَم". قلت: يعني خط مغربي مشرقي.

31-

وقال: "من يرى خطِّي الإفريقيّ الأول لا يستطيع قراءته".

32-

وكان إذا أراد أن يري أحدًا خطّه القديم أحضر له الدفتر الذي يحوي بين دفّتيه مسائل عن الهجرة، وأعطاه مرّة لأحد الطلاّب فقال له: اقرأ، فما استطاع أن يستمرّ في القراءة، بل كان يتوقّف كثيرًا.

33-

وقال: "خطوط أفريقيا متنوعة: خطّ مغربي، وخط نيجيريّ، وخطّ موريتاني".

34-

سمعته يقول: "البِيضُ في مالي على قسمين: العرب، والطوارق".

35-

وسمعتُه يقول في سنة 1412هـ: "يصعبّ عليّ قراءة الخطّ المغربي في بعض الأحيان مع أنِّي مغربي".

36-

وسمعتُه يقول: "شروح خليل كلها كانت عندي في البلاد".

37-

وسمعتُه يقول: "لما كنتُ في السودان نزلتُ على رجلٍ عالم جمع خصالاً كثيرة من الخير، وكنت أساعدُه على القضاء، وكان قاضيًا فقيهًا

ص: 392

مالكيًّا، وكنت أحفظُ الفقهَ المالكي مثل الفاتحة.

ولما أردت السفر والخروج من مدينة جنينه التي كان فيها قال لي: لا تخرج وأقم هنا أزوّجك ابنتي وأعطيك بيتًا، فقلت له: إن هذه البلاد يحكمها الكفّار أي: بريطانيا، وهذا السببُ جعلني أخرج من بلدي، كما أني لا أريد الزواج الآن، فإني خرجتُ لطلب العلم، ثم ودّعتُه وذهبت إلى الحرمين".

38-

وسمعتُه يقول: "كان الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله يكنيني بأبي زيد، وكان يقرّبني إليه جدًّا، ويقول لي: إذا أردت أي شيء فأخبرني. وكان المشايخ كلهم هناك يقرّبونني، وكنت أخدمهم".

39-

وسمعتُه يقول: "كنت في شبابي أقرأ وأكتب إلى الفجر، ولا أنام إلاّ شيئًا قليلاً من الظهر".

40-

وسمعتُه يقول: "ليس لنا في البلاد "مالي" علاقة بالشناقطة لبُعد المسافة بيننا، إذ تقدّر هذه المسافة بخمسين يومًا بالجمل غير المُحَمَّل أما المحمّل فالأيام تطول".

41-

وسمعتُه يقول: "أرسل إليّ أحدُ الناس وقال: أنت مع الحكومة السعودية ويجب اغتيالُك".

42-

وسمعتُه يقول: "سمح لي الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ رحمه الله بالتدريس في المسجد الحرام بمكة المكرمة.

ثم قال: وقد أدركته هو وأخاه عمر، وكانا كبيرين في السن، وكان الشيخ عبد الله بن حسن يدور على الدروس في الحرم وهو على عربية يدفعها له بعض خدمه.

وتعامل هذا الشيخ عبد الله بن حسن مع المبتدعة تعاملاً قلّ نظيرُه.

ص: 393

وقد أدّب عبد الله بن حسن العلوي والد العلوي المجود الآن، وقد ضربَه مرّة بالنعال، وكان العلوي هذا أعقلَ من ابنِه".

43-

وسمعتُه يقول: "أول ما قدمت إلى هذه البلاد أدّيت الحج مباشرةً، ثم ذهبتُ إلى المدينة، ثم عدّت إلى مكّة".

قلت: يعني: عام 1367هـ. كان قدومه اهـ.

44-

وسمعتُه يقول: "نحن في أفريقيا نحفظ كلّ شيء".

45-

وقال: "حفظت "المصباح في اللغة" الذي في غريب فقه الشافعي أو الغريب في كتب الشافعي وأصحابه".

46-

وسمعتُه يقول: "أعطيت الجامعة الإسلامية أربعمائة مخطوط، بعضها بخطِّي".

47-

وسمعتُه يقول: "قبل أن تمرض عيني كنت أكتب المخطوط ولولا مرضها ما اشتريت المخطوط إنما أقوم بنسخه".

48-

وقال: "من أراد أن يبحث عن المخطوطات فعليه بتركيا وألمانيا فقط".

49-

وسمعتُه يقول: "لا أخرج الآن للكلام في العلم، لأنه يوجد مَن هو أعلمُ منِّي، والله المستعان".

50-

وسمعتُه يقول: "دخلتُ المسجد النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والسلام فرأيتُ حلقة يتكلّم فيها أحد الناس بالعجمية فجاءني أحدُهم فقال لي: تعرف من نحن؟، فقلت: ما أدري، فقال: نحن جماعة التبليغ، عندنا ستّة أصول، فكتبتُها وقال لي: أريد أن تخرج معنا، فقلت له: ماذا أفعل؟، فقال: الذي نفعل، فقلت له: ما جئتُ لأخرج، جئت لهذا البلد للعلم، ثم لما ذهبتُ إلى مكة

ص: 394

عرفت عنهم شيئًا كثيرًا، وذلك من خلال الصولتية لأنها لهم. وخروجهم كله لا خير فيه، فإنهم لا يعلِّمون الناسَ شيئًا".

51-

وسمعتُه يقول: "لما كنتُ في السودان عند خروجي من "مالي" حصل أن قام علينا الخرافيون هناك يريدون أن يضربونا بالعِصي، ولكن منعهم الله، ولله الحمد.

وقال: ثم طاردونا إلى حيث نسكن، وأمروا من نزلنا عليه بأن يخرج مالنا من العفش إلى الشارع حتى ينفرونا، ولكن ساق الله عز وجل لنا ناسًا من أنفسهم منعوهم من أذيتنا أخذتهم حميّة الكرم والضيافة".

52-

وسمعتُه يقول: "دَرَسْتُ في مدرسة العلوم الشرعية سنة 1369هـ".

53-

وسمعتُه يقول: "انتقلت من الرياض في سنة 1384هـ ثم أقمتُ بمكة سنة واحدة دَرَّسْتُ فيها في الصولتية والمعهد العلمي، ثم انتقلت إلى المدينة أدرس في الجامعة الإسلامية".

54-

وسمعتُه يقول: إنّ والدته كانت ماهرة في الطب وخاصة طبّ العيون، فقد جاءها رجلٌ مرّة قد تدلّت إحدى عينيه فأرجعتها وأصبحت سليمة، وقال: إنه قُذف بحجرة فأصابت عينه فعالجته، وكانت هكذا حتى ماتت. وقد تعلّمت هذا الطبّ من بعض نساء الحي".

55-

وسمعتُه يقول: "الكتب عندي أفضل من قصور الملوك".

56-

وسمعتُه يقول: "أعرف اليمن ولم أدخلها كأنها أمامي".

57-

حدثنا الشيخ عمر حيوية الشنقيطي المفسر يعمل في مجمع المصحف أنه يعرف ناسًا صلحت عقيدتهم على يد الوالد، وقال: أعرفهم جيّدًا".

قلت: أي: صَلُحت عقيدتهم، فأصبحت عقيدةً سلفية.

ص: 395

58-

وقال الوالد: "إنه هاجر قبل الشيخ إسماعيل الأنصاري بثلاث سنين، ثم لحق بنا، وما عرفتُه إلاّ هنا، ولكن هناك كنت أسمع به".

59-

وقال الوالد: "كانت طريقة كتابتي في مؤلفاتي كلها سجع على طريقة المغاربة".

60-

وسمعتُه يقول: "لي خطّ قديم وخطّ جديد".

61-

قال رجل للوالد: لو جمع شعركم لخرج في ديوان، فقال الوالد: نعم.

62-

قال الوالد: "ما اشتغلت في الحديث إلا سنة 1370هـ وقبلها كنت أُحِبّ طلب الحديث، وعزمت أن أُهاجر وأسافر من إفريقيا من أجلِه".

63-

وسمعتُه يقول: "عندما كنتُ في المدينة النبوية ليس في وجهي شعرة، كنت أخرج إلى أطراف المدينة أنا وجماعة قدماء جدًّا في المدينة فأخرج معهم إلى أطرافها للنّزهة ولمعرفة المدينة جيّدًا".

قلت: كان الوالد بالمدينة عام 1367هـ وما بعدَها بقليل، وذلك في أول قدومه إليها.

64-

قال الوالد: "كان لي عبيدٌ فأعتقتُهم، وأخرجتُ لهم صكوكًا".

65-

وقال الوالد: "أنا خادم لمشايخي أهـ..".

66-

وسمعتُه يقول: "كان معي كتاب "كنز العمّال" دخلتُ به المطار فلما رأوه مكتوبًا عليه "كنز العمّال" قالوا: هذا كتاب من كتب الشيوعية، فقلت: عجبًا، وأبو أن يعطوني إيّاه، فلما ذهبتُ إلى مكة توسّط لي أحد الوجهاء حتى سلّموني الكتاب".

ص: 396

67-

وقال الوالد: دَرَسْتُ "البروتكلات" اليهودية دَرَسْتُها ولخّصتُها لنفسي. ثم قال: أعداؤنا ما أكثرَهم، اللهم اخذلهم وقلِّلهم يا ربّ، آمين.

68-

وسمعتُه يقول: دَرَسْتُ السيرة دراسة تفقّهٍ، وأعترف بأنّ هناك صحوة، وهذه الصحوة أتت بعد فتح الجامعات الإسلامية. ثم قال: وهذه الصحوة حُرِمَت من بعض الخير لأنّها لم تُشْغِل نفسها بالعلم في كلّ وقتها إنّما انشغلت بأمورٍ لا تعنيها.

69-

وقال الوالد: "اشتغلت بالنّحو في أول عمري، وعهدي به الآن ثلاثين سنة، وأستطيع أن أُعرب القرآن كلّه من ألِفِه إلى يائه أي: إلى آخره".

70-

وسمعتُه يقول: ""المنجد" كان عندي في أول مرة فأحرقته عندما قرأت كلامه عن النبي صلى الله عليه وسلم وكان كلامًا سيّئًا، ثم اشتريتُه للحاجة إليه".

قلت: "المنجد في اللغة" مؤلِّفُه نصراني من لبنان.

71-

وسمعتُه يقول: "رأيتُ رجلاً في أفريقيا صوفيًا كبيرًا يأتي إليه الناس فيُقبِّلون رأسَه ويدَه وبطنَه ورجلَه، وحولَه جمهور من الناس، ولما حضرته الصلاة لم يصلي، فسألتُ عنه، فقال لي أصحابُه: هو لا يصلي قد سقطت عنه التكاليف. وهذا الجنسُ من الناس قرأتُ عنهم في الكتب، والآنَ قد رأيتُهم".

72-

وسمعتُه يقول: "عندي إجازات في كلّ علم حتى في الهندسة".

73-

قال الوالد رحمه الله تعالى: "عندي من المراجع العلمية ما لا يوجدُ عند غيري، والله أعلم".

74-

وسمعته يقول: "أدركت أحمد صدِّيق الغماري والكتّاني ولكن منعني أن آخذ عنهما أنّهما كانا مطارَدين، ثم قُتلا على يد ملك المغرب الخامس، وذلك أنّ الكتّاني سُئل لماذا تطلب الحكم ولا تتركه للخامس؟، فقال: لأنه جاهل".

ص: 397

قلت: الكتّاني هو صاحب "فهرست الفهارس"، وقولُه:"آخذ عنهما" يعني: أروي عنهما ما يروونه من كتب الحديث وغيرها.

75-

سمعت الوالد يقول: "كثرة النسيان أصابتني بعد مرض أصاب عيني". ثم قال: كل من طعن في السن فهو معرّض للنسيان، وهذا على الغالب، فإنّ عمِّي محمد أحمد الملقّب بالبحر كان يسرد متن البخاري كالفاتحة وهو في سنّ الخامسة والتسعين.

76-

سمعت الوالد يقول: الدراسة عندنا في البلاد كالتالي:

نبدأ بالقرآن الكريم، ثم مبادئ في الفقه، والتوحيد، واللغة، والنحو، والتصريف.

ثم بعد هذه المبادئ نرجع إلى الكتب الكبار في التفسير والفقه، وفي الفقه:"مختصر خليل"، و"الكوكب الساطع نظم جمع الجوامع" في أصول الفقه، ثم المنطق والتنجيم".

ثم قال: "والمنطق والتنجيم ضروريّان، من لا يتعلّمهما لا يُعدُّ هناك شياً، والدواوين الستة نحفظها، ونحفظ "مقصورة ابن دريد"، وآخر مرحلة في الدراسة عندنا: التنجيم، ندرس فيه كتاب السوسي، وكلُّ ما تقدّم حفظتُه، ولكن نسيتُ الآن بعضَه".

77-

قال الوالد: "عندما كنت أُدَرِّسُ في المسجد النبوي ما كان يحضر عندي إلاّ العوام، وبعض طلبة العلم"، قلت: وذلك لقلة طلبة العلم ذلك الوقت.

78-

وقال الوالد: "أول فهرس لكتاب مستقلّ اقتنيتُه سنة 1374هـ".

79-

قال الوالد: "نحن من ذريّة سعيد بن سعد بن عبادة الخزرجي".

80-

قال الوالد: "سنة 1367هـ كانت عندي مكتبةٌ في الحديث

ص: 398

صغيرة جدًّا". ثم قال: "كلها اشتريتها من بور سودان (بدولة السودان) ".

ثم قال: "إنه عندما أراد أن يضعها في الباخرة ليحملها معه إلى الحرمين رآها المستعمر فقال له: أنت تاجر لا يجوز لك أن تخرج بها فتبيعَها، فقال الوالد للمترجم: قل له: لو أعطيتني بور سودان كلها لا أعطيك هذه الصناديق التي فيها هذه الكتب".

81-

قال الوالد: "لا بدّ لي من قيلولة بعد الغداء".

82-

قال الوالد: "كنت أكتب من الفجر إلى الليل ملزَمتين، وهذا كلُّ يوم". ثم قال: "وكنتُ أسهر بعد العشاء وليس معي أحد، أكتب على ضوء صغير، وليس في تلك الأيام كهرباء، والله أعلم".

قلت: هذا الحال عندما كان بمكة المكرمة في حدود سنة 1368هـ وما بعدها بزمن.

83-

قال الوالد: "كان لي ولدٌ صغير اسمه عبد الغفار، وكان يُمْسك لي رجل الجدع الصغير، وكان عندي غنمتان أحلبهما، فيمسك لي الجدع حتى أنتهي من الحلب".

قلت: عبد الغفار توفي صغيرًا وله سنتان تقريبًا.

84-

سمعتُه يقول: "دَرَسْتُ كتاب "الوهم والإيهام" لابن القطّان".

قلت: درَسه وقرأه قراءة خاصّة، لأنّه كتاب عظيم الفائدة.

85-

سمعت الوالد يقول: "أدركتُ في وقتي طلبة علم كان أحدهم إذا كتب عرض ما كتبه على كبار طلبة العلم في زمانه فينظر أيُقِرُّونَه فإن لم يُقروه حرق ما كتبَه".

ص: 399

86-

قال الوالد: "نحن قحطانيون".

قلت: يعني الوالد نفسهـ، لأن الأنصارَ من الأزد، والأزد من قحطان.

87-

وسمعتُه يقول: "مدينة خيبر ذهبت إليها عدّة مرّات".

88-

وسمعتُه يقول: "كانت الرياض مركز العلم، وكانوا يلقّبونني خادم الشباب أو حلاّل المشاكل".

89-

وسمعتُه يقول: "لم أرحل إلى تركيا".

90-

كان الوالدُ إذا أصاب أحد الناس في شيء يقول له: "أحسنت".

91-

كان الوالدُ أيّام الحرب الثانية يدرّس في سكتو في نيجيريا في مسجد عثمان فوديوا.

92-

وسمعته يقول: "في سنة 73هـ أرسلت إلى عمي كتبًا، ومنها: "الإصابة" في ثمانية مجلّدات طبعة بولاق طبعة نفيسة"، فقال أحد الحاضرين للوالد: كيف تفرط بالكتب، فقال له الوالد:"هذا عمي الذي تربّيت عنده، كيف لا أرسلها له؟، وبعد وفاته أرسلوا إليَّ بعضها وهو قليل".

93-

وسمعتُه يقول: "تزوجت وعمري أربعون سنة".

94-

وسمعتُه يقول: "في أول قدومي إلى المملكة العربية السعودية كنت حاجًّا وكنت أبحث عن طلبة العلم فمررت في أيّام الحج بمخيّم وفيه رجل كبير السن ومعه مذياع يسمع الأخبار وكان في ذلك الوقت حرب اليهود مع العرب".

95-

وسمعتُه يقول: "ما جالست الشيخ عبد الله بن المحمود إلاّ خمسة

ص: 400

أيّام وكنت معه إلى الفجر يملي عليّ الحالة التي عاشها مع الجماعة وكتبت كلّ ما أملاه على من أحوال الناس وما رآه".

96-

سمعتُه يقول: "طريقة التعلم في البلاد "مالي" كالتالي: يبدأ طالب العلم:

1" حفظ القرآن الكريم.

2" يحفظ "الرسالة" لابن أبي زيد القيرواني.

3" ثم يحفظ "الآجرومية" و"ملحة الإعراب".

4" ثم يحفظ "الألفية" لابن مالك، ثم "الكافية" له، ويحفظ الزوائد على الألفية و"الكافية"، وذلك من خلال كتاب الخضري والأشموني.

5" ثم يحفظ كتابًا في أصول الفقه الشافعي، حيث لا يوجد منظومات لدينا إلاّ في أصول الفقه الشافعي. أما المالكي فلا يوجد منها شيء.

6" ثم يحفظ نظم "جمع الجوامع" للسيوطي و"الورقات" بنظم العمريطين، ونظم العمريطي يحفظه قبل نظم جمع الجوامع.

97-

سمعته يقول: "كانت كتب العلم تأتينا في البلاد "مالي" من جهتين من مصر، والمغرب.

98-

سمعته يقول: "كنت متخصّصًا في علم أصول الفقه".

قلت: يعني: أنه يعرفه معرفة جيّدة، حيث إنه يحفظ فيه منظومات وقرأه على العلماء في البلاد "مالي".

99-

سمعته يقول: "اجتهدت في أن أطّلع على المخطوطات التي في اليمن وأستفيد منها، ولكن لم أستطع البتّة".

ص: 401

100-

سمعته يقول: أنا أهتم جدًّا في رحلاتي لجلب المخطوطات بثلاثة فنون من العلم:

1" علم الحديث.

2" علم رجال الحديث.

3" العقيدة السلفية وبالذات المسندة.

101-

سمعتُه يقول: "عملت على تحقيق "الأحكام الكبرى" لعبد

الحق الإشبيلي ثم توقّفتُ".

102-

سمعته يقول: "كنت أكتب وأقيّد كلّ فائدة علمية أقرؤها".

103-

سمعته يقول: "في سنة 1369هـ كنت أُدَرِّس الحديث والفرائض والمنطق في المسجد النبوي، وكلّ علم منها له وقت".

104-

سمعته يقول: "كنت أدرِّس المنطق في المسجد النبوي،

وكان الشيخ الزاحم "الكبير" يطوف على دروس المسجد النبوي يراقب المدرِّسين فيه وذلك عام 1369هـ فسألني ماذا أدرِّس؟، فقلت له: المنطق، فنهاني وقال: لا تُدَرِّسه بعد اليوم". قال الوالد: "فلم أدرِّسه لأحدٍ بعد أن نهاني الشيخ الزاحم".

105-

سمعتُه يقول: ""السنن الكبرى" للبيهقي أكثرت القراءة

فيه جدًّا، وذلك على النّسخة الهندية".

106-

سمعته يقول: "جمعنا مكتبةً عامة بالرياض لطلبة العلم،

وذلك أنا وبعض المشايخ، وسميّناها "مكتبة التيسير"، حيث إنه لم يكن يوجد أيّ مكتبة علميّة عامّة ولا مكتبة تجاريّة، إنما توجد مكتبة قرطاسيّة لأحد الهنود، فقدمنا نحن معشر الطلبة بالرياض للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ لتأسيس

ص: 402

مكتبة عامّة فوافق وساهم كلّ واحد منا لتأسيسها، واشترطنا أن لا يدخل هذه المكتبة إلاّ طالب علم، وأنه لا يوضع فيها إلا كتب السلف".

107-

سمعته يقول: "كنت إذا أردت اقتناء بعض المخطوطات لم أستطع الحصول عليها أقوم بإعطاء بعض الناس مالاً من أجل أن يُصَوِّره لي، وقد فعلتُ ذلك في الهند".

108-

وكان الوالد رحمه الله تعالى إذا كان عنده ضيوف ووضع الطعام وكان يتكلّم في شيءٍ من العلم يقول لهم: "إذا حضر الهَرْسُ بطل الدَرْسُ" فيتوقّفُ عن الدرْس.

109-

سمعته يقول: "إن كتاب الخطيب البغدادي "تقييد العلم" كانت قراءتي له سببًا في أن أقيّد كل ما يَمُرُّ بي من الفوائد العلميّة، وجمعتُها في كتاب سمّيتُه "ثمرات المطالعة"".

110-

سمعته يقول: "عند حصولي على مخطوطة "التتبع والإلزمات" للإمام الدارقطني على البخاري ومسلم قال لي رجل مصري من أهل العلم: أنتم تنتقدون هذين الإمامين؟ ". قال الوالد: "ظنّ أني أنا الذي أنتقد البخاري، فقلت له إنه الدارقطني، فلم يقتنع، وقال: إن كتابي هذين الإمامين قد جازا القنطرة".

111-

سمعتُه يقول: "عندما قدمت المدينة النبوية عام 1369هـ

سكنت في رباط الأفغانيين عند باب جبريل".

112-

وقال الوالد: إنه التقى بالشيخ عبد الله بن المحمود رحمه الله تعالى في مدينة "كانوا" وأخذ عنه علمًا جمًّا.

113-

كان الوالد يكثر أن يقول في مجلسه: لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، أو يقول الجزء الأوّل من الكلمة، والله أعلم.

ص: 403

114-

كان الوالد رحمه الله تعالى إذا جاءه من يخصّه من طلبة العلم في المكتبة أو من كان من كبار الطلبة فنفض المجلس يصاحبه إلى باب الخروج ثم يعود إلى مجلسه.

115-

قال الوالد: "عندما جئت من البلاد "مالي" لم أكن أعرف إلاّ الخط الأندلسي وإلى الآن وأنا عليه".

116-

كان الوالد من عادته إذا دخل على أحد من الناس أو جماعة أن يلقي عليهم السلام كاملاً: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

117-

كان الوالد كثيرًا إذا اتّصل به أحدٌ هاتفيًّا وقال: مَن معي؟، يجيبُ الوالد: معك المسكين.

118-

ويقول الوالد رحمه الله تعالى: إنه كان في شبابه لا ينسى ما يسمعه وإلى الآن يحفظ كل ما سمعه في شبابه، أمّا الآن بعد أن ذهب شيءٌ كثير من العمر أصبحت أنسى في وقتٍ قصير.

119-

قال الوالد رحمه الله: إن السجع كان يتقنه إلى أعلى درجة، ولكن عندما هاجر تركه نوعًا ما.

120-

قال الوالد رحمه الله تعالى: "كان الطلاب في البلاد "مالي" إذا سمع أحدهم فوائد فخشي أن ينساها نظمها إن كان يستطيع أو يبحث عمن ينظمها له، لأن النظم أسهل حفظًا".

121-

وسمعته ينشد ولعلّه له:

صلّى المصلِّي لأمرٍ كان يطلبه

فلما انقضى لا صلى ولا صاما

ص: 404

122-

وسمعته يقول: "فهرست المكتبة السعودية سنة 1371هـ أو 1372هـ في ثلاثين ألف بطاقة". ثم قال: "وكان ابن قاسم يرسل المخطوطات إليّ بعد العشاء لأفهرسها، وقد قدم العهد بها من ذلك الزمان".

قلت: المكتبة السعودية الآن ضمن مبنى الإفتاء بالرياض.

123-

ذكر الوالد غفر الله تعالى له أنه هو ومَن كان معه من طلبة العلم دَرَسوا أول شيء الفقه حتى أتقنوه، ثم دخلوا في الحديث. لا كما يفعله العوام اليوم. وقد استفدنا كثيرًا من هذه الطريقة، والله أعلم".

قلت: يعني في البلاد "مالي" وفي هذه البلاد.

124-

وقال: "أول ما رأيتُ نسخة الترمذي في "كانوا" بنيجيريا على يدٍ أحد رجالِها، وذلك أثناء هجرتي إلى الحرمين".

125-

وقال: "لما كنتُ شابًّا كانت ذاكرتي قويّة"

126-

وقال: "لَمّا مرضت عيوني ضَعُفَتْ ذاكرتي، وذلك سنة 1411هـ".

أقول: كان الوالد يحفظ منظومةً في الشهور الميلاديّة.

127-

وقال: "لقد استغرقَتْ رحلتي من أفريقيا إلى بلاد الحرمين سنةً كاملةً".

128-

وقال: "كنا في البلاد مالي في صحرائها، وكان لدينا إبلٌ وغنم وبقر، ولكنِّي لم أرع شيئًا منها، وذلك لوجود من يرعها من العبيد وغيرِهم".

129-

قال الوالد: "أولُ ما حفظت "عمدة الأحكام"، ثم

ص: 405

أخذت أحفظ أحاديث "الصحيحين" بغزارة، لكن ذهب حفظي بسبب كثرة الكتب".

130-

كان الوالد إذا ذكر حياتَه مع المشايخ في نجد ينشد هذا البيت:

ذهب الذين يُعاشُ في أكنافهم

وبقيت في خَلْفٍ كجلد الأجرب

131-

وسمعتُه يقول: "الشيخ التويجري يُعدُّ من كبار العلماء في نجد، استفدتُّ منه كثيرًا هو والسعدي، والسعدي من العلماء المحقِّقين". ثم قال: "الشيخ السعدي لم يخرج من القصيم مثله في وقته".

132-

وقال: "سكنت في الرياض في حيٍّ اسمُه "دخنة" يسمى في ذلك الوقت: "مسكن المشايخ"، وقد أدركتُ مشايخ ذلك الزمان عن بكرة أبيهم".

133-

وقال: "الشيخ سالم البليهي والشيخ المطوّع من أكثر مَن استفدتُّ منهما في نجد".

134-

وقال: "لا أذكر الخلافات في شيء مما أكتب وأُلّف؛ لأن الخلافات تبلبل فكر الطالب، إنما ينبغي للطالب أن يعرف شيئًا واحدًا ويعملَ به".

قلت: الخلافات يعني بها الوالد: الخلافات الفقهية وأقوال العلماء من أهل المذاهب وغيرهم.

135-

وسمعته يقول: "يوجد عندي من كتب شيخ الإسلام ما لا يوجد عندَ غيري، فإنّ لي أربعين سنة وأنا أجمعُها.

ص: 406

وتستطيع أن تقول إذا نظرتَ إليها: أنّ أغلبَها عندي. وكنت مَن أول مَن عثَر على كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على الرازي كاملاً، وهذا الكتاب لم يؤلف مثله إلا "منهاج السنة"". يعني كتاب "نقض التأسيس".

136-

وقال: "علمان كنت أهتمُّ بهما: علم النحو، والفرائض".

137-

سمعته يقول: "سكنتُ في مكة سبع سنين، وفي الرياض إحدى عشر سنة، ودخلت المدينة النبوية أوّل مرة عام سنة 1367هـ".

138-

سمعته يقول: "لي في التدريس اثنان وأربعون سنة ما غبتُ عن التدريس يومًا واحدًا".

139-

وسمعته يقول: "أتعجّب من الذين يغيبون عن التدريس وهم مطالبون به".

140-

وسمعته يقول: "خرجت من البلاد وعمي البحر على قيد الحياة".

141-

وسمعته يقول: "عشت في أفريقيا إلى أن أصبح عمري تسعة عشر عامًا، وأما هنا فالعمر كله، وعمري الآن سبعون سنة".

قلت: قال هذه الكلمة عام 1413هـ، شهر شعبان، ل24 ليلةً خلت منه.

142-

وقال: "نظمت "جمع الجوامع" في أصول الفقه عندما كنت بأفريقيا".

143-

وقال: "خرجت من أفريقيا ولم أحمل معي ولا ورقة واحدة من مكتبتي".

قلت: وذلك أنه خرج بدون علم جماعته وقومه، وأيضًا خوفًا من المستعمر.

ص: 407

144-

سمعت الوالد يقول: "قضيت عمرًا في علم الآلة مثل النحو، والبلاغة، وغيرهما".

145-

سمعته يقول: "كنت أقرأ أيّ خطّ من خطوط أهل العلم،

وكنت أقرأ خط شيخ الإسلام ابن تيمية وابن حجر، وهما من الصعب أن أي أحد يقرأ ما يكتبانه لضعف خطهما. وكنتُ إذا حصلت على أي مخطوط أقرأه حتى أعرف مضمونه وأفهرسه كذلك بعد قراءته. وأقرا خط الحافظ الذهبي الرقعة منه والنسخ. وأما الآن فقد ضعف البصر، بل وكَلّ الجسد، وهذا من علامات انتهاء العمر. والله المستعان".

146-

قال الوالد: "كان طالب العلم في أفريقيا إذا مرّت عليه فوائد علمية فخشي أن ينساها ينظمها إذا كان يعرف النظم أو يبحث عمن ينظمها له، وذلك أن النظم أسهل لحفظ الفوائد".

147-

وقال الوالد: "عشت في مكة قبل المدينة، ودرت مكة كلها، وأعرف ما حولها من القرى".

148-

وقال الوالد: "لَمّا وصلت إلى مكان قرب مكة سمّاه الوالد فالتقيت بناس أهل بادية فسألت رئيسهم: ما أركان الإسلام؟، فقال: الشافعي، وأبو حنيفة، ومالك، ونسيت الرابع؟، فقلت للذين عنده: اذكروه يعني: اذكروا الرابع فقالوا: نسينا، فقلت لهم: أحمد، فقالوا كلهم: نعم هو هذا".

ثم قال الوالد: "وذلك عند خروجنا للدعوة سنة 1375هـ".

149-

قال الوالد: "لَمّا كنت شابًّا كنتُ لا أنسى".

ص: 408

150-

قال الوالد: "لم أشترِ شيئًا من كتب الفقه على المذاهب منذ أن دخلت هذه البلاد، وما عندي منها كله هدايا".

151-

قال الوالد: "أنا من الذين قوّموا كتاب "الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية، ولاحظنا عليها أشياء كتبناها في أربعين ورقة، ولكنها لم تلحق به".

قلت أنا عبد الأول: يعني بالفتاوى التي جمعها ابن قاسم.

ثم قال الوالد: كنت أعمل مع الشيخ عبد الرحمن بن قاسم وفهرست له مكتبته، وكنت أشتغل فيها من العصر إلى المغرب، لأن هذا الوقت هو الذي كنتُ أتفرّغ فيه.

وهذا الرجل يعني: ابن قاسم كان فاضلاً، عالمًا، وكان يجمع مخطوطات في العلم ويقول للعمال: أعطوها للشيخ يعني الوالد نفسه ينظر فيها ويقرأ.

وقد لازمتُه في بيته إحدى عشرة سنة، وهذا الشيخُ كان عنده ثلاثون ولدًا غير الأحفاد، وكان عند الشيخ قصر كبير بناه له الأمير عبد الرحمن عم الشيخ عبد العزيز آل سعود رحمه الله، وكان من خاصة الشيخ ابن قاسم، وكان الناس يقولون له:"خوي الأمير عبد الرحمن".

152-

وسمعته يقول: "حضرت المحاضرة التي ألقاها الشيخ السعدي وقال فيها: يا أيها الإخوان عليكم أن تساعدوا المصريين على العدوان الثلاثي. فغضب الناس منه حتى إن بعضهم قال لي: ما تقول في مقالة الشيخ؟، فقلت: ليس فيها شيء، فقال: بل فيها شيء.

ص: 409

وكان لنا مجلس في الرياض كل يوم مع الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله فقال أحد الحاضرين للوالد: كل ليلة، فقال: نعم كل ليلة، ثم قال: وفي ليلة اجتمعنا عند الشيخ، وتكلم بعض الحاضرين عما قال الشيخ السعدي حول معاونة المصريين، فكان الحاضرون ضدّ ما قال الشيخ السعدي".

153-

وسمعته يقول: "من عادتي إذا دخلت الجامعة الإسلامية: أذهب إلى المكتبات التجارية أولاً".

154-

وسمعته يقول أكثر من مرة: "ولدت سنة 1344هـ، وهي السنة التي دخل فيها الملك عبد العزيز المدينة النبوية، وعرفت ذلك بسؤال والدتي عند استعدادي للهجرة متى ولدت؟، فقالت لي: سنة دخول أهل نجد المدينة".

155-

قال الوالد: "سكنت في حي الخَنْساء".

156-

وقال الوالد: "لا يوجد لألفية ابن مالك في النحو شرح إلاّ وهو عندي عندما كنتُ في أفريقيا".

157-

وقال أيضًا: "وفي علوم القرآن كان لا يوجد عندي في

أفريقيا إلا "تفسير الجلالين" و"البغوي" و"العكبري" في الإعراب".

158-

قال الوالد: "لقد قمت بفهرسة كتاب "الوهم والإيهام" في وقت دراسته، والسبب في ذلك توثيقًا لنقل نقله منه الحافظ ابن حجر".

159-

وقال الوالد: "مراتب الراتب الذي كنت أتقاضاه من الأعمال الدراسية حتى وصلت إلى أستاذ كرسي هي ثلاثمائة خمسمائة ستمائة ثم عشرة آلاف، فلم أستفد منه إلاّ مائة ريال".

قلت: يعني بقوله: "فلم أستفد

" وما بعدها أي: أنه يصرفه على المعيشة وشراء الكتب.

ص: 410

160-

وقال الوالد: "قطعت السودان من الشرق إلى الغرب".

161-

وقال الوالد: "بدأتُ في التدريس في السعودية من سنة 1371هـ إلى سنة 1408هـ، وقد درست في المتوسطة، والثانوية، والجامعة".

قلت: يعني: بدأت في التدريس في المدارس النظامية من عام 1371هـ.

162-

وقال الوالد: "أخذت التابعية سنة 1378هـ، ودخلت الرياض سنة 1374هبإشارة من الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ، حيث أرسل إليّ تذكرة للقدوم عليه في الرياض، فذهبت إلى المطار وركبت الطائرة أول مرة".

163-

وقال الوالد: "كنا نقرأ الدروس بالقمر" يعني: على ضوء القمر في البلاد مالي.

164-

وقال الوالد: "حفظت "الكافية" و"الخلاصة" و"ملحة الإعراب" الحريري".

165-

وقال الوالد: "كنت أذهب إلى العيون التي في المدينة فأسبح فيها ثم أعود".

166-

وقال الوالد: "حفظت "ألفية ابن مالك" وأنا ابن خمس عشرة سنة، كنت أحفظها منها أبياتًا كل ليلة".

167-

قال الوالد: "خرجت من البلاد "مالي" سنة 1366هـ".

168-

وقال الوالد: "حفظت "الملحة" قبل "الألفية" بكثير، ثم حفظت "الألفية" وأنا قد بدأت بالآجرومية أولاً ثم بالملحة ثم "الألفية"".

ص: 411

قلت أنا عبد الأول: كان الوالد يبدأ في أيّ درس يدرسه بهذه الخطبة وهي:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدْي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له.

ويختم هذه الخطبة بقوله: "ما شاء الله ولا قوة إلا بالله".

169-

قال الوالد: "كنا في البلاد لا ندرس شيئًا من العلم حتى نحفظه، وممنوع عند مشايخنا الدراسة قبل الحفظ".

170-

قال الوالد: "إن عهدي بالاشتغال بالنحو سنة 1364هـ".

171-

وقال الوالد: "ونسخة "حاشية الجمل على الجلالين" هذه التي في مكتبتي هي التي كانت عندي في أفريقيا" يعني أرسلت إليه.

172-

قال الوالد: "جئتُ إلى هذه البلاد سنة 1367هـ، وإن سنة 1369هـ هي زمن العلم، وبقيت في المدينة النبوية سنتين أي من سنة 1367هـ إلى سنة 1369هـ، ثم رجعت إلى مكة للتدريس بعد أن بقيت في المدينة سنتين فقط".

173-

وقال الوالد: "كنا نرقد على الخصفة ولا نبحث عن الكماليّات".

174-

وقال الوالد: "كنت أسكن في الرياض سنة 1375هـ في بيتٍ من بيوتها القديمة أسكنتني فيها الدولة، وقامت بفرشه لنا، وذلك أيّام الملك عبد العزيز رحمه الله، وكان عبد الله بن خميس هو الذي يدلّ المشايخ على البيوت حتى يختاروا واحدًا منها".

ص: 412

قلت: إن الوالد رحمه الله تعالى كان يحبُّ التحدُّث عن أخبار بلاد أفريقيا والبلاد التي رحلَ إليها.

وكان يكثر من التحدّث في هذا جدًّا، وكان إذا حضر عندَه أحدٌ من الأفارقة أو أحدٌ من البلاد التي رحلَ إليها كمصر مثلاً أخذ يتحدّث عن هذه البلاد ويعرفها، ويذكر أماكن كثيرة زارَها ويصفها أكثرَ من أهلها وقد يخطئ أهلها في بعض الأمور التي شاهدها فيها.

175-

قال الوالد: "أول ما عرفت كتب الحديث في السودان لما دخلتُها".

176-

قال الوالد: "لما كنت شابًّا كنت حافظًا، وكل ما قرأتُه كنتُ أحفظُه".

177-

قال الوالد: "إن قراءة كتب الحديث كالبخاري ومسلم ونحوهما كانت ممنوعة من قبل مشايخنا حتى يبلغ الواحد سنّاً كبيرة".

يعني الوالد بقوله هذا التفقّه من خلال هذه الكتب، والله أعلم.

178-

قال الوالد: "من أسباب خروجي من أفريقيا: عدم تدريس علم الحديث ومنعه".

179-

قال الوالد: "أرادوا تعييني مدرِّسًا في مدارس فرنسا التي في البلاد أدرس العرب المسلمين فلما عرض عليّ هذا الأمر أخذت أفكّر فيه إلى منتصف الليل، ثم قمت إلى بعض أصحابي في آخر الليل أيقظهم من النوم، وقلتُ لهم: أنا عازم على الهروب، قالوا: إلى أين تهرب؟، قلت: إلى آسيا، إلى الحرمين، فقالوا: ونحنُ معك. وكان الوقت وقت الخريف، وذلك وقت كثرة

ص: 413

الإبل، فاخترنا أحسن الإبل وركبناها ونحن ثلاثة فقط أنا الثالث، وكمّمنا فم كل جمل حتى لا يخرج صوتًا.

وخرجنا في ليلة مظلمة في غابات من الشجر، وسرنا سيرًا شديدًا حتى قطعنا مسافة يومين، حيث لو أراد أحدٌ من أهل الحي أن يلحق بنا ما استطاع، حتى وصلنا مكانًا يعرف بقاوى قريب من النيجر، ثم سرنا إلى "كنّي" وهذه تابعةٌ للنيجر أيضًا.

و"كنّي" هذه الذي يصل إليها سيغامر، لأنّ ذلك في أيام الحرب العالمية، والمستعمر له إقامة في هذا المكان وهو "كنّي"، فلما اقتربنا منها صلينا المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا.

ثم أقبلنا على الجيش الفرنسي وكان في الغرب وبريطانيا في الشرق، فلما

أقبلنا على الفرنسين أقبل علينا رجلٌ منهم يركب فرسا أسود ذنبه يصل الأرض، فأشار إلينا إشارة: إلى أين؟، فأشرنا إليه أنا من تلك القرية وهذه القرية التي أشرنا له إليها تتجاوز الحدود "يعني: حدود النيجر".

ثم سرنا حتى أتينا على الجيش البريطاني فتعجبوا منا وقالوا: كيف تخلّصتم من الجيش الفرنسي؟، قلنا: أنجانا الله منهم، فقالوا لنا: تفضّلوا، فأجلسونا في برحة كبيرة، وقالوا لنا: ستبتونا عندنا اليوم ضيوفًا، فقلنا: لا، نحن نريد الليلة منطقة هناك، ثم قال: وكنا كلما مررنا بمدينة كبيرة أكرمنا البريطانيون وينزلونا في بيوت الضيوف، فالفرنسيُّ شرس، وأما البريطاني صبور".

180-

قال الوالد: "أنا من جملة من وضع منهج التدريس للجامعة الإسلامية".

181-

قال الوالد: "إن شيخًا لي علّمنا التوحيد من "ألفية النحو" لابن مالك".

قلت: لم يسم الوالد هذا الشيخ.

ص: 414

182-

قال الوالد: "وقد درست "الهداية" في الفقه الحنفي في مدرسة العلوم الشرعية، وهذه المدرسة هي أكبر جامعة في العالم في ذلك الوقت، وكان محمد خيّال هو المشرفُ علينا، وكانت هذه المدرسة للهنود يعني: هم أصحابها، وهم نقشبندية وماتوريدية، والدولة السعودية لما رأت أن أكبر مدرستين هما "الصولتية" و"العلوم الشرعية" عيّنت لهما مدرِّسين سلفيين. ولما جئتُ لأدَرِّس في "العلوم الشرعية" ذهبتُ إلى مديرِها وهو من الهنود فقال لي: أين شهادتك؟، قلت: ما معي إلا إجازات من المشايخ، فقال لي: اذهب إلى محمد خيّال، فذهبت إليه فما سألني عن الشهادة، إنما سألني عما درست من العلوم، فذكرتُ له أني درست في "كتاب التوحيد" و"كشف الشبهات"، وفي الحديث "عمدة الأحكام"، وهكذا، فقال لي: غدًا تأتيني في الحرم، فصلّيت معه الفجر، وخرجنا سويًّا إلى المدرسة الشرعية، فقال للطلاّب: اليوم يقرأ الأنصاري في "فتح الباري شرح صحيح البخاري"، ثم يقرأ في "فتح المجيد"، وقرأت، فقال لي: أنت ناجح عندي، وكتب لي ورقة إلى المدير فأعطيتُه الورقة فقال لي: أنت نضعك في العالي، قال الوالد: العالي مثل الدراسات العليا اليوم".

183-

قال الوالد: "أنا كنت أدرس في دار العلوم الشرعية في المدينة، وأدرّس فيها سنة 1369هـ، ثم ذهبت من المدينة إلى مكة فدرَست في الصولتية".

184-

قال الوالد: "أنا وصلت مكة سنة 1367هـ، ثم بعد الحج إلى المدينة".

185-

قال الوالد: "إن الشيخ محمد عبد الله المدني لما خرجت من البلاد "مالي" كان قد أعطاني أسماء كلّ من نزل عليهم سواءٌ في دولة السودان أو غيرها، حتى أنزل عليهم، وكتبهم لي في ورقة".

ص: 415

186-

قلت: كان الوالد رحمه الله تعالى في كل رمضان إذا التقى بمن يعرفه يقول له: "أهنئك بهذا الشهر، وأسأل الله أن يعيننا على صيامه وقيامه".

187-

والوالد منذ أن صحبته لم أره يصلِّي التراويح إلا عشر ركعات، ولم يكن يصلي هذه الخمس على مذهب من يقول: إنها لا تصلى إلاّ خمسًا، إنما كان يستحسن هذا الفعل، وكان يشدِّد على من يرى أنّ التراويح لا تُصلّى إلا إحدى عشر ركعة، ويرى أنه قد ضيّق واسعاً.

188-

قال الوالد: "إن الاستعمارَ منع المشايخ من تدريس كتاب الجهاد ضمن أبواب الفقه في بلادنا".

189-

سمعت الوالد يقول: "من سنة 1374هـ إلى 1385هـ مكثتُ في الرياض".

190-

قال الوالد: "إن كتاب "الروضة" للنووي كان عندي فأهديتُه".

191-

قال الوالد: "كان عهدي بمكة قبل أن أُحال إلى التقاعُد يعني سنة 1410هـ".

قلت: لم يسافر الوالد إلى مكة بعد هذه السنة إلى أن توفي رحمه الله، وكان كلما ذُكر له السفر يُنشد:

ألقيت عصا التسيار من غير مرية

ولا........................ (1) .

وكان الوالد يستثقل السفر كثيرًا في هذا الوقت.

(1) لعله بيتٌ قاله هو أو قاله غيره. يُنظر.

ص: 416

192-

قال الوالد: "درّست في دار العلوم الشرعية بالمدينة، ثم درست بعدها في الصولتية، وذلك سنة 1374هـ".

193-

كان الوالد كثيرًا ما يسأل من حضر عندَه في مكتبتِه: ما الذي جدَّ في العلم من كتبٍ وغيرها.

194-

قال الوالد: "لما رأيت الدنيا قد تغيّرت خرجت من البلاد (مالي) ".

195-

قال الوالد: "كان الناس في البلاد يقرأون الحزبَ من القرآن بعد صلاة المغرب وبعد صلاة العشاء".

196-

قال الوالد: "لما خرجت بحثتُ عن صحبة حتى وجدت أربعة نفر".

قلت: لم يذكر أسماءهم الوالد.

197-

كان الوالد رحمه الله يكثر أن يقول لمن حضر مجلسه أو استأذن للخروج: "حيّاكم الله، وبارك الله فيكم" يقولها للواحد وللجماعة.

198-

قال الوالد: "إن بعض الناس يلقّبونني (دكتور) وأقول لهم: لا، وإنما أنا شيخ الدكتاترة".

199-

قال الوالد: "كنت أيام الشباب أنسخ الكتب المخطوطة إلى الفجر".

200-

وسمعته يقول: "كنت أنتحل النظم وأقول الشعر بكثرة، وكان من شغفي به أني كنت أقوله في الصلاة، فسألت الله أن يعيذني منه، فصرتُ لا أستطيع أن أقول بيتًا".

ص: 417

201-

وكان رحمه الله تعالى كثيرًا ما يجلس في صالة المنزل قبل الظهيرة وبعدها، ويأخذ أيَّ كتاب من مكتبته ويقرأ بصوت عالٍ على طريقة أهل البلاد، فإنّ لها نغمة خاصة.

202-

سمعته يقول: "إن مكتبة الحرم المكي أعرفها تمامًا، أخذت فيها سبع سنوات أنقل ما فيها من المخطوطات وغيرها، وفي ذلك الوقت لا يوجد تصوير".

203-

قال الوالد: "إن اللغة الأفرنجية ما تعلّمْتُها وإن شاء الله لا أتعلّمُها، لقد فات الوقت، ولو كنت تعلّمتُها في الصغر والشباب لا بأسَ بذلك".

204-

قال الوالد: "كنت قد عزمت قديمًا على جمع مَن بيّض له ابن أبي حاتم في كتابه (الجرح والتعديل) ".

205-

قال الوالد: "كتاب "الأذكار" للنووي درَسْتُه كثيرًا".

206-

قد سمعته أكثر من مرة يستشهد بأبياتٍ من مقصورة ابن دُريد.

207-

وسمعته يقول: "أول ما سكنتُ الرياض في حارة (آل حماد) ، ثم في (حيّ الشرقية) ، ثم في (الدويبة) ، ثم (حي آل فريّان) ".

208-

سمعته يقول: "خرجت من الرياض سنة 1384هـ".

209-

وقال الوالد: "دخلت الرياض سنة 1374هـ، وفيها عرفت القهوة وشربتُها، ورأيت كأن الحياة فيها ليست إلاّ على القهوة".

210-

قال الوالد: "والكتاب الذي ندرسه في أفريقيا في علم التنجيم هو للسوسي، وهو كتابٌ جيِّد في هذا النوع من العلم".

ص: 418

211-

سمعته يقول: "أنا لا أعرف من بلاد (مالي) إلا بلدة (منكا) ، أما دولة النيجر فهي التي أعرفها كلها. وفي ذلك الوقت الذي كنا في البلاد لم تكن البلاد تعرف باسم (مالي) إنما كانت معروفة باسم السودان الفرنسي".

212-

وسمعته يقول: "إن ساعتي هذه التي في جيبي لها عندي 48سنة، اشتريتُها سنة 1367هـ بعشر ريالات".

213-

وسمعته يقول: "إن سنة 1367هـ كانت سنة مجاعة، وكانت الحياة فيها تعب كثير، لو اشتغل الرجل اليوم كله لا يجد إلاّ ربع ريال، وقد يجد أقلَّ من ذلك، ويحمل الشخص الزفة من الصباح إلى غروب الشمس بقرشين".

قلت: الزفة هي التي يوضع فيها الماء الذي يباع. قاله الوالد.

214-

قال الوالد: "درست المذهب المالكي في البلاد".

215-

وقال الوالد: "اشتغلت في علم الحديث سنة 1367هـ".

216-

وسمعته يقول: "لي أكثر من أربعين سنة لم أشتغل بمذهب المالكية، فكيف لا أنسى ما فيه".

قلت: قال هذه العبارة وهو يكلم رجل بالهاتف لا أدري ما هو.

217-

سمعته يقول: "كثرة التنقل في السكنى تسببت في ضياع أشياء كثيرة لي، خاصة الدفاتر يعني: بعض الدفاتر التي كان يكتب فيها، وقد سكنت في أكثر جهات المدينة بسبب كثرة التنقّل".

218-

سمعته يقول: "درَست كتاب (ميزان الاعتدال) للحافظ الذهبي دراسة وافية، ولعلّي قرأته أكثرَ من مائة مرّة، وذلك لعدم وجود غيره عندي في أول طلب علم الحديث".

ص: 419

219-

وسمعته يقول: "لولا أني خرجت من البلاد للهجرة إلى الحرمين لكنت أقمت في السودان أثناء ما مررت بها، فقد كانت السودان في أيام بقائي فيها وذلك سنة 1366هـ يُضرب بها المثل في التمسّك بالإسلام والأخلاق والعروبة".

220-

قال الوالد: "إن كتبي القديمة يجد الناظر فيها أني أدوّن ما فيها من الفوائد على الغلاف".

221-

سمعته يقول: "إذا مرضت لا أحب المكث على الفراش، إنما أذهب وأشغل نفسي في العلم والقراءة لأتسلّى به. وكنتُ إذا أصابني الزكام يضعفني جدًّا".

222-

وسمعته يقول: "أسند إليّ تدريس المصطلح لَمّا كنت في الرياض".

223-

سمعته يقول: "ما تعوّدت أن أصلي في غير جماعة، وأنا أقتدي بالصحابة في هذا، حيث كان الواحد منهم يهادَى بين الرجلين حتى يدخل المسجد، فإذا مرضت صليت في المسجد اقتداء بهم".

224-

وسمعته يقول: "درَست الفرائض ثم درّستها وبيني وبينها الآن أربعين سنة".

قلت: قال هذه الجملة سنة 1415هـ.

225-

وسمعته يقول: "جئتُ من الرياض سنة 1385هـ، وتوفي الشيخ الطيب ابن إسحاق سنة 1365هـ". قلت: الطيب بن إسحاق الأنصاري: أحد العلماء السلفيين الكبار بالمدينة النبوية، وممن هاجر قديمًا من البلاد مالي.

226-

وسمعته يقول: "أنا لا أعرف التاريخ الميلادي، ولا أومن به".

ص: 420

227-

وسمعته يقول: "كنت لغويًّا، وفي سنة 1367هـ تركتُ الاشتغالَ بعلوم اللغة، قبل ذلك كنت لا أعرف شيئًا من العلم سوى النحو والبلاغة والشعر والتصريف وغيرها من علوم اللغة، وذلك لأنّها هي التي تدرّس في أفريقيا وتُحفظ غيبًا، وقد حفظتها علمًا علمًا".

228-

وسمعته يقول: "لما كنت في أفريقا كنت أتاجر وأذهب إلى السوق الكبير في المدن فأشتري منهم".

229-

وكان الوالد رحمه الله تعالى كثيرًا ما ينتقد أو يتعقّب أو يحكم على الكتب المطبوعة في هذا العصر المتأخّر.

230-

وسمعته يقول: "قلت لأبنائي: أنا لا أطلبُ منكم أن تكونوا محدِّثين أو فقهاء، إنما أريد أن تدرُسوا وتتعلّموا كما تعلّم غيرُكم".

قلت: وكثيرًا ما كان يُسْأَل عن الكتب المطبوعة أو المخطوطة من ناحية وجودها أو عدم وجودها، فيقول: هذا موجود، وهذا مفقود".

231-

وسمعته يقول: "دولة بني نصر نحن منهم". يعني: أننا وهم من أبناء سعد بن عبادة رضي الله عنهم.

232-

وسمعته يقول: "أعرف الجغرافيا جيِّدًا، وعندي ما ليس عند غيري منها، وقد اقتنيت الأطلس الصغير والكبير، وآسيا أعرفُها جيِّدًا حتى الصين أعرفها وأعرف مدنَها". ثم قال: "ونجد كذلك أعرفها كلها".

233-

وسمعته يقول: "سكنتُ في مكة سنة 1367هـ في "حي طنضباوي" وفي "جرول" بقسميها، وفي "الخنساء"، وفي "العتيبية"، و "ريع اللصوص"،و "الهنداوية" ".

234-

وسمعته يقول: "دَرَّسْتُ في المعهد التابع لجامعة الإمام بمكة".

ص: 421

235-

وسمعته يقول: "صوّرتُ كتاب "تاريخ دمشق" لابن عساكر وهو كتابٌ مخطوط بسبعة آلاف ريال، وصوّره الناسُ من عندي".

236-

وسمعته يقول: "إن إنسانًا وراءه مسؤوليات كثيرة لا يرتاح".

قلت: يعني الوالد نفسَه.

237-

وكثيرًا ما كنت أسمعه يكرّر في مجلسه العامر بطلبة العلم: "عليكم بالعقيدة السلفية"، وكان رحمه الله تعالى إذا ذُكرت أسماء بعض العلماء في مجلسه يقول: هذا سلفي وهذا غير سلفي.

238-

وسمعته يقول: "انتقلت من المدينة سنة 1371هـ إلى مكة بعد أن مكثت في المدينة وقتًا، وسكنت في مكة بجوار مسجد الكويتي".

239-

قال الوالد: "لَمّا كنتُ في الرياض كنت أقضي الإجازة مرّة في مكة ومرّة في الرياض".

240-

وسمعته يقول: "كنت أحبّ الاستطلاع والذهاب والإياب" يعني: في طلب العلم.

241-

قال الوالد: "لَمّا كنا في البلاد "مالي" لا يُعطى الطالب الإجازة في العلوم التي درسها حتى يدرس علم المنطق والتنجيم، وهذان العلمان لا بدّ منهما عند المشايخ، وهما آخر العلوم دراسة".

242-

وسمعته يقول: "لَمّا كنا في البلاد كان المشايخ لا يدرسون الطالب أيّ علم حتى يحفظه".

243-

قرأ علينا الوالد رحمه الله عقيدة ابن أبي حاتم بصوت مرتفع، وذلك في مجلسه العامر، وبعد أن فرغ منها أخذ يثني عليها.

ص: 422

244-

وسمعته يقول: "سكنت في حيّ المصانع خمسة عشر سنة المدينة المنورة".

245-

وكان رحمه الله إذا أجاز أحدًا من طلبة العلم يوقّع على هذه الإجازة بقوله: "كتبه أبو عبد اللطيف حماد بن محمد الأنصاري الخزرجي، من ذرية سعيد بن سعد بن عبادة الأنصاري".

246-

وسمعته يقول: "إن أعلى سند عندي هو السند الذي أروِيه من طريق "إتحاف الأكابر"".

قلت: هذا الكلام فيه نقص، وهذا النقصُ مني.

247-

وفي سنة 1416هـ من شهر الله المحرّم لعشرين ليلة مضت منه ليلة الاثنين في مغربها قرأ الوالد رحمه الله علينا إسناد المسلسل بالأولية عن طريق شيخه الأندجاني، ثم قال لنا الوالد رحمه الله تعالى:"قرأت "الأولية" على شيخنا الأندجاني الأولية سنة 1367هـ، ثم بعد فراغه من قراءة المسلسل قرأ علينا ما علّقه على هذا الحديث، ثم قال: "قدمت سند الأندجاني في القراءة عليكم عمدًا، لأنّه أول مسلسل سمعته منه".

248-

قال الوالد: "دخلت نجد سنة 1374هـ وخرجت من البلاد سنة 1365هـ".

249-

وكثيرًا ما كان رحمه الله إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في الصلاة "وآله"، فيقول:"صلى الله عليه وآله وسلم"، وكان يحثّ على ذكر آله في الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

250-

وقرأ مرّة المسلسل بالأولية بإسناده فمرّ اسم رجل في السند يقال له: الميدومي فقال الوالد: هذا الرجل تدور عليه غالب الأسانيد".

ص: 423

251-

وكان رحمه الله إذا أجاز أحدًا يقول له: "إذا رويت عني فقل: أجازني الراجي عفو ربه الباري حماد بن محمد الأنصاري بكذا وكذا".

252-

وسمعته يقول: أُجزْت بثبت الأمير وهو ثاني ما أجزت به من الإجازات أجازني به الفاداني، وهذه الإجازة مكتوبة على ثبت الأمير، وكانت الإجازة الأولى التي أُجزْتُ بها المسلسل بالأولية من الأندجاني.

253-

سمعته يقول أكثر من مرة: "أنا مغربي".

254-

وسمعته يقول: "قرأتُ من المخطوطات ونسختُ ما يُعجز عن قراءته ونسخه، وما أضعف بصري إلاّ هي. وشرطي في امتلاك المخطوط ألاّ يكون مطبوعًا، والسبب الذي جعلني لا أملك المخطوط المطبوع أني لا أستطيع تصويرَه، وهذا الأمرُ وهو امتلاك المخطوط المطبوع إنما تستطيعه الدولة، وفائدته المقابلة والتصحيح".

255-

وسمعته يقول: "دَرَّسْتُ في "سكتو" و "كانو" القديمة لا الجديدة".

256-

وسمعته يقول: "دخلت المدينة سنة 1367هـ، وعائلتُنا بأفريقيا عائلة علم، ولما رجعتُ إلى الجزيرة العربية لم يكن في وجهي شعرة واحدة".

257-

وسأل رجلٌ الوالدَ عن سنِّه قال له: هل بلغت الثمانين؟ فقال الوالد رحمه الله تعالى في الطريق إليها إن شاء الله، ثم قال: كان الإمام مالك إذا سئل عن سنِّه يقول:

سنّ ومال إن سئلت ومذهب

احفظ لسانك لا تبح بثلاثة

بمكفر وبحاسد ومكذّب

فعلى الثلاثة تبتلى بثلاثة

ص: 424

258-

كان الوالد رحمه الله إذا قدّم للضيف تمرًا فامتنع البعض عن أكلِه ينشد هذه الأبيات:

تمرًا ولبنًا متكًا لحماً وطيبْ

عن ردِّ خمسةٍ نهى النبي الحبيبْ

259-

وسمعته يقول: "أنا لستُ بمفتي، أنا خادم طلبة العلم".

260-

وسمعته يقول: "أنا ألزم نفسي بالقيلولة بعد الغداء".

261-

وقيل للوالد رحمه الله تعالى: ألا تسافر فقال:

وألقتْ عصا التسيار من دون مرية

ثم قال الوالد لزين الغامدي: أكمل البيت.

قلت: ولم يكمله.

262-

سمعته يقول: "عرفت المدينة النبوية سنة 1367هـ".

263-

وسمعته يقول: "أحفظ المذهب المالكي".

264-

سمعته يقول: "كنت في أول الطلب أشتري كل ما أجد من الكتب بدون النظر إلى فنونها".

265-

وسمعته يقول: "مكثت مرة شهرًا لا أبصر بعيني، وأظن أنّ السبب قراءة المخطوط".

266-

سمعته يقول: "أتاني أحد الطلاّب بمخطوط للحافظ ابن حجر بخطّ الحافظ، وعرضه عليّ لأقرأه عليه، وذلك لعدم استطاعته قراءة المخطوط، وقرأته كلّه حتى استطاع نسخه وتحقيقه".

267-

وسمعته يقول: "تركت شرب القهوة والشاي والعصيرات المعلّبة بعد أن كنتُ أشربُها، فوجدت راحةً بعد تركِها ولله الحمد".

ص: 425

268-

ومرة قال الوالد لأحد الحاضرين في مجلسه: "أتعرف قبيلة بني فلان؟ " فذكر قبيلةً من القبائل "أين تقع؟ " فقال: لا، فذكر له الوالد موقعَها، وأخذ يذكر عددًا من القبائل ويحدّد أماكن وجودها.

269-

وسمعته يقول: "إن الأرقام التي كنا نستخدمها في البلاد هي الأرقام التي يستخدمها الهنود، وكنت لا أعرفُ غيرَها حتى هاجرت إلى هذه الدولة، فانتقلت من كتابة الأرقام بالطريقة الهندية إلى الأرقام المستخدمة هنا".

ثم قال: "والترقيم الهندي يعرف بالغُبَارِي".

270-

سمعته يقول: "مكة كدت أن أكون أعرف بها من أهلها حيث كنت أتجوّل فيها وأنا شاب من أجل أن ينطبق عليّ قولهم: أهل مكة أدرى بشعابها شرّفها الله عز وجل".

271-

سمعته يقول: "أنا خادم العلماء الذين درست عليهم".

272-

وسمعته يقول: "صنفان من الناس أنا بعيد عنهما: الحكّام

والتجّار".

273-

وكان رحمه الله إذا جاءه رجل من الطوارق أخذ يذكر له قبائل الطوارق بأسمائها وبلادها وأكبر القبائل شأنًا فيها.

274-

وسمعته يقول: "كنا في البلاد نلبس عمائم يركض الفرس والرجل عليه ولا تسقط أبدًا، بخلاف الآن نلبس هذه الخرق التي ما كنا نعهدها".

275-

وسمعته يقول: "في أفريقيا ندرس النحو والصرف والبلاغة، ولابد أن يدرس الطالب الشعر الجاهلي ويغيبه".

276-

وسمعته يقول: إن من شرط الإجازة العلمية في البلاد

ص: 426

"مالي" أن يدرَس الطالب أكثر العلوم الشرعية، وبالأخص أصول الفقه، ثم قال: وأصول الفقه المالكية غير متوفرة عندنا، فلهذا قرّر المشايخ على الطلاّب أصول الفقه الشافعية كـ"الورقات" لإمام الحرمين، ونظمها، و"اللمع" للشيرازي، و"جمع الجوامع" وحواشيه، و"المستصفى" للغزالي، ولم أرَ بعيني من كتب أصول الفقه المالكي شيئًا حتى دخلتُ المدينة النبوية".

277-

سمعته يقول: "دَرَّسْتُ في كليّات الجامعة الإسلامية كلّها

وكنت أدرس فيها العقيدة والحديث وجميع الدروس التي كنت ألقيها موجودة عندي محتفظ بها".

278-

وسمعته يقول: "دَرَّسْتُ بالمعهد العلمي بمكة سنة واحدة".

279-

وسمعته يقول: "خرجت من أفريقيا سنة 1366هـ".

280-

وسمعته يقول: "دخلت هذه البلاد السعودية سنة 1367هـ".

281-

وسمعته يقول: "خطِّي كان في أول الأمر كوفيًّا بحت، ثم حاولت أن أحوِّله إلى فارسي، الفارسي هو المتداول الآن، وأصل الخط العربي الخط الكوفي، وقد رأيتُ خطّ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وهو عندي، وخطُّه كوفي، والعبارة المكتوبة بخطِّه متضمِّنة لكلام يُمليه النبي صلى الله عليه وسلم على عليّ رضي الله عنه".

282-

وسمعته يقول: "كلمة "الحاكمية" كلمة بدعة، أصلُها من المستشرقين تلفّقها منهم بعض الناس".

283-

وسمعته يقول: "نحن الذين قال فينا زُهير بن أبي سلمى: "سود تنابيل"، والتنابيل معناها: القصار القامة". فقال رجلٌ للوالد: ولكن أنت طويل القامة؟، فقال الوالد: نحن نزعنا عرق، وذلك لأننا نتزوّج من الطوارق، وهم طوال" يعني: الغالب فيهم.

ص: 427

284-

وسمعته يقول: "إن ساعتي هذه اشتريتُها سنة 1367هـ".

285-

وسمعته يقول: "عهدي بمذهب المالكية الآن 45 سنة، ولَمّا كنت في البلاد لم يكن كتاب للمالكية إلاّ وعندي منه نسخة".

286-

وسمعته يقول: "قرأت كتاب "الإحكام" في الأصول لابن حزم على شيخ لي متقن جدًّا لهذا الفن".

ثم قال: "وأنا أرى أنّ على طالب العلم أن يقرأ كتب ابن حزم حتى يعرف من هو ابن حزم رحمه الله".

287-

وسمعته يقول في سنة 1414هـ في شهر ذي القعدة: "عمري الآن سبعون سنة".

288-

وسمعته يقول: "سألت والدتي: متى ولدت؟، فقالت: ولدت في السنة التي دخل أهل نجد فيها المدينة، وذلك سنة 1344هـ".

289-

قلت أنا عبد الأول: كان الوالد يبدأ في أيّ درس يدرسه

بهذه الخطبة وهي: "الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد: فإن أصدقَ الحديث: كتاب الله، وخير الهدْي: هدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم. من يهده اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له". يختم هذه الخطبة بقوله: "ما شاء الله ولا قوة إلاّ بالله".

وكان يقول: "إن الإمام مالك كان يكثر أن يقول في بداية درسه: ما شاء الله ولا قوّة إلاّ بالله".

290-

وسمعته يقول: "لما أُمِرَ بفتح جامعة إسلامية اختلفوا في أين تكون،

فقلت للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله: لو وضعتموها في المدينة فإنه سبق أن كانت في المدينة جامعة إسلامية ألا وهي أبو بكر رضي الله عنه يمثّل العرب، وبلال يمثّل الحبشة وهكذا".

ص: 428

291-

سمعته يقول: "إن أحد المشايخ بالرياض اشترى كتبًا بمليون ريال ما بين مخطوط ومطبوع".

292-

حدثني صاحبنا الشيخ عدنان بخش أن الوالد رحمه الله تعالى حضر مرّة في دار الحديث عند الشيخ المرشد مدير الدار، وذلك أيّام كانت هذه الدار في شارع أبي ذر، وكان الشيخ عمار الأخضر موجود في الدار فحصلت مناظرة في العقيدة أفحم الوالدُ فيها الشيخ عمار، وكان عمار أشعريًّا، وكان الوالد كلما أراد عمّار أن يتكلّم يقول له الوالد: انتظر، فلم يستطع أن يتكلم الشيخ عمار بشيء.

وقال عدنان: قد فرحت بهذه المناظرة، لأن الشيخ عمار نناقشه فيغلبنا بعقيدته الأشعريّة، والحمد لله أنّ الشيخ حمّاد أفحمَه.

قيّدت هذا الكلام في 6/6/1418هالثلاثاء صباحًا.

293-

سمعته يقول: "إن الرياض في أيامنا كانت رياضًا". يعني:

لكثرة العلماء وطلبة العلم على أيّامه.

ثم قال: "لقد كنت أتنزّه فيها وأحيانًا أذهب إلى حديقة الحيونات لأتفرّج عليهم".

294-

وسمعته يثني على أهل نجد ويذكر أنهم كانوا يكرمونَه ويخدمونه، ثم ذكر المشايخ في زمنه بالرياض، وقال:"تلك الأيّام تُسمّى أيّام المشايخ"، وقال:"كانوا مشتغلين في العلم في كل وقت، وما بقيَ منهم أحد اليوم إلا الشيخ ابن باز".

ص: 429

ثم أخذ يذكر بعضًا منهم:

- محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى.

- عبد الله عفيفي رحمه الله تعالى.

- محمد عفيفي رحمه الله تعالى.

- عبد الملك آل الشيخ رحمه الله تعالى.

- عمر بن حسن رحمه الله تعالى.

- إسحاق بن فارس رحمه الله تعالى.

- أبو حبيب الشثري رحمه الله تعالى.

- عبد العزيز المرشد رحمه الله تعالى.

- عبد العزيز بن عبد الله بن حسن، وهو طالب علم جيِّد.

- إبراهيم آل الشيخ وزير العدل سابقًا.

295-

وسمعته يقول: "كنت أتذاكر مع الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى بعد صلاة العشاء بالرياض".

296-

وسمعته يقول: "كان لي شيخٌ يقول لي: لا بدّ أن تسافر إلى نجد فإنّك إذا عشت معهم كأنك تعيش مع الصحابة".

ثم قال الوالد: "وهذا الشيخ هو: محمد عبد الله المحمود رحمه الله تعالى".

297-

وسمعته يقول: "دخلت الرياض سنة أربع وسبعين، وخرجت منها سنة خمس وثمانين".

298-

وسمعته يقول: "كنت نسّاخًا للكتب عندما كنت في أفريقيا؛ لأن الكتب شحيحة".

ص: 430

299-

قال الوالد: "كنت قد طبعت كتاب "السنة" للإمام أحمد وكتاب "التحف" للشوكاني ووزعتُها بين الطلاّب ونشرتُها، وذلك في أيّام توفّر الوسيلة الماديّة، أما الآن فلا".

300-

وسمعته يقول: "كان مكتوب على باب من أبواب المسجد النبوي هذا الحديث وهو: "اللهم إنك أخرجتني من أحبّ البلاد إليّ فأسكنِّي في أحبِّ البلاد إليك" فأخبرت الطلاّب في الدرس الذي ألقيتُه في المسجد النبوي أنّ هذا الحديث كذبٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي أحد الأيّام التقيت برجل وأنا خارج من المسجد النبوي فقال لي: أنت حمّاد الأنصاري؟، فقلت له: ضائعٌ منك حماد الأنصاري؟، أنا حماد الأنصاري، فقال لي: أنت الذي تقول: إن الحديث الذي على باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كذب؟، قلت: له: نعم، هو كذب، ولو كنتُ أعلم أنّ أمثالَك سيسمعون هذه الكلمة ما قلتُها لعدم معرفتكم بمعناها، فقال الرجل: بل أنت الكذب وأخذ بثوبي وقال: لا بدّ أن نذهب إلى المحكمة، فقلت له: بل أنا الذي أذهب بك إلى المحكمة، لست أنت الذي تذهب بي!، فذهبنا سويًّا إلى المحكمة وكان القاضي مشغول باجتماع مع بعض القضاة، وعندما دخلنا المحكمة صرخ خصمي صرخة أسمَعَتْ مَن في خارج المحكمة حيث قال: يا أيها الناس إنّ هذا الرجل يُكَذِب النبي صلى الله عليه وسلم، واجتمع بعض الناس علينا فذهبنا مرة ثانية إلى القاضي فرأيت أنه ما زال مشغولاً، فعدت إلى خصمي فلم أجده، فذهبت وعدت في يوم آخر وذكرت ذلك للقاضي فاستدعاه وهو مخذول يكاد يبكي يقول: إني كنتُ مخطئًا، وأخذ يكذب، فسامحتُه، فذهب، ثم بعد فترة عاد لمثل هذا العمل، والله المستعان".

ص: 431

301-

سمعت الوالد أكثرَ من مرّة يقول: "إن هذا الحيّ حي الفيصليّة الذي أسكن ليس بخارج حدود الحرم النبوي الشريف، فطرفٌ من جبل عير يتجاوزنا فندخل من جهة هذا الطرف".

302-

سمعته يقول: عندما كنتُ بالرياض سنة 1371هـ وما بعدها لم يكن في المتناول كثير من الكتب، وذلك لقلّة المطبوعات، وهذا من الأسباب التي جعلتني أقوم بالتأليف في أنواع علم مصطلح الحديث، فألّفت في الألقاب، والمدلِّسين، والمؤتلف والمختلف، والكذّابين.

وكنت أقومُ بنسخ أيّ مخطوط أعثر عليه في فنّ المصطلح لِنُدْرة المطبوع منها".

303-

حدثني الأستاذ جميل فلاته أنه كان يقرأ مع جماعة على الوالد رحمه الله تعالى "الترغيب والترهيب" للمنذري في بيته، وكان يشرحه لهم.

304-

سمعته يقول: "في سنة 1367هـ كنتُ نشيطًا في جمع "الأثبات" التي تحوي الأسانيد إلى الكتب والأحاديث".

305-

سمعته يقول: "أنا لم أرحل إلى "رابغ"، وقد أجازني مسندُها الأركاني مكاتبةً، وهذه الإجازة موجودة عندي".

306-

وكان الولد رحمه الله تعالى إذا كان أحد الطلاّب يقرأ عليه فلحن ينشد هذا البيت:

النحو زينٌ للفتى

يكرمه حيث أتى

من لم يكن يحسنه

فحقه أن يسكُتَا

وكان يشدّد ويحثّ على تعلم النحو في كثير من مجالسه التي يدرِّس فيها كتب العلم.

ص: 432

307-

حدثني الأستاذ فهيم موظّف في مركز خدمة السنة معنا أنه سمع الوالد رحمه الله تعالى يقول: "حججت أول ما قدمت إلى هذه الديار على الجمل إلى مكة في اثني عشر يومًا".

ولعلّه يقصد أنه حجّ من المدينة إلى مكة. ثم أتيت فهيم وسألته فقال: نعم من المدينة إلى مكة.

308-

وسمعته يقول: "كل الذين في ثبت الشيخ حمود التويجري رحمه الله تعالى أروي عنهم من مشايخه ما عدا الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري، وغيره ولكن قليل أهـ".

309-

قال الدكتور الحكمي محقق كتاب "نظم قواعد المعرب" لمحمد الأنصاري: "فإن صلتي بنظم القواعد النفيسة كان إحدى ثمار اتصالي بفضيلة شيخنا العلامة حماد بن محمد الأنصاري رحمه الله وبارك في علمه، فقد عرض عليّ قبل سنتين العمل في هذه القواعد بكتابة تعليق أو شرح يوضّح مسطورها ويكشف مكنونها، وكانت رغبة لفضيلة شيخنا توجه له فيها القصد، وأحسن بي الظن، وإن كنتُ دون ظنِّه بكثير".

310-

كان الوالد يقول بعد انتهاء الدرس: "أسأل الله العظيم أن يجعلنا هداةً مهتدين".

311-

وسمعته يقول: كنت مغرماً بالنظم وكنت لا أحفظ شيئاً حتى أنظمه.

312-

تزوجت سنة 1375هـ وعمري 31 سنة، وقد حاول عمي تزويجي وأنا في بلاد مالي فأبيت.

313-

سمعته يقول: في شبابي كنت أحفظ من أول وهلة فإذا سمعت من أحد شيئاً لا أنساه أما الآن فقد نقصت حافظتي.

ص: 433

314-

وسمعته يقول: كنت بمكة من سنة 1367هـ إلى سنة 1371هـ.

315-

وسمعته يقول: أحفظ الرحيبة في الفرائض وهي عندي كافية في هذا الفن.

316-

وسمعته يقول: خطي الآن مخضرم: أندلسي ومشرقي.

317-

وسمعته يقول: في سنة 1367هـ دخلت مكتبة عارف حكمت للبحث عن المخطوطات الغرائب أو النادرة.

318-

وسمعته يقول: الشهور العجمية أحفظها نظماً.

319-

وسمعته يقول: إن أصول الفقه الشافعي هي التي ندرسها في البلاد ولا يوجد عندنا سواها والكتب التي ندرسها تبدأ بالورقات لإمام الحرمين ثم اللمع ثم جمع الجوامع للسبكي.

320-

سمعته يقول: بدأت في طلب علم الحديث سنة 1366هـ وكانت دراسة علم الحديث بأفريقيا ممنوعة إلا لمن بلغ الأربعين سنة.

قلت: سنة 1366هـ كان الوالد بالحرمين.

321-

سمعته يقول: سفري من البلاد إلى أن وصلت إلى الحرمين كان مغامرة.

322-

سمعته يقول: إن أهلي وجماعتي بالبلاد "مالي" لم يجئ أحد منهم سوى الشيخ عمار وهو بمكة.

323-

سمعته يقول: إن أصدقائي بمكة ما أكثرهم.

324-

سمعته يقول: ركبت البحر أربع مرات.

ص: 434

325-

سمعته يقول: قال لي مرة رجل من الرياض ما اسمك فقلت له: حماد بن محمد الأنصاري فقال متعجباً الأنصاري فقلت نعم الأنصاري فقال: لا يوجد أنصار اليوم فقلت له: يا عجباً هل بنو تميم موجودون قال: نعم، فقلت له: أكتب الله تعالى على الأنصار أن لا يتناسلوا وبنو تميم يتناسلون فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأنصار يقلون وغيرهم يكثر فقلت ليس معنى الحديث أنهم ينعدمون.

326-

سمعته يقول: سكنت في رباط محمد مظهر عندما قدمت إلى المدينة سنة 1369هـ في غرفة مليئة بالغبار.

327-

سمعته يقول: إن أحد الناس أرسل رسالة لي وكتب فيها فضيلة الدكتور حماد الأنصاري فأرسلت إليه جواب رسالته وكتبت فيها أنا لست بدكتور إنما أنا مدكتر الدكاترة.

328-

سمعته يقول: كنت ألح كثيراً على الشيخ محمد بن إبراهيم أل الشيخ أن يسمح لي بالنقلة إلى المدينة النبوية حتى وافق رحمه الله تعالى.

329-

سمعته يقول: عند خروجي من بلاد مالي كان معي في الرحلة اثنان الشيخ عمار والشيخ أُحيد فقط خرجنا من البلاد سنة 1365هـ كنا نمشي بالليل وننام بالنهار، أخذنا في السفر سنة كاملة.

330-

سمعته يقول: كنت مدرساً بمكة سنة 1367هـ.

331-

سمعته يقول: في البلاد كان عندنا صحيح البخاري بحاشية السندي.

332-

سمعته يقول: عندما كنت بالرياض كنا معشر طلبة العلم بها نجتمع مع المشايخ في الأسبوع مرة نقرأ في بعض كتب شيخ الإسلام أو ابن

ص: 435

القيم ولنا قارئ في هذا اليوم وكان الاجتماع هذا في بيت الشيخ عبد العزيز بن مرشد.

333-

سمعته يقول: صحبت بالرياض الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ عمر بن حسن آل الشيخ، والشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ رحمهم الله تعالى.

334-

سمعته يقول: الأيام التي كنت فيها بالرياض أدرس في الكليات تلك كانت الأيام الذهبية.

335-

وسمعته يقول: قدمت المدينة النبوية سنة 1385هـ.

336-

سمعته يقول: سكنت في الخنساء بمكة المكرمة وقد عشت بمكة سبع سنين وكنت أدَرِّس بالصولتية، وكان يدرس بها: المشايخ حسن مشاط ومحمد نور سيف، وعلوي مالكي وأمين الحنفي وصالح كنتل وزكريا بيله جاوي وعلي بكر نيجيري. وكان علي هذا من العلماء، ويحي أمان الحنفي وكان يلقب بأبي حنيفة الصغير. ثم قال الوالد: والذين درسوا معي في الصولتيه كلهم سردتهم في كراس، وكان تدريسي في الصولتية سنة 1371هـ. درست فيها أربع سنوات فقط ثم خرجت منها إلى الرياض سنة 1374هـ. وكان مديرها سليم رحمه الله. والإندونيسيان زكريا بيليه وصالح كنتل عالمان.

337-

سمعته يقول: دَرَسْتُ على الفاداني العالم بالأسانيد، علم الفلك بمكة المكرمة وعلم الفلك درسته كذلك بأفريقيا من منظومة للسوسي حفظتها ثم درستها وبعض العلوم من علوم الآلة نسيتها ولم أنس هذا العلم. والفاداني أعده آية من آيات الله في هذا العلم يعني علم الفلك مع أني ألتقيت بغيره.

ص: 436

338-

سمعته يقول: كدت أحفظ "حاشية الجمل" في التفسير وذلك أننا ليس لنا في أفريقيا تفسير سواه.

339-

سمعته يقول: كنا إذا أردنا الذهاب إلى مكة قديماً ركبنا سيارات كبيرة وهذه السيارات صعبة في السير.

340-

سمعته يقول: من عادتي إذا قرأت كتاباً من الكتب أن أفرد ما فيه من الفوائد التي لا ينتبه إليها كل أحد.

341-

سمعته يقول: كنا في البلاد "مالي" نحفظ ألفية ابن مالك ثم نعرضها على الشيخ ونستشكل ما فيها فيجيبنا على الاستشكالات.

342-

سمعته يقول: إن عمي "البحر" كان هو المفتي والقاضي في البلاد، وكانت فرنسا لا تأخذ ممن حوله من الناس ضريبة بسبب أنه المفتي.

343-

كان الوالد رحمه الله تعالى كثيراً ما يكرر هذا البيت:

لكل إلى شأن العلى وثبات

ولكن قليل في الرجال ثبات

344-

سمعته يقول: أعرف "مدينة كانوا" جيداً وقد دَرَّسْتُ فيها كثيراً سنة 1366هـ.

345-

سمعته يقول: من عادتي إذا قرأت كتاباً أن أقيد فوائده على جلدة الكتاب.

346-

سمعته يقول: مكثت بمكة سبعة سنين أدرس بها وفي المدينة عشرين سنة.

347-

أخبرني الشيخ عبد الله الحاج بمكة حفظه الله أن الوالد رحمه الله كان يحضر درس الأمين صاحب كتاب التفسير "أضواء البيان".

ص: 437

348-

سمعته يقول: يوم دخلت السعودية في أول دخولي لها كان عمري تسعة عشر عاماً (19) سنة تقريباً، وفي سنة 1367هـ باشرت التدريس.

349-

سمعته يقول: سكنت في المدينة النبوية قديماً جداً في رباط محمد مظهر ثم في رباط العجم.

350-

سمعته يقول: عندما عدت للبلاد "مالي" بعد رحلتي الثانية مكثت في البلاد أقل من شهر ثم عدت في آخر محرم.

351-

سمعته يقول: من أسباب خروجي من البلاد "مالي" أن طالب العلم لا يتمكن من طلب كثير من العلوم لأكثر من سبب سواء عدم وجود العلماء المتخصصين أو المراجع وغير ذلك ثم قال: خرجت من البلاد ليلاً ولا أحد يعلم من الجماعة وكان ذلك في موسم الربيع والأرض خَضِرة وركبت وصاحبي جملين قويين بسبب الأكل من هذه الخضرة خرجنا مسرعين وكانت الرحلة طويلة حيث إنا سلكنا الطريق الغير معتاد والطريق المعتاد نحو الشرق فاتجهت وصاحبي نحو الجنوب وكان على تلك الجهة بعض المستعمرين، وهذه الجهة بالنسبة للشرق شرها قليل جداً. وقد أخذنا ستة أشهر حتى وصلنا إلى السودان، وقد كنا نمشي ليلاً ونختفي نهاراً في وسط الغابات وتأذينا بسببها كثيراً، وكانت ثلاثة أشهر إلى مدينة كانو بدولة نيجيريا وثلاثة أشهر إلى دولة السودان. وقد رأيت السيارة أول مرة في مدينة كانو وقد ركبنا اللوريات وهي السيارة الكبيرة الخاصة بالبضائع، وبعنا الجمال التي معنا وتزودنا بمالها، وفي ذلك الزمان العالم الإسلامي كله مستعمر، والله المستعان. ثم قال الوالد: فعلى كل مسلم لم ير الإستعمار ولم يدركه أن يشكر الله تعالى على أن عينيه لم تر قبح وحماقة وشر المستعمر العنيد لعنه الله تعالى.

352-

سمعته يقول: درَّست جامع الترمذي ثلاث مرات في كل مرة أختمه ثم أعود وأختمه ذلك لأني كنت معجباً به.

ص: 438

353-

سمعته يقول: أعلى إسناد بيني وبين النبي صلى الله عليه وسلم عشرون رجلاً وذلك من طريق العلامة الأصولي الشوكاني رحمه الله تعالى، ولي إسناد عدد رجاله إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثين، وإسناد أربعين رجلاً.

354-

كان الوالد رحمه الله تعالى يردد أحياناً هذا البيت:

ذهب الشباب ثم تنصرما

فلا يعود إلى اللقا أبداً

355-

سمعته يقول: بدأت في طلب علم الحديث وأنا ابن عشرين سنة ومن قبل كنت مع علوم الآلة، والفقه المالكي.

356-

وقال أحد طلبة العلم للوالد: كيف العقيدة السلفية في البلاد؟ أو المكان الذي كنتم فيه؟ فقال الوالد: إن العقيدة سلفية؛ لأن رسالة ابن أبي زيد القيرواني متوفرة يقرؤونها ويحفظونها.

357-

سمعته يقول: أحفظ أكثر ألفية العراقي في المصطلح.

358-

كان الوالد رحمه الله تعالى يقول: أنا حماد الأنصاري الأندلسي الغرناطي الأفريقي المدني.

359-

سمعته يقول: في شبابي ما كنت أنام بعد الظهيرة حتى الليل ثم أنام، أقضي الوقت كله في طلب العلم.

360-

سمعته يقول:

أَيْقَشْ بَكَرْ جَلَسٌ

دَمَتْ هَنَثْ وَصَخُ

زَعَذْ حَفَظْ طَضغٌ

ذَا الْعَدُّ مُعْتَبَرُ

ص: 439

هذه الأحرف فيها الآحاد والعشرات والمئات والألوف، وهي عبارة عن أعداد، وهذه الطريقة كنا نستخدمها في البلاد "مالي" في معرفة أصحاب الفروض وتقسيم الفرائض، وهي عبارة عن أرقام. اهـ.

قلت: وشرحها كالتالي:

الهمزة للواحد، والباء للعشرة، والقاف للمائة، والشين للألف.

والباء للاثنين، والكاف لعشرين، والراء لمأتين.

والجيم لثلاثة، واللام لثلاثين، والسين لثلاثمائة.

والدال لأربعة، والميم لأربعين، والثاء لأربعمائة.

والهاء للخمسة، والنون لخمسين، والثاء لخمسمائة.

والواو لستة، والصاد لستين، والخاء لستمائة.

والزاي لسبعة، والعين لسبعين، والذال لسبعمائة.

والحاء لثمانية، والفاء لثمانين، والظاء لثمانمائة.

والطاء لتسعة، والضاد لتسعين، والغين لتسعمائة.

قلت: هذا الشرح قام به الأخ الفاضل محمد المحمود الأنصاري طالب بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية حفظه الله.

361-

سمعته يقول: إن أجدادي نزحوا من الأندلس في القرن العاشر إلى أفريقيا الغربية فنزلوا ضيوفاً على المسلمين من الأفارقة والسودان فشاهد السودان من علمهم وطلبهم للعلم الشئ الذي أذهلهم ورأوا أن هؤلاء الضيوف أهل علم ينفعونهم في دينهم وطاعتهم لله تعالى فرحّبوا بهم وأنزلوهم واحترموهم وسمحوا لهم بأن يستقروا في جزء من بلادهم واستقروا فعلاً في

ص: 440

أرضهم بإذنهم وتحت إشرافهم فأصبحوا يتلقون منهم العلم ويخدمونهم حتى طال الزمان وهم في رغدٍ من العيش، حتى داهمهم الاستعمار الفرنسي طالباً أن يكونوا تحت أمره فرفضوا أشد الرفض ولكن الكثرة تغلب الشجاعة فالكفار يمتلكون من السلاح الفاتك الكثير والمسلمون لا يملكون إلا السلاح القديم الأبيض، فقامت المعارك بين الأجداد وبين الكفار في النهار الجولة للكفار وفي الليل الجولة للمسلمين يهجمون على معسكرهم فيقتلون الجنود بحوافر الخيل، ودار الأمر كذلك حتى باغت الكفار المسلمين بجمع من الجنود والسلاح الفاتك عند الفجر بعد انقضاء الصلاة وهم يقرؤون حزبهم جماعياً وكانوا في حزب قوله تعالى {لقد رضي الله عن المؤمنين} فأطلقوا النار فجرحوا الكثير وقتلوا والله المستعان.

362-

سمعته يقول: عندما وصلت إلى المدينة سنة 1367هـ التقيت برجل من أهل المدينة في المسجد النبوي: فقال لي تبحث عن منزل؟ أنا أدلك على منزل، فدلنا على المنزل فإذا هو قصر بجوار القلعة التي بقباء فسكنت هناك ويعتبر هذا المكان عند أهل المدينة بعيدًا جداً فكنت أمشي من هناك إلى المسجد النبوي أخرج لصلاة الفجر فلا أعود إلى المنزل إلا عند غلق المسجد بعد العشاء، وكنت أتسلح بعصا طويلة أحملها معي ضد الكلاب وأحمل معي أيضاً كشافاً يضئ لي من أجل المستنقعات التي في الطريق، والله المستعان.

363-

سمعته يقول: عندما كنت أسكن بمكة المكرمة كنت أستأجر سيارة فأتجول في مكة كلها لأعرفها.

364-

سمعته يقول: خرجت من البلاد مالي سنة 1365هـ.

365-

سمعته يقول: في سنة1370هـ كنت أصلي بالمسجد الحرام وصليت بجوار أخ لي من الهند فبينما أنا في الصلاة إذ قام بضرب رجلي برجله

ص: 441

ضربة قوية فظننت أني عملت له عملاً أغضبه، وبعد الصلاة سألته ماذا حصل، فتكلم بلغته، فلم أفهم ما يقول، حتى جاء أحد الناس فترجم لي ما يقوله، وهو: إني أرفع يدي في غير تكبيرة الإحرام فتعجبت من كلامه هذا، فذهبت وتركته؛ لأني وجدته متعصباً جداً، ولن يتعلم الصواب لو علمته.

366-

سمعته يقول: كنت في الحج حاجاً وكان في قدمي شقوق فما أستطيع المشي بسببها بلا جوارب فلبست الجوارب فكنت كلما مررت بأحد من الناس يأمرني بنزعها وشدد علي رجلٌ تشديدًا كبيرًا في نزعها فذكرت له الأثر الذي معي، وأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل مثل هذا ولكن أبى أن يفهم فتركته.

ثم قال الوالد: ومن أكبر البلايا أن يقابلك عامي وتحاول تعليمه ويرفض أن يتعلم، والله المستعان

367-

سمعته يقول: كنت أدرس في المسجد النبوي كتاباً في التوحيد وفي يوم من الأيام قال لي أحد الناس بعد فراغي من الدرس أريد أن أنصحك نصيحة فقلت له تفضل فقال: هل رأيت أحدًا في هذه الأيام يدرس ما تدرسه؟. قلت له: لا، فقال: أتعلم ما السبب؟ فقال الوالد: لا أعلم، فقال نحن خططنا لهم حتى منعناهم من التدريس لأنهم كانوا يدرسون مثل ما تدرس أنت فالأحسن لك أن تمتنع عن التدريس قبل أن يصيبك ما أصابهم فنحن لا نريد هذا التوحيد الذي تدرسه قال الوالد: فأخذت أكلمه فذهب وامتنع أن يسمع، وهذا الرجل وأمثاله هم دائماً في الحرم وأعرف أسماءهم ولكن نسيتها الآن.

368-

وسمعته يقول: السبب في أن عمري في التابعية مصغر أنني عندما دخلت على مدير الجنسية بمكة كان يدخن فنهيته فحمل علي في قلبه ثم سألني قال كم تبلغ من السن؟ فقلت: أنا من مواليد 1344هـ فقال لي: ليس كذلك أنت من مواليد 1350هـ، فكتبها هكذا.

ص: 442

369-

وسمعته يقول: درست عقيدة ابن أبي زيد القيرواني على شيخ سلفي وذلك بأفريقيا، ودرست القسم الفقهي منها على شيخ أشعري.

370-

وسمعته يقول: تركت التدريس العام بعد فتنة 1400هـ.

371-

وكان رحمه الله تعالى: إذا أشكل عليه شيء من المسائل الفقهية راجع المغني لابن قدامه وكان كثيراً ما يفعل ذلك.

372-

وسمعته يقول: كنت قبل فتنة 1400هـ أكتب عن نفسي خادم الشباب ثم كتبت بعدها حال مشاكل الشباب.

373-

وسمعته يقول: أثناء دراستنا بأفريقيا كنا لا نسمع إلا بالمذهب المالكي والشافعي والحنفي، وإذا سألنا المشايخ عن المذهب الحنبلي يقولون لنا الإمام أحمد ليس له مذهب، وينشدون على لسان الإمام أحمد:

لا تكتبوا ما قلته

بل أصله اطلبوا

374-

وسمعته يقول: إن كتاب الحيض درسته على المذاهب الأربعة، وذلك على يد المشايخ، ومع هذا كله مازال مُشكلاً عليّ إلى الآن وإذا سئلت عن مسألة فيه أكون أحير من ضب.

375-

وسمعته يقول: فتنة 1400هـ وفتنة صدام وكذلك الخميني هؤلاء الثلاث هم السبب فى تركي للتدريس. ثم قال إن بعض من يحضر للدروس يتتبع الأخطاء والهفوات.

376-

وسمعته يقول: كنت أدرس في المسجد النبوي قديمًا على ساكنه أفضل الصلاة وأتم التسليم النحو والتوحيد والحديث.

377-

وسمعته يقول: كنت أجلس في الحرم المكي بجوار أحد أبوابه وذلك سنة 1367 هـ، وأنام على خَسَفهٍ عند هذا الباب وأخذت على هذا أربع سنين وأنا أبيت فى المسجد الحرام.

ص: 443

378-

وسمعته يقول: أول ما قدمت الى هذه الديار السعودية كان معي مال كثير أنفقته كله في شراء الكتب حتى لم يبق معي شيء منه.

379-

وسمعته يقول: لم يكن في مكتبتنا يعني طلبة العلم بإفريقيا من كتب الحديث سوى صحيح مسلم والبخاري وأبي داود ومعجم الطبراني الكبير.

380-

وسمعته يقول: المنظومة الطليحية ندرسها ونحفظها في البلاد.

381-

وسمعته يقول: اشترى المشايخ في البلاد القاموس المحيط في اللغة طبعة حجرية من رجل بناقتين وهذا يُعَدُّ شيئاً كثيراً.

382-

وسمعته يقول: في البلاد نُغَيِّبُ الألفية لابن مالك على الألواح وغير الألفية.

383-

وسمعته يقول: نحن في البلاد أقرب إلى دولة النيجر من مالي.

384-

وسمعته يقول: نحن كانت لنا علاقة قوية بالكنتيين. قلت: الكنتيون قبيلة مشهورةٌ في البلاد مالي يغلب على أهلها طلب العلم الشرعي.

385-

وسمعته يقول: سكنت في المدينة فى البساطية ثم في حي المصانع ثم بالحرة الشرقية ثم بحي الفيصلية.

386-

وسمعته يقول: دَرَّسْتُ في الدراسة النظامية خمساً وأربعين سنة. قلت يعني مراحل الجامعة وما قبلها.

387-

وسمعته يقول: عينت أستاذًا مشاركًا على يد الشيخ عبد المحسن العباد عندما كان رئيساً للجامعة ثم عينت قبل التقاعد بشهرين أستاذ كرسي ولكن بعد فوات الأوان.

ص: 444

388-

وسمعته يقول: كنت أذهب مع الانتدابات التي تقوم بها الجامعة الإسلامية، وجمعت بسببها أموالاً كثيرة وقد أعانني الله عز وجل على صرفها على الأخوان والأصحاب ممن له حاجة منهم فقد قلت لهم: من كان له حاجة فليأت، فمنهم من أقرضته خمسة عشر ألفاً ومنهم من أقرضته عشرين ألفاً وهكذا حتى لم يبق منها شيء ولله الحمد.

389-

وسمعته يقول: إن نسبي إلى سعد بن عبادة رضي الله عنه موجود لدى الآن، نقل من على صخرة كان مكتوباً عليها عند رأس قبر لجد من أجدادي وهذه الصخرة طويلة.

قلت: ونسب جماعة الوالد أشهر من نارٍ على علم.

390-

وقال أحد تلاميذ الوالد يناديه يا شيخ فقال أنا لست من المشايخ. قلت: قالها تواضعاً رحمه الله تعالى.

391-

وسمعته يقول: كان الأولاد فى البلاد يحفظون القران فى سن الخامسة.

392-

وسمعته يقول: فى البلاد ما درست كتاباً إلا وحفظته وذلك لقلة الكتب وندرتها عندنا.

393-

وسمعته يقول: كنا في البلاد نتداول الكتاب الواحد مائة رجل وذلك لعدم توفر الكتب، وكنا نقسم الكتاب الواحد إلى ملازم كل شخص يأخذ ملزمة ويقرأها ويحفظها.

394-

وسمعته يقول: جاءني تيسير اليمني ورجل آخر في البيت فى وقت متأخر من الليل فطرقا الباب فنظرت من النافذة ورأيتهما وفتحت لهما الباب فدخلا المكتبة، فقلت لهما: إن مجيئكما في هذا الوقت يظهر أنه لأمر

ص: 445

خطير فقالا: نعم إنك تعلم أن في ظفار حربًا بين المسلمين والشيوعيين فقلت: نعم، أعلم. فقالا: أذن تذهب معنا إليها فقلت: لا أذهب حتى أدرس هذه المسألة، فإنكما أتيتما مفاجأة. قال الوالد ولم أذهب معهم.

395-

كان الوالد رحمه الله يعرف مواطن القبائل ومضاربها في الجزيرة العربية ويناقش أهلها فيها.

396-

وسمعته يقول: إن الإسحاقيين خمسون قبيلة هذه أعرفها وسبب معرفتي إياها أن كل قبيلة من الخمسين لهم تلاميذ يدرسون عندنا، وكنت إذا مررت بقبائلهم الكبيرة نزلت عليهم. قلت: الاسحاقيون: قبيلة كبيرة في دولة مالي بصحرائها.

397-

وسمعته يقول: في سنة 1415هـ في الشهر الرابع منه لثلاث ليالٍ منه في عصر يوم الخميس: إني لا أستطيع الآن قراءة المخطوطات، وقراءتها تتعب عيني.

398-

وسمعته يقول: كنت أحفظ مذهب الإمام مالك حفظاً تاماً وأستحضره.

399-

وسمعته يقول: في هجرتي إلى هذه البلاد كتب لي شيخي محمد عبد الله ابن محمود تزكية وأمرني بتسليمها للشيخ عبد الملك آل الشيخ.

400-

وسمعته يقول: أيام الرياض أيام النشاط يعني عندما كان في الرياض.

401-

وسمعته يقول: دَرَّسْتُ كتاب التوحيد كله للإمام ابن خزيمة فى المسجد النبوي، وكذلك كتاب الإبانة لأبي الحسين الأشعري مع تعليقاتي عليه كله.

ص: 446

402-

وسمعته يقول: كتاب أطراف الحديث لأبي هاجر ما استفدت منه إلا مرة واحدة، وذلك أن أغلب الأحاديث التي فيه أعرف مواضعها في الكتب، وإنما أرجع إليه في الأحاديث الغريبة.

403-

وسمعته يقول: في هجرتي إلى بلاد الحرمين كان معي الشيخ عمار والشيخ رضوان.

404-

وسمعته يقول: محفوظاتي في الصغر أغلبها نسيته وبقي منها القليل.

405-

وسمعته يقول: كتاب البخاري ومسلم وأبى داود والموطأ هذه الكتب كانت في مكتبتي في البلاد وليس عندي غير هذه الكتب في الحديث.

406-

وسمعته يقول: كنت احفظ منظومة جمع الجوامع للسيوطي.

407-

وسمعته يقول: خرقة الصوفية موجودة في البلاد التي كنا بها، ولكن كان علماؤنا يبد لونها بالعمامة فلا يعد العالم عالماً حتى يلبسه أكبر العلماء العمامة.

408-

وسمعته يقول: انتقلت من الرياض سنة 1385هـ وقد مكثت فيها إحدى عشر سنة.

409-

وسمعته يقول: في أول قدومي للرياض دَرَّسْتُ في المعهد الثانوي سنة واحدة وبعد أن مكثت في الرياض سنين عديدة طلبت من الشيخ محمد ابن إبراهيم آل الشيخ والشيخ عبد اللطيف آل الشيخ أن انتقل إلى المدينة فامتنعا، ثم بعد وقت طلبت منهما الانتقال فوافقا.

410-

وسمعته يقول: كنت أحرص على معرفة التاريخ فترة من الزمن وبالأخص تاريخ الجزيرة العربية، ولم يبق من أهل الجزيرة العربية إلا صنفان من

ص: 447

الناس حافظوا على أنسابهم وبلادهم وهم أهل نجد وأهل اليمن مع كثرة الفتن، أما أهل الحجاز فلم يستطيعوا أن يسيطروا على أنسابهم وبلادهم بسبب كثرة الفتن، وتستطيع أن تستثني من أهل الحجاز أهل الجنوب فقد حافظوا على أنسابهم وبلادهم ففي فتنة الشريف مع تركيا خاصة أخرج كثير من أهل الحجاز من الحجاز، فقد كان الأتراك يحملونهم في القطارات إلى بلادهم، وقد التقيت مع أُناس شاهدوا هذه الفتنة وحدثوني عن الحال التي وصل إليها العرب في ذلك الوقت ودولتان لا يوجد فيهما عرب محافظون على عروبتهم تركيا والهند.

411-

وسمعته يقول: كنت أُحفظ حاشية الخضري في النحو في أفريقيا.

412-

وسمعته يقول: مكتبتي في البلاد بها سنن أبي داود والموطأ والمعجم الكبير للطبراني وصحيح البخاري.

413-

وسمعته يقول: معجم الطبراني الكبير كنا في البلاد نقرأه حتى نُطبِّقَ به قواعد الإعراب لا للتفقه بما فيه.

414-

وسمعته يقول: في سنة 1367هـ كنت نشطاً في جمع الأثبات الحديثية.

415-

وسمعته يقول: إن رسالة شيخ الإسلام في تنوع العبادات كنت أشتغل بها أيام النشاط والذاكرة.

416-

وسمعته يقول: لما طلبت مني الحكومة السعودية أن آخذ التابعية قدمت لها، فقال لي رئيس الجوازات: أحضر جواز السفر، فقلت له إن الاستعمار الفرنسي كافر، وهو الذي يحكم البلاد التي هاجرت منها، فقلت له:

ص: 448

لا أحضر جواز سفر من عند الكفار، فقال لي إذن نسفرك أو نسجنك، فقلت له: افعل ما شئت، فإني لا أذهب إلى الكفار لأطلب منهم جواز سفر.

417-

وسمعته يقول: كان عندي فى البلاد نسخة فريدة للقاموس في اللغة يضرب إليها فرامل الكدلكات.

418-

وسمعته يقول: معجم الطبراني الذي كنت أملك منه نسخة في البلاد، كنا نقرأ فيه نتعلم القراءة لا لقراءة الحديث.

419-

وسمعته يقول: كنا نقرأ في البلاد على شيخ أعجوبة في علم اللغة والآداب، وكان أحدنا إذا لحن أثناء القراءة عليه يوبخه توبيخاً عظيماً، حتى قد يبكى بعضنا.

420-

حدثني الشيخ محمد بن عبد الوهاب العقيل أن الوالد حدثه أنه دخل مكتبة ليشتري بعض الكتب، فرأى كتاباً عن الرافضة في السعودية، فقال الوالد بصوت مرتفع للبائع: هؤلاء ما انتهوا، يعني ما انتهت كثرتهم، فقال له رجل من شيعة الشرقية كان في المكتبة يشتري: يا شيخ نحن عددنا اليوم مليون نسمة، وسنزداد أكثر فأكثر وسترون.

421-

وسمعته يقول: قرأت الخزرجية في العروض وهي نظم مع شرحها واستفدت منها.

422-

وسمعته يقول: ما كان في الرياض أثناء إقامتي بها ألا مكتبة قرطاسية لعبد الرؤوف المليباري، ثم عزمت أنا وجماعة من الإخوان على تأسيس مكتبة علمية واشترطنا ألَاّ يباع فيها ألا كتب السلف وأن تباع بسعر منخفض، وعَيَّنَّا عليها طالباً اسمه عبد العزيز التويجري، ومكثت هذه المكتبة إحدى عشرة سنة ثم انتهى ما فيها من الكتب ثم أغلقت ومن بعد ذلك الحين بدأت المكاتب تنتشر.

ص: 449

423-

وسمعته يقول: إن والدتي كانت ماهرة في الطب الشعبي وخاصة طب العيون، وقد تدلت إحدى عيني رجل بسبب ضربة عليها، واستطاعت والدتي أن تعالجه حتى أصبحت سلمية. وقذفني رجل مرة بحجر فأصاب إحدى عيني فجئت إليها فعالجتني، وقد تعلمت هذا الطب من بعض نساء الحي.

424-

وسمعته يقول: إن الشيخ عمار بن الحسن بن حذيفة بن حنه ولدت أنا وهو في سنة واحدة، وخرجنا من البلاد سوياً سنة 1365هـ ووصلنا هنا سنة 1367هـ وقد دَرَّسْتُ أنا في السودان وغيرها.

425-

وسمعته يقول: كنت أعهد المدينة النبوية سنة 1368هـ إلى سنة 1370هـ تكثر فيها الأمطار الغزيرة وكنت إذا مشيت من الحرم إلى قباء أرى كثيراً من المستنقعات المليئة بالماء والمدينة كلها خضراء وكان البرد في المدينة لا يأتي إلا بعد هطول المطر وكان في المدينة عيون كثيرة، وكان بجانب المسجد النبوي عين تفور كنا نسبح فيها، وبها حيتان أو ثعابين.

وبعد أن غادرت المدينة قدمت إليها بعد زمن فلم أرى تلك العيون الكثيرة، وسألت بعض الناس عن تلك العيون فقال لي: غارت بسبب سحبها.

426-

وسمعته يقول: قدمت المدينة من الرياض سنة 1385هـ وكنت قبل ذلك في الرياض.

427-

وسمعته يقول: قال لي أحد المشايخ التجار: هذه المخطوطات التي تمتلكها لماذا لا تطبعها؟ فقلت له: يا عجباً منك أنت الذي لا تدري ما عندك من الملايين لم تطبعها، وأنا الفقير المتقوقع في بيتي أطبعها، فهذه المخطوطات من عندي والمال من عندك فنطبعها ولكن اكتشفت أنه قالها كلمة فقط.

ص: 450

428-

وسمعته يقول: إن سبب ضعف بصري إني كنت في أحد المساجد أقرأ في مصحف صغير وكان بجواري رجل، فقال لي: أنت في هذه السن وتقرأ في هذا المصحف وبعد الصلاة خرجت من المسجد، فلما جاء الصباح أصابني مرض في عيني فأصبحت لا أري إلا قليلاً.

429-

وسمعته يقول: لم أنم طول حياتي بعد العصر إلا إذا كنت مريضاً.

430-

وسمعته يقول: كانت الجامعة الإسلامية تصور مني ما أنسخه من المخطوطات التي أملكها.

431-

وسمعته يقول: كنت حافظاً لمذهب الإمام مالك عندما كنت في البلاد حفظاً قوياً، وتركت مراجعته عندما ذهبت إلى مكة سنة 1367هـ في رمضان في خمس مضين منه، وقبل أن أدخل مكة سُجِنتُ في الباخرة بجدة وذلك لعدم حملي جواز سفر، ثم أطلق سراحي عندما أخبرناهم أنَّنا مهاجرون وهاربون من الاستعمار الفرنسي الذي يسيطر على إفريقيا في ذلك الوقت.

432-

وسمعته يقول: كنت اُدَرِسَ في الرياض في مسجد الشيخ محمد ابن إبراهيم آل الشيخ من بعد صلاة الفجر الى طلوع الشمس العقيدة وكان الشيخ محمد بن إبراهيم يُدَرِس بعد المغرب وتدريسي هذا كان بناء على طلب من الشيخ وكانت العادة عند مشايخ نجد أنهم يبدؤون الدروس من بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس بوقت يسير.

433-

وسمعته يقول: كنت إماماً في علم الفرائض بدأت تدريسها سنة 1369 هـ، وكنت أحفظ الرحبية نظم في علم الفرائض، ثم تركت تدريس علم الفرائض بسبب عدم وجود من يرغب فيه في ذلك الوقت.

ص: 451

434-

وسمعته يقول: إن الساعة التي في جيبي اشتريتها سنة 1367هـ وهي معي إلى الآن، قلت: توفي وهي معه رحمه الله، وهذه الساعة على التوقيت العربي لا الإفرنجي السائد في هذا الوقت.

435-

وسمعته يقول: عملت في المكتبة السعودية بالرياض عشر سنوات.

436-

وسمعته يقول: ما دخلت على أمير قط، وتأتيني دعوات من بعض الأمراء فما أذهب.

437-

وسمعته يقول: باشرت التدريس في كلية الشريعة بالرياض سنة 1373هقبل فتح معهد إمام الدعوة وذلك بطلب من الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ وقد تتلمذ علي يدي في كلية الشريعة أو قال في معهد إمام الدعوة كل من عبد الرحمن بن مقرن، عبد الرحمن بن عتيق، عبد الله بن جبرين وغيهب هذا قال الوالد عنه: هو رجل عظيم ممتاز في كل الدروس، ومحمد بن عبد الرحمن الفرحان كذلك من الممتازين، ومحمد فواز وهو الآن في الداخلية وهو من الجيدين، وعبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ وكان لا يخرج من بيتي من شدة ملازمته لي في العلم وكان يرى بعين واحدة، ويقرأ عليّ وأنا أشرح له ما يقرأه من الكتب، ثم بعد زمن مرضت عينه التي لا يبصر بها فأمرت الدولة أن يسافر للعلاج، ونصحته ألا يسافر، ولكن سافر وبعد رجوعه حصل المقدر وهو ذهاب العين الأخرى هؤلاء هم الملازمون لي في الرياض إما في البيت وإما في المدرسة وإما خارج الرياض عندما نذهب للصيد في وادي حنيفة وخريص.

قلت: عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ هو مفتي المملكة السعودية الآن.

438-

وسمعته يقول: كنت أُدَرِّسُ في الصولتيه الموطأ والبخاري وسنن أبى داود، أيامنا تلك كانت أيام علم وكثرة مشايخ، وقد بلغ مشايخي مائة شيخ من مختلف القارات.

ص: 452

439-

وسمعته يقول: كانوا بالرياض يلقبونني في الكلية بحال المشكلات يعني المشكلات العلمية.

440-

وسمعته يقول: إن نسبي أُرسِلَ إلىَّ من مكتبتي التي تركتها في البلاد، قلت: حيث إنَّ الوالد كما تقدم خرج مهاجراً، ولم يحمل معه إلا مصحفاً. أهـ.

441-

وسمعته يقول: منذ أن ارتديت المشلح ما خرجت من البيت بدونه.

442-

وسمعته يقول: أتتني رسالتان من رجل وامرأة من أهل مكة يطلبان أن اكتب لهم ترجمة شخصية لي فأبيت.

ثم قال: لقد حججت إحدى وعشرين سنة من سنة 1367هـ إلى سنة 1387هـ.

وكنت أحب الاستطلاع والذهاب لرؤية الأماكن الأثرية.

443-

وسمعته يقول: ما أعرف حارة بمكة إلا وسكنت فيها، والمثل يقول من لم يكن له دار فله فى كل يوم جار.

444-

وسمعته يقول: فهرست ثلاثين ألف كتاب بيدي في المكتبة السعودية بالرياض ولله الحمد وقد أشار عليّ الشيخ محمد إبراهيم آل الشيخ أن أساعد ابن قاسم في ترتيب الكتب وفهرستها.

445-

وسمعته يقول: انتقلت من الرياض الى المدينة سنة 1385هـ وأقمت بالرياض إحدى عشرة سنة.

446-

وسمعته يقول: في سنة 1365هـ ذهبت الى مكان قرب عرفة بمكة المكرمة أسمه الحسينية تكثر فيه البساتين فرأيت أهله ناس على لون العرب القدماء فخاطبتهم بقول ما هي أركان الإسلام فلم يجيبوا فقلت لهم أين

ص: 453

رئيسكم فقالوا هذا وأشاروا إلى رجل منهم طويل القامة فسألته السؤال السابق فأجاب أركان الإسلام مالك وأبو حنيفة والشافعي ونسيت الرابع فقلت له لعلك تقصد الرابع الإمام احمد فقال نعم نعم هو الرابع ثم قلت له أظنك لم تفهم سؤالي تظن أني سألتك عن أئمة المذاهب الأربعة فقال لي كيفما قلت فالإجابة ما سمعت.

447-

وسمعته يقول: دَرَسْتُ فى العلوم الشرعية على الشيخ عمر بري صحيح مسلم والترمذي والشيخ عبد الخير قرأت عليه سنن ابن ماجة والشيخ محمد الأمين الشنقيطي قرأت عليه أقرب المسالك.

448-

وقال: ما علمت عن مكتبة خاصة بالرياض عندما كنت بها إلاّ ودخلتها ونظرت فى محتوياتها.

449-

وقال: عندما انتقلت من الرياض أمر لي الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ بسيارة كبيرة لتنقل كتبي والمكتبة التي كانت معي في الرياض هي نصف مكتبتي والنصف الآخر بمكة.

450-

وسمعته يقول: وقد كان أحد المشايخ في بلاد مالي إذا أراد أن يدرسنا الصرف يقول للعامة وبعض الحضور اذهبوا الى أعمالكم وزرعكم ورعيكم فان هذا العلم لا تعرفونه.

451-

وسمعته يقول: دخلت السعودية سنة 1367هـ في شهر رمضان لخمس مضين منه.

452-

وسمعته يقول: بدأت التدريس فى الصولتيه سنة 1371هـ إلى سنة 1374هـ ثم انتقلت إلى الرياض.

453-

دَرَسْتُ على الشيخين الشيخ عبد الرزاق حمزة وكان يدرس

ص: 454

عند باب على رضي الله عنه بالمسجد الحرام وكذلك الشيخ عبد الحق الهاشمي درست عليه وكان يدرس عند باب إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.

454-

وسمعته يقول: عمي البحر هو الذي تربيت على يده بالبلاد مالي.

455-

وسمعته يقول: إن والدي طلق والدتي وأنا طفل فعشت معها وتوفي والدي وأنا ابن ثماني سنين وبدأت فى طلب العلم وأنا ابن ثماني سنين وقد درست على عمي البحر علوم الآلة في اللغة وغيرها ولله الحمد.

456-

بدأت في دراسة مصطلح الحديث سنة 1366هـ وعندما كنت في البلاد كنت أسأل مشايخي عن الكتب المؤلفة في المصطلح أو في بعض أنواعه فيقولون لا نعرف عنها شيئاً فلما قدمت الى السعودية بحثت عنها فرأيت بعضها ولله الحمد.

457-

وسمعته يقول: دَرَّسْتُ العلم ونشرته خمساً وأربعين سنة وقد نويت أن أسجل أسماء التلاميذ الذين تلقوا عني العلم، وسأقيد المشاهير منهم وأما الأساتذة فقد قيدتهم ولله الحمد.

458-

وسمعته يقول: إن مما عطلني عن الأسفار حتى إلى مكة المكرمة مرض عيني الذي أُصبيت به سنة 1411هـ في شهر رمضان.

459-

وسمعته يقول: كنت إذا حضر عندي بالمكتبة قارئ للقران الكريم آمره أن يقرأ ما تيسر من كتاب الله تعالى ثم أقوم بالتعليق على الآيات التي قراءها قلت: كان الوالد رحمه الله تعالى إذا حضر بعض المجالس من عادته فيها أن يأمر أحد الحاضرين أن يقرأ شيئاً من القرآن ثم يقوم بشرح

ص: 455

الآيات وأحياناً يسأله بعض الحاضرين عن مسألة فيقوم بالإجابة عنها ويستطرد في الجواب أحياناً فإذا حضر الطعام يقول: يقولون إذا حضر الهرس بطل الدرس.

460-

قال الوالد: كنا في البلاد لا ندرس شيئاً من العلم حتى نحفظه وممنوع عند مشايخنا الدراسة قبل الحفظ.

461-

وقال الوالد: إن عهدي بالاشتغال بالنحو سنة 1364هـ.

462-

وقال الوالد: ونسخه حاشية الجمل على الجلالين هذه التي في مكتبتي هي التي كانت عندي في إفريقيا.

463-

وقال الوالد: جئت إلى هذه البلاد سنة 1367هـ وإن سنة 1369هـ هو زمن العلم وبقيت في المدينة النبوية سنتين أي من سنة 1367هـ إلى سنة 1369هـ ثم رجعت إلى مكة للتدريس بعد أن بقيت في المدينة سنتين فقط.

464-

وقال الوالد: كنا نرقد على الخصفة ولا نبحث عن الكماليات.

465-

وقال الوالد: كنت أسكن في الرياض سنة 1375هـ في بيت من بيوتها القديمة أسكنتني فيه الدولة وقامت بفرشه لنا وذلك أيام الملك عبد العزيز رحمه الله تعالى، وكان عبد الله ابن خميس هو الذي يدل المشايخ على البيوت حتى يختاروا واحداً منها.

قلت: إن الوالد رحمه الله تعالى كان يحب التحدث عن أخبار بلاد أفريقيا والبلاد التي رحل إليها. كان يكثر من التحدث في هذا جداً وكان إذا حضر عنده أحد من الأفارقة أو أحد من البلاد التي رحل إليها كمصر مثلاً أخذ يتحدث عن هذه البلاد وَيُعَرَّفِهَا ويذكر أماكن كثيرة زارها ويصفها أكثر من أهلها وقد يُخَطَّئُ أهلها في بعض الأمور التي شاهدها فيها.

ص: 456

466-

وقال الوالد: أول ما عرفت كتب الحديث في السودان لما دخلتها.

467-

قال الوالد: لما كنت شاباً كنت حافظاً وكل ما قرأته كنت أحفظه.

468-

وقال الوالد: إن قراءة كتب الحديث كالبخاري ومسلم ونحوهما. كانت ممنوعة من قبل مشايخنا حتى يبلغ الواحد سن الأربعين أو قبلها بقليل يعني الوالد بقوله هذا التفقه من خلال هذه الكتب والله أعلم.

469-

وقال الوالد: إن من أسباب خروجي من أفريقيا عدم تدريس علم الحديث ومنعه.

470-

وقال الوالد: أرادوا تعييني مدرساً في مدارس فرنسا التي في البلاد أدرس العرب المسلمين فلما عُرِضَ علي هذا الأمر أخذت أفكر فيه إلى منتصف الليل ثم قمت إلى بعض أصحابي في آخر الليل، فأيقظتهم من النوم، وقلت

لهم: أنا عازم على الهروب. قالوا: إلى أين تهرب؟ قلت: إلى آسيا إلى الحرمين. فقالوا: ونحن معك، وكان الوقت وقت الخريف وذلك وقت كثرة الإبل فاخترنا أحسن الإبل وركبناها ونحن ثلاثة فقط. أنا الثالث. وكم منا فم كل جمل حتى لا يخرج صوتاً. وخرجنا في ليلة مظلمة في غابات من الشجر وسرنا سيراً شديداً حتى قطعنا مسافة يومين حيث لو أراد أحد من أهل الحي أن يلحق بنا، ما استطاع. حتى وصلنا مكاناً يعرف بقاوا قريب من النيجر ثم سرنا إلى كني وهذه تابعة للنيجر، وكني هذه من يصل إليها سيغامر؛ لأن ذلك في أيام الحرب العالمية وكان المستعمر له إقامة في هذا المكان وهو كني فلما اقتربنا منها صلينا المغرب والعشاء جمعاً وقصراً. ثم أقبلنا على الجيش الفرنسي وكان في الغرب وبريطانيا في الشرق فلما أقبلنا على الفرنسيين أقبل علينا رجل منهم يركب فرساً أسود ذنبه يصل الأرض فأشار إلينا إشارة إلى أين؟ فأشرنا إليه من تلك القرية وهذه القرية

ص: 457

التي أشرنا له إليها تتجاوز الحدود يعني حدود النيجر ثم سرنا حتى أتينا على الجيش البريطاني فتعجبوا منا وقالوا: كيف تخلصتم من الجيش الفرنسي؟ قلنا: أنجانا الله منهم فقالوا لنا: تفضلوا فأجلسونا في برحة كبيرة، وقالوا لنا: ستبيتون عندنا اليوم ضيوفاً فقلنا: لا، نحن نريد الليلة منطقة هناك، ثم قال الوالد: وكنا كلما مررنا بمدينة كبيرة أكرمنا البريطانيون وينزلوننا في بيوت الضيوف فالفرنسي شرس وأما البريطاني فصبور.

471-

قال الوالد: أنا من جملة من وضع منهج التدريس للجامعة الإسلامية.

472-

قال الوالد: إن شيخاً لي علمنا التوحيد من ألفية النحو لابن مالك.

قلت: لم يسم الوالد هذا الشيخ.

473-

قال الوالد: وقد دَرَسْتُ الهداية في الفقه الحنفي في مدرسة العلوم الشرعية، وهذه المدرسة هي أكبر جامعة في العالم في ذلك الوقت، وكان محمد خيال هو المشرف عليها، وكانت هذه المدرسة للهنود يعني هم أصحابها ثم قال: وهم نقشبندية وما توريدية، والدولة السعودية لما رأت أن أكبر مدرستين هما الصولتية والعلوم الشرعية عينت لهما مدرسين سلفيين ولما جئت لأَدْرُسَ في العلوم الشرعية ذهبت إلى مديرها وهو من الهنود فقال لي: أين شهادتك؟ قلت: ما معي إلا إجازات من المشايخ. فقال لي: اذهب إلى محمد خيال فذهبت إليه فما سألني عن الشهادة، إنما سألني عما درست من العلوم فذكرت له أني درست في كتاب التوحيد وكشف الشبهات وفي الحديث عمدة الأحكام وهكذا، فقال لي: غداً تأتيني في الحرم فصليت معه الفجر، وخرجنا سوياً إلى المدرسة الشرعية فقال للطلاب: اليوم يقرأ الأنصاري في فتح الباري شرح صحيح البخاري، ثم يقرأ في

ص: 458

فتح المجيد، وقرأت، فقال لي: أنت ناجح عندي، وكتب لي ورقة إلى المدير فأعطيته الورقة، فقال لي: أنت نضعك في العالي، قال الوالد: العالي مثل الدراسات العليا اليوم.

474-

قال الوالد: أنا كنت أَدْرُس في دار العلوم الشرعية بالمدينة وأُدَرِّسُ فيها سنة 1369هـ ثم ذهبت من المدينة إلى مكة فَدَرَسْتُ في الصولتية.

475-

قال الوالد: أنا وصلت مكة سنة 1367هـ ثم بعد الحج ذهبت إلى المدينة.

476-

قال الوالد: إن الشيخ محمد بن عبد الله المدني لما خرجت من البلاد مالي كان قد أعطاني أسماء كل من نزل عليهم سواء في دولة السودان أو غيرها حتى أنزل عليهم وكتبهم لي في ورقة.

قلت: إن الوالد رحمه الله تعالى في كل رمضان إذا التقى بمن يعرفه يقول له: أهنئك بهذا الشهر واسأل الله أن يعيننا على صيامه وقيامه. والوالد منذ أن صحبته لم أره يصلي التراويح إلا خمس تسليمات ولم يكن يصلي هذه الخمسة على مذهب من يقول: إنها لا تصلى إلا عشراً إنما كان يستحسن هذا الفعل وكان يشدد على من يرى إن التراويح لا تصلى إلا إحدى عشر ركعة ويرى أنه قد ضيق واسعاً.

477-

قال الوالد: إن الاستعمار منع المشايخ من تدريس كتاب الجهاد ضمن أبواب الفقه في البلاد مالي.

478-

سمعت الوالد يقول: من سنة 1374هـ إلى سنة 1385هـ مكثت في الرياض.

479-

قال الوالد: إن كتاب الروضة للنووي كان عندي فأهديته.

ص: 459

480-

قال الوالد: كان عهدي بمكة قبل أن أحال على التقاعد يعني سنة 1410هـ.

قلت: ولم يسافر الوالد إلى مكة بعد هذه السنة إلى أن توفي رحمه الله وكان كلما ذكر له السفر ينشد: ألقيت عصا التسيار من غير مرية ولا............ ولا تردد، وكان الوالد يستثقل السفر كثيراً في آخر حياته.

481-

قال الوالد: دَرَّسْتُ في دار العلوم الشرعية بالمدينة ثم دَرَّسْتُ بعدها في الصولتية وذلك سنة 1374هـ.

482-

كان الوالد كثيراً ما يسأل من حضر عنده في مكتبته ما الذي جدّ في العلم من كتب وغيرها.

483-

قال الوالد: لما رأيت الدنيا قد تغيرت خرجت من البلاد "مالي".

484-

قال الوالد: كان الناس في البلاد يقرؤون الحزب من القرآن بعد صلاة المغرب وبعد صلاة العشاء.

485-

قال الوالد: لما خرجت من البلاد بحثت عن صحبة حتى وجدت ثلاثة نفر. قلت: لم يذكر أسماءهم الوالد، قلت: يعنى صحبة يهاجرون معه.

486-

كان الوالد رحمه الله يكثر أن يقول لمن حضر مجلسه أو استأذن للخروج حياكم الله وبارك الله فيكم يقولها للواحد وللجماعة.

487-

قال الوالد: إن بعض الناس يلقبونني الدكتور وأقول لهم: لا، إنما أنا شيخ الدكاترة.

488-

قال الوالد: كنت أيام الشباب أنسخ الكتب المخطوطة إلى الفجر.

ص: 460

489-

وسمعته يقول: كنت أنتحل النظم وأقول الشعر بكثرة وكان من شغفي به أني كنت أقوله في الصلاة، فسألت الله أن يعيذني منه فصرت لا أستطيع أن أقول بيتاً.

490-

وكان رحمه الله تعالى كثيراً ما يجلس في صالة المنزل قبل الظهيرة وبعدها ويأخذ أي كتاب من مكتبته ويقرأه بصوت عال على طريقة أهل البلاد، فإن لها نغمة خاصة.

491-

سمعته يقول: إن مكتبة الحرم المكي أعرفها تماماً أخذت فيها

سبع سنوات أنسخ ما فيها من المخطوطات وغيرها وفي ذلك الوقت لا يوجد تصوير.

492-

قال الوالد: إن اللغة الإفرنجية ما تعلمتها وإن شاء الله لا أتعلمها، لقد فاتنا الوقت ولو كنت تعلمتها في الصغر والشباب لا بأس بذلك.

493-

قال الوالد: كنت قد عزمت قديماً على جمع من بيض له ابن أبي حاتم في كتابه الجرح والتعديل وأبحث عن تراجمهم.

494-

قال الوالد: كتاب الأذكار للنووي دَرَّسْتُهُ كثيراً.

495-

قد سمعته أكثر من مرة يستشهد بأبيات من قصيدة ابن دريد المقصورة.

496-

وسمعته يقول: أول ما سكنت الرياض في حارة آل حماد ثم في حي الشرقية ثم في الدويبة، ثم في حي آل فريان.

497-

وسمعته يقول: خرجت من الرياض سنة 1384هـ، قلت: وفي هذه السنة أعنى 1384هـ درَّس في المعهد العلمي بمكة المكرمة ثم عام 1385هـ درَّس في الجامعة الإسلامية واستمرّ فيها إلى التقاعُد عام 1410هـ.

ص: 461

498-

وقال الوالد: دخلت الرياض سنة 1374هـ وفيها عرفت القهوة وشربتها ورأيت كأن الحياة فيها ليست إلا على القهوة.

499-

وسمعته يقول: والكتاب الذي ندرسه في أفريقيا في علم التنجيم هو للسوسي وهو كتاب جيد في هذا النوع من العلم.

500-

وسمعته يقول: أنا لا أعرف من بلاد مالي إلا بلدة منكا أما دولة النيجر فهي التي أعرفها كلها، وفي ذلك الوقت الذي كنا في البلاد لم تكن البلاد تعرف باسم مالي، إنما كانت تعرف باسم السودان الفرنسي.

501-

وسمعته يقول: إن ساعتي هذه التي في جيبي لها عندي 48 سنة اشتريتها سنة 1367هـ بعشر ريالات.

502-

وسمعته يقول: إن سنة 1367هـ كانت سنة مجاعة وكانت الحياة فيها تعب كثير. ولو اشتغل الرجل اليوم كله، لا يجد إلا ربع ريال وقد يجد أقل من ذلك. ويحمل الشخص الزَّفَةُ من الصباح إلى غروب الشمس بقرشين قلت: الزفة هي التي يوضع فيها الماء لبيعه "قاله الوالد".

503-

قال الوالد: دَرَسْتُ المذهب المالكي في البلاد.

504-

وقال الوالد: اشتغلت في علم الحديث سنة 1367هـ.

505-

وسمعته يقول: لي أكثر من أربعين سنة لم أشتغل بمذهب المالكية، فكيف لا أنسى ما فيه.

قلت: قال هذه العبارة وهو يكلم رجلاً بالهاتف لا أدري من هو.

506-

وسمعته يقول: كثرة التنقل في السُّكْنَى تسببت في ضياع أشياء كثيرة لي خاصة الدفاتر يعني بعض الدفاتر التي كان يكتب فيها وقد سكنت في أكثر جهات المدينة بسبب كثرة التنقل.

ص: 462

507-

وسمعته يقول: دَرَسْتُ كتاب ميزان الاعتدال للحافظ الذهبي دراسة وافية ولعلي قرأته أكثر من مائة مرة، وذلك لعدم وجود غيره عندي في أول طلب علم الحديث.

508-

وسمعته يقول: لولا أني خرجت من البلاد للهجرة إلى الحرمين لكنت أقمت في السودان أثناء ما مررت بها، فقد كانت السودان في أيام بقائي فيها وذلك سنة 1366هـ يضرب بها المثل في التمسك بالإسلام والأخلاق والعروبة.

509-

قال الوالد: إن كتبي القديمة يجد الناظر فيها أنني أدون ما فيها من الفوائد على الغلاف، قلت: يعنى الكتب التى في مكتبته للقراءة والنظر لا مؤلفاته.

510-

وسمعته يقول: إذا مرضت لا أحب المكث على الفراش، إنما أذهب وأشْغِلُ نفسي في العلم والقراءة لأتسلى به. وكنت إذا أصابني الزكام يضعفني جداً.

511-

وسمعته يقول: أُسنِدَ إليَّ تدريس المصطلح لما كنت في الرياض.

512-

وسمعته يقول: ما تعودت أن أصلي في غير جماعة وأنا أقتدي بالصحابة في هذا، حيث كان الواحد منهم يُهَادى بين الرجلين حتى يدخل المسجد، فإذا مرضت صليت في المسجد اقتداء بهم.

513-

وسمعته يقول: دَرَسْتُ الفرائض ثم دَرَّستُها وبيني وبينها الآن أربعون سنة. قلت: قال هذه الجملة سنة 1415هـ.

514-

وسمعته يقول: جئت من الرياض إلى المدينة النبوية سنة 1385هـ. وتوفي الشيخ الطيب ابن إسحاق سنة 1365هـ.

515-

وسمعته يقول: أنا لا أعرف التاريخ الميلادي، ولا أؤمن به.

ص: 463

516-

وسمعته يقول: كنت لغوياً وفي سنة 1367هـ تركت الاشتغال بعلوم اللغة وقبل ذلك كنت لا أعرف شيئاً من العلم سوى النحو والبلاغة والشعر والتصريف وغيرها من علوم اللغة، وذلك لأنها هي التي تُدَرَّس في أفريقيا وتحفظ غيباً وقد حفظتها علماً علماً.

517-

وسمعته يقول: لما كنت في أفريقيا، كنت أتاجر وأذهب إلى السوق الكبير في المدينة، فاشتري منهم.

518-

وكان الوالد رحمه الله تعالى كثيراً ما ينتقد أو يتعقب أو يحكم على الكتب المطبوعة في هذا العصر المتأخر.

519-

وسمعته يقول: قلت لأبنائي أنا لا أطلب منكم أن تكونوا محدثين أو فقهاء إنما أريد أن تَدْرسوا وتتعلموا كما تعلم غيركم.

قلت: وكثيراً ما كان يُسأَلُ عن الكتب المطبوعة أو المخطوطة من ناحية وجودها أو عدم وجودها فيقول: هذا موجود وهذا مفقود.

520-

سمعته يقول: دولة بني نصر نحن منهم يعني أننا وهم من أبناء سعد بن عبادة رضي الله عنه.

521-

وسمعته يقول: أعرف الجغرافيا جيداً، وعندي ما ليس عند غيري منها، وقد اقتنيت الأطلس الصغير والكبير، وآسيا أعرفها جيداً حتى الصين أعرفها وأعرف مدنها.

522-

ثم قال: ونَجْد كذلك أعرفها كلها.

523-

وسمعته يقول: سكنت في مكة سنة 1367هـ في طنضباوي وفي جرول بقسميها وفي الخنساء والعتيبية وريع اللصوص والهنداوية.

524-

وسمعته يقول: دَرَّسْتُ في المعهد التابع لجامعة الإمام بمكة.

ص: 464

525-

وسمعته يقول: صَوَّرتُ كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر وهو كتاب مخطوط بسبعة آلاف ريال وصوره الناس من عندي.

526-

وسمعته يقول: إن إنساناً وراءه مسؤوليات كثيرة لا يرتاح.

قلت: يعني الوالد نفسه.

527-

وكثيراً ما كنت أسمعه يكرر في مجلسه العامر بطلبة العلم عليكم بالعقيدة السلفية وكان رحمه الله تعالى إذا ذكرت أسماء بعض العلماء في مجلسه يقول هذا سلفي وهذا غير سلفي.

528-

وسمعته يقول: انتقلت من المدينة سنة 1371هـ إلى مكة بعد أن مكثت في المدينة وقتاً، وسكنت في مكة بجوار مسجد الكويتي.

529-

قال الوالد: لما كنت في الرياض، كنت أقضي الإجازة مرة في مكة ومرة في الرياض.

530-

وسمعته يقول: كنت أحب الاستطلاع والذهاب والإياب. يعني في طلب العلم.

531-

قال الوالد: لما كنا في البلاد مالي لا يعطى الطالب الإجازة في العلوم التي درسها حتى يدرس علم المنطق والتنجيم وهذان العلمان لابد منهما عند المشايخ. وهما آخر العلوم دراسة.

532-

وسمعته يقول: لما كنا في البلاد كان المشايخ لا يدرسون الطالب أي علم حتى يحفظه.

533-

قرأ علينا الوالد رحمه الله عقيدة ابن أبي حاتم بصوت مرتفع وذلك في مجلسه العامر وبعد أن فرغ منها أخذ يثني عليها.

ص: 465

534-

وسمعته يقول: سكنت في حي المصانع خمسة عشر سنة في المدينة النبوية.

535-

وكان رحمه الله إذا أجاز أحداً من طلبة العلم يوقع على هذه الإجازة بقوله كتبه أبو عبد اللطيف حماد بن محمد الأنصاري الخزرجي من ذرية سعيد بن سعد ابن عبادة الأنصاري.

536-

سمعته يقول: إن أعلى سند عندي هو السند الذي أرويه من طريق إتحاف الأكابر. قلت: هذا الكلام فيه نقص، وهذا النقص مني.

537-

وفي سنة 1416هـ من شهر الله المحرم لعشرين ليلة مضت منه ليلة الإثنين في مغربها قرأ الوالد رحمه الله علينا إسناد المسلسل بالأولية عن طريق شيخه الانديجاني. ثم قال لنا الوالد رحمه الله تعالى: قرأت الأولية على شيخنا الانديجاني سنة 1367هـ، ثم بعد فراغه من قراءة المسلسل قرأ الوالد علينا ما علقه على هذا الحديث.

ثم قال: قدمت سند الانديجاني في القراءة عليكم عمداً؛ لأنه أول مسلسل سمعته منه.

538-

قال الوالد: دخلت نجدًا سنة 1374هـ وخرجت من البلاد سنة 1365هـ.

539-

وكثيراً ما كان رحمه الله إذا ذكر رسول الله عليه الصلاة والسلام يزيد في الصلاة وآله، فيقول صلى الله عليه وآله وسلم، وكان يحث على ذكر آله في الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام.

540-

وقرأت مرة المسلسل بالأولية بإسناده فمر اسم رجل في السند يقال له: الميدومي فقال الوالد: هذا الرجل تدور عليه غالب الأسانيد.

541-

وكان رحمه الله إذا أجاز أحداً يقول له: إذا رويت عني فقل: أجازني الراجي عفو ربه الباري حماد بن محمد الأنصاري بكذا وكذا.

ص: 466

542-

سمعته يقول: أُجزت بثبت الأمير وهو ثاني ما أجزت به من الإجازات أجازني به الفاداني، وهذه الإجازة مكتوبة على ثبت الأمير وكانت الإجازة الأولى بالمسلسل بالأولية من الأنديجاني.

543-

وسمعته يقول أكثر من مرة: أنا مغربي.

544-

وسمعته يقول: قرأت من المخطوطات ونسخت ما يُعْجَزُ عن قراءته ونسخه، وما أضعف بصري إلا هي.

545-

وشرطي في امتلاك المخطوط ألا يكون مطبوعاً، والسبب الذي جعلني لا أملك المخطوط المطبوع أني لا أستطيع تصويره. وهذا الأمر وهو امتلاك المخطوط المطبوع إنما تستطيعه الدولة وفائدته المقابلة والتصحيح.

546-

وسمعته يقول: دَرَّسْتُ في سكتو وكانو القديمة لا الجديدة كلا المدينتان في نيجيريا وذلك أثناء رحلته إلى الحرمين.

547-

وسمعته يقول: دخلت المدينة سنة 1367هـ وعائلتنا بأفريقيا عائلة علم ولما دخلت إلى الجزيرة العربية لم يكن في وجهي شعرة واحدة.

548-

وسأل رجل الوالد عن سنه. قال له: هل بلغت الثمانين؟ فقال الوالد رحمه الله تعالى: في الطريق إليها إن شاء الله. ثم قال: كان الإمام مالك إذا سئل عن سنه يقول:

احفظ لسانك لا تبح بثلاثة

سنّ ومال إن سئلت ومذهب

فعلى الثلاثة تبتلى بثلاثة

بمكفر وبحاسد ومكذّب

549-

كان الوالد رحمه الله تعالى إذا قدم للضيف تمراً فامتنع البعض عن أكله ينشد هذه الأبيات:

عن ردِّ خمس نهى النبي الحبيب

تمرًا ولبنًا متكًا وطيب

ص: 467

550-

وسمعته يقول: أنا لست بمفتي، أنا خادم طلبة العلم.

551-

وسمعته يقول: أنا أُلزم نفسي بالقيلولة بعد الغداء.

552-

وقيل للوالد: رحمه الله تعالى ألا تسافر؟ فقال:

ألقيت عصا التسيار من دون مرية.

ثم قال الوالد لزين الغامدي: أكمل البيت.

قلت: ولم يكمله.

553-

سمعته يقول: عرفت المدينة النبوية سنة 1367هـ.

554-

وسمعته يقول: احفظ المذهب المالكي.

555-

وسمعته يقول: كنت في أول الطلب اشتري كل ما أجد من الكتب بدون النظر إلى فنونها.

556-

وسمعته يقول: مكثت مرة شهراً لا أبصر بعيني وأظن أن السبب قراءة المخطوطات.

557-

وسمعته يقول: أتاني أحد الطلاب بمخطوط للحافظ ابن حجر بخط الحافظ، وعرضه علي لأقرأه عليه وذلك لعدم استطاعته قراءة المخطوط وقرأته كله حتى استطاع نسخه وتحقيقه.

558-

تركت شرب القهوة والشاهي والعصيرات المعلبة بعد أن كنت أشربها فوجدت راحة بعد تركها ولله الحمد.

559-

ومرة قال الوالد لأحد الحاضرين في مجلسه: أتعرف قبيلة بني فلان أين تقع؟ فقال: لا. فذكر له الوالد موقعها وأخذ يذكر عدداً من القبائل ويحدد أماكن وجودها.

ص: 468

560-

وسمعته يقول: إن الأرقام التي كنا نستخدمها في البلاد هي الأرقام التي يستخدمها الهنود، وكنت لا أعرف غيرها حتى هاجرت إلى هذه الدولة فانتقلت من كتابة الأرقام بالطريقة الهندية إلى الأرقام المستخدمة هنا.

ثم قال: والترقيم الهندي يعرف بالغباري.

561-

وسمعته يقول: مكة كدت أن أكون أعرف بمكة من أهلها حيث كنت أتجول فيها وأنا شاب من أجل أن ينطبق علي قولهم: أهل مكة أدرى بشعابها.

562-

وسمعته يقول: أنا خادم العلماء.

563-

وسمعته يقول: صنفان من الناس أنا بعيد عنهما: الحكام والتجار.

564-

وكان رحمه الله إذا جاءه رجل من الطوارق أخذ يذكر له قبائل الطوارق بأسمائها وبلادها وأكبر القبائل شأناً فيها.

565-

وسمعته يقول: كنا في البلاد نلبس عمائم يركض الفرس والرجل عليه ولا تسقط أبداً بخلاف الآن نلبس هذه الخرق التي ما كنا نعهدها.

566-

وسمعته يقول: في أفريقيا ندرس النحو والصرف البلاغة ولا بد أن يدرس الطالب الشعر الجاهلي ويغيبه.

567-

وسمعته يقول: إن من شرط الإجازة العلمية في البلاد مالي أن يدرس الطالب أكثر العلوم الشرعية وبالأخص أصول الفقه. ثم قال: وكانت أصول الفقه المالكية غير متوفرة عندنا فلهذا قرر المشايخ على الطلاب أصول الفقه الشافعية كالورقات لإمام الحرمين ونظمها واللمع للشيرازي وجمع الجوامع وحواشيه والمستصفى للغزالي ولم أر بعيني من كتب أصول الفقه المالكي شيئاً حتى دخلت المدينة النبوية.

568-

سمعته يقول: دَرَّسْتُ في كليات الجامعة الإسلامية كلها وكنت

ص: 469

أدرس فيها العقيدة والحديث وجميع الدروس التي كنت ألقيها موجودة عندي محتفظ بها.

569-

وسمعته يقول: درست بالمعهد العلمي بمكة سنة واحدة عام 1384هـ.

570-

وسمعته يقول: خرجت من أفريقيا سنة 1366هـ.

571-

وسمعته يقول: دخلت هذه البلاد السعودية سنة 1367هـ.

572-

وسمعته يقول: خطي كان في أول الأمر كوفياً بحتًا، ثم حاولت أن أحوله إلى فارسي وهو المتداول الآن. وأصل الخط العربي الخط الكوفي، وقد رأيت خط علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو عندي، وخطه كوفي والعبارة المكتوبة بخطه متضمنة لكلام يمليه النبي صلى الله عليه وسلم على عليّ رضي الله عنه.

573-

وسمعته يقول: كلمة الحاكمية بدعة أصلها من المستشرقين تلقفها منهم بعض الناس.

574-

وسمعته يقول: نحن الذين قال فينا كعب بن زهير بن أبي سلمة: سود تنابل والتنابيل معناها: القصار القامة. فقال رجل للوالد: ولكن أنت طويل القامة. فقال الوالد: نحن نزعنا عِرقٌ وذلك لأننا نتزوج من الطوارق وهم طوال يعني الغالب فيهم. والسبب في التزاوج من الطوارق لمجاورة الأجداد في البلاد مالي لهم.

575-

وسمعته يقول: من عادتي في كل عيد، أتصل على المشايخ وأعيد عليهم.

576-

وسمعته يقول: عهدي بمذهب المالكية إلى الآن 45 سنة، ولما كنت في البلاد لم يكن كتاب للمالكية إلا وعندي منه نسخة.

ص: 470

577-

وسمعته يقول: قرأت كتاب الأحكام في الأصول لابن حزم على شيخ لي متقن جداً لهذا الفن. وأنا أرى أن على طالب العلم أن يقرأ كتب ابن حزم حتى يعرف من هو ابن حزم رحمه الله.

578-

وسمعته يقول: في سنة 1414هـ في شهر ذي القعدة سمعته يقول: عمري الآن سبعون سنة.

579-

وسمعته يقول: سألت والدتي متى ولدت؟ فقالت: ولدت في السنة التي دخل أهل نجد فيها المدينة. قال الوالد: وذلك سنة 1344هـ.

580-

قال الوالد: كنت قد طبعت كتاب السنة للإمام أحمد وكتاب التحف للشوكاني ووزعتها بين الطلاب ونشرتها وذلك في أيام توفر الوسيلة المادية أما الآن فلا أستطيع الطباعة على حسابي.

581-

وسمعته يقول: كان مكتوبًا على باب من أبواب المسجد النبوي هذا الحديث وهو اللهم إنك أخرجتني من أحب البلاد إليّ فأسكني في أحب البلاد إليك. فأخبرت الطلاب في الدرس الذي ألقيه بالمسجد النبوي أن هذا الحديث كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي أحد الأيام التقيت برجل وأنا خارج من المسجد النبوي فقال لي أنت حماد الأنصاري؟ فقلت له: ضائع منك حماد الأنصاري! أنا حماد الأنصاري. فقال لي: أنت الذي قلت إنّ الحديث الذي على باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كذب؟ قلت له: نعم هو كذب، ولو كنت أعلم أنّ أمثالك سيسمعون هذه الكلمة ما قلتها لعدم معرفتكم بمعناها. فقال الرجل: بل أنت الكذاب، وأخذ بثوبي وقال: لابد أن نذهب إلى المحكمة فقلت له: بل أنا الذي أذهب بك إلى المحكمة لست أنت الذي تذهب بي، وذهبنا سوياً إلى المحكمة وكان القاضي مشغولاً باجتماع مع بعض القضاة، وعندما دخلنا المحكمة صرخ خصمي صرخة أسمعت من في خارج المحكمة حيث قال: يا أيها الناس إن هذا الرجل يُكذّب النبي صلى الله عليه وسلم واجتمع بعض الناس علينا فذهبت مرة ثانية إلى القاضي فرأيت أنه مازال

ص: 471

مشغولاً فعدت إلى خصمي فلم أجده. فذهبت وعدت في يوم آخر وذكرت ذلك للقاضي فاستدعاه وهو مخذول يكاد يبكي يقول: إني كنت مخطئاً وأخذ يكذب فسامحته فذهب. ثم بعد فترة عاد لمثل هذا العمل والله المستعان.

582-

سمعت الوالد أكثر من مرة يقول: إن هذا الحي حي الفيصلية الذي أسكن فيه ليس بخارج حدود الحرم النبوي الشريف فطرف من جبل عير يتجاوزنا فندخل من جهة هذا الطرف..

583-

سمعته يقول عندما كنت بالرياض سنة 1371هـ وما بعدها لم يكن في المتناول كثير من الكتب وذلك لقلة المطبوعات.

وهذا من الأسباب التي جعلتني أقوم بالتأليف في أنواع علم مصطلح الحديث فألفت في الألقاب والمدلسين والمؤتلف والمختلف والكذابين. وكنت أقوم بنسخ أي مخطوط أعثر عليه في فن المصطلح لِنُدْرة المطبوع منها.

584-

وسمعته يقول: لما رأيت وادي ملل القريب من المدينة أنشدت أبياتاً في هذا الوادي تتضمن أموراً منها تسميته بهذا الاسم.

585-

القصيدة التي مدحت بها الملك عبد العزيز لم تصل إليه، أما القصيدة التي مدح بها صاحبي الملك سعود وصلت إليه.

586-

أنشدت قصيدة عن جبل ملل عند رؤيتي له وقد ضاعت هذه القصيدة، والله المستعان.

587-

حدثني عبد الحميد الجزائري عن الشيخ إبراهيم نور سيف أنه سمع الوالد ينشد هذه الأبيات وهي أبيات من شعره:

وعالم يسكن بيتاً بالكرى

وجاهل يملك دوراً وقرى

لما قرأت قوله سبحانه

نحن قسمنا بينهم زال المرى

ص: 472