الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلم الحديث، فاتّجه إلى الحرمين الشريفين، وأخذ عن علمائها، ومنهم: محمد الخيَّال، ومحمد بن تركي، وحامد فقي، وحسن مشّاط، وعبد الرزاق حمزة، والشيخ عمر برِّي، والشيخ عبد الرحمن الإفريقي، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي، وغيرهم كثير.
وأُجيز بالحديث وسائر الفنون، كما أُجيز بالتدريس؛ فدرَّس النحوَ، والبلاغة، وأصول الفقه، وأصول الحديث، والمنطق، وصحيحي البخاري ومسلم، و (سنن الترمذي) ، و (التوحيد) لابن خزيمة، وغيرها.
وفاق أقرانَه، واشتهر ذكرُه حتى ذاعَ صيتُه في الأقطار.
وكان "يرحمه الله" ذات سمتٍ حسن وهدي نبويٍّ، يعمل بالسنن، طيِّب السيرة، نقيّ السريرة، مع التقوى والورع والزهد في حطام الدنيا، عالمًا، عاملاً، باذلاً نفسَه لطلاّب العلم، لا يبخل بعمله ولا بفهمه، صبورًا على مشاقّ العلم وعقباته، بعيد الهمَّة، حاضر البديهة، سريع الاستحضار، قويّ الذاكرة، حافظًا، زاخرًا بللآلئ العلم ودرارِيه، وسع الإطلاع، غزير المعرفة، مع الحلم والتواضع، والجود والكرم، وبذل النفس، وغير ذلك من الخصال الجميلة والصفات الحميدة؛ فرحمه الله رحمةً واسعة، وجمعنا به في مستقرِّ رحمته.
أدبه وشعرُه:
كان الأنصاري "رحمه الله تعالى" أديبًا من الطراز الأول؛ حيث كان معنيًّا بدراسة اللغة والأدب طيلة عشرين سنة، وقد أخبرني أنَّ له ديون شعرٍ، ولكنه ضاع مع مكتبته التي بقيت في البلاد.
وهذا، ومن نماذج أدبه: رسالته في أقسام العلوم الموسومة: (المقامة الأنصارية) ، وهي مخطوطة صاغها بأسلوب المقامات الأدبية، ولها اسم آخر وهو (إعلام الحميم بأقسام العلوم) .
هذا، ومن شعره: قصيدة مدح بها الملك عبد العزيز مؤسس الدولة السعودية "رحمه الله"، قال فيها:
ألا من لي بعنس (1) جلمزيز (2)
…
تساعدني بنصِّ (3) أو هزيزِ (4)
هملَّعَةِ (5) مضمَّرةٍ (6) زجول (7)
…
برجليها إذا مَلعتْ (8) نَهوزِ (9)
تبلِّغُني إلى ملكٍ كريم
…
رفيعِ المُنْتَمى عبد العزيز
أعزَّ الدِّين بعد الذُّلِّ حينًا
…
فدانَ له ملوك الإنجليز
وراموا أن يجيز لهم ضلالاً
…
كما عُهدوا وما هو بالمُجيز
وجدَّد كلَّ مندرسٍ قديم
…
وعجَّت ذي المناسك بالأزيز
ويوم البذل فهو صَفِيُّ كفٍّ
…
وكفُّ الغير كالعنز العزوز (10)
(1) هي الناقة الصلبة.
(2)
صلبة غليظة قوية.
(3)
هو السيرُ الحثيث.
(4)
نوعٌ من سير الإبل، فيه نشاطٌ وحركة.
(5)
سريعة.
(6)
لطيفة الجسم معدّة للسباق.
(7)
زجول: سريعة الخطو.
(8)
أسرعت.
(9)
ناهضة بصدرها.
(10)
قليلة اللبن.
وهذه القصيدة تدلُّ على سعة إطلاعه وثروته اللغوية؛ وقد جمعت قصيدته سائر أوصاف الإبل المحمودة عند العرب؛ علمًا بأن الشيخ "يرحمه الله" كتبها على البديعة، وقد سمعتُها منه مرارًا ومن خطِّه المغربي نقلت.
ومن شعره الجميل: قصيدةٌ له، نظمها عند هجرته من أفريقيا:
قال "رحمه الله": هذه أبياتٌ نظمتها لما غادرت أفريقيا في سنة 1366هـ في 15/8، في الحثّ على الهجرة في سبيل الله مع الصبر على مشاقِّ السفر:
لله درُّ فتًى يجوب فيافيا
…
يسعى بجدٍّ كي ينال أمانيا
تسمو بهمته إلى أقصى المدى
…
نفسٌ يجود بها تُلين القاسيا
يُعنى بأمرٍ طيِّبٍ ما شابهُ
…
كدرٌ إلى أسمى المراتب جاريا
ويُديم في الليل الطويل تفكّرًا
…
شوقًا يقرِّب للحبيب النائيا
فمطى (1) إلى محبوبه زيَّافةً (2)
…
بيتٌ دعائمه تفوق سواريا
وتضِجُّ أشتاتٌ من الحجَّاج في
…
جنباته ويرون نورًا ساميًا
هذي إجابةُ ربِّنا لخليله
…
لما استوى بعد البناء مناديا
فسمتْ إليه بكلِّ فجٍّ ضُمَّرٌ
…
ترمي بأرجلها الخِفافَ مواميا
وتجرَّدوا لمَّا أتوا ميقاتهم
…
وعلى جسو مهموا أفاضوا الصافيا
(1) جَدَّ في السير.
(2)
متبخترة.