الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي عام 1375هـ تحول للتدريس بمعهد إمام الدعوة، وذلك حتى عام 1384هـ، وكان أثناء إقامته بالرياض للتدريس اجتهد أيضًا في الأخذ عن المشايخ الكبار كسماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ "رحمه الله"، فدرس عليه وعلى غيره من كبار المشايخ، وأيضًا كانت له لقاءات بأهل العلم وجالس الشيخ حمود التويجري "رحمه الله"، وأجازه الشيخ حمود بالرواية عنه.
وقد ساهم الشيخ حماد بإنشاء مكتبة الرياض السعودية، وشارك فيها بإهداء بعض الكتب من مكتبته الخاصة.
وبعد هذه السنوات العشر التي قضاها في الرياض قفل آيبًا للمدينة، وذلك عام 1385هـ مدرِّسًا بالجامعة الإسلامية فنفع الله به؛ واستفاد منه الجمّ الغفير من طلبة العلم، واستمرّ في الجامعة حتى أصبحَ رئيسًا لقسم السنة والعقيدة.
وفي عام 1410هـ أحيل للتقاعُد بعد عمرٍ مديد في العلم وخدمة أهله.
وأخبرنا الشيخ أنه بعد تقاعده يذهب يوميًّا للجامعة ويجلس بمكتبتها لإفادة طلاّب العلم والاستفادة من جديدِها.
والشيخُ "رحمه الله" قد كان مندوبًا للجامعة أثناء تدريسه فيها للسفر لكثير من البلاد التي حوت أروقتها المخطوطات الإسلامية لجلب المخطوطات المهمة وتصويرها للجامعة؛ وهذا لما عرفوه عن الشيخ من تمرّسه في المخطوطات ومعرفته التامة بها.
مميزات الشيخ حماد "رحمه الله
".
لقد اجتمع في الشيخ حماد "رحمه الله تعالى" عدة أمور ميّزته عن كثيرٍ من أهل العلم؛ فقلَّ أن تجتمع هذه الأمور إلا عند القليل النادر من أهل العلم؛
هذا بخلاف ما أتقنه من فنون العلم عامة.
ومن أبرز هذه الأمور:
أولاً: اعتناء الشيخ حماد بعقيدة السلف الصحيحة دراسة وتدريسًا وتأليفًا: فقد أمضى عمره في تحقيق التوحيد بعد أن تلقّاه عن مشايخ هذه البلاد، فنفع الله به في ذلك واستفاد منه ذلك جلّ طلبته.
ومما ألّفه الشيخ في ذلك: "كشف الستر عما ورد في السفر إلى القبر"، و "عقيدة أبي الحسن الأشعري"، وغير ذلك مما سيأتي في مؤلفاته.
ثانيًا: اشتهر الشيخ حماد بعلم الحديث وقدمه ومشاركته الدرس والتدريس لهذا العلم الشريف حتى أصبحَ علَمًا فيه: ذكره بذلك الموافق والمخالف؛ فأمضى حياته في طلب العلم، فتعلمه وبرع فيه؛ وكان يبذل في طلبه كل وقته حتى حصل منه، فاستفاد وأفاد، وشارك في التأليف في علوم الحديث بأكثر مؤلفاته "كما سيأتي".
وصار الشيخُ مرجعًا لعلوم الحديث، وأشرف فيه على رسائل لطلاب الدراسات العليا بالجامعات الإسلامية، وبقيت كتبه شاهدةً على توسّعه وصبره في هذا العلم.
ثالثًا: تكون لدى الشيخ حماد مكتبة قيِّمة فيها من نفائس الكتب والمخطوطات الشيء الكثير، ولم يكن هذا إلا بعد بذل ماله وراحته في جمعِها واقتنائها والسفر لتحصيلِها؛ فاجتمع لديه من مهمات المخطوطات ما جعله منارًا في هذا الباب، وجعل طلاب العلم يفدون إلى مكتبته للنهل من معينِها والاستفادة من عيونها؛ فأصبح الشيخُ حماد علَمًا في المخطوطات، فلا تذكر إلا ويذكر معها؛ ومع هذا بذل هذه المكتبة لطلاّب العلم وفتح بابها طيلة الأيام؛
نسأل الله أن يجعل ذلك في موازين حسناته.
رابعًا: إن الشيخ قد حاز في هذا الزمان النصيب الوافر في باب الإجازة والرواية التي هي سنة عن سلفنا الصالح. وباب الإجازة والرواية قد اعتني به سلفُنا وأقبلوا عليه بالارتحال والسماع، وألّفوا في ذلك المؤلفات الكبيرة؛ وممن اشتهر في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية "رحمه الله"، حيث إنه أول من أجاز بالألفية في السند وهو في السجن، وكتب إجازة لبعض من طلبه في ورقات من حفظه؛ قال عنها الحافظ الذهبي:"عجز عن كتابة بعضها كبار الحفّاظ"؛ وكذلك كان السلفُ في هذا؛ فكان الشيخ حماد "رحمه الله" ممن اعتنى بذلك فاستجاز وأجاز.
فاستجاز من الشيخ حماد عددٌ من العلماء الأفاضل وطلاب العلم؛ وقد تميّز إجازة بعدة أمور، من أهمها:
1-
أنه جمع الرواية والدراية؛ فكان عالمًا بخلاف بعض من اهتم بالإجازة والرواية ممن لم يكن من أهل العلم.
2-
أنه ممن اتصف بالعقيدة الصحيحة التي هي مناط الأمر، وهي الأصلُ في كل شيء.
3-
أن الإجازة عند الشيخ حماد تمثل الإجازة رواية ودراية؛ ولذا لم يكن يجيز إلا من اتصف بالعلم، وذلك بأحد أمرين:
أحدهما: أن يختبر علم المستجيز، ويطلع مبلغ عمله وتمكّنه من ذلك.
والثاني: أن يزكي المستجيز بعض أهل العلم ممن يثق فيهم الشيخ.
4-
أن الشيخ حماد روى عن عددٍ من كبار علماء العصر ممن له اعتناء بعلم الحديث والاعتقاد الصحيح.