الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَتْ عَمْرَةُ: فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ أَحَلَّهُ الله لَهُ حَتَّى نُحِرَ الْهَدْيُ.
وقَالَ ابنُ شِهَابٍ: ثُمَّ لَمْ يَجْتَنِبْ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ.
وقَالَ إِسْمَاعِيلُ عَنْ الشَّعْبِيِّ: فَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِمَّا حَلَّ لِلرجُلِ مِنْ أَهْلِهِ حَتَّى يَرْجِعَ النَّاسُ.
وَخَرَّجَهُ في: باب اذا بعث بهديه ليذبح لم يحرم عليه شيء (5566) ، وفِي
بَابِ تقليد الغنم
(1701 - 1704) ، وفِي بَابِ الوكالة في البدن وتعاهدهن (2317).
بَاب تَقْلِيدِ الْغَنَمِ
[839]
- (1701) خ نَا أَبُونُعَيْمٍ، نَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الأَسْوَدِ، وَ (1702) نَا أَبُوالنُّعْمَانِ، نَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَفْتِلُ الْقَلَائِدَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيُقَلِّدُ الْغَنَمَ.
قَالَ الْمُهَلَّبُ:
خَالَفَهُ أَبُونُعَيْمٍ عَنْ الأَعْمَش فَقَالَ: قَالَتْ: أَهْدَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَرَّةً غَنَمًا.
وَخَالَفَهُ مَنْصُورٌ:
[840]
- (1703) خ أَبُوالنُّعْمَانِ، نَا حَمَّادٌ، نَا مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، وَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَفْتِلُ قَلَائِدَ الْغَنَمِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَبْعَثُ بِهَا ثُمَّ يَمْكُثُ حَلَالًا.
[841]
- (1705) وَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، نَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، نَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ الْقَاسِمِ، عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: فَتَلْتُ قَلَائِدَهَا مِنْ عِهْنٍ كَانَ عِنْدِي.
وَخَرَّجَهُ في: باب القلائد من العهن (1705).
قَالَ الْمُهَلَّبُ:
الوَهْمُ عَلَى مَا خَرَّجَهُ البُخَارِيُّ مِنْ الأَسَانِيدِ في هَذَا الْبَابِ في تَقْلِيدِ الْغَنَمِ عَلَى عَبْدِالوَاحِدِ كَمِا يُوجِبُهُ الْاعْتِبَارُ، لِأَنَّ أَبَا نُعَيْمٍ خَالَفَهُ عَنْ الأَعْمَش فَقَاوَمَهُ، وَخَالَفَهُ مَنْصُورٌ وَغَيْرُهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: قَلَائِدُ الْغَنَمِ، يَعْنِي مِنْ الْغَنَمِ، كَمَا رَوَتْ الأَئِمَّةُ مِثْلُ مِالِكٍ وَالَّليْثِ وَالْزُهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ وَعَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ كُلِّهِمْ قَالَ عَنْهَا: فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَبَيَّنَ الْقَاسِمُ فَقَالَ: قَلَائِدَ بُدْنِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَانْظُرْهُ في الْمُصَنَّفَاتَ وَالْمَسَانِيدِ تَجِدْهُ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا تُقَلَّدُ الْغَنَمُ (1).
(1) في مَا قَالَهُ الْمُهَلَّبُ في هَذَا الْمَبْحَثِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ:
أَوَّلِهَا: لمَ يَتَفَرَّدْ عَبْدُالوَاحِدِ بِذِكْر الإشْعَارِ عَن الأَعْمَش، بَلْ تَابَعَهُ الثِّقَةُ الْمَأمُونَ أَبُومُعَاوِيةَ، وَحَديثُه رواهُ مُسْلمٌ (2338) وَالنَّسَائِيُّ (2737) وابنُ مَاجَه (3087)، وَالبَيْهَقِيُّ (في السنن 5/ 232).
ثَانيها: لم يَنْفَرِد بِهِ الأَعْمَش فَقَد رواهُ مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنَا نُقَلِّدُ الشَّاةَ فَيُرْسِلُ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَلَالًا لَمْ يُحْرِمْ مِنْ شَيْءٍ، رواه مسلم (2339) والنسائي (2740) والبيهقي 5/ 233.
ثَالِثِهَا: إنَّ هَذهِ الطُّرق تُبْطِلُ التَّأْويلَ الَّذِي جَنَحَ إِليهِ الْمُهَلَّبُ مِنْ أَنَّ القَلَائِدَ هِي مِنْ غَنَمٍ أَي مِنْ أَصْوَافِهِا، وَقولُ السَّيِّدَة عَائِشَةَ: مِنْ عِهْنٍ، هُو الَّذِي جَعَلَ المُهَلَّبَ يَجْنَحُ لِهَذَا التَّأْويلِ نُصْرَةً لِمْذَهبِ مَالكٍ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَنَّ الغَنَمَ لَا تُقَلَّد.
قَالَ الْحَافِظُ في الْفَتْحِ: قَالَ اِبْن الْمُنْذِر: أَنْكَرَ مَالِك وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ تَقْلِيدَهَا، زَادَ غَيْره: وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يُبْلُغْهُمْ الْحَدِيثُ، وَلَمْ نَجِدْ لَهُمْ حُجَّة إِلَا قَوْل بَعْضِهِمْ إِنَّهَا تَضْعُفُ عَنْ التَّقْلِيدِ، وَهِيَ حُجَّةٌ ضَعِيفَة، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّقْلِيدِ الْعَلَامَة، وَقَدْ اِتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا لَا تُشْعَرُ لِأَنَّهَا تَضْعُفُ عَنْهُ، فَتُقَلَّدُ بِمَا لَا يُضْعِفُهَا، وَالْحَنَفِيَّة فِي الأَصْلِ يَقُولُونَ: لَيْسَتْ الْغَنَم مِنْ الْهَدْيِ فَالْحَدِيث حُجَّة عَلَيْهِمْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: اِحْتَجَّ مَنْ لَمْ يَرَ بِإِهْدَاء الْغَنَم بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَجَّ مَرَّة وَاحِدَة وَلَمْ يُهْدِ فِيهَا غَنَمًا اِنْتَهَى.
وَمَا أَدْرِي مَا وَجْهُ الْحُجَّةِ مِنْهُ لِأَنَّ حَدِيثَ الْبَاب دَالّ عَلَى أَنَّهُ أَرْسَلَ بِهَا وَأَقَامَ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ حَجَّتِهِ قَطْعًا فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ لِأَنَّ مُجَرَّدَ التَّرْكِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَسْخ الْجَوَاز.
ثُمَّ مَنْ الَّذِي صَرَّحَ مِنْ الصَّحَابَةِ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي هَدَايَاهُ فِي حَجَّتِهِ غَنَمٌ حَتَّى يَسُوغَ الِاحْتِجَاجُ بِذَلِكَ أهـ.
وقَالَ النووي: وَأَمَّا تَقْلِيد الْغَنَم فَهُوَ مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف إِلَا مَالِكًا فَإِنَّهُ لَا يَقُول بِتَقْلِيدِهَا أهـ.
رابِعِهَا: إِنَّ مِن السَّلَفِ مِنْ كَانَ يُقَلِّدُ الغَنَمَ وَيُرسِلُ بِهَا إلى الْحَرَمِ، وَهُم جَمَاعَةٌ كَثيرة أَسْنَدَ الرِّوَايَاتِ عَنْهم ابْنُ أبِي شَيْبَة في الْمُصَنَّفِ، بَابُ تَقْلِيدِ الْغَنَمِ، وَالله الْمُوَفِّقُ.