الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَجَاءَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَجَعَلَتْ الثَّوْبَ فِي عُنُقِي تَقُولُ: كَلَا وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَا هُوَ لَا يُعْطِيكَهُمْ وَقَدْ أَعْطَانِيهَا، أَوْ كَمَا قَالَتْ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَكِ كَذَا وَكذا» ، وَتَقُولُ: كَلَا وَالله، حَتَّى أَعْطَاهَا حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: عَشَرَةَ أَمْثَالِهِ، أَوْ كَمَا قَالَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: مَكَانَهُنَّ مِنْ حَائِطِهِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ عن أبيه عَنْ يُونُسَ بِهَذَا: مِنْ خَالِصِهِ.
وَخَرّجَهُ فِي: بَاب مَرْجِعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الأَحْزَابِ وَمَخْرَجِهِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ (4120) ، وفِي بَابِ حَدِيثِ بَني النَّضِيرِ (4030) ، وفِي بَابِ فَضْلِ الْمَنِيحَةِ (2630).
بَاب بَرَكَةِ الْغَازِي فِي مَالِهِ حَيًّا وَمَيِّتًا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَوُلَاةِ الأَمْرِ
[1126]
- (3129) خ نَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ: أَحَدَّثَكُمْ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: لَمَّا وَقَفَ الزُّبَيْرُ يَوْمَ الْجَمَلِ دَعَانِي، فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَقَالَ: يَا بُنَيِّ إِنَّهُ لَا يُقْتَلُ الْيَوْمَ إِلَا ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُومٌ، وَإِنِّي لَا أُرَانِي إِلَا سَأُقْتَلُ الْيَوْمَ مَظْلُومًا، وَإِنَّ مِنْ أَكْبَرِ هَمِّي لَدَيْنِي، أَفَتُرَى يُبْقِي مِنْ مَالِنَا شَيْئًا؟ فَقَالَ: يَا بُنَيِّ بِعْ مَالَنَا فَاقْضِ دَيْنِي، وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ، وَثُلُثِهِ لِبَنِيهِ يَعْنِي بَنِي عَبْدِ الله بْنِ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ: ثُلُثُ الثُّلُثِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ مَالِنَا شيء بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَثُلُثُهُ لِوَلَدِكَ.
قَالَ هِشَامٌ: وَكَانَ بَعْضُ وَلَدِ عَبْدِ الله قَدْ وَازَى بَعْضَ بَنِي الزُّبَيْرِ، خُبَيْبٌ وَعَبَّادٌ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعَةُ بَنِينَ وَتِسْعُ بَنَاتٍ.
قَالَ عَبْدُ الله: فَجَعَلَ يُوصِينِي بِدَيْنِهِ، وَيَقُولُ: يَا بُنَيِّ، إِنْ عَجَزْتَ عَنْ شَيْءٍ منهُ فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ مَوْلَايَ، قَالَ: فَوَالله مَا دَرَيْتُ مَا أَرَادَ، حَتَّى قُلْتُ: يَا أَبَةِ مَنْ مَوْلَاكَ؟ قَالَ: الله عز وجل، قَالَ: فَوَالله مَا وَقَعْتُ فِي كُرْبَةٍ مِنْ دَيْنِهِ إِلَا قُلْتُ: يَا مَوْلَى الزُّبَيْرِ اقْضِ عَنْهُ دَيْنَهُ فَيَقْضِيهِ، فَقُتِلَ الزُّبَيْرُ وَلَمْ يَدَعْ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، إِلَا أَرَضِينَ مِنْهَا الْغَابَةُ، وَأَحَدَ عَشَرَ (1) دَارًا بِالْمَدِينَةِ، وَدَارَيْنِ بِالْبَصْرَةِ، وَدَارًا بِالْكُوفَةِ، وَدَارًا بِمِصْرَ.
قَالَ: وَإِنَّمَا كَانَ دَيْنُهُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَنَّ الرَّجُلَ يَأْتِيهِ بِالْمَالِ فَيَسْتَوْدِعُهُ إِيَّاهُ، فَيَقُولُ الزُّبَيْرُ: لَا وَلَكِنَّهُ سَلَفٌ، فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ، وَمَا وَلِيَ إِمَارَةً قَطُّ وَلَا جِبَايَةَ خَرَاجٍ وَلَا شَيْئًا، إِلَا أَنْ يَكُونَ فِي غَزْوَةٍ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ مَعَ أبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ.
قَالَ عَبْدُ الله بْنُ الزُّبَيْرِ: فَحَسَبْتُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَوَجَدْتُهُ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ، قَالَ: فَلَقِيَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ عَبْدَ الله بْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، كَمْ عَلَى أَخِي مِنْ الدَّيْنِ؟ فَكَتَمَهُ، وَقَالَ: مِائَةُ أَلْفٍ، فَقَالَ حَكِيمٌ: وَالله مَا أُرَى أَمْوَالَكُمْ تَسَعُ لِهَذِهِ، فَقَالَ عَبْدُ الله: أَفَرَأَيْتَكَ إِنْ كَانَتْ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ، فقَالَ: مَا أُرَاكُمْ تُطِيقُونَ هَذَا، فَإِنْ عَجَزْتُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَاسْتَعِينُوا بِي.
قَالَ: وَكَانَ الزُّبَيْرُ اشْتَرَى الْغَابَةَ بِسَبْعِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ، فَبَاعَهَا عَبْدُ الله بِأَلْفِ أَلْفٍ وَسِتِّ مِائَةِ أَلْفٍ، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ حَقٌّ فَلْيُوَافِنَا بِالْغَابَةِ، فَأَتَاهُ عَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرٍ، وَكَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ أَرْبَعُ مِائَةِ أَلْفٍ، فَقَالَ لِعَبْدِ الله: إِنْ شِئْتُمْ تَرَكْتُهَا لَكُمْ، قَالَ عَبْدُ الله: لَا، قَالَ: إِنْ شِئْتُمْ جَعَلْتُمُوهَا فِيمَا تُؤَخِّرُونَ إِنْ
(1) كذا فِي الأَصْلِ، وفي الصحيح: وَإِحْدَى عَشْرَةَ.
أَخَّرْتُمْ، فَقَالَ عَبْدُ الله: لَا، فَقَالَ: فَاقْطَعُوا لِي قِطْعَةً، فَقَالَ عَبْدُ الله: لَكَ مِنْ هَاهُنَا إِلَى هُنَا، قَالَ: فَبَاعَ مِنْهَا فَقَضَى دَيْنَهُ، فَأَوْفَى، وَبَقِيَ مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ، فَقَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَعِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ وَالْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعبد الله بْنُ زَمْعَةَ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: كَمْ قُوِّمَتْ الْغَابَةُ؟ قَالَ: كُلُّ سَهْمٍ بِمِائَةِ أَلْفٍ، قَالَ: كَمْ بَقِيَ؟ قَالَ: أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ، قَالَ الْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ: قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ: قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ، وَقَالَ ابْنُ زَمْعَةَ: قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: كَمْ بَقِيَ؟ قَالَ: سَهْمٌ وَنِصْفٌ، قَالَ: أَخَذْتُهُ بِخَمْسِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ.
قَالَ: فَبَاعَ عَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرٍ نَصِيبَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ بِسِتِّ مِائَةِ أَلْفٍ، فَلَمَّا فَرَغَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ، قَالَ بَنُو الزُّبَيْرِ: اقْسِمْ بَيْنَنَا مِيرَاثَنَا، قَالَ: لَا وَالله لَا أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ حَتَّى أُنَادِيَ بِالْمَوْسِمِ أَرْبَعَ سِنِينَ، أَلَا مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا فَلْنَقْضِهِ، قَالَ: فَجَعَلَ كُلَّ سَنَةٍ يُنَادِي بِالْمَوْسِمِ، فَلَمَّا مَضَى أَرْبَعُ سِنِينَ قَسَمَ بَيْنَهُمْ.
قَالَ: وَكَانَ لِلزُّبَيْرِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، وَرَفَعَ الثُّلُثَ، فَأَصَابَ كُلَّ امْرَأَةٍ أَلْفُ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ، فَجَمِيعُ مَالِهِ خَمْسُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ.
قَالَ الْمُهَلَّبُ:
هَذَا وَهْمٌ في الْحِسَابِ، وَجَمِيعُ الْمَالِ سَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ أَلْفَ أَلْفِ وَسِتُّ مِائَةِ أَلْفٍ، وَاللهُ أَعْلَمُ (1).
(1) وهو بلغة الأرقام المعاصرة هكذا: (57600000)، (سبعة وخمسون مليوَنَا وستمائة ألف)، وهذه والله هي البركة.
وقد نقل ابن بطال هذا التصحيح، ولم ينسبه لشيخه المهلب، وتصحف عنده (وست مائة ألف) فقَالَ (وتسعمائة ألف) ونقله عن ابن بطال الحافظ ابن حجر، فكأنه لم يطلع على كتاب المهلب، وشرحه فقَالَ: فِي رِوَايَة أبِي نُعَيْم مِنْ طَرِيق أبِي مَسْعُود الرَّاوِي عَنْ أبِي أُسَامَة: أَنَّ مِيرَاث الزُّبَيْر قُسِمَ عَلَى خَمْسِينَ أَلْفِ أَلْفِ وَمِائَتَيْ أَلْفِ وَنَيِّف، زَادَ عَلَى رِوَايَة إِسْحَاق وَنَيِّف، وَفِيهِ نَظَر لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ لِكُلِّ زَوْجَة أَلْف أَلْف وَمِائَتَا أَلْف فَنَصِيب الأَرْبَع أَرْبَعَة آلَاف أَلْف وَثَمَانمِائَةِ أَلْف (1200000×4 = 4800000)، وَهَذَا هُوَ الثَّمَن، وَيَرْتَفِع مَنْ ضَرَبَهُ فِي ثَمَانِيَة (4800000× 8= 38400000)، ثَلَاثُونَ أَلْف أَلْف وَأَرْبَعمِائَةِ أَلْف (بل يرتفع إلى: ثمانية وثَلَاثِينَ أَلْف أَلْف وأربعمائة ألف) وَهَذَا الْقَدْر هُوَ الثُّلُثَانِ، فَإِذَا ضُمَّ إِلَيْهِ الثُّلُث الْمُوصَى بِهِ وَهُوَ قَدْر نِصْف الثُّلُثَيْنِ، وَجُمْلَته تِسْعَة عَشَرَ أَلْف أَلْف وَمِائَتَا أَلْف (19200000) كَانَ جُمْلَة مَالِهِ عَلَى هَذَا: سَبْعَة وَخَمْسِينَ أَلْف أَلْف وَسِتّمِائَةِ أَلْف.
وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ قَدِيمًا اِبْنِ بَطَّال وَلَمْ يُجِبْ عَنْهُ، لَكِنَّهُ وَهَمَ فَقَالَ: وَتِسْعمِائَةِ أَلْف أهـ.
قلت: بل السابق إلى التنبيه على هذا الوهم هو المهلب رحمه الله، ولم يهم فيه، والله أعلم.