الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فرع:
1 -
ينبغي ألا يُفتح علي الإمام ما دام يردد التلاوة؛ لأنه ربما تذكر بنفسه فهو أولي، أو ربما كان يردد الآيات تفكراً واعتباراً وتذكيراً للمأمومين. كما ورد في حديث أبي ذر رضي الله عنه أنَّ النبي -صلي الله عليه وسلم- قرأ هذه الآية فرددها حتى أصبح:{إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} [المائدة: 118](1)
2 -
وكذلك نقول أنَّ الإمام عليه ألَّا يلجئ المأمومين أن يفتحوا عليه، بل إذا سهى ونسى آية ركع أو انتقل إلى آية أخرى.
السؤال السادس: حكم اتخاذ المحاريب في المساجد
؟
اتخاذ المحاريب في المساجد مشروع؛ وذلك لأنَّ الذين يتخذونه إنما يتخذونه علامة على القبلة ودليلاً على جهتها. وأول من أحدث المحاريب هو عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لمَّا هدم المسجد النبوي وبناه سنة واحد وتسعين للهجرة.
ولم يزل عمل الناس على ذلك من غير نكير، والمحراب يستفاد منه في تعليم الجاهل والغريب لاتجاه القبلة، وذلك إن كان المسجد من مساجد الطرق مثلاً.
لذا فلو قيل باستحبابه لغيره لما فيه من المصالح الكثيرة، لكان حسناً.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَنْبَغِي اتِّخَاذُ الْمِحْرَابِ فِيهِ لِيَسْتَدِلَّ بِهِ الْجَاهِلُ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ ا. هـ قال النووي: أَمَّا الْمِحْرَابُ فَيَجِبُ اعْتِمَادُهُ وَلَا يَجُوزُ مَعَهُ الِاجْتِهَادُ، وَنَقَلَ صَاحِبُ الشَّامِلِ إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى هَذَا، والْمَحَارِيبَ لَا تُنْصَبُ إلَّا بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ. ا. هـ (2)
(1) أخرجه أحمد (21388) وابن ماجه (1350) وصححه الألباني
(2)
انظر الآداب الشرعية والمنح المرعية (3/ 275) والمجموع (3/ 201)
وقد سُئل علماء اللجنة الدائمة:
المحراب في المسجد، هل كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فأجابوا: لم يزل المسلمون يعملون المحاريب في المساجد في القرون المفضلة وما بعدها؛ لما في ذلك من المصلحة العامة للمسلمين، ومن ذلك بيان القبلة، وإيضاح أنَّ المكان مسجد " (1).
(1) انظر فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (6/ 252، 253) مجموع فتاوى ابن عثيمين (12/ 326)
فائدة: وقد ذهب بعض العلماء إلى أن اتخاذ هذه المحاريب بدعة، ويُنهى عنها، واستدلوا بما رواه الطبراني والبيهقي في سننه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما -أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(اتقوا هذه المذابح). يعني: المحاريب. صححه الألباني في صحيح الجامع (120) ولكن يجاب عن هذا الاستدلال بأنَّ المحاريب في هذا الحديث ليست هي المحاريب التي في المساجد، وإنما المراد بذلك صدور المجالس، فهذا نهي من النبي صلى الله عليه وسلم عن التصدر في المجلس، لما يُخشى منه من حصول الرياء أو شيء من العجب فى صاحبه، قال الهيثمي: المحاريب صدور المجالس. اهـ. وقال ابن الأثير: المحْرابُ: المَوْضع العَالي المُشْرِفُ، وهُو صَدْر المَجْلس أيضاً، ومنه سُمّي محْراب المسْجد، وهو صَدْرُه وأشْرَف مَوْضِع فيه. ا. هـ. وقال المناوي: أي: تجنبوا تحري صدور المجالس يعني التنافس فيها.
وعليه فالمراد بهذا النهي -والله أعلم - هو اتقاء صُدور المجالس، وتجنُّب تحرِّى الجلوس فيها، والتنافس عليها والترفع على الناس بها. وقد خُطِّئ تفسيرها بمحاريب المساجد؛ بأنها لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وانظر فيض القدير (1/ 188) وعون المعبود (1/ 455) والقاموس المحيط (1/ 217)
ولكن: مع القول بجواز المحاريب - وهو الراجح - فلا بد أنْ نشير هنا إلى أمرين:
1 -
الأمر الأول: حرمة ما يقع في كثير من هذه المحاريب من زخرفة ونقوش، تشغل المصلِّين عن الخشوع في الصلاة، وهذا ممَّا قد نهى عنه الشرع في جملة من الأحاديث، نذكر منها حديث عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ- رضى الله عنه - «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دخل الْكَعْبَةَ، فرَأَى قَرْنَي الْكَبْش (1)، فأمر أن تخمِّر، وقال: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي قِبْلَةِ الْبَيْتِ شَيْءٌ يُلْهِي الْمُصَلِّي» (2)
2 -
الأمر الثاني: حرمة الإسراف الذي نراه في كثير من المحاريب، حيث يُنفق على انشاءها وتجمليها أموالاً طائلة - تصل بلا مبالغة إلى عشرة آلاف - تكفى وحدها في انشاء مسجد آخر، في الوقت الذى ترى الكثير من الفقراء الذين قد عضَّهم الفقر بنابه "يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ" وترى طلبة العلم لا يجدد الواحد منهم من يشتري له كتاباً هو في أمس الحاجة إليه، والله المستعان. (3)
(1) قال السندي: قوله: "قرني الكبش": هو قرن الكبش الذي فُدى به إسماعيل عليه السلام.
(2)
أخرجه أحمد (16637) وأبو داود (2030) وصححه الألبانى.
(3)
قال الكاسانى: تَزْيِينَ الْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ تَعْظِيمِهِ، لَكِنْ مَعَ هَذَا تَرْكُهُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ صَرْفَ الْمَالِ إلَى الْفُقَرَاءِ أَوْلَى، وَإِلَيْهِ أَشَارَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رضي الله عنهما حِينَ رَأَى مَالًا يُنْقَلُ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَالَ:"الْمَسَاكِينُ أَحْوَجُ مِنْ الْأَسَاطِينِ"، وانظر بدائع الصنائع (5/ 127)