الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شبهة والجواب عليها:
قد يقال: أنَّ مثل هذه الزخارف والنقوش شأنها أن تحبِّب الناس في المساجد وترغبهم في الجلوس فيها
قال الشوكاني: وَهذه دَعْوَى فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ دَاعِيًا إلَى الْمَسْجِدِ وَمُرَغِّبًا إلَيْهِ لَا يَكُونُ إلَّا لِمَنْ كَانَ غَرَضُهُ وَغَايَةُ قَصْدِهِ النَّظَرُ إلَى تِلْكَ النُّقُوشِ وَالزَّخْرَفَةِ، فَأَمَّا مَنْ كَانَ غَرَضُهُ قَصْدُ الْمَسَاجِدِ لِعِبَادَةِ اللَّهِ الَّتِي لَا تَكُونُ عِبَادَةً عَلَى الْحَقِيقَةِ إلَّا مَعَ خُشُوعٍ، وَإِلَّا كَانَتْ كَجِسْمٍ بِلَا رُوحٍ، فَلَيْسَتْ إلَّا شَاغِلَةً عَنْ ذَلِكَ كَمَا فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْأَنْبِجَانِيَّةِ الَّتِي بَعَثَ بِهَا إلَى أَبِي جَهْمٍ. وَكَمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَتْكِهِ لِلسُّتُورِ الَّتِي فِيهَا نُقُوشٌ. (1)
فصل:
وهذا مما قد نهى عنه الشرع الحنيف ، وقد ورد هذا النهي في جملة من الأحاديث الصحيحة ،حتى نص العلماء على أنَّ أحاديث النهي عن الصلاة إلى القبور والصلاة في المقبرة أحاديث متواترة لا يسع أحد تركها.
(1) وانظر نيل الأوطار (2/ 151)
ونذكر من ذلك ما يلي:
1 -
عن جندب بن عبدالله البجلي رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم -قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ، وَهُوَ يَقُولُ: «إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللهِ أَنْ يَكُونَ لِي مِنْكُمْ خَلِيلٌ، فَإِنَّ اللهِ تَعَالَى قَدِ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا، كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، أَلَا وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ، أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِك. (1)
2 -
وفي حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ: «لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» ، لَوْلا ذَلِكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ غَيْرَ أَنَّهُ خَشِيَ - أَوْ خُشِيَ - أَنَّ يُتَّخَذَ مَسْجداً (2)
3 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: لمَّا مرض النبي صلى الله عليه وسلم ذَكَرَتْ بَعْضُ نِسَائِهِ كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِأَرْضِ الحَبَشَةِ يُقَالُ لَهَا: مَارِيَةُ، وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، وَأُمّ حَبِيبَةَ رضي الله عنهما أَتَتَا أَرْضَ الحَبَشَةِ، فَذَكَرَتَا مِنْ حُسْنِهَا وَتَصَاوِيرَ فِيهَا، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: «أُولَئِكِ إِذَا مَاتَ مِنْهُمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، ثُمَّ صَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّورَ، أُولَئِكِ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّه (3)
(1) أخرجه مسلم (532)
(2)
أخرجه أحمد (24513) والبخاري (1390) ومسلم (529)
(3)
أخرجه البخاري (1341)
ولعْن من اتخذ القبر مسجداً يدل أنَّ فعل ذلك كبيرة من الكبائر ، كما أنَّ الأحاديث دلت أنَّ فاعل ذلك من شرار الخلق. (1)
- قال ابن القيم: ومن الكبائر اِتِّخَاذُ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ، وَجَعْلُهَا أَوْثَانًا وَأَعْيَادًا يَسْجُدُونَ لَهَا تَارَةً وَيُصَلُّونَ إلَيْهَا تَارَةً وَيَطُوفُونَ بِهَا تَارَةً وَيَعْتَقِدُونَ أَنَّ الدُّعَاءَ عِنْدَهَا أَفْضَلُ مِنْ الدُّعَاءِ فِي بُيُوتِ اللَّهِ الَّتِي شَرَعَ أَنْ يُدْعَى فِيهَا وَيُعْبَدَ وَيُصَلَّى لَهُ وَيُسْجَدُ. (2)
- وعن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ من شرار الناس من تدركه الساعة وهم أحياء، ومن يتخذ القبور مساجد"(3)
سؤال: قد نهى الشرع عن اِتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ، فما هو معنى "اِتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ"؟ ؟
الجواب: اِتِّخَاذُ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ يكون بما يلي:
أ - بناء مسجد عند قبر رجل رجاء بركة العبادة عنده، سواء جعل القبر عند القبلة أو خلفه، والأول أشد؛ لأنه يشتمل على النهييين: الصلاة إلى القبر، واِتِّخَاذُ الْقبرِ مَسَجِدَاً، وهذا هو عين ما نُهي عنه سداً لذريعة الشرك.
ب - أنْ يصلِّي عند القبر، سواء بُني على القبر مسجدٌ، أو لا، فمن قصد بقعة للصلاة عندها طلباً لبركتها، فقد اتخذها مسجدا.
جـ - السجود على القبور.
(1) وانظر الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/ 208) وكشف شبهات الصوفية (ص /93)
(2)
وانظر أعلام الموقعين (4/ 306)
(3)
أخرجه أحمد (3844) وابن خزيمه (789) وحسنه الألباني.
فرع: العلة من النهي عن الصلاة في المساجد التي بها قبر:
والعلل التي من أجلها حرَّم الشرع الصلاة في المساجد التي بها قبر ما يلي:
1 -
سَد ذَرِيعَةِ الشِّرْكِ: فإنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قد نهى عَنْ اتِّخَاذِ قَبْرِهِ وَقَبْرِ غَيْرِهِ مَسْجِدًا خَوْفًا مِنْ الْمُبَالَغَةِ فِي تَعْظِيمِهِ وَالِافْتِتَانِ بِهِ، وَرُبَّمَا أَدَّى ذَلِكَ إلَى الْكُفْرِ كَمَا جَرَى لِكَثِيرٍ مِنْ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ، فَالْعِلَّةُ لِلنَّهْيِ سَدُّ الذَّرِيعَةِ ; لِأَنَّهُمْ إِذَا عَبَدُوا اللَّهَ عِنْدَ الْقُبُورِ آلَ بِهِمُ الْأَمْرُ إِلَى عِبَادَةِ الْقُبُورِ. (1)
(1) وانظر مجموع الفتاوى (11/ 292) ونيل الأوطار (2/ 136) وإكمال المُعْلِم (2/ 450) وأضواء البيان (2/ 296)
قال ابن القيم: قَدْ لَعَنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَنِ اتَّخَذَ قُبُورَ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ مَسَاجِدَ يُصَلِّي لِلَّهِ فِيهَا، فَكَيْفَ بِمَنِ اتَّخَذَ الْقُبُورَ أَوْثَانًا يَعْبُدُهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ؟ ! ! ، وقال رحمه الله: فَهَذَا حَالُ مَنْ سَجَدَ لِلَّهِ فِي مَسْجِدٍ عَلَى قَبْرٍ، فَكَيْفَ حَالُ مَنْ سَجَدَ لِلْقَبْرِ نَفْسِهِ؟ ! ! ذكره في الجواب الكافى (1/ 134)
قلت: والله فلقد وقع ما ذكره الإمام، فلكَم سجد أناس لقبور الأولياء، نعم سجدوا لها ولو كانت على خلاف القبلة، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
قال ابن قدامة: لِأَنَّ تَخْصِيصَ الْقُبُورِ بِالصَّلَاةِ عِنْدَهَا يُشْبِهُ تَعْظِيمَ الْأَصْنَامِ بِالسُّجُودِ لَهَا، وَالتَّقَرُّبِ إلَيْهَا، وَقَدْ رَوَيْنَا أَنَّ ابْتِدَاءَ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ تَعْظِيمُ الْأَمْوَاتِ، بِاتِّخَاذِ صُوَرِهِمْ، وَمَسْحِهَا، وَالصَّلَاةِ عِنْدَهَا. اهـ (1).
قال ابن القيم: قد رأيت أنَّ سبب عبادة وَدّ ويغوث ويعوق ونسراً واللات إنما كانت من تعظيم قبورهم، ثم اتخذوا لها التماثيل وعبدوها كما أشار إليه النبي- صلى الله عليه وسلم، وقد قال شيخنا: "وهذه العلة التي لأجلها نهى الشارع عن اتخاذ المساجد على القبور هي التي أوقعت كثيراً من الأمم إما فى الشرك الأكبر، أو فيما دونه من الشرك. فإنَّ النفوس قد أشركت بتماثيل القوم الصالحين، فإنَّ الشرك بقبر الرجل الذي يُعتقد صلاحه أقرب إلى النفوس من الشرك بخشبة أو حجر. ولهذا نجد أهل الشرك كثيراً يتضرعون عندها، ويخشعون ويخضعون، ويعبدونهم بقلوبهم عبادةً. ا. هـ (2)
1 -
ما فِيهِ مِنْ مُشَابَهَةِ مَنْ يَتَّخِذُ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، وهو عين شرك اليهود والنصارى. (3)
فقد ذهب أحمد والشوكاني إلى بطلان الصلاة في المسجد الذي به قبر، وهو قول الظاهرية.
وقال ابن تيميه: المسجد الذي على القبر لا يُصلَّى فيه فرض ولا نفل ،فإنه منهي عنه. (4)
(1) وانظر المغني (2/ 379)
(2)
انظرإغاثة اللهفان (1/ 184) وشرح النووي لمسلم (3/ 17) وسد الذرائع في مسائل العقيدة (ص/202) وقد ذكرالإمام محمد بن عبد الوهاب أنَّ من جملة الأمور الجاهلية التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية " غُلُوُّهم في الأشخاص ومن ذلك [اتِّخَاذُ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِم مَسَاجِدَ.]
(3)
وانظر منها ج السنة (2/ 439)
(4)
وانظر مجموع الفتاوى (22/ 195)
والراجح - والله أعلم- أنَّ حكم الصلاة في المساجد التي بها قبور على تفصيل:
1 -
من صلَّى في المسجد الذي به قبر وهو لا يعلم بوجود القبر فصلاته صحيحة ،ويدل على ذلك ما رواه ثَابِت الْبَنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: رَآنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: وَأَنَا أُصَلِّي عِنْدَ قَبْرٍ، فَجَعَلَ يَقُولُ:«الْقَبْرُ» قَالَ: " - فَحَسِبْتُهُ يَقُولُ: الْقَمَرُ - " قَالَ: فَجَعَلْتُ أَرْفَعُ رَأْسِي إِلَى السَّمَاءِ فَأَنْظُرُ فَقَالَ: «إِنَّمَا أَقُولُ الْقَبْرُ لَا تُصَلِّ إِلَيْهِ» . قَالَ ثَابِتٌ: فَكَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يَأْخُذُ بِيَدِي إِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ فَيَتَنَحَّى عَنِ الْقُبُورِ. (1) وَقد علَّق البخاري على الأثر بقَوْلِهِ "وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ ".
قال ابن حجر: اسْتَنْبَطَهُ - أي البخاري - مِنْ تَمَادِي أَنَسٍ في الصَّلَاةِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ يَقْتَضِي فَسَادَهَا لَقَطَعَهَا وَاسْتَأْنَفَ. (2)
2 -
صلَّى في المسجد الذي به قبر وهو يعلم بوجود القبر ،ولكنه لم يتعمد الصلاة في المسجد لاعتقاده بأفضليه هذا المسجد عن غيره ،بل جاء الأمر وفاقاً لا قصداً ، فصلاته صحيحة ،ويكره له فعل ذلك، ويُنهى عن ذلك سداً للذريعة. (3)
(1) أخرجه البخاري معلقاً (1/ 93) ووصله عبد الرزاق (1581) وابن حجر فى التغليق (2/ 228) وسنده صحيح.
(2)
وانظر فتح البارى (1/ 759)
(3)
وهذا كحال كثير من المسلمين الذين يصلُّون في المساجد التي بها قبور، ويقولون أنَّ الميَّت لا يضر ولا ينفع وأنه لا بركة مخصوصة بهذا المكان، وإنما أنا أصلِّى فيه لأنه قريب من بيتي.
ورداً على هؤلاء نذكر كلام شيخ الاسلام ابن تيمية: حرِّم صلى الله عليه وسلم أن تتخذ قبورهم مساجد بقصد الصلوات فيها كما تقصد المساجد، وإن كان القاصد لذلك إنما يقصد عبادة الله وحده؛ لأن ذلك ذريعة إلى أن يقصدوا المسجد لأجل صاحب القبر ودعائه والدعاء به والدعاء عنده، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ هذا المكان لعبادة الله وحده؛ لئلا يتخذ ذلك ذريعة إلى الشرك بالله. والفعل إذا كان يفضي إلى مفسدة وليس فيه مصلحة راجحة ينهى عنه، كما نهى عن الصلاة في الأوقات الثلاثة؛ لما في ذلك من المفسدة الراجحة، وهو التشبه بالمشركين الذي يفضي إلى الشرك. وليس في قصد الصلاة في تلك الأوقات مصلحة راجحة؛ لإمكان التطوع في غير ذلك من الأوقات، ذكره فى قاعدة جليلة (1/ 31) وانظر تحذير الساجد (ص/109) وأضواء البيان (2/ 298)
3 -
وأما من صلَّى في المسجد الذي به قبر، وقصده لأجل صاحب القبر، متبركاً به معتقداً أنَّ الصلاة عنده أفضل من الصلاة في المساجد المجردة عن القبور، فهذا هو عين المشاقة والمحادة لله ولرسوله، وهذه الصلاة حقيق بها قول من قال ببطلانها.
قال ابن القيم: قال شيخنا "وأما إذا قصد الرجل الصلاة عند القبور متبركاً بالصلاة في تلك البقعة، فهذا عين المخادعة لله ولرسوله، والمخالفة لدينه، وابتداع دين لم يأذن به الله تعالى ا. هـ (1)
أما مسألة رفع القبور، وبناء المساجد عليها، فهذا مما حرَّمه الشرع.
قال الشوكاني: اعلم أنه قد اتفق الناس، سابقهم ولاحقهم، وأولهم وآخرهم من لدن الصحابة رضوان الله عنهم إلى هذا الوقت: أنَّ رفع القبور والبناء عليها بدعة من البدع التي ثبت النهي عنها واشتد وعيد رسول الله لفاعلها، ولم يخالف في ذلك أحد من المسلمين أجمعين ا. هـ (2)
قال ابن القيم: إذا كان شأن مسجد الضرار أن يهدم، فمشاهد الشرك التي يدعو سدنتها إلى إتخاذ من فيها أنداداً من د ون الله أحق بذلك. ا. هـ (3)
فإنْ قيل: أيُّهما الذي يُهدم، القبر أم المسجد؟
(1) وانظر إغاثة اللهفان (1/ 185) والثمر المستطاب (1/ 375)
(2)
وانظر شرح الصدور في تحريم رفع القبور (ص/8)
(3)
وانظر زاد المعاد (3/ 500)
فالجواب ماقاله شيخ الإسلام، قال رحمه الله: اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ أَنَّهُ لَا يُبْنَى مَسْجِدٌ عَلَى قَبْرٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " {إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ. فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ} وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ دَفْنُ مَيِّتٍ فِي مَسْجِدٍ.
فَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ قَبْلَ الدَّفْنِ غُيِّرَ: إمَّا بِتَسْوِيَةِ الْقَبْرِ وَإِمَّا بِنَبْشِهِ إنْ كَانَ جَدِيدًا. وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ بُنِيَ بَعْدَ الْقَبْرِ: فَإِمَّا أَنْ يُزَالَ الْمَسْجِدُ، وَإِمَّا أَنْ تُزَالَ صُورَةُ الْقَبْرِ فَالْمَسْجِدُ الَّذِي عَلَى الْقَبْرِ لَا يُصَلَّى فِيهِ فَرْضٌ وَلَا نَفْلٌ فَإِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ. (1)
وعليه: فإنَّ الحكم للسابق منهما، فيهدم المسجد إذا بُني على القبر ، ويُنبش القبر إذا كان أُدخل على المسجد، فأيهما طرأ على الآخر مُنع عنه ،والله أعلم.
- فإنَّ قيل: أليس في نبش القبر انتهاكاً لحرمة الميِّت؟
فالجواب: أنَّ هذا القبر قد سقطت حرمته باعتدائه واعتداء من أدخله المسجد ،فهذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم "ليس لعرق ظالم حق "(2)
(1) انظرمجموع الفتاوى (22/ 195) وتحذير الساجد (ص/50)
(2)
أخرجه مالك (1481) والبخاري معلقاً (3/ 106) وأبوداود (3073) ووصله ابن حجر في التغليق (3/ 309) وصححه الألباني.