الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويدل على ضعف ذلك حديث أنس - رضى الله عنه- حينما صلَّى خلف النبي صلى الله عليه وسلم فوقف اليتيم بجوار أنس رضي الله عنه.
ولو كان الصبي يُمنع من الصف مع الرجال ، لقام أنس رضي الله عنه -عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم واليتيم خلفهما، والله أعلم. (1)
فإذا كان الصبي يعقل ويصطف كغيره من المصلِّين فهنا لا حرج، بل كل الخير في إحضاره إلى المسجد لترغيبه في الصلاة وليتعلق قلبه ببيت الله عز وجل.
قال السعدي: "الصبي الذي يعقل الصلاة لا يجوز إبعاده عن الصف، ولا يؤخرعنه، لأنه استحق المكان، فيترك فيه لأجل ترغيبه في الصلاة" ا. هـ.
قلت: كما أنَّ جعل الصبيان في صفوف خلف الرجال - مع ما فيه من مخالفة السنة - يترتب عليه مفسدة؛ وذلك بالتشويش على المصلين ،حيث أنَّ اجتماع الصبيان يشجع بعضهم بعضاً على التلاعب أثناء الصلاة.
فائدة: ما رُوى مرفوعاً (جنِّبوا صبيانكم مساجدكم) فهذا ممَّا يستدل به الكثيرعلى عدم جواز اصطحاب الأطفال إلى المساجد، ولكنه لم يصح سنده عن النبي صلى الله عليه وسلم. (2)
فصل في: صلاة النفل في البيوت:
-
ومن المسائل الهامة التي تتعلق بهذا الباب من أحكام المساجد: صلاة النفل في البيوت ، فقد دلت أدلة الشرع على أفضلية صلاة السنن في البيوت عن أدائها في المساجد، ونذكر من هذه الأدلة: -
1 -
عن زيد بن ثابت - رضى الله عنه - أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة. (3)
(1) أخرجه البخاري (380) ومسلم (658)
(2)
وسيأتي تخريجه وبيان سبب ضعفه في فصل: "أحاديث لا تصح في باب المساجد".
(3)
رواه الجماعة.
فالحديث يدل على استحباب فعل صلاة التطوع في البيوت، وأنَّ فعلها في البيت خير من فعلها في المساجد ،ولو كانت المساجد فاضلة، كالمسجد الحرام ومسجده صلى الله عليه وسلم، ومسجد بيت المقدس. (1)
وقد صح هذا المعنى في قوله صلى الله عليه وسلم: "صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي مَسْجِدِي هَذَا إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ". (2)
قال ابن عبد البر: وَالَّذِي عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالتَّطَوُّعِ فِي الْمَسْجِدِ لِمَنْ شَاءَ، إِلَّا أَنَّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ النَّافِلَةِ فِى الْبُيُوتِ أَفْضَلُ لِقَوْلِه صلى الله عليه وسلم "صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي مَسْجِدِي هَذَا إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ"(3)
*قال الجوينى: الأولى لمن يكون بالمدينة أن يتنفل في منزله، وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم لا يُرى متنفلاً في المسجد إلا في ثلاث ليالٍ من رمضان، فإنه صلَّى التراويح في المسجد، وكان سببُ ذلك اعتكافَه فيه. (4)
ومن الأدلة على فضيلة أداء النوافل في البيت: قوله صلى الله عليه وسلم: " صلاة الرجل تطوعاً حيث لا يراه الناس تعدل صلاته على أعين الناس خمساً وعشرين "(5)
فدل ذلك أنَّ صلاة النفل في البيوت يضاعف أجرها، كما يضاعف أجر صلاة الفرض في الجماعة عمَّن صلَّاها وحده ،والله أعلم.
(1) وانظر نيل الأوطار (3/ 77)
(2)
أخرجه أبوداود (1044) وصححه الألباني.
(3)
ذكره في الاستذكار (2/ 326)
(4)
انظر نهاية المطلب في دراية المذهب (18/ 432)
(5)
أخرجه عبد الرزاق (4835) ابن أبى شيبة (6455) وصححه الألباني ،وانظر السلسلة الصحيحة (7/ 423)