الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال البغوي: ففي هذا الحديث دلالة أَنَّ الْخُرُوجَ عَنِ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الإِقَامَةِ بِعِلَّةِ طَهَارَةٍ أَوْ عُذْرٍ جَائِزٍ، فَأَمَّا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَيُكْرَهُ الْخُرُوجُ منِ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الأَذَانِ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْم. (1)
قَالَ ابن عبد البر: أَجْمَعُوا عَلَى الْقَوْلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ - أي حديث أبي هريرة في النهي عن الخروج من المسجد بعد الأذان - لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ وَكَانَ عَلَى طَهَارَةٍ، فَإِذَا كَانَ مَا ذَكَرْنَا فَلَا يَحِلُّ لَهُ الْخُرُوجُ مِنَ الْمَسْجِدِ بِإِجْمَاعٍ إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ لِلْوُضُوءِ وَيَنْوِيَ الرُّجُوعَ ا. هـ (2)
ويُلْحَقُ بِالْجُنُبِ الْمُحْدِثُ وَالرَّاعِفُ وَالْحَاقِنُ وَنَحْوُهُمْ، وَكَذَا مَنْ يَكُونُ إِمَامًا لِمَسْجِدٍ آخَرَ وَمَنْ فِي مَعْنَاه. (3)
توطُّن الأماكن في المساجد:
ومن جملة الأمور التي نهى عنها الشرع أنْ يوطِّن الرجل المكان في المسجد لا يصلَّي إلا فيه.
(1) وانظر شرح السنة (2/ 91) وشرح الزرقاني (1/ 205) وتحفة الأحوذي (1/ 451)
قلت: أما قول الإمام البغوي- رحمه الله بكراهة الخروج من المسجد من غير عذر، فإن كان يقصد كراهة التنزيه، فهذا خلاف ظاهر حديث أبي هريرة السابق ذكره، فإنَّ الأصل في النهي التحريم لا الكراهة، وقد نص أبو هريرة - رضى الله عنه- أنَّ الذي يخرج من المسجد بعد الأذان فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.
(2)
ذكره في التمهيد (10/ 434)
(3)
وانظر فتح الباري (2/ 143) وصحيح فقه السنة (1/ 288)
عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ رضي الله عنه قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَقْرَةِ الْغُرَابِ، وَافْتِرَاشِ السَّبْعِ، وَأَنْ يُوَطِّنَ الرَّجُلُ الْمَكَانَ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا يُوَطِّنُ الْبَعِيرُ. (1)
(1) أخرجه أحمد (15532) وأبوداود (862) وابن ماجه (1429) وابن خزيمة (662) وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والذهبي، وقدحسنه الألباني ثم قال: وتميم بن محمود هذا أورده الذهبي نفسه في " الميزان " وقال: " قال البخاري فيه نظر ". وذكره العقيلي والدولابي وابن الجارود في الضعفاء، وأما ابن حبان فوثقه على قاعدته في توثيق غيرالمشهورين بالرواية وأقول: لكنه يتقوى بأن له شاهدا بلفظ: " نهى عن نقرة الغراب وعن فرشة السبع وأن يوطن الرجل مقامه في الصلاة كما يوطن البعير ". أخرجه الإمام أحمد (5/ 446 و 447) والبغوي في " مختصر المعجم "(9/ 131) عن عثمان البتي عن عبد الحميد بن سلمة عن أبيه مرفوعا. ورجاله ثقات غير عبد الحميد هذا فهو مجهول كما في " التقريب ". فالحديث عندي حسن بمجموع الطريقين. والله أعلم، وانظر تهذيب التهذيب (1/ 324) وسلسلة الأحاديث الصحيحة (3/ 156).