الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وممَّا ورد في فضل المساجد الثلاثة:
1 - مضاعفة أجر الصلوات:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة فى مسجدي هذا، خير من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ " (1)
وعن أبي ذر رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصلاة في مسجدي مثل أربع صلوات في مسجد بيت المقدس ،ولنعم المصلى هو. (2)
وهنا فوائد:
1 -
دلت هذه الأحاديث أنَّ الصلاة في المسجد النبوي خير من ألف صلاة فيما سواه ،إلا المسجد الحرام "مسجد الكعبة " فإنَّ الصلاة في المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة، أماعن مضاعفة الصلاة في المسجد الأقصى فدل حديث أبي ذر- رضي الله - أنَّ الصلاة في المسجد الأقصى بمائتي وخمسين صلاة.
(1) أخرجه أحمد (7481) والبخاري (1190) ومسلم (1394) واللفظ لأحمد.
(2)
أخرجه الطحاوي فى مشكل الأثار (608) والحاكم (8553) والبيهقي فى الشعب (3849) وصححه الحاكم والذهبي، وانظر السلسلة الصحيحة (6/ 954) والبدرالمنير تخريج أحاديث الشرح الكبير (9/ 521)
2 -
أجر مضاعفة الصلوات ينسحب على أصل المسجدين الحرام والنبوي، وعلى ما زيد عليهما من توسعات، على الراجح، والله أعلم.
وَلَوْلَا أنَّ هذا التوسعات لها حكم الأصل مَا اسْتَجَازَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ أَنْ يَسْتَزِيدُوا فِيهِ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ، ولَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ.
قال شيخ الاسلام: وَمَسْجِدُهُ كَانَ أَصْغَرَ مِمَّا هُوَ الْيَوْمَ وَكَذَلِكَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ لَكِنْ زَادَ فِيهِمَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَحُكْمُ الزِّيَادَةِ حُكْمُ الْمَزِيدِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ. (1)
(1) قال العلامة الألبانى: روى عمر بن شبة من طريقين مرسلين عن عمر قال: " لو مد مسجد النبى صلى الله عليه وسلم إلى ذي الحليفة لكان منه ".هذا لفظه من الطريق الأولى ولفظه من الطريق الأخرى: " لو زدنا فيه حتى بلغ الجبانة كان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءه الله بعامر " ثم إن معناه صحيح، يشهد له عمل السلف به حين زاد عمر وعثمان في مسجده صلى الله عليه وسلم من جهة القبلة، فكان يقف الإمام في الزيادة، ورواه الصحابة في الصف الأول، فما كانوا يتأخرون إلى المسجد القديم كما يفعل بعض الناس اليوم ا. هـ وانظر مجموع الفتاوى (26/ 146) وفيض القدير (4/ 227) وسبل السلام (1/ 658) والسلسلة الضعيفة (2/ 403)
2 -
أنَّ مضاعفة أجر الصلوات في المسجدين المسجد الحرام والمسجد النبوي إنَّما هي خاصة لمن صلى داخل المسجد، خلافاً لما نراه ممن يصلي في مسكنه أو حتى في مسجد قريب من مسكنه، ويقول: مكة كلها حرم! ! نقول: نعم مكة كلها حرم، ولكنَّ مضاعفة أجر الصلوات، إنَّما هي خاصة بمن صلى داخل المسجدين فقط، والله أعلم. (1)
(1) ومضاعفة الأجر بمائة ألف صلاة قاصرة على المسجد الحرام - والله أعلم - خلافاً لمن جعل ذلك الأجر لكل من صلى فى الأرض الحرام.
ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة في مسجدى هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا مسجد الكعبة) فدل الحديث على حصر الأجرعلى الصلاة في ذات المسجد لا غير، ثم نقول لمن قال بالقول الأول: هل تجوِّز شد الرحال إلى المساجد التي في العزيزية والشبيكة، والزاهر، وغيرها، بالطبع ستقول: لا؛ لأنَّ الحديث حصر شد الرحال إلى ثلاثة مساجد، قلنا: كذلك فإنَّ الحديث حصر أجر المضاعفة فى مسجد الكعبة، كذلك فمن نذر الاعتكاف في المسجد الحرام، لا يجزئه أنَّ يعتكف فى مسجد الشميسي، مثلاً.
فإن قيل: كان النَّبِي صلى الله عليه وسلم فى صلح الحديبية إذا أراد الصلاة دخل إلى الأرض الحرم، قلنا: وهذا قد فعله لفضل الصلاة في الأرض الحرام على الصلاة فى الحل، وهذا لا يلزم منه الحكم أنَّ الصلاة فى الأرض الحرام بمائة ألف صلاة، قال ابْنُ مُفْلِحٍ: ظَاهِرُ كَلامِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنَّهُ نَفْسُ الْمَسْجِدِ، وَمَعَ هَذَا فَالْحَرَمُ أَفْضَل مِنَ الْحِل، فَالصَّلاةُ فِيهِ أَفْضَل ا. هـ
وقد سُئل ابن العثيمين: الصلاة المقصودة في الحرم في المضاعفة، هل المقصودة في المسجد الحرام، أو في عموم الحرم؟
الجواب: يجيب عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال صلى الله عليه وسلم:(صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا مسجد الكعبة)، أبعد هذا الجواب الواضح جواب؟ ! كلمة (مسجد الكعبة) ماذا تعني؟ المسجد الذي فيه الكعبة، ولا نعلم في مكة مسجداً يقال له مسجد الكعبة إلا المسجد الذي فيه الكعبة فقط، فلا يقال عن المساجد التي في الشبيكة والتي في الزاهر، والتي في الشعب، وغيرها لا يقال: إنها مسجد الكعبة، وهذا نص كالصريح في الموضوع.
إذاً إذا صليت في مساجد أخرى في مكة لا تنالها فضل الصلاة في مسجد الكعبة، يؤيده: قول الله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} [الإسراء: 1] وقد أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم -من الحِجْر ـ بكسر الحاء ـ الذي هو جزء من الكعبة.
لكن لا شك أنَّ الصلاة في نفس الحرم داخل بيوت الحرم أفضل، والدليل على هذا: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم -لما نزل في الحديبية وبعضها حرم وبعضها حل نزل في الحل، وصار يدخل في الحرم ويصلي فيه، مما يدل على أن الصلاة في الحرم -أي: فيما كان داخل حدود الحرم- أفضل من الصلاة في الحل، لكن هل ينال أكثر من مائة ألف صلاة؟ لا، إلا في مسجد الكعبة.
وهذه المسألة ذكرها صاحب الفروع من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله، وهو على ما قيل: أعلم الناس بفقه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، حتى كان ابن القيم رحمه الله وهو ملازم لـ شيخ الإسلام يرجع إلى ابن مفلح صاحب الفروع فيسأله عما يختاره شيخ الإسلام في مسائل الفقه، وقد ذكر رحمه الله أنَّ هذا ظاهر كلام أصحاب الإمام أحمد أنَّ التفضيل خاص بمسجد الكعبة، ونحن نقول: أفبعد كلام الرسول-صلى الله عليه وسلم شيء؟ ! لا شيء. ا. هـ وانظر الشرح الممتع (3/ 129)
3 -
تَكُونُ النَّوَافِلُ فِي الْمَسْجِدِ مُضَاعَفَةً بِمَا ذُكِرَ مِنْ أَلْفٍ فِي الْمَدِينَةِ، وَمِائَةِ أَلْفٍ فِي مَكَّةَ؛ وذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم "صلاة في مسجدي هذا، خير من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ" وَيَكُونُ فِعْل النوافل فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ من هذه المضاعفات؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» بَلْ وَرَدَ فِى بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّ النَّافِلَةَ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهَا فِي مَسْجِدِهِ صلى الله عليه وسلم. (1)
(1) قال المناوي: ظاهر قوله (صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ) أنه لا فرق في التضعيف بين الفرض والنقل ،وقال به العراقي والنووي ا. هـ قال العلامة ابن العثيمين: قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم -المرء أن يصلى فى البيت فإنَّ صلاة المرء فى بيته أفضل إلا المكتوبة، فدل ذلك على أن الإنسان ينبغى له أن تكون جميع رواتبة فى بيته، حتى ولو كان فى مكة والمدينة، فالأفضل أن تكون الرواتب في البيت أفضل من كونها في المسجد، حتى ولو كان ذلك المسجد هو المسجد الحرام أو المسجد النبوي؛ لأنَّ النبى صلى الله عليه وسلم قال هذا وهو فى المدينة والصلاة في مسجده خير من ألف صلاة إلا المسجد الحرام، وكثير من الناس الآن يفضل أن يصلى النافلة فى المسجد الحرام دون البيت، وهذا نوع من الجهل ا. هـ وانظر طرح التثريب (6/ 52) والسيل الجرار (1/ 109) والتيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 101) وفيض القدير (4/ 297) وعون المعبود (2/ 403) وشرح رياض الصالحين (5/ 140)