الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكثيراً ما نرى القائمين على أمور المساجد يعلِّقون هذا الحديث ويستدلون به على طرد الأطفال من المساجد مطلقاً، ويطردون النّاشئة من بيوت الله محتجّين بهذا الحديث، فينفّرونهم من الدين، على حين تفتح المؤسسات التبشيرية صدرها وذراعيها لأبناء المسلمين مع أبنائهم، والله المستعان. (1)
الحديث السابع:
ماروي مرفوعاً (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد)(2) فهو حديث موضوع
فصل في: سؤالات تتعلق بأحكام المساجد:
السؤال الأول: ما حكم من صلَّى في بيته، صلاة الجمعة أو الجماعة، بصلاة الإمام في المسجد
؟
(1) وسبق لنا أن ذكرنا التفصيل في هذه المسألة في فصل "اصطحاب الأطفال إلى المساجد " فليرجع إليه.
(2)
أخرجه الدارقطني (1553) والحاكم في المستدرك (898) والبيهقي في الكبرى (4945) وفي سنده سليمان بن داود اليمامي، قال عنه البخاري: منكر الحديث (وقد قال الذهبي: قال البخاري: من قلت فيه منكر الحديث، فهذا لا تحل رواية حديثه) وقال عنه ابن معين: ليس بشيء، وقد ضعف الحديث البيهقي، وذكره الضغاني في الموضوعات (1/ 42) وقال السخاوي وزين الدين العراقي: قد روي بأسانيد كلها ضعيفة، وليس له اسناد يثبت. وانظر ميزان الاعتدال (2/ 202) وطرح التثريب (2/ 99) والفوائد المجموعة (1/ 42) والمقاصد الحسنة (1/ 726) والسلسلة الضعيفة (ح/183)
الجواب: الجمهور على عدم صحة صلاته، قال النووي: لو صلَّى في دار أو نحوها بصلاة الإمام في المسجد وحال بينهما حائل لم يصح عندنا؛ وذلك لأنه يشترط لصحة الإقتداء علم المأموم بانتقالات الإمام، وهذا العلم يحصل بسماع الإمام أو مشاهدته أو سماع من خلفه أو مشاهدته، وهذا مجمع عليه. (1)
أما إذا كان المأموم يصلَّي خارج المسجد بصلاة الإمام ،أو حتى في المسجد، وبينهما حائل، فإنْ كانت الصفوف متصلة فقد اتفق الأئمة على جواز ذلك، ولكن يشترط في ذلك سماع المأموم لصوت الإمام أو سماع صوت من يبلغ عنه، أو رؤية الصفوف المتقدمة.
فعن عائشة - رضى الله عنها- قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلَّي من الليل في حجرته، وجدار الحجرة قصير، فرأى الناس شخص النبي صلى الله عليه وسلم فقام أناس يصلُّون بصلاته. (2)
وعن جبلة بن أبي سليمان قال رأيت أنس بن مالك يصلِّي الْجُمُعَةَ فِي دَارِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ. (3)
قال شيخ الإسلام ابن تيميه: -
إذَا امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ بِالصُّفُوفِ صَفُّوا خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَإِذَا اتَّصَلَتِ الصُّفُوفُ حِينَئِذٍ فِي الطُّرُقَاتِ وَالْأَسْوَاقِ صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ. ا. هـ (4)
(1) وانظر المجموع (4/ 265) والإفصاح (1/ 215)
(2)
أخرجه البخاري (729) ومسلم (782)
(3)
أخرجه بن أبي شيبه (2/ 223) وعبد الرزاق (5455) وسنده صحيح، وانظر صحيح فقه السنة (1/ 532)
(4)
وانظر مجموع الفتاوى (23/ 410) وشرح السنة (2/ 394)
*واذا صُفوا وبينهم وبين آخر الصفوف طريق يمشي الناس فيه أو نهر فالأظهر الجواز؛ لأنه لا نص ولا إجماع في المنع من ذلك.
قال الحسن: لا بأس أنْ تصلِّي وبينك وبينه نهر. (1)
ولكن يتحتم في هذه الحالة أن يكون علي وجه يُمكّن المأموم العلم بأفعال الإمام كسماع التكبير أو رؤية الصف المتقدم، قال أبو مجلز: يأتم بالإمام وإن كان بينهما طريق أو جدار إذا سمع تكبير الإمام. (2)
(1) أخرجه البخاري معلقاً (2/ 305) قال ابن حجر: وَقَول الْحَسَن لَمْ أَرَهُ مَوْصُولًا بِلَفْظِهِ وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهُ فِي الرَّجُلِ يُصَلِّي خَلْفَ الْإِمَامِ أَوْ فَوْقَ سَطْح يَأْتَمُّ بِهِ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وانظر فتح الباري (2/ 214)
(2)
أخرجه البخاري معلقاً (2/ 305) ووصله ابن حجر في التغليق (2/ 303) وابن أبي شيبة (2/ 223) وسنده صحيح.
فائدة: أبو مجلز هو لاحق بن حميد البصري الأعور وهو تابعي مشهور، قال عنه ابن حجر: ثقة من كبار الثالثة مات سنة ست ومائة وقيل تسع ومائة وقيل غيرذلك، انظر تقريب التهذيب (6/ 111)
تنبيه هام: الكلام عن صلاة المأمومين خارج المسجد في الجمعة والجماعات إنما يكون حال الزحام، أما ما يفعله بعض المصلِّين يوم الجمعة من بسط الحصير وفرشه خارج المسجد والصلاة عليه، مع خلو المسجد بالداخل، فهذا ممَّا يخالف سنة النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: أتمُّوا الصف الأول ثم الذي يليه وإن كان نقص فليكن في الصف المؤخر. (1)
كذلك فإنَّ هذا الفعل يعرض صلاتهم للبطلان؛ وذلك لعدم رؤيتهم الصفوف المتقدمة، مع عدم الحاجة للصلاة خارج المسجد.
قال شيخ الإسلام: فَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَسُد الصُّفُوفَ الْمُؤَخرَةَ مَعَ خُلُو الْمُقَدِّمَةِ وَلَا يصَف فِي الطُّرُقَاتِ وَالْحَوَانِيتِ مَعَ خُلُوِّ الْمَسْجِدِ وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ اسْتَحَق التَّأْدِيبَ، وَلِمَنْ جَاءَ بَعْدَهُ تَخطيهِ وَيَدْخُلُ لِتَكْمِيلِ الصُّفُوف الْمُقَدَّمَة فَإِنَّ هَذَا لَا حُرْمَةَ لَهُ ا. هـ (2)
(1) أخرجه أبو داود (675) والنسائي (818) وصححه الألباني
(2)
انظر مجموع الفتاوي (23/ 410)