الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
فرع: هل لمن لم يجد مكاناً في الصف لإكتماله، أنْ يجذب واحداً من الصف الأخير ليصلِّي معه
؟
فالجواب: - وهذا نراه يقع كثيراً ممَّن يأتي فلا يجد مكاناً في الصف المؤخَّر فيجذب واحداً من المصلِّين ليصلِّي بجواره، وهذا ممَّا لا دليل عليه من كتاب ولا سنة، والحديث الوارد في ذلك لا يصح (1).
(1) أخرجه الطبراني (8416) وابن حجر في البلوغ (388) ولفظه " "أَيُّهَا الْمُصَلِّي وَحْدَهُ، هَلَّا كُنْتَ وَصَلْتَ الصَّفَّ أَمْ أَخَذْتَ بِيَدِ رَجُلٍ مِنَ الْقَوْمِ فَصَفَّ مَعَكَ "وإِسْنَاده ضَعِيف، تفرد بِهِ السّري بن إِسْمَاعِيل وَهُوَ ضَعِيف، بل مَتْرُوك كَمَا قَالَه النَّسَائِيّ وَغَيره. وَقَالَ يَحْيَى الْقطَّان: استبان لي كذبه فِي مجْلِس وَاحِد. وللحديث رواية أخرى عند الطبراني في الأوسط (7764) بلفظ "«إِذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّفِّ وَقَدْ تَمَّ، فَلْيَجْذِبْ إِلَيْهِ رَجُلًا يُقِيمُهُ إِلَى جَنْبِهِ» في سنده بشر بن ابراهيم قال ابن عدي: " وهو عندي ممن يضع الحديث ". وقال ابن حبان: "كان يضع الحديث على الثقات ".وعليه فالحديث منكر.
وكذلك قد ورد مثل هذا المعنى في حديث آخر ولكنه ضعيف ولفظه " إِنْ جَاءَ رَجُلٌ فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا فَلْيَخْتَلِجْ إِلَيْهِ رَجُلًا مِنَ الصَّفِّ فَلْيَقُمْ مَعَهُ فَمَا أَعْظَمَ أَجْرَ الْمُخْتَلَجِ " أخرجه البيهقي في الكبرى (5212) وأبوداود في المراسيل (83) قال البيهقي: منقطع، قال النووي والزيلعي: مرسل.
(فائدة): قال الألباني: إذا ثبت ضعف الحديث فلا يصح حينئذ القول بمشروعية جذب الرجل من الصف ليصف معه، لأنه تشريع بدون نص صحيح، وهذا لا يجوز، بل الواجب أن ينضم إلى الصف إذا أمكن وإلا صلى وحده، وصلاته صحيحة، لأنه (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)، أما الأمر بالإعادة فهومحمول على من قصر في الإنضمام إلى الصف مع وجود فرجة ". ا. هـ انظر البدر المنير في تخريج أحاديث الشرح الكبير (4/ 472) ونيل الأوطار (3/ 222) والإرواء (2/ 329) والسلسلة الضعيفة (921)
أضف على ذلك ما يترتب على جذب المسبوق من المفاسد العديدة، والتي منها:
1 -
التعدي على حق المجذوب؛ وذلك بنقله من الصف الأول أو الثاني مثلاً إلى الصف المؤخَّر. (1)
2 -
إخراج المجذوب عن خشوعه في الصلاة.
(1) ومن الطرائف التي تذكر في هذا الباب أن إسماعيل بن غزوان دخل إلى بعض المساجد يصلي، فوجد الصف تاماً، فلم يستطع أن يقوم وحده، فجذب ثوب شيخ في الصف ليتأخر فيقوم معه. فلمَّا تأخر الشيخ ورأى إسماعيل الفَرج (أي فرجة في الصف المقدَّم)، تقدم فقام في موضع الشيخ، وترك الشيخ قائما خلفه ينظر في قفاه، ويدعو الله عليه ا. هـ وانظر البخلاء للجاحظ (ص /256)
3 -
إحداث فرجة في الصف المؤخَّر. (1)
تنبيه هام: بناءً على ما ذكرناه فإنَّ من يصلِّي وحده في مؤخرة المسجد على كرسيه، فهذا في حكم المنفرد خلف الصف، فله أنْ يتقدم بكرسيه ليصلِّي وسط الصفوف ولا حرج في ذلك.
فائدة: من صلَّى خلف الصفوف وبجواره صبي صغير بلغ السابعة من عمره، لا يعد منفرداً خلف الصف؛ لأنَّ هذا الصبي صلاته صحيحة يعتد بها بدليل قوله صلى الله عليه وسلم:" مروا أولادكم بالصلاة لسبع " فلو لم تكن صلاته يعتد بها لما أمر بها، وأيضاً لحديث أنس رضي الله عنه حين صلَّى بجوار اليتيم خلف النبي صلى الله عليه وسلم واليتيم هو من لم يبلغ الحلم، والله أعلم.
(1) وقد قال بمشروعية الجذب من الصف المؤخَّر عطاء والنخعي والنووي وابن قدامة، قال النووي:" مذهبنا أن الذي لا يجد سعة في الصف فله أن يجذب واحداً ويقف معه ا. هـ قلت: لكن لمَّا كانت القاعدة " أنَّ الأحكام فرع على التصحيح " فلا دليل على جواز ذلك، والله أعلم. فإن قيل: ألا يدل على مشروعية الجذب أنَّ المسبوق إذا وجد الإمام يصلي بمأموم واحد جذب المأمومَ ليصلى بجواره؟ قلنا: هذه سنة قد ثبت فيها دليل كما في حديث جابر _رضي الله عنه _ قال: قُمْتُ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم -فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدَارَنِي حَتَّى أَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ جَاءَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ جَاءَ فَقَامَ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم -بِيَدَيْنَا جَمِيعًا، فَدَفَعَنَا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ (أخرجه مسلم/3010) ونحن ندور مع الدليل حيث دار، وجوداً وعدماً.