الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا ممَّا نهى عنه الشرع ، وذلك لما ثبت من حديث أبي هريرة - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ، فَلْيَقُلْ: لَا أَدَّاهَا اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا " (1)
وعن بريدة رضي الله عنه أنَّ رجلاً نشد في المسجد ،فقال: من دعا إلى الجمل الأحمر ،فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لَا وَجَدْتَ، إِنَّمَا بُنِيَتِ الْمَسَاجِدُ لَمَّا بُنِيَتْ لَهُ- (2)
-
حكم إنشاد الضاَّلة في المسجد:
-
الراجح الصحيح - والله أعلم - هو حرمة إنشاد الضاَّلة في المسجد؛ وذلك لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يقال لمن أنشدها: لا ردَّها الله عليك، وهذا دعاء عليه ،ومثل هذا لا يكون إلا لمن فعل محرماً، وممَّن قال بالتحريم مالك وابن حزم والصنعاني. (3)
فإن قيل: وما علة النهي عن انشاد الضوال في المساجد والدعاء على من فعل ذلك؟
فالجواب: أنَّ ذلك ذريعة إلى أنْ تُتخذ المساجد أماكن للأمور الدنيوية، فترتفع فيها الأصوات ويكثر فيها اللغط الذي ينافي احترامها، وحيث إنَّ الضوال قد تكثر فيتوسع أصحابها في السؤال عنها في المساجد وقت اجتماع المصلّين، مما ينافي العبادة، لذلك يُدعى على من سأل عن ضاَّلة: لا وجدت ضالَّتك، فإنَّ المساجد أعدت للعبادة. (4)
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم -قد نهى عن التشويش على المصلين والقارئين، حتى ولو كان هذا التشويش بصوت قارىء القرآن، فكيف إذا كان هذا التشويش بأمر من أمور الدنيا؟ ! !
(1) أخرجه أحمد (8588) ومسلم (568) وأبو داود (473)
(2)
أخرجه أحمد (23044) ومسلم (569)
(3)
وانظر المحلى (3/ 167) وسبل السلام (1/ 232) والآداب الشرعية (3/ 385) والثمر المستطاب (ص /676)
(4)
وانظر التيسير شرح الجامع الصغير (1/ 99) والجامع لأحكام القران (12/ 180) والشرح الممتع (4/ 533)
أما العلة التي من أجلها أمر الشرع بالدعاء على من فعل ذلك: فهذه عقوبة له على مخالفته وعصيانه، وفعله ما نُهي عنه من ذلك. (1)
ومن الفوائد التي تتعلق بهذا الباب: -
1 -
قد ذهب الشافعية إلى عدم كراهة إنشاد الضاَّلة في المسجد الحرام خاصة؛ لأنه مجمع الناس. (2)
قلت: - وهذا التخصيص للمسجد الحرام دون غيره ممَّا لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ، والله أعلم.
2 -
تعريف الضاَّلة لمن وجدها في المسجد: -
يدخل في النهي عن انشاد الضاَّلة في المسجد ، من وجد شيئاً في المسجد، فليس له أن يعلن بذلك على رؤوس الناس ليعرف صاحبها؛ وذلك أنَّ العلة التي من أجلها نهى عن إنشاد الضاَّلة في المسجد متحققة في تعريف الضالة ،والقاعدة تنص أنَّ:
"الأحكام تدور مع علتها حيث دارت، وجوداً وعدماً "
يؤيده: أنَّ النهى عن إنشاد الضاَّلة يشمل المعنيين ، يقال: نشدت الضاَّلة فأنا ناشد إذا طلبتها، وأنشدتها إذا عرَّفتها ،وهو من النشيد الذي هو رفع الصوت. (3)
فتبين بذلك أنَّ علة النهي متحققة في الأمرين ،لذا يُنهى عنها.
قال المناوى: - وألحق جمع - منهم الحافظ العراقي - بإنشاد الضاَّلة تعريفها ،لذا قال الشافعية: يعرفها على باب المسجد. (4)
- فإن قيل: - إذا كان محرَّماً على المرء أنْ ينشد الضاَّلة فى المسجد، وأنْ يعرفها، فماذا يفعل من فقد أو وجد في المسجد شيئاً؟ ؟
الجواب: -
1 -
يقف على باب المسجد ويعلن عمَّا فقده أو وجده.
2 -
أنْ تعلِّق ورقة على باب المسجد يعلن فيها عمَّا فقده المرء أو وجده.
3 -
يتم تعليق ورقة في المسجد مفادها أن الأشياء التي يعثر عليها أحد فإنها تُسلَّم للأخ /فلان، مع وضع رقم هاتفه، وكذلك الأشياء التي يفقدها أحد يرجع إليها عند نفس الأخ.
قال النووي: لِيَكُنِ التَّعْرِيفُ فِي الْأَسْوَاقِ وَمَجَامِعِ النَّاسِ، وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ عِنْدَ خُرُوجِ النَّاسِ مِنَ الْجَمَاعَاتِ، وَلَا يُعَرِّفْ فِي الْمَسَاجِدِ، كَمَا لَا تُطْلَبُ اللُّقَطَةُ فِيها. (5)
(1) ذكره القاضي عياض في إكمال المُعْلِم (2/ 503)
(2)
وانظر الفقه على المذهب الأربعة (1/ 225)
(3)
وانظر النهاية فى غريب الأثر (5/ 53) والثمر المستطاب (1/ 686)
(4)
وانظر فيض القدير (1/ 461) وشرح رياض الصالحين (6/ 440)
(5)
وانظر روضة الطالبين (2/ 647)