الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويؤيد وجوب السترة:
1 -
أنها سبب شرعي لعدم بطلان الصلاة بمرور المرأة البالغة والحمار والكلب الأسود، كما صح ذلك في الحديث.
2 -
قوله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى أحدكم فليستتر لصلاته، ولو بسهم ". (1)
يؤيده: قوله صلى الله عليه وسلم "صلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي " ولم يرد أنه صلى الله عليه وسلم صلَّى إلى غير سترة.
ـ وعن سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه -مرفوعاً: [إذا صلَّى أحدكم إلى سترة، فليدن منها، لا يقطع الشيطان عليه صلاته](2)
وجه الدلالة: لمَّا كانت السترة وسيلة لحفظ صلاة المرء من قطع الشيطان لها، وكذلك عدم قطعها، أي بطلانها، بمرور المرأة والكلب والحمار، صارت السترة واجبة؛ وذلك للقاعدة:"ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب "
- وعن قرّة بن إياس قال: رآني عمر، وأنا أُصلي بين اسطوانتين، فأخذ بقفائي فأدناني إلى سترة، فقال: صلَّ إليها. (3)
وجه الدلالة: -
فعل عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - حين دفع الرجل وهو يصلي ليدنيه من السارية - ممَّا يخرج الرجل عن خشوعه - يدل على وجوب اتخاذ السترة، فمثل هذا الفعل لا يكون إلا لما كان واجباً، والله أعلم.
(1) أخرجه أحمد (15340) وابن خزيمة (841) والحاكم (926) قال: الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وصححه ابن السكن والألباني، وانظر تراجعات الألباني (ح/85)
…
قال السندي: قوله "فليستتر لصلاته ولو بسهم " أي: ولو بنصب السهم بينه وبين من يمر بين يديه.
(2)
أخرجه أحمد (16090) وأبوداود (695) وصححه الألباني.
(3)
رواه البخاري معلقاً (1/ 836) ووصله ابن أبي شيبه في مصنفه (7502) وابن حجر في التغليق (2/ 248) وسنده حسن.
وعَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ، إِذَا لَمْ يَجِدْ سَبِيلًا إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، قَالَ لِي:«وَلِّنِي ظَهْرَكَ» (1)
قال عَبْدُ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه: أَرْبَعٌ مِنَ الْجَفَاءِ: أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ وَأَنْ يَمْسَحَ جَبْهَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ أَوْ يَبُولَ قَائِمًا أَوْ يَسْمَعَ الْمُنَادِيَ ثُمَّ لَا يُجِيبَهُ. (2)
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ- رضي الله عنه قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ كِبَارَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ عِنْدَ المَغْرِبِ»، وَزَادَ شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَنَسٍ، حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. (3)
(1) أخرجه ابن أبى شيبة (2878) وسنده صحيح.
(2)
أخرجه ابن أبى شيبة (4716) بسند صحيح. وانظر القول المبين في أخطاء المصلين (1/ 80)
(3)
أخرجه أحمد (13983) والبخاري (503)
غريب الحديث: (يبتدرون) يتسارعون ويستبقون. (السواري) جمع سارية وهي الدعامة التي يرفع عليها سقف المسجد]
ممَّا دل أنَّ هذا الأمر كان سُنة الصحابة رضي الله عنهم.
قال ابن هانىء: رآني أبوعبد الله (يعني أحمد بن حنبل) يوماً وأنا أصلِّي وليس بين يدي سترة، فقال لي: استتر بشيء، فاستترت برجل. (1)
(1) وانظر مسائل ابن هانىء لأحمد (ص/166)
فائدة: وقد ذهب الجمهور إلى القول باستحباب اتخاذ السترة، واستدلوا على ذلك بحديث ابن عباس قال:[أقبلت راكباً على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ورسول الله r يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف فنزلت وأرسلت الأتان ترتع فدخلت في الصف فلم ينكر ذلك عليَّ أحد] متفق عليه.
قال الشافعي: (إلى غير جدار): إلى غير سترة. واستدلوا أيضاً بحديث ابن عباس: [أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في فضاء ليس بين يديه شيء] رواه أحمد وأبو داود والنسائي
والراجح ما ذكرنا أعلاه أما الرد على الجمهور: أولاً: الجواب عن قول ابن عباس: [إلى غير جدار] من وجوه:
1 ـ أنه يخالف ما ثبت عنه أيضاً حيث قال: [ركزت العنزة بين يدي رسول الله بعرفات فصلى إليها والحماريمر من وراء العنزة] رواه أحمد وابن خزيمة، وسنده صحيح، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يتركها في عرفات، فكيف يتركها في منى؟ !
2 ـ أنه جاء ما يفسر قول ابن عباس: [إلى غير جدار] وهو من طريق ابن جريج قال: أخبرني عبد الكريم أن مجاهداً أخبره عن ابن عباس قال: [جئت أنا والفضل على أتان فمررنا بين يدي رسول الله (بعرفة) وهو يصلي المكتوبة، ليس شيء يستره يحول بيننا وبينه] رواه ابن خزيمة (838) وسنده صحيح ..
وقال الشوكاني: " ويحمل حديث ابن عباس على أن صلاته كانت إلى سترة، مع وجود السترة لا يضر مرور شيء من الأشياء المتقدمة، كما يدل على ذلك قوله في حديث أبي هريرة:[ويقي من ذلك مثل مؤخرة الرحل]، وقوله في حديث أبي ذر:[فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل]
3 -
لا يلزم من نفي الجدار نفي السترة ، ويدل على هذا أنَّ البخاري بوَّب على هذا الحديث باب " سترة الإمام سترة لمن خلفه " فاقتضى ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى سترة .. ".
وأما الجواب عن حديث ابن عباس: [أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في فضاء .. ] فهو حديث ضعيف فيه حجاج بن أرطأة وهو ضعيف ومدلس وقد عنعنه. وقد ضعفه الألباني في الضعيفة برقم (5814) ، وتمام المنة ص (304).
وهنا تفصيل هام:
1 -
إذا كان المصلِّي في صلاة جماعة فليعلم أنَّ سترة الإمام سترة هي للمأمومين خلفه ، فالإمام يكون سترة لجميع المأمومين، فلا يضرهم مَن مر أمامهم مِن الناس؛ وذلك لحديث ابن عباس - رضى الله عنهما-قَالَ:«أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الِاحْتِلامَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ، وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ، فَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَيَّ» (1) قال النووي: فيه أنَّ سترة الإمام سترة لمن خلفه. (2)
(1) متفق عليه، وقد بوَّب البخارى له بقوله باب "سترة الإمام سترةُ مَن خلفه" ، أما ما راوه الطبراني في الأوسط (465) عن أنس مرفوعاً"سترة الإمام سترة لمن خلفه " فسنده ضعيف، قد تفرد به سويد بن عاصم وهو ليِّن الحديث كما قال ابن حجر، وقد روي عبد الرزاق هذا الأثر (2317) موقوفاً عَلى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أنه قَالَ:«سُتْرَةُ الْإِمَامِ سُتْرَةُ مَنْ وَرَاءَهُ» قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: «وَبِهِ آخُذُ، وَهُوَ الْأَمرُ الَّذِي عَلَيْهِ النَّاسُ» ، نقول: كذلك فهذا الأثر ضعيف، في سنده عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ العمري، قد ضعَّفه البخاري وابن المديني ويحيي بن سعيد والنسائي، وانظر الفقه الإسلامي وأدلتة (2/ 119) وصحيح فقه السنة (1/ 343).
(2)
وانظر شرح مسلم للنووي (2/ 462) والأوسط (5/ 107) وتحفة الأحوذي (2/ 132) وعون المعبود (2/ 98)