الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - باب الاسْتِئْذَانِ
(باب الاستئذان)
مِنَ الصِّحَاح:
3611 -
عَنْ أَبي سَعِيْدٍ الخُدريَّ رضي الله عنه أنَّه قال: أَتَانَا أبو مُوْسَى، قال: إنَّ عُمَرَ أرْسَلَ إِليَّ أَنْ آتِيَهُ، فأَتيتُ بَابَه، فسَلَّمتُ ثَلاثًا فَلَم يَرُدَّ عليَّ فَرَجعْتُ، فقال: ما مَنَعَكَ أنْ تأْتِيَنا؟ فَقُلتُ: إنَّي أَتيْتُ، فسَلَّمْتُ على بابكَ ثَلَاثًا فلَمْ تَرُدُّوا عَليَّ فَرَجَعْتُ، وقَد قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"إِذَا اسْتَأذَنَ أَحَدُكُم ثَلَاثًا فلم يُؤذَنْ له فلْيرجِعْ"، فقَالَ عُمرُ: أَقِمْ عَلَيْهِ البَينَةَ، قال أبو سَعيْدٍ: فقُمتُ مَعَه فَذَهَبْتُ إلى عُمرَ فشهِدْتُ.
"أَقِمْ عليه البينةَ"؛ يعني: فَلْيَشهَدْ لك مَن سمع هذا الحديثَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سمعتَه.
* * *
3612 -
وقال عبدُ الله بن مَسْعُودٍ رضي الله عنه: قَالَ لِي النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إذْنُكَ عليَّ أنْ تَرْفَعَ الحِجَابَ وأَنْ تَسْمَعَ سِوَادِي حتى أَنْهَاكَ".
قوله: "إذنُك عليَّ أن ترفعَ الحجابَ"؛ يعني: إذا أردتَ الدخولَ عليَّ فلا حاجةَ لك إلى الاستئذان، بل أذنتُ لك أن تدخلَ عليَّ، وأن ترفعَ حجابي وتأتيَ إليَّ.
"حتى أنهاك"؛ يعني: إن لم يكن عندي مَن يحتجب منك فلم أَنْهَكَ عن الإتيان، فإن كان عندي مَن يحتجب منك، أو أتكلم كلامًا لا أريدُ أن تسمعَه أنهاك حينَئذٍ عن الدخول عليَّ.
"السِّرار" هنا: السَّرُّ والكلامُ الخَفِيُّ؛ يعني: أذنتُ لك أن تسمعَ سرَّي إلا أن أنهاك، وهذا دليلٌ على تشريف ابن مسعود وانبساطه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* * *
3613 -
وقال جَابرٌ: أتيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم في دَيْنٍ كَانَ عَلى أَبيْ، فدَقَقْتُ البَابَ فقال:"مَنْ ذَا؟ " فقُلْتُ: أَنَا، فَقَال:"أَنَا، أَنَا! " كأنَّه كَرِهَها.
قوله: "أنا أنا"؛ يعني: لم يرضَ من جابرٍ التكلُّمُ بهذا اللفظ؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم إنما قال: "مَن ذا؟ " ليخبرَ جابرٌ بلفظٍ يحصل للنبي تعريفُه، ولا يحصل التعريفُ بلفظ: أنا؛ لأن هذا اللفظَ مشتركٌ بين جميع المتكلِّمين.
ويحتمل أن يكون وجه كراهيته صلى الله عليه وسلم هذا اللفظَ من جابر: أن في هذا اللفظ تعظيمًا وتكبُّرًا، فلم يرضَ النبي صلى الله عليه وسلم منه التكلمَ بلفظٍ ليس فيه تواضعٌ.
* * *
3614 -
وقَالَ أَبُو هُرْيرَةَ: دَخَلْتُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فوجَدَ لَبنًا في قَدحٍ فقالَ: "أَبَا هِرٍّ! الْحَقْ بِأَهْلِ الصُّفَّةِ فادْعُهُم إِليَّ"، فأَتيتُهُم فدَعَوتُهُم فأَقْبَلُوا، فاسْتَأذَنوُا فأُذِنَ لَهُم فَدَخَلُوا.
قوله: "فاستأذَنُوا، فأذِنَ لهم"، معنى هذا الحديث مخالفٌ لحديثٍ يأتي بعدَ هذا، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:"إذا دُعِيَ أحدُكم فجاء مع الرسول، فإن ذلك إذنٌ" هذا الحديثُ صريحٌ بأن المَدعوَّ إذا جاء مع الرسول لا حاجةَ له إلى إذنٍ، بل إرسالُ الرسولِ إذنٌ في الدخول، وحديثُ أهل الصُّفَّة صريحٌ بأنهم استأذنوا.
والتوفيق بين الحديثين: أن مجيءَ أهل الصُّفَّة لم يكن مع الداعي، بل أتوه بعدَه، فلهذا احتاجوا إلى الاستئذان.
ويحتمل أنه مضى زمانٌ كثيرٌ بين دعائهم وبين إتيانهم، فإذا مضى زمانٌ
كثيرٌ بين دعائهم وبين إتيانهم فقد بطلَ الإذنُ الأولُ، ويحتاج إلى استئذانٍ آخرَ، وإنما لا يحتاج إلى استئذانٍ آخرَ إذا جاء المَدعوُّ مع الداعي من غير تأخيرٍ؛ ليبقى حكمُ الإذن الأول.
* * *
مِنَ الحِسَانِ:
3615 -
قَالَ أَنَسٌ: أتَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم على سَعْدِ بن عُبَادةَ فَقَال: "السَّلَامُ عَلَيْكُم ورحمَةُ الله"، فَقَال سَعْدٌ: وعَلَيْكُمُ السَّلامُ ورَحْمَةُ الله، ولَم يُسْمِع النبيَّ صلى الله عليه وسلم، حتى سَلَّمَ ثَلَاثًا ورَدَّ عليه سَعْدٌ ثَلَاثًا، ولَمْ يُسْمِعْه، فَرَجَعَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فاتَّبعَهُ سعدٌ.
قوله: "أتى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على سعدِ بن عُبادةَ، فقال: السلامُ عليكم ورحمةُ الله": هذا الحديث تصريحٌ بأن الاستئذانَ لِيَكُنْ بالسلام؛ يعني: يقف على جانب من الباب بحيث لا يقع بصرُه على داخل البيت، ويُسلِّم؛ ليسمعَ أهلُ البيت تسليمَه ويَأذَنُوا له.
قوله: "ولم يُسمِعِ النبيَّ"، أسمع يُسمع، وهو يستمع، تقول: سمعتُ كلامَ زيدٍ، وأسمعتُ عمر كلامي وكلامَ زيدٍ؛ يعني: لم يَردَّ سعدٌ تسليمَ النبي بحيث يسمع النبيُّ صوتَ سعدٍ، بل ردَّ تسليمَه بصوتٍ خفيَّ؛ ليُسلِّمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مرةً أخرى؛ ليصلَ إلى سعدٍ وإلى بيتِه وأهلِ بيته بركةُ تسليمِ النبي صلى الله عليه وسلم، فلما لم يَسمَعِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم صوتَ سعدِ في رد السلام رجعَ النبيُّ، وتبعَه سعدٌ واعتذرَ إليه وقال: رددتُ عليك السلامَ في كل مرة، إلا أني لم أُسمِعْك صوتي؛ ليصلَ إلى بيتي بركةُ تسليمك.
* * *
3616 -
وعن كَلَدَة بن حَنْبَلٍ: أَنَّ صَفْوانَ بن أُميَّةَ بَعَثَ بِلَبن وجَدَايةٍ