الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - باب الخاتَمِ
(باب الخاتم)
مِنَ الصِّحَاحِ:
3378 -
عن ابن عمرَ رضي الله عنه قال: اتَّخَذَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم خاتمًا مِن ذَهَبٍ - وفي روايةٍ: وجعلَهُ في يدِه اليُمنَى - ثم أَلْقاهُ، ثم اتَّخذَ خاتَمًا مِن وَرِقٍ نُقِشَ فيهِ: محمدٌ رسولُ الله، وقال:"لا ينقشْ أحدٌ على نقشِ خاتَمي هذا"، وكانَ إذا لَبسَه جعلَ فَصَّهُ مما يلي بطنَ كفِّهِ.
قوله: "اتَّخذَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم خاتمًا من ذهب"، هذا كان قبل تحريم الذهب على الرجال.
قوله: "لا ينقُشْ أحدٌ على نقَشِ خاتمي هذا"، (على) هنا بمعنى: المِثْل؛ أي: لا يجوزُ لأحد أن ينقُشَ على خاتمه مثل نقش خاتمي؛ يعني: نقشُ خاتمي: محمدٌ رسول الله، وليس أحدٌ رسول الله بعدي حتى ينقشَ على خاتمه رسولَ الله.
* * *
3380 -
وعن عبدِ الله بن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتمًا من ذهبٍ في يَدِ رجلٍ، فنزعَهُ فطرحَه، فقال:"يَعْمِدُ أحدكم إلى جَمْرٍ من نارٍ فيجعلُه في يدِه".
قوله: "يعمِدُ أحدُكم إلى جَمْرٍ من نار"، (يعمِد)؛ أي: يقصد، (الجمر): قطعة خشب محترق قبل أن تَخْبُوَ نارُه؛ يعني: لبس الذهب للرجال سببُ حصولِ نارِ جهنَّمَ لهم.
* * *
3381 -
عن أنسٍ رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أرادَ أنْ يكتبَ إلى كِسرَى وقيصرَ والنجاشِيِّ فقيلَ: إنَّهم لا يقبلونَ كتابًا إلا بخاتَمٍ، فصاغَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خاتَمًا حَلْقَةً فضةً، نقشَ فيهِ:"مُحمَّدٌ رسولُ الله".
قوله: "صاغَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خَاتَمًا"، (صاغ)؛ أي: صنع؛ يعني: أمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بصنعِ خاتَمٍ له.
* * *
3385 -
وعن عليًّ رضي الله عنه قال: نهاني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ أَتَخَتَّمَ في أُصبَعي هذه أو هذه، قال: فأَوْمَأَ إلى الوُسْطَى والتي تليها.
قوله: "والتي تليها" أراد بها السَّبَّابة.
* * *
مِنَ الحِسَان:
3389 -
وعن معاويةَ رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عن ركوبِ النُّمورِ، وعن لُبْسِ الذَّهبِ إلا مُقَطَّعًا".
قوله: "نهى عن رُكوب النُّمور، وعن لُبْسِ الذهب إلا مُقَطَّعًا"، مَرَّ بحثُ النمور في الباب المتقدم.
قوله: "إلا مُقَطَّعًا"، قال الخطابي رحمه الله: يريد بالمقطَّع: الشيء اليسير؛ نحو شَدِّ سِنًّ وأنف مقطوعة بالذهب، كما يأتي في حديث كُلاب (1).
* * *
(1) يعني: يوم كُلاب، وهو حديث عرفجة بن أسعد الآتي بعد أحاديث من هذا.
3390 -
وعن بُرَيدَةَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ لرجلٍ عليهِ خاتمٌ مِن شَبَهٍ: "ما لي أجدُ منكَ ريح الأصنامِ؟ " فطرحَهُ ثم جاءَ وعليهِ خاتمٌ مِن حديدٍ، فقالَ:"ما لي أَرَى عليكَ حِليةَ أهلِ النارِ؟ " فطرحَهُ فقال: "اتَّخِذْهُ مِن وَرِق ولا تُتِمَّهُ مِثْقالاً".
قوله صلى الله عليه وسلم لرجل عليه خاتم من شَبَهٍ: "ما لي أجدُ منك ريحَ الأصنام"، فطرحه، ثم جاء وعليه خاتم من حديد فقال:"ما لي أرى عليك حِلْيةَ أهلِ النار"، فطرحه.
قال الخطابي رحمة الله عليه: إنما قال في خاتم الشَّبَه: "أجد منك ريح الأصنام"؛ لأن الأصنام كانت تُتَّخذ من الشبه، وأما الحديد فقد قيل: إنما كَرِه ذلك من أجل سُهوكة ريحه - السُّهوكة: الرائحة الكريهة -.
ويقال: معنى قوله: "حِلْية أهل النار": أنه زِيُّ بعض الكفار وهم أهل النار.
(الشَّبه)؛ يعني: يشبه الصُّفر، يقال له بالفارسي: بربخ.
قوله: "ولا تتمَّه مثقالاً"، هذا نهي إرشاد على الورع، فإن الأَولى أن يكون الخاتم أقلَّ من مثقال؛ لأنه من السَّرَف أبعد، وإلى التواضع أقرب، فإنْ أتمَّه مثقالاً أو زاد على مثقال جاز، والمِثْقال هو الدِّينار.
قول محيي السنة: "وقد صحَّ عن سهل بن سعد في الصَّداق: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لرجل: "التمسْ ولو خاتَمًا من حديد"؛ يعني: أن نهيه صلى الله عليه وسلم عن خاتم الحديد ليس نهيَ تحريم؛ لأنه لو كان نهي تحريم لما جَوَّز لذلك الرجل أن يلتمسَ خاتمًا من حديد ويجعَله صَدَاقًا.
* * *
3391 -
عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: "كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يكرهُ عشرَ خلالٍ: الصُّفْرةَ، يعني الخَلُوقَ، وتَغْييرَ الشَّيبِ، وجَرَّ الإِزارِ، والتختُّمَ بالذَّهبِ، والتبرُّجَ بالزينةِ لغيرِ مَحَلَّهَا، والضَّربَ بالكِعابِ، والرُّقَى إلا بالمعوِّذاتِ، وعقدَ
التمائمِ، وعزلَ الماء لغير مَحَلِّه، وفسادَ الصَّبيِّ غيرَ مُحَرِّمِه".
قوله: "الخَلُوق"، الخَلُوق مكروه في حق الرجال لِمَا ذُكر أن طِيبَ الرِّجال ريحٌ لا لونَ له.
"وتغيير الشيب"؛ يعني: خِضاب الشعر الأبيض بالسواد مكروه؛ لأنه كِتمان الشيب وتخييل الناس أنه شابٌ.
"والتبرج بالزينة لغير محلِّها"، يعني بهذا الكلام: تزيين المرأة نفسَها لغير زوجها.
"والضرب بالكِعاب"؛ يعني: اللعب بالنَّرد.
"والرُّقى إلا بالمعوِّذات"، الرُّقى جمع رُقْية.
قوله: "إلا بالمعوِّذات"، أراد بها:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} ، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ، عَبَّر بلفظ الجمع وأراد بها التثنية؛ لأن الجمع عبارة عن ضَمِّ شيء إلى شيء، فإذا كان معنى الجمع ضم أحد الشيئين إلى الآخر جاز أن يعبر بلفظ الجمع عن التثنية، ويحتمل أن يريد بالمعوَّذات كلَّ آية دعاء يقرأها الرجل ليعيذه الله من الشيطان، أو من فتنةٍ، أو شرِّ عدو، وغيرها.
قوله: "وعقد التمائم"، (التمائم): جمع تَميمة وهي ما يُعلَّق بأعناق الصبيان من خَرَزات وعِظَام لدفع العين أو الريح وغيرها، وهذا منهيٌّ؛ لأنه لا يدفع شيئًا إلا الله، ولا يُطلب دفعُ المؤذيات إلا بالله وأسمائه وصفاته.
"وعزل الماء لغيرِ محلِّه"، اللام في (لغير محله) بمعنى (من)؛ يعني: إبعاد المني عن الفرج؛ أي: إراقة المني خارجَ الفرج، ووجه النهي كراهة قَطْعِ النسل، ويحتمل أن يكون معنى (لغير محله) لغير الإماء؛ يعني: محل العزل الإماء دون الحرائر؛ يعني: يجوز العزل عن الإماء دون الحرائر، ويجوز في الحرائر باذنهنَّ وفي الإماء يجوز بإذنهن وغير إذنهن.
"وفساد الصبي"؛ يعني: إفساد الصبي منهي، وهو أن يطأ الرجل المرأةَ
المُرْضعَة، فإنه ربما تحمل المرأة في تلك الحال فينقطع لبنها ويختلط لبنها باللِّبَأ فيضر الصبي المرتضع.
"غيرَ مُحَرِّم"؛ يعني نهاهم عن إفساد الصبي، ولكن لم يحرَّم عليهم؛ يعني: نهاهم نهيَ تنزيه لا نهيَ تحريم.
* * *
3392 -
عن ابن الزُّبيرِ: أنَّ مولاةً لهم ذهبَتْ بابنةِ الزُّبيرِ إلى عمرَ بن الخَطَّابِ وفي رجلِها أجراسُ، فقَطَعَها عمرُ وقال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "مع كلِّ جَرَسٍ شَيطانٌ".
قوله: "مع كلِّ جَرسٍ شيطانُ"، ذُكر شرح هذا في (آداب السفر).
* * *
3393 -
ودُخِلَ على عائشةَ رضي الله عنها بجاريةٍ عليها جَلاجِلُ يُصَوِّتنَ فقالت: لا تُدخِلْنَها عليَّ إلا أنْ تُقطَّعْنَ جَلاجِلَها، سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ:"لا تدخلُ الملائكةُ بيتًا فيهِ جرسٌ".
قوله: "جلاجل" جمع جُلَجُل وهو الجرس الذي يُعلَّق برِجْل الصِّبيان.
* * *
3394 -
وعن عبدِ الرَّحمنِ بن طَرَفةَ: أنَّ جدَّه عَرفجَةَ بن أسعدَ قُطِعَ أنفُه يومَ الكُلابِ، فاتَّخذَ أنفًا مِن وَرِقٍ فأَنتنَ عليهِ، فأمرَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ يتخِذَ أنفًا مِن ذهبٍ.
قوله: "يوم الكُلاب" - بضم الكاف - اسم حرب معروف للعرب.
* * *