الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويصيرَ ولدُه يتيمًا.
"وإنهم لمن رَيْحَان الله"، (الرَّيْحَانُ): الرِّزْقُ، و (الريحانُ) أيضًا: نبتٌ طيبُ الرِّيح؛ يعني: الأولادُ مِن رِزْقِ الله، أو من الطَّيْب الذي طَيَّبَ الله به قلوبَ الآباء.
* * *
4 - باب القِيَام
(باب القيام)
مِنَ الصَّحَاحِ:
3636 -
عَنْ أَبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أنَّه قَالَ: لمَّا نَزَلَتْ بنو قُرَيْظَةَ على حُكْمِ سعدٍ بَعَثَ إليهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وكَانَ قَرِيْبًا مَنْهُ، فَجَاءَ على حِمَارٍ فَلَمَّا دَنَا مِنَ المَسْجدِ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم للأنْصَارِ:"قُومُوا إلى سَيدِكُم".
"لما نَزَلتْ بنو قُرَيظةَ"؛ يعني: على حُكْمِ سعد، "بعثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم".
(بنو قريظة): كانُوا يهودًا، فحاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم فنادَوا من القلعة: إنا رَضينا بما يَحْكُمُ علينا سعدُ بن معاذ، وكان سعدٌ نازلاً في موضعٍ قريب من النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسلَ إليه النبيُّ، فدعاه ليَحْكَمَ على بني قُرَيظة بما يقتضي اجتهادُه مِن قَتْلِهم وأخذِ الفِداء منهم أو أسرهم، فحكم سعدٌ بَقْتلِ مَنْ كان بالغًا من رجالِهم، وسَبْيِ نِسائِهم وصِبْيانهم.
والغَرَضُ من هذا الحديث: أنَّ سعدًا لما جاء قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "قوموا إلى سَيدِكم".
قال محيي السنة: القيامُ إلى أحدِ للاحترام غيرُ مكروهٍ بدليلِ هذا الحديث.
* * *
3637 -
وعَنْ ابن عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لا يُقيْمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مجلِسِه ثُمَّ يَجْلِسُ فِيْهِ، ولَكنْ تَفَسَّحُوا وتَوَسَّعُوا".
قوله: "ولكن تَفَسَّحُوا"؛ يعني: ولكن ليقُلْ: تَفَسَّحُوا؛ أي: ليبعُدْ بعضُ القوم إلى آخر المجلس، وليقرُبْ بعضُهم من بعضٍ ليتفسَّحَ المجلِسُ.
* * *
مِنَ الحِسَان:
3639 -
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قال: لَم يَكُنْ شَخْصٌ أَحَبَّ إِليْهِم مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وكَانُوا إِذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا، لِمَا يَعلَمُوْن مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لِذَلِكَ. صحيح.
قوله: "لم يقوموا لمَا يعلمون من كراهيته لذلك"؛ أي: للقيام، يقال: كرهتُ شيئًا وكرهْتُه لشيء، وهذا الحديثُ لا يدلُّ على كونِ القيامِ مَكْرُوهًا، بل إنما كَرِهَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يقوموا إليه للتواضع.
* * *
3640 -
وقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَرَّهُ أنْ يتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيامًا فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَه مِنَ النَّارِ".
قوله: "من سَرَّه أن يتَمَثَّلَ له الرجالُ"، التمثيل هنا: أن يقفَ أحدٌ قائمًا على رأسِ أحدٍ، أو بينَ يديه للخدمة؛ يعني: من أحبَّ أن يقومَ على رأسه وبين يديه أحدٌ لتعظيمه فليتبوَّأْ منزِلَه في النار، هذا إذا طلبَ من أحدٍ أن يقومَ بين يديه، أو على رأسه.
فأمَّا لو لم يطلبْ ولم يتوقَّعْ أن يقومَ أحدٌ له، ووقفَ أحدٌ من تلقاء نفسه طلبًا للثواب، فلم يكنْ عليه بأس؛ لأن المُغِيرةَ بن شعبةَ قام على رأس النبي صلى الله عليه وسلم،
وبيده سيفٌ يومَ الحُدَيبية، وكان يَزْجُرُ من يَصْدُرُ عنه سوءُ أدبٍ عند النبيِّ ممن جاء بالرسالة من أهل مكة، حتى كان يضربُ بنعْلِ غِمْد سيفه يدَ كافرٍ يُحَرَّكُ يدَه على وجه النبي صلى الله عليه وسلم.
روى هذا الحديثَ - أعني حديثَ: "من سره" - معاويةُ.
* * *
3641 -
عَنْ أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مُتَوَكَّئًا عَلَى عَصَاهُ، فقُمْنَا له، فَقَالَ:"لا تَقُومُوا كَمَا تَقُوْمُ الأَعَاجِمُ يُعظَّمُ بَعْضُهُم بعْضًا".
قوله: "متوكِّئًا"؛ أي: مُتَّكِئًا مُعْتَمِدًا بعصًا من مرضٍ كان عليه.
"يُعَظَّمُ بعضُها بعضًا"؛ يعني: الأَولى والأقربُ إلى التقوى: أن لا يُعَظِّمْ أحدًا لأجل ماله ومنصبه، بل ليُعَظَّمْه لأجل عِلْمِه وصلاحِه، فإذا كان القيامُ والتواضعُ لله فحَسَنٌ، وإذا كان للرياء ولأجل المالِ والمنصِب فهو منهيٌّ.
* * *
3642 -
عَنْ سَعِيْدِ بن أَبي الحَسَنِ قَالَ: جَاءَنَا أَبُو بَكْرَةَ فِيْ شَهادَةٍ، فَقَامَ لَهُ رَجُلٌ مِن مجلِسهِ فأَبَى أنْ يَجْلِسَ فَيْهِ وقَالَ: إِنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ذَا، ونَهَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَمْسَحَ الرَّجُلُ يَدَهُ بِثَوبِ مَنْ لَمْ يَكْسُهُ.
قوله: "في شهادة"؛ أي: لأداء شهادةٍ كانت عنده لأحد.
"عن ذا"؛ أي: عن هذا؛ يعني: عن أن يُقيم أحدٌ أحدًا، ويجلِسَ مجلِسَه.
"أن يمسحَ الرجلُ يده بثوبِ مَنْ لم يَكْسُه"؛ يعني: إذا كانتْ يدكَ ملطَّخةً بطعامٍ فلا تمسحْ يدَك بثوبٍ أجنَبيًّ، ولكن بإزارِ غلامِك أو ابنكِ أو غيرِهما ممن أَلْبَسْتَه ثوبَه.
* * *