المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌3 - باب أشراط الساعة - المفاتيح في شرح المصابيح - جـ ٥

[مظهر الدين الزيداني]

فهرس الكتاب

- ‌20 - كِتَابُ اللِّبَاسِ

- ‌1 - باب

- ‌2 - باب الخاتَمِ

- ‌3 - باب النَّعَال

- ‌4 - باب التَّرجيلِ

- ‌5 - باب التَّصاويرِ

- ‌21 - كِتابُ الطَّبَّ وَالرُّقى

- ‌2 - باب الفَأْلِ والطِّيرَةِ

- ‌3 - باب الكهَانَةِ

- ‌22 - كِتَابُ الرُّؤيَا

- ‌23 - كِتَابُ الآدَابِ

- ‌1 - باب السَّلامِ

- ‌2 - باب الاسْتِئْذَانِ

- ‌3 - باب المُصافحَةِ والمُعانَقَةِ

- ‌4 - باب القِيَام

- ‌5 - باب الجُلوُسِ والنَّومِ والمَشْيِ

- ‌6 - باب العُطَاسِ والتَّثَاؤُبِ

- ‌7 - باب الضَّحِكِ

- ‌8 - باب الأَسَامِي

- ‌9 - باب البَيانِ والشَّعرِ

- ‌10 - باب حِفْظِ اللِّسانِ والغِيْبةِ والشَّتمِ

- ‌11 - باب الوَعْدِ

- ‌12 - باب المُزَاحِ

- ‌13 - باب المُفاخَرَةِ والعَصَبيَّةِ

- ‌14 - باب البرِّ والصِّلَةِ

- ‌15 - باب الشَّفَقَةِ والرَّحْمَةِ على الخَلْقِ

- ‌16 - باب الحُبِّ في الله والبُغْضِ في الله

- ‌17 - باب ما يُنهَى من التَّهاجُرِ والتَّقاطُعِ واتباعِ العَوْراتِ

- ‌18 - باب الحذَرِ والتَّأَنَّي في الأُمورِ

- ‌19 - باب الرفق والحياء وحسن الخلق

- ‌20 - باب الغضب والكبر

- ‌21 - باب الظُّلمِ

- ‌22 - باب الأمر بالمعروف

- ‌24 - كِتابُ الرَّقَاقِ

- ‌2 - باب فضلِ الفُقَراءِ وما كانَ من عَيْشِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌3 - باب الأَمَلِ والحِرْصِ

- ‌4 - باب استِحبابِ المالِ والعُمُرِ للطَّاعةِ

- ‌5 - باب التَّوَكلِ والصَّبرِ

- ‌6 - باب الرِّياءِ والسُّمْعَةِ

- ‌7 - باب البُكاءِ والخَوْفِ

- ‌8 - باب تَغيُّرِ النَّاسِ

- ‌9 - باب

- ‌25 - كِتابُ الفِتَنِ

- ‌2 - باب المَلاحِمِ

- ‌تَتِمَّة المَفَاتِيح فِي شَرْحِ المَصَابِيْحِ

- ‌3 - باب أَشْراطِ السَّاعَةِ

- ‌4 - باب العلاماتِ بين يَدَي السَّاعةِ، وذِكْرُ الدَّجَّالِ

- ‌5 - باب قِصَّةِ ابن الصَّيَّادِ

- ‌6 - باب نزولِ عيسى عليه السلام

- ‌7 - باب قُرْبِ السَّاعَة وأنَّ مَنْ ماتَ فقد قامَتْ قيامَتُه

- ‌8 - باب لا تقومُ السَّاعةُ إلا على الشِّرارِ

- ‌1 - باب النَّفْخِ في الصُّورِ

- ‌2 - باب الحَشْرِ

- ‌3 - باب الحِسَابِ والقِصَاصِ والمِيْزانِ

- ‌4 - باب الحَوْضِ والشَّفاعَةِ

الفصل: ‌3 - باب أشراط الساعة

خليلي أبا القاسِمِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "إِنَّ الله تعالَى يَبْعَثُ مِنْ مَسجدِ العَشَّارِ يَوْمَ القِيامَةِ شُهَدَاءَ لا يَقُومُ مع شُهداءِ بَدْرٍ غَيْرُهُم".

قال أبو داودَ رحمه الله هذا المَسْجِدُ مِمَّا يلي النَّهرَ.

قوله: "انطلقنا حاجِّين فإذا رجل

" الحديث، (حاجِّين)؛ أي: قاصدين، من (حَجَّ): إذا قصد، (إذا) ها هنا للمفاجأة، ويلزم أن يكون ما بعده مبتدأ خبره جائز الحذف، كقولك:(خرجتُ فإذا السبع)؛ يعني: فإذا السبع حاضرٌ.

و (الأُبُلَّةُ) واحدةٌ من جنان الدنيا، وهي أربع: أُبُلَّةُ البصرة، وغُوطَةُ دمشقَ، وسُغْدُ سمرقند، وشِعْبُ بَوَّان، واختلف في أنه هو شعب بَوَّان كرمان أو شعب بَوَّان نوبندجان في الفارس.

و (من) في "مَنْ يضمنُ" ليس للشرط ها هنا، بل للاستفهام المُخْرَج من موضعه إلى الطلب والسؤال، كما يقول الفقير: مَن يعطيني درهمًا.

والواو في (ويقول) هذه عطف على قوله: (أن يصليَ)، و (هذا) إشارةٌ إلى الصلاة.

* * *

‌3 - باب أَشْراطِ السَّاعَةِ

(باب أشراط الساعة)

(الأَشْرَاط): العلامَاتُ، قال الله تعالى:{فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} [محمد: 18] أي: علاماتها.

وقال في "الغريبين": يقال: أشرط نفسه للشيء: إذا أعلمه، وبه سُمَّيَتْ

ص: 390

(الشُّرَطُ)؛ لأنهم جعلوا لأنفسهم علامةً يُعرفون بها، ومنه الحديث أنه قال صلى الله عليه وسلم:"إن من أَشْرَاط السَّاعة أن يكون كذا وكذا"؛ أي: مِنْ عَلاماتها.

* * *

مِنَ الصِّحَاحِ:

4194 -

قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ مِنْ أَشْراطِ السَّاعةِ أنْ يُرفَعَ العِلمُ، ويَكْثُرَ الجهلُ، ويكثُرَ الزِّنا، وَيكْثُرَ شُرْبُ الخَمْرِ، ويَقِلَّ الرَّجالُ، ويَكْثُرَ النِّساءُ، حتَّى يَكونَ لخَمْسينَ امرَأَةً القَيمُ الوَاحِدُ".

وفي رِوايةٍ: "يَقِلُّ العِلمُ ويَظهَرُ الجَهْلُ".

قوله: "يكون لخمسينَ امرأة القَيمُ الواحدُ"؛ يعني: مِنْ أشراطِ السَّاعة أنه يقلُّ الرجالُ ويكثرُ النساءُ، حتى يكون لخمسينَ امرأة قيمٌ واحدٌ، وليس المراد منه: أن تكون منكوحاته، و (القيم): القائم بمصالحهن، فيكنَّ زوجاتِهِ وأمهاته وجداته وأخواته وعماته وخالاته.

* * *

4195 -

عن جابرِ بن سَمُرَةَ قال: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "إِنَّ بَيْنَ يَدَي السَّاعةِ كذَّابينَ فاحْذَرُوهُم".

قوله: "إن بينَ يَدَي السَّاعةِ كذَّابين فاحذَرُوهم"، معنى (كذابين) ظاهر، والمراد: كثرةُ الجهل، وقلةُ العلم، والإتيانُ بالموضوعات من الأحاديث، وما يفترونه على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ترى في زماننا مما يرويه القصاص والفصالون.

ويحتمل أن يكونَ مرادُهُ: ادعاءَ النبوة كما كان في زمانه وبعد زمانه.

ويحتمل أن يكون المراد بـ (الكذَّابين): جماعةٌ يدعون أهواءً فاسدة، ويسندون اعتقادهم الباطل إليه صلى الله عليه وسلم كأهل البدع كلهم، ونعوذ بالله من ذلك.

* * *

ص: 391

4196 -

عن أبي هُريرةَ قال: بَيْنَما النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ إذْ جاءَ أَعْرابيٌّ قال: متَى السَّاعةُ؟ قالَ: "فإذا ضُيعَتِ الأَمانَةُ فانتظِرِ السّاعةَ". قالَ: كَيْفَ إِضاعَتُها؟ قال: "إذا وُسِّدَ الأمرُ إلى غَيْرِ أَهلِهِ فانتظِرِ السَّاعةَ".

قوله: "إذا وُسَّدَ الأمرُ إلى غيرِ أهلِهِ فانتظرِ الساعة"؛ يعني: إذا فُوَّضَتْ وِسَادةُ الحُكْمِ إلى غير مَن يستحقُهُ فانتظرِ السَّاعة، فإن هذا التفويض من أَماراتها، وفي قوله:"إذا وسِّدَ الأمرُ إلى غير أهله" تضمينُ معنى (فُوَّضَ)، فلهذا يعدى بإلى؛ لأن لفظ (وُسِّد) تعدى بنفسه، يقال:(وسَّدْتُهُ فتَوَسَّدَ).

* * *

4197 -

وقالَ: "لا تَقُومُ السَّاعةُ حتَّى يكثُرَ المالُ ويَفِيضَ حتَّى يُخْرِجَ الرَّجُلُ زكاةَ مالِهِ فلا يَجدُ أَحَدًا يقبَلُها منهُ، وحتَّى تَعُودَ أَرضُ العَرَبِ مُروجًا وأَنْهارًا".

قوله: "حتى تعودَ أرضُ العربِ مُرُوجًا وأنهارًا": قيل: في زمانٍ قديمٍ كان أكثر أرض العرب مُرُوجًا وصحارى متدفقة بالمياه ذات أشجار وثمار، فتبدل العمران بالخراب، والريف بالتَّباب، والاجتماع بالافتراق، وذلك دأبُ الله تعالى في البلاد والعباد، كذا ذكره عبد المسيح بن بقيلة الغساني لخالد بن الوليد حين ورد العراق غازيًا في خلافة الصديق مع جمهور الصحابة، وقد كان نصرانيًا، رأى كسرى أنوشروان بل رأى شابور ذا الأكتاف، قد عمر حتى قارب أربع مئة ونيفًا، وقد أدرك من رأى المسيح عليه السلام.

(المُروج): جمع مَرْجٍ، وهو الروضة.

* * *

4198 -

وقالَ: "تَبْلُغُ المَساكِنُ إِهابَ أوْ يَهابَ".

ص: 392

قوله: "تبلغ المساكن إيهابَ أو نِهَابَ": قيل: (إهاب ونِهاب) موضعان قريبان من خيبر، وقيل: بينهما وبين المدينة أميال.

قال الإمام التوربشتي في "شرحه": الرواية الصحيحة: "نهاب" - بالنون المكسورة -، ولا يرويه بالياء إلا بعض رواة "صحيح مسلم" وهو غير صحيح عندي، والشكُّ من الراوي.

وقيل: (أو) للتخيير لا للشك.

فإذا كان للشك فمعناه: أنه يكثر عمران المدينة بحيث يبلغ دورها إهَاب، إذا كان مراده صلى الله عليه وسلم من ذلك إِهَاب، ويبلغ دورها نِهَاب، إذا كان مراده صلى الله عليه وسلم من ذلك نِهاب.

وإذا كان للتخيير فمعناه: يبلغُ دورُها إهابَ إن شئت، ويبلغُ دورُها نهابَ إن شئت.

وإن روي (إهاب أو نهاب) منصرفين، فوجهه: أنهما مذكوران باعتبار المكان كـ (واسط ودابق)، وإن رويا بمنع الصرف ففيهما التعريف والتأنيث كـ (دمشق وبغداد).

* * *

4199 -

وقالَ: "يكونُ في آخرِ الزَّمانِ خليفةٌ يَقْسِمُ المالَ ولا يَعُدُّهُ". وفي رِوايةٍ: "يكونُ في آخرِ أُمَّتي خَليفةٌ يَحْثِي المالَ حَثْيًا لا يَعُدُّهُ عَدًّا".

قوله: "يكون في آخرِ الزمانِ خليفةٌ يَقْسِمُ المالَ ولا يعده": يحتمل أنه أراد صلى الله عليه وسلم بالخليفة: المهدي.

(لا يَعُدُّهُ) - بفتح الياء وضم العين - من حيث الرواية؛ يعني: يقسم المال من غير عَدِّ وإحصاء، ويحتمل أن يكون - بضم الياء - من الإعداد، وهو جعل

ص: 393

الشيء عدة وذخيرة؛ أي: لا يَدَّخِر لغد، ولا يكون له خزانة كفعل الأنبياء صلوات الله عليهم.

والسرُّ فيه: أن ذلك الخليفة تظهر له كنوز الأرض، أو يعلم الكيمياء، أو حينئذ لا حاجة له في الإعداد؛ لعدم النفاد، وقدرته على الإيجاد ساعة فساعة، أو يكون من كرامته أن ينقلب الحجر أو النحاس ذهبًا كرامةً له، كما روي من الأولياء رحمة الله عليهم.

* * *

4200 -

وقالَ: "يُوشِكُ الفُراتُ أنْ يَحْسِرَ عنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ، فمنْ حَضَرَ فلا يأْخُذْ منهُ شيئًا".

قوله: "يوشكُ الفراتُ أن يحسِرَ عن كنزٍ من ذهب، فمن حضر فلا يأخذ منه شيئًا": (يوشِكُ) بكسر الشين: مضارعُ (أوشَكَ)، وهو من أفعال المقاربة الاستقبالية؛ يعني: ينبغي أن يكون خبرها مقرونًا بـ (أن)؛ لأنه للطمع والرجاء كـ (عسى)، فإذا كان للطمع والرجاء فهو استقبالي، وإن علم للاستقبال فلهذا قُرن بـ (أن).

وقيل: قد يستعمل استعمال (كاد)، وأفعال المقاربة ناقصة مثل: كان، سوى، عسى، فإنها قد تكون تامة بمعنى (قَرُبَ)، فإذا كان ناقصة معناه: تقارب، وإذا كان تامة معناه: قَرُب، وهي ها هنا ناقصة، فمعناه: يقارب الفراتُ حَسر نفسه عن كنزٍ من ذهب؛ يعني: سيظهر الفراتُ عن نفسه كنزًا من ذهب، فمن وصل إليه، "فلا يأخذ منه شيئًا"، وللحسر مفعولان ثانيهما يعدى بـ (عن) كقولك:(حسرت يدي عن الثوب).

وإنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأَخْذِ نظرًا لأمته، ودفعًا لثائرة الفتنة والمقاتلة الشديدة.

ص: 394

ويحتمل أن يريد أنه مال مغضوب عليه كَمَالِ قارون، والمالُ المغضوب عليه غضبًا إلهيًا كثير النكد يحرمُ الانتفاع به، والحديث الذي بعده يدل عليه، وهو قوله عليه الصلاة والسلام:"لا تقومُ السَّاعة حتى يَحْسِرَ الفراتُ عن جَبلٍ من ذهبٍ يقتتلُ الناسُ".

* * *

4202 -

وقالَ: "تَقيءُ الأَرضُ أفْلاذَ كبدِها أمثالَ الأُسْطُوانِ منَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، فيَجِيءُ القاتِلُ فيقولُ: في هذا قَتَلْتُ، ويَجِيءُ القَاطِعُ فيقولُ: في هذا قَطَعتُ رَحِمي، ويَجِيءُ السَّارِقُ فيقولُ: في هذا قُطِعَتْ يَدي، ثم يَدَعُونَهُ فلا يَأْخُذونَ منهُ شيئًا".

قوله: "تقيءُ الأرضُ أفلاذَ كَبدِهَا

" الحديث.

قال في "شرح السنة": (أفلاذَ كَبدِهَا): أراد به: أن تخرج الكنوز المدفونة فيها، كما قال جل جلاله:{وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} [الزلزلة: 2] و (الفِلْذَةُ): لا تكون إلا للبعير، وهي قطعة من كبدها، وتجمع فِلَذًا وأفلاذًا، وهي القطع المقطوعة طُولًا.

و (قيئُها): إخراجُها، شبه بالكبد الذي في بطن البعيرِ؛ لأنه من أطايب الجزور.

وقيل: تُخْرِجُ ما في بطنها من معادن الذهب والفضة. هذا كله لفظ "شرح السنة".

قوله: "أمثالَ الأُسْطُوان": منصوبة على الحال، تقديره: مشابهةً للأسطوان، ويجوز أن يكون بدلاً عن (أفلاذ كبدها) وهو بدل الكل عن الكل.

* * *

ص: 395

4203 -

وقالَ: "والذي نَفْسِي بيدِه، لا تَذْهَبُ الدُّنيا حتَّى يمُرَّ الرَّجُلُ على القَبْرِ فيَتمرَّغُ عليهِ ويقولُ: يا لَيْتَنِي كنتُ مَكانَ صاحِبِ هذا القَبْرِ، وليسَ بهِ الدَّينُ إلا البَلاءُ".

قوله: "يا ليتني كنتُ مكانَ صاحبِ هذا القبر، ليسَ به الدِّين إلا البَلاء": (الدين) ها هنا: العادة، (ليس) منصوبٌ في موضع الحال من الضمير في (يتمرغ)؛ يعني: يتمرغُ على رأس القبر ويتمنى الموتَ في حال ليس التمرغ من عادته، وإنما حمل عليه البلاء.

* * *

4204 -

وقالَ: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَخْرُجَ نارٌ منْ أَرْضِ الحِجازِ تُضيءُ أَعْناقَ الإِبلِ ببُصْرَى".

قوله: "لا تقومُ السَّاعة حتى تخرجَ نارٌ من أرضِ الحجاز تُضيءُ أعناقَ الإبلِ ببصرى"، (بُصرى) بضم الباء: بلدة بالشام.

قيل: (الأَعْنَاق): جمع عَنَق - بفتح العين والنون - وهو الجماعة.

وقيل: (الأَعْنَاق): جمع عُنُق - بضم النون والعين - وهو العضو المشهور.

وقيل: إنما خصَّ الأعناق؛ لكبرِهَا وطولِهَا، وهذا أظهر،.

وتخصيص (بصرى) دون غيره من البلاد مُطلقًا مِنْ أسرار النبوة.

* * *

4205 -

وقالَ: "أَوَّلُ أَشْراطِ السَّاعةِ نارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ المَشْرِقِ إلى المَغْرِبِ".

ص: 396

قوله: "أولُ أشراطِ السَّاعة نارٌ تَحْشُرُ الناسَ من المشرقِ إلى المغربِ": قيل: (النار): معنوية وهي عبارة عن ظهور الكفار وغَلبتهم بحيث يحشرونَ الناسَ من المشرق إلى المغرب؛ يعني: يقتلون بعضهم، ويهرب بعضهم بحيث يصير مَنْ في المشرق إلى المغرب، فإذا ثبت هذا، فقدْ وقعتْ منذُ سنين، ونحن بعدُ فيه.

وقيل: إنه خبرية فما وقعت بعدُ؛ إلَّا أنه لا بدَّ من الوقوع؛ لأن الصادق صلى الله عليه وسلم أخبر به، وقوله لا محالة الصدق، ولعل هذا هو الأصح؛ لأن كل ما يمكن من الآيات والأخبار أن يجري إلى الظاهر لا يحتاج إلى التأويل والعدول إلى المعنى.

* * *

مِنَ الحِسَان:

4206 -

عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "لا تَقُومُ السَّاعةُ حتَّى يتَقارَبَ الزَّمانُ، فتكونُ السَّنَةُ كالشَّهْرِ، والشَّهْرُ كالجُمُعةِ، وتكونُ الجُمُعةُ كاليَوْمِ، ويكونُ اليَوْمُ كالسَّاعةِ، وتكونُ السَّاعةُ كالضَّرْمَةِ بالنَّارِ".

قوله من الحسان: "لا تقومُ الساعةُ حتى يتقاربَ الزمانُ فتكونُ السنةُ كالشَّهر" إلى آخره.

يعني: تكونُ السنةُ سريعةُ الانقضاءِ كالشهر، والشهرُ كالجمعة، والجمعةُ كاليوم، واليومُ كالساعة.

قيل: ذلك قصر الزمان مطلقًا، وقيل: لكثرة الغَفلة والاشتغال بالدنيا، وهذا أولى؛ لأن قصر الزمان فيه نظر، قال في "منتخب الصحاح":

الضَّرَمَةُ: السَّعَفَةُ والشَّيْحَةُ في طرفها نار.

قال في "الغريبين": (الضَّرَمَةُ): النار بعينها، يقال: ما بالنار نافخ ضَرمة؛

ص: 397

أي: ما بها أحد.

شُبهت بها (1)؛ لأنه كان يخضبُهَا بالحنَّاء، والكاف للتشبيه، وقد تكون اسمًا، وقد تكون حرفًا، فإذا كانت حرفًا، فقد احتاج إلى مُتَعلق كقولك: زيد كعمرو؛ يعني: زيد مستقرٌ كعمرو.

واستدل الفارسي على حرفيتها بصلة الذي بها، كقولك: جاءني الذي كزيد؛ لأن الصلة لا تكون إلا جملة، ولو كان اسمًا؛ لكان منفردًا، فإذا كان حرفًا تعلق بفعل إيجاب الجملة، فأما إذا كان اسمًا فهو بمعنى المثل، فلا يحتاج إلى متعلق كقولك: زيد كعمرو؛ أي: زيدٌ مثل عمرو.

* * *

4207 -

عن عبدِ الله بن حَوالةَ قال: بَعَثَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لِنَغْنَمَ علَى أَقْدامِنا، فَرَجَعْنا فلف نَغْنَمْ شَيْئًا، وعَرَفَ الجَهْدَ في وُجوهِنا، فقامَ فينا فقالَ:"اللهمَّ لا تَكِلْهُمْ إليَّ فأَضْعُفَ عنهُمْ، ولا تَكِلْهُمْ إلى أنفُسِهِمْ فيَعْجِزُوا عنها، ولا تَكِلْهُم إلى النَّاسِ فيَستأْثِروا عليهمْ". ثمَّ وَضَعَ يدَهُ علَى رأْسِي ثُمَّ قال: "يا ابن حَوالَةَ! إذا رأيتَ الخِلافةَ قدْ نزلَت الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ، فقدْ دَلَتِ الزَّلازِلُ والبَلابلُ والأُمورُ العِظامُ، والسَّاعةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ منَ النَّاسِ منْ يَدِي هذهِ إلى رأْسِكَ".

قوله: "بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لنغْنَمَ على أقدامِنا

" الحديث، (على أقدامِنا): حالٌ من الضمير في (بعثنا)؛ أي: بعثنا رجالًا غيرَ ركاب؛ لأنك تقول: بعثته راجلًا، وبعثته راكبًا، فيتنوع البعث كذا يتنوع المبعوث؛ مرة راجلًا، ومرة راكبًا.

(1) أي: شبهت اللحية بالضرمة كما في حديث قيل: "وكأن لحيته ضرام".

ص: 398

و (الجُهْد): بضم الجيم: الطاقة، وبفتحها: المشقة، وقيل: لا فرق بينهما.

قوله: "لا تَكِلْهُم إليَّ فأضْعُفَ": منصوب على جواب النهي، فكذا (يعجزوا).

"فيستأثِرُوا عليهم"؛ أي: يختاروا لأنفسهم الجيد، ويدفعون الرديء إليهم؛ أي: إلى أمتي، فحينئذ يتجبرون ويعلون، ويحتمل أن يريد يستولُون على أمتي، فيضعفونَهم ويستضعفونهم حتى يخاف عليهم فواتُ دينهم.

وفي هذا الدعاء: تعليم لأمته صلى الله عليه وسلم أن يَكِلوا أمورَهم وحوائِجَهم إلى الله تعالى، ولا يعتمدون على غيره، بل ينبغي أن يعتمدوا في جميع الأمور على الله تعالى؛ لأنهم لو اعتمدوا فيما عَنَّ لهم مِنَ الحوائج على خالِقهم كفاهُمْ مُؤْنَتَهُم، كقوله سبحانه:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3].

"الأرضُ المقدسة": عبارةٌ عن أرض الشام.

"الزَلازِل": جمع زَلْزَلة.

"والبَلابل": جمع بَلْبَلة، وهي وسوسةُ الصدرِ والهمِّ.

وهذا الحديث أيضًا دليل على قرب السَّاعة.

* * *

4208 -

وعن أبي هُريرَةَ قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا اتُخِذَ الفَيْء دُوَلًا، والأَمانةُ مَغنَمًا، والزَّكاةُ مغرمًا، وتُعُلِّمَ لغيرِ دِينٍ، وأَطاعَ الرَّجُلُ امرأتَهُ، وعَقَّ أُمَّهُ، وأدنى صديقَهُ، وأقْصَى أباهُ، وظَهرتِ الأَصْواتُ في المَساجِدِ، وسَادَ القَبيلةَ فاسِقُهُمْ، وكانَ زَعيمُ القَوْمِ أَرْذَلَهُمْ، وأُكْرِمَ الرَّجُلُ مَخافَةَ شَرِّه، وظَهَرتِ القَيْناتُ والمَعازِفُ، وشُرِبَتِ الخُمورُ، ولَعَنَ آخِرُ هذه الأُمَّةِ أوَّلَها، فارتَقِبُوا عِنْدَ ذلكَ رِيْحًا حَمراءَ، وزَلْزَلَةً وخَسْفًا ومَسْخًا وقَذْفًا، وآياتٍ تتابَعُ كنِظامٍ قُطِعَ سِلْكُهُ فتتابَع".

ص: 399

قوله: "إذا اتُّخِذَ الفَيء دُوَلًا"، (الدُّوَل): جمع دُوَلة - بضم الدال - وهو في المال؛ [يقال:] صارَ الفيءُ دُولةً بينهم يَتَدَاوَلونه مرةً لهذا ومرة لهذا، و (الدَّولة) بالفتح: في الحرب أن تُدَال إحدَى الفِئتين على الأخرى، ذكره في "منتخب الصحاح".

قال الأزهري: (الدُّوَلة) بالضم: اسم لما يتداول من المال؛ يعني: الفيء، و (الدَّولة) بالفتح: الانتقال من حالِ البؤسِ والضرِّ إلى حال الغِبطة والسرور، ذكره في "الغريبين".

يعني: إذا قسموا الفيء بين الأغنياء، وحرموا الفقراء من ذلك كما هو عادة الجاهلية.

ذكر محيي السنة في "معالم التنزيل": أن أهل الجاهلية كانوا إذا غنموا غنيمةً أخذَ الرئيسُ رُبعها لنفسه وهو المِرْباع، ويصطفي منها بعد المِرْباع ما شاء، فجعله الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقسمه فيما أمر، ثم قال:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ} ؛ أي: وما أعطاكم الرسول من الفيء والغنيمة، {فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ} من الغلول وغيره {فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]، وهذا نازل في أموال الفيء، وهو عام في كل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ونهى عنه.

"المَسْخُ": تحويل صورةٍ إلى ما هو أقبحُ منها.

قوله: "فارتقبوا": جوابٌ لـ (إذا)؛ يعني: إذا صدر عن الناس الأشياء المذكورة، فانتظروا عند ذلك ريحًا حمراء، وباقي الآيات متتابعة كَعِقْدٍ قُطِعَ سِلْكُهُ فتتابَعَ.

* * *

4210 -

عن عبدِ الله بن مَسْعودٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَذْهَبُ الدُّنيا حتَّى يَمْلِكَ العَرَبَ رَجُلٌ منْ أَهْلِ بَيْتي يُواطِئُ اسمُهُ اسمِي".

ص: 400

وفي رِوايةٍ: "لوْ لَمْ يَبْقَ منَ الدُّنيا إلَّا يَوْمٌ لَطَوَّلَ الله ذلكَ اليَوْمَ حتَّى يَبْعَثَ فيهِ رَجُلًا منِّي - أوْ منْ أَهْلِ بَيْتي - يُواطِئُ اسمُهُ اسمِي، واسمُ أبيهِ اسمَ أبي، يَملأُ الأرضَ قِسْطًا وعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وجَوْرًا".

قوله: "يواطئ اسمه اسمي"، (يواطئُ)؛ أي: يوافق.

قوله: "يملأُ الأرض قِسْطًا": (القِسط) بكسر القاف: مترادف للعَدْل، وهو اسم من (أَقسَطَ): إذا عَدَلَ، و (القَسط) بفتح القاف: الجَوْرُ.

قوله: "حتى يملِكَ العربَ رجلٌ من أهل بيتي"، يريد: أنه يملِكُ العربَ والعجمَ جميعًا، إلا أنه ذكر العرب دون العجم؛ لغلبة العرب في ذلك الزمان.

* * *

4211 -

عن أُمِّ سَلَمةَ قالت: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "المَهْدِيُّ منْ عِتْرَتي مِنْ وَلَدِ فاطِمَةَ".

قوله: "المَهْدِيُّ من عِتْرَتي": من أولاد فاطمة.

(العِتْرَةُ): نَسْلُ الرَّجُل ورَهْطُهُ الأَدْنَوْن، ذكره في "منتخب الصحاح".

قال الخطابي: (العِتْرَة): ولدُ الرجل لصلبه، وقد تكون العِتْرَةُ أيضًا للأقرباء وبني العمومة، ومنه قول أبي بكر يوم السقيفة: نحنُ عترةُ النبي صلى الله عليه وسلم.

* * *

4212 -

عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "المَهْدِيُّ مِنَّي، أجْلَى الجَبْهَةِ أقْنَى الأَنْفِ، يَمْلأُ الأَرْضَ قِسْطًا وعَدْلًا كما ملِئَتْ ظُلمًا وجَوْرًا، يَمْلِكُ سَبْعَ سِنين".

قوله: "أَجْلَى الجبهةِ أقْنَى الأنفِ"، (الأَجْلَى): الواسع الجبهة، (الأَقنى):

ص: 401

المرتَفِعُ الأنف، وكلاهما صفة مدح. (القَنى): احْدِيدَابٌ في الأنف، رجلٌ أقنى الأنف.

* * *

4214 -

عن أُمِّ سَلَمَةَ عن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "يكونُ اختِلاف عِنْدَ مَوتِ خَليفَةٍ، فيَخرُجُ رَجُلٌ من أهلِ المَدينةِ هارِبًا إلى مكَّةَ، فيأتيهِ ناسٌ مِنْ أهلِ مَكّةَ فيُخرِجونَهُ وهو كارِهٌ، فيُبايعونَهُ بينَ الرُّكْنِ والمَقامِ، ويُبْعَثُ إليهِ بَعْثٌ منَ الشَّامِ، فيُخْسَفُ بهم بالبَيْداءِ بينَ مكَّةَ والمَدينةِ، فإذا رأَى النّاسُ ذلكَ أتاهُ أَبْدالُ الشَّامِ وعَصَائِبُ أَهْلِ العِراقِ فيُبايعونَهُ، ثُمَّ يَنْشَأُ رَجُلٌ منْ قُرَيشٍ، أَخْوَالُه كَلْبٌ، فَيَبْعَثُ إليهم بَعْثًا فيَظهرونَ عَلَيهمْ، وذلكَ بَعثُ كَلْبٍ، ويَعْمَلُ في النَّاسِ بِسُنَّةِ نبيهِمْ، ويُلقي الإِسلامُ بجِرانِهِ إلى الأَرْضِ، فيَلبَثُ سبعَ سِنينَ، ثمّ يُتَوفَّى ويُصلِّي عليهِ المُسْلمون".

قوله: "أبدالُ الشَّام"، (الأبدال): عبارةٌ عن أولياءِ الله سبحانه وتعالى، سُموا أبدالاً؛ لأنه إذا مات واحدٌ منهم أبدلَ الله مكانه بشخص آخر، وواحدُ الأبدال: بَدَلٌ، وقيل: بَدِيْلٌ.

قوله: "فيظهرون عليهم": الضمير في (فيظهرون) للمتابعين، والضمير في (عليهم) لبعث النبي؛ يعني: إذا ظهر المهدي، ودعا إلى الحق ظهرَ قرشيٌ منازع له، باغٍ حاسد، واتفق أن أمه تكون من قبيلة كَلْبٍ، فتكون تلك القبيلة أخواله، فينتصرون لابن أختهم فيقاتل شيعة المهدي مع شيعة القرشي أخواله من كلب، فتغلب شيعة المهدي، وهم الداخلون في بيعته على بني كَلْب جيشِ القُرشي.

قوله: "ويُلقي الإسلام بِجِرانِهِ إلى الأرض"، (الجِرَان): مُقَدَّمُ العُنُق، وأصله في البعير: إذا مدَّ عنقَهُ على وجه الأرض، فيقال: ألقى البعير جِرَانَه،

ص: 402

وإنما يفعل ذلك إذا طال مقامُه في مُنَاخه، فضرب الجِرَان مثلًا للإسلام إذا استقرَّ قرارُه، فلم تكن فتنةٌ ولا هيجٌ، وجَرَتْ أحكامه على العَدل والاستقامة، ذكره الخطابي في "المعالم".

* * *

4215 -

عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ قال: "ذكَر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بلاءً يُصيبُ هذِهِ الأُمّةَ حتَّى لا يَجدَ الرَّجُلُ مَلْجَأً يَلْجَأُ إليهِ مِنَ الظُّلْمِ، فَيَبْعَثُ الله رَجُلاً، منْ عِتْرَتِي أهلِ بَيتي، فَيَمْلأُ بهِ الأَرضَ قِسْطًا وعَدْلًا كما مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا، يَرضَى عنهُ ساكِنُ السَّماءِ، وساكِنُ الأَرْضِ، لا تَدعُ السَّماءُ منْ قَطْرِها شَيْئًا إلَّا صبَّتْهُ مِدْرارًا، ولا تَدَعُ الأرضُ منْ نَباتِها شَيْئًا إلَاّ أَخْرَجَتْهُ، حتَّى تَتَمَنَّى الأَحياءُ الأموَاتَ، يعيشُ في ذلكَ سَبْعَ سِنينَ، أو ثَمانِ سِنينَ، أو تِسعَ سِنينَ".

قوله: "لا تَدعُ السَّماءُ مِنْ قَطْرِهَا شيئًا إلا صبَّتْهُ مِدْرارًا".

قال في "الفائق": (المِدْرارُ): الكثير الدَّر، مِفْعَال مما يستوي فيه المذكر والمؤنث، كقولهم:(رجل وامرأة مِعْطَار ومِطْفَال)، و (مدرارًا) نُصِبَ على الحال من ضمير (السماء).

قوله: "يعيشُ في ذلكَ سبعَ سنين، أو ثَمان سنين، أو تسعَ سنين"، (ذلك) إشارة إلى المذكور من العَدْل وغير ذلك من أنواع الخَيرات والأفعال المحمودة.

و (أو) في (ثمان أو تسع): يحتمل أن تكون للشكِّ من الراوي، ويحتمل أن تكون للتنويع كما قال تعالى:{أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ} [المائدة: 33].

* * *

ص: 403

4216 -

عن علِيِّ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم "يَخْرُجُ رَجُلٌ منْ وَراءِ النَّهر يقالُ له الحارِثُ بن حَرَّاثٍ، على مُقَدِّمَتِهِ رَجُل يقالُ لهُ: مَنْصُور، يُوَطِّنُ - أو يُمَكِّنُ - لآلِ مُحَمَّدٍ كما مكَّنَتْ قُرَيْشٌ لِرَسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَجَبَ علَى كلِّ مُؤْمِنٍ نَصْرُه - أو قال: إِجابتُهُ".

قوله: "يُوَطِّنُ أو يُمَكِّنُ لآلِ محمَّد"، (التوطين): جَعْلُ الوطنِ لأَحَدٍ، وقد يُستعمل في معنى: تهيئة الأسباب مجازًا، (أو) للشك من الراوي، وكذلك (أو) في (أو قال إجابته) أيضًا للشك، ويجوز (أو) في (أو يمكِّن) للإباحة، فمعناه: يوطَّنُ ويمكَّنُ.

فإن قيل: الأنصار وطنوا له صلى الله عليه وسلم وللمهاجرين، وأخرجه قريش من مكة كما قال تعالى:{إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [التوبة: 40] فَلِمَ قال: (كما مكَّنَتْ قريشٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم)؟

قيل: أراد بـ (قريش) مَنْ آمنَ منهم، ودخل في التمكين أبو طالب، إذا كان هو أصل التمكين، وإن لم يُؤمن عند أهل السنة.

* * *

4217 -

عن أبي سعيدٍ الخُدرِيِّ قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "والذِي نَفْسِي بيَدِهِ، لا تَقُومُ السَّاعةُ حتَّى تُكلِّمَ السِّباعُ الإِنْسَ، وحتَّى تُكلِّمَ الرَّجُلَ عَذَبَةُ سَوْطِهِ، وشِرَاكُ نَعْلِهِ، وتُخبرَهُ فَخِذُهُ بما أَحدَثَ أهلُهُ بَعْدَهُ".

قوله: "عَذَبَةُ سَوْطِهِ

" الحديث، (العَذَبَةُ): رأسُ السَّوط، وهي عبارةٌ عن قِدًّ يكون في طرفه، وهو سير مضفور، يُسَاقُ به الفرس، و (عَذَبَةُ العمامة): ما يدلى من خيوطها تشبيهًا بعَذَبَةِ السَّوط.

ص: 404