المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌20 - كِتَابُ اللِّبَاسِ

- ‌1 - باب

- ‌2 - باب الخاتَمِ

- ‌3 - باب النَّعَال

- ‌4 - باب التَّرجيلِ

- ‌5 - باب التَّصاويرِ

- ‌21 - كِتابُ الطَّبَّ وَالرُّقى

- ‌2 - باب الفَأْلِ والطِّيرَةِ

- ‌3 - باب الكهَانَةِ

- ‌22 - كِتَابُ الرُّؤيَا

- ‌23 - كِتَابُ الآدَابِ

- ‌1 - باب السَّلامِ

- ‌2 - باب الاسْتِئْذَانِ

- ‌3 - باب المُصافحَةِ والمُعانَقَةِ

- ‌4 - باب القِيَام

- ‌5 - باب الجُلوُسِ والنَّومِ والمَشْيِ

- ‌6 - باب العُطَاسِ والتَّثَاؤُبِ

- ‌7 - باب الضَّحِكِ

- ‌8 - باب الأَسَامِي

- ‌9 - باب البَيانِ والشَّعرِ

- ‌10 - باب حِفْظِ اللِّسانِ والغِيْبةِ والشَّتمِ

- ‌11 - باب الوَعْدِ

- ‌12 - باب المُزَاحِ

- ‌13 - باب المُفاخَرَةِ والعَصَبيَّةِ

- ‌14 - باب البرِّ والصِّلَةِ

- ‌15 - باب الشَّفَقَةِ والرَّحْمَةِ على الخَلْقِ

- ‌16 - باب الحُبِّ في الله والبُغْضِ في الله

- ‌17 - باب ما يُنهَى من التَّهاجُرِ والتَّقاطُعِ واتباعِ العَوْراتِ

- ‌18 - باب الحذَرِ والتَّأَنَّي في الأُمورِ

- ‌19 - باب الرفق والحياء وحسن الخلق

- ‌20 - باب الغضب والكبر

- ‌21 - باب الظُّلمِ

- ‌22 - باب الأمر بالمعروف

- ‌24 - كِتابُ الرَّقَاقِ

- ‌2 - باب فضلِ الفُقَراءِ وما كانَ من عَيْشِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌3 - باب الأَمَلِ والحِرْصِ

- ‌4 - باب استِحبابِ المالِ والعُمُرِ للطَّاعةِ

- ‌5 - باب التَّوَكلِ والصَّبرِ

- ‌6 - باب الرِّياءِ والسُّمْعَةِ

- ‌7 - باب البُكاءِ والخَوْفِ

- ‌8 - باب تَغيُّرِ النَّاسِ

- ‌9 - باب

- ‌25 - كِتابُ الفِتَنِ

- ‌2 - باب المَلاحِمِ

- ‌تَتِمَّة المَفَاتِيح فِي شَرْحِ المَصَابِيْحِ

- ‌3 - باب أَشْراطِ السَّاعَةِ

- ‌4 - باب العلاماتِ بين يَدَي السَّاعةِ، وذِكْرُ الدَّجَّالِ

- ‌5 - باب قِصَّةِ ابن الصَّيَّادِ

- ‌6 - باب نزولِ عيسى عليه السلام

- ‌7 - باب قُرْبِ السَّاعَة وأنَّ مَنْ ماتَ فقد قامَتْ قيامَتُه

- ‌8 - باب لا تقومُ السَّاعةُ إلا على الشِّرارِ

- ‌1 - باب النَّفْخِ في الصُّورِ

- ‌2 - باب الحَشْرِ

- ‌3 - باب الحِسَابِ والقِصَاصِ والمِيْزانِ

- ‌4 - باب الحَوْضِ والشَّفاعَةِ

الفصل: ‌2 - باب الملاحم

وهم بنو أمية؛ لأنه انتقلَتْ الخلافة إلى بني أمية بعد وفاة أمير المؤمنين الحسين ابن علي رضي الله عنهما.

"قلت: أممَّا بقيَ أو ممَّا مَضَى؟ "؛ يعني: قلت يتم لهم دينهم سبعين سنة بعد زمان الحرب الذي هو خمس وثلاثون أم يكون سبعين مع الخمسة والثلاثين؟

فقال صلى الله عليه وسلم: "ممّا مضى"؛ يعني: يكون سبعين مع الخمسة والثلاثين، لا بعد الخمسة والثلاثين، والله أعلم.

* * *

‌2 - باب المَلاحِمِ

(باب الملاحم)، (الملاحِم): جمع مَلْحَمَة، وهي الحرب.

مِنَ الصِّحَاحِ:

4169 -

عن أبي هُريرَةَ: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يَقْتَتِلَ فِئَتانِ عَظيمَتانِ، يكونُ بينَهُما مَقْتَلَةٌ عَظيمةٌ دَعْواهُما واحِدَةٌ، وحتَّى يُبعَثَ دجَّالونَ كَذَّابونَ قَريبُ مِنْ ثلاثينَ، كلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رسولُ الله، وحتَّى يُقبَضَ العِلْمُ، وتَكْثُرَ الزَّلازِلُ، ويتقارَبَ الزَّمانُ، وتَظْهَرَ الفِتَنُ، ويَكْثُرَ الهَرْجُ وهو القتْلُ، وحتَّى يَكْثُرَ فيكُمُ المالُ فيَفيضَ حتَّى يُهِمَّ رَبَّ المالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقتَهُ، وحتَّى يَعْرِضَهُ فيقولُ الذي يَعْرِضُهُ عليهِ: لا أَرَبَ لي بِهِ، وحتَّى يتَطاوَلَ النَّاسُ في البنيانِ، وحتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فيقولَ: يا ليتَني مَكانَهُ، وحتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبها، فإذا طَلعَتْ ورَآها النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ، فذلكَ حِيْنَ {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} ، ولَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وقَدْ

ص: 368

نَشَرَ الرَّجُلانِ ثَوبَهُما بينَهُما فلا يتَبايَعانِهِ ولا يَطْوِيانِهِ، ولَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وقَدِ انصَرَفَ الرَّجُلُ بلَبن لِقْحَتِهِ فلا يَطْعَمُهُ، ولَتَقومَنَّ السَّاعَةُ وهو يَلِيطُ حَوْضَهُ فلا يَسقي فيهِ، ولَتَقومَنَّ السَّاعَةُ وقدْ رَفَعَ أُكْلَتَهُ إلى فيهِ فلا يَطعَمُها".

قوله: "دعواهما واحدة"؛ يعني: تدعي كل واحدة منهما: أني مسلم.

"حتى تكثر الزلازل"، (الزَلازِل): جمع زَلْزَلَةٍ، وهي تحريك الأرض.

يعني: يكون تحريكُ الأرضِ في آخرِ الزمان كثيرًا.

"يتقاربُ الزَّمان"، ذُكر شرح هذا قبيل حِسَان (كتاب الفتن) بحديثين.

"فيفيضُ"، (الفيضُ): كثرةُ الماء وسيلانه.

"حتى يُهِمَّ ربَّ المالِ مَنْ يقبلُ صدقتَهُ"، (الإهمام): الحزن، وتقديره: حتى يُهِمَّ ربَّ المال فقدانُ من يقبل صدقته.

"لا أَرَبَ"؛ أي: لا حاجة.

"يا ليتَنِي مكانه"؛ يعني: يا ليتني كنتُ ميتًا حتى لا أرى الفتن والغُصَص.

"حتى تطلع الشمس من مغربها؛ فإذا طلعَتْ ورآها الناسُ أجمعون، فذلكَ حين {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} "؛ يعني: إذا طلعَتْ الشمسُ من المغرب لم يُقبل إيمانُ من لم يؤمن قبلَ طلوع الشمس من المغرب؛ لأن هذا الإيمان إيمان البَأس، وإيمان البَأسِ غير مقبول؛ لأن الإيمانَ المقبولَ هو الذي يكون بالغيب، وأما إذا طلعت الشمس من المغرب تَيَقَّنَ الناس مجيء القيامة؛ لأنه من علامات القيامة، فإذا تيقن الرجل مجيء القيامة لم يكن إيمانه إيمانًا بالغيب.

قوله: " {أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} "؛ يعني: أو تاب المؤمن توبة لم تقبل توبته أيضًا كما ذكرنا في (الإيمان).

ص: 369

وقصة طلوع الشمس من المغرب قد جاء في الحديث الصحيح: أن الليلةَ التي تطلعُ الشمسَ من المغرب في اليوم الذي بعدَها تطولُ تلك الليلة يقوم المتهجدون في تهجدهم، فلما فرغوا من أورادهم ولم يَروا أثر الصبح، ظنُّوا أنهم أخطئوا الوقت في القيام إلى التهجد، فظنوا أنهم قاموا قبل الوقت، فاستأنفوا أورادَهم، فلما فرغوا من أورادهم مرةً ثانيةً ولم يروا أثرَ الصبح، علموا أنه يحدث من الغيب شيء، فالتجؤوا إلى الله تعالى، وإلى الذِّكر وتلاوة القرآن، وبكوا وتضرعوا إلى الله تعالى، فإذا هم كذلك طلع الصبح من المغرب، ثم طلع الشمس من المغرب، ولم يكن لها نور، وشاهد الناس كلهم طلوعها من المغرب.

ففي رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن الشمس تطلع من المغرب يومًا واحدًا": وفي رواية: "أنها تطلع من المغرب ثلاثة أيام، ثم تطلع من المشرق إلى يوم القيامة".

واختلف أهل السنة في أن عَدم قَبول إيمان الكافر، وتوبة المذنب بعد طلوع الشمس، هل عام أم لا؟

فقال بعضهم: لا يُقبل إيمانٌ ولا توبةٌ لأحدٍ بعد طلوع الشمس من المغرب إلى يوم القيامة.

وقال بعضهم: ذلك مختصٌ بمن شاهدَ طلوع الشمس من المغرب، وهو مُمَيزٌ، فأما مَنْ يُولد بعد طلوع الشمس من المغرب، أو وُلد قبله ولم يكن مميزًا، فصار مميزًا بعد ذلك، ولم يشاهد طلوعَ الشمس من المغرب يقبل إيمانه وتوبته، وهذا هو الأصح.

"بِلَبن لِقْحَتِهِ"، (اللِّقْحَة): الناقة ذات اللبن؛ يعني: حَلَبَ الرجلُ ناقتَهُ وقامَتْ القيامةُ قبلَ أن يشربَ اللبن؛ يعني: إذا نُفِخَ في الصور فلم يقدر أحد على

ص: 370

عملٍ؛ لا على قليل، ولا على كثير.

"يَلِيْطُ"؛ أي: يطين، "حَوْضَهُ" ليسقيَ به إبله.

* * *

4170 -

وقال: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تُقاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ، وحتَّى تُقاتِلُوا التُّرْكَ صِغَارَ الأَعيُنِ حُمْرَ الوُجوهِ ذُلْفَ الأُنوفِ، كأنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ".

قوله: "ذُلْفَ الأُنوفِ"، (الذُّلْفُ): جمعُ الأَذْلَف، و (الأَذْلَفُ): الأنفُ الغليظَ المُسَطَّح.

"المَجَانُّ": جَمع مِجَنًّ، وهو التِّرس.

"المُطْرَقَةُ" بضم الميم: مفعول من الإطراق، ومعناه هنا: جعل الطِرَاق على وجه التِّرس، و (الطِراقُ) بكسر الطاء: الجِلد؛ يعني: وجوهُهُم عريضةٌ، ووجناتُهم مرتفعة كالمِجَنِّ.

روى هذا الحديث أبو هريرة.

* * *

4171 -

وقال: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تُقاتِلُوا خُوزًا وكِرْمانَ مِنَ الأعاجِمِ، حُمْرَ الوُجوهِ فُطْسَ الأُنوفِ صِغارَ الأَعيُنِ، كأنَّ وُجوهَهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ نِعالُهُمُ الشِّعَرِ".

ويُروَى "عِراضَ الوُجُوهِ".

قوله: "حتى تقاتلوا خُوزًا وكِرْمَانَ": فرقتان من الناس.

"الفُطْسُ": جمعُ الأفطس، وهو مثل (الأَذْلَف)، وقد ذُكر قُبيل هذا.

ص: 371

روى هذا الحديث أبو هريرة.

4172 -

وقال: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يُقاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهودَ، فيقتُلُهُم المُسْلِمونَ حتَّى يَخْتَبئَ اليَهودِيُّ مِنْ وَراءِ الحَجَرِ والشَّجَرِ، فَيقولُ الحَجَرُ والشَّجَرُ: يا مُسْلِمُ! يا عَبْدَ الله! هذا يَهُودِيٌّ خَلفِي، فَتَعَالَ فاقتُلْهُ، إلا الغَرْقَدَ فإنَّهُ منْ شَجَرِ اليَهودِ".

قوله: "حتى يَختبئَ"؛ أي: حتى يختفي.

"إلا الغَرْقَدَ فإنه من شجرِ اليهود" قيل: (الغَرْقَدُ): الصنوبر.

روى هذا الحديث ابن عمر.

* * *

4173 -

وقال: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطانَ يَسوقُ النَّاسَ بعَصاهُ".

قوله: "حتى يخرج رجلٌ من قَحْطان"، (قَحْطَان): اسمُ قبيلة من قبائل عرب اليمن.

"يسوقُ الناسَ بعصاه"؛ أي: يصيرُ حاكمًا عليهم، ويصيرهم مطيعِينَ منقادين لنفسه، ويأمرهم بما شاء، وكيف شاء، كما يسوقُ الراعي الغنمَ بعصاه.

روى هذا الحديث أبو هريرة.

* * *

4174 -

وقال: "لا تَذْهَبُ الأيَّامُ واللَّيالي حتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ يُقالُ لهُ: الجَهْجَاهُ".

وفي رِوايةٍ: "حتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنَ المَوالي يُقالُ لهُ: الجَهْجَاهُ".

ص: 372

"حتى يملِكَ رجلٌ"؛ أي: حتى يصيرَ حاكمًا على الناس.

"المَوَالي": جمع المولى، وهو الملوك ها هنا، أو العتيق.

روى هذا الحديث أبو هريرة.

* * *

4175 -

وقالَ: "لَيَفْتَتِحَنَّ عِصابَةٌ مِنَ المُسْلِمينَ كَنْزَ آلِ كِسرَى الذي في الأَبْيَضِ".

قوله: "في الأَبْيَضِ"، (الأَبْيَضُ): اسم لقصرٍ مبنيٍ من الجَصِّ والحَجَر، كان لكسرى، وفيه كنزه.

روى هذا الحديث جابر بن سَمُرَة.

* * *

4176 -

وقالَ: "هَلَكَ كِسْرَى فَلا يكونُ كِسْرَى بَعْدَهُ، وقَيْصَرُ ليَهْلِكَنَّ ثمَّ لا يكونُ قَيْصَرُ بَعْدَهُ، ولتُقْسَمَنَّ كُنُوزُهُما في سبيلِ الله". وسَمَّى الحَرْبَ خُدْعَةَ.

قوله: "هَلَكَ كسرى فلا يكونُ كِسرى بعده وقيصر": هذا ماضٍ بمعنى المستقبل؛ يعني: سَيهلك كسرى، وهو اسم لِمَنْ مَلَك العَجَم؛ يعني: سيفتح المسلمون العَجَم، ويكون بعد ذلك ملوكَ العَجَم المسلمون، لا كسرى ولا واحد من أبنائه.

و (قيصر): اسم لمن ملك الروم؛ يعني: سيفتح المسلمون الروم، ولا يكونُ ملكَ الروم إلا مسلمًا.

"وسمى الحرب خدعة".

روى هذا الحديث أبو هريرة.

* * *

ص: 373

4177 -

وقال: "تَغْزُونَ جَزِيرَةَ العَرَبِ فَيَفْتَحُها الله، ثُمَّ تَغْزُونَ فارِسَ فَيَفْتَحُها الله، ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُها الله، ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ الله".

قوله: "تغزونَ جزيرةَ العربِ" ذُكر شرح (جزيرة العرب) في أول الكتاب في (باب الكبائر) قبيل الحِسان من (فصل الوسوسة).

روى هذا الحديث نافع بن عتبة بن أبي وقاص.

* * *

4178 -

عن عَوْفِ بن مالِكٍ قال: أَتَيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم في غَزْوَةِ تَبوكَ وهو في قُبَّةٍ مِنْ أدَمٍ فقالَ: "اُعْدُدْ سِتًّا بينَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتي، ثمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ، ثمَّ مُوْتانٌ يَأْخُذُ فيكُمْ كقُعاصِ الغَنَمِ، ثمَّ استِفاضَةُ المالِ حتَّى يُعطَى الرَّجُلُ مِئَةَ دينارٍ فَيَظَلُّ ساخِطًا، ثمَّ فِتْنَةٌ لا يَبقَى بيتٌ مِنَ العَرَبِ إلَاّ دَخَلَتْه، ثمَّ هُدْنَةٌ تكونُ بينَكُمْ وبينَ بني الأَصْفَرِ فيغْدِرونَ فيأْتُونَكُمْ تحتَ ثمانينَ غايةً، تَحْتَ كُلِّ غايةٍ اثْنا عَشَرَ ألفًا".

قوله: "اعدُدْ ستًا بين يدَيِ السَّاعة"؛ يعني: اعدُدْ ستَّ علامَاتٍ ستحدث قبل القيامة.

"ثم موتان يأخذ فيكُم كقُعَاصِ الغنم": القُعَاص: داءٌ يقع في صدر الغنم فيموت في الحال.

قوله: "ثم استفاضةُ المال"؛ أي: ثم كثرة المال.

"فيظلُّ ساخطًا"؛ أي: يصير الفقير غضبان بأن يعد المئة قليلًا.

"هُدْنة"؛ أي: صُلح.

"بني الأصفر": أهل الروم.

ص: 374

"الغَايةُ": العَلَمُ.

* * *

4179 -

وقال: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بالأَعْماقِ أوْ بدابقَ، فَيَخْرُجُ إليهمْ جَيْشٌ منَ المَدينةِ منْ خِيارِ أَهْلِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ، فإذا تَصَافُّوا قالت الرُّومُ: خَلُّوا بَيْننا وبينَ الذينَ سَبَوْا مِنَّا نُقاتِلْهُمْ، فيقولُ المُسْلِمونَ: لا والله لا نُخلِّي بينَكُمْ وبينَ إِخْوانِنا، فيُقاتِلونَهُمْ، فيَنْهزِمُ ثُلُثٌ لا يَتُوبُ الله عَلَيهمْ أَبَدًا، ويُقْتَلُ ثُلُثٌ هُمْ أَفْضَلُ الشُّهداءِ عندَ الله، ويَفْتَتِحُ الثُّلُثُ لا يُفْتَنُونَ أَبَدًا، فيَفْتَتِحونَ قُسْطَنْطِينيَّةَ، فَبَيْنَما هُمْ يَقْتَسِمونَ الغَنائِمَ قَدْ عَلَّقُوا سُيوفَهُمْ بالزَّيْتونِ إذْ صاحَ فيهِم الشَّيطانُ: إنَّ المَسِيْحَ قدْ خَلَفَكُمْ في أَهْلِيكُمْ، فَيَخْرُجُونَ، وذلكَ باطِلٌ، فإذا جاؤُوا الشَّامَ خَرَجَ، فَبَيْنَما هُمْ يُعِدُّونَ للقِتَالِ ويُسَوُّونَ الصُّفُوفَ إذْ أُقيمَتِ الصَّلاةُ، فينزِلُ عيسَى بن مَرْيمَ فَأَمَّهُمْ، فإذا رآهُ عدُوُّ الله ذابَ كما يَذُوبُ المِلْحُ في الماءِ، فلو تَرَكَهُ لانذابَ حتَّى يَهلِكَ، ولكنْ يَقتُلُهُ الله بيدِهِ، فيُريهِمْ دَمَهُ في حَرْبَتِهِ".

قوله: "حتى ينزلَ"؛ أي: أهل الروم "بالأعماقِ أو بدابق": هما موضعان بالشام، والشكُّ من الراوي.

"قد خلفَكُمْ"؛ أي: قَامَ مقامَكُمْ.

"في أهليكم"؛ يعني: نزل الدجال في ديارِكم ومنازِلكم بعدَ خروجكم منها.

"فإذا جاءوا الشَّام خرجَ"؛ أي: فلمَّا جاءَ جيشُ الإسلام الشامَ، فحينئذ يخرجُ الدَّجَّال.

روى هذا الحديث أبو هريرة.

* * *

ص: 375

4180 -

عن عبدِ الله بن مَسْعودٍ قالَ: إنَّ السَّاعةَ لا تَقُومُ حتَّى لا يُقْسَمَ مِيراثٌ ولا يُفْرَحَ بغَنيمةٍ. ثمَّ قالَ: عَدُوٌّ يَجْمَعونَ لأَهْلِ الشَّامِ ويَجْتَمِعُ لَهُمْ أَهْلُ الإِسْلامِ، يعني الرُّومَ، فيتَشَرَّطُ المُسْلِمونَ شُرْطةً للمَوْتِ لا تَرْجِعُ إِلا غالِبةً، فَيقْتَتِلونَ حتَّى يَحْجُزَ بينَهُمُ الليلُ، فَيَفِيءُ هؤلاءِ وهؤلاءِ، كلٌّ غيرُ غالِبٍ، وتَفْنَى الشُّرْطَةُ، ثمَّ يتَشَرَّطُ المُسْلِمونَ شُرْطَةً للمَوْتِ لا ترجِعُ إلا غالِبةً، فيَقتَتِلونَ حتَّى يُمْسُوا، فَيَفِيءُ هؤلاءِ وهؤلاءِ، كلٌّ غيرُ غالِبٍ، وتفنَى الشُّرْطَةُ، فإذا كانَ اليومُ الرَّابعُ نَهَدَ إليهِمْ بَقيَّةُ أَهْلِ الإِسلامِ، فيجعلُ الله الدَّبْرَةَ عليهِمْ فَيَقْتَتِلُونَ مَقْتَلةً لَمْ يُرَ مِثلُها، حتَّى إنَّ الطَّائِرَ ليَمُرُّ بجنَباتِهمْ فما يُخَلِّفُهُمْ حتَّى يخِرَّ مَيْتًا، فيتَعادُّ بنو الأَبِ كانوا مِئَةً فلا يَجِدونَهُ بَقِيَ منهُمْ إلَاّ الرَّجُلُ الواحِدُ، فَبأَيِّ غَنيمةٍ يُفْرَحُ؟ أو أَيُّ مِيْراثٍ يُقَسَمُ؟ فبينا هُمْ كذلكَ إذْ سَمِعُوا ببَأْسٍ هو أَكْبَرُ منْ ذلكَ، فجاءَهُمُ الصَّريخُ أنَّ الدَّجَّالَ قدْ خَلَفَهُمْ في ذَرَارِيهِمْ فيَرفُضُونَ ما في أَيديهِمْ ويُقبلونَ، فيَبعثونَ عَشْرَةَ فوارِسَ طَليعةً، قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"إنِّي لأَعْرِفُ أَسْماءَهُمْ وأَسْماءَ آبائهِمْ، وألوانَ خُيولِهِم هُمْ خَيرُ فَوارِسَ، أو مِنْ خيرِ فَوارسَ على ظَهْرِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ".

قوله: "يعني الروم": هذا تفسير قوله: (عدو)؛ يعني: العدوُّ يكونُ مِنْ أهل الروم.

"يجمعونَ"؛ أي: يجمعونَ الجيشَ والسلاحَ والخيلَ للحرب.

"فَيَشْتَرِطُ المسلمون شُرْطَةً للموت"؛ يعني: شَرَطَ المسلمين مع أنفسهم أن لا يَنهزموا ولا يَرجعوا عن الحرب حتى يغلبوا على الكفار، و (الموت) هنا: بمعنى الحرب.

"حتى يَحجُزَ بينهم الليلُ"؛ أي: حتى يدخلَ الليل فتركوا القتال، (الحَجْزُ): المنع.

ص: 376

"فيفيءُ"؛ أي: فيرجع "هؤلاء"؛ أي: المسلمون، "وهؤلاء"؛ أي: الكفار.

"وتفنى الشُّرْطَةُ"؛ أي: بَطَلَ الشَّرطُ بتركهم القتالَ غير مختارين بسبب دخول الليل.

و"نَهَدَ إليهم"؛ أي: قام وقصد.

"فيجعلُ الله الدَبَرَةَ"؛ أي: الانهزام "عليهم"؛ أي: على الكفار.

"بجَنَبَاتِهم"؛ أي: بنواحِيْهِم.

"فما يُخلِّفُهُمْ" بتشديد اللام؛ أي: فما يمرُّ عليهم؛ يعني: طارَ الطيرُ على أولئك الموتى فما وَصَلَ إلى آخرهم.

"حتى يخرَّ"؛ أي: سقط "مَيْتًا" من نتنهم، أو من طولِ مسافة مسقط الموتى.

"فيتعادُّ بنو الأب"؛ يعني: يعدُّ جماعةٌ حضروا تلكَ الحرب كلُّهم أقارب فلم يبق من مئة إلا واحد.

"البأس": الحرب.

قوله: "الصَّريخُ": الاستغاثة.

"فَيَرْفُضونَ"؛ أي: يَرْمُون ويُلْقُون ما في أيديهم من الغنيمة.

"فَيَبْعَثون"؛ أي: فَيُرْسِلون.

"عشرةَ فوارسَ طليعةً"؛ أي: مقدمةً للجيش كالجاسوس؛ ليعرفوا حال عدوِّهم.

(الطليعة): الجيشُ القليل الذين يقال لهم بالفارسي: يزدك.

"هم خيرُ فوارس أو من خير فوارس": هذا شكٌّ من الراوي.

* * *

ص: 377

4181 -

عن أبي هُريرةَ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "هل سَمِعْتُمْ بمَدينةٍ جانِبٌ منها في البَرِّ وجانِبٌ منها في البَحْرِ؟ " قالوا: نَعَمْ يا رسولَ الله، قال:"لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يغَزُوَهَا سَبْعونَ ألفًا منْ بنى إسحاقَ، فإذا جَاؤُوهَا نَزَلُوا فَلَمْ يُقاتِلُوا بسِلاحٍ ولمْ يَرمُوا بسَهْمٍ، قالوا: لا إلهَ إلَاّ الله والله أكبَرُ، فيَسقُطُ أحدُ جانِبَيْها الذي في البَحْرِ، ثمَّ يقولون الثَّانِيَةَ: لا إلهَ إلَاّ الله والله أكبَرُ، فيَسقُطُ جانِبُها الآخرُ، ثمّ يقولون الثَّالثةَ: لا إلهَ إلَاّ الله والله أكبَرُ، فيُفَرَّجُ لَهُمْ، فيَدخُلونَها فيَغْنَمُون، فبَيْنا هُمْ يَقْتَسِمُونَ المَغَانِمَ إذْ جاءَهُمُ الصَّريخُ فقالَ: إنَّ الدَّجَّالَ قدْ خَرَجَ، فيَترُكُونَ كلَّ شَيْءٍ ويَرْجِعُونَ".

قوله: "هل سمعتم بمدينةٍ جانبٌ منها في البرِّ، وجانبٌ منها في البحرِ": هذه المدينة في الروم.

"من بني إسحاق"؛ أي: من أكراد الشام، وهم من نسل إسحاق النبي عليه السلام وهم مسلمون.

* * *

مِنَ الحِسَان:

4182 -

عن معاذِ بن جَبَلٍ قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "عُمْرانُ بَيْتِ المَقْدِسِ خَرابُ يَثْرِبَ، وخَرابُ يَثْرِبَ خُروجُ المَلْحَمةِ، وخُروجُ المَلْحَمةِ فَتْحُ قُسْطَنْطِينيَّةَ، وفَتْحُ قُسْطَنْطِينيَّةَ خُروجُ الدَّجَّالِ".

قوله: "عُمران بيتِ المَقدس خَرابُ يَثربَ"؛ يعني: بيتُ المقدسِ يخربُ ثم يعمرُ في آخر الزمان، وإذا عمرَ بيتُ المقدس تخربُ يثربُ، وهي المدينة، وعند ذلك تظهر ملحمة؛ أي: حرب عظيمة بين أهل الشام والروم، ثم يفتح المسلمون القسطنطينة، ثم يخرج الدَّجَّالُ.

* * *

ص: 378

4184 -

عن عَبْدِ الله بن بُسْرٍ: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينَ المَلْحَمَةِ وفَتْح المَدينةِ سِتُّ سنِينَ، ويَخرُجُ الدَّجَّالُ في السَّابعةِ"، قالَ أبو داودَ: وهذا أَصَحُّ.

قوله: "هذا أصح"؛ يعني: الأصح أنَّ بينَ الملحمةِ العظمى وبين خروجِ الدَّجَّالِ سبعَ سنين لا سبعةَ أشهر.

* * *

4185 -

وعن أبي الدَّرْداءِ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ فُسْطاطَ المُسْلِمينَ يَوْمَ المَلْحَمَةِ بالغُوطَةِ، إلى جانِبِ مَدينةٍ يُقالُ لها: دِمَشق، منْ خَيْرِ مَدائِنِ الشَّامِ".

قوله: "إن فُسْطاط المسلمين يوم المَلحمة بالغُوطة"، (الفُسْطَاط): شِبْهُ الخيمة، (الغوطة): بلدٌ قريب من دمشق؛ يعني: ينزل جيش المسلمين ويجتمعون هناك.

* * *

4186 -

وعن ابن عُمَرَ: "يُوشِكُ المُسْلِمونَ أنْ يُحاصَروا إلى المَدينَةِ حتَّى يكونَ أبعَدَ مَسالِحِهمْ سَلاحِ" وسَلاحِ: قريبٌ من خَيْبرَ.

قوله: "يوشكُ المسلمونَ أن يحاصِرُوا إلى المدينة، حتى يكونَ أبعدُ مَسَالِحِهِمْ سَلَاح"، (المَسَالح): جمع مَسْلَحَةٍ وهي كالثغر، "سَلَاح": اسم موضع (قريب من خَيبر)؛ يعني: يفر المسلمون من بين الكفار، ويجتمعون بين المدينة وسَلَاح.

* * *

4187 -

عن ذي مِخْبَرٍ قال: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "ستُصالِحونَ

ص: 379

الرُّومَ صُلْحًا آمِنًا، فتغَزونَ أنتم وهم عَدُوًّا منْ وَرائِكُمْ، فتُنْصَرونَ وتَغْنَمونَ وتَسْلَمونَ، ثمّ ترجِعونَ حتَّى تَنزِلُوا بمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ، فيَرفَعُ رَجُلٌ منْ أهلِ النَّصْرانيَّةِ الصَّليبَ، فيقولُ: غَلَبَ الصَّليبُ، فيغضَبُ رَجُلٌ منْ المُسْلمينَ فيدُقُّهُ، فَعِنْدَ ذلكَ تَغْدِرُ الرُّومُ وتَجْمَعُ للملحمةِ".

وزادَ بَعْضُهم "ويثورُ المُسْلِمونَ إلى أَسْلِحَتِهِمْ فَيَقْتَتِلونَ، فيُكرِمُ الله تِلْكَ العِصابةِ بالشَّهادَةِ".

قوله: "وهم عددًا (1) من ورائكم"، (عددًا)؛ أي: وهم من ورائكم عَدد أي: وهم غيرُكم في العدد؛ يعني: عددهم أكثرُ من عددكم.

"بمَرجِ"؛ أي: بروضة فيها تُلُول، وهو جمع تَل، وهو الموضع المرتفع، والله أعلم بالخير والصواب (2).

° ° °

(1) كذا في جميع النسخ، ولعلها رواية المصنف، والرواية المعروفة:"عدوًا".

(2)

جاء في النسخة الخطية المرموز لها بـ "م" ما نصه: "وصل الشارح إلى هنا، وتوفي، غفر الله له، وأتم هذا الكتاب المبارك الفقيه العالم البارع الكامل شرف المتعال عثمان مدَّ الله ظلَّه، ابتدأ شرحه من ها هنا".

ص: 380