الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13 - باب المُفاخَرَةِ والعَصَبيَّةِ
(باب المفاخرة والعصبية)
مِنَ الصِّحَاحِ:
3801 -
عَنْ أبي هُريْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: أَيُّ النَّاسِ أَكْرَمُ؟ قالَ: "أكْرَمُهُمْ عِنْدَ الله أَتْقاهُمْ"، قالوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قالَ:"فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبيُّ الله، ابن نبَيِّ الله، ابن نبَيِّ الله، ابن خَليلِ الله"، قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قالَ:"فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ تَسْألُوني؟ "، قَالُوا: نَعَمْ، قالَ:"فَخِيارُكُم في الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُم في الإسْلامِ إِذا فَقُهُوا".
قوله: "فأكرَمُ الناسِ يوسُفُ نبيُّ الله
…
" إلى آخره.
"فعن مَعَادِنِ العَرَبِ"، (المعادِنُ): جمع مَعْدِن، وهو موضعٌ يخرُجُ منه الجواهر، ذُكِرَ شرحُ هذا في الحديث الرابع من (كتاب العلم).
* * *
3802 -
وقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الكَريمُ، ابن الكَريْمِ، ابن الكَريْمِ، ابن الكَريْمِ: يُوسُفُ بن يَعْقُوبَ بن إسْحَاقَ بن إبْراهِيْمَ صلَّى الله عليْهِم".
قوله: "الكريمُ ابن الكريم
…
" إلى آخره.
يعني: ما أحدٌ هو نبيٌّ، وثلاثةٌ من آبائه أنبياءُ غير يوسفَ صلى الله عليه وعلى جميع الأنبياء.
روى هذا الحديثَ ابن عمر رضي الله عنهما.
* * *
3803 -
عَنِ البَرَاءِ بن عَازِبٍ: أَنَّه قَالَ في يَوْمِ حُنَيْنٍ: كَانَ أبو سُفْيانَ بن الحَارِثِ آخِذًا بِعِنَانِ بَغْلَتِهِ - يَعْنِي: بَغْلَةَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فلمَّا غَشِيَهُ المُشْرِكونَ نَزَلَ فَجَعَلَ يَقُولُ:
"أَنَا النَّبيُّ لا كَذِبْ
…
أَنَا ابن عَبْدِ المُطَّلِبْ"
قَالَ: فَمَا رُئِيَ مِنَ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ أَشَدُّ مِنْهُ.
قوله: "غَشِيَه المشركون"؛ أي: غلبَه المشركون، وجاؤوا من كل جانب.
"أَشَدُّ منه"؛ أي: أشجع منه عليه الصلاة والسلام.
* * *
3804 -
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يا خَيْرَ البَرِيَّةِ! فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ذاكَ إِبراهِيمُ".
قوله: "ذاك إبراهيمُ"، هذا القول منه تواضعٌ، فإنه صلى الله عليه وسلم خيرُ المخلوقات أجمعين.
* * *
3805 -
وقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا تُطْرُوني كما أَطْرَتْ النَّصَارَى ابن مَرْيَمَ، فإنَّما أنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا: عَبْدُ الله ورَسُولُهُ".
قوله: "لا تُطْروني كما أَطْرَتِ النَّصَارى"، (لا تُطْروني) أصلُه: لا تُطْرِيُوني، فأُسْكِنَت الراءُ، ونُقِلَت ضمةُ الياء إليها، فحُذِفت الياءُ لسكونها وسكون الواو.
(الإطراء): الغلوَّ في المدح؛ يعني: لا تبالِغُوا في مَدْحِي كما بالغت النَّصارى في مَدْحِ عيسى فاتَّخَذُوه إلهًا.
* * *
3806 -
عَنْ عِياضِ بن حِمارِ المُجاشِعيِّ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إنَّ الله أَوْحىَ إلَيَّ أَنْ تَواضَعُوا حَتَّى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلى أَحَدٍ، ولا يَبْغِي أَحَدٌ على أَحَدٍ".
قوله: "لا يَبْغِي أحدٌ على أحد"؛ أي: لا يظلِمُ أحدٌ على أحدٍ.
* * *
مِنَ الحِسَانِ:
3807 -
عَنْ أَبِي هُريْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَفْتَخِرُونَ بِآبائِهِمْ الَّذينَ مَاتُوا، إنَّما هُمْ فَحْمٌ مِنْ جَهَنَّمَ، أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى الله من الجُعَلِ الَّذي يُدَهْدِهُ الخُرْءَ بأَنْفِهِ، إنَّ الله قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبيَّةَ الجَاهِلِيَّةِ وفَخْرَهَا بِالآباءِ، إنَّما هُوَ مُؤْمِنٌ تَقيٌّ، أَوْ فاجِرٌ شَقيٌّ، النَّاسُ كُلُّهُمْ بنو آدمَ، وآدَمُ مِنْ تُرابٍ".
قوله: "أهون"؛ أي: أذلُّ.
"الجُعَل"، - بضم الجيم وفتح العين - دُوَيبَّةٌ تديرُ الغائط.
"يُدَهْدِه"؛ أي: يردِّد، يدير الخراء والغائط.
(العُبيَّة) - بضم العين وكسر الباء وتشديد الياء -: الكِبْرُ والنخوة؛ يعني: لا يجوزُ في الإسلام لأحدٍ أن يتكبَّر على أحد.
"إنما هو مؤمنٌ تقِيٌّ"؛ يعني: انقسمَ الخلق على طائفتين: مؤمنٌ تَقِيٌّ، وفاجرٌ شَقِيٌّ، فإن كان مؤمنًا فلا ينبغي للمؤمن أن يتكبَّر، وإن كان فاجرًا فهو ذليلٌ عند الله، والذليلُ لا يستحقُّ التكبر، فقد علم أن التكبُّر منفيٌّ بكل حال.
* * *
3816 -
وعن مُطَرِّفٍ قَالَ: انطَلَقْتُ في وَفْدِ بنيْ عَامِرٍ إلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا: أنتَ سَيدنا، فَقَال:"السَّيدُ الله"، فَقُلْنَا: وَأَفْضَلُنَا فَضْلًا، وأَعْظَمُنَا طَوْلًا، فَقَال:"قُولُوا قَوْلَكُم، أَوْ بَعْضَ قَولِكُمْ، ولا يَسْتَجْرِيَنَّكُم الشَّيْطَان".
قوله: "قولوا قولَكم أو بعضَ قولكم"؛ يعني: قولُوا هذا القولَ أو أقلَّ منه، ولا تبالِغُوا في مدحي بحيثُ تمدحونني بشيء يليقُ بالخالق، ولا يَليقُ بالمخلوق.
"ولا يَسْتَجْرِينَّكم الشيطان"، (الجَرِيُّ) - غير مهموز -: الوكيلُ؛ يعني: لا يجعلنَّكَمُ الشيطانُ ولا يتخذنَّكم وُكلاءَ نفسِه في الإضلال والتكلُّمِ بكلماتِ الكفرِ والبدَع والفِسْق.
والجريء - مهموزٌ -: الشجاع، فعلى هذا معناه: لا يجعلنَّكم أصحابَ جُرْأَة؛ أي: شجاعة على التكلُّم بما لا يجوز.
ذكر هنا: "أن مُطَرِّفًا قال: انطلقتُ في وَفْدِ بني عامرٍ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم"، هذا سهوٌ، بل الصوابُ أن يقال: مُطَرِّفًا قال: إني انطلقت في وفد بني عامر إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
* * *
3808 -
عَنِ الحَسَنِ بن سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الحَسَبُ المَالُ، والكَرَمُ التَّقْوَى".
قوله: "الحسبُ المالُ، والكرمُ التقوى"، (الحسب): ما يفتخِرُ به الرجل، وما به عزتُه من خصالٍ حميدةٍ توجَدُ فيه، أو في آبائه، و (الكرم): ضد اللُّؤمِ، بضم اللام؛ يعني: الشيءُ الذي يكون الرجلُ به عظيمَ القَدْر عند الناس هو المالُ، والشيءُ الذي يكونُ الشخصُ به عظيمَ القَدْر عند الله هو التقوى.
قال عمر بن الخطاب: حَسَبُ الرجلِ مالُه، وكرمُه دينُه، وأصلُه عَقْلُه، ومروءَتُه خُلُقه.
* * *
3809 -
وعَنْ أُبَيِّ بن كَعْبٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ تَعَزَّى بِعَزاءِ الجَاهِلِيَّةِ فَأَعِضُّوْهُ بِهَنِ أَبيْهِ ولا تَكْنُوا".
قوله: "من تَعَزَّى بعزاء الجاهلية": (تَعَزَّى) إلى أحد؛ أي: انتسبَ إليه، والاسمُ: العَزاء، بفتح العين وبالمد؛ يعني: من افتخَر بآبائه وقبائلهِ الكُفَّار.
"فأعِضُّوه"؛ أي: قولوا له: اعضضْ بهنِ أبيك، (العَضُّ): أخذُ شيءٍ بالأسنان، "والهَنُ": القبيح من الفعل والقول؛ يعني: قولوا: اذكرْ قبائح آبائك من عبادةِ الصَّنَم والزِّنا وشربِ الخمر وغيرها من القبائح.
ويجوز أن يكون معناه: عُدُّوا أنتم المسلمون قبائحَ آبائه؛ يعني: فمن كان له الكُفْرُ والأفعالُ والأقوالُ القبيحة، فكيف يَليقُ به الافتخارُ بآبائه.
"ولا تَكْنُوا"؛ أي: ولا تَذْكُرُوا قبائحَه وقبائحَ آبائه، عن الكناية، بل صَرِّحوا بقبائحه، فلعلَّه يَسْتَحِي من الافتخار بآبائه.
* * *
3810 -
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أَبِي عُقَبةَ، عْن أَبِي عُقْبَةَ رضي الله عنهما، وكَانَ مَوْلَى مِنْ أَهْلِ فَارِسٍ، قَالَ: شَهِدْتُ معَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أُحُدًا، فَضَرَبْتُ رَجُلًا مِنَ المُشْرِكينَ، فَقُلْتُ: خُذْها مِنِّي وأَنا الغُلامُ الفَارِسيُّ، فَالْتَفَتَ إلَيَّ فقالَ:"هَلَاّ قُلْتَ: خُذْها مِنّي وأَنا الغُلامُ الأَنْصَارِيُّ؟ ".
قوله: "خُذْها مِنِّي"، عادةُ المحاربين إذا جَرَّحُوا أحدًا أن يخبرَ الجارحُ
المجروحَ باسمه؛ لإظهارِ الشجاعةِ بأن يقول: أنا الذي جَرَحْتُكَ، وأنا فلانُ ابن فلان، من القوم الفلاني، فلمَّا انتسبَ هذا الراوي إلى أهل فارسَ، فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الانتسابِ إلى الكفار؛ لأن أهلَ فارس كانوا كفارًا في ذلك الوقت.
الضمير في (خذها) ضميرُ الضربة؛ أي: خذ هذه الضَّرْبةَ أو الطَّعْنةَ مني.
* * *
3811 -
عنِ ابن مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: "مَنْ نَصَرَ قَوْمَهُ عَلَى غَيْرِ الحَقِّ فَهُوَ كَالبَعيْرِ الَّذي ترَدَّى، فَهُوَ يُنْزَعُ بِذَنَبهِ".
قوله: "من نصَر قومَه على غير الحَقِّ فهو كالبعير الذي رَدَى، فهو يَنْزِعُ بذَنبه"، (رَدَى)؛ أي: هَلَك.
قال الخَطَّابي: معنى هذا: أنه وقعَ في الإثم وهلكَ وصار كبعيرٍ وقعَ على رأسه في بئر، فينزِعُ بذنبَهِ؛ أي: ينزِعُ الناسُ ذَنَبَه ليخرجوا من البئر.
* * *
3813 -
وعَنْ سُراقَةَ بن مالِكِ بن جُعْشُمٍ قَالَ: خَطَبنا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "خَيْرُكُمْ المُدافِعُ عَنْ عَشِيرَتِهِ مَا لَمْ يَأْثَمْ".
قوله: "خَيْرُكم المُدَافِعُ عن عشيرته ما لم يَأْثَم"؛ يعني: خيرُكم مَنْ يَدْفَعُ الظُّلْمَ عن أقاربه ما لم يظلِمْ على المدفوع؛ يعني: لو قدرَ أن يدفع الظالم بكلام أو ضرب لم يجز له أن يقتله.
* * *
3814 -
عَنْ جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعا