الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا لم يكتبه الله شاكرًا ولا صابرًا.
"فأسف"؛ أي: فغضب وحزن على قلة ماله.
* * *
3 - باب الأَمَلِ والحِرْصِ
(باب الأمل والحرص)
مِنَ الصِّحَاحِ:
4067 -
عن عبدِ الله بن مَسْعودٍ رضي الله عنه قال: خَطَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم خَطًّا مُرَبَّعًا، وخَطَّ خَطًّا في الوَسَطِ خارِجًا منهُ، وخَطَّ خُطُوطًا صِغارًا إلى هذا الذي في الوَسَطِ من جانِبهِ الذِي في الوسَطِ فقال:"هذا الإِنسانُ، وهذا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بهِ، وهذا الذي هوَ خارجٌ أَمَلُهُ، وهذهِ الخُطُوطُ الصِّغارُ الأَعراضُ، فإنْ أخْطَأَهُ هذا نَهَشَهُ هذا، وإنْ أَخْطَأَهُ هذا نَهَشَهُ هذا".
قوله: "خط النبي صلى الله عليه وسلم خطًا مربعًا" صورة هذه الخطوط: هي هذه:
الخط الوسط هو الإنسان، والخط المربع هو أجَلُه أحاط به بحيث لا يمكنه الفرار والخروج منه، والخطوط الصغار هي أعراضه؛ أي: الآفات والعاهات من المرض والجوع والعطش، وغيرها من العلل والحوادث، وهذه الأعراض متصلةٌ به، والقَدْرُ الخارج من المربع أمله؛ يعني: هو يظن أني أصل إلى أملي قبل الأجل فظنُّه خطأ، بل الأجل أقرب إليه من الأمل؛ يعني: يموت قبل أن يصل إلى أمله.
قوله: "فإن أخطأه هذا نهشه هذا"، (أخطأه)؛ أي: تجاوزه، (نهشه)؛ أي: لدغه؛ يعني: فإن لم يصل إليه بعض هذه الأعراض، وصل إليه بعضٌ آخر.
* * *
4068 -
وعن أنسٍ قال: خَطَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم خُطُوطًا فقال: "هذا الأَمَلُ، وهذا أَجَلُهُ، فبينَما هو كذلكَ إذْ جاءَهُ الخَطُّ الأَقْرَبُ".
قوله: "فبينما هو كذلك إذ جاءه الخط الأقرب"، (الخط الأقرب): الأجل، والأبعد: الأمل؛ يعني: في الحالة التي هو يرجو أن يصل إلى أمله يأتيه الأجل قبل أن يصل إلى أمله.
* * *
4071 -
وقال: "أَعْذَرَ الله إلى امرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ حتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً".
قوله: "أعذر الله إلى امرئ" الهمزة هنا همزة الإزالة والسَّلْب؛ يعني: أزال الله عذرَ مَن بلغ في العمر إلى ستين سنة؛ يعني: إذا بلغ الرجل ستين سنة ولم يتب عن المعاصي، ولم يُصلح حاله، لم يبق له عذر؛ يعني: الشاب يقول في العرف: أنا شاب، إذا صرت أَشْيَبَ أتوب، والأشيب إذا لم يتب فماذا ينتظر؟.
* * *
من الحِسانِ:
4074 -
عن عبدِ الله بن عَمْرٍو قال: مَرَّ بنا رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأنا وأُمِّي نُطينُ شَيْئًا فقال: "ما هذا يا عبدَ الله؟ " فقُلتُ: شَيءٌ نُصْلِحُهُ، قال:"الأَمْرُ أَسْرَعُ منْ ذلِك"، غريب.
قوله: "نطين شيئًا"؛ أي: نصلح شيئًا من البيت بالطين.
"الأمر أسرع من ذلك"؛ يعني: الأجل أقرب من تخرُّق (1) هذا البيت؛ يعني: تصلح بيتك خشية أن ينهدم قبل أن تموت، وربما تموت قبل أن ينهدم البيت، فإذا كان كذلك فإصلاح عملك أولى من إصلاح بيتك.
* * *
4076 -
عن أنسٍ: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "هذا ابن آدَمَ، وهذا أَجَلُهُ"، ووَضَعَ يدَهُ عندَ قَفَاهُ، ثُمَّ بَسَطَ فقال:"وثَمَّ أمَلُهُ".
قوله: "هذا ابن آدم وهذا أجله"؛ يعني: وضع يده على قفاه وقال: هذا أجله، ثم مَدَّ يده وأشار إلى موضع أبعد من قفاه وقال: هذا أمله، يعني: أجله أقرب إليه من أمله.
* * *
4077 -
عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم غَرَزَ عُودًا بينَ يدَيهِ، وآخرَ إلى جَنْبهِ، وآخرَ أَبْعَدَ منهُ فقال:"هلْ تدرونَ ما هذا؟ " قالوا: الله ورسولُه أَعْلَمُ، قال:"هذا الإنسانُ، وهذا الأَجَلُ"، أُراهُ قال:"وهذا الأملُ، فيتَعاطَى الأَمَلَ، فَلَحِقَهُ الأَجَلُ دُونَ الأَمَلِ".
قوله: "فيتعاطى الأمل"، (التعاطي): التناول، أو مباشرة فعل؛ يعني: فبينما طفق يشتغل بعمارةِ ما يأمله من بيتٍ وبستانٍ وغيرِهما يأتيه الموت.
"دون"؛ أي: قبل أن يتم أمله.
* * *
(1) في "ق": "تخرُّب".